|
تلميذة اعلانات- قصة قصيرة-
عزيز باكوش
إعلامي من المغرب
(Bakouch Azziz)
الحوار المتمدن-العدد: 2114 - 2007 / 11 / 29 - 10:16
المحور:
الادب والفن
طبطب أستاذ مادة اللغة العربية فوق كتف لبنى بحنان هو يقول "ستصبحين مميزة ،لا ينقصك سوى الكثير من التركيز ، وغير قليل من الانتباه. وأضاف بنيرة أب حنون " واجباتك المدرسية قبل التلفزيون ...أتسمعين. يا لبنى؟؟؟؟
في البيت العتيق ، لا يتوقف جهاز تلفزيون 14 بوصة بدون ألوان عن الضجيج و لا يكف عن إرسال أشارت التشغيل لحظة، فمنذ تلاوة النشيد الوطني، لا تتوقف عيون بنات بوشتى الحياني الخمس عن الزيغان ، حتى وقت متأخر ، وحينما يعود بوشتى بعربته مساء ، وهو يتصبب عرقا ، ينتقد سلوك بناته، ويسخر من ولعهم التافه بالتلفزيون ، تصرخ زوجته في وجهه " لكن، لماذا التلفزيون وحده.. وليس بنات الجيران ، وصبية الحارة وشمكارة الدرب ، وبياعة لحشيش ، التلفزيون .... التلفزيون ...متى توجعت يا بوشتى تقول التلفزيون...الم تبع يا بوشتى الحياني محصول السنة من عدس الدوار ، وفدان فول بوعروس من اجل اقتناء هذا التلفزيون ؟ تأخذ نفسا ثم تضيف " آبوشتى، الم يلعب هذا الجهاز دورا أساسيا في تعليم وفصاحة بناتنا ... انظر ابنتنا لبنى ذات التسع شتاءات ومطلع ربيع ، لم يجعل لها التلفزيون بدل الساعات الإضافية ، قلبا ولسانا وشفتين ، وعبد لسانها أمام أقاويل العالم ؟ لبنى ياناس، ياعالم ، باتت تلوك معظم وصلات التلفزيون الدعائية ،بما في ذلك وصلات الربط والإعلانات..تصور، تقول رحمة ،وناب الفك الأسفل وحده البارز مثل عمود هاتف خلوي يعيق كلامها ، ..بدل أن تفتخر بها...وتطلب منها يا بوشتى كي تردد لك الحلقة 11 من سلسلة ميلود الفكاهية ،ونيمرو خمسة ديال خالي اعمارة....تؤنبها...تضع يدها على خصرها ، وتردف بلطف خشن."خفف من روعك ، وأنصت لها قليلا بربك ، حتى تتأكد بنفسك من براعة لبنى في الأداء....وتعرف ماذا أنجبت لك. تستدعي رحمة لبنى لتزجية الوقت مع جاراتها كل مساءات رمضان و خلال العطل ونهاية الأسبوع ، وبينما تجلس لبنى وسط الجيران فاتنة كعروس دمية ، لتسرد سيناريوهات حلقات تلفزيونية بكاملها ، تمضغ شابات الدرب الأميات من حولها العلك بتؤدة ، او يهرسن الفول اليابس وسط حجرتين كما العادة في الاحواز . ومثلما آلة تسجيل رفيعة ، كانت لبنى تشد انتباه جيران ، وتقطع أنفاس المتحلقين من أبناء وبنات الزنقة21 ...بشكل يعجز عن الوصف. والدة لبنى رحمة امرأة من عيار رجل ، يديها تشبهان شريحة جلد خام ،ورثت نشاطا استرجاليا ودينامية قل نظيرهما ، منذ أن وطئت قدماها منزلا وضيعا بأحد أحياء اجنانات البئيس.رفقة زوجها بوشتى وبناتها الخمس. وهي تعتز ببراعة لبنى وقدرتها على استظهار مختلف الوصلات الاعلانية التي يبثها التلفزيون ، وأدائها بإتقان ، أينما حلت تصبن ،وارتحلت تنظف سلم عمارات المدينة ، فقد ظلت تشجع لبنى أمام أنظار الغادي والبادي وتقول " ابنتي، هي كل شيء ، لبنى بقليل عناية ومكياج ، تصبح في المستقبل ...فتات إعلانات مشهورة . في هذا الصباح الممطر لأول مرة بعد انحباس طال يأسه، قبل الدخول بدقائق ، ارتكنت لبنى واحتلت زاوية آمنة جوار مكتب مدير المدرسة ، وعلى الفور، شرعت تتلو وصلة الثابت والمحمول الدعائية التي حفظتها عن ظهر قلب ، اردفتها بسرب إعلانات من مساحيق تنظيف الى شركات اتصال وعوالم تنادي ، وتقدم خدماتها بسخاء ملتبس مدفوع الأجر ، ولم يقاطع شرودها سوى زميل مشاغب همس في أذنها هو الآخر ..."عند ك الحق محلى الكونفتير عايشة هاها.". في القسم ، مع حصة التربية على المواطنة تحديدا ،سال المدرس لبنى قائلا" لبنى ، صفي لي علم بلادي؟؟ ولما ترددت، وارتبكت، أعاد السؤال مرة ثانية "عبري بشعور وإحساس ، وأنت تتلين كلماته الرائعة يا لبنى؟ بللت لبنى شفتيها من فرط الارتباك ..التفتت يمينا ثم يسارا ، ثم قالت وهي تتلعثم: منبت الإحرام...مثرب الإصغار منتك السؤدج وحمال .... دمتملتباه وحماه الله الوطن الملك. اهتز الفصل ضحكا، كما الجدران، وارتجت خريطة الوطن المثبتة الى الأعلى منذ عقود.
ملحوظة : كلمات النشيد الوطني المغربي : منبت الأحـــــــــــرار ** مشــــــــــــــــــرق الأنوار منتدى السؤدد وحماه ** دمت منتداه وحـمــــــــاه. عزيز باكوش
#عزيز_باكوش (هاشتاغ)
Bakouch__Azziz#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في نقد برامج المدرسية الأساسية للأستاذ عبد العزيز قريش
-
تسع اسئلة حول المقروئية والرواج الصحفي بالمغرب يجيب عنها الي
...
-
بتكتمها الشديد ،وزارة الصحة المغربية تتبنى الدجل
-
جامعة عبد المالك السعدي بطنجة، تفوز بجائزة -صنع في الوطن الع
...
-
جريدة المساء المغربية تسجل اول تراجع لها والحزبية في قاعة ال
...
-
اغراق سفينة الهوتمايل
-
التحميل جار....
-
الدبلجة الى العربية ثقافة وتوجه حداثي وليس اجهزة متطورة وآلي
...
-
الزجال محمد بركات يطلق ديوانه الاول - الطائر والحمامة-
-
سكانير في الشارع العام
-
التلفزيون المغربي ليس وطنيا بما يكفي.
-
المؤرخ والباحث المغربي محمد العلوي الباهي في إصدار جديد
-
عياد أبلال، يقارب سوسيولوجيا معضلة الهجرة السرية/ المغرب نمو
...
-
الدكتور جمال بوطيب يلج سوق النساء أو اسرار الجثةالتي تعشق قا
...
-
عن الجريدة المغربية التي تقرا من الخلف
-
خوفا من القرصنة والفوطوكوبي ، يكتب نيني عموده طوييييلا ، ومط
...
-
عن الجريدة المغربية التي تقرا من الخلف1
-
-غزيل الريح- للزجال المغربي محمد اجنياح.
-
الشاعر المغربي أحمد القاطي يصنع الحدث
-
صبايا العرب ،النصف الأعلى إقرأ ،والجزء الأسفل روتانا2
المزيد.....
-
اختيار اللبنانية نادين لبكي ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان السينم
...
-
-المتحدون- لزندايا يحقق 15 مليون دولار في الأيام الأولى لعرض
...
-
الآن.. رفع جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 الشعبتين الأ
...
-
الإعلان الثاني.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 على قناة الفجر
...
-
التضييق على الفنانين والمثقفين الفلسطينيين.. تفاصيل زيادة قم
...
-
تردد قناة mbc 4 نايل سات 2024 وتابع مسلسل فريد طائر الرفراف
...
-
بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني (
...
-
مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
-
الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال
...
-
بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|