أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علاء اللامي - هوامش على دفتر المذبحة















المزيد.....



هوامش على دفتر المذبحة


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 108 - 2002 / 4 / 21 - 17:55
المحور: القضية الفلسطينية
    




كيف تقدم مجد المقاومة على بؤس الخنوع الرسمي.. !


1-وصية بن غوريون لشارون :
( ليس مهما ما يقال عنا في العالم، المهم أن نقتل أكبر عدد ممكن لكي نبقى هنا ! )
إن عقدة الجنرال الدموي إرييل شارون و هي عقدة الصهاينة من الجيل القديم والمؤدلج حتى النخاع جميعا ، تكمن في كلمات قليلة قالها أحد مؤسسي الدولة الصهيونية هو بن غوريون للضابط الشاب إريل شارون بعد أن استقبله "تكريما" له على دوره " البطولي " في مجزرة قرية "قبية" الفلسطينية وهاكم القصة الموثقة بالصورة والصوت كما رواها برنامج تاريخي وثائقي بثته قناة ( أم بي سي ) ظهيرة يوم الجمعة 5/4/ 2002.. وقد احتوى البرنامج على شريط وثائقي بالأسود والأبيض لشارون وهو يروي بلسانه أقوال بن غوريون والقصة كما يلي : قرر بن غوريون اعتزال العمل السياسي والعيش في مزرعته في صحراء النقب وسلم مهامه كرئيس وزراء لنائبه موشي شاريط الذي يوصف بأنه من المعتدلين . وبعد أن تسلم شاريط مسؤولياته حاول أن يمارس "توجهاته المعتدلة" فشرع ببناء اتصل سري مع قيادة جمال عبد الناصر الأمر الذي أكده دبلوماسي مصري شارك في برنامج الـ ( أم بي سي ) ..ولأن شاريط أحرز بعض التقدم في ما سمي "جهوده السلمية " فقد استغل بن غوريون ،رغم إنه كان خارج السلطة عمليا ، مقتل مستوطنَين إسرائيليَين في عملية فدائية فلسطينية وأمر شارون شخصيا بالقيام بعملية مسلحة ضد قرية "قبية " الفلسطينية وإحداث أكبر عدد ممكن من الإصابات كما يعترف شارون . ونفذ الهجوم وقتل العشرات من الفلسطينيين أطفالا ونساء وشيوخا ، والمجزرة موثقة بشريط وثائقي . و حين ذهب شارون لزيارة بن غوريون استقبله هذا الأخير وأوصاه قائلا أن ليس مهما ما يقال عن دولة إسرائيل وعن الإسرائيليين في الخارج والمنظمات الدولية وأوساط الرأي العام ، المهم ( أن نبقى هنا مهما كان الثمن ) ويوضح شارون أن الثمن هو أن عليهم أن يسفكوا من دماء العرب الفلسطينيين المقدار الذي يقنعهم بالهزيمة والخروج من التاريخ . لقد استمع الجنرال الدموي شارون لوصية رئيس وزرائه قبل نصف قرن تقريبا وهو مازال مخلصا لتلك الوصية الشائنة والتي يمكن تلخيصها في :
- إهمال واحتقار الرأي العام العالمي والمؤسسات الدولية وجميع المرجعيات الدينية والمدنية .
- استهداف الأرواح البشرية البريئة واعتماد مبدأ إبادي تعلنه كلمات الثنائي بن غوريون /شارون ( إلحاق أكبر عدد ممكن من الإصابات ) .
ويمكن بالتالي فهم ممارسات شارون ومواقفه السياسية بالغة التطرف والوحشية على أساس المنهجية التي أسس لها بن غوريون في وصيته تلك . إن من يدقق في تصريحات وممارسات شارون الدموية سيجد إنه ينفذ حرفيا أفكار العنصري المتطرف بن غوريون وقد أعجبت سياسات وممارسات شارون حتى العمالي العريق والذي ينتمي لجيل القتلة القديم شمعون بيرس و الذي لم يشعر بأي حرج حين قال قبل يومين : نعم لقد حقق شارون الكثير من الأهداف بطريقته القيادية تلك . إنه إعجاب الدجاجة المبتلة بأنياب الذئب اللامعة . ليس مدهشا إذن أن ترتفع شعبية شارون في المجتمع الصهيوني مع ازدياد كمية الدم الفلسطيني الذي يسفكه اليوم ، فآخر عمليات سبر الآراء التي أعلن عنها اليوم السبت 5/4/ أن جماهيرية شارون ونسبة المؤيدين له ارتفعت بشكل هائل من 30 بالمائة الى 73 بالمائة .ويمكن اعتبار هذه المؤشرات كاشفا آخر يفسر لنا فقدان الثقة الذي يسود الشارع الفلسطيني واليأس المطبق من الشارع الإسرائيلي الأكثر تطرفا من القيادات التي ينتخبها. وعلى هذا سيكون مفهوما لماذا بدأت بعض القيادات الفلسطينية بالكلام عن احتمال إعادة النظر في الإستراتيجية السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية السلمية والكلام علنا عن موضوع تفكيك الدولة الصهيونية بمواجهة البرنامج الانتحاري الذي يقوده حزبا إسرائيل الأكبر الليكود والعمال وهو البرنامج القائم على ركيزتي الإبادة الجماعية والترحيل الجماعي . لقد تحولت وصية المجرم بن غوريون الى لعنة أو هاجس ترسب في أعماق الذاكرة الجماعية والمزاج العام للمجتمع الصهيوني وأصبح شعار" إما نحن وإما هم " هو القانون السياسي والاجتماعي والأخلاقي الذي يحكم هذا المجتمع .إن هذه الظاهرة من سمات المجتمعات الاستيطانية على مر العصور وفي شتى أرجاء العالم ، من جنوب أفريقيا الى الولايات المتحدة وكندا واستراليا ونيوزلندا و جميع الدول الأوروبية الاستيطانية الأخرى التي أقيمت على أشلاء وجماجم السكان الأصليين . ولكن التاريخ يعلمنا أن النتائج كانت وستكون مختلفة مع العرب عامة والفلسطينيين منهم خاصة . فلنتذكر كمثال دال نهاية الدول الصليبية الأربع في بلاد الشام قبل بضعة قرون أو نهاية المجتمع الاستيطاني الفرنسي في الجزائر خلال القرن الماضي .

2- سليم لقمان غاضب :
الكاتب اللبناني سليم لقمان غاضب على العرب وممتعض جدا خصوصا من أولئك الشباب الذين وقفوا في شوارع بيروت ( يتقيئون – كما كتب حرفيا عدة مرات ) يتقيئون شعار ( فلسطين لنا ) ! وزاد امتعاض سليم لقمان حين أخبر صديقه العراقي عمر نشابة الذي كان يشارك في اعتصام أمام السفارة الأمريكية بالهاتف النقال بأن عملية تفجير قد وقعت في مدينة " حيفا " فرد عليه صديقه بعفوية معتبرا ما قاله خبرا سارا . وهنا هرع لقمان الى قلمه و كتب مقالة حادة وغاضبة في هيئة رسالة مفتوحة وجهها الى صديقه عمر على صفحات جريدة النهار البيروتية التي نشرتها في عدد يوم 3/4/2002 وعلى صفحتها الهامة " قضايا النهار ".
لست في وارد الدفاع عن العمليات المسلحة التي تستهدف عن سابق قصد وتخطيط المدنيين الأبرياء ولي موقفي المعلن في أكثر من سجال ومناسبة في هذا الصدد ومن أشهرها السجال مع الكاتب المتصهين العفيف الأخضر على صفحات جريدة القدس العربي . فتلك العمليات أدانتها السلطة الفلسطينية ذاتها وعدد معتبر من فصائل المقاومة الفلسطينية ، وقد دفع الشعب الفلسطيني قبل غيره ثمنها باهظا بلغ مستوى المجازر الجماعية وإعدام الأسرى وإبادة أسر بكاملها آخرها أسرة "يعقوب العابدة " في مدينة بيت لحم وقطع المياه والغذاء وهدم دور العبادة .. الخ ، ولكنني في وارد فضح المسؤول الحقيقي وراء سقوط الضحايا الأبرياء، أياً كانوا ، علما بأن أغلبية الضحايا المدنيين وبنسبة مضاعفة هي من الفلسطينيين ، وفي رأيي أن المسؤول الحقيقي هو حكومة الاحتلال الصهيونية في المقام الأول ، كما أنني في وارد الدفاع عن التفهم الإنساني لهذا النوع من ردود الأفعال التي يقوم بها مظلومون سدت في وجوههم جميع الآفاق وحطمت بقوة المؤسسة العسكرية المحتلة جميع الآمال . والتفهم لا يعني الموافقة بل يعني وضع الحدث في سياقاته التاريخية والسياسية لأخذ الدروس والعبر المفيدة و الإيجابية منه وبما يخدم عملية تحرر الشعب الفلسطيني واستعادته أرضه وحريته ليحل سلام حقيقي. نعم ، إن العمليات الاستشهادية الفلسطينية ضد جيش الغزاة والمستوطنين المسلحين هي قمة التضحية وذروة الشرف الإنساني وهذا يعني إنني في وارد الدفاع عن شعار فلسطين لنا، وحين أقول " لنا " فالمقصود لأهلها المقيمين عليها والمطرودين منها أولا ولأمة العرب ثانيا ولبلدان الحضارة الإسلامية ثالثا وللإنسانية الحرة المقاومة أخيرا.
ونكرر التساؤل بغرض التوضيح : لماذا أزعج هذا الشعار كاتب جريدة النهار سليم لقمان ؟ هل لأنه يوحي له بأن المقصود كل أرض فلسطين التاريخية مما يترتب عليه تدمير الدولة الصهيونية ؟ طيب ، لماذا نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين الذين يعلنون ليلا ونهارا إنهم يقصدون بفلسطينهم التي يريدونها لهم أراضي فلسطين حتى الخط الأخضر فلماذا لا يُفهم الشعار كما يفهمه الفلسطينيون أصحاب القضية ؟ ثم لنفترض جدلا وهذا أمر ممكن لو أن دولة إسرائيل انهارت وتفككت تلقائيا وعادت فلسطين التاريخية كلها لسكانها المقيمين على أرضها والذين شردوا منها بقوة القسر العسكري الصهيوني فهل يجب علينا كعرب وفلسطينيين أن نقول لا ،يجب علينا إعادة بناء تلك الدولة الغربية والأدلوجية القائمة على الردع النووي وأموال دافع الضرائب الغربي والخرافات السلفية الطائفية ؟ هل يجب أن نقول لا ، يجب إعادة تلك الأرض الى الغربيين لكي لا يزعل السيد سليم لقمان ؟ أما قصة ( يتقيئون ) يا كاتب "النهار" فعيب و عيبة ، لقد تقيأ اللاجئون الفلسطينيون دما حقيقيا وغزيرا في مخيمات العزل والبؤس البيروتية و الطرابلسية والجنوبية وفي أزمان جميع الحكام،الرجعيين والتقدميين ،والقوميين والانعزاليين ،والكفار والمؤمنين ، والحفاة والمقاولين ، دون أن يتوقف نزيفهم ودون أن تهتز شعرة واحدة في مفرق أكثركم حداثة وتطورا وإنسانية إلا ما ندر وتندر ! دعني أزعجك أكثر يا كاتب " النهار "بالخبر الصغير التالي : عدت أنا كاتب هذه السطور قبل قليل من مظاهرة جماهيرية انطلقت من ساحة "بلاص بيلير" في مدينة جنيف وسارت على امتداد كورنيش بحيرة ليمان وشارك فيها الآلاف من العرب والسويسريين و غيرهم وشاركت فيها 25 نقابة وحزبا سويسريا يساريا وكان من شعاراتها الأكثر دويا والذي ردده الأجانب مع العرب وباللغة الفرنسية شعار يقول ( ليبيره لا بلاستين .. ) ومعناه : حرروا فلسطين ! ( بكسر الراء الأولى أي كفعل أمر )

3- بلاغة سويسرية :
عدد من نشطاء حركات التضامن مع الشعب الفلسطيني ومنظمات حقوق الإنسان العرب، وكانوا أقلية ،والأوروبيين وكانوا أغلبية ، قرروا القيام باعتصام أمام القنصلية الصهيونية في مدينة جنيف يوم الخميس 5/4/ واتصلوا بالسلطات الرسمية فرفضت الترخيص لهم بذلك على اعتبار أنها الدولة المضيفة والتي تتحمل مسؤولية حماية القنصليات الضيفة فقرروا القيام باعتصامهم وعلى غفلة من السلطات وأخبروا وسائل الإعلام دون أن يعطوهم المعلومات الكاملة ثم ذهبوا مع الصحفيين الذين حضروا بالحافلة وحين وصلوا أمام القنصلية نزلوا وأخرجوا لافتاتهم قالوا للصحافة هذا نشاطنا فابدأوا التصوير . وكانت هناك دورية شرطة سويسرية . تقدم قائدها بمنتهى التهذيب وصافح مسؤول المظاهرة أو الاعتصام وهو سويسري أيضا وقال له ماذا تفعلون ؟ فرد الناشط السويسري نقوم باعتصام أمام القنصلية الإسرائيلية التي تقوم دولتها بعدوان على الشعب الفلسطيني فقال قائد الدورية :ولكن هذا فعل غير مرخص به وبالفرنسية ( ني با أوتوريزيه ) ! فرد عليه الناشط : وهل ما تقوم به إسرائيل في مدن وقرى فلسطين مرخص به ؟

4- حوار بين أزعرين :
فائدة لغوية :الأزعر والزعر بكسر العين هو سيئ الخلق كما يعرفه صاحب "لسان العرب" وهو أقرب الى ما يصفه العراقيون وبعض الشوام بلهجتهم المحكية " السرسري " ولكن الأزعر قد يعني صغير السن والفتى حصرا أما السرسري فيفيد صغير السن وكبيره معا ويضيف اللحياني الى سوء خلق الأزعر قلة المال وهذا نافل فيما يخص الأزعرين شارون وموفاز لأنهما مرابيان مسلحان بالقنابل النووية )
قصة واقعية : جلس الأزعر الكبير الى مساعده ورئيس هيئة أركانه في مقر قيادة العصابة وراحا يدردشان غير أن أزعر من الحجم الصغير يهوى جمع الطرائف والقفشات قرر أن ينصب كمينا لقائده ومساعده فوضع جهاز تسجيل تحت الطاولة وسجل الحوار التالي بينهما ، وفيه كان يتحدثان عن ضرورة تطيير " وعليك تأويل الكلمة كما تشاء " الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات فلنستمع للحوار كما نقلته جريدة يديعوت ليوم 4/4/2002 فلنستمع لهما ولنتخيل صوت همسهما والشبق الدموي الممزوج بالجبن المرضي والفوبيا الحادة التي تعتمل في دواخلهم من الحرية الفلسطينية :

موفاز: يجب أن نُطَيِّرَهُ .( الضمير يعود على ياسر عرفات )
شارون: ماذا ؟
موفاز: أن نطيره .
شارون: أنا أعرف .
موفاز: يجب أن نستغل الفرصة الآن . لن تسنح لنا فرصة أخرى .
شارون: الآن أريد أن أتحدث معك. حين تفعلون ، أنا لا أعرف بأي وسيلة تفعلون ذلك، ولكنكم تخدرون الجميع .
موفاز: نحن نجلس لنفكر بذلك. ولكن في كل الأحوال سيكون الأمر مثيرا للمشاكل، هذا ليس بسيطا.
شارون: يجب الحذر.
لقد نقلنا الحوار بين شارون وموفاز حرفيا و كما ترجمته نشرة " المصدر " الفلسطينية نقلا عن جريدة " يديعوت ". وسنتركه هكذا دون تعليق من جانبنا بل سنترك رئيس كتلة السلام الإسرائيلية يوري أفنيري يقول كلمة حول نفس الموضوع /الشعب /الرجل ، في مقالة تحت عنوان ( من هو موسى ومن هو فرعون ؟ ) نشرت في جريدة معاريف يوم 4/4/2002 وشبه فيها ياسر عرفات بموسى و شارون بفرعون .وقال ( لن يظهر عميل فلسطيني. ولو ظهر سيقتل فورا مثل بشير الجميل، عميل شارون في لبنان. لقد عشنا هذه التجربة. السلطة ستنتقل لعشرات ومئات قادة المنظمات السرية المحلية التي ستشن حملة انتقام تستمر لسنوات طويلة، ليس فقط في البلاد بل في العالم كله. حياة الإسرائيليين ستتحول الى جهنم ، والعالم كله سيتحول الى شارع بن يهودا المقدسي. لن تنعم أي سفارة، طائرة، سائح، بالأمن. عرفات الميت سيكون أخطر ألف مرة من عرفات الحي. عرفات الحي يستطيع بل ويريد السلام. عرفات الميت لن يستطيع ذلك. انه سيخلد النزاع لأجيال. في أيامنا يتساءل المؤرخون عن تمرد المتشددين. أي روح حمقاء تملكت آنذاك الشعب الذي شن حملة تمرد عديمة الجدوى ضد القوة العظمى وأدى الى خراب الاستيطان اليهودي في البلاد. بعد 100 سنة سيتساءل المؤرخون: أي روح حمقاء تملكت الشعب، الذي انتخب إريئيل شارون، رجل الدم الذي لم يعمل طوال حياته سوى في سفك الدماء وإقامة المستوطنات ؟ أي روح حمقاء تملكت الشعب الذي فضل المستوطنات على السلام والمصالحة حتى حين ُقدما له على طبق من فضة ؟ وكيف حصل أنْ وقف هذا الشعب جانبا، حين اقترح عليه العالم العربي - ربما للمرة الأخيرة - سلام حقيقي وعلاقات تطبيع والجمهور الذي أصغى للأقوال البائسة من السياسيين والصحفيين الذين رفضوا الاقتراح وصفقوا لشارون عند خروجه في حملة دامية هي الأسوأ من كل ما سبقها؟
إن اللحظة التي يقتل فيها ياسر عرفات ستتحول الى نقطة اللاعودة . يوري أفنيري / معاريف 4/4/2002 .)
كلام سليم و عميق لشخص يحترم نفسه ويريد سلاما حقيقيا على العكس من كثيرين من قادة اليسار الصهيوني الغبي و الذين ينطلقون في رؤيتهم للسلام من مصلحة إسرائيل القوية المهيمنة والمغلفة بالحرير وليس بالضرورة من مصلحة إسرائيل محتلة ومفضوحة وملطخة بدماء الأطفال الفلسطينيين.
إن العميان - بصرا وبصيرة - هم أولئك الذين لا يرون فرقا بين كلام أفنيري ورفاقه القليلين في معسكر السلام الحقيقي وبين كلام الزعران الفاشيست من أمثال شارون وتابعه موفاز .

5- حزب الله يعتذر :
الاعتداء الجسدي الذي قام به عدة عناصر من حزب الله على عناصر غير مسلحة من القوات الدولية في جنوب لبنان كان ومؤسفا ومحرجا ولا يليق براية المقاومة اللبنانية ورأس حربتها حزب الله قبل أي طرف آخر . إسرائيل استغلت الخبر ونقلت الجنود الدوليين الى مستشفياتها في فلسطين المحتلة ، أما كوفي عنان فلم يتردد أو يتمهل كما اعتاد أن يفعل حين يقوم الصهاينة بمجزرة بل ندد وشجب . لقد كان الكثيرون في حيص بيص من هذه الحركة اللامسؤولة والفظة والتي يستحيل تبرريها بأخلاق المقاومة اللبنانية الباسلة و قد تقدم حزب الله ليعتذر عن هذا التصرف ويتعهد بعدم تكراره ، وهكذا مسح سيد المقاومة هذه اللطخة المؤسفة عن رايته . وأثبت بالملموس أن العرب المقاومين ، وبغض النظر عن الأدلوجة السياسية التي يرفعونها أنبل وأرقى أخلاقيا من جيش المجازر الشاروني الصهيوني عديم الأخلاق .

6-إصرار سي عبد القادر :
سي عبد القادر هو الاسم الحركي السري للمجاهد السابق والرئيس الجزائري الحالي عبد العزيز بوتفليقة . لسنا في صدد التدخل في الشؤون الداخلية لأيٍّ كان ولكن من حق الناس أن تتساءل عن السر وراء إصرار الحكومة الجزائرية وطوال أكثر من ثمانية عشر شهرا هو عمر الانتفاضة الفلسطينية على حرمان الجزائريين من حق التظاهر تضامنا مع أشقائهم الفلسطينيين ؟ في بداية الانتفاضة ومع صعود المد التضامني في العالم العربي أجمع تقدم السيد عبد الله جاب الله زعيم أحد الأحزاب الإسلامية والسيدة لويزة حنون الناطقة باسم حزب العمال "اليساري الماركسي " بطلب الترخيص لمظاهرة سلمية الى وزارة الداخلية فرفضت الوزارة ذلك الطلب . ثم تكررت المحاولة فتكرمت حكومة بوتفليقة بمنح المطالبين حق الاجتماع في قاعة صغيرة في العاصمة الجزائرية لا يملأ جمهورها حافلتين . ومع العدوان الحالي تكررت المحاولة فرفض الطلب مما اضطر الاتحاد العام لطلبة الجزائر الحر وأطراف أخرى في مقدمتها حركة مجتمع السلم "حمس" بقيادة الشيخ محفوظ نحناح الى أخذ المبادرة وتنظيم المظاهرات داخل الجامعات والمعاهد طوال فترة أسبوع كامل ثم مددوها لمدة ستين يوما على الرغم من "إصرار بوتفليقة . أية مصلحة للحكومة الجزائرية في حجب صوت الشعب الجزائري في هذه الأيام العصيبة والتي لم يفوتها حتى الحزب الاشتراكي الهندي ولا جمعية المكفوفين التركية ؟ أ هي مترتبات خاصة على المصافحة الشهيرة غداة الجناز الملكي لعراب اتفاقية "كامب ديفد" في الرباط بين بوتفليقة وبين قاتل قادة منظمة التحرير إيهود بارك ؟ كيف نفسر هذا الرفض والإصرار البوتفليقي على الرفض ؟ هل هو الجزاء الحسن ورد الجميل المضاعف الذي تقدمه الحكومة الجزائرية لعرب المشرق و في القلب منهم الفلسطينيون على ما أبدوه من دعم وتضامن مطلقين طوال أعوام للشعب الجزائري وثورته ، أم إنها محاولة مقصودة لضرب العلاقة التضامنية بين الشعب الجزائري والعرب عامة ؟ صحيح إن الحال " من بعضه " شرق وغرب الجمهورية ولكن للجزائر موقعها في الوجدان العربي والذاكرة الجمعية المقاومة وقد قيل أيضا أن مظاهرات انطلقت في تونس وحدثت صدامات مع " الأخوة " رجال الشرطة ولكننا – والحق يقال - لم نرَ الكثير من الصور ، أما في المملكة المغربية فقد خرجت مظاهرات ذات يوم ، يوم واحد ، و هانحن ننتظر فالعود أحمد آخر والأخبار تقول إن مظاهرة مليونية ستنطلق غدا الأحد في عدد من المدن المغربية ، ولسوف تؤكد هذه المظاهرة كما نوقن أن المغرب العزيز هو خزان بارود المقاومة العربية .

7-دور العبادة تئن :
خلال العدوان الصهيوني الجاري مرت دور العبادة الفلسطينية، الإسلامية والمسيحية ، في محنة حقيقية، وتعرضت للتدنيس المتعمد والضرب المسلح ، ففي مدينة السلام ومسقط رأس يسوع المسيح أحرق مسجد عمر بن الخطاب وطوقت وفجرت أجزاء من كنيسة المهد وأطلق الرصاص والقذائف على المآذن وتماثيل السيدة مريم العذراء وقتل قارع أجراس الكنيسة الفلسطيني المسيحي رميا بالرصاص أما في المسجد الأقصى فقد اجتاحت شرطتهم محيطه وباحاته .
وتحت ظلال هذه المحنة حدثت وحدة كفاحية رائعة ونادرة في تاريخ العرب بين المسلمين والمسيحيين بعد أن راهن الصهاينة طويلا وعملوا جاهدين على دق الأسافين بين هؤلاء وأولئك. ولقد تعمدت هذه الوحدة بالدماء، وبمقدار ما في هذه الكلمات من عاطفة صادقة ففيها من مضامين الوعي العلمي والمستقبلي الكثير . لقد استمعنا الى الأب عطا الله حنا القادم من القدس المحتلة يقول في كلمته أمام مندوبي المؤتمر القومي الشعبي العربي في البحرين ( إذا كانت مقاومة الاحتلال تعتبر إرهابا فأنا أول الإرهابيين ) واستمعنا الى مفتي القدس الشيخ عكرمة صبري يرد على التحية الكفاحية بمثلها ويحذر الصهاينة من أن اعتداءهم على الأقصى سيشعل الشرق الأوسط برمته .وأفتح قوسا هنا لأقول بأن آخر طرفة انتشرت في مدينة بيت لحم هذه الأيام تقول أن الجنود الصهاينة اعتقلوا مواطنا فلسطينيا من أهل المدينة واسمه جورج ميخائيل ووجهوا له الاتهام بأنه عضو في المكتب السياسي لحركة حماس !!
في ظل هذه الأحداث الواعدة وفي ظروف اختناق الإعلام الصهيوني أعلنت وكالات الأنباء أن عددا من دور العبادة الخاصة بالطائفة اليهودية في عدد من الدول الأوروبية تعرض لقذف النوافذ بالحجارة والزجاجات الحارقة كما عثر على عبوات ناسفة من صنع بدائي وراحت وسائل الإعلام وبخاصة الصديقة للصهاينة تتهم العرب والمسلمين بفعل ذلك .
إن هذه الممارسات المريبة ضد دور العبادة اليهودية تشكل دون أدنى شك طعنة غادرة في ظهر الشعب الفلسطيني المنتفض والمقاوم للعدوان الإسرائيلي وهي تفك الخناق عن إعلامه وتشتت الأضواء عن ممارساته الدموية بحق المقدسات العربية المسلمة والمسيحية ولمحاصرة هذه التصرفات المريبة قالت السيدة ليلى شهيد سفيرة فلسطين في باريس لإذاعة الشرق التي يملكها الشيخ الحريري إنها تدين هذه الممارسات وإنها تقترح على السلطات الفرنسية أن يقوم متطوعون فلسطينيون وعرب بحراسة دور العبادة اليهودية بالتنسيق مع السلطات المختصة . غير أن وسائل الإعلام المهيمنة لم تعبأ بهذا التصريح الجريء وبالمناسبة فلم يقتصر التنديد بتلك الاعتداءات الفظة على دور عبادة اليهود على الأوساط العربية العلمانية بل ساهمت فيها شخصيات إسلامية فقد صرح المحامي الإسلامي سعد جبار المقرب من جبهة الإنقاذ الإسلامية الجزائرية المقيم في لندن لفضائية شبكة الأخبار العربية مساء الخميس 4/4/ قائلا ( بأننا قوم متحضرون ونرفض هذه الاعتداءات ونعتبر من يعتدي على دور عبادة لليهود وغيرهم عدوا لنا . ) والواقع فإن من الميسور تماما معرفة إن الطرف المستفيد من اعتداء ساذج على نافذة كنيس يهودي بحجر وهو نفسه الذي يقصف مسجد عمر بن الخطاب وكنيسة المهد بالقنابل الثقيلة . وقد غدا معروفا أيضا إن العناصر التي تندس في المظاهرات التضامنية في المدن الأوروبية لتصرخ بهتافها الطائفي فجأة ( خيبر خيبر يا يهود.. ) تهدف الى تفكيك المظاهرة مباشرة فينسحب المشاركون فيها تباعا وقد حدث ذلك في أكثر من مظاهرة ، لقد غدا معروفا أن هؤلاء المندسين لا يفعلون ذلك من أجل فلسطين أو خدمة للدين بقدر ما يسعون الى تخريب أي جهد تضامني عربي أو عالمي مع شعب فلسطين يفضح الإجرام العنصري للغزاة الإسرائيليين الصهاينة وتخفيف الحرج والضغط عنهم بشكل مباشر أو غير مباشر .

8-بارب كيو سعودي :
لا يختلف الطقس السياسي كثيرا في المملكة العربية السعودية عنه في دول شقيقة أخرى ولكن الأخوة المشاهدين السعوديين حطموا جميع الأرقام القياسية في العويل وذرف الدموع على شاشات القنوات الفضائية وهي دموع صادقة دون ريب، ولكن مردودها فلسطينيا لن يكون مثمرا وحاسما على كل حال . معرف أن النظام السعودي يعتبر المظاهرات والنقابات والمسرحيات والأحزاب مجرد رجس من عمل الشيطان الأحمر ، أما ضخ النفط بأسعار شبه مجانية الى الولايات المتحدة الأمريكية ومن ثم الى دبابات الميركافاه وطائرات " أف ستة عشر" الإسرائيلية فهو عمل يجلب الحسنات . ورغم ذلك فقد انطلقت مظاهرات صاخبة في بداية الانتفاضة في عدد من مدن الشمال السعودية القريبة من الحدود العراقية وقد قمعت تلك المظاهرات بقسوة واعتقل مئات من المشاركين فيها . واليوم يبدو أن " لعنة " المظاهرات قد تسربت جنوبا كما أكد أحد الشيح عبد الحميد آل الشيخ لقناة الجزيرة وقال أن مظاهرات حدثت في أكثر من جامعة ومدينة سعودية . ولكن الشيخ المذكور حاول أن يجد تعلة ما للحكومة السعودية و للجنة رجال الدين التي أسماها " اللجنة العلمية " التي يقودها هو حول موضوع عدم التقدم بطلب الترخيص لمظاهرة . والتعلة الواهية هي عدم وجود سابقة من هذا النوع في المملكة أولا ولأن أحدا لا يريد أن يحرج الحكومة ثانيا . ونتساءل هل كان لعمليات زراعة القلب التي ُتجرى لرجال الحرس الملكي الباكستانيين في مستشفى الملك عبد العزيز سابقة تاريخية في السعودية ؟ هل كان لاستقبال الصحافي الأمريكي وصديق إسرائيل فريدمان في الديوان الملكي سابقة تاريخية ؟
ومع ذلك ، وبكل حسن نية ،نقترح على أعضاء جمعية "البكائين الأحرار" في الجزيرة العربية المظلومة السفر بسياراتهم الفارهة ونصب خيامهم على مشارف القواعد العسكرية الأمريكية وإقامة حفلات الشواء وولائم ما يسمونه " بارب كيو " تضامنا مع الشعب الفلسطيني وهم بذلك يضربون سرب عصافير بحجر واحد ومن ذلك :
- يزعجون الجنود والضباط الأمريكان بالدخان وروائح الشواء .
- يزيدون نسبة السكر والشحوم في دماء الحكام .
-يدعون الله لكي ينصر المجاهدين الشيشان والألبان والأفغان .
هامش على الهامش السابق : بثت قناة الجزيرة القطرية قبل قليل / عصر يوم السبت 6/4 /مشاهد تلفزيونية مشوهة عن عمد ولأسباب أمنية كما يبدو من إحدى المظاهرات الجماهيرية الحاشدة في إحدى المدن السعودية . المدهش في الأمر أن المتظاهرين كانوا يهتفون بشعار ( فلسطين عربية فلتسقط الصهيونية ) وهو الشعار العتيد الذي هتفت به أجيال من حركة التحرر الوطني العربية في الستينات والسبعينات حين كان المد الوطني والقومي في ذروة عنفوانه . أيُّ وعدٍ أو بشرى يحملها هذا الحدث القادم إلينا من قلب جزيرة العرب الذي خاله الكثيرون قد كف عن النبض تماما !؟



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار الكردي الفلسطيني
- لم يبقَ إلا مطالبة شارون بقطع العلاقات مع الدول العربية !
- الهاتف الرئاسي العربي بمواجهة دبابة مركافاه الصهيونية
- مغامرة التأسيس والريادة في رواية السيرة العراقية : في مواجهة ...
- من "ورقة الأمير فهد " الى " تصريحات الأمير عبد الله "
- خطاب العقيد القذافي الأخير :لا جديد تحت شمس العقيد !
- مناقشة لآراء " غراهام فولر" حول نهاية النظام العراقي
- الإسلام السياسي وإشكاليات الديموقراطية السياسية المعاصرة
- - بغدادُ ترتقي الجُلجُلة- فصلان من مسرحية عراقية جديدة عن ال ...
- لغة التعميمات سلاح ذو حدين
- قراءة في نداء حركة المجتمع المدني العراقي
- التوازن الهشّ بين اليسار الجذري واليمين الليبرالي
- حول الأسس الفلسفية لسياسات العولمة


المزيد.....




- فيديو لمطاردة جنونية بين الشرطة الأمريكية وشاحنة مسرعة على ط ...
- دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض ...
- أول تعليق من حماس على قرار تركيا بوقف التجارة مع إسرائيل.. و ...
- صحيفة أمريكية: خطط الصين لإنشاء محطات كهروذرية عائمة تثير قل ...
- بوتين ورحمون يبحثان تعاون روسيا وطاجيكستان في مكافحة الإرهاب ...
- جونسون يقع في حفرة حفرها بيديه
- نيويورك تايمز: هذه شروط التطبيع السعودي الإسرائيلي والعائق ا ...
- في -سابقة عالمية-.. رصد -إنسان الغاب- وهو يعالج نفسه من إصاب ...
- إسرائيل تترقب بحذر صفقة عسكرية فريدة من نوعها بين تركيا ومصر ...
- سحب دخان سام في سماء برلين والسلطات تصدر تنبيهات تحمل علامة ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علاء اللامي - هوامش على دفتر المذبحة