أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمال محمد تقي - المتاهات والبدايات الصحيحة















المزيد.....

المتاهات والبدايات الصحيحة


جمال محمد تقي

الحوار المتمدن-العدد: 2132 - 2007 / 12 / 17 - 01:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العرب في مواجهة امريكا واسرائيل :
نعني بالمواجهة التقابل المتصارع بين طرفين ، ويمكن ان تكون المواجهة ايضا بين مجموعة اطراف متوافقة بالضد من مجموعة اخرى او طرف اخر !
من الطبيعي اننا هنا نقصد المواجهة بين شعوبنا العربية ، وتطلعاتها من جهة ، وبين تطلعات النظام الصهيوني في اسرائيل ، المدغمة في كل الاحايين مع تطلعات المشروع الامبريالي العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية ، وليس كما هو شائع في تبادل الادوار معها ، فلا يمكن لاسرائيل مثلا ان تكون امريكا بالنسبة للعرب ولكنها يمكن ان تكون قاعدتها الضاربة او المهيمنة ، رغم ما كان يبدو من تبادل للادوار والذي كان غالبا على طابع السنوات الاولى من الحرب الباردة حيث كانت تبدو اسرائيل ، وكانها هي المقصودة بهندسة التغلغل واحيانا التدخل الامبريالي وهي من يستدعيه للمواجهات الحادة فيها ، كما حصل ايام عدوان 56 19 على مصر عبد الناصر ، فالامبرياليات الثلاث بريطانيا وفرنسا ومن وراء الحجرات امريكا كانت مسكونة بالادوار المتبادلة فيما بينها ، والتي تبتغي في الاصل تأصيل الكيان الصهيوني الغريب عن حيثيات المنطقة ، وجعله محصننا داخليا وخارجيا بعوامل التفوق المصدرة اليه ماديا وبشريا ومعنويا ، مجندة اياه طوال الوقت لحرسة مصالحها الحيوية اذا عز عليها التدخل المباشر وكل هذا انطلقا من استراتيجيتها هي للهيمنة على اكبر مستودع للطاقة الحيوية وعلى اهم جسور ومضايق وممرات تربط العالم ببعضه.
كان عدوان 1956 طور بدائي ومباشر من اطوار الوظيفة المناطة للكيان الصهيوني ، وشكل علاقتها بالمواجهات الامبريالية ، انها نوعية من التكامل والتخصص وتوزيع الادوار وبذرائع امبريالية مباشرة ـ ذريعة تاميم شركة قناة السويس الامبريالية ـ اما عدوان 67 فهو طور مركب لوظيفة تتناسب ومستوى التحصيل ، والاستعداد الصهيوني حيث التنفيذ من المستوطنة ـ القاعدة ـ وبشكل مباشر وبذرائع اقليمية ، لكن لاهداف يصعب الفصل بينها امبرياليا وصهيونيا !
اما عوامل التفوق المصدرة فهي :
ماديا ـ من خلال ضخه بكل عوامل نجاح مشروع راسمالي استيطاني متكامل يعتمد العنصرية الدينية كجوهر لعقيدته المعلنة التي تنجز توافقات توظيف الفكرة لخدمة المشروع مما يكسبه قوة وطاقة اضافية تقلل من اصل التكلفة المادية ، من استثمارات طائلة وفي كل المجالات الى نقل معامل جاهزة وتركيبها مباشرة كما البيوت الجاهزة الى نقل مؤسسات صحية وتعليمية وبحثية بمحتوياتها الى حيث ارض المشروع فلسطين !
بشريا ـ فمن توفير الايادي العاملة المدربة والعقول المفكرة والمبتكرة المتاحة امامها كل الحرية في التصرف والتفكير لخدمة المشروع والابداع في تطويره باجواء من الكفاية المغرية ، الى توفير جيش من العاطلين ـ جيش من الايدي العاملة الرخيصة ـ الهاربة من التخويف النازي والفاشي اضافة الى جيش حقيقي من العسكر المدرب والمعد قبل اعلان الدولة بعقود انه عناصر الهاغانا واخواتها من المنظمات المسلحة الصهيونية التي كانت تتسرب الى فلسطين منذ مابعد وعد بلفور بتسهيلات ودعم بريطاني فاضح لتنفيذ حلقات المسلسل وبالتتابع حلقة اثر حلقة !
معنويا ـ توظيف الموروث الديني وتداعياته النفسية والاجتماعية ، للسير بالمشروع الى مرحلة الانتاج
ثم ابتزاز التعاطف الاوروبي معنويا وماديا للتعاطف مع الدولة ـ اليتيمة ـ والابتزاز هنا يخص مواطني دول العالم من اليهود ايضا حيث الضغوط عليهم لاجل هجرتهم الى اسرائيل وزيادة سكانها من اليهود ، بالاستفادة من تداعيات جرائم النازية ومن اشاعات معادات السامية التي تشيعها هي ذاتها قبل غيرها !

قد يقول قائل هنا : ان المواجهات بمعنى الحروب قد انتهت مع اسرائيل منذ تبني عرب الحكومات مبدأ الارض مقابل السلام ، وهي بالتاكيد لا وجود لها مع امريكا ! هذا القول يسطح الواقع ويجعله اسير لمقولات انشائية اكثر منها تحليلية ونقدية ، فتأطير نصي لحركة التاريخ عملية مستحيلة ، استحالة تأطير الكون ، وكلنا يذكر مقولة السادات التي لم تصدق " حرب اكتوبر ستكون اخر حروب العرب مع اسرائيل " نعم قد تكون حروبهم انتهت بوجودهم ، وقد يكون غيابهم وحضور غيرهم بمعية عوامل جديدة اسبابا لحروب جديدة ، وهي قد عادت فعلا ولكن ليس من باب الحكومات ، فالاسباب الموضوعية للمواجهات والازمات والصراعات والنزاعات في المنطقة مازلت تفرض نفسها وبقوة ، ولم تجري اي معالجات حقيقية وعادلة لها وبالاخص في الموضوع الفلسطيني الذي يعتبر جوهر المواضيع فيها !

الانفراد الامريكي بالعالم وضع اسرائيل امام ادوار ثانوية ، في حين كانت ادوار البطولة لا تفارقها !
نهاية الحرب الباردة ادى الى تغول امريكي فاحش ومندفع نحو هدف امركة العالم عبر امبراطورية كونية لا يتنفس احدا فيه الا باذن منها ، وزاد هذا التطور من تضاعف الاهمية الحيوية لمنطقتنا العربية بعيون امريكا وتطلعاتها الكونية التي تريد من القرن الواحد والعشرين ، وقفا عليها ودون منازع ، لقد تطلب هذا الامر من الامريكان الامعان في التدخل السافر بشؤون المنطقة ودون الاعتماد المباشر على اسرائيل كذراع اصطناعية يمددوها الى حيث يشاؤون ، وانما باعتمادهم على جحافلهم المتأبطة احتلالا وتخريبا وتقطيعا لكل العاصين !
لقد قالتها امريكا للجميع اما معنا اوعلينا ، وقالتها للتبع من الحكام العرب اتبعوني حتى لو على بطونكم انجيكم من شعوبكم ومن انفسكم ، وبمقدار تطبيعكم مع اسرائيل سيكون تقديركم !
لقد عزز الانفراد الامريكي بالعالم مواقع اسرائيل في المنطقة بحيث وجدت اسرائيل نفسها خلال بضع سنوات وقد تمددت بعلاقاتها العلنية السياسية والاقتصادية والامنية مع عدد كبير من الاقطار العربية في حين ان مرحلة ـ السلام ـ التي دشنها السادات دامت اكثر من عقدين دون مكاسب علنية لكسر طوق العزلة حتى من الجهات الرسمية في مصر ، ومثلما اعطاها الاستفراد الامريكي فقد اخذ منها ايضا ، وابرز ما اخذه منها هو القيادة الميدانية لتوجيه اللكمات الاستباقية والاجهاضية والاحتوائية من الوزن الثقيل ، وهنا فقدت اسرائيل بريق التفرد بهذه الخصائص في المنطقة !

عندما تكثر المتاهات علينا بالبدايات الصحيحة !
من اروع ما تكون البدايات هنا هو البدأ بكتاب ريادي بفكرته وزمنه عن المواجهة المحتمة مع اسرائيل
انه كتاب صغير بحجمه كبير بافكاره ، هو كتاب للمفكر الدكتور اسماعيل صبري عبدالله المعنون ـ في مواجهة اسرائيل ـ صدرت الطبعة الاولى من هذا الكتاب عام 1969 ، واعيد طبعه عام 1980 بعد توقيع معاهدة الصلح المصرية الاسرائيلية ، صدر الكتاب عن دار الوحدة بيروت .
يقول الكاتب تحت عنوان ـ الى اين المصير ؟ ـ :
عرفت الثورة العربية خلال العقد الاخير ، حركة مد وجزر متعاقبين ، وقد عرفت القوى الثورية قبلنا المد والجزر ، ولسنا نقول هذا تبريرا لاخطاء ، او تعزية حيث لا عزاء ، فليس حتما مقضيا على كل ثورة ان تعرف على التوالي التقدم والتراجع ، وانما نحاول ان نضع الساعة الراهنة موضعها الصحيح من سلسلة الزمن المعاصر حتى لا يلهينا حدث على فداحته عن ادراك حركة الاحداث في جوهرها .
ان الثورة العربية بابعادها الثلاثة : التحرري ، والتقدمي ، والوحدوي ، قد احرزت نجاحات مؤكدة على راسها استقلال الجزائر وثورة اليمن الشمالي وتحرر اليمن الجنوبي ، واجراءات التحرر الاقتصادي والتحول الاجتماعي في عدد من الاقطار العربية ، واتضاح المحتوى التحرري والتقدمي الضروري لفكرة الوحدة العربية ، وقد تعثرت الثورة في مواقع كثيرة لاسباب متعددة في مقدمتها تفرق القوى الثورية والتقدمية والصراع العنيف بينها ، ولكن الجزر الاعظم الذي واجهته حركة التحرر العربي هو يقينا هزيمة سنة 1967 ، نعم لقد كانت تلك الهزيمة باثارها العميقة ، وابعادها الرهيبة ، اعتى ما اصاب الامة العربية في العصر الحديث : اقتطاعا من الجسد ، وامتهانا للعزة ، وامتحانا عسيرا للعقل والارادة .
واذا كان رد الفعل المباشر والتلقائي للجماهير العربية جاء رائعا وملهما : رفض الهزيمة ، وصمود في وجه العدوان ، واصرار على النضال حتى النصر ، واستعداد للتضحية بلا حدود ، فأن ردود الفعال في دوائر الحكم والسياسة واوساط المثقفين وطلائع الشباب لم تكن دائما في مستوى الاحداث ، لقد انتاب البعض بلبلة فكرية هائلة دعتهم الى اعادة النظر في كل شيء ، والشك في كل شيء ، واشرأبت روح الهزيمة والاستسلام تتشفى بالقوى الثورية وما اصابها وتشيع باسم التعقل والاعتدال والواقعية الدعوى الى التسليم للاستعمار الجديد والتماس الامن في ظل عصا الامبريالية الامريكية الغليضة واداء ما تقتضيه تلك الحماية من اتاوة في شكل التخلي عن آمالنا العراض ، في الحرية والاشتراكية والوحدة وفي الطرف الاخر وقف ثوريون شرفاء تقطر وطنيتهم مرارة واسى ، يكاد القنوط ان يملك عليهم نفوسهم ويحملهم الى المطالبة بالمغامرة بأي شيء كمن يشتهي غسل عار الهزيمة ، وسقى فولاذ الارادة ، والتطهر من اخطاء وصلت احيانا الى حضيض الخطيئة في نار حرب تحقق ذلك كله او لاتبقي على شيء . . . وليس في ردود الافعال غنى لشعوبنا ، اذ لا غنى لاي شعب يواجه ما نواجه من امتحان الا في التفكير الهادئ والحساب الدقيق ، وهذا ما لا يتاتى الا بمعرفة بالواقع شاملة وكافية ، ولكن الفرق بين الثوريين و"الواقعيين" في هذا المجال يكمن في ان تلك المعرفة تنتهي بالاخرين الى الاستسلام للواقع في حين انها في نظر الاولين ضرورة بالدقة لتجاوز الواقع بفعالية ونضال بدل الفرار منه تعلقا بالخيال ، ومن الناحية الاخرى لاشك ان الحماسة ذخر للمقاتل لا تعادله ذخيرة ، والوطنية لمشبوبة درع واقية من سهام الاستعمار الجديد ، ولكن التحليل العلمي " على البارد " هو وحده الذي يهدي الى طريق النصر . . . .

ويجيب الكاتب على سؤال يطرحه هو : هل اسرائيل مجرد اداة للاستعمار ؟ فيقول :
ثمة نظرة على جانب كبير من الصواب ، ولكنها تخطيء حين تصاغ في اطلاق يهمل حقائق اخرى ، واعني بها نظرية اسرائيل اداة الاستعمار ، ولها ولا شك فضل القاء الاضواء على دور الاستعمار في نشأة اسرائيل ودعمها ، وعلى دور اسرائيل في خدمة الاستعمار ، ولكنها تهمل الصهيونية كحركة استعمارية لها مكانها المتميز داخل اطار الاستعمار العالمي ، فاسرائيل ليست مجرد قاعدة عسكرية تابعة لامريكا مثل جوانتانامو في كوبا ، ومهما يكن من مدى اعتمادها على الغرب بصفة عامة وعلى امريكا بصفة خاصة ، فانها تستند الى حركة صهيونية منظمة تنتشر في بلاد كثيرة ، يقودها احتكاريون كبار ، وتملك من وسائل التاثير ما بدا واضحا مثلا في الانفصام الكامل بين سياسة ديجول وموقف الصحافة الفرنسية ، او حتى الاذاعة والتلفزيون بالرغم من تبعيتها للدولة !
وهي حركة ذات نفوذ واسع للغاية بين اليهود الصهاينة في مختلف بلاد العالم ، ايا كانت الاسس التي يستند اليها ذلك النفوذ . . . ولا يهون من شأن اسرائيل كدوة استعمارية ضيق الرقعة او قلة عدد السكان ، والنتذكر ان هولندا وهي البلد الصغير كان يحكم امبراطورية واسعة !
لقد شبه الكاتب دور اسرائيل ـ بالانكشارية الجديدة ـ حيث كتب يقول :
ان الوجود الاسرائيلي قد اثبت انه قادر على اداء خدمات جليلة للاستعمار تفوق مجرد السيطرة على جزء من الوطن العربي ، فعزل مصر عن اقطار الشام والعراق ، وتقطع الطريق البري الى شبه الجزيرة العربية ، فالكفاءة العسكرية الاسرائيلية اضفت بعدا جديدا على دورها في المنطقة ، بعدا يستحق من الاستعمار كل تقدير وتحصل في مقابله الدولة الصهيونية على المزيد منالمساندة الاستعمارية ، لقد رشحتها تلك الكفاءة لان تكون كلب الحراسة الشرس الذي يحمي مصالح الامبريالية ، ففي كل فترة مد لحركة الثورة العربية ، كانت اسرائيل تتحرك لتضرب جاراتها العربية محاولة تعطيل التقدم .
الوقاية واليقضة تحت هذا العنوان اشار الكاتب الى انه لا يكفي ان نرفض الاعتراف باسرائيل والتفاوض معها وعقد الصلح معها ، لا يمكن ان نقنع بتجاهل الوجود الاسرائيلي وننصرف الى شئوننا الاخرى ، وليس هذا فقط لاننا لا يجوز ان نتخلى عن مساندة الشعب الفلسطيني ، وانما لان اسرئيل بوضعها الراهن هي قاعدة صهيونية امبريالية عدوانية . ـ وعليه يجب مواجهتها بالبناء الداخلي الصلد وبالتنمية الحقيقية المتحررة من التبعية وباطلاق طاقات الجماهير وحريتها البناءة ، وتعبأتها باجواء التكافل والتكافوء والتداول السلمي للسلطة ووبناء اسس التكامل العربي وبناء القدرات العربية الرادعة ، وبالتخطيط العلمي طويل النفس يجري التحكم بدفة الصراع ـ .
ثلاث محاور لابد منها في الوقاية واليقضة وهي :
1 ـ ضرورة دعم ومساندة الدول العربية لمقاومة الشعب الفلسطيني . . . ان السلام الوحيد الذي يمكن ان يعمر في الشرق الاوسط هو السلام القائم على العدل ، ولا عدل بدون الاقرار بحقوق الشعب الفلسطيني وتمكينه من تجسيد وجوده الوطني في دولة مستقلة على كامل ترابها الذي اقرته الشرعية الدولية بعاصمتها القدس ، وبعودة اللاجئين اليها .
2 ـ دعم المقاطعة الاقتصادية لاسرائيل ، فهدف الصهيونية المختبيء وراء كل حديث عن السلام والصلح والتطبيع هو غزو بلادنا اقتصاديا لحساب الصهيونية والاحتكارات العالمية .
3 ـ اليقضة والقدرة على الردع ، ذلك اننا حتى ولو لم نهاجم اسرائيل فلن نامن شر عدوانها ، انها تعمل باستمرار على تعطيل حركة التحرر العربي وتوجيه الضربات لشل تقدمها ، وهي كثيرا ما تعتدي بتوصية من الامبريالية العالمية التي تريد حماية مصالحها الاستعمارية المهددة في الوطن العربي

تحديد الهدف ، هو واحدة من الاولويات لدى الكاتب ، وهنا افرد يقول :
ان صراعنا ضد المخطط الصهيوني الامبريالي لا فكاك منه ، انه قدرنا المحتوم ، فالانسان لا يملك الخيار بين الحرية والاسترقاق ، لانه اذا تخلى عن الاولى فانما يتخلى عن طبيعته كانسان ، والشعوب العربية تدرك تلك الحقيقة ادراكا عميقا ، لا ينال منه تردد بعض الاوساط الحاكمة او البلبلة الفكرية عند بعض المثقفين .
يقول الكاتب بخصوص الصلح الذي عقده السادات مع اسرائيل : انه نصر تكتيكي للصهيونية والامبريالية لا مراء فيه ، وهو بالضرورة يذكي اطماع العدو ويثبت تمسكه باهدافه القصوى في اكثر اشكالها تطرفا ، لكنه لا يغير من جوهر استراتيجيته ولا من عناصرها الاساسية شيئا !

ان مجمل ما ذهب اليه المفكر اسماعيل صبري عبد لله في كتابه هذا يحتفظ بحيويته ومصداقيته رغم مرور حوالي 38 سنة على صدوره الاول ، والذي افادنا فعلا في تاكيد ان مواجهة تكاثر المتاهات والتعقيدات الفكرية في موضوعة التحرر العربي ، ومواجهة الاستسلام الفكري للصهيونية والامبريالية وما انجبه تزاوجهما الموضوعي من كارثة اسرائيل على المنطقة كلها ، يتطلب مراجعة للبدايات الصحيحة وتلك مرتبطة حتما بالفكرة الجلية والموقف الاصيل الذي تكتنزه مثل تلك المساهمات .

لقد كان اخراج مصر من حلبة المواجهة بعد ابرام اتفاقية الصلح بينها وبين اسرائيل في كامب ديفيد المشهودة ، عبر مسلسل الاستفراد الامريكي بمصر ودورها ، وكنتيجة حتمية لانحدار الطبقة الحاكمة فيها الى درك التبعية الغاوية بالحفاض على كرسي حكمها المرفوض شعبيا ، ثم احتلال العراق وتقطيعه هما اهم واخطر النجاحات في المشروع الامبريالي الصهيوني لمصادرة المنطقة وما عليها من شعوب وثروات خلال العقود الثلاثة الاخيرة ، لتكون بعدها عملية ترويض ماتبقى من عناصر الثورة التحررية العربية مجرد تفاصيل وتداعيات لتجاوز الستائر النضالية الواقية في مصر والعراق ، فيما يحصل الان من محاولات لاستدراج وخنق جبهات المقاومة والممانعة في فلسطين ولبنان وسوريا هو لتصفية وتمشيط المنطقة تماما ما اي جبهات مواجهة صغيرة كانت ام كبيرة ، ومن هنا تبرز اهمية تعاظم دور المقاومة العراقية ، كي تستنزف العدو في المواجهات الكبرى وتشاغله عن الاستفراد بالبقية !
ان ما حصل للعراق كان باسلوب اخر يختلف عن الذي حصل مع مصر لكنه كتحصيل حاصل سيصل به الى النتيجة ذاتها بل واسوء منها حيث ستكون ترددات النجاح الامبريالي الصهيوني في العراق معمقة للانحسار المصري ومضعفة لامكانيات استرداد دورها الطبيعي !
كان للنجاح العربي في حرب تشرين 1973 كامتداد للحرب التحريرية التي اعد لها عبد الناصر منذ مابعد هزيمة حزيران 1967 ، وبروز عامل استراتيجي حيوي اخر في سوح المواجهة تلك ـ سلاح النفط ـ اثره الكبير في اشتداد الهجمة الامبريالية الصهيونية المعاكسة لاجهاض نصر تشرين ومعانيه بكمائن الاستفراد والتصيد بضعف الجبهات الداخلية العربية وموسمية العمل العربي المشترك ، فسياسة الخطوة خطوة نحو استدراج جزئي ثم كلي كان مثمرا ومنتجا للسياسة الامريكية الاسرائيلية ومواجهاتها مع الجبهات والمواقع العربية وكانت البداية مع مصر ـ والدور الثعلبي للكسنجرية حينها ـ
ثم الاردن ، وبعدها لبنان الذي عاد الميزان فيه للتارجح ، ثم منظمة التحرير الفلسطينية التي جرى التقاطها الى حيث بيت العنكبوت ،، وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي وبروز القطبية الواحدة ذات النزعة الامبراطورية الكونية للامبريالية الامريكية وحالة الشلل التي اصابت حركة التحرر العربية ، اقدمت امريكا على احتلال العراق في محاولة لجعله قاعدة مصالح حيوية متقدمة وساحة مفتوحة امام النشاط الصهيوني ، لليتكامل المشروع ويقترب من تكامل مساراته !



#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحسن الامني في العراق اشاعة رخيصة وباهتة !
- لماذا الحاجة الامريكية الى اتفاقية عسكرية طويلة الامد مع الع ...
- الغياب ممنوع والعذر مرفوع والرزق على أنا بوليس !
- مقاومة الاحتلال وعمليته السياسية لاتؤتي ثمارها بالمساومات !
- سلامة العراق سلامة لكل جيرانه !
- المثقف الاعور !
- وعد بلفور ووعيد هتلر!
- التطور اللاراسمالي بين الخرافة الفعلية والامكانية النظرية !
- وصفة مجربة :
- عفاريت السيد والباشا والاغا والخانم والخاتون!
- الناقص والزائد في ضرب العراق وتقسيمه !
- من حزازير المنطقة الخضراء في رمضان
- نار سوريا ولا جنة امريكا في العراق !
- الامارات العراقية غير المتحدة !
- احزاب وعصبيات غير متمدنة ؟
- من الذي على رأسه ريشة في عراق اليوم ؟
- الطواعين !
- 11 سبتمبر حقيقي في العراق !
- زيارة الامبراطور الاخيرة !
- لا مجتمع مدني حقيقي في ظل الاحتلال وحكوماته المتعاقبة في الع ...


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمال محمد تقي - المتاهات والبدايات الصحيحة