أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد السلام أديب - المغرب بين الوضع الحقوقي الدولي والجهوي















المزيد.....


المغرب بين الوضع الحقوقي الدولي والجهوي


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 2260 - 2008 / 4 / 23 - 10:44
المحور: حقوق الانسان
    


الوضع الحقوقي دوليا
يتسم الوضع الدولي منذ بداية الألفية الثالثة باستمرار الهيمنة العسكرية والسياسية المطلقة للمراكز الرأسمالية الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وتتمثل عوامل هذه الهيمنة في احتكار خمس مقومات: التكنولوجيات الحديثة، مصادر التمويل والتحويلات المالية، قرار استخدام الموارد الطبيعية، وسائل الإعلام والاتصال، أسلحة الدمار الشامل النووية وغيرها.
ويتم استعمال هذه الهيمنة السياسية والعسكرية في الإمعان في فرض مشروع مجتمعي واحد ووحيد أثبت فشله منذ عقد الثمانينات من القرن العشرين والمتمثل في الليبرالية المتوحشة نظرا للفوضى والاختلالات الكبرى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تخلفها.
وللحفاظ على استمرارية المشروع الليبرالي المعولم تعمل الإمبريالية على عسكرة العولمة والتهديد باستعمال القوة ضد من يتحدى هذا المشروع. ويظهر عنف فرض هذا المشروع بالقوة في أربع مستويات:
1 –تشديد استغلال الأيدي العاملة عبر البرجوازيات المحلية في إطار تراتبية كونية هرمية خاضعة للمصالح الإمبريالية وللقرار الأمريكي؛
2 – تكييف دول الجنوب الفقيرة حسب مصالح دول الشمال عبر نهب خيرات الشعوب وفوائضها الاقتصادية وعودة الاستعمار المباشر في حلة جديدة "الاستعمار الجماعي"(التوافق بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وروسيا واليابان في مواجهة الشعوب المقهورة )، حالة بولونيا، أفغانستان، العراق كأمثلة.
3 – ممارسة الحصار والضغط على الدول التي تعتمد مشاريع مجتمعية مغايرة للمشروع الليبرالي مثل كوبا وكوريا الشمالية والصين وفنيزويلا؛
4 – تفاقم التناقض التجاري والاقتصادي بين الإمبرياليات وتزايد حدة المنافسة فيما بينها (خاصة فيما بين الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل من جهة والاتحاد الأوروبي من جهة ثانية واليابان ثم روسيا من جهة ثالثة، مما ينذر بتحولات سريعة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية وعسكرية خطيرة.
إلى جانب ما سبق اتسم الوضع الدولي بتنامي النفوذ الاقتصادي للمجموعات الاقتصادية الكبرى وصناعتها للقرار الاقتصادي مما يضعف نفوذ الدول ويقلص من قدرتها على اتخاذ قرارات مستغلة، وتلعب في هذا الإطار الشركات متعددة الاستيطان دورا مركزيا في توجيه سياسات هذه المجموعات للزج بها في حروب استعمارية قصد بسط المزيد من الهيمنة الاقتصادية.
المنظمات الدولية كمنظمة الأمم المتحدة مثلا لم تعد في ظل الوضع الدولي الحالي تقوم بدور الضابط للاختلالات الدولية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، بل تم استيعاب مختلف هذه المجالات لخدمة المصالح الامبريالية. وقد كرس ميثاق الأمم المتحدة الذي أصبح لا يتطابق مع الوضع الدولي الحالي هذه الأوضاع.
إن تنامي عسكرة العولمة ساهم في تقويض جهود تعزيز الحريات و الديمقراطية وإعمال الحقوق المدنية و السياسية. كما شكل تحديا خطيرا لحق تقرير المصير حيث أعاد البشرية إلى ماضي التدخلات الاستعمارية من احتلال و نهب للثروات الوطنية و تشجيع للرشوة ومافيات نهب المال العام وإعادة صياغة الأنظمة بما يتلاءم ومصالح الإمبريالية الأمريكية أولا. كما ساهمت العسكرة و النزعة الشمولية و التهديد في تهميش دور المؤسسات الأممية وإضعاف القانون الدولي والتشجيع على تجاهله لا سيما ما يتعلق بحقوق الإنسان التي عرفت تراجعا في دول الشمال واستعمال هذه الحقوق في بعض الأحيان لممارسة الابتزاز. وقد شمل احتقار الإمبريالية للقانون الدولي كل الميادين من فرض قراراتها على الأمم المتحدة إلى عدم الاكتراث بمعاهدة كيوتو إلى توظيف منظمة التجارة العالمية عبر جر الدول الطيعة إلى معاهدات فردية للتبادل الحر تضرب حقوق الإنسان .
وقد شجع هذا النهج الدول المنتهكة لحقوق الإنسان وحتى بعض من تلك التي كانت تعتبر "مارقة" للسير في ركاب الدر كي الأول لاستعادة "الشرعية" وممارسة الانتهاكات الجسيمة وتعذيب المعتقلين بالنيابة في محاكاة غريبة لاقتصاد المناولة. أما الكيان الصهيوني فقد حصل على التأييد المطلق وشرعية الإمبراطورية الشاملة للعودة لممارسة المجازر بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني و ضرب كل الحقوق الإنسانية من تهديم للبيوت فوق رؤوس أصحابها إلى سرقة المياه واقتلاع الأشجار الخ. في الوقت الذي تتحدى فيه القوانين والأعراف الدولية بل ويستمر قانونها المحلي في تجاهله للقوانين الدولية وتكريس الميز العنصري وشرعنة الاستيطان و بناء جدار الأبرتايد الصهيوني بطول 600 كلم.
وعموما نجد أن الدول التي تتركز فيها السلطة في يد حكم مطلق أو أوتوقراطيين أو ديكتاتوري لا تخضع للمساءلة و المحاسبة، هي التي تكون في نفس الوقت الأشد انتهاكا لحقوق الإنسان والأشد تلبية للشروط أللإنسانية لاستغلال الشركات العابرة للقوميات أو للطلبات القمعية للدركي العالمي. و قد شهدت سنوات 2004 و 2005 و 2006 و2007 انتهاكات "معولمة " كثيرة وخطيرة لحقوق الإنسان، حيث تجاوزا لتعذيب وتسليم الأشخاص الحدود و القوانين الوطنية في تشابه كبير مع الجريمة الدولية المنظمة.
والملاحظ أنه منذ بداية الألفية الثالثة شوهد استمرار تعمق الفقر في جل أرجاء العالم واتساع التهميش وضرب مكتسبات البشرية في تكريم الإنسان بل إفشال أهداف أممية متواضعة مثل أهداف الألفية للتنمية. وهناك مفارقات صارخة ف 200 من أكبر الشركات متعددة الاستيطان تملك رقم معاملات يفوق الناتج الداخلي الخام ل182دولة أي أنها أغنى من أربعة أخماس البشرية. في عام 2005 وصل الإنتاج الاقتصادي العالمي أعلى مستوى له على مر التاريخ، بينما ما يناهز 800 مليون شخص في العالم يعانون من سوء التغذية، وتوفي ما لا يقل عن 10 ملايين طفل دون سن الخامسة، ولم يتمكن ما يزيد عن 10 مليون طفل (معظمهم من الإناث) من الالتحاق بالتعليم الأولي. في المقابل نجد مدير برنامج الأمم المتحدة لأهداف الألفية يصرح أن الدول الغنية لم تنفق لا نسبة 0,7 % و لا 0,54 % من دخلها الوطني الخام كما اتفق و إنما بالكاد 0,25%. بل إن 60 % من هذا المبلغ الزهيد لم يصل إلى مستحقيها. وتجدر الإشارة إلى أن دول مجموعة السبع 7G لم تخصص لمحاربة الفقر سوى 0,07 % من دخلها. أما منظمة الصحة العالمية فتفيدنا أن 1,7 مليون شخصا لاقوا حتفهم بسبب داء السل سنة 2004 في حين توفي 3 ملايين شخصا بمرض السيدا سنة 2005. و إذا كان الحق في أعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه حق من حقوق الإنسان يرتبط أشد الارتباط بتحقيق حقوق اقتصادية و اجتماعية أخرى (أكل، سكن الخ.)، فان أغلب الأمراض في العالم و أكثر الوفيات تنتج عن عدم تلبية حاجيات أساسية للإنسان من ماء شروب و صرف صحي و تغذية ...
هناك وعي متزايد بخطورة الهيمنة الإمبريالية وفرض مشروع مجتمعي فاشل على العالم، وهناك اجابات متعددة لتغيير الواقع الدولي الحالي، فهناك اصرار من بعض الدول على اختيار أنظمتها السياسية والاقتصادية المتناقضة مع العولمة الليبرالية وكمثال على ذلك فنزويلا وبوليفيا وكوبا وكوريا الشمالية وايران ... وفي هذا الاطار بدأت تعلوا بعض الأصوات لمراجعة ميثاق الأمم المتحدة ليتلاءم مع الواقع الدولي.
فالفوضى التي خلقتها الاملاءات الفوقية لمشروع الليبرالية المتوحشة أدت إلى ظهور ردود فعل متباينة لتيارين أصبحا يأخذان طابعا دوليا، فمن جهة أولى تطور تيار الأصولية الدينية الذي يحاول إيجاد إجابات غير عقلانية للهجوم الإمبريالي على الصعيد العالمي وقد أبدى تطرفا كبيرا في الصراع باللجوء إلى الإرهاب، وقد ظهر أن هذا التيار يلعب على حبلين الأول ضد المجتمعات الغربية وكل ما أنتجته الحضارة وتعتبر منظمة القاعدة وحركة الطالبان أبرز ممثل لهذا التوجه، والثاني موالي للغرب في علاقاته الخارجية لكنه ينفي كل علاقة بالديموقراطية وحقوق الإنسان داخليا ويمثل هذا التوجه الإسلام السياسي الخليجي.
ومن جهة ثانية التقت العديد من التنظيمات الإنسانية النسائية والبيئية والاشتراكية والحقوقية والنقابية للبحث عن بدائل للعولمة الليبرالية مشكلين بذلك تيارا مناهضا للعولمة والإمبريالية وتعتبر منظمة أطاك أبرز هذه التنظيمات التي تتعامل مع الفوضى التي خلقتها الإمبريالية بتقييمات وردود فعل أكثر عقلانية.
ثم هناك حركات اجتماعية مناهضة للعولمة الليبرالية تتحرك في كل مكان وخاصة خلال انعقاد المنتدى الاجتماعي الدولي لفضح الأهداف الإمبريالية سلبيات الخيار الليبرالي المعولم. ويبدو أن توحيد أكبر نقابتين دوليتين"الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة" (CISL) و "الكونفدرالية الدولية للشغل" (CMT) في اطار كيان جديد أطلق عليه إسم "الكونفدرالية النقابية العالمية" (CSI) والمكونة من 306 نقابة وطنية تمثل حوالي 166 مليون عاملا، يسير في طريق التصدي للعولمة الاقتصادية المتوحشة التي تعتبر وسيلة لتحكم الدول الأمبريالية الكبرى في اقتصاديات الدول الفقيرة والنامية وتركيعها واستنزاف ثرواتها.
كما أن نشأة وتطور المحكمة الجنائية الدولية ومطالبة الشعوب بتوقيع كافة الدول عليها، أخذ يحرج القوى الامبريالية التي تحاول التنصل من الخضوع لأحكامها كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية في حربها القذرة في العراق.
من بين الفرص المتاحة رفع المفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى مجلس حقوق الانسان. هناك أيضا تنامي قوة تأثير المنظمات الدولية الأساسية (منظمة العفو الدولية كمثال). كما بدأت تتزايد مطالب ربط المساعدات الاقتصادية والمساندة الدولية بمستوى احترامها لحقوق الإنسان.
هناك أيضا تنامي الاهتمام الدولي بالجيل الثالث لحقوق الانسان خصوصا الوعي المتنامي بمشاكل البيئة (حضور البعد البيئي في الخطاب السياسي في فرنسا – الضغوط المتزايدة على الدول خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية من أجل المصادقة على بروتوكول كيوطو.

الوضع الحقوقي جهويا
تتجه أوروبا شيئا فشيئا إلى التوسع والانفتاح على ما كان يعرف بأوروبا الشرقية قصد إدماجها في منظومة الاتحاد الأوروبي، حيث انتقل عدد دول هذا الاتحاد إلى 27 مع بداية يناير2007 ، بانضمام كل من رومانيا وبلغاريا. وهو ما يعني تحويل مركز الاهتمام إلى الدول الشرقية وإعطائها الأولوية في مجال اليد العاملة واستقبال البضائع والمساعدات على حساب دول خارج أوروبا ومنها المغرب، كما أن الأزمة الناجمة عن سيطرة العولمة، وتأثيرها السلبي على مواطني أوروبا قد ساهمت في صعود أحزاب يمينية في كثير من البلدان الأوروبية، إضافة إلى تنامي التيارات العنصرية وصعود الأحزاب اليمينية للحكم مما يكرس من ظاهرة رفض المهاجرين وخاصة منهم ذوو الأصول الإسلامية بعد أحداث 11 شتنبر2001، 11مارس2004 بإسبانيا، وتفجيرات لندن لسنة 2005 ، والتي ساهمت في التضييق على الحريات حتى بالنسبة للأوروبيين . ثم إغلاق الحدود في وجه المهاجرين ومواجهتهم بالرصاص و التهجير، وتوالي اصدار القوانين الضارة بانتقال الأيدي العاملة خاصة إلى البللدان الأوروبية ومن بينها قانون ساركوزي سيء الذكر، وكذا وقوع أحداث مسيئة للمهاجرين كما يحدث بايطاليا واسبانيا ومدينة سبتة..
أما في المنطقة العربية والمغاربية ، فيمكن الإشارة إلى استمرار الهجمة الصهيونية الأمريكية على الشعب الفلسطيني ، وشن حرب مدمرة على لبنان واستمرار احتلال العراق وتقتيل شعبه، وانتهاك حقوقه وامتهان كرامته ، حيث أكدت بعض المصادر أن عدد القتلى العراقيين وصل إلى ما يزيد عن 500.000 ألف قتيل ، إضافة إلى الجرحى وضحايا التعذيب الجسدي والنفسي ، والذي يعتبر سجناء سجن أبو غريب مثالا صارخا عن ذلك، إضافة إلى استمرار غياب الديمقراطية وتزوير الإرادة الشعبية والتشبث بالسلطة كما هو عليه الحال في مصر وتونس ، وصعود الحركات المعادية لحقوق الإنسان في فلسطين ومصر. إضافة إلى محاصرة الحكومات المنتخبة ديموقراطيا كما يحدث في كل من فلسطين ولبنان. كما أن عدم حل قضية الصحراء الغربية لا يزال يلقي بظلاله على المنطقة ويهدد استقرارها، ويزيد من معاناة شعوبها.
وفي إفريقيا يعرف الفقر والبطالة والأمراض والمجاعة والبطالة والأمية ارتفاعا، إلى جانب ضعف النمو والتصحر واستمرار الحروب وما يصاحبها من انتهاكات، وغياب الديمقراطية واستمرار الانقلابات (موريتانيا نموذجا)، والتدخل الأجنبي كما هو عليه الحال في السودان و الصومال ، الأمر الذي يجعل الغالبية الكبرى من ساكنة القارة تفكر في الهجرة. لكن بلدان الشمال تمعن في محاصرة هجرة الأيدي العاملة وتعمل في نفس الآن على استقطاب الأدمغة القادمة من دول الجنوب مما ينعكس سلبا على هذه الدول.
ومن جهة أخرى تعمل الإمبريالية على دعم قوة الإسلام السياسي الظلامي الذي يعمل على إلغاء مبادئ الديموقراطية وتكريس الخضوع الأعمى لديكتاتورية السوق وسيادة قوانين ظلامية من قبيل قطع الرؤوس والأيدي والرجم والغاء شخصية المرأة بشكل كامل كما يحدث في بعض دول الخليج. وبدلا من نشر مبادئ الديموقراطية كما يدعي ذلك الخطاب الامبريالي يتم إذكاء النعرات الطائفية والدينية الشوفينية بين مكونات شعوب المنطقة سواء في دول الخليج أو شمال افريقيا.
كما تشهد دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا انحرافا في الخطاب الأممي تحت تأثير الضغط الأمريكي حيث يتم وصف المقاومة المشروعة الفلسطينية والعراقية مثلا وحركات التحرر الوطني ومناهضة الإمبريالية بالمنطقة العربية بالإرهاب. إضافة إلى التعامل الانتقائي في قضايا حقوق الإنسان حيث يتم التغاضي عن الأوضاع المزرية لهذه الحقوق بالدول الموالية للإمبريالية كالمغرب ومصر وإسرائيل والأردن...
كما تعمل الولايات المتحدة من جهة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى على الاستفراد بدول الشرق الأوسط وشمال افريقيا خارج معاهدات منظمة التجارة العالمية OMC عبر اتفاقيات التبادل الحر ذات حمولات سلبية متعددة على مبادئ حقوق الانسان. وتبدو هذه الانعكاسات على مستوى صناعة الأدوية والإنتاج الفلاحي والمواد المعدلة وراثيا.
إن ما سبق ذكره لا ينبغي أن يخفي عنا وجود إمكانيات و آفاق من شأنها أن تسهم في تقديم فرص إيجابية منها :
ـ وجود رأي عام أوروبي متشبع بالديمقراطية وحقوق الإنسان واحترام الآخر، وصعود القوى التقدمية واليسارية (إيطاليا،البرتغال، إسبانيا) إلى الحكم ، مع ما يشكله ذلك من دعم مادي ومعنوي سواء على الحركة الحقوقية او على أوضاع المهاجرين وتسوية مشاكلهم.
ـ صمود المقاومة في العراق وفلسطين وخاصة في لبنان ، مما أدى إلى فشل المشروع الأمريكي في خلق ما يسمى ب "الشرق الأوسط الجديد" ، الذي يعتبر العراق نموذجا صارخا له في انتهاكات حقوق الإنسان ؛
ـ صعود حركات رافضة للدكتاتورية والتشبث بالحكم وتزييف الانتخابات كما هو الشأن في مصر وتونس(حركة كفاية في مصر نموذجا)، وتأسيس التنسيقية المغاربية لحقوق الإنسان؛
ـ عودة متدرجة و متصاعدة للأمن والسلم في الجزائر؛
ـ ظهور تنظيمات وسط المهاجرين الأفارقة ، وقيامها بمبادرات لدعم قضايا الهجرة و المهاجرين(عقد المؤتمر الأورو إفريقي للمنظمات غير الحكومية بتنسيق مع منظمات أوروبية مهتمة بالهجرة يومي 30 يونيو وفاتح يوليوز2006 بالمغرب، تنظيم وقفة أمام البرلمان المغربي ، وعند الحدود مع مدينة سبتة ).

الوضع الحقوقي في المغرب
إن ما يميز نسق الدولة المغربية، على المستوى الدستوري و السياسي هو التوليف المتنافر، بين التقاليد المخزنية العتيقة المرتكزة على إمارة المؤمنين و النسب الشريف وما تختزنه هذه التقاليد من قداسة و خضوع و طاعة وقبول بمجتمع الرعايا، و بين مقتضيات الحداثة الموجبة لتوفر المؤسسات، و العمل بالنظام التمثيلي.
فعلى المستوى الاقتصادي والاجتماعي فالتنافر يتحدد بتبني النظام الرأسمالي التبعي في صورته النيوليبرالية المتوحشة، وهو نظام يشجع على اقتصاد الريع والامتياز والتهرب الضريبي، و يشيع قيم نهب وتبذير المال العام بعيدا عن أية مساءلة أو عقاب. فيما يقع تصريف هذه السياسة في المجال الحقوقي عبر إتباع أسلوب الاستقطاب والاحتواء، وهو ما يتبدى من خلال إقامة مؤسسات وهيئات استشارية تهتم بالشأن الحقوقي، أو بواسطة الإدماج التدريجي و البطيء و التجزيئي للتشريعات الدولية لحقوق الإنسان، الأمر الذي يقتضي التعامل الايجابي معه والاستفادة منه من الناحية العملية. وانطلاقا مما أنتجه وينتجه هذا النسق من مفاعيل يمكن تسجيل المعطيات و المؤشرات التالية:
* استفحال الأزمة الاجتماعية و الاقتصادية، جراء نهج خيار الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية على حساب القطاعات الاجتماعية، حيث ما برح المغرب يتبوأ المراتب ما قبل الأخيرة على مستوى المؤشرات الاجتماعية، إذ احتل الرتبة 124 سنة 2005 و123 سنة 2006 ثم 126 سنة 2007 من بين 177 دولة، حسب التقرير العالمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. و يجد هذا الترتيب تفسيره في ما تشكوه بلادنا من ضعف في النمو الاقتصادي، وارتفاع في عجز الميزان التجاري (27.8% سنة 2005 مقارنة مع عام 2004)، وثقل في المديونية الدالية والخارجية التي بلغت 75% من الناتج الداخلي الإجمالي، و تنامي معدل البطالة (11،3% في يونيو 2005) التي أضحت إلى جانب الفقر( ما بين 6 و 10 ملايين فقير)، والأمية و هشاشة الخدمات الاجتماعية وتدهورها المستمر من أكبر التحديات التي يواجهها. و لاحتواء هذه الوضعية الكارثية، التي لم تلطف من احتقانها إجراءات الخوصصة المرفوضة شعبيا و لا التفويتات المتتالية للمرافق العمومية و الشبه العمومية، عمدت الدولة إلى اتخاذ مجموعة من التدابير يندرج ضمنها:
° اصدرار تقرير "50 سنة من التنمية البشرية".
° إطلاق برنامج " المبادرة الوطنية للتنمية البشرية" والتي كان من المفروض أن تشكل بنودا ضمن القانون المالي السنوي، حيث يتم رصد ميزانيات هزيلة لإنجازها، مقارنة بميزانيات الاستثمار والتي يتم إلغاء جزء كبير منها سنويا، وهو اعتراف رسمي بتجاهل حكومي مزمن لمسألة القضاء على الإقصاء الاجتماعي و التهميش و الفقر. علما أن هذه المبادرة جاءت نتيجت ضغط خارجي على اثر قمة مونتيري بالمكسيك والتي هددت من خلالها المؤسسات المالية الدولية بلدان العالم الثالث بحرمانها من التمويلات إذا لم يتم اعتماد برامج لمحاربة الفقر المطلق. كما أن هذه المبادرة لا تختلف في شيء عن سياسة الانعاش الوطني المعتمدة خلال الستينات من القرن العشرين غلما أن سياسات زيادة الأسعار تسحب من هذه المبادرة أية مصداقية.
فقد شهد المغرب في السنوات الأخيرة زيادات متلاحقة و متكررة في أثمان المحروقات، وفي العديد من المواد الغذائية الأساسية، و النقل، و الماء والكهرباء، في ظل جمود الأجور وضعف القدرة الشرائية لمعظم شرائح المجتمع، الأمر الذي لم يكن ليسفر سوى عن الإجهاز على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وتسريع عملية التفقير والإجهاز على مستلزمات العيش الكريم، وهو ما أطلق دينامية من الاحتجاجات الشعبية في اطار تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية، و أذكى وتيرتها لتشمل معظم مناطق المغرب.
و لعل ما يدفع بالوضع الاجتماعي إلى المزيد من التردي هو استمرار الهجوم على حقوق العمال ومكتسباتهم، و التمادي في إنكار مقومات الحقوق الثقافية والهوية المغربية ذات الأبعاد العربية الأمازيغية الإسلامية الإفريقية، ويستدعي العمل على دسترة هذه المقومات لتخفيض حدة الصراع الثقافي اللغوي والديني.
* إمعان السلطات في تغييب الإرادة العامة للشعب، و حجبه عن ممارسة حقه في تقرير مصيره السياسي والاقتصادي، و ذلك عن طريق إقرار دستور ديموقراطي و إجراء انتخابات حرة ونزيهة و شريفة تتنافس عبرها مختلف المشاريع السياسية والاقتصادية. و يمكن تلمس ذلك في ما شاب الانتخابات الأخيرة لثلث مجلس المستشارين من فساد و شراء لأصوات الناخبين، و السعي الحثيث لتمرير تعديلات على قانون الانتخابات، تروم إقصاء جل الأحزاب السياسية من المشاركة المستقلة في الانتخابات النيابية و تقليص تمثيليتها، وعبر التمادي في اعتماد منهج اقتصادي واجتماعي وحيد برهن عن فشله في بلورة مشروع مجتمعي.
و من جهة أخرى، فإن انتهاء عمل هيأة الإنصاف و المصالحة لم يفض، حتى الآن، إلى اعتراف الدولة بمسؤوليتها الكاملة عما شهدته بلادنا من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، و لا إلى تقديم اعتذار رسمي من طرف ممثل الدول الأسمى كما ينص الدستور المغربي القائم على ذلك بشأنها، مع رد الاعتبار للضحايا وجبر الضرر الذي لحق بهم وتعويضهم ماديا ومعنويا عن ذلك، كما لم تبادر إلى القيام بالإصلاحات الضرورية لتفادي تكرار هاته الانتهاكات مستقبلا. و في الوقت الذي ما زال فيه منتهكو حقوق الإنسان، و المسؤولون عن الجرائم الاقتصادية و الاجتماعية محصنين ضد كل مساءلة و منفلتين من أي عقاب، فإنه يلاحظ استمرار ظاهرة الاعتقال السياسي، و تزايد الاعتداء على المدافعين عن حقوق الإنسان، بمن فيهم مناضلي الجمعية المغربية لحقوق الانسان، و متابعتهم، و محاكمتهم و إدانتهم واستعمال فزاعة المقدس لتنظيم محاكمات صورية. و هو الشيء الذي لم يسلم منه العديد من ممثلي المجتمع المدني، لمجرد مشاركتهم في مسيرات احتجاجية سلمية. هذه المسيرات والوقفات التي تواجه بالعنف والمنع أحيانا. فيما ما فتئت المحاكمات المفتعلة ضد حرية الصحافة و التعبير جارية، تكمم الأفواه و تجرم الرأي، و استعمال وسائل الإعلام الرسمي حكرا على الدولة ومقفلة في وجه كل التعبيرات المخالفة لسياساتها.
و في نفس السياق فإن التعذيب، رغم تجريمه، ما زال يمارس من قبل مؤسسات السلطات العمومية، و هو ما يسفر، من حين لحين، عن المس بالحق في الحياة. كما أن الدولة المغربية لم تلغ عقوبة الإعدام ولم تنضم إلى نظام المحكمة الجنائية الدولية. هذا عدا اتسام القضاء بانعدام الاستقلالية اتجاه السلطة التنفيذية، واستشراء الفساد والرشوة بين صفوفه، و تغييب أية إمكانية لإعمال مقتضيات الاتفاقيات الدولية.
و مع ذلك، فإن الوضع الحقوقي ببلادنا قد عرف مجموعة من المبادرات التي تصب في اتجاه تقوية الترسانة القانونية والتشريعية، نذكر منها:
° التوقيع على البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية؛
° رفع التحفظات عن المادتين 20و22 من اتفاقية مناهضة التعذيب، و عن المادة 14 من اتفاقية حقوق الطفل؛
° المصادقة على الاتفاقية الدولية رقم 135 المتعلقة بتوفير الحماية و التسهيلات لممثلي العمال؛
° المصادقة على اتفاقية مناهضة الرشوة؛
° إصدار قانون الجنسية الذي يخول الطفل من أم مغربية الحق في الحصول على الجنسية المغربية؛
° إقرار قانون زجر التعذيب.
والحال أن التجارب الماضية في هذا المضمار تفيد بأن العبرة تكون بالتطبيق والملاءمة لا بالإقرار و الموافقة الشكليين.
و بالمقابل، فإن دائرة الاهتمام بحقوق الإنسان و الوعي بأهميتها أصبحت تستقطب فئات كثيرة من المواطنين و المواطنات، من مختلف المشارب. كما أن العمل الحقوقي لازال يعرف تناميا مطردا، بحيث يتعزز باستمرار بإطارات جديدة تتبنى مقاربات متنوعة، تستند في جزء منها على الخصوصيات المحلية أو اللغوية (جمعية الريف لحقوق الإنسان و العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان...).



#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا يمكن توقع ردود فعل الجماهير إزاء ارتفاع الأسعار
- السياسة الاقتصادية لا تخدم سوى مصالح رأس المال المحلي والدول ...
- الغلاء يفضح ضعف السياسة الاقتصادية بالمغرب
- الدولة تخفي إرهابها بالوعود
- النمط الاقتصادي المعتمد لا يؤدي إلى تنمية اجتماعية
- البرلمان والاعتقال السياسي
- المشهد السياسي الحالي في المغرب والمشاركة السياسية للمرأة
- جماهير مدينة سلا تحتج على غلاء الأسعار وعلى تدهور الخدمات ال ...
- سياسة الميزانية والهروب إلى الأمام
- الحركات الاحتجاجية في المغرب ضد السياسات الاقتصادية والاجتما ...
- القانون المالي لسنة 2008 في خدمة الأغنياء
- أي أفق لتنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية في ال ...
- لم نتلق أي تحذيرات بالتراجع عن تنظيم الوقفات
- قافلة التضامن مع ساكنة مدينة صفرو وقرية البهاليل
- نجاح احتجاج فروع الجمعية المغربية لحقوق الانسان بالرباط سلا ...
- الغلاء استغلال إضافي للطبقة الكادحة من طرف الرأسمال
- ويستمر النضال ضد الغلاء وتدهور الخدمات العمومية
- ماذا بعد المقاطعة العارمة للانتخابات المخزنية؟
- الانعكاسات الوخيمة للغلاء على الشعب المغربي
- المنتخبون في المغرب لا يملكون السلطة لتنفيذ برامجهم الانتخاب ...


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد السلام أديب - المغرب بين الوضع الحقوقي الدولي والجهوي