أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - بسام الهلسه - عنترة:ضد العنصرية!!















المزيد.....

عنترة:ضد العنصرية!!


بسام الهلسه

الحوار المتمدن-العدد: 2095 - 2007 / 11 / 10 - 11:15
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


- 1 -
يستدعي السؤالُ عن عنترة إلى الذاكرة، صوراً متعددة، مؤلمة وجميلة في آن واحد، من الشعر والفروسية، والحب المقموع، والكفاح الضاري النبيل ضد الإقصاء، والحرمان، والتمييز العنصري!

- 2 -
في نجد، في وقت غير معروف، لنا من القرن السادس للميلاد، ولد عنترة لأب من وجوهِ قبيلة عبس هو "شدَّاد بن قُراد"، ولأُم "حبشية" كانت أَمَةً لِشدَّاد، اسمها "سُمَيَّة"، وبسبب من العنجهية القَبَليَّة ونظامها المراتبي، أُطلق عليها –على سبيل الإستصغار والتحقير- لقب "زبيبة"! وكان على الطفل عنترة، الذي ورث السَّواد عن أُمُه، أن يدفع ثمن هذا الخلل في النظام الاجتماعي، بإنكار أبيه له، وعدم اعترافه بحقه الإنساني الطبيعي في الحرية والمساواة. بل معاملته كعَبد!!

- 3 -
شبَّ عنترة ذو النفس الأبية المرهفة، ناقماً على هذه المعاملة، وتفاقمت نقمته بعدما أحب ابنة عمه "عبلة بنت مالك"، فتعرض للإضطهاد جرّاء إجترائه على التطاول على الأسياد!! فلم يزده الإضطهاد إلا تعلقاً بها، وإصراراً على حقه في نيل اعتراف أبيه وقبيلته به، كإبن لهما...

لكن هيهات! فأزمة النظام القبلي العربي الجاهلي، كانت أزمة عامة شاملة... وما كان ممكناً إيجاد حلٍ فردي إلا في حالات استثنائية!



- 4 -
جاء الاستثناء حينما اندلع النزاع بين أبناء العمومة: عبس وذبيان، وتطور إلى حرب تعددت وقائعها وأيامها، وعرفت في التاريخ باسم "داحِس والغبراء"، واحتاجت القبيلة إلى طاقات أبنائها، خصوصاً الأشداء منهم كعنترة... لكنه عبدٌ و "العبدُ" –كما قال لهم حين دَعُوه: "يُحسِنُ الحِلاَبَ والصَّرْ، ولا يُحسِنُ الكَرَّ والفَرْ !" فقالوا له: "يا عنترة.. كُر وأنت حُرْ !" وهكذا كان!

وإلى هذا التَّقلُّب النفعي في موقفهم، يشير عنترة ببيتٍ ينْضحُ بالمرارة:
يُنادونني في السِّلم: يا ابْن زبيبةٍ وعند صِدامِ الخيل: يا ابْنِ الأطايبِ!

- 5 -
وإذا كانت قوة عنترة قد أهَّلته لنيل الحرية والاعتراف، فإن مناقبه الأخلاقية، قد رفعته إلى مراتب البطولة، فنال التقدير، والإعجاب، والثناء...

أما شاعريته الفياضة بقصائد الفروسية، والبطولة، والحب، فقد كرَّستهُ واحداً من شعراء العرب الكبار وصُنِّفت قصيدته الشهيرة "الميمية" ذات المزاج الغنائي القصصي، كواحدة من المعلَّقات السبع وأُسْمِيت بـ"المُذهَّبة" واستوقف مطلعُها المتسائل، الدارسين العرب والأجانب للشعر الجاهلي لما يشير إليه من ميراث شعري راسخ سابق لعنترة:

هل غادر الشعراءُ من مُتَردَّمِ؟ أم هل عَرَفت الدار، بعد توهُّمِ؟

- 6 -
مات عنترة بن شداد، على اختلاف في كيفية موته، نحو سنة (22) قبل الهجرة (600 للميلاد)، لكن سيرته وشعره بقيا حَيَّين تتناقلهما الأجيال.. يُروى عن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: "ما وُصِفَ لي أعرابي قط، فأحببتُ أن أراه، إلا عنترة".

وكما هو الشأن مع الشخصيات التي يُحبها الشعب ويتعلق بها، فقد نسج الرواة والمؤلفون من خيالهم أشعاراً، وأخباراً، ووقائع، ومواقف، نسبوها لعنترة، وجرى تمجيده كبطل من الأبطال الشعبيين في السيرة المعروفة باسمه، أسوة بـ "سيف بن ذي يزن" و "الزير سالم" و "أبي زيد الهلالي" و "الملك الظاهر" و "الأميرة ذات الهمة"... وهي السيرة التي ظل يرددها "الحكواتي"، ليؤنس بها السُّمار، إلى عهد قريب! واستندت إليها السينما والمسرح في تقديم عدة أعمال...

- 7 -
مات عنترة، لكن قضيته لم تمت.. أعني قضية التمييز العنصري البغيض بكل أشكاله... وقد شهد عصرنا نضالاً مريراً لتصفية العنصرية خصوصاً بعد هزيمة النازية التي قدمت نظاماً لتقسيم البشر على أساس عرقي وثقافي! وفي الخمسينيات من القرن الماضي ثار السود في الولايات المتحدة الأميركية، في الحركة المعروفة باسم "حركة الحقوق المدنية".

وربما يذكر القرّاء أسماء المناضلين السود الكبار ضد التمييز: الدكتور مارتن لوثر كنغ، والمناضلة أنجيلا ديفس، وبطل العالم في الملاكمة "محمد علي كلاي" و "مالكولم إكس" الذي أشهر إسلامه وزار البلاد العربية. ويذكرون المثقف الثوري الكبير "فرانز فانون" صاحب الكتاب المعروف: "المستضعفون في الأرض" الذي إنضم إلى الثورة الجزائرية، ونادى بوحدة مقاومة الملونين المستضعفين ضد العنصريين الاستعماريين البيض.

وإذا كان نظام الفصل العنصري الأبيض في جنوب افريقيا قد استثار مقاومة شعبية قادها "المؤتمر الوطني الافريقي" وآزرها الشرفاء في العالم، حتى تم اسقاطه منذ مدة قريبة، فإن الكيان الصهيوني المحتل لبلادنا، والذي تتمثل فيه: - عقيدة ونظاماً وقوانين، وثقافة، وسياسة وممارسات – أسوأ أنواع الاستعمار الاغتصابي الإجلائي، وأسوأ أنواع العنصرية، التي دفعت حتى فئة من اليهود ذوي الأصل العربي، للنضال ضده في الحركة المعروفة باسم "الفهود السود" في سبعينيات القرن الماضي –ودفعت الكاتبة اليهودية من أصل عراقي والمقيمة في نيويورك "إيللا شوحط" إلى تأليف كتاب "الاستعمار الاشكنازي الصهيوني"، وأدانته الأمم المتحدة عام 1975 بقرار وصف الصهيونية بأنها شكل من أشكال العنصرية (أسقطته الولايات المتحدة فيما بعد)...

هذا الكيان ينتظر إسقاطه أيضاً، وإنقاذ البشرية من مظالمه وجرائمه الإرهابية التي ضج منها حتى الرأي العام الأوروبي –رغم التضليل الإعلامي الذي يتعرض له- وأعلنت أغلبية –في استفتاء نُشر قبل حوالي ثلاث سنوات –فيما أذكر- أن "إسرائيل" هي أكبر خطر يتهدد العالم..

قبل الخاتمة...
لئن كان من السهل علينا عادة، انتقاد الماضين، والآخرين.. فإن الإنصاف يتطلب منا البدء بانتقاد أنفسنا وحاضرنا.. لقد أعلن الإسلام المساواة بين البشر، وحضَّ بكل السبل على تحرير العبيد وعتقهم ومعاملتهم بدون تمييز.. لكن الممارسات لم تتقيد دائماً بهذه المبادئ والتوجيهات... وإذا كان التاريخ يذكر ثورة العبيد في العهد الروماني بقيادة "سبارتاكوس"، فإنه يذكر ثورة "الزنج" في العهد العباسي. ولا يليق بنا، نحن الذين خرج أجدادهم من قبل ليعلنوا للعالم إنهاء عبودية الإنسان للإنسان، أن تظل بعض معالم التمييز العنصري، الظاهرة منها أو الكامنة، قائمة في بلادنا ومجتمعاتنا، حتى وإن كانت لا ترتقي إلى مستوى العقيدة والنظام، كما هو عند الصهاينة.. هذه المعالم ينبغي النضال ضدها وتصفيتها، لنكون جديرين حقاً بدعوانا...
***
أخيراً: يُقدمُ مثالُ عنترة في الكفاح لنيل الحرية والاعتراف، درساً ينبغي استيعابه... فالذين لا يناضلون للظفر بحقوقهم –أيَّاً كانت- يعاملهم الآخرون معاملة العبيد، وإنْ اختلفت المُسمَّيات! وهذا يَصدُقُ على عصرنا مثلما يَصْدُقُ على العصر الجاهلي...

وربما كان عصرنا –عصر عولمة حقوق الإنسان على الطريقة الأميركية- الإسرائيلية!- أشد ظلماً وجُورا!!؟؟
***
* هل أطلتُ عليكم؟
- لننتقل إذن إلى الخاتمة التي خصصناها لمختارات من شعر عنترة...

إقدامٌ وترفٌّع..

هَلاَّ سألتِ الخيل يا ابنة مالك إن كنتِ جاهلة بما لم تَعْلَمي
يُخبرك من شهد الوقيعة أنني أغشى الوغى، وأَعْفُّ عند المغنَمِ

هو.. وحصانه!

ما زلتُ أرميهم بثغرةِ نحرِهِ ولبانه، حتى تَسَرْبَلَ بالدم
فازْوَرَّ من وقعِ القنا بلبانه وشكا إليَّ بعَبرةِ وتحمحُمِ
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى ولكان لو علم الكلام مُكلِّمي!

دواء للصداع!

وسيفي كان في الهيجا طبيباً يُداوي رأسَ من يشكو الصداعا!

صبر.. وتعفُّف..

ولقد أبيتُ على الطَّوى وأظلُّهُ حتى أنالَ به كريمَ المأكَلِ

ذكرى.. وجنون.. وحنين!

ذكرتُ صبابتي من بعد حينٍ فعادَ ليَ القديمُ من الجُنون!
وحَنَّ إلى الحجاز، القلب مني فهاج غرامُهُ بعدَ السُّكونِ

شوق إلى عبله..

أشاقكَ من عَبلَ، الخيالُ المُبرَّجُ؟ فقلبُكَ فيه لاعَجٌ يتوهجُ
فقدْتَ التي بَانَتْ، فَبِتَّ مُعذَّباً وتلك إحتواها عنك، للبينِ هَوْدَجُ

حسرة!

ألا قاتل الله، الطلولَ البواليا وقاتل ذِكراك، السنين الخواليا
وقولِك للشيء الذي لا تناله إذا ما حلا في العين، يا ليت ذا لِيا!


*واحة العرب



#بسام_الهلسه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ... أن تحيا الجزائر
- مُتنبئيَّات:مختارات من المتنبي
- تنسيق المزاج !!- مختارات شعرية-
- العرب .. والإعراب !؟
- غلبتني -آن-...من موريتانيا درسان
- حبال من رمل !؟
- عن الضجيج، واللغو، وإنتاج الغباء أيضاً!!
- حول تعليم السيناريو ..
- وردة الروح
- نكبة النكبة: -كان ما سوف يكون- ؟؟
- بؤسُ العالم..
- الجوهرة والستار .. !؟
- معنى الكرامة: درس من شافيز
- ذات أكتوبر روسي... ذكرى ثورة هزت العالم
- أربعون عاماً على رحيله... جيفارا .. جيفارا


المزيد.....




- أين يمكنك تناول -أفضل نقانق- في العالم؟
- ريبورتاج: تحت دوي الاشتباكات...تلاميذ فلسطينيون يستعيدون متع ...
- بلينكن: إدارة بايدن رصدت أدلة على محاولة الصين -التأثير والت ...
- السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث -عدوان الإمارات ...
- أطفال غزة.. محاولة للهروب من بؤس الخيام
- الكرملين يكشف عن السبب الحقيقي وراء انسحاب كييف من مفاوضات إ ...
- مشاهد مرعبة من الولايات المتحدة.. أكثر من 70 عاصفة تضرب عدة ...
- روسيا والإمارات.. البحث عن علاج للتوحد
- -نيويورك تايمز-: واشنطن ضغطت على كييف لزيادة التجنيد والتعبئ ...
- الألعاب الأولمبية باريس 2024: الشعلة تبحر نحو فرنسا على متن ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - بسام الهلسه - عنترة:ضد العنصرية!!