أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شه مال عادل سليم - قطعة مختارة من ذكريات البيشمركة-3














المزيد.....

قطعة مختارة من ذكريات البيشمركة-3


شه مال عادل سليم

الحوار المتمدن-العدد: 2270 - 2008 / 5 / 3 - 10:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عائشة كولوكه (1)

فجاة وقفت امام لوحة عظيمة لا حدود لها ... يتداخل فيها الواقع النابع من تداخل الجبال بالوديان والتلال التي امتزجت مع الوانها السحرية ..... في سماقولي( 2 )...
غرفة مبنية من الطين وكأنها لعشاق هربوا من جحيم العواصف الرملية في السهل ليستقروا في احضان الجبال ..شبابيكها فتحات مغلفة بالنايلون الابيض .. عندما يتمعن المرء فيها يتخيلها و كانها قطعة من سفينة النوح جرفها الطوفان مع صخور ارارات ليستقر بها في هذا الوادي الضيق بعد ان استقرت حيناً على جبل جودي ...
اما باب الغرفة فكان عبارة عن بطانية عسكرية سوداء ..اروع ما فيها الوانها المتاكلة وثقوبها الدائرية التي اخترقتها شظايا الصواريخ ...انها باب الحاضر لغرفة متواضعة في مواجهة المشاهد المرعبة وسط الصمت والتحدي لعشاق عشقوا الارض والسماء بقلوب مليئة بالوان قوس وقزح ....
في وسط الغرفة تتربع مدفئة مصنوعة من برميل نحاسي صغير يخرج انبوبها الطويل ويخترق سقف الغرفة ليخرج منها دخان حطب البلوط المشتعل كانها تاجاً مصنوعاً من الذهب الايطالي , مطعماً بافخر انواع الاحجار الكريمة ....امام المدفئة وضع قوري شاي قديم بلونه الاسود السحري مُعَداًّ للضيوف الذين يحلون على الغرفة بعد العشاء ليتلذذوا باقداح من الشاي الحارليمدهم بقليل من الدفء وهم يسردون قصصاً قريبةً من الخيال ببراءة طفولية عجيبة ليتركوا مشاعرهم واحلامهم الشائبة تتنقل من غرفة الى أخرى بهيئة اساطير ولوحات وقصص قريبة من الخيال ........
وهناك شق كبير في الجدار الامامي للغرفة جاعلاً ايّاه كالدرع الذي نجى من سيوف الاشرار لتتسلل منه خيوط الشمس الذهبية التواقة لاختراق الفضاءات السوداء . . مع اطلالة قرص الشمس الذهبي على الوادي، ومنه الى زوايا الغرفة المعتمة معلنا غروب عتمة الافق الطبيعي واشراقة يوم جديد .... ليستيقظ من في داخلها ....
كانت غرفة صغيرة بحجمها ولكن كبيرة باحزانها , باحلامها , بجمالها , بتواضعها ..... انها كتلة بحجم الألم ....... !!
في احد المساءات وقفت امام عتبة الغرفة ..... كنت اتامل لحظة العناق بعد الفراق التي دام سنوات ......... فجاة خرجت عائشة كولوكه من غرفتها و بيدها الفانوس ..عانقتها و قبلت يدها ... رفعت راسها وتظرت الى السماء ...
وفيما كنت اتطلّع في عينيها الجميلتين المليئتين بالامل ..... التي كانت تذكرني بعيني والدتي ..... اخذت نفسا عميقا وقالت بصوت خفيض ...لابد ان اذهب الان فاني على موعد مع محمد وبشدار (3 ) ....لابد ان التحق بهم قبل ان يهطل المطر ......
فجاة اختفت امامي وذابت في احضان جبل بنه باوي ( 4 )... تاركا ورائها الفانوس وضوئه السرمدي ليضيء كل زوايا الوادي المعتم المليئ بالذكريات .......
حملت الفانوس و اخذت اتنقل من وادي لوادي ...من جبل لجبل ... من قرية لقرية دون همٍّ او تعب ...عسى ان التقي بهم في خيمة .... او في احد الكهوف او عند احد الينابيع الصافية .....
لقدر مرّت سنوات وسنوات .... ومازلت ابحث عنهم ...
سنوات تعلمت منها لذة الاكتشاف والمواصلة رغم التعب اللذيذ ودون وجل او خوف ...
رغم الحزن والانكسار .....مازلت ابحث عنها حاملا بيدي فانوسها العتيق الذي كنا نعشقه كالفراشة حتى الاحتراق ...........

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ عائشة كولوكه , اي (عائشة الوردة ( ... سميت بالوردة لحسنها وخفة روحها ...ام الشهداء محمد وبشدار الحلاق ...مناضلة لها الصدارة في موكب شهيدات الحركة النسائية والتي تشهد حتى حيطان زنزانات النظام البائد في اربيل على صمودها وبطولتها وجرأتها .... رابطية من الرعيل الاول من مواليد1931 كويسنجاق ... .... اعتقلت في عام 1988 في مدينة اربيل , تعرضت للتعذيب البشع ...ورفضت عرض الجلادين بتخفيض حكم الاعدام لقاء اعترافها .. اعدمت رميأ بالرصاص في نفس العام .. كانت قصة صمودها وصلابتها أمثولة في البطولة وضربا رائدا في الشجاعة والكرامة ...

2 ـ وادي سماقولي ...مقابل جبل سفين , كان تحت سيطرة قوات البشمركة وقعت فيه معارك بطولية منها معركة بنة باوي الشهيرة .

3 ــ محمد الحلاق وبشدارالحلاق ...ابناء الشهيدة عائشة كولوكه .. استشهدوا من اجل الوطن والشعب ...

4 ــ جبل ذو قمة مكشوفة جرداء الا من بعض شجيرات صغيرة هنا وهناك يقع بين منطقة ديكه له وجبل ئاوه كرد , يطل على وادي سماقولي .




#شه_مال_عادل_سليم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطعة مختارة من ذكريات البيشمركة ...
- قطعة مختارة من ذكريات البيشمركة
- 74 سنة عامرة بالكفاح والتضحيات …
- حلبجة ...في ذكراها العشرين
- هربجي . . كرد وعرب رمز النضال *
- القاعدة ... وحملاتها المسعورة لتجنيد اطفالنا في العراق
- هل لأطفالنا حقوق ...؟!
- الذكرى العشرين لجرائم الابادة ، ما المطلوب اليوم ؟ !
- عيد ... بأي حال عدت يا عيد .....
- الدستور العراقي ..الغائب الحاضر .... !
- لا...لا لأنفلة قرار المحكة الجنائية العراقية العليا ........
- تعميق الديمقراطية في كوردستان يؤثّر ايجاباً على دول الجوار … ...
- بعد عودة البعثيين ... العراق الى اين ؟
- اخيرا ... حققنا الفوز !
- الى الاخ قيس قره داغي المحترم ........
- .....! العبره بالقانون . . تطبيقه وليس تدوينه
- أن الاوان لفضح اعمال العار
- !........تعديل الدستور ام تعطيل الدستور
- الانفال.... كانت سموم موت ام غازات مسيلة للدموع ....؟
- شجرة الحياة


المزيد.....




- هوس أكياس الكافيين: موضة بين المراهقين تثير قلق بعض الخبراء ...
- ألمانيا تعتبر -التقدم الأولي المحدود- في إيصال المساعدات إلى ...
- أكثر من ألف موظف أوروبي يدعون لتعليق العلاقات مع إسرائيل
- بعد قرار ترامب في وجه روسيا.. تعرف على أسطول غواصات أميركا
- لغز يحيّر المحققين.. رضيعة تنجو من مجزرة عائلية مروعة والقات ...
- حماس ترد على تصريح ويتكوف حول استعدادها لنزع سلاحها
- أكسيوس تجذب الجمهور بأسلوب تحريري فريد
- تقرير بريطاني: إسرائيل تفعل في غزة ما لم تفعله ألمانيا بالحر ...
- بسبب -صوت مصر-.. شيرين عبد الوهاب تلجأ إلى القضاء ردا على تص ...
- إعلام إسرائيلي: العالم يتكتل ضدنا بعد أن اتحد لدعمنا في 7 أك ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شه مال عادل سليم - قطعة مختارة من ذكريات البيشمركة-3