أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالخالق حسين - هل ستنسحب أمريكا من العراق قبل تحقيق الأهداف المرجوة؟















المزيد.....

هل ستنسحب أمريكا من العراق قبل تحقيق الأهداف المرجوة؟


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 646 - 2003 / 11 / 8 - 02:12
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


مع تصاعد الأعمال الإرهابية في العراق وتزايد عدد ضحايا قوات التحالف، برزت مخاوف مشروعة لدى الكثيرين من العراقيين وأصدقائهم من المثقفين العرب والأجانب، الحريصين على مصلحة العراق من الإنسحاب المبكر لقوات التحالف قبل تحقيق الأهداف المرجوة من إسقاط نظام الفاشية. وهذه المخاوف مشروعة لأن في حالة الانسحاب سيحصل الفراغ الأمني والسياسي مما يفسح المجال لحصول أربعة سيناريوهات رهيبة وهي:

1-   عودة صدام حسين ونظامه الفاشي، فحزب البعث وجميع مليشياته ومؤسساته العسكرية والإستخباراتية مازالت محافظة على وجودها وهيكليتها، إضافة إلى عشرات المليارات من الدولارات الأمريكية التي نهبوها من الشعب الذي تركوه في فقر مدقع.

2-   حروب أهلية بين مختلف المليشيات العرقية والدينية والطائفية والعشائرية، فالعراق الآن غابة من الأسلحة المنهوبة من الجيش العراقي المنحل.

3-   إحتلال تركيا لشمال العراق بما فيه محافظة الموصل وكركوك بحجة حماية التركمان والسيطرة على منابع النفط وتسويقه والحفاظ على أمنها من إعلان دولة كردية مستقلة في كردستان العراق، لا سيما وهناك حديث عن مباحثات غير مؤكدة وراء الكواليس حول دمج كردستان العراق بكردستان تركيا وإعلان دولة فيدرالية كردية ملحقة بتركيا.

4-   التدخل الإيراني واحتلال المناطق الشيعية في العراق بحجة حماية الشيعة والعتبات المقدسة.

 

هذه هي الصورة القاتمة فيما لو انسحبت قوات التحالف مبكراً، فأما عودة النظام الفاشي الذي هو أغلب الاحتمال ليقيم حكماً ضعيفاً لا يقوى على مواجهة الغزو الخارجي ولكنه قوي جداً لاضطهاد الشعب العراقي ومواصل عمله في توسيع المقابر الجماعية. وهذا يؤكد ما يردده البعض أن الشعب العراقي مازال غير صالح للديمقراطية ولا يفيده سوى حكم الإستبداد والقبضة الحديدية. أو حصول السيناريوهات الثلاثة الأخيرة مجتمعة وفي نفس الوقت. وبذلك يختفي العراق كدولة وسيتحول إلى أكبر حقل في العالم لتفريخ الإرهاب ومزرعة واسعة متخصصة لزرع وتسويق المخدرات. فهناك ارتباط عضوي بين الإرهاب ومافيا المخدرات في العالم. (راجع بحث السيدة حنان أتلاي، دوامة الارهاب، دولارات النفط، تجارة المخدرات ومستقبل العراق –مواقع الإنترنت).

 

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل ستسمح أمريكا، بحصول ذلك؟ 

 

نعم، لقد اصطدم الجميع بهول الانهيار الفكري والخراب الإقتصادي وتدمير النسيج الإجتماعي الذي خلقه النظام البعثي في العراق. فلم نتصور أن المجتمع قد انهار إلى هذا الحد وأن هناك نسبة عالية في المجتمع العراقي تعيش حالة البلبلة الفكرية المأساوية بحيث لا تقدر درجة المخاطر التي تهدد كيان الوطن ووجوده ويتخذون موقفاً معادياً من الذين عملوا لخلاصه من جور النظام البعثي. وهذا التخلف الفكري هو نتاج 40 عاماً من حكم القوميين والبعثيين وفرض أيديولوجية التجهيل ونشر الدجل والخرافة والشعوذة والقهر والاضطهاد والاستلاب. ومن الكوارث المؤلمة أنه حتى ضحايا صدام من الشيعة خاصة (تيار مقتدى الصدر نموذجاً) صاروا الآن عقبة كأداء أمام الاستقرار الأمني ونقل السلطة للعراقيين.

فما يسمى ب(المثلث السني) أعلن "المقاومة" ضد الوضع الجديد لأسباب معروفة وهي أن أغلب الذين اعتمد عليهم صدام حسين كانوا من هذه المنطقة، فقد حاز هؤلاء على معظم المناصب العالية في الدولة والمواقع الرفيعة في الحزب والمؤسسات القمعية ونهبوا ثروات البلاد والعباد، وهم الذين أقاموا المقابر الجماعية والسجون والمسالخ البشرية في الشمال والجنوب وساموا الشعب سوء العذاب. و قد خسر هؤلاء بالوضع الجديد مواقعهم وامتيازاتهم ويخافون أن ينالهم الجزاء العادل على ما ارتكبوه بحق الشعب من جرائم فضيعة. أما ضحايا صدام من الشيعة فانشغلوا في صراعات دموية في منافسات عقيمة على الزعامة لإقامة حكم ولاية الفقيه وجيش المهدي والمطالبة بتطبيق حكم الشريعة..الخ غير مبالين بما يتهدد مصيرهم ووجود العراق من دمار شامل.

كذلك دول الجوار التي كانت متضررة من حروب صدام وجرائمه، كان المتوقع أن ترحب بسقوطه، وتساعد على استتباب الأمن والإستقرار في العراق الجديد، إلا إنها بدلاً من ذلك، راحت هذه الدول تبعث فرق الموت لنشر الإرهاب في ربوع وطننا وقتل المدنيين وقادتنا الدينيين والسياسيين وتدمير مؤسساتنا الإقتصادية ومدارسنا ومعاهدنا التعليمية ولم يسلم من التخريب حتى عتباتنا المقدسة. فبعد كل هذا الدمار الذي لحق بالشعب العراقي وشعوب المنطقة من جراء حكم صدام، تراهم الآن يعرقلون مسيرة العراق لتحقيق الأمن والإستقرار والديمقراطية.

 

إن سلوك بعض العراقيين ضد مصالحهم وعدم إدراكهم للمخاطر المحيقة بهم ولمتطلبات الوضع الحاضر يدفع بالكثيرين من المخلصين إلى التشاؤم بمستقبل العراق وغسل أيديهم منه ويرون عدم الجدوى في المساهمة بأي نشاط فكري وسياسي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. ولهذا السبب، عمد كثيرون من المثقفين العراقيين إلى الانزواء والانكفاء على أنفسهم، بسبب هذا اليأس وما يتعرضون له من نهش وهجوم من قبل المتطرفين البلطجية. هذا الوضع يدفع بعزل المعتدلين الحريصين على مصلحة العراق ومستقبله وإخلاء الساحة للمتطرفين والمخربين وحدهم.

إن ما يثير المخاوف من انسحاب قوات التحالف هو تصاعد موجة الإرهاب في العراق على أيدي فلول النظام الساقط وأنصارهم من الإرهابيين من القاعدة والعرب الذين ثبت أن نصفهم من سوريا وحدها أو دخلوا العراق بجوازات سورية، إضافة إلى الدور الإيراني في دعم الإرهاب. وبتصاعد الإرهاب تصاعدت خسائر الحلفاء، ومن نافلة القول أن الشعب الأمريكي يولي اهتماماً بالغاً لحياة أبنائها من الجنود فكل حياة ثمينة لها قيمتها المطلقة في المجتمعات الديمقراطية بعكس ما كان يجري أيام حكم البعث الصدامي حيث كان صدام على استعداد أن يضحي بعشرة آلاف جندي عراقي من أجل قتل جندي أمريكي واحد. وهذه هي النسبة بين ضحايا الجيش العراقي إلى الجيش الأمريكي في حرب الخليج الثانية، وربما هي نفسها في الحرب الأخيرة.

ولهذه الأسباب يعتقد البعض أنه يمكن أن تتصاعد الضغوط على الرئيس جورج بوش، خاصة وهو يواجه الإنتخابات الرئاسية القادمة بعد عام من الآن، أن ينسحب من العراق قبل تحقيق الأهداف المرجوة من إسقاط النظام الفاشي وليكون من بعده الطوفان.

 

إلا إننا لو تأملنا جيداً ما يجري في العالم ككل، وحللنا الأوضاع الدولية، لرأينا إن ما يجري في العراق وأفغانستان ما هو إلا جزء من ستراتيجية واسعة وطويلة الأمد ومن متطلبات العولمة والسياسة الدولية للقضاء على الإرهاب في كل مكان أو حتى حصرها إلى الحد الأدنى بحيث يقضوا على مخاطره على السلام العالمي ومتطلبات العولمة. هذه السياسة ليست سياسة جورج بوش وحده بل هي نتيجة دراسات وخبرات جمهرة واسعة من المفكرين والمختصين الأمريكيين وغيرهم من أصحاب الشأن وما يسمى ب think tank  لذلك فالسياسة الأمريكية وخاصة الخارجية لا تتغير بتغير الرئيس أو الحزب الحاكم كما يحصل في دول العالم الثالث وكما يتصور بعض الكتاب العرب والذين يحلمون بتحويل العراق إلى فيتنام.  فالعراق ليس فيتنام كما يردد هؤلاء، فالظروف الدولية والقدرات العسكرية الأمريكية ليست كما كان في السبعينات. وكذلك الغاية مما يجري في العراق هي ليست نفسها من الحرب الفيتنامية وإمدادات بعض الدول المجاورة للإرهاب في العراق لا تضاهي الدعم الصيني والسوفيتي للحرب في فيتنام وكذلك الدعم المعنوي في العالم.

 

كما ويعتقد المحللون المقربون من دوائر صنع القرار في الغرب ومنهم كيسنغر، أن الإنسحاب الأمريكي من العراق يعتبر هزيمة ليس لأمريكا وحدها بل للغرب كله وللحضارة والسلام العالمي. وبالمناسبة، ليس هناك صراع بين الحضارات أو بين الصليبية والإسلام كما يروج الإرهابيون والمتخلفون العرب والمتطرفون الإسلاميون، بل الصراع هو بين الحضارة والهمجية، بين التقدم والتخلف، بين الإنسانية والبربرية. ولذلك فأن انسحاب أمريكا من العراق سيعد هزيمة لها وانتصاراً للإرهاب ونقل المعركة إلى الدول الغربية وخاصة في أمريكا نفسها كما حصل في 11 سبتمبر. وهذا ما لم تسمح أمريكا له أن يحصل مطلقاً.

 

لهذه الأسباب وغيرها كثير، لا يمكن لأمريكا أن تنسحب قبل تحقيق الأهداف المردوة من إسقاط نظام صدام حسين. نعم بالنسبة للعراقيين تكون العملية مؤلمة وربما يأخذ وقتاً أطول وعلى المدى القصير تسقط ضحايا وخسائر ولكن على المدى المتوسط والبعيد ستتحقق الآمال والأهداف المرجوة وستلحق الهزيمة بالإرهابيين وأعداء شعبنا وحلفائنا. وهذا هو قانون حركة التاريخ.

 

مرة أخرى أذكر، أننا خسرنا ثورتنا التموزية لنفس الأسباب التي نواجهها الآن، عدم نضج المجتمع العراقي والمراهقة السياسية التي تعاني منها القوى السياسية وعدم إدراكها للمخاطر والإستفادة من الظروف الدولية وتكالب دول الجوار والدول العربية على العراق. لكن هناك فرق واحد كبير بين المرحلتين من شأنه أن يغير جميع الموازين، ألا وهو أن أمريكا وبريطانيا كانت مصالحها ضد مصلحة الشعب العراقي آنذاك وتلتقي مع مصالح أعداء شعبنا، لذلك التقت قوى الشر في تحالف غير مقدس ضد شعبنا حتى انتصرت في انقلابها الأسود في 8 شباط 1963. أما الآن وبعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط المعسكر الإشتراكي وزوال الخطر الشيوعي ليحل محله خطر الإرهاب العربي والإسلامي، فمصالح أمريكا وبريطانيا التقت مع مصلحة شعبنا ولهذا السبب الأساسي، فأمريكا ستواصل دعمها للعراق إلى أن تتحقق الأهداف النبيلة. وهذا ما أكد عليه الرئيس بوش مراراً وتكراراً عندما قال: «ان الولايات المتحدة ستكمل عملها في العراق، وان ترك العراق قبل الأوان، سيشجع الارهابيين، وسيزيد الخطر على اميركا، واننا عازمون على البقاء، لنقاتل ولنفوز».

 



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فشل اجتماع دمشق صفعة في وجوه حكام سوريا وانتصار للعراق
- الإنصاف معاقبة الشعب العراقي بجرائم صدام ؟
- إلى متى يُترك مقتدى الصدر يشعل الحرائق في العراق
- القرار 1511 إنتصار لأمريكا وإنقاذ لماء وجه معارضيها
- سجال حول إعادة حكم الإعدام في العراق
- أخطر رجل على العراق الجديد
- قراءة في كتاب الدكتور جواد هاشم: مذكرات وزير عراقي مع البكر ...
- عودة إلى مسودة قانون الجنسية العراقية الجديد
- المساعي الفرنسية المحمومة في إجهاض دمقرطة العراق
- ملاحظات حول صياغة قانون الجنسية العراقي الجديد
- إستشهاد الحكيم دليل آخر على خسة ما يسمى ب-المقاومة
- الزلزال العراقي والمثقفون العرب
- لماذا الإصرار على حكومة عراقية منتخبة الآن؟
- الاحتلال تحرير ومقاومته جريمة
- خطاب مفتوح إلى مجلس الحكم الإنتقالي
- 14 تموز 1958.. ثورة أم إنقلاب؟
- الخراب البشري في العراق...أوضاع أغرب من الخيال
- اضواء - امرأة سومرية
- المذابح في العراق بدأها النظام الملكي
- نوال السعداوي و-التشادور- العراقي


المزيد.....




- تعرّف إلى قصة مضيفة الطيران التي أصبحت رئيسة الخطوط الجوية ا ...
- تركيا تعلن دعمها ترشيح مارك روته لمنصب أمين عام حلف الناتو
- محاكمة ضابط الماني سابق بتهمة التجسس لصالح روسيا
- عاصفة مطرية وغبارية تصل إلى سوريا وتسجيل أضرار في دمشق (صور) ...
- مصر.. الحكم على مرتضى منصور
- بلينكن: أمام -حماس- اقتراح سخي جدا من جانب إسرائيل وآمل أن ت ...
- جامعة كاليفورنيا تستدعي الشرطة لمنع الصدام بين معارضين للحرب ...
- كيف يستخدم القراصنة وجهك لارتكاب عمليات احتيال؟
- مظاهرة في مدريد تطالب رئيس الحكومة بالبقاء في منصبه
- الولايات المتحدة الأميركية.. احتجاجات تدعم القضية الفلسطينية ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالخالق حسين - هل ستنسحب أمريكا من العراق قبل تحقيق الأهداف المرجوة؟