أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ثائر سالم - الانسان والاوطان في سياسة الامريكان















المزيد.....

الانسان والاوطان في سياسة الامريكان


ثائر سالم

الحوار المتمدن-العدد: 2072 - 2007 / 10 / 18 - 12:37
المحور: كتابات ساخرة
    


كلما رأيت الرئيس بوش ، متحدثا بزهو وتفاخر امام عدسات التلفاز، عن الانتصار، على بلد كافغانستان، دون ان يجد حراجة ، وهو زعيم الدولة العظمى الاولى في العالم، اتصور نفسي فورا، وكانني امام مشهد كوميدي ـ تراجيدي ، في عمل فني او في مشهد حياتي ، يظهر فيه رجل مفتول العضلات ، موفور الصحة ، يمتلك ويتقن كل ادوات وفنون القتال، ومع ذلك لا يتردد في الصراخ فرحا، بانتصاره على رجل هرم فتكت الامراض بجسده ، لا يمتلك من القوة الجسمانية او ادوات القتال ، ما يؤهله لمنازلة غير متكافئة كهذه .
حتى بعد ان انكشف الامر واتضحت حقيقة هذا النجاح الفاشل ، خصوصا حينما تم اعادة انتاج المشهد ذاته ، في العراق ، فشلا ناجحا بامتياز. فشلا بات يضطره لان يستجدي فيه، مساعدة اشد اعداء الامس واليوم، واكثر اصدقائه المخلصين ، من دول العالم ، والدول الاقليمية، اللذين نصحوه بعدم السير في طريق الحرب هذا، ومواصلة مسيرة الخطأ. وتتحول الكوميديا الى مهزلة ، حينما يشتد التفاخر، وهو يكرر التجربة، وتبرير الحرب، وتصويرها حربا دفاعية استباقية ، على ما في الامر من مغالطة. وبالتاكيد هناك العديد من العقلاء ، بين الساسة والدول وللشعوب، ولم تضطرهم مصالحهم ، الى قبول قراءة بهذا الشكل للحرب. فالتجرؤ على الحديث عن انتصار، بلد وجيش، كالولايات المتحدة ، على جيش وبلد كافغانستان ،على فرض ان هذا قد تم فعلا، (وليس كما تشير الى عكس ذلك معطيات اليوم)، هو نوع من الكوميديا الهابطة. التي لايحسن بالسياسة اللجوء اليها ، اذا ماارادت الاحتفاظ لنفسها ، بموقع لائق.
وحتى " انتصاره " على العراق ، هو في الحقيقة ، انتصار على بلد ساقط سياسيا وعسكريا، قبل الحرب والاحتلال ، ومدمر ومحاصر اقتصاديا ، سنين طويلة ، استنزفته حروب كثيرة. لايمكن للمرء ان يعثر على معنى ولو رمزيا للانتصار. دع عنك مجريات الحرب ، التي تتجلى لاحقا، في البلدين، مؤشرات فشل وهزيمة اكيدة قادمة لامحالة. والحرب لا تخدم في النهاية، الا مصلحة الاغنياء والاقوياء ، وشركات الصناعة والحربية والمرتزقة
من يتذكر خطاب الرئيس الامريكي بوش ، بعد ساعات من احداث الحادي عشر من سبتمبر، وقوله " ان هذه الحرب ستطول سنين وربما عقود ، وستشمل دولا عديدة في العالم ، القريبة منها والبعيدة، الصديقة والمعادية" ... انه لا وجود "للحياد في هذه الحرب"، لا وجود" لدول محايدة "، معتبرا الحياد مساعدة للاعداء ، واكد ان ادارته ستعامل تلك الدول " كدول معادية " ، ولن تحول اية قوانين او تشريعات دولية او محلية، ولا حتى سيادة اي بلد ، دون مطاردة خصومهم ". ... اقول من يتذكر هذا ، سيكون واثقا من القول، ان الادارة الامريكية الحالية ورئيسها، كانا حينها، واضحين جدا ، في استغلالهم الحادث ، واعلان مشروعهما للعالم ، والسعي لاقامة العالم الذي يريدون.
حينها كانت رد فعل، وتعليق اغلب السياسيون في العالم، والعديد من الرؤساء ، ان العالم لن يعود الى عالم ما قبل الحادي عشر من سبتمبر. وانه والدول المستهدفة ! خصوصا ، ستدفع ثمنا الجرح الذي اصاب النمر الامريكي. وفي هذا السياق كان الابتزاز الذي مارسه الرئيس وادارته ، للعالم كله ، حينما وضع الجميع امام احد خيارين في هذه الحرب:
اما ان " تكونوا معنا ، او ان تكونوا ضدنا" " وهدد الجميع ، من مغبة عدم التعاون، وطالبهم بالمساهمة ، في حرب بلاده على الارهاب. وبضرورة تعاونهم، وفتح اراضيهم، امام القوات والتشكيلات الامريكية ، في هذه الحرب العالمية".
ويبدو ان تيار المحافظين الجدد، في احسن ا لتاويلات ، كان بحاجة الى مثل هذه الفرصة ، لتحقيق احلام مشروعهم ، في السيطرة على العالم ، واعادة تشكيله وفق رؤيتهم. ولهذا استغلالا لحادث سبتمبر 2001، ليعلن ولادة نظام عالمي جديد ، اطاح بالتوازن الدولي ، بين الكبار على الاقل، الذي كان قائما على نظام التعددية القطبية. هذا التوازن على هشاشته ، ولاعدالته، كان قد وفر، خصوصا بالنسبة للفقراء والضعفاء من دول العالم ،، هامشا للحركة في فضاء يمنحها درجة من الدعم والحماية ، من دول تمتلك بعض مؤهلات التنافس او الاستعداد للمواجهة في بعض الحالات. ترى اهي قدرية الجغرافيا والتاريخ ، مرة اخرى ، في ان يكون العراق قربان هذا العالم الجديد الذي بشروا بولادته وان يكون ، المحطة التي سيتقرر على ضوئها ، اتجاه القاطرة لاحقا. والذي غالبا ماسيكون نحو دول، تربطنا واياها، مصالح ستراتيجية مشتركة، وستكون موضوع وهدف، العدوان التالي والاستغلال. لافرق حتى بالنسبة لهؤلاء الذين ربطوا مصلحة بلادهم ، بخط سير هذا القطار وبقرار سائقه وارادته ومصلحته.
والثمن الباهض ، ماديا وبشريا ، الذي يدفعه الجيش والشعب الامريكي في العراق ، ويدفعه معهم الشعب العراقي، والخطر، الذي يهدد استقرار وسيادة ، اغلب دول وشعوب المنطقة، يؤكد هذه الطبيعة الانتهازية للمشروع الامريكي، في التقاطه للحادث. فالحرب على القاعدة لايمكن ، باي مقياس من المقاييس ، ان تفصي الى احتلال دائم لبلد . وليس من المفهوم ان تاخذ هذا الطابع التدميري، لبنيته التحتية ، ومستقبله السياسي، واستقراره الاجتماعي، القومي والديني والمذهبي. والسؤال الذي يطرح نفسه:
متى تتعلم تلك الدول وادرارتها ، ويتعضوا ويجنبوا شعوبهم وشعوب العالم ، حروبهم وجرائمهم ، ويكفوا عن ان يروا العالم حديقتهم الخلفية ، او يرونه بعضلاتهم؟ ويكفوا عن ان يروا، البشر في العالم الاخر، اتباع واناس منقوصي القيمة والحقوق؟ او شعوبا تفضل سوط المستعمر (المتحضر) على سوط الحاكم (المتخلف)؟
ان حقائق ومعطيات التجربة المعاشة، اليومية، يفترض بها ان تكون ، الان، قد عبدت الطريق الى عقلانية سياسية ، وطنيا واقليميا ودوليا ؟ وان تكون قد ادركت ، وبدرجة كافية من الوضوح واليقين، ان اقامة ديموقراطية الطوائف المتقاتلة والمتعادية ، وتثبيت المحاصصة " الاقصائية " ، عمل لا يجمعه جامع مع الديموقراطية الحقة ،الانسانية والعادلة. وان اخذ الناس برحلات سفر دائم او طويل الامد ، عن بيوتهم واحيائهم وبلدهم ، لايمكن ان يكون دليل سيادة سلطة الدولة واحترامها لمهامها ومسؤولياتها .
وترك المجال لميليشيات "منبثقة من الشعب !" وممارسة عمليات تاديب ، استخدمت فيها ، بوسائل "انسانية ومتحضرة " ، تكنولوجيا المثاقب الكهربائية، في ثقب الرؤوس والاجساد ، بعد ان تم تحطيم الدولة كيانا وثقافة، وسيطرة تلك الميليشيات على عمل الاجهزة الامنية والعسكرية. لايمكن ان يكون الدليل على التوجه نحو دولة المواطنة والقانون ، والعدل، وحماية حقوق الانسان واحترامها.
كما ان جعل اجساد العراقيين، ووطنهم ، خط الدفاع الاول عن "اشقائهم الامريكان" او الاقليميين ، في حروب الانابة، عن الاصدقاء والاشقاء، وبارواح وثروة العراق ومستقبله ومستقبل ابنائه، نما هو عمل لايتلائم والامانة الاخلاقية والسياسية ، للساسة وزعماء البلد ، ولمسؤلية جهاز الدولة، ومسؤلية السلطة. اما الاستدلال على انتصار وتعمق ملامح العصرانية وقيم المجتمع المدني ، فتعكسه حقيقة ان تغدوا العشائر، مقارنة بالمشاريع الطائفية، خيارا افضل حتى بنظر البعض من العلمانيين، فهم يرون فيها فضاء ذا افق سياسي وثقافي، لايناقض مشروع الدولة والمواطنة، على المدى الاني والقريب، وتبرز فيه العشيرة كقوة توحيد وطني ، على الاقل، في دورها لتخفيف التوترات، والعداءات المرضية : الطائفية، العنصرية ، الدينية....الخ .
لا خلاف على ان العراق لازال المحطة الحاسمة ، في مشروع الولايات المتحدة الكوني الساعي للتحكم بالعالم والنفط ، وان المغامرات والرهانات الخاطئة، لساسته وحكامه ، السابقين واللاحقين ة، كانت ذريعة انسياق البعض ، لتنفيذ اجندات غريبة، على ثقافة المجتمع العراقي ، باعادة الحياة الى ثقافات تتحرك في فضاء ثقافة القرية ورؤيتها الفكرية. الامر الذي يكون على حساب ثقافة المدينة والعصر، والهوية الوطنية ، بالمعنى الحقوقي للكلمة، (اذا ما اضطرت للاختيار بين الوطن... او الطائفة ، القومية، العقيدة).
ان ذلك هو اسوأ جديد تلك الرهانات، التي لاتتحرك باولوية المواطنه. التي افضت عمليا الى ان يغدو البلد مختطفا ، والشعب اسيرا، ورهن مستقبله، بارادة قوى لاترى في الوطنية العراقية ، اطارا ملائما للتعبير عن هوياتها. ولهذا لن يجدوا اي غرابة او حرج في ان يعتبروا موت او قتل اكثر من مليون عراقي، مدنيين ابرياء ، اطفالا ونساء، شيوخا وشبانا ، مجرد خطأ في الحسابات، في ذات الوقت الذي يعتبروا فيه قتل جندي محارب في جيش احتلال عمل ارهابي.
او ان يكون احتلال بلد، وتحطيم مؤسسات الدولة فيه ، واشعال حروب الفتن الطائفية والداخلية، وتحطيم بنيته التحتية ، عمل من اعمال الاستعمار الخيرية والتحريرية والديموقراطية في ممارسة فعل الاحتلال والتدمير والقتل. فهي لم تتخذ القرار لوحدها ولم تنفذه لوحدها ، بل كان لها ، شركاء في العمل ، بغض النظر عن مواقفهم المعلنة ، والمضلات التي استظلوا بها . شركاء حقيقيون ، في النتيجة، طائفيون ، متعصبون عنصريون ، في الخندق الذي اعلن اختيار معسكر الاحتلال ، او في الخندق الاخر. هؤلاء المؤمنون و المتذاكون ، لايجدون حرجا في تبرير اعتبار الاحتلال، في سياق الحرب الدفاعية ـ الاستباقية التي يحق لدولة ما، كالولايات المتحدة ، القيام به ، في الوقت ذاته الذي يعتبرون فيه ، دفاع الاخرين عن اوطانهم، والتصدي لعدوان، اقوى دول العالم عليهم....انما هو عملا من الاعمال الارهابية.
ان الولايات المتحدة وحلفائها ، التي تحترم حقوق الانسان ، وفي مقدمتها الحق في الحياة، ويدعوننا لاحترامها ليل نهار تخوض الحرب اليوم بارواح الشعوب المغلوبة على امرها او الفقيرة ، او المتخلفة او حتى المتطورة منها(نسبيا كالعراق)، ودون ارادتها . واعتماد سياسات الابتزاز والترغيب والترهيب، ضد الجوار الشقيق والصديق، انما هو لتشجيع ساسة وانظمة حكم اخرى، على الصعود الى نفس القطار. وهي لاتتردد في ممارسة دور تأديب المتمرد ان اقتضى الامر، اعتمادا على امكان افراطها في استخدام قوتها العسكرية، مأخوذة بغطرستها وغرور قوتها، والتي تجسدها اليوم . عدوانا صارخا على بلدان لايوجد اي تناسب منطقي في القدرات والامكانات المادية والعسكرية بينها.



#ثائر_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المواطنة العراقية ..هوية محاصرة ام مهزومة
- استحقاقات صداقة غير متكافئة
- خلط اوراق ام تقاطع اجندات
- كالمستجير من الرمضاء بالنار
- الاحتلال الامريكي للعراق ...عواقب ومخاطر
- وجاهة تبرير ...ةمعنى له
- ضربة موجعة
- مغامرة باهضة الثمن
- قراءات الايديولوجية ام تحريف الايديولوجية
- حينما تكون الهزيمة نصرا
- العراق هوية وطن ام وطن بلا هوية
- فشل الفوضى الخلاقة ام تقاطع الاجندات
- المثقف والاختيار
- قطار الديموقراطية
- لعراق الجديد ..الحقيقة والوهم


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ثائر سالم - الانسان والاوطان في سياسة الامريكان