أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جميل حنا - تركيا وآمال تحقيق الحلم القديم الجديد في أوربا















المزيد.....

تركيا وآمال تحقيق الحلم القديم الجديد في أوربا


جميل حنا

الحوار المتمدن-العدد: 2249 - 2008 / 4 / 12 - 03:06
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


منذ أن أستلم حزب العدالة والتنمية ذو الاتجاه الإسلامي السلطة في الدولة التركية يحتدم الصراع أكثر فأكثر بينها و بين المؤسسة العسكرية والعلمانيين .وهذا الصراع الدائر في مختلف مستويات المجتمع التركي من القمة إلى القاعدة هو موضع اهتمام الباحثين في المنطقة والعالم وخاصة أوربا. السلطة الحالية بالرغم من إدعاءاتها بالتمسك بالنظام العلماني إلا إنها تسن قوانين بتطبيق الشريعة الإسلامية مثل السماح بارتداء الحجاب في الجامعات والعلمانيين يعتبرونه انقلابا على النظام العلماني للدولة التركية .
أذا تركيا في دائرة الجدال الدائر داخل المجتمع التركي , من جهة بين أوساط المثقفين العلمانيين القوميين الشوفينيين الأتراك و المؤسسة العسكرية من جهة وبين الحكومة من جهة أخرى. ويرتكز هذا الجدال حول ماهية الفكر التركي, وتحديد أركانه والتشبث بما هو قائم , أو إعادة النظر ببعض المفاهيم المترسخة في العقلية التركية منذ قيام الدولة العلمانية في مطلع العشرينات من القرن الماضي . وهناك تيار ثالث في المجتمع التركي ويمثل قلة قليلة بين أوساط المثقفين ويبذلون الجهود للتخلص من العقلية والممارسات الشوفينية بحق الشعوب والقوميات التي تقيم على أراضيها مثل اليونان والآشوريين والأرمن والأكراد. والشعب الآشوري بمختلف انتماءاته المذهبية من أبناء الكنيسةالكلدانية والسريانية والمشرقية يقيم على أجزاء واسعة من هذه الأرض تمتد من (البحر الأبيض المتوسط وآمد (ديار بكر ) وطور عابدين وهكاري حتى بحيرة وان) منذ فجر التاريخ . وفي الوقت الراهن لم يبقى من أبناء هذه الأمة العريقة إلا بضعة آلاف منهم وذلك بسبب مجازر الإبادة العرقية العديدة التي ارتكبتها السلطات العثمانية التركية خلال عقود طويلة من الزمن وخاصة التي ارتكبت أثناء الحرب العالمية الأولى وذهب ضحيتها أكثر من نصف مليون إنسان .

وجدل آخر يدور في أروقة محافل اتحاد الدول الأوربية ومؤسساتها حول الفكر التركي وثقافته وقدرة الساسة الأتراك على أمكانية انسجامها مع الفكر الأوربي والالتزام الفعلي بهذه الأفكار وقيم الحرية والديمقراطية والمساواة بين كافة الشعوب ألمقيمه على أرضها ضمن الدولة التركية وإلغاء القوانين العنصرية بحقها ومنحها حقوقها القومية والدينية .
وهذا الجدل يزداد سخونة أو برود بتقدم بحث الملفات الحساسة والشائكة المتعلقة بانضمام تركيا إلى إتحاد الدول الأوربية . وكل طرف يحاول كسب أكبر قدر ممكن من المكاسب. تركيا تريد من انضمامها إلى الاتحاد تحسين وضعها الاقتصادي و الاستفادة من الإمكانات الأوربية في هذا الشأن . أما بالنسبة للدول الأوربية الأهم من الناحية المادية التأكد من الأهداف الحقيقية والنيات الصادقة للدولة التركية برغبتها بتبني القيم الأوربية في بناء الدولة العلمانية الحقيقية وليس كما هو شائع الآن . ومساءل تتعلق بحقوق الإنسان والحريات العامة , وحرية الرأي والصحافة والقضاء المستقل المرتكز على الشرائع والقوانين الدولية والأوربية, والاعتراف بكيان القوميات غير التركية والاعتراف بمجازر إبادة الشعب الآشوري والأرمني ومساءل تتعلق بالعيش المشترك وإلغاء التمييز العنصري بين دين ودين وقومية وآخري . وأن يكون شغل المناصب العليا في الدولة ليس حكرا على أبناء القومية التركية بل أن يشمل أبناء كافة القوميات وعلى أساس الكفاءات الشخصية . ومن خلال بحث هذه الملفات يريد الأوربيين لاستنطاق المنطق التركي وكشف نواياهم الحقيقية وذلك انطلاقا من التجربة التاريخية مع الإمبراطورية العثمانية وفيما بعد وريثتها الدولة التركية.

إن الأوربيين لم يتمكنوا من إعطاء الجواب المقنع لأنفسهم قبل غيرهم إلا بعد مناقشة كل الملفات خلال عقد أو عقدين , ولن يكتشفوا حقيقة التأثير التركي إلا بعدما يمضي عقد أو عقدين من الزمن على عضوية تركيا ا لفعلي في إتحاد الدول الأوربية . أن تغيير القوانين لأجل المصلحة السياسية والاقتصادية قد يكون من أسهل الأمور خلال العملية التفاوضية بين الطرفين. ولكن تغيير المنطق الفكري للشعب التركي وقياداته السياسية سواء كانت علمانية أو دينية سيحتاج إلى عقود طويلة لينسجم مع المنطق الأوربي, حتى ولو كانت تركيا جادة بتحقيق التغيير الجذري.
ومن هذا المنطلق ,هل يهدد الأتراك حرية أوربا مثلما حصل في القرن السادس عشر والسابع عشر ؟ هل يمكن أن تعيش الثقافة الأوربية والتركية مع بعضها البعض ؟ الثقافة الأوربية المتطورة التي تستمد إنسانيتها وتمدنها من قيم الدين المسيحي وقيم الثورة الفرنسية المرتكزة على مبادئ الحرية والأخوة والمساواة, وبين الثقافة التركية التي تستمد قيمها من العقلية العثمانية التركية المتعصبة قوميا ودينيا. هناك جدل دائر في كافة الدول الأوربية على مختلف المستويات بين أوساط أبناء دول الاتحاد على المستوى الشعبي والرسمي وخلف الكواليس وفي مراكز القرار حول منح تركيا العضوية الكاملة أو أن يقيم الاتحاد الأوربي معها علاقات مميزة . وهذا الطرح والأسئلة ليست جديدة على المهتمين بهذا الشأن. ولكن كل سؤال يحمل جملة من التناقضات الكثيرة في القبول أو عدمه .
أن القرار الذي أتخذ في الثالث من أكتوبر 2005 للبدء بالمباحثات لقبول تركيا البالغ عدد سكانها 73 مليون نسمة وهذا العدد يتجاوز عدد عشرة دول كانت قد انضمت إلى الاتحاد قبل هذا القرار ولا يوجد من أراضي الدولة التركية الحالي إلا الخمس في القسم الأوربي وهي القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية التي استولى عليها العثمانيون في القرن الخامس عشر. وكذلك الغالبية الساحقة من الشعب التركي يسكن في القارة الأسيوية ,وفي حال انضمام تركيا إلى عضوية دول الاتحاد أليس من الأجدر تغيير أسم الاتحاد ليشمل أسم الدولة التركية أو القارة التي تقع فيها تركيا ليعبر عن واقعية أسم الاتحاد .آي أن يسمى الاتحاد الأوربي الآسيوي ليفتح المجال أمام توسع هذا الاتحاد نحو سوريا والعراق ولبنان ... .

أن الرأي العام الأوربي له مخاوف واقعية وكثيرة من انضمام تركيا إلى الاتحاد. لأنها ترى في الدولة التركية عضو غريب في الكيان الأوربي , لأن أوربا موحدة الجذور الثقافية وتستمد عراقة تمدنها من قيم الدين المسيحي وأن الديمقراطية خطت فيها خطوات متقدمة, وبناء مؤسسات الدولة بكافة إشكالها متطورة, مبنية على أساس تحقيق المساواة والعدالة, وحماية حقوق الإنسان الجماعية والفردية وممارسة الشعائر الدينية وحرية الرأي وحقوق كافة القوميات والأثينيات العرقية مصانة في الدستور وتمارس خصائصها القومية بكل حرية بدون اضطهاد وحرمان. عكس الدولة التركية التي مارست كل أنواع القهر والحرمان وارتكبت المجازر بحق الشعب الآشوري بكافة مذاهبه من أبناء الكنيسة السريانية والكلدانية والكنيسة المشرقية والأرمن واليونان والمسيحيين بشكل عام . حيث كان عدد السكان المسيحيين في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين يشكل ثلث 33% من أصل أربعة عشر مليون في الدولة التركية وأن عدد المسيحيين لا يتجاوز المائة آلف أي بنسبة أقل من واحد بالمائة أين اختفت تلك الملايين ماذا حل بهم . أن الجواب على هذا السؤال سهل جدا قتلهم الأتراك بالتعاون مع قوى العشائر الرجعية الدينية المتعصبة من الأكراد , وقسم آخر منهم أرغم على اعتناق الإسلام بحد السيف وهجرا قسم آخر قسرا بتدمير قراهم وأبعادهم بالعنف من أرضهم التاريخية . وما زالت الدولة التركية لا تعترف بالمجازر التي ارتكبتها بحق الآشوريين والأرمن واليونان وهم يعانون من الاضطهاد القومي والديني ومحرومون من ابسط الحقوق المدنية ولا يعترفون بهويتهم القومية المميزة .

الثقافة التركية المشبعة بالروح العنصرية تجاه كل مغاير لها في الدين والانتماء القومي ستصبح يوم ما عضوا في اتحاد الدول الأوربية المبنية على مبادئ الإنسانية والديمقراطية والحرية واحترام كل الأديان والمذاهب والقوميات . ومن هنا يأتي استياء الشعوب الأوربية من فكرة انضمام تركيا إلى دول الاتحاد . ويتساءلون ماذا سيحصل لنا عندما تصبح تركية عضوا في الاتحاد الأوربي, أنهم قلقون على مستقبلهم. وإن الاستفتاء الذي تم في فرنسا وهولندا أكد بأن الشعوب الأوربية تعارض فكرة انضمام تركيا الى الاتحاد ,ولذلك تم إلغاء الاستفتاءا لذي كان مقررا إجرائه في بعض البلدان الأوربية حول هذه المسألة . إن الشعوب الأوربية خائفة على حريتها ومصالحها ورفاهيتها ونظامها الديمقراطي. الحكومة النمساوية عارضت حتى اللحظة الأخيرة على فكرة قبول الموافقة على قرار بدء المباحثات لقبول تركيا في عضوية دول الاتحاد وذلك انطلاقا من تجاربها التاريخية المريرة مع العثمانيين الأتراك .عندما حاصروا عاصمتهم فيينا في عام 1529 في المرة الأولى وفي عام 1683 في المرة الثانية , وأنهم خائفون من الحصار الثالث في هذه المرة الذي يختلف عن الحصار ين الأولين . حينذاك انتصرت إرادة الشعب النمساوي ورد جحافل العثمانيين على أعقابهم , ولم تسقط فيينا في يدهم .

ولكن الشعب النمساوي متخوف كثيرا من الحصار الثالث بعدما وافقت الدولة النمساوية تحت ضغوط خارجية على قرار بدء المباحثات لقبول تركيا عضوا في الاتحاد.ومصدر خوفهم هو على مستقبلهم وعلى سقوط عاصمتهم فيينا هذه المرة في يد الأتراك عن طريق الغزو السلمي .وبطرق الخداع التي أستخدمها العثمانيون بالاستيلاء على دول البلقان وغيرها. وخاصة على قلعة بودابست الحصينة التي دخلوها بالخداع كسائحين مخفين أسلحتهم تحت ملابسهم وتم الاستيلاء على القلعة بعدما تم فتح الأبواب من الداخل أمام جحافل الجيوش العثمانية التي كانت تحاصر المدينة .

هل سينجح الأتراك بغزو عواصم الغرب بأساليب الخداع كما حصلت لقلعة بودابست. أم أنهم سيندحرون مرة أخرى كما اندحروا أمام العاصمة فيينا وبلغراد . وفي المحصلة النهائية أن المصالح السياسية والاقتصادية , والتناقضات داخل دول الاتحاد وبين دول الاتحاد وأمريكا واللوبي الصهيوني وقوة الصراع بين هذه الأقطاب سيحدد النتائج النهائية لقبول أو عدم قبول تركيا في اتحاد الدول الأوربية . و بناء على أساس القرار المتخذ, إن هدف المحادثات مع الدولة التركية هو الانضمام إلى دول الاتحاد الأوربي, ولكن هناك بند يقول : إن قبول الأعضاء الجدد يتعلق بإمكانيات دول الاتحاد الأوربي . إن القرار الذي اتخذ بهذا الشأن يضع الدول الأوربية في كل الأحوال أمام مأزق حقيقي, وأصبح ينطبق عليهم المقولة الهنغارية السائدة منذ أن أحتل العثمانيون بلدهم قبل ثلاثة قرون ( قبضت على التركي ما يتركني).



#جميل_حنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واحد نيسان (آكيتو )عيد رأس السنة في حضارة بلاد ما بين النهري ...
- نيسان النور والدم
- ما هي الحكمة في الذكرى الخامسة لأحتلال العراق
- من قتل الشهيد مار بولص فرج رحو
- دور المرأة في الثامن من آذار عيد المرأة العالمي
- هل العراق وطن لكافة أبناءة ؟
- الدولة الديمقراطية العلمانية
- أساليب إبادة الشعب الآشوري
- إستمرار إبادة المسيحيين في العراق
- قتل المسيحيين في العراق وعقيدة الإرهاب 2-2
- قتل المسيحيين في العراق وعقيدة الإرهاب 1 _ 2
- الديمقراطية والعنف في بلاد ما بين النهرين
- الحقوق القومية المسلوبة بفعل السياسة وتأثير المشاعر
- اليسار العالمي والصراع من أجل الوجود


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جميل حنا - تركيا وآمال تحقيق الحلم القديم الجديد في أوربا