أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد سعد - حين يتكلم بوش عن الديمقراطية!!















المزيد.....

حين يتكلم بوش عن الديمقراطية!!


احمد سعد

الحوار المتمدن-العدد: 650 - 2003 / 11 / 12 - 02:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أكد الرئيس الامريكي جورج دبليو بوش في خطاب له في واشنطن خلال الاسبوع الماضي امرين اساسيين: الاول: أن الشرق الاوسط يعاني من "قصور الدمقراطية" وان الولايات المتحدة بادارته تدين هذا القصور! والثاني: ان "الرسالة الربانية" تلقي على عاتق النبي الامريكي الكذّاب مسؤولية ومهمة تحقيق واحلال الدمقراطية في بلدان الشرق الاوسط!! هزُلت!!

لا يختلف اثنان حول حقيقة ان مختلف شعوب بلدان الشرق الاوسط تعاني من غياب الدمقراطية وتكبل حريتها أغلال تعسف الانظمة الحاكمة. ولعل هذا احد الأسباب الجوهرية للتخلف الحضاري لتطور وانطلاقة هذه الشعوب، وخاصة العربية في المنطقة، وزجها في دوامة الفقر وبين انياب التقاطب الاجتماعي الصارخ في مجتمع استهلاكي تابع لمصادر الاستيراد الاجنبي.
فالدمقراطية حسب مفهومنا الطبقي تؤلف أحد اشكال السلطة في هذا البلد او ذاك،لأنها في نهاية المطاف تخدم المصالح الطبقية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية لهذه الفئة الطبقية او تلك. وحتى في أرقى البلدان المتطورة حضاريًا، لا يمكن تغريب وفصل الدمقراطية عن خلفيتها الطبقية ومضمونها الطبقي. فعلى سبيل المثال في أرقى البلدان الرأسمالية الصناعية المتطورة في اوروبا والولايات المتحدة الامريكية يبرز التناقض الصارخ في مضمون وجوهر الدمقراطية والحرية البرجوازية، فمن ناحية فإن الدمقراطية من حيث مدلولها السياسي في هذه البلدان تطلق الحريات الدمقراطية، حرية الصحافة، تعدد الاحزاب، حرية الكلمة، الانتخابات البرلمانية والبلدية، حرية التجمهر والتظاهر والاضراب الخ. ولكن من حيث المضمون الطبقي الاقتصادي والاجتماعي والمدلول السياسي للدمقراطية السائدة في البلدان الرأسمالية المتطورة فإنها تخدم في نهاية المطاف مصلحة فئة ارباب الرأسمال، هذا من ناحية اخرى. فمن يهيمن على وسائل الانتاج، على الرأسمال المالي من بنوك وتجارة وصناعة هو بالذات من يهيمن على السلطة وبلورة سياستها وعلى وسائل غسل الدماغ من الاعلام المقروء والمسموع والمرئي، وهو من يهيمن على البرلمان وعلى ادارة شؤون مختلف مرافق الحياة في الدولة. ولذلك ليس صدفة انه في اكثر البلدان الرأسمالية والامبريالية تطورًا نرى انه الى جانب الحريات السياسية تبرز بشكل صارخ "الحريات القهرية" مثل البطالة الواسعة وسكان تحت خط الفقر والمحرومون من الضمانات الصحية.

إن مأساة شعوب منطقة الشرق الاوسط، ومنها غالبية الشعوب العربية، انها تعاني في ظل الانظمة السائدة من غياب مختلف مكوّنات الدمقراطية، حتى من أبسط أصولها ومبادئها الاساسية. فالتعددية الحزبية السياسية معدومة تقريبًا او مختزلة و"مخصيّة" من قبل "حزب رائد" يكبلها ويكبل نشاطها في جزر محددة وفي مجالات محددة، وحرية الكلمة مقصورة على التسبيح بحمد السلطان، وحرية الصحافة مقيدة بالسلاسل السلطوية. وتتحمل الانظمة الاستعمارية والامبريالية، ومنها الولايات المتحدة الامريكية المسؤولية الأساسية والاولى عن التخلف الحضاري لشعوب منطقتنا وعن غياب الدمقراطية في الكثير من بلدانها. فتحالف الانظمة الامبريالية مع قوى الإقطاع المتبرجز بفضل الثروة النفطية في بلدان الخليج، في السعودية وقطر والبحرين وغيرها على سبيل المثال قد قاد الى تراكم وضع متعفن في هذه البلدان. فمن ناحية نشوء انظمة طفيلية تنعم بثراء فاحش من حصتها من عائدات النفط تبذره على البذخ وعلى توسيع السوق الاستهلاكية المعتمدة على البضائع والسلع الاجنبية، ومن ناحية ثانية جماهير الشعب الواسعة تعيش على الفتات ووطن يحرم من امكانية التطور الاقتصادي العصري المتطور. بلدان تنهب شركات النفط الامريكية والاجنبية ثروتها النفطية، وتنهب احتكارات الاسلحة الامريكية وغيرها غالبية عائدات هذه البلدان من النفط عن طريق تصدير وبيع الأسلحة لها. فقد تحول الشرق الاوسط ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية الى اكبر مستورد للاسلحة الاجنبية. وبدعم من الدوائر الامبريالية حرمت انظمة العفن العربي شعوبها من الدمقراطية والحرية، من أبسط اشكالهما ومبادئهما. وزجت في غياهب السجون كل معارض ومناهض للنظام الاوتوقراطي والقبلي والعميل للامبريالية والخادم لاحتكاراتها، هكذا في السعودية، وهكذا في غيرها.
وقد أدى هذا التحالف الدنس بين مثل هذه الانظمة والدوائر والانظمة الامبريالية الى بروز ظاهرتين اساسيتين، الاولى: ان المطالبة بالدمقراطية وتغيير الوضع التعسفي القائم في معظم البلدان في الشرق الاوسط أصبحت قضية القضايا المطروحة في أجندة القوى الوطنية والتقدمية الثورية والليبرالية، فهذه القوى تطالب بالاصلاح والتغيير. والثانية: ان لجوء الانظمة الرجعية العربية وغير العربية المتحالفة مع الامبريالية والتي تدور في فلكها الى اضطهاد وكبت واعتقال وحرمان النشاط السياسي والاجتماعي للقوى الوطنية والتقدمية الثورية والدمقراطية الليبرالية قد ادى في ظروف التخلف الحضاري الاقتصادي الاجتماعي والثقافي الى ارتفاع أسهم الكراهية والعداء للامبريالية وللانظمة الكراكوزية القائمة والى، وهذا الاهم، الى انتعاش قوة القوى الاصولية والاسلامية المتشددة - الاسلام السياسي - التي تطرح نفسها اليوم البديل السياسي لعدد من الانظمة في السعودية والسودان واليمن وغيرها.
وعلى مثل هذه الخلفية يمكن الانطلاق لتحديد المدلول السياسي الحقيقي الذي ينطوي عليه تصريح الرئيس الامريكي بوش حول دمقرطة الشرق الاوسط والهدف الذي يتوخاه من وراء القيام بتنفيذ هذه المهمة.
ففي رأينا ان جورج دبليو بوش ليس اكثر من "نبي كذاب" ولا يستهدف ابدًا من وراء تصريحه "مساعدة" شعوب بلدان الشرق الاوسط بدمقرطة انظمتها وحياتها الممارسة وبشكل يخدم مصلحة التطور الحضاري الخلاق لهذه الشعوب. وننطلق في تقييمنا هذا من المنطلقات التالية:
أولا: ان من يهتك عرض اصول ومبادئ الدمقراطية ويدوس على الحريات الشخصية والدمقراطية في بلاده لا يمكن ان يكون قيما على الدمقراطية ورسول الدمقراطية في الشرق الاوسط وعالميًا، ومن يتابع تطور الاحداث في داخل الولايات المتحدة الامريكية نفسها وما تنشره الصحف الامريكية - نشرنا العديد من معطياتها في صحيفتنا "الاتحاد" - يلاحظ انه منذ احداث تفجيرات سبتمبر 2001 يجري في مختلف ارجاء الولايات المتحدة التراجع والدوس على حقوق المواطن والانسان الامريكي، خاصة من ذوي السحنة السمراء والسوداء، من العرب والمسلمين وغيرهم، الملاحقات المستمرة، التفتيش والمداهمات، التنصت على الهواتف، الكشف عن الحسابات في البنوك وغير ذلك.

ثانيًا: ان بوش وتشيني ورامسفيلد وارميتاح ورايس وغيرهم من قادة وحكام الولايات المتحدة قد وصلوا الى كراسي الحكم في "البيت الابيض" بواسطة وبفضل كونهم من فئة الطغمة المالية الامريكية او من خدام هذه الفئة كانوا مديري شركات او من الموظفين الكبار. ودورهم "الدمقراطي" السياسي في الحكم هو خدمة المصالح الاقتصادية والسياسية لهذه الفئة في داخل وخارج الولايات المتحدة الامريكية.

ثالثا: اعتمادًا على "ثانيًا" فإن تصريح بوش حول احلال الدمقراطية في الشرق الاوسط يندرج في اطار المخطط الاستراتيجي الامريكي للهيمنة على المنطقة وتسخير ثرواتها وخيراتها في خدمة الاحتكارات الامريكية عابرة القارات . وهذا ما يؤكده الموقف الامريكي من عدد من القضايا. فالحرية لشعب العراق التي رفع شعارها الغزاة الانجلو امريكيون قبل وإبان الحرب العدوانية على العراق تجسد معناها الحقيقي باحتلال العراق عسكريًا و"شرعنته" في الامم المتحدة ومصادرة حق شعب العراق بالحرية والسيادة والامن والاستقرار، كما تجسد بنهب ثروة العراق النفطية وغيرها من قبل الاحتكارات الامريكية. وتتفجر اليوم في الولايات المتحدة الامريكية حملة احتجاجات من قبل شركات امريكية متعددة لان العقود الدسمة لاعادة اعمار العراق أبرمت مع شركات تابعة أو لها صلة بنائب الرئيس ديك تشيني وغيره من المسؤولين في الادارة الامريكية.

لقد بلغت الوقاحة الاستعمارية بالرئيس بوش الى اتهام القيادة الفلسطينية بالتحريض على العنف ودعوة الشعب الفلسطيني بعدم الاصغاء اليها و"ان الدمقراطية هي السبيل الوحيد". انها دعوة سافرة تتدخل في الشأن الداخلي للشعب الفلسطيني لايجاد قيادة مدجنة امريكيًا واسرائيليًا بديلة للقيادة الوطنية الحالية المتمسكة بثوابت الحقوق الشرعية الفلسطينية غير القابلة للتصرف، دمقراطية على النمط الامريكي تنتقص من حق الشعب الفلسطيني في السيادة والحرية والاستقلال الوطني.

عن أية حرية ودمقراطية يتحدث بوش وفي وقت يقر فيه الكونغرس الامريكي "قانون محاسبة سورية" ويتدخل في الشأن الداخلي السوري لان النظام السوري يرفض العديد من الاملاءات الامريكية. نحن ندرك ان العقوبات الاقتصادية التي يفرضها هذا القانون الجائر مفعولها مثل "القماط على البلاط" لأن المتضرر الاساسي من ورائها هو الشركات الامريكية التي تستثمر في سوريا، ولسوريا لا يوجد خط طيران مباشر الى امريكا ولا استثمارات سورية في امريكا. المقصود من وراء هذا القانون هو طعج ارادة الموقف الوطني السوري والضغط على النظام لتدجينه امريكيًا وتلبية المطالب الاسرائيلية بتصفية مواقع القيادة الفلسطينية في سوريا وقطع علاقة سوريا بحزب الله في لبنان.
وهكذا هو مدلول الموقف الامريكي من وراء تصدير ما يطلق عليه "الدمقراطية" الى كل من ايران والسعودية. فقضية الدمقراطية والنضال من اجل انجازها واطلاق عقالها من سجون الكثير من الانظمة في الشرق الاوسط هي اولا واخيرًا قضية كل شعب من هذه الشعوب التي هي ليست بحاجة الى تدخل الكاوبوي الامريكي لاعتمار قبعة راعي البقر. وما يقصده بوش من وراء تحقيق مهمة تسويق الدمقراطية الى بلدان المنطقة لا يعني سوى عولمة نظام الارهاب الامريكي المنظم لفرض الهيمنة على شعوب المنطقة وتدجين انظمتها في خدمة بيت الطاعة الامريكي، وهذا مرفوض من شعوب المنطقة جملة وتفصيلا.

نقلا عن موقع الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
http://www.aljabha.org/



#احمد_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غروب ظلام حكومة شارون الشرط الهام للتقدم نحو التسوية والسلام ...
- هي الرسالة الحقيقية من وراء عملية الارهاب العدوانية الاسرائي ...
- بمرور ثلاثين سنة على حرب تشرين (اكتوبر): الرِّدَّة الساداتية ...
- مع دخول الانتفاضة عامها الرابع:المعطيات المخضّبة بالدماء وال ...
- في يوم السلام العالمي:لا أمن ولا استقرار ولا سلام في ظل استر ...
- محاربة الارهاب- وسيلة ادارة بوش لتنفيذ مخططها للسيطرة على ال ...
- مع اعلان نتنياهو مشروع التقليصات الجديدة في موازنة 2004: الج ...
- هل يمكن انقاذ ((خارطة الطريق))؟
- الشعب الفلسطيني بحاجة الى حلول جذرية وليس الى أقراص مخدرات و ...
- التنسيق الاسرائيلي- الامريكي لحرف خطة خارطة الطريق عن الطريق
- ماير فلنر الانسان والفكر والقائد الشيوعي في الذاكرة دائماً
- خطة -خارطة الطريق- في ارجوحة موقف شارون وحكومته
- عولمة الثراء وفقر العولمة


المزيد.....




- لقاء وحوار بين ترامب ورئيس بولندا حول حلف الناتو.. ماذا دار ...
- ملخص سريع لآخر تطورات الشرق الأوسط صباح الخميس
- الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
- هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يخرج التدريس من -العصر الفيكتو ...
- دراسة تكشف تجاوز حصيلة قتلى الروس في معارك -مفرمة اللحم- في ...
- تدمير عدد من الصواريخ والقذائف الصاروخية والمسيرات والمناطيد ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /18.04.2024/ ...
- -كنت أفكر بالمفاتيح-.. مؤلف -آيات شيطانية- يروي ما رآه لحظة ...
- تعرف على الخريطة الانتخابية للهند ذات المكونات المتشعبة
- ?-إم إس آي- تطلق شاشة جديدة لعشاق الألعاب


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد سعد - حين يتكلم بوش عن الديمقراطية!!