ملكات الجمال تفخيخ للأعصاب

رحاب الهندي

الحوار المتمدن-العدد: 2232 - 2008 / 3 / 26 - 11:03
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    

أجساد شبه عارية لنساء تسير بدلع ودلال، ملابس زاهية، ابتسامات مشعة، موسيقى وحفل كبير يضم فوق منصة العرض تلك الاجساد.نساء من مختلف دول العالم يستعرضن اجسادهن وجزءاً من ثقافتهن امام العالم، يتنافسن جميعا على لقب ملكة الجمال،
ونشاهد الرجال جالسين مع نسائهم يهتفون يشجعون الجمال، الموسيقى تصدح، يبدو شيء ما يرفرف في المكان ما بين السعادة والنسيان!!
يتلهى العالم بمسابقات ترفه عن نفسه، وبحفلات تذبح بها ملايين الدولارات على اعتاب الجمال في لهاث عن البحث اي الاجساد اجمل؟!
نحن هنا في العراق نبحث ايضا عن الجمال، لكنه ليس جمال الحفل والاجساد والتصفيق نبحث عن جمال الحلم الذي ضاع منذ اسبوع عرضت احدى الفضائيات حفل تتويج ملكة جمال العالم فتحولت معظم البيوت التي تسكنها”الكهرباء الوطنية“ الى عيون مبحلقة واسترخاء من قبل الرجال والى تعليق وتمتمة الرفض من النساء، بعض البيوت شاركت بها النساء فرحة الرجال وتعليقهم. بعض البيوت تشاجر النساء والرجال، بعض البيوت هدها الحزن فكانت تتفرج على الحفل بلا وعي وكأنها تتفرج على اشباح!!
ولم ينته التعليق والدردشة على الجمال بانتهاء الحفل، لكنه انتقل الى احاديث بعض الناس في صباح اليوم الثاني، الجيران فيما بينهم والزملاء في العمل، وبروحية عراقية فكهة علق احدهم ان الحياة امرأة جميلة”ياويلي“ وبين الضحك والتعليق ظهرت اشارات الى ان البعض لم ينم ليلته قهرا على الجمال الضائع في العراق، والى ضياع استرخاء الحياة، تحدث احد الحاضرين بحدة ماذا تريدون هل تتعرى بناتنا ونسمح لهن بالمشاركة بمثل هذه السخافات؟ وجاء صوت ضاحك من بعيد لماذا انت غاضب ان الله جميل يحب الجمال. لكن احدهم علق بقوله: ان الكثيرين اهتموا بمتابعة الحفل ليس من اجل اجساد النساء العارية وليس من اجل جمالهن ومن ستكسب التاج ومن ستخسره، لكن من اجل روحية الجمال بحد ذاته. نحن هنا في العراق ضاع منا الجمال والامان وتجد رجالنا كهولا وهم شباب، ونساءنا في الغالب متشحات بالسواد ورغم ضحكاتها فهي معجونة بالوجع حياتنا مغلفة بالخوف، لذا حاولنا ان نهرب من واقعنا المرير الى واقع الحرير.
احدى الزميلات علقت: زوجي تسمر امام شاشة التلفاز ولم يجب عن سؤال ابني الذي يدرس لامتحان الاكمال!!
ونتساءل ما الذي يشد الناس في العراق الى مثل هذه الحفلات التي لا نقبلها اجتماعيا ولا دينيا؟
ما الذي يجعلها مثار حديث وجدل بين زملاء العمل وشرارة مشاكل بين الزوجين!
هل حقيقة ان الرجل يبحث دوما عن جمال المرأة حتى لو عبر التلفاز، وان كان جمال زوجته بين يديه؟ ام ان واقعنا المر يهرب منا الى رؤية الحلاوة التي تطل علينا من الشاشات دون ان نتذوق طعمها؟
هل هو فراغ روحي؟ وكبت للجسد عند الرجال ام هو شبه ضياع وعبث ضمن سلسلة القتل والاغتيال والتهجير الذي نسمع عنه كل يوم، فنريد ان نهرب من الاحزان والآلام بالفرجة على الجمال الريان.
اسئلة كثيرة متلاحقة قد لا نجد لها اجابات محددة، لكننا نقول جازمين: ان الحياة الرتيبة التي نعيشها والخوف من المجهول والاخبار المزعجة في القنوات الفضائية مشاهد القتل والدمار واخبار المفخخات والصواريخ والتفجيرات تجعلنا لا شعوريا نهرب الى عالم الجمال المفخخ ايضا لكن بدون تدمير الجسد وقتله، بل لتفخيخ الاعصاب لننفجر في بعضنا إما غضبا واما ضحكا.

#رحاب_الهندي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل