|
الذئاب:قصة للاطفال
جميل السلحوت
روائي
(Jamil Salhut)
الحوار المتمدن-العدد: 2185 - 2008 / 2 / 8 - 11:33
المحور:
الادب والفن
خرجت الذئاب لتصطاد طعامها بعد أن خيّم الليل ، وقف الذئب الذكر مع ذئبتين اثنتين على سفح الجبل، يراقبون حظيرة الأغنام المحاذية لسفح الجبل المقابل قرب الوادي ، رأت الذئاب الراعي وقد انتهى من حلب أغنامه ودخل إلى خيمته المقامة عند باب الحظيرة . رأته يتوضأ ويصلي العشاء ... ثم يخرج ويدور حول الحظيرة ليطمئن أن القطيع جميعه داخل الحظيرة، ثم يعود إلى خيمته ، ويؤوى أطفاله في فراشهم ، يطفيء ضوء المصباح ، ويضطجع بجانب زوجته . حظيرة الأغنام محاطة بسلسلة من الحجارة مبنية بشكل شبه دائري من ثلاث جهات ، ترتفع عن الأرض حوالي المتر ، أما الجهة الرابعة فإنها سفح الجبل المنحدر بشكل مائل وحاد ، يتوسطها كهف. الذئاب مقعية على مؤخراتها كما الكلاب ، تراقب الوضع ، غير أنها لا تمد ألسنتها ولا يسيل لعابها بشكل دائم مثلما هو طبع الكلاب . تقدمت الذئاب ببطء شديد من جهات الحظيرة الثلاثة ، أما الجهة الرابعة فلم تقترب منها لأن خيمة الراعي مقامة عليها . نبح الكلب المربوط في الجهة الغربية من الحظيرة فوق الكهف ، وكان يحاول الهجوم على الذئب الذكر إلا أن الحبل كان يشده إلى الخلف . أما الكلب الآخر فإنه لم ينبح لأن الكلاب لا تنبح على إناث الذئاب ، بل إنها تلعب معها ، وتشمها وتحاول التزاوج معها . استيقظ الراعي على نباح الكلب الأول لكنه اطمأن لعدم نباح الكلب الثاني ، فبقي في فراشه مستمتعا بدفئه . انقض الذئب وإحدى إناثه على القطيع، واختطف كل واحد منهما حملا صغيرا ، في حين كانت الأنثى الثانية تداعب الكلب، حتى انتهى زميلاها من مهمتهما . إنجفلت الأغنام إلاّ الكباش الأربعة صاحبة القرون المعقوفة إلى الخلف، لتعود مرة أخرى إلى الأمام بشكل حاد وجاهز للنطاح ، فإنها لم تتحرك من مكانها . قفز الراعي من فراشه عندما انجفلت الأغنام إلا أن الذئاب كانت هربت بصيدها. لم يتأكد الراعي من إن الذئاب اختطفت حملا أو أكثر من قطيعه،أم أنها لم تتمكن من شيء . ثغت نعجتان بمرارة على حمليهما المفقودين طوال الليل ... كانتا تدوران في الحظيرة مذعورتين وتثغوان كأنهما تناجيان الراعي ليعيد إليهما إبنيهما ، فأيقن الراعي من ثغائهما المتواصل أنهما فقدتا حمليهما. *********** ابتعدت الذئاب حوالي نصف كيلو متر من الحظيرة ، ولمّا تأكدت أن لا أحد يطاردها جلست وأجهزت على صيدها ، وبدأت تأكل لتملأ بطونها الجائعة ، وبعد أن شبعت حملت ما تبقى طعاما لصغارها التي تركتها في وكرها ، فجاء ثعلب جائع على رائحة الدم، فأكل ما تبقى من جلدي الحملين ، ولعق الدماء التي سالت على الأرض . *********** وفي الليلة الثانية وبعد أن خيّم الظلام خرجت الذئاب الثلاثة مرة أخرى للصيد ، فذهبت تراقب قطيعا آخر ، ولما تأكدت من أن الراعي وأسرته قد ناموا ، اقتربت من القطيع بحذر شديد ، فاطمأنت لعدم وجود كلاب تحرس القطيع ، اقتربت أكثر فأكثر من القطيع الذي انجفل عندما شم رائحة الذئاب باستثناء الكباش الثلاثة ، اثنان منها كانت لهما قرون معقوفة حادة ، والثالث أقرع بلا قرون ، وقفت الكباش الثلاثة مكانها في حالة استنفار على شكل مثلث في رأسه الأمامي يقف الكبش الأقرع ، ... الكباش تقف مستعدة تخبط بأقدامها الأمامية مستعدة للمنازلة . تقدم الذئب الذكر يراوغ الكبش الأقرع ، استعدادا لإخافته ومغافلته للانقضاض على أحد الخراف الصغيرة ، في حين كانت الذئبتان الأخريان تفعلان نفس الشيء مع الكبشين صاحبي القرون . الكبش الأقرع ينقض على الذئب وينطحه في جبينه ، ينقلب الذئب على ظهره فيدوسه الكبش الأقرع بقائمته الأمامية الأولى ، فيُولّي الذئب هاربا . وفي نفس الوقت انقض الكبشان صاحبا القرون على الذئبتين ، فنطح كل واحد منهما ذئبة في بطنها فانقلبتا على ظهريهما وولتا هاربتين وهما تعويان عواءا خافتا من شدة الألم . *********** عادت الذئاب إلى وكرها تجر أذيال الخيبة والفشل ، وأخذ الذئب الذكر يبحث عن بقايا أشلاء الحملين اللذين اصطادهما ورفيقتاه في الليلة الماضية ، في حين انبطحت الانثيان ، وتمددتا كل واحدة منهما على جانب، وكأنها ميتة ، فهجم صغارها على أثدائهما يمتصون الحليب ويتعاركون . *********** وفي الليلة الثالثة اجتمعت الذئاب الثلاثة لتتباحث في المكان الذي يجب أن تصطاد فرائسها فيه : قالت الذئبة الأولى : نذهب في البراري لعلّنا نصطاد غزالا فهو يكفينا كلنا ، فأنا غير مستعدة أن أهاجم قطعان الغنم بعد الآن ، فأحشائي تؤلمني بعد أن نطحني الكبش صاحب القرون المعقوفة، وداس في بطني . فقال الذئب الذكر : لا يوجد في البراري غزلان، فالبشر قضوا على الحياة البرية في منطقتنا ، ولم يعد إلاّ بعض الأرانب وهي قليلة العدد ، ولا تبتعد كثيرا عن جحورها ، وإذا ما شعرت بنا فإنها سرعان ما تهرب إلى جحورها الضيقة الطويلة التي لا نستطيع ملاحقتها فيها . وقالت الذئبة الثانية : نعود إلى القطيع الأول ، فالكباش لا تتحرك من مكانها ، وإذا ما تحركت فإنها تناطح بعضها البعض، ولا تسأل عن صغارها وإناثها ، ولا يشغلها إلا أن تتنافس على الاستحواذ بالإناث ، والكلاب التي تحرسها عندما ترانا نحن الإناث لا تنبح وتحاول التقرب منا . و لكن لا بد أن الراعي قد أخذ احتياطاته لحماية قطيعه بعد أن سلبناه اثنين من خرافه . فقالت الذئبة الأولى : بما أننا وزميلتي قادرتان على إغواء الكلاب فإنها لا تنبح علينا ، وما دامت الكباش تتقاتل مع بعضها البعض ، فإن القطيع سيكون في متناولنا . ولن يستطيع الراعي أن يسهر الليالي كلها ، وبإمكاننا أن نغافله وأن نختطف طعامنا من قطيعه . فعوى الذئب الذكر والذئبة الثانية دلالة الموافقة .
#جميل_السلحوت (هاشتاغ)
Jamil_Salhut#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفدس تريد الأفعال لا الأقوال
-
هدى
-
الموقف من التراث
المزيد.....
-
رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار: التعاون الثقافي مع روسيا
...
-
-بيت الشعر في المغرب- يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر
...
-
عودة الأدب إلى الشاشة.. موجة جديدة من الأعمال المستوحاة من ا
...
-
يجمع بين الأصالة والحداثة.. متحف الإرميتاج و-VK- يطلقان مشرو
...
-
الدويري: هذه أدلة صدق الرواية الإيرانية بشأن قصف مستشفى سورو
...
-
برقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 لجميع التخصصات عبر
...
-
دورة استثنائية لمشروع سينما الشارع لأطفال غزة
-
تصاعد الإسلاموفوبيا في أوروبا: معركة ضد مشروع استعماري متجدد
...
-
انطلاق أولى جلسات صالون الجامعة العربية الثقافي حول دور السي
...
-
محمد حليقاوي: الاستشراق الغربي والصهيوني اندمجا لإلغاء الهوي
...
المزيد.....
-
الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية
...
/ عبير خالد يحيي
-
قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
/ رياض الشرايطي
-
خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية (
...
/ عبير خالد يحيي
-
البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق
...
/ عبير خالد يحيي
-
منتصر السعيد المنسي
/ بشير الحامدي
-
دفاتر خضراء
/ بشير الحامدي
-
طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11
...
/ ريم يحيى عبد العظيم حسانين
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
المزيد.....
|