أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال حمد - رب صدفة خير من ألف ميعاد ...















المزيد.....

رب صدفة خير من ألف ميعاد ...


نضال حمد

الحوار المتمدن-العدد: 648 - 2003 / 11 / 10 - 05:42
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


قبل عدة أيام كنت وزوجتي قد توجهت للتسوق في أحد المتاجر الكبيرة والمعروفة في أكبر مدن النرويج ، في العاصمة التي صارت بفضل اسمها وما جرى على ارضها من محادثات سرية وعلانية بين الفلسطينيين والاسرائيليين " أشهر من نار على علم "، فهي عاصمة السلام بمفهومه النرويجي، و ألا سلام بمفهومه الاسرائيلي ، والنكبة الجديدة بمفهومها الفلسطيني الوطني، فالاتفاقية التي تحمل اسم العاصمة النرويجية أوسلو، جلبت للشعب الفلسطيني الويلات ، فقد شرعت الاستيطان وشرعنت الاستسلام ، وجعلت بيوت الفلسطينيين ملاعب للإرهابيين ومعسكرات تدريب لسائقي الجرافات والدبابات من بني صهيون، واستنبطت مراكز وقيادات من نوعيات مخزية...

ذهبت وزوجتي للتبضع وشراء حاجياتنا اليومية من الغذاء و الأطعمة والشراب، بالإضافة لما سيتيسر اثناء التبضع في صحبة الزوجة، وهذا ينطبق على كافة بنات حواء وعلى كل النساء تقريبا، فالتبضع بصحبتهن يصدع الرأس ويخزق الجيب.

 دخلنا المتجر الممتد على مساحة واسعة من الأرض ، وفي نيتنا شراء بعض الفاكهة وقليلا من الحمضيات، و بما أنني فلاح بالفطرة وأبن لفلاحين حولتهم النكبة وعملية التشرد واللجوء ألى عمال، مخالفين بذلك نظريات لينين وماركس وأنجلس وحتى ماو  تسي تونغ، فقد توجهت فورا الى قسم الخضار والفاكهة،حيث أشعر في ذلك المكان بين الحمضيات برائحة الشرق، بنوع من السكينة والاسترخاء ، فهناك أحس بجسمي يرتاح و بصدري يتفتح مع رائحة البرتقال والليمون والكريفوت والعنب والتين والبلح،ثم تحلو دنياي فتصبح خضراء مثل بلادنا المسلوبة في عز الربيع.

 هناك شاهدت البرتقال القادم من اسبانيا والمغرب ، كذلك الأفوكاتو والمانغا من أمريكا اللاتينية، والموز الكوستاريكي ، وشاهدت ايضا الكريفوت المكسيكي الأصفر اللامع من جنوب أمريكا، وهذا الأخير كان عنوة عن بقية الفاكهة،فقد كتب فوقه  "كريفوت من المكسيك وأمريكا الجنوبية"، وهذا ما أثار اهتمامي ورغبتي بمعرفة السبب، عندما تفحصته  وجدته مع الكريفوت الاسرائيلي في سلة واحدة.

المثير في القضية ليس ما كتب فقط بل الطريقة التي جمعت بين الكريفوت المكسيكي وشقيقه الاسرائيلي تحت تلك الكتابة النرويجية،فهل ضاقت رفوف وسلال المتجر الكبير بالكريفوت الاسرائيلي حتى يتم وضعه في سلة واحدة مع المكسيكي؟

 لقد كان هناك فعلا كريفوت مكسيكي أصفر، لكن كان هناك أيضا كريفوت من نوع  "كارمل الإسرائيلي" الأكثر احمرارا ، لم أستطع اخفاء غضبي من هذا الزيف ، فتحدثت للعامل الذي كان يحضر الفاكهة ولمته على هذا الاحتيال ، وقلت له كيف تكتبون كريفوت مكسيكي وتضعونه مع الكريفوت الاسرائيلي ، أليس في هذا استهتار بالزبائن وبعقولهم ورغباتهم  ؟  فمن حق الزبائن أن يختاروا نوعية الفاكهة التي يريدونها ويبغون شراءها، و للعلم هناك في النرويج حملة هامة لمقاطعة البضائع الاسرائيلية بدأت مع الانتفاضة ولازالت مستمرة وفعالة.

المهم أن العامل الذي تحدثت معه كان من أحدى الدول الآسيوية حيث أنه لم يفهم ما قصدت بالضبط لكنه تصرف مثل "كلب الأثر " المدرب جيدا، فعندما شم رائحة اسرائيل في الموضوع ، ظن أنني اسرائيلي ، لذا لم يستمع جيدا لما قلته بل حاول أن يشرح لي أن هذا كله حدث بالخطأ وأنهم للتو أحضروا البضاعة من المخزن، وأن البضاعة القديمة تداخلت مع الجديدة،وأنه سوف يتحدث مع المسئول لكي يغير الكتابة أعلاه أو يفصل الكريفوت الأحمر عن الأصفر، ولم ينس أن يهدأ من ثورتي وطمأنتي الى أنه بالتأكيد سوف يفعل ذلك، فحمل سماعة الهاتف وأتصل بالمسئول ليشرح له القصة ، لكنني شكرته على تفهمه ومضيت خلف زوجتي التي استطالت نقاشي معه فذهبت ألى قسم  المثلجات.

كنا في مرة سابقة وأثناء التسوق اكتشفنا كذلك وجود كميات كبيرة من التمر  الاسرائيلي موزعة في الأسواق بدون إشارة الى المصدر أو البلد  المُصنع، لكن عند التحري وجدنا أن اسم الشركة  "يوردان ريفير " وهي شركة اسرائيلية ، اعتمدت التمويه لتسويق بضائعها في النرويج، فالزبون يعتقد للوهلة الأولى أنها من تمور الاردن ، وإذا حصل وأتصل بالموزع في النرويج فقد يكون الجواب أنها تمور أردنية ، لكن عند التصميم على معرفة المصدر الحقيقي يضطر الموزع للاعتراف بأنها من اسرائيل ، وهذا حدث ايضا مع صاحب محل خضار وبقالة فلسطيني في أوسلو ، وعندما عرف بذلك طالب الشركة الموزعة بسحب كافة تمورها الاسرائيلية من بقالته، وكان له ذلك مع أعتذار من الموزعين.

لو أن كل فلسطيني أو كل عربي أو كل صديق ونصير ومؤيد ومساند للشعب الفلسطيني قام بفحص البضائع في المحلات التجارية ، لكنا حصلنا بالتأكيد على نتائج أفضل ومقاطعة أمتن وأقوى وأكثر فعالية مما هي عليه لغاية الآن.

هذه الحادثة التي حدثت معي في المتجر النرويجي جعلتني اكتشف مدى رعب الناس من قضية معاداة السامية ، أو معاداة اسرائيل بسبب افعالها العنصرية، فاليهودي ملاك مسالم ولا يمكن للملائكة اليهود أن يحاسبوا على شيطنتهم أو أخطاءهم، هذه هي الحالة التي فرضتها قضية الهولوكوست على الناس في أوروبا، فخوف هؤلاء من اتهامهم بمعاداة السامية يتفوق دوما على باقي المخاوف.

 أما العامل الآسيوي ومسئولته النرويجية فقد تصرفا بشكل سريع، عابر للقارات عندما قاما خلال دقائق معدودات بتبديل الأسعار والإعلان المكتوب فوق الكريفوت، فبدلا من إضافة اسرائيل قرب المكسيك ، قاما بشطب المكسيك نهائيا ووضعا بخط عريض وكبير الكريفوت الأحمر من اسرائيل، طبعا هما لن يكتشفا فعلتهما حتى الآن، لأنهما أفادانا وأفادا حملة المقاطعة من حيث لا يدريان وبسبب رعبهما من شماعة الهولوكوست وتهمة معاداة السامية التي ترعب أقوى الرؤوس في أوروبا والعالم، وأتمنى أن لا تقوم الجهات الصهيونية باتهامهما بمعاداة السامية لأنهما ارتكبا الخطأ المذكور.

هما بالفعل فادانا بتلك الفعلة لأننا كنا نطالب دائما بتحديد مصدر البضائع في المتاجر وخاصة البضائع الاسرائيلية حتى يعلم المقاطعون وغيرهم ما هو  مصدر كل شيء يودون شراءه، وكانت المطالب تُرفض و تواجه باحتجاجات اسرائيلية وغير اسرائيلية، أما الآن وبفضل الصدفة فقد تم تحديد مصدر البضائع الاسرائيلية وفي هذا نصر لحملة المقاطعة وتقدم ضد أنصار الصهيونية في النرويج، وفي النهاية نقول رب صدفة خير من ألف ميعاد.

 



#نضال_حمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إحنا بتوع الأوتوبيس !
- صفقة تبادل الاسرى بدون سمير القنطار تعتبر فاشلة
- مدارات الحمير
- جورج غالواي وذيل الكلب
- الشعب الفلسطيني ووقفة العز التي لا بد منها
- الليل بتنا هنا والصبح في بغداد
- صباح الخير يا صغاري
- من جنين حتى رفح
- عربي أوروبي في أمريكا
- إذا بوش أنتصر
- الوصايا العشر
- فيتو أمريكا و تفجير غزة
- عن تملك الفلسطينيين في لبنان
- المجهول والمعلوم في زمن الغول
- مخيم يبنا يدافع عن القدس والقبلة
- من يسأل عن مصير المفقودين العرب ؟
- أرنولد كلاسيك و الأجساد الرشيقة
- بين حمام الشط وحطين أزمنة وسنين
- صحة عرفات و صحة فلسطين
- العرب تحت رحمة الإرهاب


المزيد.....




- مقتل 5 أشخاص على الأقل وإصابة 33 جراء إعصار في الصين
- مشاهد لعملية بناء ميناء عائم لاستقبال المساعدات في سواحل غزة ...
- -السداسية العربية- تعقد اجتماعا في السعودية وتحذر من أي هجوم ...
- ماكرون يأمل بتأثير المساعدات العسكرية الغربية على الوضع في أ ...
- خبير بريطاني يتحدث عن غضب قائد القوات الأوكرانية عقب استسلام ...
- الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لمسيرات أوكرانية في سماء بريان ...
- مقتدى الصدر يعلق على الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريك ...
- ماكرون يدعو لمناقشة عناصر الدفاع الأوروبي بما في ذلك الأسلحة ...
- اللحظات الأخيرة من حياة فلسطيني قتل خنقا بغاز سام أطلقه الجي ...
- بيسكوف: مصير زيلينسكي محدد سلفا بوضوح


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال حمد - رب صدفة خير من ألف ميعاد ...