أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - احمد معين - فتن العراق : من ايقظها ؟















المزيد.....


فتن العراق : من ايقظها ؟


احمد معين

الحوار المتمدن-العدد: 639 - 2003 / 11 / 1 - 04:41
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


                             إن نظرة سطحية وعابرة على ادبيات وصحف ومواقف مختلف القوى السياسية العراقية , وخاصة القوى التي تحالفت مع امريكا بهذه الدرجة او تلك بعد الإطاحة بالنظام السابق , تكفي لأن يتساءل المرء : عندما يتبرأ الجميع , احزابا وشخصيات ومؤسسات ومنظمات وقوى دينية وقومية ووطنية وليبرالية من الفتن الطائفية والدينية والشوفينية وينادي الجميع بتجاوزها محملة النظام المباد فقط مسؤليتها يا ترى إذن لماذا تتصاعد يوميا تلك الفتن وخاصة بعد الإطاحة بالدكتاتورية وهل يكفي تلك المواقف اللفظية فقط ؟ هل حقا إنهم ابرياء من مسؤلية تنامي تلك النزعات الضيقة وروح عدم التسامح في شتى ميادين الحياة الإجتماعية  ؟ هل تنسجم تلك الإدعاءات مع ما نراه ونلمسه على ارض الواقع من منافسة شرسة تنطلق اساسا من خطاب فكري وسياسي وممارسة عملية مبنية على اسس طائفية وشوفينية وتزمت ديني وقومي ومذهبي لايرحم ؟
 إننا لا ننطلق من إثارتنا ومعالجتنا لظاهرة تنامي النزعات القومية الشوفينية والطائفية والمذهبية إثر سقوط نظام الطاغية في السابع من نيسان من منطلقات واحكام آيديولوجية مسبقة او من مصالح حزبية خاصة بل ما يدفعنا لتناولها والتصدي لها والنضال المثابر لإبراز وحدة مصالح الشعب العراقي وخاصة فئاته الكادحة والتواقة للحرية وفضح كل الواقفين وراء الفتن المذكورة , اقول إن ما يدفعنا إلى ذلك هو ما يسببه من اضرار جسيمة بالحركة التحررية لشعبنا وفي هذه المرحلة بشكل خاص ولمجمل مساعيه من اجل تجاوز مخلفات العقود الثلاثة الماضية من حرمان وشقاء وإنعدام لكل انواع الحريات وكذلك توقه لبناء نظام سياسي يلبي تطلعاته في الحرية والديمقراطية والرخاء والرفاه والعدل , ولكل ذلك بالطبع معايير موضوعية لا يكفي فقط إدانة الطائفية او الشوفينية القومية لفظا مثلا والترويج لها بل ممارستها بأكثر اشكالها بشاعة في الوقت ذاته كما نلمسها لدى الكثير من القوى السياسية العراقية .
                      # # # # # #
لم يكن المجتمع العراقي في العهد الصدامي المباد خاليا من الإنقسامات القومية والدينية والمذهبية والطائفية كما لم يكن للنطام السابق دورا قليلا في إثارة تلك الحزازات والنعرات . فذكريات شعبنا لن تمحو بسهولة من آثار 35 عاما من حكم اعتى الأنظمة الدموية واشرسها في العالم . فالإضطهاد الدموي بحق الشعب الكردي وتطبيق سياسة الأرض المحروقة في كردستان وفق منطلقات عربية شوفينية ضيقة وباساليب فاشية لا تبقي و لا تذر وكذلك السياسة الدموية للنظام بحق الملايين من شعبنا بحجة تبعيتهم الشيعية وحظر ممارسة ما يودونه من شعائر وطقوس دينية وممارسة التمييز الصارخ طبقا للإنتماء المذهبي في شتى ميادي الحياة وفي سائر مؤسسات الدولة وتكريسه الإنقسام الطائفي والمذهبي والعشائري والمناطقي بالإضافة إلى خنق الحقوق القومية للتركمان وغيرهم من شرائح المجتمع العراقي وغيره الكثير من مفردات القاموس البعثي _ الصدامي والتي وصلت إلى ذروتها منذ تسعينيات القرن الماضي بشكل خاص كانت جزء من ثوابت سياسات النظام من اجل إستمرار تسلطه على رقاب الشعب العراقي .
 ولم يخلو تلك الممارسات والتوجهات من فوائد للنطام البائد بل نستطيع القول بأن من اكثر مخلفات ذلك العهد عفونة , وكما نرى ونلمس ذلك الآن بوضوح , هو تشرب المجتمع العراقي وشعبه بالروح الطائفية والشوفينية والقومية والمذهبية .
 لقد ساعد نجاح النظام في بعث وتوظيف تلك الإنقسامات في إطالة عمره وشرذمة الشعب العراقي الذي لعب بدوره دورا اساسيا في تراجع الحركة الثورية ووضع وحدة الجماهير الشعبية ومصلحتها المستقلة واهدافها التحررية فوق كل إعتبار آخر وحرمها فرصة إسقاط النظام كما شهد بذلك تجربة إنتفاضة آذار 1991 بشكل خاص حيث كانت الآفاق السياسية الطائفية والدينية والمذهبية في جنوب العراق والقومية الضيقة في كردستان سببا اساسيا في فشلها وإجهاضها وإفراغها من محتواها الثوري المطلوب كما مكن النظام من إستغلال كل ذلك لأجل القضاء عليها .
 إن تعليق كل شيء على شماعة النظام كرس ويكرس نهجا ذرائعيا دفع ولا زال يدفع في الإيغال في تصاعد وتجذير تلك الميول والنزعات المتخلفة . لذا لا بد , مع التأكيد المتواصل على دور النظام في شحذ وتكريس وبعث تلك الظاهرة , الغوص بشكل اكثر عمقا في اسبابها ومبرراتها الموضوعية والذاتية وكشف ملابساتها وإماطة اللثام عن زيف إدعاءات اكثرية القوى التي كانت في خندق المعارضة امس وتتبوأ اكثرها السلطة اليوم , في نشوء وتنامي تلك الظاهرة إذ يؤكد الجميع قولا بأن ( الفتنة نائمة فلا توقظوها ) وتمارس عكسها عملا .
 إن التصدي لهذه الظاهرة وتوعية جماهير العمال والشغيلة خاصة وكل من يتوق للحرية ولبناء عراق ينعم في ظله ابنائه بالرخاء  والحرية والرفاه والسؤدد والحياة الكريمة  بمخاطرها ورسم السبل السياسية والعملية الكفيلة بتجاوزها , يتطلب نضالا شاقا ودؤوبا كما تعتبر ذلك احد الميادين والجبهات الأساسية لنشاطنا الشيوعي والجماهيري واحد اركان نضالنا السياسي _ العملي الراهن والعاجل .
 إن ما يشهده العراق منذ ظفر القوات الأمريكية في الإطاحة بنظام صدام وخاصة ما نشهده حاليا من تنامي خطر الإنشقاق والتشرذم بل والإحتراب الطائفي والشوفيني حيث بات الآن الإنتماء العرقي والديني والمذهبي والطائفي والعشائري تتغلب على الهويات الطبقية والإجتماعية والإنسانية في تعريف المواطن العراقي وما شهدناه في كركوك وطوزخورماتو وقبلها في الموصل وا ما نشهده من مواجهات تغلب عليها الحزازات المذهبية في اغلب مدن جنوب العراق وفي بغداد , ينذر كلها بعواقب كارثية وخيمة ينبغي الوقوف الحازم بوجهها قبل فوات الاوان .

          هل من جذور وعوامل مادية لهذه الفتن ؟

 بالتأكيد . فعلاوة على ضرورة شرذمة المجتمع والطبقة العاملة والشرائح الإجتماعية الكادحة الأخرى كأحد متطلبات النظام الرأسمالي المستغل وتوظيف الإنقسامات القومية والطائفية والدينية والمذهبية لأجل سيطرة الطبقة البرجوازية على الكادحين وتخليد سيطرة الرأسمالية هناك جملة أخرى من الأسباب الموضوعية الخاصة التي تميز هذه الظاهرة في العراق .
 فالدولة العراقية إنبثقت في بداية عشرينات القرن الماضي ضمن سيرورة خاصة . فخدمة لمصالحه الإمبريالية تم منذذاك إستغلال بقايا التكوين الطائفي في العراق لأغراض بسط سيادة بريطانيا والحكم الملكي التابع له . وقد تم ضمن ذلك إقصاء نسبة كبيرة من ابناء الشعب العراقي بحجة إنتمائهم للطائفة الشيعية من شتى مؤسسات الحكم والدولة وتبوأ العديد من الوظائف وحرمانهم من العديد من الحقوق الأساسية للمواطن العادي . كما تم ممارسة شتى اشكال الإضطهاد القومي بحق الشعب الكردي حيث تم حرمانهم من حق تقرير المصير وتم إلحاق هذه المنطقة قسرا بالعراق الجديد .
 وهكذا تم تمويه الطابع الإجتماعي والطبقي للدولة والمجتمع العراقييين بطابع مذهبي _ قومي  منذ تلك المرحلة .
 كما لعب النمط الخاص لولادة ونشوء وسيرورة الرأسمالية في العراق (إندماج وعمل الرأسمال الداخلي والخارجي والتحالف مع الملاكين وبقية اصحاب الأراضي ) والاشكال الخاصة التي إتخذتها عمليات التحول من الإقطاع نحو الرأسمالية دورها ايضا في الإبقاء على الأسس الإجتماعية المولدة لتلك النزعات والحزازات .
 كما إن بقاء جملة من القضايا السياسية الجوهرية بشكل معلق وبدون حل  مثل القضية الكردية وتلبية تطلعات الشعب الكردي في نيل حقه في تقرير مصيره بشكل إرادي حر وكذلك عدم بناء الدولة الحديثة ومؤسساتها وتداخل الدين والمذهب والطائفة والحزب مع الدولة والسلطة السياسية وعدم فصل الدين عن الدولة والتربية والتعليم وبقاء العلاقات الإجتماعية على حالها وخاصة في الأرياف والحفاظ عليها بشكل واع من لدن كل السلطات المتعاقبة وخاصة منذ 1963 , حافظت على إستمرار هذه الجرثومة السرطانية .
 إلا إن ثورة الرابع عشر من تموز اثبتت رغم ذلك , وخاصة بعد عقود من التلاحم المصيري بين مجمل تلك المكونات في خضم نضال جماهيري واسع ضد الإستعمار البريطاني واتباعه المحليين , هشاشة وزيف الإنقسامات المذكورة إن تم الشروع او حتى إبداء النوايا الطيبة والعزم على إعادة الحقوق المهضومة لأصحابها . فبمحض بناء مؤسسات الدولة الحديثة بشكل عصري وتغليب صفة المواطنة وتعريف الحقوق والواجبات وفق تلك الصفة مع ما رافق ذلك من مد ثوري عارم شمل العراق بالتزامن مع المد الثوري العالمي الذي تلا الحرب العالمية الثانية , تراجع المد الطائفي والقومي الشوفيني والمذهبي والديني بأشواط كبيرة بحيث بات التكوين الطبقي والسمة الإجتماعية تطغي على غيرها من السمات الزائفة .
 
 وهكذا يتبين بأن الثابت والأصيل في سمات الشعب العراقي هو التعريف والسمات الإجتماعية _ الطبقية المنبثقة مع نمو وتغلغل وسيادة نمط الإنتاج الرأسمالي بشكل مضطرد  كما يتبين في الوقت ذاته بأن الهويات الدينية والمذهبية والقومية المموهة ما هي إلا سمات متحولة وبوسعها الزوال بشرط القضاء على اسس وجوده وإستمرار بقائه .
 ومن جهة اخرى يتبين بأن إبراز وتكريس وبعث وشحذ تلك الميول الزائفة وإطلاقها على هذه الشريحة الإجتماعية او تلك من ابناء الشعب العراقي ما هي إلا حصيلة لسعي تيارات سياسية محلية وخارجية من اجل دوام مصالحها وليست سمات طبيعية لتلك الشرائح الإجتماعية بذاتها حيث تلعب تراجع الحركة الثورية ( وكما هو حاصل الآن ) دورا اساسيا في قدرة تلك القوى ونجاحها المؤقت في سعيها المتخلف تلك وحرف نضالات الشعب العراقي من اجل تحقيق اهدافه في كل مرحلة .
 إن العلاقة , بإيجاز , بين نمو وإزدهار الحركة الثورية وتجذرها بين الجماهير ( وخاصة الحركة الشيوعية والإشتراكية ) والحركات وا لحزازات الدينية والقومية والطائفية والمذهبية هي علاقة عكسية تماما . فقد شهدت مرحلة تصاعد المد الثوري والشيوعي بعد 14 تموز كما قلت ضمور تلك الميول وتراجع الحركات النافخة في تلك الابواق بالرغم من السعي الحثيث لبعض القوى والمؤسسات وتشبثها بها فيما صاحب تراجع الحركة الثورية وإنتكاستها في العراق لاحقا ( وعلى الصعيد العالمي والإقليمي ) وخاصة في تسعينيات القرن الماضي وإلى يومنا هذا تنامي تلك الميول .
 وقد وظفت كل القوى والتيارات السياسية البرجوازية العراقية تلك الظاهرة لخدمة أهدافها وساعدت بذلك في شحذ تلك الروح الضيقة والمتخلفة .
 فالبعث والإستقلال والديمقراطي الكردستاني والتيارات السياسية والفكرية الدينية في حينها ثم الأحزاب المعاصرة وخاصة تلك التي ولدت في رحم وفي خضم عملية التدخل الأمريكي والإقليمي في العراق في تسعينيات القرن الماضي لعبت كلها دورا مهما في صب الزيت على نار الإنقسامات المذكورة كما كان بعث وشحذ تلك الميول احد الأركان المنظمة لسياسة البعث وخاصة بعد حرب الكويت .
 كما لم تتوانى إيران وتركيا في التدخل لحساب هذه النزعة او تلك خدمة لأطماعها في العراق والمنطقة .
 ومن الجدير ذكره ايضا بأن الحزب الشيوعي العراقي لم يتجاوز في خطابه السياسي ورؤيته للنسيج الإجتماعي  للمجتمع العراقي الواقع الطائفي والمذهبي والقومي المذكور .
 ومعلوم إننا لا ننكر هنا وجود هذه الظواهر وجذورها ومسبباتها إلا إن من الضروري والمهم بالنسبة للشيوعيين التصدي النقدي الحازم لها والتأكيد على المصالح المشتركة للطبقات الكادحة والأضرار الجسيمة التي تسببها تلك الميول بالإضافة إلى توعية الجماهير بمخاطرها وفضح القوى السياسية التي تسعى للحفاظ عليها او بعثها او إشاعتها واخيرا النضال الحازم ضد مجمل ( الرجعية السياسية والإجتماعية ) التي تعتبر منبتا لنشوء هذه الظواهر ومرتعا خصبا لإستمرارها .
 ولربما يقول قائل بأن الميول الطائفية والقومية والعشائرية والمذهبية هي جزء من الموروث والتراث الثقافي والإجتماعي الشعبي او هي متجذرة في صفوف الملايين لذا ينبغي إحترامها او عدم التصدي لها على الأقل . إلا إننا نرى عكس ذلك تماما .
 إن تلك الميول والأفكار ما هي إلا جزء من الافكار والآيديولوجيا الرجعية للطبقات المستغلة والمهيمنة قديما وحديثا تم ضخها في صفوف الناس وفي سيرورة طويلة ووفقا لمصالح واهداف عامة ومحددة خاصة في ازمنة ومراحل متعاقبة . كما إنها وكما اسلفنا تتراجع او تنبعث وتتقوى في مختلف المراحل حسب مد وجزر العملية الثورية ومنحى الصراع بين الطبقات والتيارات الإجتماعية الثورية والرجعية . وهكذا فإن دحضها وكشف زيفها وبيان مخاطرها وإزالة الستار عن اهداف ومرامي القوى المروجة لها , تيارات كانت ام احزابا سياسية او مراجع ومؤسسات إجتماعية , هي جزء لا يتجزء من الثوابت والمهام التي ينبغي ان يضطلع بها كل من يطلق على نفسه ليس لقب الشيوعي فحسب بل وكل من يدعي وقوفه في صفوف المنادين بالتقدمية والعلمانية بل وهو معيار ثابت واساسي في حدها الأدنى لذلك الإنتماء .
 
          من يمسك بعصا هذه الميول الآن ؟

لقد تبين بشكل ملموس ان قبر النظام لم يكن بكاف للقضاء على هذه الظاهرة السرطانية وليس ذلك فقط بل تصاعدت نبرة الخطاب الطائفي والشوفيني والمذهبي والعشائري بعد سقوط النظام واصبح الخطاب السياسي الطاغي لدى اغلبية القوى والاحزاب السياسية العراقية.
ولم يتوقف الامر عند ذلك بل تعداها إلى مواجهات دموية لازالت تتواصل بأشكال شتى منذرة بنشوب إضطرابات اكثر دموية وإتساعا سواء تحت يافطة الشيعة مقابل السنة او بين كتل شيعية مختلفة او بين العرب والاكراد او بين الاكراد والتركمان وهلمجرا .
 إن المراقب لتحولات العراق قبل نشوب الحرب وبعده يلاحظ جملة من العوامل التي اثارت هذه النعرات بصورة خاصة  :
 1 _ سعي امريكا لتسويق مبرراتها للحرب بجملة عناصر ثانوية كإضطهاد الشيعة والمجازر التي إقترفها النظام بحق الاكراد وكل ذلك تشكل مقدمات صحيحة بذاتها إلا إنها إستغلتها لتشكيل تحالف عراقي من الاحزاب الشيعية والكردية والتركمانية والآثورية بغرض فرض هيمنتها على العراق وإستغلال ثرواتها وإقامة نظام موال لها وغيرها من الاهداف الإقليمية والعالمية .
 إن العزف على الوتر الشيعي والكردي وغيرها وذرف دموع التماسيح على هذه الفئات من الشعب العراقي كمفردات واجزاء من السياسة الامريكية فيما يخص العراق هدفه واضح لا غبار عليه : تفتيت الشعب العراقي وإثارة النعرات والحزازات في صفوفهم وخلق فجوة كبيرة بينهم لتحول كلها دون وحدتهم كعراقيين اولا وككتلة متراصة تتحدى الإحتلال الامريكي وتطالب بتحقيق اهدافها المشروعة .
 إن إلهاء الشعب العراقي وخلق بعبع مخيف لدى كل فئة منها بإسم المذاهب والاديان والقوميات والطوائف يتيح لأمريكا تمرير سياستها واهدافها بسهولة ويجعل الأمر يبدو وكأن الشعب العراقي غير مؤهل لحكم نفسه لذا لا بد من إطالة امد الإحتلال تحت مسميات شتى .
 كما إن هناك فرق جوهري بين إحقاق الحقوق المهضومة للشيعة والاكراد والتركمان والآثوريين وبين ما ترنو إليه امريكا .
 2 _ اما بالنسبة لأحزاب المعارضة السابقة وخاصة التيارات الإسلامية الشيعية والسنية والكردية والتركمانية فإنها بتأكيدها على الشرخ القومي والمذهبي والديني تسعى لتأبيد الظواهرالمذكورة والإنقسام القومي والديني وتؤول مساعيه إلى ذلك بشكل مباشر وهي تحاول توسيع هوة تلك الفروقات والإنقسامات وليس الحل العادل لها .
 إن التيارات المذكورة تتغذى من إستمرارية وتصاعد تلك الإنقسامات وتجد مبرر إستمرار هيمنتها على رقاب ومصير مختلف شرائح الشعب العراقي ونيلها إمتيازاتها من بقاء وليس حل تلك القصايا . فالاحزاب الكردية منهمكة في الحصة الوزارية ونيل الإمتيازات في خضم عملية إنبثاق السلطة الجديدة وفي الوقت ذاته تفرض في كردستان وهي تتبوأ السلطة سياسة التجويع والإفقار على الشعب الكردي وفرض سلطته بدون اي وازع قانوني ودستوري لكنها تذرف دموع التماسيح على آلام الشعب الكردي ليجعل منها وسيلة لكسب مغانم اكبر في حصته في السلطة . والامر ذاته ينطبق على التيارات الإسلامية الشيعية والسنية بكل إتجاهاتها إذ إن الهم الأساسي لتلك القوى ليس رفع الغبن المسلط على ابناء الشعب العراقي الذي تم حرمانهم من حقوقهم بذريعة إنتمائهم المذهبي بل همهم هو بث ايديولوجيتهم واسلمة ومذهبة الشعب العراقي وحرف نضاله عن جادة الصواب وفرض هيمنة هذه القوة او تلك وكسب شرعية التحدث بإسم الشيعة او السنة حكرا لدى المحتلين الامريكان .

          إذن ما العمل ؟

 إن إعادة الأمن والإستقرار ومعالجة الشلل الإقتصادي والواقع المعاشي والإجتماعي المرير وإعادة تشغيل مرافق الدولة بسرعة وطرح والبدء بتنفيذ برنامج عاجل للإنقاذ السياسي والإجتماعي والإقتصادي والحظر الكامل لتدخل دول الجوار في العراق التي جعلت من بلادنا ساحة لتصفية حسابات تلك الدول مع امريكا وضحية لها والوقوف الجاد بوجه امريكا في سعيها لجعل العراق ( ساحة لمواجهة الإرهاب العالمي ) كما اكد جورج بوش مؤخرا والبدء بعملية تطبيع سياسي شامل تحت رقابة دولية وإجراء إنتخابات عامة هي من جملة الخطوات الأساسية التي تكفل في هذه المرحلة نزع فتيل التصاعد المتزايد للفتن والحزازات التي تنخر جسد المجتمع العراقي .
 إلا إن ذلك لن تأتي كهبة من احد بل هي حصيلة لوعي ووحدة وإلتفاف الشعب العراقي وقواه الشيوعية واليسارية والثورية والتقدمية حول برنامج حد ادنى يلبي مجمل تطلعات شعبنا الآنية ومنها الواردة اعلاه .
 إنها عملية شاقة وبحاجة إلى بذل جهود جبارة إلا إن طرح حل وبديل ثوري وإنساني عادل وعاجل للوضع المتأزم الراهن في العراق والإتفاق على برنامج مرحلي وجعلها راية نضالية  تلتف حولها مجمل الفئات والتيارات والشرائح الإجتماعية في العراق , يوجه ضربة قاضية لقوى اليمين القومي والديني والمذهبي والطائفي التي توغل في حرف نضال وتذمر وسخط وتذمر ورفض الشعب العراقي للأوضاع القائمة , وللمساعي الجارية تحت ستار تعزيز مكانة الطائفة الفلانية والمذهب الفلاني والقومية الفلانية والمنطقة الفلانية في العراق وإعادة تعريف الإمتيازات الطائفية والتي ما هي في حقيقتها إلا ستار لجعل الحزب او التيار الفلاني صاحبة الهيمنة والإمتياز الأكبر في عملية إقتسام النفوذ السياسي الجارية بين الأطياف الحزبية في مؤسسات ومراكز القوة والسلطة .
 إن البرنامج والحل العادل لهذه المخاطر والفلتان الأمني والرد على المساعي الجارية لبعث الحزازات الشوفينية والدينية والطائفية والمذهبية لا تتقوم إلا في نضال جبهة الجماهير الشعبية العراقية الواسعة بمجمل فئاته وبعيدا عن الإنتماءات  القومية و الطائفية والمذهبية والدينية من اجل حشد وتوحيد وتنظيم قواهم بشكل عاجل حول مجموعة من الأولويات التالية :
 _ إعادة بناء مؤسسات الدولة والمرافق العامة وفق نهج علماني ومدني حر وليس تقسيمها بالمحاصصة بين ممثلي ( الطوائف والمذاهب والقوميات ) .
 _ التأكيد على اولوية الإنتماء العراقي ثم الإنطلاق منها في إحقاق الحقوق المهضومة التي تم سلبها طويلا بإسم ( القومية والمذهب والدين ) .
 _ إعادة تعريف حقوق وواجبات الفرد العراقي بوصفه الفردي وطبقا لصفة المواطنة في شتى المجالات الحقوقية والقانونية والمجالات الأخرى وبعيدا عن كل إنتماء آخر للفرد .
 _ فصل الدين عن الدولة ومؤسسات التربية والتعليم وجعل ممارسة الدين والمذهب او عدمه امرا وشانا فرديا خاصا , جماعات وافرادا .
 _ إجراء تغيير جوهري وشامل في الدستور والقوانين المعنية الأخرى لتنسجم مع ما ذكر اعلاه .
 _ حظر تعامل الأحزاب والحركات السياسية والمؤسسات المذهبية مع الدول الأخرى وحصر تمثيل العراق في الخارج بمؤسسات الدولة الرسمية المختصة .
 :............

  إن الأخذ ببرنامج وحل ثوري عاجل يتطلب مستلزمات كثيرة ونضالا شاقا إلا إنها تمثل المخرج الوحيد من مخاطر الأوضاع الراهنة الذي يمر بها بلادنا وشعبنا ويتطلب قبل كل شيء  وحدة قوى اليسار وفق رؤية سياسية وعملية مشتركة تعبر من جهة عن مخاطر الأزمة الراهنة وعن ضرورة مواجهة قوى اليمين التي تتحكم برقاب شعبنا مستعينة في ذلك بالدعم الأمريكي .
 كما إنها تتطلب وعيا متزايدا ووحدة صلبة من جماهير شعبنا الذي ناضل طوال ثلاثة عقود واكثر من اجم المساواة في الحقوق والقضاء على مجمل اشكال التمييز والإضطهاد والإنقسام وكذلك عدم الإنجرار وراء القوى والمشاريع التي تريد تحويل الشعب العراقي وتضحياته إلى سلم لتحقيق مجموعة من المآرب والأهداف الضيقة التي لا تمت بصلة بحياة واهداف وتطلعات الملايين من العراقيين  .

                                       



#احمد_معين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحركة المطلبية وسبل الإرتقاء بها
- التنظيم هي القضية الجوهرية لعمال العراق
- مجلس الحكم الإنتقالي: من يحكم من؟
- حذار من بعض المتعاونين مع الشعب العراقي !!
- أزمة النظام السياسي في العراق
- ماذا وراء دعوة المرأة العراقية إلى إرتداء الحجاب ؟
- الأنفال : تراجيديا الحالة الكردية !
- نسوة العراق :-من يفتح باب الطلسم-؟
- عن فهد الذي لم يُحتَفى به!


المزيد.....




- -بحوادث متفرقة-.. الداخلية السعودية تعتقل 4 مواطنين و9 إثيوب ...
- اجتياح إسرائيل لرفح قد يكون -خدعة- أو مقدمة لحرب مدمرة
- بسبب استدعاء الشرطة.. مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للت ...
- روسيا تستهدف منشآت للطاقة في أوكرانيا
- الفصائل العراقية تستهدف موقعا في حيفا
- زاخاروفا: تصريحات المندوبة الأمريكية بأن روسيا والصين تعارضا ...
- سوناك: لندن ستواصل دعمها العسكري لكييف حتى عام 2030
- -حزب الله-: مسيّراتنا الانقضاضية تصل إلى -حيث تريد المقاومة- ...
- الخارجية الروسية: موسكو تراقب عن كثب كل مناورات الناتو وتعتب ...
- -مقتل العشرات- .. القسام تنشر فيديو لأسرى إسرائيليين يطالبون ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - احمد معين - فتن العراق : من ايقظها ؟