أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل السلحوت - وقضى ربك.....قصة للأطفال














المزيد.....

وقضى ربك.....قصة للأطفال


جميل السلحوت
روائي

(Jamil Salhut)


الحوار المتمدن-العدد: 2197 - 2008 / 2 / 20 - 11:43
المحور: الادب والفن
    



يعيش سعيد مع زوجته واطفاله الثلاثة ووالده العجوز . الأسرة متحابة وسعيدة ... كلهم يتمازحون ويمرحون ، ويجلسون أمام شاشة التلفاز ليلاً إلا أبا سعيد الذي يبقى مستلقياً على فراشه تحت وطأة أمراض الشيخوخة ، والوحدة التي أصبح يعاني منها بعد وفاة زوجته أمّ سعيد منذ ثلاثة أعوام .
زوجة سعيد تقدم وجبات الطعام لوالد زوجها بانتظام وفي أوقات محددة . أمّا سعيد فيكتفي بطرح تحية الصباح على والده قبل أن يذهب الى عمله ، وتحية المساء عندما يعود . وأبو سعيد لا يغادر فراشه إلا الى الحمام لقضاء الحاجة متكئاً على جدران المنزل وبصعوبة بالغة ، وأيام الجمعة يساعده ابنه سعيد بالاستحمام واستبدال الملابس، لكن حالته الصحية تزداد سوءاً يوماً بعد يوم حتى صار قعيد الفراش ، لا يقوى على تحريك أطرافه .
أبو سعيد مُمدد على فراشه وشريط ذكرياته يدور دون توقف ، أحلام وردية ترسم بسمة على شفتيه، وهو يتذكر أيام الصّبا والشباب ، فيشعر بالرضا عن نفسه ، مطمئناً أن هذه سُنّة الحياة ، وأنه سيلاقي وجه ربه راضياً مرضياً، بينما سعيد حزين على وضع أبيه الصحي ، فكان يصلي الفجر ، ويحضر قهوة الصباح والإفطار لوالده ، يُطعمه ويسقيه بيديه ، ويقوم بتحميمه، ويُبدل له ملابسه قبل أن يذهب الى عمله ، وبعد أن يوصي زوجته برعاية والده .
وعندما يعود مساءًا يطعمه وجبة العشاء، ويحممه مرةً أخرى، ويبدل له ملابسه ، فيردد الوالد الله يرضى عليك يا ابني مرات كثيرة ، فيشعر سعيد أن الحياة تبتسم له ، فيلجأ إلى كتاب الله يقرأ ما تيسّر من آي الذكر الحكيم ، داعياً الله بالختام أن يفرج كرب والده ، وذات يوم قرأ قوله تعالى : " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ، إمّا يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما ، فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً ، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا " فترقرت الدموع في عينيه، وهو يتذكر والدته المرحومة التي قضت نحبها عندما توقف قلبها دون سابق إنذار ، فسأل الله لها الرحمة ، وصمّم أن يقوم برعاية والده خير رعاية حتى يختاره الله الى جواره ، وحرصاً منه على عدم التقصير في حق والده، ذهب إلى أحد الحكماء للإستشارة وطلبا للنصيحة ، فشرح للحكيم حال والده، وأخبره بأنه يقوم بإطعامه ثلاث وجبات في أوقاتها ،ويحممه ويستبدل ملابسه صباح مساء ، فقال له الحكيم: أنت مقصر مع والدك ، إنتبه لقصورك وعدّله قبل فوات الأوان .. فشكر سعيد الحكيم وعاد إلى بيته حزيناً .. وقرر أن يأخذ إجازة من عمله ليتفرغ لخدمة والده ، وأصبح يُطعم والده خمس وجبات، ويحممه ثلاث مرات يومياً .. وبعد أسبوع عاد الى الحكيم وأخبره بما يقوم به في رعاية والده .. فقال له الحكيم ما قاله له في المرة الأولى . فعاد سعيد إلى بيته مهموماً مغموماً، وقرر أن يُبقى الطعام أمام والده طيلة النهار، وألا يأكل هو وزوجته وأطفاله إلا ما يتبقى بعد أن يشبع والده ، وأن يقوم بتحميمه واستبدال ملابسه خمس مرات في اليوم .. وبعد الأسبوع الثاني عاد الى الحكيم نفسه، وأخبره أن والده قد توفاه الله، فقال له الحكيم : ادعُ ربك له ولك بالغفران والرحمة، فقد قصرت معه يا بني . فاحتار سعيد بأمر الحكيم وسأله : وماذا كان بإمكاني أن أفعله ولم أفعله حتى أتلافى التقصير ؟؟ فأجاب الحكيم : عندما كنت قاصراً في طفولتك كان - رحمه الله - يرعاك بشكل فائق ،ويدعو الله لك بطول العمر وبالسعادة،منتظرا اليوم الذي تكبرفيه وتصير شابا، بينما أنت كنت ترعاه وأنت تـتأفف منه، وتدعو الله بأن يرحمه ويستعجل بوفاته .. وهناك فرق بين من تدعو له بالموت بينما هو يدعو لك بالحياة .. فبكى سعيد حتى احمرت عيناه وتأكد أنه كان مقصرا في رعاية والده .



#جميل_السلحوت (هاشتاغ)       Jamil_Salhut#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغول :قصة للاطفال
- الشطّار
- القتل بدافع الشرف
- بدون مؤاخذه: نشر الغسيل الوسخ
- الذئاب:قصة للاطفال
- الفدس تريد الأفعال لا الأقوال
- هدى
- الموقف من التراث


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل السلحوت - وقضى ربك.....قصة للأطفال