أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - اسماعين يعقوبي - المجتمع المدني في الفكر المعاصر -الجزء الرابع-















المزيد.....

المجتمع المدني في الفكر المعاصر -الجزء الرابع-


اسماعين يعقوبي

الحوار المتمدن-العدد: 2200 - 2008 / 2 / 23 - 11:20
المحور: المجتمع المدني
    


معيقات تطور المجتمع المدني:

ان المجتمع المدني في المغرب لا زال يشكو من عدة معوقات ساهمت وتساهم في تعطيل التعجيل بظهور هذا المجتمع إلى حيز الوجود في صورة كاملة خصوصا انه أصبح يحتل حيزا كبيرا في المخيال الاجتماعي والخطاب السياسي المغربي سواء على المستوى الرسمي أو الأكاديمي بل حتى على المستوى الشعبي مما دفع بالبعض إلى التحدث عن تصورات عن المجتمع المدني, ما دامت هناك عوامل تؤكد ضعف هذا المجتمع وتحول دون قيام مؤسساته بالدور المنوط بها من تاطير وتنظيم وحسن تمثيل للمجتمع والدفاع عن حقوقه.
ان المقومات الضرورية لقيام مجتمع مدني بالمغرب من نقابات ونوادي و جمعيات وجامعات ومنظمات غير حكومية متوفرة إلى حد ما, غير ان هذه المؤسسات عاجزة عن ترجمة دورها والارتقاء بنفسها إلى مؤسسات مدنية. فما هي العوامل التي حالت دون ذلك?
ان البحث في هذه النقطة سيجرنا إلى تحليل المعيقات الذاتية المرتبطة بمؤسسات المجتمع المدني, وكذا المعيقات الموضوعية المرتبطة أساسا بالدولة والوضعية السوسيو-اقتصادية.

المعيقات الذاتية لفعالية المجتمع المدني:

أ- غياب التأصيل النظري للمجتمع المدني:

ان الزخم الكمي الذي يتعلق بالمجتمع المدني يغلب عليه الطابع الوصفي مع غياب شبه تام لدراسات فكرية. حيث ان الاستعمال الكبير والمتزايد للمفهوم لم يوازيه تأصيل نظري وتعريف للمفهوم مما يجعل المفهوم استهلاكيا أكثر منه محللا للأوضاع وناقدا لها لكون المفهوم لا يحدد ولا يعرف إطلاقا داخل القواميس بل في نطاق سياقاته الدلالية الفلسفية أي ضمن المذهب أو النظرية التي يؤسسها الفيلسوف لتشكيل نظريته الخاصة إلى العالم. لقد تم اللجوء إلى المجتمع المدني دون قصد وتنظير مسبق أي لم تشتغل بوازع معرفي و فكري. حيث جاء التعرف على المفهوم عبر الاهتمام المتزايد الذي لاقته مؤلفات غرامشي بعد السبعينيات، فلم يكن احد المفاهيم المتداولة في الخطاب النظري السياسي أو في الخطاب الإيديولوجي، فالأسباب الرئيسية التي أدت إلى ظهوره هي أسباب سياسية واجتماعية أكثر من كونها أسباب فكرية استلزمت حضوره في هذا الوقت تحديداً.
فلم يقترن بتلك الشروط التاريخية لنشوء فكرة المجتمع المدني ( التي تشكل جوهر المفهوم )، أو بمعنى آخر لم يرتكز على خلفية فلسفية تؤسس نظرياً له، فلم يكن الاهتمام بتأصيل المفهوم بقدر الاكتفاء باستدعائه في آخر صيغة له.
و قد أدى غياب التأصيل النظري للمفهوم إلى انقسام الفكر المغربي إلى تيارات متعددة في التعامل مع هذا المفهوم، أدت إلى حرب عقيمة بين هذه التيارات الثقافية، في ظل واقع يرزح في تخلفه منتظراً فكراً يستجيب لحاجات انتقاله إلى مجتمع مدني حقيقي. هذا الخلاف الحاد حول المجتمع المدني لم يكن خلافا حول مضمون المفهوم وتاريخيته بل كان في جوهره صراعاً سياسياً.

ب- هشاشة تكوين الفاعلين المدنيين:

ان هذه الهشاشة تجد أصلها أساسا في الدولة التي عملت عبر أجهزتها الإعلامية والتربوية على إعادة إنتاج قيمها وتسريبها داخل المجتمع بكل الوسائل المتاحة لها.
يضاف إلى هذا كون معظم الفاعلين المدنيين كانوا –أو لا يزالون- مناضلين في أحزاب سياسية تتبنى منطقا معينا في التنظيم لا يعتمد الفعالية والعمل الميداني.
كل هذا أنتج مجموعة من المناضلين المتكونين إلى حد ما فكريا لكن تنقصهم العملية والاحتكاك اليومي مع المواطنين لتقديم بدائل للأشياء المنتقدة كما يسجل لديهم نقص كبير المستويات المسطرية, الممارساتية والتنظيمية. فقد أصبح لزاما العمل على خلق بنية تنظيمية مغايرة تنسجم مع الواقع الجديد. هذه البنية التي يجب أن تنطلق من ضرورة الفصل بين الأجهزة والتوفر على ممثلين ذوو مهنية عالية والتفرغ والاستقلالية لتحمل المسؤولية كاملة. ولعل هذه النقطة التنظيمية تعتبر من التحديات التي تواجه العديد من الجمعيات والمؤسسات التي تبنت مشاريع تنموية.
هناك أيضا تحد ثان يتمثل في أن المشاريع تضع مصداقية المؤسسات أمام محك عسير حيث عليها ان تثبت انتقادها للدولة عبر تقديم بدائل في النزاهة والشفافية والتضحية والديموقراطية. إلا انه غالبا ما نلاحظ فشل العديد من التنظيمات في إثبات مصداقيتها في علاقتها مع الفئات المستهدفة من هذه المشاريع، وهو ما يعني أننا نعيش في واقع مؤسف أهم سماته لهاث العديد من الجمعيات والتنظيمات وراء مشاريع تنموية من أجل تحقيق أغراض شخصية ومصالح مادية ضيقة، حيث نجد في بعض الأحيان رفوف مقرات هذه الجمعيات تحوي تقارير كاذبة عن أنشطة وهمية وعن إنجازات تنموية تمويهية، هذه التجاوزات تتم في بعض الأحيان بتواطؤ مع المنسقين والمراقبين الذين عينوا من أجل المراقبة و المتابعة.
وبهذا يصبح الفارق بين مشروع تبنته الدولة ومشروع مدني غير واضح للعيان تنظيما, تسييرا, مراقبة ونتاجا.

ت- التعامل الانتقائي مع الظواهر وغياب التلاحم بين القواعد والقيادات:

لقد عملت بعض مؤسسات المجتمع المدني في مجالات وميادين متعددة لكن دون رؤية عامة تأخذ بعين الاعتبار أوضاع البلاد والإصلاحات اللازمة لجر قافلة التنمية مما جعل النتائج على المستوى العام لم ترق إلى المستوى المنشود رغم الإمكانيات والوقت المخصص لذلك، فما زالت نسبة الأمية مرتفعة خاصة في العالم القروي، وعدد المقصيين يزداد يوما بعد يوم.
وقد أعادت العديد من الجمعيات والمنظمات اجترار ما اعتدناه من سياسة الدولة التي كانت بارعة في إعطاء إحصائيات غير حقيقية، وحتى إن نجحت بعض المشاريع الجمعوية وفي حيز ضيق وبمناطق ومجالات محدودة إلا أنه يجدر بنا التذكير هنا إلى أنه لا يجب أن تتحول مشاريع الجمعيات إلى قرص مسكن لأوجاع الدولة فليس هذا هو دور الجمعيات التاريخي الذي من أجله أنشئت، كما أن الجمعيات لا يمكنها أن تقوم مقام الدولة التي عليها وحدها حل معضلات المجتمع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبالتالي تغيير السياسات القائمة، وتثبيت ديمقراطية عميقة في المجتمع بدءا بالتنظيمات السياسية والمهنية ومرورا بمحاربة الرشوة والجرائم الاقتصادية وانتهاءا بتأطير وتنظيم كافة المقصيين والمستغلين من أجل معركة حاسمة تروم تحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والمواطنة الحقيقية باعتبارها مبادئ مقدسة.
ان المشاريع الجمعوية في أغلبها يمكن إدراجها في خانة التنموية التي تأخذ طابع الصدقة والإحسان لأنها بكل بساطة أغفلت الجانب الحقوقي في مقاربتها لمسألة التنمية باعتبارها حقا من الحقوق الإنسانية، وجب تحقيقه عن طريق سن سياسة الحماية الاجتماعية وليس عن طريق التضامن العاطفي للأغنياء على الفقراء، فقد كان لزاما على المجتمع المدني أن تفرض على الدولة إحداث نظام للحماية الاجتماعية لمساعدة كل المهمشين والمقصيين وتمكينهم من حقهم في الكرامة الإنسانية ومن الحق في التنمية. إن محاربة الفقر والإقصاء والتهميش يجب أن ينطلق بالأساس من مبدأ تثبيت المواطنة الحقيقية لكل المغاربة دون تمييز، لأن الفقر والإقصاء ليسا قدرا محتوما بل هما من نتائج اختيارات سياسية.
وفي المقابل, تكرس العديد من المؤسسات المدنية سياسة الاستغلال في تشغيلها للأطر الجمعوية ولا تراعي في أغلبها الحقوق الاجتماعية للعاملين بمشاريعها التنموية من حد أدنى للجور, ضمان اجتماعي وترسيم مما دفع العديد من الرأسماليين إلى اختيار وجهة المجتمع المدني للاستثمار على شكل تعاونيات وذلك قصد الاستفادة من الإعفاءات الضريبية وتشغيل الأطر بدون ضمانات وبأجور هزيلة. وظهرت طبقة جديدة اغتنت بفعل مشاريع تنموية منجزة من طرف الجمعيات وبدأت بدورها تمارس الترف الزائف كما كرست الإقصاء والتهميش والتمييز وتتعامل بمنطق دولة الرعية بدل دولة المواطنة والحق و القانون.
كما ان تأسيس بعض منظمات المجتمع المدني يأتي بقرارات من أعلى مما يفتح المجال إمام إسناد المهام لأبرع الناس في انتهاز الصفوف الأولى في الوقت المناسب و ليس لأشدهم إخلاصا و أكبرهم نزاهة.
ونظرا لكون المجتمع المدني في غالبه غير محفوف بالمخاطر فالتسابق نحو سلم المسؤولية هو في الواقع تسابقا نحو الامتيازات التي كانت تنتج عن هذه المسؤولية في جميع مستوياته. فكان توزيع هذه الامتيازات هو الوسيلة الرئيسية للتعيين في المنصب أو للضغط.
وينتج عن كل هذا تغييب القواعد التي تتحول إلى ما يشبه متسولين ينتظرون الصدقات وحل مشاكلهم بعيدا عن كل مشاركة ترقى بهم إلى أعلى ويتم تغليب الحسابات الشخصية على حساب الرأي السديد كنتاج للقصور الحاد في التشبع بالقيم الديموقراطية في النقاش والتشاور و المبادرات والتصريحات و في لغة الخطاب.
كل هذا يجعل العمل المدني يصاب بنوع من الرتابة والاستنساخ المكرر ويخلق إحساسا عميقا لدى الفاعلين بالانحباس والالتباس وهلامية الأفق و قد ينتج عن ذلك بعض التشنجات والانفلاتات.

ث- العداء لمفهموم المجتمع المدني من طرف بعض القوى السياسية:

ان التوجه الذي كان سائدا في المعسكر الشرقي اعتبر ان المجتع المدني و ما يتولد عنه من ديموقراطية وحقوق الانسان... رافدا من روافد الفكر الغربي الرأسمالي و التي تهدف الى تسميم منظومة التطبيق العملي الماركسي وكذلك الإساءة لمنطلقاتها النظرية.
وقد تاثر جزء من اليسار المغربي بالتجربة السوفييتية واتخذوا موقفا مماثلا من الإطارات المدنية والتي حاولوا محاصرتها بالفكر الثوري البروليتاري او تفجيرها من الداخل.
ورغم المتغيرات الجديدة وانهيار التجارب الحديدية, لازالت تيارات محدودة العدد والتاثير متمسكة بالخيار الستاليني وتحاول اقتلاع كل فكر مخالف بدعوى العمالة والتشويش على نضالات الطبقة العاملة وحلفائها معتمدين في ذلك على جمل ثورية من نصوص في كتب حمراء مقتلعة من سياقها التاريخي وغير مسايرة للتحولات العالمية, الجهوية والوطنية, ودون مراعاة كذلك للشروط التاريخية للصراع ولخصوصية القطاعات وأشكال ممارسة الصراع الطبقي.

www.smainey.skyblog.com



#اسماعين_يعقوبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجتمع المدني في الفكر المعاصر -الجزء الثالث-
- المجتمع المدني في الفكر المعاصر-الجزء الثاني-
- المجتمع المدني في الفكر المعاصر -الجزء الاول-
- دراسة تقريبية لمستوى عيش المواطن المغربي
- ملاحظات أولية حول حركة الخيار اليساري الديموقراطي القاعدي
- الحقيقة أولا،ثانيا،وأخيرا
- اليسار المغربي وتجربة الحلم بلا غبار
- الصفقات العمومية بالمغرب بين القانون والتطبيق
- سننظر في حال الجياع
- الديموقراطية المغربية:هامش ديموقراطي أم فراغ ديموقراطي
- قصر الثلج: قصر الظلام
- قانون السير بالمغرب :الواقع الرمادي والأفق الأسود


المزيد.....




- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...
- مسؤول أمريكي: قرار وقف النار وتبادل الأسرى بيد السنوار.. وقد ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - اسماعين يعقوبي - المجتمع المدني في الفكر المعاصر -الجزء الرابع-