أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايد سعيد السراج - حكي بردانين















المزيد.....

حكي بردانين


عايد سعيد السراج

الحوار المتمدن-العدد: 2131 - 2007 / 12 / 16 - 10:39
المحور: الادب والفن
    


حكي بردانين

النص عند القاص: جمال عبود , هادئ , بسيط , يوحي بالعادية, والطمأنينة , وهو مألوف لديك , ولديه, ولديهم لأنه " حكي بردانين" حكي جرئ متضمّن , عميق حد الصراحة , واضح كالنهار , ومشرئب , متداخل يفيض بجوانيّة لاهبة , تكسر الظهر على حد قول الأديب الصديق (خطيب بدلة) , وتحني العظام , وتجعل الجمجمة تلف في غير مسارها المعتاد , ربما لأنه يريد لهذه المخيلة أن تتعانق مع صميم اللحظة , مع روح الحياة, وبواطنها , يجعل أعصابك تمصطك قبل أسنانك , ويترك ذاكرتك تعوم وتلوب رغم أن النقطة المحددة, أمامها ولا شيء غيرها فهو لا يجعلنا نقرأ أدبه , بل نقرأ الإحساس بأدبه فهو يضعنا بأجواء كابوسية وكأننا في حضرة أبي " لباد" في منام مرعب , فالسيارة الحكومية , تتعطل على طريق مهجور , والمشكلة مهمة جداً لأن في هذا اليوم توزع الكبابيت ( أي المعاطف ) , وبعد توزيعها (( ومن غير علامات , معاطفكم معروفة من ريحتها , ريحتكم وصلت لبعيد , تيوس, وجلجل حلقه بضحكة , مثل ضحكي , أشبه ما تكون بالنهيق0 على كل حال ورشتكم ما هي وحدها بالقطران , حكايات ال( أم ريحة) صارت تملأ آذان الطرشان , فلا تزعل خالي )) هكذا هي رحلة مع القاص – جمال عبود – جميلة وممتعة ومضحكة , ومسلية , ومحزنة بآن , " فالدون كيشوتيه" لدى أبطاله الطيبين الأنقياء, الذين يخرجون إليك بمعاطفهم الملطخة بالزيت, وأيديهم الممهورة بالحناء0
وهكذا ومنذ الغلاف يظهر / جمال عبود/ , رجلاً مهموماً بنظارتين وأوراق مبعثرة , وَجَسَد رأسهُ المعرفة , يتأمم حشداً من الناس , بأثواب ملائكة ,إذن الحكي أبعد من " حكي بردانين" أنه حكي المثقف المهموم بقضايا أمته ووطنه , الكاتب الواعي , الرائي, الذي يحزن كثيراً لتسويد السنونو البيضاء , آه كم نحتاج إلى هذا البياض, البياض الجميل, إننا بلا نقاء لا نحيا , كم هائل من الحزن معبأة به عروقك , وهي تعول تستغيث آيا رب لم هذا الشقاء ؟ ولم يسودون أيامنا؟ عندما تنتهي من قراءة قصة الأرياف ترحل مع السواقي " تلم أحزانك مدحوراً مذموماً , تقضي على ذاتك, تستجر هزائمك الصغيرة , وتُدهش, لدهشتهم بتسويد البياض , (( لقد فرشوا لنا الساقية بالتراب والحصى , طهروها كي يمر الطريق من فوقها)) (( صار عندنا شارع كبير , وعما قريب يجيئنا الزفت أيضاً)) هي الحضارة الملعونة تعتدى على كل شيء , وتبدل كل شيء , النهر يجف , والطريق يصبح فوقه , يا للمهزلة ؟ زمن الموات , بديل النهر هو الزفت, يا للسواد ! (( ألم أقل لكم أن الطيور جميلة مثلكم ما دامت حرة تطير , وأنكم أجمل منها ما دمتم لا تؤذونها ؟ )) شرط الجمال الحفاظ عليه, شرط الكائن البشري الأذى , شرط , الكاتب الحفاظ على الجمال0 علاقة تتجذر في الذات الحرة, تشرئب مثل قطرات الندى على أغصان برية, نص يحمل عمقه ويتفرد بذات الكاتب الإبداعية 0 يطوِّح بها بعيداً لدرجة " اللاوقت للأرق " , فهو مأرق بشكل كبير , أنه يوزع أرقه عليكم , ويترككم مدحورين بالخيبات, فالذات المنكسرة 0 هذه الذات المؤرقة التي طموحها العالم , فهي تضم الناس بين جناحيها بدفء , وبحنان الناس الطيبين زهرة اللوتس هذه التي على ضفاف قلب القاص تجعله , يذهب بالحلم بعيداً , بعيداً حد العناء, وراح يهذي, وراح يحكي , وراح يتألم , وراح يقول , يحكي مع نفسه , مع الآخرين يناجيهم , يقترب منهم حد الوجع , فلا يتوجعون ويتوجع منهم وبهم , ينتقي مفرداته بحيث تكون أكثر قرباً من الناس , محاولاً الحفاظ على جمالية النص, فالجملة مبسطة بحيث تكون أكثر فهما لأوسع شريحة ممكنة , ولكنها أبعد وأكثر عمقاً وانكساراً أو سوداوية , تتألم لديه الأحرف في نسيج متماسك , نسيج داخلي حاف كالأنين, فمن يسمع؟ صوت , هادئ, دافئ, حالم من يسمعه , إنه صوت الضمير 0 ضمير الكاتب صاحب الذات المبدعة, فالمسألة حتما هي حكي بردانين, سرد بتفاصيل دقيقة, يجعلك تلتقط أنفاسك وأنت تتابع , تشويق عفوي , وشد, وتماسك , هذا هو النص عند جمال عبود , لا معقول , لا معقول , ُيذهبنا , ويَذهب بنا بعيداً ومن ثم يخبطنا على الواقع بعنف شديد, وأرق أكثر , فتحتار , أتضحك أم تبكي ؟ "( وبعدين معاك يا خانم 0 شو بعدك تتعلمي فينا الطبخ ؟ : وأحياناً نُنقل إلى عالم الطرفة, ( صحيح جبتلك ورد كثير , بس كلو كان ببلاش 0 مرة بس فكرت أكتبلك عليه, طلع معي أكتبلك " غير صالح للأكل ") 0
قصص الكاتب فيها سخرية مريرة, ولديه قدرة كبيرة على توظيف الحدث, بحيث يخدم الفكرة ويجعلك مسحوراً بالتواصل , رغم أنه يستخدم العامية , أو الفصحى المعممة, وهذا شيء بالقدر الذي يتصوره البعض سهلاً , فهو صعب جداً , لأن طريقة التوظيف في النص , تحتاج إلى ربط غير عادي لكي لا تنفرط المسبحة القصصية بيد الكاتب0
- فالكاتب أسلوب , ولكل أسلوبه ويجب النظر إلى هذا النوع من الكتابة وفق قدرة الكاتب على الإبداع في توظيف الحدث, والتواصل , فنحن أمام كاميرا, تلتقط أدق الأجزاء وبتفاصيل , ولكنها, لقطة , سريعة , حركية , تنتقل من مشهد إلى مشهد , وفي كل مشهد تتركك مع أكثر من سؤال , فأنا لست مع د 0 شاكر مصطفى – عندما قال في مقدمة المجموعة ( قد تكون العجلة في تسطير الأفكار " هي السبب في أهمال التعبير السليم " فلا أعلم ماذا يقصد بالتعبير السليم 0؟ )
ثم أنني لا أتصور أن كاتباً له تجربة غير عادية في الكتابة مثل جمال عبود , يستعجل , أو لا يراجع ما يكتب بل على الضد تماما, هو يقصد أن يكتب بهذه اللغة , وبهذا الشكل وبهذا الأسلوب, لأنه بطرحه نفسه بشكل آخر , يشكل مغاير ليس بمعنى المغايرة اللامنتمية 0 بل المغايرة التي تقترب منك , ترى دمك ونقي عظامك , وبالوقت نفسه تحس بك كأنها أنت فجمال عبود هو شخصياته , , أراد أن يعبر عن همومهم , ويقترب منهم بكل شيء حتى بهذه اللغة البسيطة , التي حملها معاني كبيرة , وجعلها ذات حساسية خاصة , لدرجة الكتابة أحياناً باللهجة العامية , التي ُوظفت بشكل صحيح وعميق وإنساني , وهو استفاد من كونه يعمل منذ زمن طويل في مهنة الصحافة 0
* حكي بردانين- مجموعة قصصية – حجم متوسط- 250 صفحة 0
صدرت بإشراف الندوة الثقافية النسائية بدمشق 0
- لوحة الغلاف الفنان – حسن ادلبي 0
- الرسوم الداخلية للفنان – وليد قارصلي0



#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار المتمدن منارة الحرية
- الشخصيات المريبة
- القراءة الناشئة من اختلاف اللغات
- جمعية سي السيد , ومأساة فتاة القطيف0
- تعدد القراءات واختلافها في القرآن -1-
- تعدد القراءات واختلافها في القرآن
- جدلية العلاقة الفلسطينية الإسرائيلية
- حول بقية القصص القرآنية
- حوار الأحرار
- المرأة الشيطانية
- تموت البلاد على أبواب بغداد
- الفرق بين قول اليهود وقول النصارى في صلب المسيح
- قصة المسيح عيسى بن مريم
- محمد غانم, والبطل المأزوم0
- استنظار إبليس
- القصص القرآنية
- خلق السموات والأرض-4-
- هل يوجد حوار متمدن ؟
- خلق السموات والأرض-3-
- يؤمنون بالله لكي يقتلون شعوبهم


المزيد.....




- -أنخاب الأصائل-.. إطلالة على المبنى وإيماءة إلى المعنى
- -الأشرار 2- مغامرات من الأرض إلى الفضاء تمنح عائلتك لحظات ما ...
- محمد حلمي الريشة وتشكيل الجغرافيا الشعرية في عمل جديد متناغم ...
- شاهد رد فعل هيلاري كلينتون على إقالة الكوميدي جيمي كيميل
- موسم أصيلة الثقافي 46 . برنامج حافل بالسياسة والأدب والفنون ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايد سعيد السراج - حكي بردانين