أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح كنجي - ليلة الوداع الأخيرة














المزيد.....

ليلة الوداع الأخيرة


صباح كنجي

الحوار المتمدن-العدد: 2071 - 2007 / 10 / 17 - 12:21
المحور: الادب والفن
    


لازلت اذكر، وسأبقى اذكر، التفاصيل الدقيقة لليلةِ الأخيرة قبل أن اترك الدار في فجر الخامس عشر من تشرين الأول من عام 1978.. قضيت مساؤها بين التخلص من أوراقي، كي لا أدع شيئا ً مهما ً منها قبل أن اتأكد من تلفه وحرقه تماما ً في صفيحة التنك التي إسْتخدَمْتهَا كمِشْعل ومحرق فوق السطح التي كان يتصاعد منها الدخان بين الحين والآخر عندما القي المزيد من الأوراق فيها..

كنت أحرق حينها جزءً من روحي وفؤادي قبل أن تحترق تلك الأوراق وتتحول إلى دخان ورماد..

و في ذات الوقت أطيل النظر في وجوه أشقائي وشقيقاتي الواحد بعد الآخر، كنت أحاول أن أتفرس في وجوههم وملامحهم الواحد بعد الآخر إبتداءً من أصغرهم سنا ً إخلاص التي لم تكن قد بلغت السابعة من عمرها والأكبر منها أميل ومن ثم شامل وخيري و أمل وماجد وباسلة .
كنا موزعين من حيث الولادات بين دفعتين ، قبل دخول والدي السجن وبعد خروجه منه ، لذلك كان ثمة فارق بيننا كأننا جيلين..


كانَ قلق الليلة الأخيرة لا يدعني أغمض جفنا ً، وبقيت ساهرا ً أنتقلُ في أجواءِ الدار ، بعد أن نام أشقائي ، أراقبُ المحيط والشارع من فوق السطح تحسبا ً لطرقة باب غير محسوبة العواقب أو محاولة رجال الأمن تطويق الدار واقتحامه لأجل القبض عليّ ..

كنت قد قررت في حالة مجيئهم الإفلات منهم بالقفز إلى بيت الجار أو حتى رمي نفسي من السطح في محاولة للهروب.. ومع كل دقيقة كانت تمر كنت أقول يجب أنْ أخرج قبل أن يأتوا لأعتقالي ، ومع كل لحظة تمر أختلسُ النظر إلى أشقائي النائمين ،القي عليهم نظرة سريعة وأقول محدثا ً نفسي:

ستكون الأخيرة ، ومن ثم أتنقل بين الهول و الطارمة المواجهة لغرفة أبي وأمي ، ومن ثم أتسلق الدرج نحو السطح وبالعكس أنزل وأعيد الكرة لعشرات المرات ، وبين الحين والآخر أقول : لأغادر قبل أن يأتوا..
هكذا قضيت ليلتي الأخيرة ساهرا ً يقضا ً ، وحين دقت الساعة لتعلن الرابعة من ذلك الفجر حملت حقيبتي الصغيرة ،ونزلت من غرفتي بهدوء مودعا ً الجدران وزوايا الدار ، ومن ثم فتحت باب الغرفة التي ينام فيها أشقائي بهدوء، أطلت النظر إليهم..

نزلت الدموع على خدي ، كنت رغم الدموع ، أنقل نظراتي بينهم الواحد بعد الآخر موقنا ً إنه وداع طويل ،لأني إخترت طريق اللاعودة للظهور العلني ، طالما بقي النظام متربعا ً على رقاب البشر ، قررت الإختفاء والبحث عن وسيلة للمقاومة ...

ورددت مع نفسي، بحزن وألم ، وداعا ً أحبتي قد يكون الفراق طويلا ً أو قد يكون الأخير، كنت قد عاهدت أمي أن أبقى حيا ً كي لا تبقى قلقة ً عليّ...

هاهي الذكرى تعود من جديد بعد ثلاثين عاما ً على ذلك الوداع ( وأنا اسجل شيئا ً من محنة تلك الأيام).. بقيت حيا ً كما عاهدت ُ أمي.. لكني إفتقدتها وإفتقدت عائلتي..
يا أمي لم أكن اعرف انه سيكون وداعا ً وفراقا ً وموت !


صباح كنجي







#صباح_كنجي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محطات مع توما توماس
- سنجار بلا أسوار
- نعالُ الله ..!!
- مؤتمر الإصلاح بين مبادرة دخليل جندي وهفوة الوزير محمود عيدو ...
- حوارات عراقية
- علي خليل... أبو ماجد هَل ْيتجددُ اللقاء ؟
- الديانة الأيزيدية
- الدين ُ امْ البشر
- حكومة كردستان ... الطريق إلى الأداء الأفضل
- اسئلة عن الإيزيدية
- بحث في دلالة معنى كلكامش.. هل كان كلكامش إبنا ً لبقرة؟
- زهير كاظم عبود...في تنقيبه للتاريخ الإيزيدي القديم..2
- (1)... زهير كاظم عبود في تنقيبه للتاريخ الإيزيدي القديم
- الطريق إلى الإحتفاء ِ بالجريمة...1
- آذار... تداعيات الذكرى والقيم
- إلهُ الحربِ ودينُ الديناميت!
- عشرة في الحروب وعشرة في تيه البحر لطارق حربي..شعرٌ يرفضُ أن ...
- دين... ودجل... وإرهاب
- تنبؤات كاسندرا...قصص... لحمودي عبد محسن
- كردستان ...حذار ٍمن العودة لزمن ِ الغزوات !


المزيد.....




- مصر.. علاء مبارك يثير تفاعلا بتسمية شخصية من -أعظم وزراء الث ...
- الفيلم الكوري -أخبار جيدة-.. حين تصنع السلطة الحقيقة وتخفي أ ...
- بالاسم والصورة.. فيلم يكشف قاتل شيرين أبو عاقلة
- السباق نحو أوسكار 2026 ينطلق مبكرًا.. تعرف على أبرز الأفلام ...
- إطلاق الإعلان الترويجي الأول للفيلم المرتقب عن سيرة حياة -مل ...
- رئيس فلسطين: ملتزمون بالإصلاح والانتخابات وتعزيز ثقافة السلا ...
- السباق نحو أوسكار 2026 ينطلق مبكرًا.. تعرف على أبرز الأفلام ...
- شاهد رجل يقاطع -سام ألتمان- على المسرح ليسلمه أمر المحكمة
- مدينة إسرائيلية تعيش -فيلم رعب-.. بسبب الثعابين
- اتحاد الأدباء يحتفي بشوقي كريم حسن ويروي رحلته من السرد إلى ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح كنجي - ليلة الوداع الأخيرة