.
الاربعاء 2003-09-10
أثبت وزير المالية، بنيامين نتنياهو، في المؤتمر الصحفي الذي عقده مساء الاثنين (8/9) وعرض من خلاله مشروع المرحلة الثانية من "خطته الاقتصادية" أنه فنان في التضليل الديماغوغي وفي تشويه الحقائق. فقد ادعى انه بالانتقال من المرحلة الاولى الى المرحلة الثانية من "خطته الاقتصادية" التي ستتجسد في موازنة العام 2004 "ابتعدنا عن الهاوية والآن نحن نتسلق على قمة الجبل... انتقلنا من مرحلة وقف التدهور الى مرحلة النمو الاقتصادي"!! وان هذا التحول باتجاه "الانتعاش الاقتصادي" يتضمن ويرافق مساره تحقيق اربعة اهداف اساسية - على حد قول نتنياهو - وهي: تشجيع التنمية الاقتصادية، تقوية الاوساط الاجتماعية الضعيفة، تنجيع الخدمات الشعبية والدفاع عن المستهلك بواسطة كسر الاحتكارات"!!
لقد صدق نتنياهو في امر واحد وهو انه يتسلق قمة الجبل فيما يتعلق بخدمة فئة من ارباب رؤوس الاموال التي يمنحها وفقًا للموازنة الجديدة امتيازات وتسهيلات في الضرائب وتحت يافطة تشجيع الاستثمار بمليارات من الشواقل. اما الطابع المميز للخطة الجديدة، للموازنة الجديدة، فهو مواصلة السياسة الاقتصادية - الاجتماعية التي انتهجتها حكومة شارون - نتنياهو في المرحلة الاولى من الخطة الاقتصادية، بمواصلة تشغيل السكين للقطع من لحم العاملين والمحتاجين والفئات الفقيرة وجرم ما تبقى على عظامها من بقايا لحم.
برأينا ان الهدف المركزي الحقيقي من وراء المشروع الكارثي الذي يطرحه نتنياهو ليس أبدًا دب العافية في شرايين الركود الاقتصادي العميق وانهاض الاقتصاد بتسريع وتيرة النمو، وليس ابدًا تحقيق الاهداف الاربعة المذكورة، بل الهدف المركزي يتمحور حول وقف التدهور منفلت العقال في عجز الموازنة وكبح جماحه من خلال اجراء تقليص آخر في موازنة 2004 بمقدار عشرة مليارات شيكل اضافة الى تسعة مليارات شيكل تقلصت في العام 2000 ولم تؤد الى نهوض وتنمية اقتصادية، فنسبة النمو الاقتصادي المرتقبة للعام الجاري تتراوح بين صفر ونصف في المئة.
والسؤال الذي يطرح نفسه، ما هي المدلولات الحقيقية للموازنة الجديدة او للمرحلة الثانية من الخطة الاقتصادية.
يقر نتنياهو بأن العجز العام في الموازنة العامة، كما خططه، سيكون في العام (2004) اكثر من (20,6) مليار شيكل او ما يساوي (4%) من الناتج الاجمالي للاقتصاد الاسرائيلي. وانه لتحقيق هذا الهدف ومنع تدهور قد يقود الى عجز قد يصل الى (6%) واكثر فانه "لا مفر" من تقليص عشرة مليارات شيكل من الموازنة!!
وشارون ونتنياهو يدركان ان عجز موازنة بنسبة كبيرة يضع علامة سؤال حول تدريج اسرائيل في لوائح تقديم القروض التسليفية لدى المؤسسات المالية والمصرفية العالمية. ومعروف ان السبب الاساسي لتراكم عجز الموازنة هو ضخامة الانفاق العسكري والاستيطاني الاسرائيلي وتعميق أزمة الركود الاقتصادي في ظل تصعيد العدوان الدموي على الشعب الفلسطيني وغياب الاستقرار السياسي الذي أدى الى هروب المستثمرين والاستثمارات الاجنبية والمحلية. ومواصلة الانفاق العسكري الهائل وتصعيد العدوان والاستيطان ومواصلة ازمة الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة الامريكية، جميع هذه العوامل تؤكد وتشير انه لا أمل في السنة القادمة بزيادة وتيرة النمو والخروج من دوامة الركود وزيادة البطالة. حتى مدير بنك اسرائيل، واقتصاديو بنك اسرائيل وغيرهم من المختصين في الشؤون الاقتصادية يؤكدون انه من المحتمل ان تصل نسبة النمو الاقتصادي في العام (2004) الى واحد في المئة، وهذا ليس بالمضمون تمامًا.
يدعي نتنياهو ان أحد اهداف الميزانية تقوية الاوساط الاجتماعية الضعيفة، وهو في هذا التحديد لا يضلل فقط بل يكذب عينك عينك، وهذا ما تؤكده، كما سنرى عناوين التقليص المقترحة. فتوزيعة تقليص العشرة مليارات شيكل من الموازنة المقترحة تعكس حقيقة الهُوية الطبقية لحكومة الكوارث اليمينية المعادية للعاملين والفئات الاجتماعية المسحوقة من ذوي الدخل والمخصصات المحدودة.
يقترح نتنياهو التقليصات التالية:
* اولا: العودة الى تكرار قصة "ابريق الزيت" فيما يتعلق بالنقاش حول التقليص في ميزانية الأمن. فالمقترح هو تقليصها بثلاثة مليارات شيكل من 44 مليار شيكل ميزانية هذه الوزارة. وعادة يجري الحديث عن تقليص ميزانية الامن ولكن على ارض الواقع يجري زيادتها بحجة "الاحتياجات الامنية"، وإذا جرى تقليص ففي فروع "هامشية" - تخفيض اجور عاملين وغيرها.
* تخفيض اجور العاملين بنسبة 4% اضافة الى 4% في العام 2003 ("توفير" 80 مليون شيكل من هذا البند.
* توجيه ضربة جديدة الى ميزانيات الخدمات الجماهيرية والرفاه الاجتماعي بتقليص اكثر من اربع مليارات شيكل. وعدم استيعاب عاملين جدد في مجالات التعليم والصحة وغيرها - "توفير" 69 مليون شيكل من هذا البند.
* خصخصة الشركات الحكومية.
* مواصلة عدم دفع مخصصات النقاهة للعاملين - "توفير" 39 مليون شيكل.
* اطالة امد الاستعداد للاضراب منذ الاعلان حتى تجسيد الاضراب من 15 يوما الى ستين يوما.
* طرد الفي عامل من القطاع العام.
* رفع جيل الخروج للتقاعد للرجل الى 67 سنة وللمرأة الى 65 سنة.
* تخصيص مخصصات مشوهي العمل - "توفير" 77 مليون شيكل.
* مواصلة تخفيض مخصصات الاطفال والاولاد من الثالث فما فوق - "توفير" (1,2) مليار شيكل!!
* تخفيض سلة الخدمات الصحية في صناديق المرضى بـ (250) مليون شيكل.
* مواصلة التخفيض في هبة الولادة - "توفير" (220) مليون شيكل.
* رفع الضريبة الصحية للمتقاعدين.
إن هذه المعطيات وغيرها تبرز الانياب المفترسة لحكومة افقار الفقراء واغناء الاغنياء، حكومة تبني سياستها الاقتصادية على نهب لقمة عيش الفقراء والعاملين الذين تحمّلهم مسؤولية تغطية تكلفة سياسة العدوان والاحتلال والاستيطان المغامرة والمجرمة.
لقد تطاولت حكومة شارون - نتنياهو في هجومها على الفئات المسحوقة بطرحها للمرحلة الثانية من خطة الكوارث الاجتماعية بعد ان لم تلق الرد المناسب والمقاومة المناسبة من قيادة الهستدروت على ساحة الكفاح النقابي السياسي، فالى متى ستبقى راقدًا يا عمير بيرتس ويا قيادة الهستدروت والنقابات، وفي وقت يواصل فيه الجزار عمليات الجرْم.
نقلا عن موقع الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
http://www.aljabha.org/