أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم المطير - الرواية البوليسية تغزو مطابع روسيا















المزيد.....

الرواية البوليسية تغزو مطابع روسيا


جاسم المطير

الحوار المتمدن-العدد: 2227 - 2008 / 3 / 21 - 06:09
المحور: الادب والفن
    


مفارقة ثقافية – روائية كبرى في المجتمع الروسي
جاسم المطير :
شدّت التغيرات الجارية في روسيا جميع نواحي الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية بعد انهيار النظام السوفييتي . وهذه التغييرات لا تنفك تعمل وتصوغ الأشياء الجديدة في كل ناحية من حياة الناس الروس .
من الموضوعات المتغيرة التي يثار حولها نقاش كثير في سير أحداث التاريخ الثقافي الروسي المعاصر هو الذي يتعلق بالبناء الفكري الجديد في الرواية الروسية وفي القصة المعدة للسينما . فقد تبلورت في السنوات العشرة الأخيرة مفاهيم روائية جديدة وأساليب جديدة وأغراض جديدة وقد انطلق روائيو روسيا نحو معالجات يعتقدون أنها تتماشى مع رغبات وأمزجة القراء الروس الذين يجدون متعتهم اليومية في قراءة القصص والروايات وهو الإرث الذي جاءهم من السياسة الثقافية السوفييتية السابقة ، فازدهر في هذه الفترة فن روائي لم يكن رائجا خلال القرن الماضي وما قبله وهو فن " الرواية البوليسية " التي كانت قد توفرت شروط نموها في الغرب الرأسمالي خصوصا في القرن العشرين بينما كان الأدب الروائي الروسي خلال نفس الفترة تقريبا قد ازدهر فيه الأدب الروائي المبني على الايديولوجيا أو على النمط الكلاسيكي .
ليس غريبا حدوث مثل هذا التغيير خاصة وقد أصبح فن الرواية البوليسية في السينما هو البدعة الأكثر انتشارا في عصر الفضائيات لأنه الفن الذي يواجه القارئ أو مشاهد الفيلم المعتمد على حركة الخيال الدرامي ويقدم له متعة الإغراء البوليسي المستمر في كشف الأحداث والوقائع المتعلقة بجريمة معينة . لذلك فان أدب الرواية البوليسية لقي إقبالا كثيفا بين جمهور القراء الروس في أواخر تسعينات القرن الفائت وذلك بغض النظر عن جودة المعروض منها أو نوعية السرد أو قيمة الأسلوب المستخدم .
الشيء الغريب أو الملفت في التطور الروائي الروسي أن عدد " الروائيات " هو الأكثر حضورا من " الروائيين " بل ان كتبهن صارت أكثر بيعا في الأسواق وأكثر تأثيرا على أذواق القراء ، وكما تقول المصادر الصحفية الروسية فأن الضخ الروائي يأتي كبيرا وسريعا من روائيات روسيات أصبحن نجمات هذا الصنف الأدبي.
فمثلا هناك الكاتبة " تاتيانا أوستينوفا " يعتبرها النقاد الروس الجدد ومتابعو هذا الفن في عروض الكتب على الصحافة اليومية والأدبية واحدة من أفضل كاتبات الرواية الروسية البوليسية وقد دخلت بسرعة عالم الشهرة ومن أوسع أبوابه حسب رأي النقاد، تغيرت حياتها المهنية بعد فقدانها وظيفتها ولم تكن تعلم أنها تدخل عالم الشهرة من أوسع أبوابه حين باشرت بكتابة الرواية البوليسية . فهي تعتقد أن العصر الحالي هو عصر الرواية البوليسية ، وان روسيا بحاجة إلى هذا النوع الأدبي أكثر من غيره ، بل هي تعتقد أن الإنسان الروسي يحتاج في هذا الزمان إلى نوع من الكتب الخفيفة المسلية ومن ضمنها كتب الروايات البوليسية ، فقد تحدثت إلى الصحافة قائلة : " أعتقد أنه آن الأوان لوجود القصة البوليسية في روسيا ونستطيع القول إنه منذ 15 عاما بدأ العصر الذهبي " للكتب الخفيفة " والكتب الأدبية إجمالا، فأدبيات العهد السوفيتي انقسمت ما بين الكلاسيكية والموالية للسلطة مثل ألكسي تولستوي وميخائيل شولوخوف، أما القصص البوليسية فكانت تعد صنفا غير محترم في الأدب خلال تلك الحقبة ".
هناك كاتبة روائية أخرى برزت على الساحة الأدبية الروسية خلال السنوات الأخيرة واسمها " يوليا لاتينانا " تعزو الإقبال الكبير من القراء الروس على هذا الصنف الأدبي إلى تطور طبيعي وسليم للمجتمع واختلاف الأوضاع السياسية والاقتصادية التي سمحت له بالانتشار.
ربما يكون مثل هذا الرأي واسع الانتشار في الميدان الأدبي الروسي الجديد لأن الروايات البوليسية كانت موجودة لكنها كانت محدودة جدا في العهد السوفيتي وعندما تغيرت الأوضاع أصبح كل شيء مباحا وحرا في المجتمع الروسي الذي عمت فيه الفوضى والجريمة وعصابات المافيا وبدأ الناس في مطالعة الروايات التي لا تتحدث فقط عن بناء الشيوعية بل تتحدث أيضا عن الحب والعنف والجريمة وهو شيء أصبح طبيعيا في المجتمع الروسي الجديد مما مهد لانتشار فن الرواية البوليسية الذي ظهر بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ووجد أرضه الخصبة مع تفشي الجريمة اليومية والمتنوعة في الشوارع المفتوحة وفي الشقق المغلقة ، ومع مرور الوقت أصبح هذا الفن الحديث قبلة جديدة للقراء الباحثين عن المتعة السريعة المناسبة والمتلائمة مع انتشار وجبات الأكل السريع والسياحة السريعة ومحاولات الحصول على الثروة السريعة بمختلف الوسائل . .فلم يمض الكثير من الوقت حتى غزت الروايات البوليسية مجالي السينما والتلفاز وسرعان ما تحولت أشهر هذه القصص إلى أفلام ومسلسلات لاقت رواجا في روسيا وبعض دول الاتحاد السوفيتي السابق.
بصورة عامة يمكن القول ان سوق الطباعة وتوزيع كتب الرواية البوليسية شهدت نهوضا كبيرا وقياسيا . اليوم يوجد عدد كبير من المؤلفين يصدرون أعدادا كبيرة من المؤلفات وبمئات الآلاف من النسخ في الطبعة الواحدة . في السابق كان المعتاد أن تصدر دار النشر للمؤلف المغمور ما بين 5 إلى 7 آلاف نسخة. أما مؤلفة جديدة مثل " داريا دونتسوفا " فتصدر تقريبا نحو مليون نسخة حسب إحصائيات عام 2007 فصارت الرواية البوليسية تحتل المرتبة الأولى من حيث اهتمام القراء.
انتشار هذا الفن الأدبي بين النساء الروسيات سواء على مستوى التأليف أو القراءة يرجعه البعض إلى ارتفاع نسبة القراء النساء في روسيا والتي تصل في بعض الإحصاءات إلى 70 % من إجمالي جمهور القراء متفوقة بذلك على مبيعات روايات عظيمة مثل الحرب والسلم ، والأم ، وآنا كارنينا ، وحتى على رواية الجريمة والعقاب .
ورغم مرور عقد واحد فقط على انتشار هذا الفن القصصي فقد تربعت " الرواية البوليسية " على عرش أرقام التوزيع وهي الأرقام التي تحدد في النهاية قابلية هذا النوع الروائي للحياة في سوق الكتب والأدب التي صارت فيها الكتب الروسية الكلاسيكية والرومانسية والعاطفية العملاقة لكتاب كبار مثل تشيخوف، وتولستوي ، ومكسيم غوركي ، وشولوخوف ، ودستويفسكي ، وبوشكين ، وجوجول ، ولبرمنتوف وغيرهم فقد أصبحت مؤلفاتهم من كتب المرتبة الثانية ، كما تشير إلى ذلك بعض الصحف الروسية .
ترى هل يستمر تفوق هذا الخطاب الروائي التحديثي في روسيا التي كان ادبها خلال القرنين الماضيين واقفا في افق عالمي معبرا عن أصالة الفن الكلاسيكي والتراث الروائي العالمي ..؟
انها مفارقة ثقافية ربما تكون خاطفة أو طارئة وربما تكون نتيجة طبيعية لواقع المجتمع الروسي المعاصر .



#جاسم_المطير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن معاناة اللاجئين العراقيين
- عن المحروس المهموس المهووس مهرجان المربد
- عن المعلم طرطميس الذي لا يعرف الجمعة من الخميس ..!!
- تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي ..!
- هل يطلع من الحافي نعال ..؟
- عن بناء شاهق في امستردام
- قراءة في كتاب
- عن الموظفين والعمال العراقيين
- عن التنورة القصيرة في اندنوسيا
- عن فيلم سينمائي اسمه بابل
- عن وسائل الارهابيين في بغداد
- عن الحمير والفيلة ..!!
- عن حملة فرض القانون في الموصل الحدباء
- مدنيون
- حول العلم العراقي
- عن تكريم الرموز العراقية
- حول نداء الديمقراطيين العراقيين
- حول اجتثاث البعث
- المرأة والديمقراطية
- اراء في الديمقراطية


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم المطير - الرواية البوليسية تغزو مطابع روسيا