أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل حاجي نائف - الضحك















المزيد.....


الضحك


نبيل حاجي نائف

الحوار المتمدن-العدد: 2189 - 2008 / 2 / 12 - 06:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الضحك
إن الوظيفة الأساسية للانفعالات هي رفع جاهزية وقدرة الفعل والاستجابة التي تعتبر مناسبة وفعالة في مواجهة ما يتعرض له الكائن الحي , وهي موجودة فقط لدى الحيوانات الراقية, فهناك انفعالات أساسية نشترك بها مع الثدييات الراقية و الرأسيات , وهي انفعال الغضب والخوف والحب....., وهي انفعالات أساسية قديمة لدينا.
وقد نشأت لدينا نتيجة حياتنا الاجتماعية انفعالات جديدة وهي خاصة بنا, فهي تكونت نتيجة العلاقات الاجتماعية , و الحضارة والثقافة والعقائد..., وقد نشأت وتطورت أنواع كثيرة من الانفعالات نتيجة لذلك. والانفعالات دوماً تكون مترافقة مع أحاسيس خاصة بها , وهناك انفعالات إخبارية مثل الدهشة والتعجب والترقب والضحك, وهناك انفعالات مثل الحب والحنان والصداقة, والزهو, الغيرة, الحسد , والكراهية....., وكل هذه الانفعالات ترافقها أحاسيس معينة خاصة بكل منها.
وأحاسيس الانفعالات لا تنتج عن واردات أجهزة الحواس فقط , فهي تنتج بعد حدوث تفاعلات وعمليات في الدماغ والذاكرة بشكل خاص, بالإضافة إلى عمل وتأثيرات الغدد الصم , فالغضب لا يحدث لدينا إلا بعد معالجة فكرية , والتي تتأثر بالذاكرة وما تم تعلمه, وهناك تأثير متبادل بين الدماغ والغدد الصم, ويمكن المساعدة في إحداث الانفعالات باستعمال تأثيرات كيميائية وفسيولوجية.
أما الضحك والاندهاش وبعض الانفعالات المشابهة فآلية حدوثها تعتمد بشكل أساسي على عمل الدماغ ويكون تأثير مستقبلات الحواس غير أساسي .
إن الغضب , والحقد , والإحباط , و الكآبة , والرعب , والقلق ,..... وكافة الانفعالات المؤلمة والمجهدة للجسم وللجهاز العصبي , وخاصة دارات القلق والتردد والندم والوسوسة, والتي تعمل باستمرار تستهلك الطاقات العصبية بكميات كبيرة , بالإضافة إلى أنها تؤدي لجعل الجسم والدماغ يفرز الكثير من المواد الكيميائية العصبية والهرمونات التي تجهد العقل والجسم بدون داع في أغلب الأحيان .
إن كل هذا يمكن أن يخفف أو تتم السيطرة عليه, وذلك بقطع أو إيقاف هذه الدارات العاملة , بواسطة الموسيقى والأغاني الجميلة وبواسطة النكتة والمزاح , ويكون تأثيرهم فعالاً وسريعاً في أغلب الأحيان , إلا إذا كانت تلك الدارات قوية جداً فعندها يصعب تقبل الموسيقى أو المزاح والتنكيت .
هناك الكثير من الانفعالات المتطورة التي تكونت لدى البشر نتيجة الحضارة والثقافة وهي ليست عامة بين البشر, فهي لا زالت في طور التشكل والتطور والانتشار , و يبقى الضحك انفعالاً مميزاً وهو ليس آخر الانفعالات التي نشأت لدى الإنسان , وهناك علاقة بين انفعال الضحك والتعجب والمفاجأة والتوقع والتناقض , فالضحك يحدث نتيجة المعالجة الفكرية للحوادث والأفكار والتناقضات..., فالغباء والأخطاء والتناقضات الواضحة أو المستورة قليلاً والمبالغات ... هي من عوامل حدوث الضحك .
فالإنسان أثناء تطوره استخدم- طبعاً دون وعي منه- هذه الخصائص بشكل كبير, فأخذ يضحك في أو ضاع خاسرة لكي يحول دون إفراز المواد التي تجعل مزاجه سيئاً , لأن الضحك يؤدي إلى جعل المزاج جيداً , فهو- أي المزاج الجيد واللذة والسعادة- كان ينتج بشكل أساسي عند الفوز والنجاح والنصر, فعندما يضحك الإنسان على خسارته أو فشله - شر البلية ما يضحك - كانت استجابة فعالة في التعامل مع الأوضاع السيئة الخاسرة, فإنه بذلك يحول فشله إلى نصر ولو بشكل كاذب لتلافي النتائج المزاجية السيئة الناتجة عن الفشل أو الخسارة , فالنكات تزدهر في الأوضاع السيئة والصعبة لما تحقق من فاعلية في التعامل مع هذه الأوضاع.
فالمزاح والفكاهة والتنكيت لهم تأثير فسيولوجي هام وفعال في رفع طاقات ومعنويات الفرد وزيادة قدرته على امتصاص تأثير الصدمات والتوترات الانفعالية الشديدة, فالمزاح يجعل تهديدات الذات, من قبل الآخرين ضعيفة التأثير, ويمكن التعامل معها بسهولة لأنها لا تحدث انفعالات قوية تستدعي إستنفاراً كبيراً لقدرات الجسم والجهاز العصبي والتي ليس هناك داع لها وتعيق التصرف, ولأن أغلب هذه التهديدات شكلية, وحتى لو كانت هذه التهديدات جدية, فالتعامل معها بروية وهدوء وعدم انفعال زائد وبمعنويات عالية أفضل وأجدى .
فالمزاح والفكاهة ضروريان بشكل خاص للأفراد شديدي الانفعال , فدور المزاح كبير في خفض التوترات والانفعالات الشديدة , وكلما استخدم الشخص الانفعالي المزاح والفكاهة مبكراً في حياته كان ذلك أفضل له في تحقيق التكيف والتعامل المناسب مع الآخرين , والكثير من الناس انتبهوا لميزات الفكاهة والمزاح واستخدموها وحققوا الكثير من الفوائد.
إن التحول من المرح والسعادة إلى الغضب أو الحزن أو الخوف, أو التحول من المزاج الجيد إلى المزاج السيئ يمكن أن يحدث بسرعة ولكن العكس صعب الحدوث , فنحن لن نستطيع إضحاك إنسان فقد ابنه أو حلت به كارثة كبيرة, ولكن نستطيع جعل إنسان في قمة السعادة يتحول إلى الغضب أو الخوف أو الحزن بوضعه في ما يوجب ذلك . فعندما يحدث الغضب أو الخوف أو الحزن تنتج وتفرز المواد الهرمونية والعصبية التي تنتج المزاج المرافق له, وهذه المواد لا تزول بسرعة لذلك تبقى تأثيراتها فترة من الزمن , وهذا الزمن يختلف من شخص إلى آخر, وكلما كان طول هذا الزمن مناسباً للأوضاع كان أفضل للتكيف معها. فالاستنفار لمواجهة الأوضاع الخطرة أو الصعبة يجب أن يكون سريعاً, أما فك أو إلغاء هذا الاستنفار فليس هناك ضرورة للإسراع به.
إن كافة الانفعالات هي نتيجة الاستجابات التكيفية , ولها دور و وظيفة فسيولوجية وعصبية ونفسية , وكذلك الضحك , فوظيفته الظاهرة هي الشعور بالغبطة والسعادة, وله دور و وظيفة أعمق من ذلك .
فانفعال الضحك نشأ أخر الانفعالات لدى الرأسيات الراقية فهو موجود بشكل محدود لدى الشمبانزي والأورانج أوتان .
الضحك هو ببساطة أثر من أوالية ركبت فينا من قبل الطبيعة، ومن قبل عادة طويلة جداً اكتسبناها في الحياة الاجتماعية .
واستأثرت ظاهرة الضحك من قديم الزمان اهتمام الفلاسفة وعلماء النفس وعني بها أفلاطون وأرسطو وديكارت و فولتير و مكدوجال ، وقد عدّ الضحك من الظواهر النفسية التي تصدر عن تلك الطبيعة البرية المتناقضة التي سرعان ما تملّ حياة الجد والصرامة فتلتمس في اللهو ترويحا عن نفسها ، والابتسامة وسيلة يعبر بها الفرد عن رغبته في إقامة بعض الروابط مع الأفراد حينما يشعر بالخجل أو الحياء وليس لديه الابتسامة وسيلة تعبر عن الرضا والارتياح وهي مشروع الضحكة قادمة .
طرق وعوامل نشوء الضحك
التناقض أو سير الأحداث بطريقة غريبة وغير متوقعة , أو بشكل عكسي , والمفاجأة بحدوث غير المتوقع, وحدوث المدهش , كتحول الخطر إلى غير خطر أو تحول المؤذي إلى مفيد أو تحول المؤلم إلى سار . و ظهور الغباء مع ادعاء الذكاء, و أدعاء القوة بينما هناك الضعف أو العكس.
المبالغة, يا له من غبي جداً, يا له من ذكي جداً , يا له من ماكر جداً
تفريغ المشاعر العدائية أو الجنسية , المطلوب إخفاؤها أو كبتها .
والضحك غالباً ما يعبر عن السرور بخرق نظام الكون والأشياء لمن يقوم بهذا الخرق .
التكرار . أن يكرر الخدم مشهداً سبق أن لعبه الأسياد أو يكرر الأسياد مشهد عناد أعطاهم الخدم مثاله.
الارتداد (القلب) أي أن تنقلب أمور الحياة فيتحول المسيطرون إلى مسيطر عليهم: المتهم الذي يقدم المواعظ للقاضي ، والطفل الذي يريد إعطاء الدروس لوالديه . ولا بأس أن نذكر هنا مسرحية هزلية عربية شهيرة هي "مدرسة المشاغبين" حيث يقوم الهزل فيها منذ أولها إلى آخرها على موقف يتولى فيه التلاميذ المشاغبون السيطرة على أمور المدرسة ويقف الناظر والمدرسون عاجزين. ومن باب التكلف في نظرنا أن لا نرى في الهزل هنا إلا أنه نتج عن "مكننة" الحياة بقلب المواقف،ولا نرى الأمنية الكامنة عند المشاهدين بأن ينقلب نظام الحياة! على أن شرطاً جوهرياً للموقف الهزلي. هذا الشرط هو "عدم الانفعال" أو "اللامبالاة" تجاه الهازلين وبالفعل فإن أي شعور بالشفقة تجاه "الناظر" في مسرحية "مدرسة المشاغبين" أو أي محاولة لتفهم سبب آخر لمشاغبة التلاميذ غير لامبالاتهم ورغبتهم المجانية في خرق الأنظمة المدرسية يفسد الهزلية،ذلك لأننا حين ننفعل انفعال شفقة أو نحلل عقلياً الموقف الحياتي نستعيد ذكرى القوى التي تجبرنا على أن نسير باتجاه حياتي معين , ولكننا حين نضحك نكون عائشين تجربة تخيلية لحياة لا معقولة ولا يمكن تحليلها أو تبريرها بحيث تتيح لنا أن نشمت بها بصورة مطلقة ولا نرى فيها شيئاً يدفع إلى التعاطف أو التفهم.تجاه "هرباغون" بخيل موليير لا يمكن أن نأخذ موقف الضحك لو تذكرنا أن للبخيل وجهة .
تداخل السلاسل" اللبس " , وهو أن تدخل شخصيات ضمن لحظة معينة في سوء تفاهم بحيث أن الأفعال والأقوال الواحدة تناسب الجميع ولكن بمعنى مختلف عند كل منهم.
وهناك أهم حالات الضحك وهي : " شر البلية ما يضحك " فعندما تحدث مصيبة أو مكروه , ولا يكون هناك مجال لتلافيه , يحدث اللجوء للضحك كحل لتلافي النتائج السيئة للوضع ومنع حدوث الإحباط والحزن وما يؤديان إلى نتائج نفسية سيئة . فعن طريق الضحك في الأوضاع الخاسرة , يمكن أن نتعامل معها بشكل أفضل وأجدى .
نجد "الهزل هو عكس النظام الذي تسير عليه حياة الإنسان"! وابتهاجاً بهذا نضحك.
أننا في المفاهيم الشائعة نجعل " للهزل " نقيضاً هو "الجد" , والهزل يقترن بصفات أخلاقية واجتماعية مثل "المجون"، "اللامبالاة"، "الطيش"، "قلة الهيبة"، "الباطل " . والجد بالمقابل يقترن بصفات مثل "المسؤولية"، "المهابة"، "الحق". ويمكن أن نجد اقتراناً قد لا يراه المرء لأول وهلة بين الهزل والطبقات الدنيا من المجتمع والجد والطبقات العليا ولنذكر في هذا المجال أن "الكوميديا" سابقاً كانت تأخذ شخصياتها من الشعب وهي القطب الهزلي في المسرح أما "التراجيديا" فكانت تأخذ شخصياتها من "النخبة" وهي القطب "الجدي" في المسرح.
ومن هذه الاقترانات , التي أخذناها اعتباطاً ويمكن رؤية مفاهيم وصفات أخرى مرتبطة بالقطبين "الهزل" و "الجد" , نرى أن السمة العامة للهازل هي أنه "لا مبال" بنظام الكون أو المجتمع و"منطق الخيال . لنا رغبة جوهرية في الخروج عن "جد" الكون وفي تغير هذا النظام الكوني الاجتماعي الضاغط على الحيوية الطبيعية لنا.
ونجد في "الأوتوماتيكية" و "التصلب" الذي يعتري الكائنات البشرية أساس الهزل , ويأتي الضحك سخرية من الحياة وإظهاراً لسخف نظامها , ولو أردنا أن نفكر بطريقة التحليل النفسي فسوف نجد رابطاً بين "الأوتوماتيكية و"العدوانية" وفي الضحك بالفعل تحقيق لدافع عدواني .

الضحك, والنكتة والمزاح
ومن أهم طرق الإضحاك لدينا هي النكتة وآليات النكتة كثيرة منها:
نتهيأ فكرياً ونفسياً لاستقبال شيء ما, ونحن نحاول استقبال هذا الشيء نجد أنه اختفى ليحل محله شيء آخر لا نتوقعه , ولكن في اللحظة التي يتم فيها هذا الإبدال نلحظ شيئاَ, أن البديل يحمل مفاجأة لنا , أي في لحظة الإحباط نجد ما يعوض خسارتنا بما هو أفضل . والنكتة تحرر من الإحباط والكبت والتوتر. فآلية المفاجأة السارة , أو غير السارة أيضاً من آليات النكتة بشرط أن تكون المفاجأة غير السارة لا تحدث لنا بل لعدونا أو غيرنا,.
إننا لا نتذوق الهزل النكتة إن شعرنا أننا وحدنا . إذ يبدو أن الضحك يحتاج إلى الصدى (...) إن ضحكتنا هي دوماً ضحكة المجموعة . فمن المعروف أن الضحك هو "مطلب اجتماعي وفردي" فهو إذن يرتبط بحالات وجدانية ملائمة نفسياً ومريحة . وعدوى المحاكاة والتقليد تزيد وتنشر الضحك بين الجماعة .

نشوء الضحك لدى الأطفال
الضحك – كما هو معلوم- يظهر عند الطفل متأخراً قليلاً عن البكاء الذي يظهر بعد الولادة فوراً.
إن الضحك في أصله استجابة لمنع البكاء ، الطفل يرى شيئاً أو شخصاً فتثير فيه المفاجأة استعداداً للبكاء، ثم يعود إلى التكيف مع المشهد ويكتشف أنه غير مخيف , فيعود إلى الاسترخاء في حركات مشابهة ومعاكسة , وهي السرور الذي يتطور لاحقاً إلى الضحك ، أن الضحك هو حركات استرخاء نفسي وعضلي في حين يرافق البكاء توتر عضلي ونفسي .
لم يتفق علماء النفس على تحديد تاريخ الابتسامة الأولى للطفل نظراً لاختلافهم في تحديد السمات المميزة للابتسامة الحقيقية , ولكن الطفل يبتسم منذ أيامه الأولى ويترك العلماء يبحثون وينظرون ويملأ الدنيا بابتساماته . لقد حصر البعض تاريخ أول ابتسامة في الأسبوع الأول أو الثاني من حياته , وبعضهم قالوا الشهر الثاني أو الثالث من عمره وفي رأيي انه لا يتأخر هكذا ولكن هناك إجماع أن الأمر يبدأ بالابتسام قبل الضحك.. وان الضحك يظهر متأخراً ولكن بعض الأطفال أسرع إلى الابتسام والضحك من غيرهم , وكثيراً ما نصف الطفل بأنه مبتسم ومغتبط أو انه يحب الضحك ونعلل هذا بان مشاكله اليومية لم تبدأ بعد وان كنا نحن الكبار نقابل المشاكل بابتسامة , والشقاء بضحك . والابتسام عند الطفل تلقائية لأنه فمه في شبه حركة مستمرة , ويقولون أن العلامة اليقينية المؤكدة للابتسامة الحقيقية عند الطفل إنما هي بريق العينين الذي يصاحب انفراج الأسارير حينما يهش الوالدين في وجه طفلهم وهذا يعني أن الابتسامة الأولى هي بمثابة استجابة لوجه أمه الضاحك أو المعبر , ويرى آخرون أن الابتسامة الأولى تقترن بعملية الرضاعة وما يعقبها من شبع وارتياح لان أسارير الطفل كثيراً ما تنفرج بعد عملية الرضاعة كما أن عينيه قد تتوهجان ببريق غير عادي وهذا يقترن بظهور الأم في المجال البصري للطفل , ولاحظت باحثة هي شارلوت بوهلر أن عملية الابتسام عند الطفل هي وظيفة اجتماعية تتولد عند سماعه لصوت بشري أو رؤيته لوجه بشرى , وليست هناك ما يمنع من أن تقرن الابتسامة بشعور الرضا والارتياح والشبع وهذا الارتياح كثيراً ما يتزايد حينما يضاف إليه سرور الطفل لوجوده في مجتمع بشري , وتنمو هذه الخبرة ويبتسم الطفل أمام الوجوه غير المبتسمة وكأنه يقول لها ابتسمي من فضلك , وأحيانا كثيرة يبتسم الطفل وهو بمفرده , أو عندما يرى وجهه في المرآة , أو عند رؤيته لكثير من المشاهد البشرية وغير البشرية التي لا اثر فيها للابتسام أو الضحك , وابتسامات الطفل ذات صبغة اجتماعية , وهي نوع من اللعب الذي يقوم به الطفل بمفرده , وهذا يأتي وليد للاتصال بين الطفل ووالديه .
شدة الضحك تتوقف على درجة الفرح وتبدأ من الابتسامة إلى القهقهة , الرضيع يعبر عن سروره بأصوات المناغاة أثناء الضحك .
ما هو الضحك ؟ وهل يختلف ضحك الكبار عن الأطفال ؟
الضحك بشكل عام يمكن تعريفه بأنه حالة يمر بها الإنسان من فترة لأخرى ، كما أنها تعتبر تعبيراً صريحاً عن السرور مع وجود استثناءات ، في الضحك تتقلص عضلات الوجهية ويؤدي لسحنة خاصة هي سحنة الفرح ، تشارك العينان في الضحك حيث تنهمر الدموع منهما تعبيراً عن شدة الفرح ، الأوعية الدموية تحتقن في الوجه و تمتلىء بالدم فتظهر حمرة الوجنات ، إن التوازن الهرموني يتبدل خلال الضحك وكذلك العمليات الإستقلابية ، إن الضغط داخل البطن يرتفع وقد يؤدي لانفلات المصرة البولية عند البعض وخصوصا إن كانت رخوة بالأصل والمثانة ممتلئة بالبول ، قد يتحرك الإنسان حركات معينة أثناء الضحك كأن يحرك يديه أو يصفق بهما أو يمسكهما ببعضهما و يضعهما أمام صدره أو قد يقفز فرحاً ، أثناء الضحك الشديد قد يدخل بعض اللعاب إلى الرغامي ويحدث السعال .
أما عند الأطفال فتجد مثلاً أن الرضيع يبتسم ويضحك ويصدر أصوات المناغاة و المكاغاة عندما يداعبه شخص كبير وإذا كنت تحمله وشعر بالفرح نجده يتعلق بك أكثر ويقترب منك ويحرك رجليه صعوداً وهبوطاً ويشدد إمساكه بك وبعد قليل يبتعد بوجهه عنك قليلاً ينظر إلى وجهك فتعيد أنت مداعبته فيكرر اغتباطه وسروره .
هل للضحك درجات ؟
أفضل أن أقول أن للفرح درجات ، فقد يكون انشراح الصدر داخلياً لا يشعر به إلا صاحبه، وقد يظهر عليه من خلال تصرفاته أنه سعيد وقد تظهر بسمة خفيفة وقد تشتد البسمة لتعطي ضحكة خفيفة التي قد تتحول لضحكة شديدة أو ما يدعى بالقهقهة .
يختلف التعبير عن الفرح من إنسان لآخر فالبعض لا يبتسم إلا بمناسبات نادرة والبعض يقهقه لأبسط الأسباب .
ما هي أسباب الضحك عند الأطفال ؟
عديدة جداً فكل ما يدخل السرور لقلب الطفل يجعله يضحك فرؤيته لأمه وجلوسه في حضنها عيد واستقباله لوالده بعد انتهاء العمل فرحة وحصوله على طعامه المفضل أو ثياب جديدة وألعاب متنوعة بل حتى مجرد شرائه أو تلبية رغبته في الحصول على شيء ما كلها مناسبات سعيدة للطفل ، إن الطفل الذي يحصل على علامات عالية بالامتحان أو الذي ينجح بالمدرسة أو بمسابقة ما يبقى مبتهجاً يقفز هنا وهناك لفترات مطولة ، طبعاً لا يسعني إلا أن أذكر أن الأسباب تختلف باختلاف العمر فالرضيع الصغير نراه يبتسم بشكل عفوي أحياناً وربما يكون نائماً أو يقظاً والرضيع الأكبر يضحك عندما يداعبه شخص ما ، وقد يكون سبب الضحك لمس مناطق معينة كالبطن أو تحت الإبط أو أخمص القدمين أو العنق حيث أن الأعصاب التي تنبه المراكز الدماغية المسؤولة عن الضحك يختلف توزعها في الجسم كما أن عتبة الضحك تختلف من طفل لآخر .
فالضحك ظاهرة نفسية و اجتماعية وأيضا ظاهرة فسيولوجية. وهو انفعال يتولد عند التلاشي الفجائي لحالة انتظار أو توقع كانت قد بلغت أعلى درجة من درجاتها , وهو مهم جداً للجسم لان يحدث نوعاً من الاتزان فيما بين القوى الحيوية الموجودة لدينا , أن عملية الانقباض والبسط التي تصاحب انفعال الضحك تحدث لدينا حركة ملائمة للصحة الجسمية وهذه الحركة قد تنعكس آثارها على العقل فتتولد عنها لذة عقلية , وهو ظاهرة عضوية تترجم عن نفسها سيكولوجياً .
ومن الناحية الفسيولوجية فان الضحك مفيد جداً للصحة , إن مقابلة التوترات بالضحك والابتسامات إنما هي تنفس للإنسان , ولو كتمنا انفعالات توتراتنا لحدث لنا ما لا تحمد عقباه.. إن ارتفاع الضغط , والسكر المفاجيء , والصداع المستمر كلها تأتي من المعاناة دون أن يكون لنا منافذ أخرى للتعبير .
إن الضحك عبارة عن اختلاجات عضلية منقطعة تستهلك الكمية الفائضة من التوتر الذي تجمع في العضلات.. وإذا عجز الضحك عن استنفاد التوتر تنتقل الآثار فيما يسمى آثار الدغدغة إلى العضلات الحشوية فتنبه بعض الغدد وخاصة الغدد الدمعية ويتحول الضحك إلى بكاء وترتخي العضلات ويسكن الجسم , والضحك يولد لدينا حالة من الارتياح أو التخفف على الرغم من أن الضحك ليس بمثابة ارتخاء إنما هو مركب من التهيج والتسكين , ولهذا يقول البعض نحن إذا لم نضحك نموت؟ ! نعم يموت الإنسان كمداً إن لم يكن الضحك له منفذاً من توترات الحياة .
ونحن نضحك مما نسمع ومما نرى ونعبر عن سرورنا بالضحك وعن آلامنا بالضحك , وعن الأمور غير العادية وعادة ما يعكس الصحة من الناحية النفسية والاجتماعية الشعور براحة البال والثقة بالنفس وقدرة الإنسان على مسايرة الحياة من حوله، فكما أن تعبيرات العبوس والكآبة الزائدة تؤثر سلباً على الفرد نفسه ومن حوله فإن الابتسام والضحك ينشر الإحساس بالسعادة والبهجة.
هذا وعلى صعيد آخر، نرى أننا نضحك لأننا سعداء ولأننا نحن نضحك تزداد سعادتنا , فالضحك يساعدنا على نسيان مشاكلنا ولو قليلا منها أو على وضعها جانبا أو تأجيلها , ويعمل الضحك مثل الترياق أو عامل مضاد للإجهاد والمشاعر السلبية كالغضب والخوف والإحباط والعدائية والخجل والاكتئاب وهو يشكل العلاج المثالي لكي نشعر أفضل حالا كما أننا يمكننا الحصول عليه في أي وقت وليس له أي آثار جانبية أو مؤذية.
منافع الضحك كثيرة على جسمنا، فلديه التأثير نفسه للمشي السريع ، إذ يعزز استرخاء العضلات ومن يجد صعوبة في الضحك فلقد أنشئت عدة نواد للضحك تكون رابطا بين الأعضاء المشاركين فالجميع يأتون ليضحكوا معا وللابتعاد عن القلق والهموم والإجهاد والمشاكل.
هذا وأثبتت الدراسات الحديثة أن للضحك فوائد طبية مرافقة لما نشعر به من الراحة النفسية، ويقول الأطباء إن الضحك مرات عديدة في اليوم ينعش القلب ويبقيه بصحة جيدة ويقلل من الإصابة بتجلط الدم.
‏وينصح الأطباء بالإكثار من الضحك الذي يؤدي إلى الشعور بالحرية والراحة النفسية والانطلاق ومحاولة الضحك بصوت أعلى أي القهقهة بينك وبين نفسك عند عمل أي شيء مضحك أو إذا ارتكبت أي خطأ مضحك.‏
واليك أهم هذه الفوائد..
الضحك يؤدي إلى تحسن عمل نظام المناعة في الجسم وذلك عن طريق زيادة إنتاج خلايا تسمى (T-cells) و التي هي مسؤولة عن مقاومة العدوى و تحفز الجسم على الشفاء السريع من الأمراض.
وإن الضحك يقوم بتخفيض نسبة الكولسترول في جسمك، وهو هرمون يسبب الضغط و يؤدي إلى خفض قدرة جهاز المناعة في الجسم.
إن عملية الضحك تحفز الجسم على إنتاج (endorphins) وهو مسكن الألم الطبيعي الذي ينتجه الجسم، الأمر الذي يساعد في التخفيف من حدة الألم وكذلك يساعد في تحسين المزاج بشكل عام.
تبين أيضا أن بعد الانتهاء من الضحك فإن ضغط الدم وسرعة نبضات القلب تنخفض بشكل ملموس، كذلك فأن الضحك يساعد في التخفيف من توتر العضلات.
فقد ثبت أن الضحك يساعد أيضا على زيادة الأوكسجين الذي يصل إلى الرئتين وينشط الدورة الدموية ويساعد على دفع الدم في الشرايين وقد بينت إحدى الدراسات، حسب صحيفة تشرين السورية، أن الدماغ يرسل إشارات عالية من الرضا والاسترخاء في حالة الضحك.
الضحك والمرح يساعد في إيجاد علاقة زوجية أكثر استقرارا و راحة لان الضحك يساهم في نزع فتيل التوتر في العلاقات، كما أنة يفتح طرق الاتصال و يوجد المشاركة بين الأزواج.
الضحك يخفف من وطأة أعباء الحياة على كاهلك ويؤدي إلى التخفيف من نزعتك نحو الكمال و يزيد من قدرتك على التكيف مع المتغيرات المحيطة بك.
كان الناس في السابق يقولون بأن الضحك هو أفضل دواء وأفضل علاج للضغوط النفسية والاضطرابات المترتبة عليه. والضحك ينشط خلايا شبكة خاصة في الدماغ مسؤولة عن إشعار الجسم بالرضا.

لقد كان معروفاً حاجة الإنسان للضحك , فهو يسعى إلية ويطلبه بشتى الطرق , لما له من ميزات وفوائد هامة . وأصبحت القدرة على إضحاك الناس وإسعادهم سلعة هامة يطلبها الجميع , وارتفعت قيمتها , واتسع وتنوع إنتاجها . فهناك الإنسان ذو الدم الخفيف , و المرح ذو الروح الحل الذي ينشر ويشع على الآخرين السعادة وينشر البسمة والضحكة بشتى الطرق , وهناك راوي النكت الجيد المميز الذي يتقن فن إلقاء النكتة , وهناك الكاتب الساخر . وهناك المهرجين في السيرك , والمسرحيات والأفلام السخرة أو المضحكة , وهناك التمثيليات والمسلسلات وأفلام الكرتون . . . الخ . وكان قديما الندماء و المهرجين وغيرهم مطلوبين دوماً من فبل القادة والحكام والملوك , لم لهم من تأثير هام في الترويح عن النفس و بث السعادة .
لقد اتسعت وتنوعت مجالات التسلية والمرح والإضحاك , وأصبح سلعة نشر السعادة والمرح والضحك من أهم السلع والتي تماثل سلعة الطعام في أهميتها وفائدتها , وحاجة الناس لها .



#نبيل_حاجي_نائف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصورات مستقبلية
- سيطرة الرجال على النساء أسبابه وعوامله ونتائجه ومستقبله
- الإرهاب تعريفاًو ممارسة
- هل ستتولى النساء الإدارة والتحكم في مسار أمورنا **
- لغز الوعي (1)
- لغز الوعي (2)
- لغز الوعي (3)
- لغز الوعي (4)
- ألف باء النظام والسلطة (6)
- ألف باء النظام والسلطة (5)
- ألف باء النظام والسلطة (4)
- ألف باء النظام والسلطة - نظرة موجزة لدور ووظيفة الديمقراطية ...
- ألف باء النظام والسلطة - نظرة موجزة لدور ووظيفة الديمقراطية ...
- ألف باء النظام والسلطة - نظرة موجزة لدور ووظيفة الديمقراطية ...
- لماذا هذا الرواج والاهتمام بالديمقراطية (2)
- لماذا هذا الرواج والاهتمام بالديمقراطية (1)
- لماذا هذا الرواج والاهتمام بالديمقراطية (3)
- كيف يعامل الدماغ مؤثرات الاختيار والمفاضلة (1)
- كيف يعامل الدماغ مؤثرات الاختيار والمفاضلة (2)
- كيف يعامل الدماغ مؤثرات الاختيار والمفاضلة (3)


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل حاجي نائف - الضحك