سعيد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 2221 - 2008 / 3 / 15 - 10:07
المحور:
القضية الفلسطينية
((مابين السطور))
لقد برع الصهاينة بل تفردوا في فن وإستراتيجية المماطلة والتلاعب بمفاهيم وترجمة المصطلحات, فتراهم يتشددون في أي مصطلح مطاطي يتيح لهم تفعيل غرائز القتل والإقصاء والتي هي في معاجمهم الصهيونية التوراتية سبب بقائهم واستمرارهم, فمنذ بزوغ فجر التاريخ وقد عرف عنهم المماطلة وتعجيز الآخر وقد مارس اليهود هذه "العلم الصهيوني" مع نبي الله موسى عليه السلام, وكلما نفذ لهم طلب طلبوا المزيد وان أعطوا المزيد طلبوا ماهو غير موجود حتى في الطبيعة الخلقية, وفي عصر الاحتلال وادعاء الرغبة في السلام, فيقال أن الاستيطان يدمر كل مفاهيم السلام, فتراهم يتحدثون عن تطوير مستوطنات أو كما يعبرون عنه"نمو طبيعي" أو بناء في حدود القائم منها, بل تراهم يتحدثون تارة عن مستوطنات بغرض امني وتارة أخرى مستوطنات بغرض سياسي , لانهاية لأيدلوجيتهم المطاطية البشعة, والقائمة على غريزتي القتل والاستيطان, وان أصاب تلك الغريزة عطب فان ذلك يعني تهديد لمصير كيانهم, لان ذلك العطل يعني المساس باركان وأساسيات الكيان الصهيوني, القائم على أنقاض تاريخ ووجود شعب آخر, ضارب بجذوره في أعماق تاريخ المنطقة.
وفي نفس السياق نجد أن هؤلاء الصهاينة لاينظرون ولا يخططون لمسافة لا تتجاوز أطراف أقدامهم مثلنا, بل يستخدمون كل اخاديعهم وشراكهم لترسم المشهد بعد قرن أو نصف قرن, فبالعودة للوراء ستون عاما نجدهم استخدموا ما ميزتهم به شياطين الكون من شعب الله المكار والله خير الماكرين, وقد ابتزوا القوى العظمى وتآمروا معهم في استصدار قرار الأمم المتحدة"242" واعتمدوا الأيدلوجية المطاطية , حتى تكون لهم طوق نجاة من أي تغير في موازين قوى القانون الدولي, فقد ادخلوا جزء من مصطلح ساهم ويساهم في ضياع وطن, حيث إدراج النص الانجليزي على خلاف النص الفرنسي, للقرار "242" ( حيث يفيد النص الانجليزي بالانسحاب من "أراضي" احتلت عام 67,,, بينما النص الفرنسي الذي عرض للاطلاع,, يتحدث عن انسحاب من" الأراضي" التي احتلت عام 67 وشتان بين هذا وذاك)) والفرق بينهما كما الحيز بين الثرى والثريا, بل الفرق هو ضياع وطن في لغة القانون الدولي, ولعلي استذكر الهبة العربية في وجه" بطرس غالي" عندما قال أن القرار "242" ليس في مصلحة القضية ولا يقر بإنهاء الاحتلال والجلاء, لكنها الحقيقة التي يصعب أو لإيراد تصديقها دائما.
واليوم وفي ذروة العدوان الصهيوني, وذروة المقاومة, وذروة المؤامرة, تسقط علينا مصطلحات قمة في المطاطية والتي تتيح لعدو ممارسة هوايته وغريزته الأيدلوجية, دون أن يتهم بالإخلال بأصول الاتفاق, يطل علينا مصطلح حديث وله مفهوم مطاطي, ملزم للمقاومة ومطاطي لإرهاب الدولة العبرية, انه مصطلح" التهدئة" ولا ادري ماذا تعني التهدئة, لاوجود لها في القاموس السياسي أو القانوني الوضعي, وحتى أنني بحثت عنها دون اللجوء إلى مطاطية الاختيار في أصول العلاقات الدولية في الإسلام دون تأويل أو تشبيه, فلم أجد لها مكان في غير معجم المصطلحات اللغوية, كتصغير للهدوء أي لاترقى إلى الهدوء الطبيعي, فهناك "الهدنة" و"المهادنة" و"المسالمة" و"الموادعة"و" المعاهدة" وفي مجملها شرعيا " صلح مؤقت" , أي مصالحة أهل الحرب على ترك القتال مدة معينة بعوض أو بغيره, سواء أكان فيهم من يقر على دينه, ومن لم يقر, دون أن يكون تحت حكم الإسلام, أو هو صلح يقع بين زعيمين في زمن معلوم بشروط مخصوصة, كل هذا قريب من تعريف" الهدنة" عند القانونيين الدوليين, فإنهم قالوا: الهدنة هي كل اتفاق له أهمية سياسية أساسية بين قوات المتحاربين لوقف القتال بصفة مؤقتة.((* العلاقات الدولية في الإسلام مقارنة بالقانون الدولي الحديث* د.عبد الوهاب الزحيلي)).
أما التهدئة كمصطلح لغوي , لاتفيد الوقف الكامل لأعمال الحرب, بل ربما تخفيف حدتها وتفادي توسعها, ولعل الحديث يدور عن أو رغبة صهيونية شفهية بتهدئة مع المقاومة الفلسطينية, والتي تنصب "حماس" نفسها ناطقة باسمها سواء بتوافق مع بعضها, أو تليويح بإلزام المتخلف في حال استيفاء شروطها, وبالمتابعة نجد أن الكيان الصهيوني يريد أن يجسد عمليا مفهوم مطاطيا لمصطلح أكثر مطاطية, فنجد ذلك الكيان يقلع قليلا وأثناء فترة الحديث عن تفعيل " التهدئة" عن أيدلوجية القتل الجماعي, ويهدئ غريزته الدموية وفق المفهوم المطاطي, لاستهداف " النخبة" أي نخبة المقاومة, أي القيادات الميدانية الفاعلة, بل يريد فرض مفهوم خاص لتلك التهدئة المطاطية, وذلك بالعمل على استثمار الوضع الوطني الاستثنائي القائم للفصل بين جناحي الوطن, في غزة والضفة الغربية, بحيث يوقف الاغتيالات والأعمال الحربية ليزيد من فاعلية الإعدادات والتجهيزات للعدوان الكبير لاحقا على قطاع غزة, ويطلق لجيشه ومستعربيه الدمويين "الحبل على غاربه" لاستهداف وتصفية نخبة المقاومة في الضفة الغربية, وربما ادعاء الصهاينة بإدخال حيز التهدئة حيث الوساطة المصرية مع المقاومة الفلسطينية في غزة"حماس وجهاد إسلامي" تحديدا بموجب أنهما الفصيلين من المقاومة التي تجري الحديث مع الجانب المصري كوسيط, وسواء حدوث اتفاق سري بالتهدئة , أو عدم حدوثه رغم حديث وسائل الإعلام, فنجد أن الكيان الصهيوني وعلى سبيل تجسيد فصل الأرض والإنسان والقضية بين الضفة وغزة, والتطبيق الانتقائي للمفهوم المطاط" للتهدئة" ليضع ذلك المفهوم, أو الالتزام الشفهي لعقد مثل ذلك الاتفاق, يجري تجربة خطيرة, وذلك بارتكاب مجزرة بشعة في صفوف المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية, وحتما كان ذلك اختبارا قاسيا, وذلك باغتيال وإعدام خمسة من نخبة قيادات المقاومة" للجهاد الإسلامي وفتح" في الضفة الغربية, حيث الانتقائية الدموية ديموغرافيا, أعدمت القوات الإجرامية الصهيونية أربعة مجاهدين من خيرة أبناء وقيادات" سرايا القدس" التابعة للجهاد الإسلامي, وقائدا ميدانيا من كتائب شهداء الأقصى, وانتظروا النتيجة, وقد جاء رد الجهاد الإسلامي ولم يتأخر على اختبارهم الدموي, وذلك بقصف مغتصبة" سديروت" بوابل من صواريخ المقاومة, معلنا وحدة شطري الوطن ووحدة الدم الفلسطيني, وأي حديث عن تهدئة هو مجرد عبث مع مثل أيدلوجيتهم الصهيونية, لن يتوقفوا عن أعمال القتل والتدمير لان التهدئة بمفهومنا غير تهدئة بمفهومهم, بل تجدهم ينكرون علينا الندية, وربما يدعون كما ورد على لسان الصهيوني المتحدث باسم الكيان الصهيوني اليوم"" في فضائية الجزيرة"" أنهم يستهدفون الإرهابيون في الضفة الغربية!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!أنعم وأكرم بالرأي الآخر!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.
وعليه لن نستطيع مقارعة هذا الكيان الشيطاني بمصطلحات التهدئة المطاطية, ولامخرج لنا إلا وحدة الخندق السياسي ووحدة خندق المقاومة, وأي طمس لإحدى الخندقين يعني جعل الميدان وفي عمقنا, أرضية خصبة للعبث الدموي الصهيوني, الذي قد يظهر عداءة اليوم لمسمى وطني منا دون آخر, فينقلب غدا ليظهر العداء للآخر ويدعي بموادعة عدو الأمس, وفي حقيقة الأمر كلنا إرهابيون في نظر ذلك الكيان الغاصب, ومن الجريمة أن نسوق له أيدلوجيته الانتقائية الدموية بمصطلحات مطاطية, وربما نؤمن فقط في حال التوافق بين خطي المقاومة والسياسة, أن يتم الاتفاق على تخفيض وتيرة المقاومة لصالح خط السياسة لاختبار ماهو جديد بادعاء العدو, أو العكس في حال الانتكاسات المستمرة في العملية السياسية حيث المماطلة الصهيونية والتهرب من أي استحقاقات سياسية, يمكن أن تزيد وتيرة المقاومة كسلوك طبيعي, ولا نؤمن بأيدلوجية الرد المؤقت, بل المقاومة والمفاوضات هما شرع وطني سياسي ولايمكن الفصل بينهما من اجل كنس الاحتلال, ومن الجريمة أن نترك لهذا الكيان المتربص بالكل الوطني الفلسطيني, أن يتراقص على شتاتنا ليلعب بمكر على وقع تعدد رؤوس ادعاء الشرعية , فشرعيتنا واحدة رغم المأساة القاتلة التي نعيشها, والذي يعتقد البعض الواهم أن الوضع الطارئ سوف يتم تكريسه إلى مالا نهاية.
ولعلي في نهاية حديثي أقول من منطلق وطني شامل محذرا وناصحا, أن هذا الكيان الصهيوني لا يؤتمن, ومن يعتقد انه وبوساطة عربية من المحيط القريب , إلى الخليج البعيد, انه حصل على صك براءة واستثناء من التصفية, فاني أشفق عليه , فلا عهد للصهاينة اليهود, سوف لن يطول انقضاضه على من اعتقد انه في مأمن وصعد من لهجته ليزيد الشرخ الوطني, اتقوا الله في أنفسكم وفي شعبكم, واذهبوا بصوت واحد وعلى قلب رجل واحد , خلف قيادة فلسطينية واحدة ففي ذلك وحده الخلاص والانجاز.
#سعيد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟