حبال من رمل !؟

بسام الهلسه

الحوار المتمدن-العدد: 2089 - 2007 / 11 / 4 - 02:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

"حبال من رمل"- قصة أميركا في الشرق الأوسط- عنوان كتاب للمسؤول الأسبق للمخابرات الأميركية في الشرق الأوسط، "ولبر كرين إيفلاند" صدر على ما أذكر في الثمانينيات من القرن الماضي. الكتاب يعرض أسرار التدخل الأميركي في المنطقة فيما بعد الحرب العالمية الثانية، ويصف اخفاق سياستها الذي شبهه بـ"حبال من رمل".
يمكن بدون مبالغة إطلاق التشبيه نفسه على التدخل والسياسة الأميركيين في المنطقة منذ انتهاء الحرب الباردة –مطلع تسعينيات القرن الماضي- وحتى الآن. مع التوضيح الضروري بأنه إذا كانت حصيلة التدخل بالنسبة لأميركا "حبالاً من رمل"، فقد كانت "جبالاً من خراب ودمار وفوضى وكراهية" بالنسبة لأهل المنطقة. جبال ربما ستحتاج إلى عقود لإزالتها وإعادة البناء.
* * *
لو أن قادة أميركا كانوا قد قرأوا الكتاب المذكور قبل مباشرة حملاتهم، لربما كانوا أفادوا منه شيئاً. لكن "صاحب الحاجة أرعن" كما يقول المثل العربي، فكيف إذا كان صاحب الحاجة هنا، هو قادة أقوى إمبراطورية عالمية، الذين يعتقدون بأن عليهم أن "يكتبوا" التاريخ لا أن يقرأوه! وهم يكتبونه بفوهات المدافع والطائرات القاذفة والصواريخ العابرة للقارات، وبالكذب المنهجي، والابتزاز، وبالرشوة، وبالتهديد وبالإرهاب!!
لا يمكن "حسبما دلت التجارب" تعليم المتكبر والمتغطرس المسلح بالقوة الهائلة، وفق الطريقة التي يتعلم بها سائر البشر: المعرفة والخبرات والمصالح، خصوصاً إذا أعمته ايديولوجيته ومصالحه الأنانية، عن رؤية وفهم الواقع والاعتراف بحقوق ومصالح الآخرين... لا يمكن تعليم هؤلاء إلا بالطريقة الوحيدة المجربة في الحياة: مواجهتهم والتصدي لهم وهزيمتهم...
فهذه الطريقة هي أكبر مُعلِّم في التاريخ وبواسطتها تم تلقين الطغاة والمعتدين على مر الزمان أفضل الدروس.. وقديماً قيل "يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن".
* * *
على أية حال، إذا كانت فرصة قراءة التاريخ –"وحبال من رمل" أحد فصوله الأميركية، قد فاتت بوش وفريقه، فإن الفرصة لم تزل متاحة أمامهم، لكتابة الفصل الخاص بتجربتهم المدوِّية في الاخفاق، ونحن ندعوهم ومواطنيهم لمراجعة كتاب "إيفلاند"، المشار إليه، كي لا يضطر الأميركيون في المستقبل لقراءة ما هو أسوأ: "سقوط الإمبراطورية الرومانية"!!

* واحة العرب

#بسام_الهلسه (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل