أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد وجدي - إبراهيم الدسوقي عبد السلام - قصة قصيرة














المزيد.....

إبراهيم الدسوقي عبد السلام - قصة قصيرة


محمد وجدي
كاتب، وشاعر، وباحث تاريخ

(Mohamed Wagdy)


الحوار المتمدن-العدد: 2245 - 2008 / 4 / 8 - 06:47
المحور: الادب والفن
    


" عفت " كما كان يعن للبعض أن يناديه باسم ابنه الأكبر ، أو " الخواجة " ، وذلك لارتدائه برنيطة لسنين طويلة ، والحق أنها كانت متمشية مع وجهه الشديد البياض المشرب بالحمرة ( ولسبب آخر هو معاقرته للخمر ) .

والحق أنه لم يكن أبدا ً مدمنا ً لها ، فلم أره ولم يره أحد في مرحلة الهذيان والسكر المفرط ، ولكنه كان يحتسي القليل منها ، ولكن لأن الرجل كان ظاهره كباطنه فلم يكن يخفي من أمره شيئا ً .

كان مثقفا ً ثقافة تأخذ بلبك ,, فلا تكاد تتخيل أن هذا البقال بائع الجبن يحمل كل هذا الكم من المعلومات الأكاديمية في جوانب حياتية شتى .. فهو منظر للفكر الاشتراكي ويستطيع الانتصار للمكاسب التي حققتها ثورة يوليو على يد طيب الذكر " جمال عبد الناصر " ، ولكن لأنه كان موضوعيا ً وبصفته شاهد على عصر عاشه كان يحكي بتوثيق عن تجاوزات السلطة في عهده وانتهاك الكثير من الحريات .

سألته مرة : " عم إبراهيم .. أبوك اسمه الدسوقي ؟ " .

- " لا .. ذاك اسمي فقط .. سماني أبي إبراهيم الدسوقي تيمنا ً بسيدي إبراهيم الدسوقي وكان رحمه الله يطمع أن أكون عالما ً أزهريا ً ببركة ذلك الاسم " .

- كان قلبه مشتعلا ً بالحب للدنيا ، ولذا كان يحرص دائما ً أن تظل له ليلاه حتى لو كانت ليلى متخيلة ، وكانت " نفيسة " هي ليلى مخيلته .. وهي فتاة بضة بيضاء في منتصف الثلاثينيات في ذاك الوقت ، وكان ينتظر مرورها صباحا ً عليه وهي ذاهبة لعملها في أحد محلات تصوير الفيديو ذائعة الصيت آنذاك ... فإذا مرت أمعن النظر فيها ، وأودعها عظيم أشواقه في تنهيدة نارية محملة بعبارة " آآآآه يا نفيسة " .

- وكانت إذا غابت ينشغل بغيابها ،، ويظل موضوعا ً لتسامرنا حتى الصباح في محله " كانت مواعيد عم إبراهيم غريبة فقد كان يفتح محله بعد صلاة العشاء ويغلق في التاسعة صباحا ً ونجح في تعويد الزبون على تلك المواعيد " ويتخلل الحديث الضحك منه شخصيا ً على ما أغدق به خياله الخصب وعواطفه الجياشة من فعال .

كان شاهدا ً على حدثين من أهم الأحداث في القرن الفائت في تاريخ مصر .. فقد واكب نكسة 1967 ، ويحكي كيف كانت العسكرية المصرية تبالغ في قدراتها وقوتها ، وكيف تمت تعبئة الرأي العام المصري والعربي أننا في الطريق لمعركة قصيرة لا تلبث أن تنتهي بالدخول إلى تل أبيب واستعادة القدس وتطهيرها من الصهاينة .

وهكذا حكى عن لحظة النشوة والانكسار :

" كنت أجلس مع عبده السبعاوي نستمع إلى الراديو ، وبيانات سقوط الطائرات وقرب دخول الجيش المصري لتل أبيب ، وكنا نهلل ونقفز فرحا ً ، وفي لحظة هدأت البيانات وجاءت أغنية وطنية حزينة النغم شجية الكلمات لعبد الوهاب ، ثم مارشات عسكرية ، فقلت لعبده " ولا يا عبده .. الظاهر اننا ( اتخيطنا ) " .

وفعلا ً بدأت الأرقام الحقيقية للمعركة تظهر على استحياء .

ويكمل عم ابراهيم متأثرا ً " تظهر عظمة هذا الشعب في الكوارث .... فبعد إعلان الأرقام الحقيقية للنكسة لم تسجل في هذا اليوم أي حادثة سرقة أو مشاجرة ، بل ساد البلاد وجوم تام " .

وعن حادثة التنحي يسرد :

" قال البعض إن المظاهرات التي خرجت مطالبة عبد الناصر بالبقاء كانت مظاهرات مفتعلة ومنظمة من السلطة ، وهذا افتراء على المصريين ، لقد كان المصريون أذكياء بتلك المظاهرات فهي لم تكن حبا ً في عبد الناصر الزعيم الذي غرق الجميع من المحيط إلى الخليج في حبه وحضوره الطاغي فقط ، ولكن كانت نوعا ً من إلزامه بالمسئولية تجاه ما حدث واضطراره لتصليح ما فسد وكأن لسان الحال يقول " انت رايح فين وسايبنا نغرق " ؟؟


نسيت أن أقول إن عم إبراهيم رحمه الله قبل وفاته أقسم أن لا يقرب الخمر أو تمس شفاهه وقد كان ، وكان رحمه الله يكثر من ذكر المولى سبحانه ، ومات بشيبة صالحة .



#محمد_وجدي (هاشتاغ)       Mohamed_Wagdy#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بال القوم تركوا تكفين نبيهم وذهبوا يتقاتلون على الخلافة ؟ ...
- دي أرضنا
- عم وجدي - قصة قصيرة
- خلص الكلام - شعر عامية
- الشيعة في مصر - المشاكل - الخلفية التاريخية - نظرة مستقبلية
- أطفال غزة محاصرون .. أطفال غزة يبيعون لعبهم ليعيشوا
- انتظار
- نكت عصر مبارك - قراءة سريعة
- خبر وفاة الموكوس ودلائله .... ترحم معنا
- كاريزما السياسة عند القادة العرب والدور المفقود
- مجموعات - قصيدة نثر
- مظلومية الشعب المصري
- محمد وجدي
- هذه هي ديمقراطيتك يا سيدي الرئيس؟؟؟؟؟؟؟؟
- سيدي الرئيس : دام عزك
- مذكرات مسجون سياسي بتهمة ترويج أفكار متطرفة - 4
- مذكرات مسجون سياسي بتهمة ترويج أفكار متطرفة -3
- مذكرات مسجون سياسي بتهمة ترويج أفكار متطرفة - 2
- مذكرات مسجون سياسي بتهمة .... ترويج أفكار متطرفة - 1)-
- مجهول ينتظر قطارات الجبر


المزيد.....




- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...
- -نملة تحفر في الصخر-ـ مسرحية تعيد ملف المفقودين اللبنانيين إ ...
- ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها
- “361” فيلم وثائقي من طلاب إعلام المنوفية يغير نظرتنا للحياة ...
- -أثر الصورة-.. تاريخ فلسطين المخفي عبر أرشيف واصف جوهرية الف ...
- بإسرائيل.. رفع صورة محمد بن سلمان والسيسي مع ترامب و8 قادة ع ...
- الخرّوبة سيرة المكان والهويّة في ررواية رشيد النجّاب
- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد وجدي - إبراهيم الدسوقي عبد السلام - قصة قصيرة