|
كتاب النبؤات
عبد العظيم فنجان
الحوار المتمدن-العدد: 2191 - 2008 / 2 / 14 - 09:49
المحور:
الادب والفن
أقرضني الافلاسُ بعضَ خواطره ، فاصطحبتُ الشاطيء ، وتسوّلتُ من قميصه موجة ، بزرقتها غسلتُ رأسي من الصحراءِ ، نظّفتُ جيوبي من الأسلحة ، وتوّسدتها ونمتُ . في منامي سمعتُ أصوات قطارات . فوق احد القطارات رأيتُ نفسي بصحبة جنود يغرسون الأرقَ حول رؤوسهم ، وهم نيـّام . أنا خارج السرب ، أنظرُ الى الليل ، وفمي في الهواء يقتفي اثر قبلةٍ ، لكن القطارات تنحرفُ صوب شلال ، الجنودُ يرمون خوذهم الى مجراه ، ثم يرفعونها الى أفواههم ، فيجدونها مليئة بالدم . لم ارفع خوذتي . تركتها طافية وهبطتُ ، فرأيتني ماشيا بصحبة مهرّب ، قايضته بندقيتي بعلبة تبغ : بحضوره دخّنتُ أيامي سيجارة بعد اخرى . في المرة الاخيرة فيما دخان سيجارتي يتصاعد فوق ، ويؤلف هناك سماءا ، بلادا ، ورابية ، تدخلتْ مخيلتي : ارسلتْ الى السماء بغيمة ، زرعتْ جنديا فوق الرابية ، أما البلاد فتوّجتني ملكا . أنا الان ملكٌ : بلادي جرباء ، وغيمتها الوحيدة لا تمطر . آمرُها بالانصراف ، لاتنصرف . اضربها بتاجي ، فتنكسر ، ثم .. تنفد سيجارتي ، فأسحب نَفسا أخيرا : أسحبُ البلاد والسماء والرابية ، أتركُ الجندي مغروسا في الفراغ . أتخيله يركض في الاتجاهات ، باسطا ذراعيه كيما يتلقف تاجي ، لكنني افاجئه ، في دخان سيجارة اخرى ، يهز مهدا . في المهد أجدُ جثتي .
طالبته بها ، فصاح : - " إذهب . إذهب ، يامن سوّدتَ بالسخام حياتكَ . إذهب ، ودعني اُهدهدُ هذه الجثة ضد صحبة الاشباح ، إذهب ، إذهب .. "
ثم ضربَ على صدري بقوة ، فسقطتْ بيننا ظلمة كثيفة ، يتمرغ فيها المرءُ ، بين أحشاء ذكرياته ، طلبا للنجاة ، دون جدوى . داخل الظلمة وجدتني أتسلق جبلا ، عند أحد سفوحه قابلتُ مجنونا يجر عربة بيد ، فيما يده الاخرى تحمل شعلة : في حوض العربة مدينة مغطاة بقش ، أرفعه فأكتشفُ اناسا تستضيء الجدران بهواجسهم . أحدهم فيها يغني اغنية من كتاب النبؤات ، رددتها القرون مرة بعد مرة : - " وعندما يصل المجنون الى الذروة ، يضع الشعلة داخل العربة ، ثم يركل العربة .. "
في مقطع آخر من منامي رايتُ ، في الوديان ، نفسَ العربة . في حوضها رأيتُ فلاسفة ، شعراء ، عشاق ، صعاليك .. و هناك رجل يغطيهم بقش ، يدثرهم بخواطر زائفة ، ثم يجر العربة بيد وفي يده الثانية ترفرفُ شعلة .
يبتعدون وأنا أنظر الى نفسي بينهم ، أقرأ كتاب النبؤات ، واتعجب : كيف أنا بينهم ، وفي نفس الوقت كيف ، من منامي ، أنظرُ اليهم ، حتى انتبهتُ .
#عبد_العظيم_فنجان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أغنية الفراشة
-
الإله يخذل عبد العظيم فنجان
-
اغنية آخر سركون بولص في العالم
-
اغنية الكلب
المزيد.....
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|