أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - إلى متى الخلط بين الرشوة والهدية ؟














المزيد.....

إلى متى الخلط بين الرشوة والهدية ؟


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2107 - 2007 / 11 / 22 - 02:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليست هناك ثمة علاقة بين الرشوة والهدية. فالمفهومان مختلفان تماما، هذا رغم الخلط القائم بينهما لدى العامة. فالمرء يقدم الرشوة نظير خدمة آنية أو مستقبلية لن يستطيع الحصول عليها بالسبل المشروعة. وتأتى الرشوة فى أشكال مختلفة، فقد يعرض طالب الخدمة رشوة مالية فى سبيل إنجاز المهمة المطلوبة أو رشوة عينية وهى عبارة عن شقة أو سيارة أو حتى قميص أو قطعة قماش أو طعام أو رشوة جنسية عبارة عن تقديم الجنس مقابل إنجاز المهمة. ويتحدد مقدار الرشوة حسب الخدمة المقدمة ومكانة متلقى ومقدم الرشوة. وليس صحيحا أن الرشوة تقدم فقط لإنجاز أعمال غير مشروعة يترتب عليها ضياع حقوق الآخرين إذ إن هناك رشوة لسرعة إنجاز المصالح وتفادى العراقيل التى يضعها الموظفون. أما الهدية فنقدمها للأصدقاء والأقارب للتعبير عن المحبة والمشاعر الصادقة دون انتظار مقابل سريع أو خدمة محددة ومن المتوقع أن يردها الصديق أو القريب فى مناسبة مماثلة.

قد يعثر الموظف أو مقدم الخدمة عشرات المبررات التى يتحدث بها مع نفسه على مرأى ومسمع من المواطنين، منها أن ما سوف يقوم به يتطلب الكثير من الجهد وأنه سيتغاضى عن العيوب التى تشوب المستندات المقدمة ولا يمكن غض الطرف عن تلك المبررات التى يقدمها مقدم الرشوة ليرفع الحرج عن الموظف المرتشى منها أن ما يقدمه هدية بسيطة وأن الرسول (عليه السلام) قبل الهدية ولم يرفضها. هذا رغم أن هذا التمسح بالنبى لتبرير تلقى أو تقديم الرشوة بعد تسميتها بالهدية غير مقبول ومخالف للحقيقة، إذ إن الرسول الكريم—حسب رواية البخارى ومسلم— رفض ذلك عندما أتى أحد الصحابة (ابن اللتبية) بحصيلة بيت المال وأشار إلى أن الأهالى (بنى سليم) قدموا له هدايا لم يدرجها فى قائمة الأموال المحصلة فاستشاط الرسول غضبا وقال له "فهلاّ جلست في بيت أبيك وبيت أمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقاً" ومن الظلم أن نلقى دائما باللائمة على الموظف البسيط بحجة أنه صاحب المبادرة فى طلب الرشوة، إذ غالبا ما نجد بعض أصحاب المصالح يبادرون بتقديم الرشوة وإغراء الموظف بمبالغ مالية يصعب رفضها. حضر إلى منزلى ذات مساء أحد الضيوف ومعه لفافة لم أعرف ما بداخلها ووضعها على المائدة ولم أشأ أن أتحدث عنها لظنى أنه سوف يأخذها عند المغادرة. وبعد أن تجاذب معى أطراف الحديث عرفت منه أن له نجلا يلتحق بالكلية وأنه فى حاجة إلى رعاية وتشجيع، وعندما هم بالانصراف لاحظت أنه لم يلتقط اللفافة فنبهته بأنه نسى شيئا تركه على المنضدة، ففوجئت به يقول بأن هذه هدية عبارة عن قطعة قماش، فأصررت أن يحملها معه حتى لا اغضب. وربما يعتقد القارئ بأننى وضعت الرجل فى موقف حرج وأنه كان من الأحرى أن أتقبل ما قدمه كهدية أقوم بردها فى وقت لاحق. وفى ظنى فإن هذا السيناريو هو الذى يدفع الإنسان إلى الانزلاق فى مستنقع الرشوة، فمن الواضح أن الرجل أتى بقطعة القماش بعد أن التحق نجله بالكلية أو القسم الذى اعمل به. ألا يعتقد القارئ أنه كان ينتظر أشياء كثيرة فى المقابل؟ وفى رأى فإن الإنسان الذى يتلقى الرشوة هو فى الواقع ضحية اغراءات أصحاب المصالح وهذه الفئة التى تشجع الآخرين على تلقى الرشوة هى فى الواقع تستحق أقسى العقاب بيد أن القانون يلاحق فقط متلقى الرشوة ولا يطارد مقدمى الرشوة.

لقد شاهدنا فى الانتخابات السابقة وخاصة الشعب 2005 والشورى 2007 تزايد استخدام المال لشراء الأصوات. لقد انفق بعض المرشحين الآلاف الجنيهات فى محافظات المعمورة، فمنهم من اشترى الصوت الواحد بعشرين جنيه أو خمسين جنيه ومنهم من قدم رشاوى أخرى عبارة عن أطعمة ومأكولات للبسطاء والمعدمين. وقدم أحدهم مبالغا مالية لبعض القبائل التى تسعى لبناء مساجد. ولا يستطيع أحد أن يأتى اليوم ليقول لنا بأن هذه الأشياء المقدمة عبارة عن هدايا للبسطاء والمحتاجين، إذ إنها رشوة واضحة المعالم لأنها ترتبط بإدلاء الأصوات لصالح مقدم هذه المبالغ. ولو كان الأمر خلاف ذلك فلماذا لا يساهم هؤلاء الآن بتقديم المساعدات لهؤلاء المحتاجين؟ والغريب أن الأجهزة التى تتصدى لرشاوى الموظفين يقفون مكتوفى الأيدى أمام الرشاوى الانتخابية والتى لا تقل—بل ربما أكثر— خطورة من الرشاوى الأخرى. وفى رأى فإن هذه الرشاوى التى تقدم أثناء الانتخابات تساهم ليس فقط فى عزوف المثقفين عن الترشيح فى الانتخابات بل أيضا فى انتشار ثقافة الرشوة بين المواطنين وتترك انطباعا لديهم بأن تلقى الرشوة ليس جريمة أخلاقية يستحق من يرتكبها أقسى العقاب. إن الأمر يتطلب سن قوانين تجرم تقديم وتلقى الرشاوى الانتخابية وتطبيق عقوبات غليظة على المخالفين.



#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجربة انتخابات الحزب الوطنى فى مصر
- مسلسل -يتربى فى عزو-: الدروس المستفادة
- تجارب الطفولة وتأثيرها على شخصية الإنسان
- الحزب الوطنى ورجاله من أهل النوبة
- جرس الإنذار الأخير ينطلق فى الجامعة
- أستاذ الجامعة الذى لا يعرفونه
- الانتحار والضباب
- هل نحن حقا نهتم بالسياحة كرافد من روافد الدخل القومى؟
- لماذا اختار الفرنسيون ساركوزى رئيسا للجمهورية؟
- عشوائية الفتاوى فى العالم الاإسلامى
- عصر الإساءة إلى الديانات السماوية
- إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
- اختفاء الرحمة من مستشفياتنا
- هل نعلم شيئا عن النوبة وأهلها؟
- هل نستطيع تحقيق مكانة إعلامية تليق باسم مصر؟
- مزايا طرح قضايا النوبة داخل أرض الوطن
- كيف نواجه جبروت المال والشهرة والسلطة؟
- حرية التعبير كضمانة للديمقراطية فى مصر
- حرية التعبير....أين الحدود؟
- إيران وسياسة حافة الهاوية


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - إلى متى الخلط بين الرشوة والهدية ؟