أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صبحي حديدي - الفيلسوف والحرب














المزيد.....

الفيلسوف والحرب


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 695 - 2003 / 12 / 27 - 07:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما موقف الفيلسوف من قضايا عصرنا الحارقة؟ كيف يرى هزّة 11/9 مثلاً؟ كيف ينظر إلى غزو العراق؟ وأيّ تأمّل يُسمح للفيلسوف أن يغرق فيه، حين تتعرّض البصرة للخراب فعلياً؟ ولعلّ نتاج الفيلسوف الفرنسي المعاصر جاك دريدا يجيب علي بعض هذه الأسئلة على نحو معمّق ومتميّز ولائق بالفلسفة الرفيعة، الحريصة على تفكيك الظاهر بغية التوغّل عميقاً نحو الباطن.
وجاك دريدا هو مؤسس الفلسفة التفكيكية، تلك التي أشعلت وتواصل إشعال الحرائق في التراث الفلسفي الغربي والميتافيزيقي بصفة إجمالية، وفي مختلف تيّارات الفلسفة الفرنسية بعد الحرب العالمية الثانية بصفة أخصّ. وكان دريدا قد اقتحم الحياة الفكرية الفرنسية بثلاثة كتب، صدرت دفعة واحدة في العام 1967، واصل بعدها تطوير أفكاره وتعميق تأملاته التي نهضت جميعها على نقد راديكالي تقويضي للإفتراضات الميتافيزيقية ومحاولات تأسيس المعرفة على قواعد وضعية منهجية. ومن المبهج أنه قرّر ــ أخيراً! ــ ولوج عالم السياسة، فأصدر عدداً من الأعمال الهامّة التي تتناول سياسة الصداقة، وسياسة الضيافة، وسياسة كارل ماركس، ومؤخراً هزّة 11/9. وندين للشاعرة المصرية صفاء فتحي بفضل تعريف قرّاء العربية على تحليل دريدا لمحتوى وشكل ودلالات ما جرى في واشنطن ونيويورك ذلك اليوم.
وصفاء فتحي متعددة الإهتمامات وعديدة المواهب. فهي ــ إلى جانب مجموعتين شعريتين هما "... وليلة"، 1996، و"عرائس خشبية صغيرة تسبح في سموات المنيا وبرلين"، 1998 ــ باحثة في المسرح، تقدّمت إلى السوربون بأطروحة دكتوراه متميزة عن المسرح الملحمي الجديد في إنكلترا، كما يمثّله جون آردن وإدوارد بوند؛ وكاتبة مسرحية، صدر لها بالفرنسية عمل بعنوان "إرهاب"؛ ومخرجة سينمائية، لها في السينما الوثائقية أربعة أفلام تسجيلية، وخامس روائي.
وصفاء فتحي، إلى جانب هذا كلّه، على صلة وثيقة بشخص وأعمال جاك دريدا. لقد قدّم لمسرحيتها "إرهاب"، كما أصدر معها كتاباً مشتركاً بعنوان "تصوير الكلمات"، وتمكنت فتحي من إقناعه بالوقوف أمام كاميرتها التسجيلية، وأنجزت عنه شريطاً تسجيلياً بعنوان غامض وحَمّال أوجُه هو D ailleurs Derrida، يعدّ بين أعمق وأذكى الموادّ التي تتناول فيلسوفاً شاقّ العريكة عسير المنال وصعب التناول. واليوم تفلح فتحي في إقناع الرجل بأن يعطيها حقّ ترجمة عمل جديد له إلى العربية، هو "ما الذي حدث في حدث 11 أيلول"، وذلك قبل أن يصدر بأية لغة أوروبية، بما في ذلك الفرنسية!
وروحية المنهج التفكيكي هو ما تسعى إليه فتحي في مقدّمتها المستفيضة (38 صفحة)، وغير التقليدية، لكتاب دريدا. وهي تقول إنّها "لا تقدّم للنصّ بل تتوسع في بعض مناطقه وتربطه من خارجه بهذه التوسعات". وهذا ما تفعله بذكاء وأمانة، وإنْ كانت تضطرّ إلى شرح دريدا هنا وهناك، وتستعين بعدد من مفاهيمه المبثوثة في أعماله السابقة من أجل التوسّع في ما يقوله الآن، وتقوم بما يشبه الكتابة علي الكتابة في إيضاح ما يستغلق على قارىء دريدا المستجدّ. وهذه كلها خيارات تنجم عن حقيقة أنّ نصّ دريدا ليس كتابة مباشرة، أو تأليفاً بالمعني المتعارف عليه، بل هو سلسلة حوارات أجرتها الإيطالية جيوفانا بورادوري مع الفيلسوف الفرنسي في أواخر تشرين الأول 2001، أي بعد أسابيع معدودات على هزّة 11/9.
ثمة عشرات الأسئلة الشائكة التي تطرحها بورادوري، وثمة في المقابل إجابات شائكة بدورها، أو أكثر تعقيداً من الوجهة الفلسفية في الأقلّ، يردّ بها دريدا وكأنه يعيد صياغتها على هيئة أسئلة مضادة، بينها التالية على سبيل الأمثلة فقط: "مَن الذي منح الحقّ في تحويل 11/9 إلى اسم وتسمية، وبالتالي إلى فعل لغوي يستحدث تاريخاً، أو يصنع حدثاً غير مسبوق؟ من أين أتى إلينا، وكيف فُرض علينا هذا الأمر [11/9] الذي يمثّل في حدّ ذاته تهديداً لنا؟ ألسنا بحاجة إلى فكر فلسفي جديد، لكي يتسني لنا الإستيقاظ من هذا "التنويم العقائدي"؟ ألا يتحوّل شخص أسامة بن لادن إلى "اسم مجاز"؟ ما معنى السيادة فعلياً، وما معنى سيادة الولايات المتحدة بالذات؟ ما العولمة؟ وهل حدثت حقاً؟ ما هي حقائق الحرب على الإرهاب ...
قراءة دريدا شاقة بالطبع، وهذه هي الحال في معظم نصوصه. لكنه في هذا الكتاب الحواري ينتقل من علياء التفكيك الميتافيزيقي إلى دنيا تفكيك البرجَين إذا صحّ القول! وهو يلجأ مراراً إلى تبسيط مدهش وذكيّ تماماً في آن، ولا يتردد في اتخاذ سلسلة من المواقف المناهضة للأنساق المألوفة في تقديم وتمثيل هزّة 11/9، والتي جرى تكريسها بفعل إرهاب فكري مورس في الخفاء تارة، وفي العلن طوراً. وغنيّ عن القول إنه، بذلك، يقف ضدّ التنميط والتسطيح والتأثيم والتعميم، أي أنه ينشقّ عملياً ضدّ التيّار العامّ السائد في الغرب عموماً، وضدّ القراءة الأمريكية بصفة خاصة.



#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا طيرة طيري...
- صدّام حسين سجيناً: الثوابت التي لن تتغيّر
- حداثة فدوى طوقان
- حقوق الإنسان في يوم الإعلان العالمي : مَن كان منهم بلا خطيئة ...
- فلسطين سويسرية!
- الإعلام الرسمي حذف 2000 كلمة من حديثه إلى «نيويورك تايمز» من ...
- الحجاب والمحجوب
- هل بات انهيار بيت سعود هو السيناريو الأكثر مصداقية؟
- في بيت ثيودوراكيس
- فرنسا وتهمة العداء للسامية: هل انطوى عهد -المكانة الخاصة-؟
- سارتر وصنع الله
- يمارس السياسة كمَنْ يعقد صفقة خشب أو خشخاش: برلسكوني والطبعة ...
- عاصفة أخرى في فنجان
- الفارق الجسيم
- علي هامش الدعوة إلى تأسيس حزب ينفي عروبة مصرفكر اصطفائي شوفي ...
- المرتدّ الضحية
- التابعيات العربية في واشنطن: صمٌ بكمٌ عميٌ فهم لا يعقلون!
- ج. م. كويتزي والصمت الذي ينطق عن التواريخ
- صحبة مهاتير محمد
- الشيخ حسن الترابي طليقاً: هل ينفتح القمقم؟


المزيد.....




- السيسي يكشف عن أرقام مهولة تحتاجها مصر من قطاع المعلومات
- -عار عليكم-.. مظاهرة داعمة لغزة أمام حفل عشاء مراسلي البيت ا ...
- غزة تلقي بطلالها على خطاب العشاء السنوي لمراسلي البيت الأبيض ...
- نصرة لغزة.. تونسيون يطردون سفير إيطاليا من معرض الكتاب (فيدي ...
- وزير الخارجية الفرنسي في لبنان لاحتواء التصعيد على الحدود مع ...
- مقتل شخص بحادث إطلاق للنار غربي ألمانيا
- أول ظهور لبن غفير بعد خروجه من المستشفى (فيديو)
- من هم المتظاهرون في الجامعات الأمريكية دعما للفلسطينيين وما ...
- إصابة جندي إسرائيلي بصاروخ من لبنان ومساع فرنسية لخفض التصعي ...
- كاميرا الجزيرة ترصد آخر تطورات اعتصام طلاب جامعة كولومبيا بش ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صبحي حديدي - الفيلسوف والحرب