أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف أبو عيشه - عند الحاجز !















المزيد.....

عند الحاجز !


نايف أبو عيشه

الحوار المتمدن-العدد: 2062 - 2007 / 10 / 8 - 07:03
المحور: الادب والفن
    


-1-
عندما انتهى وقت العمل استقل الحافلة المخصصة مع زملائه العمال اخر النهار لتعيدهم لبيوتهم بعد يوم عمل شاق في الورش والمصانع التي يعملون فيها في تل ابيب وضواحيها ,فانطلقت بهم مسرعة , بينما السائق منشغل عنهم بالاستماع لاغنية عبرية صاخبة. بعضهم هده التعب من عمل النهار ومشوار الصباح الباكر المرهق فنام على الفور والبعض اخذ يحملق عبر النافذة باشجارالبيارت المتسارعة على جانبي الطريق للوراء متحسرا من اعماقه على فقدانها, والبعض منهم يتحادثون عن ظروف عملهم , وتعامل " المنهيل "معهم . توقفت الاغنية فجاة وبدا المذيع نشرته الاخبارية فانصت من يعرف اللغة العبرية اليه باهتمام, وحين حكى عن المواجهات العنيفة المتواصلة لليوم العاشر في معظم مدن ومخيمات الضفة وغزة بين قوات الجيش والمواطنين وان هناك الكثير من الاصابات والاعتقالات بين الشبان خاصة, بدا يترجم لزملائه مضمون الخبر, فعلق احد العمال صائحا " صدقوني هاي انتفاضة ثانية " قال اخر" هالمرة احنا اقوى لان السلطة عندنا موجودة" قال اخر " يا شباب , اكلنا هوا , ورجعنا لايام زمان اضراب تجاري واضراب عمال واضراب شامل " اما هو فقال " اذا لعبناها صح , يمكن هاي تكون معركة المعركةالاخيرة لقيام الدولة باذن الله " علق اخر " والله انت متفائل كثير يا اخي, احنا لسه بعاد عن الدولة " قال بثقة " بصراحة , هاي المرة متفائل كثير " تدخل اخر بالنقاش وقال " يا حبيبي اسرائيل ضحكت علينا بالاتفاقية حتى تعمل بينا خلافات ومشاكل. ولا عمرهم بنسحبوا ولا بيعطونا دولة , وبلاش نحلم كثير " .قال بعد لحظات "
-2-
ما ان قرا المذيع الخبر وترجمه لهم حتى بدات النقاشات واختلطت الاصوات ببعضها وضج الجميع في نقاشات وتعليقات واسئلة كثيرة , وتحولت الاجواء في الحافلة كانها خلية نحل لا تهدا . عندها تذكر " المنهيل" ديفيد, ذو الاصل اليمني المسئول الورشة التي يعمل بها , يوم ان تم استدعاؤه للخدمة العسكرية , قال لهم انه قد يغيب فترة طويلة , بسبب اعمال الشغب في المناطق . فقال له " هاي انتفاضة مش اعمال شغب " عندها اجابه بسخرية " شغب او انتفاضة , مش مهم "فساله مازحا " اذا التقينا يا ديفيد ايش راح تعمل "؟ تساءل بدهشة" هل تقصد انك ستشارك باعمال الشغب ؟". رد الشاب " حتى الان لا اعرف كيف تتطور الامور , لكن .... " قاطعه ديفيد صائحا " افضل لك الا تفعل " ساله الشاب بدهشة " هل ستقتلني او تعتقلني ؟" رد على الفور " اتمنى الا تجبرني على ذلك ".تمتم الشاب في قرارة نفسه " فعلا لا امان لكم ".
-3-
عند المدخل الغربي لمدينة طولكرم , هدات الحافلة من سرعتها واعلن السائق للجميع عن وجود حاجز عسكري للتفتيش طالبا منهم تجهيز بطاقاتهم الشخصية , وعندما توقفت الحافلة تماما كان طابور السيارات والحافلات يمتد لمسافة عشرات الامتار وهو يزحف ببطء لياخذ كل دوره بالخضوع لاجراءات التفتيش وفقا لامزجة الجنود المنتشرين في المكان. امسك كل عامل هويته بيده وبداوا جميعا يطلقون عبارات التذمر والاستهجان من هذا التفتيش اليومي الممل والاستفزاي لهم, على الرغم انهم امضوا يوم عمل مرهق في الورش والمصاتع الاسرائيلية بعيدا عن الاحداث , حيث تدل ثيابهم وملامحهم المرهقة من التعب على ذلك, واعتبر معظمهم ان هذا التفتيش ما هو الا مزيد من الاذلال والاهانة لهم, بعد كل هذا التعب الذي هد اجسادهم منذ ساعات الصباح الباكر.
-4-
عندما جاء دور حافلتهم , صاح بهم احد الجنود آمرا اياهم بالنزول من الحافلة للتفتيش , وحين اصطفوا في طابور طويل احاط بهم الجنود من كل جانب , وبدوا في حالة استعداد وتاهب لاطلاق النار , اذا لزم الامر, خاصة بوجود عدد كبير من الشبان المتعبين من العمل المرهق , وحين تساءل بعضهم متذمرا عن سبب كل هذا التشديد في اجراءات التفتيش عليهم وهم القادمون من العمل المضني طول النهار , صرخ بهم احد الجنود امرا بالعبرية , مطالبا اياهم التزام الصمت وتحضير الهوية , اما هو فقد حاول ان يتذكر صاحب الصوت من يكون لكن ذاكرته لم تسعفه بسبب اجواء العنجهية والغطرسة والاستفزاز, وارتداءهم الخوذ الفولاذية على رؤوسهم , ويحملون الاضواء الكاشفة حيث بدا الظلام ينتشر في كل مكان .
-5-
عندما وقف في الطابور , كان يقف امامه رجل كبير السن , من جيل والده , بالكاد استطاع الوقوف على قدميه , وهو يحمل حقيبته كالاخرين بيده الواهنة . وحين جاء دوره بالتفتيش , لاحظ ان الجندي الاشقر يتصرف تجاهه بعدوانية واستفزاز متعمد , وما ان اعاد له البطاقة حتى بدا يفتشه بانحاء جسده وثيابه نزولا وصعودا اكثر من مرة , وعندما امره الجندي ان يباعد بين ساقيه ويساله ان كان يحمل سلاحا من أي نوع , صاح الرجل بعصبية "لا معي سلاح ولا زفت , وليش طالع نازل تعسس علي مثل اللي بده يشتري عنزة والا بقرة ؟" , لم يفهم الجندي كلام الرجل , واعاد الكرة يفتش الجزء السفلي من جسده وخاصة بين فخذيه, فصاح به الرجل مرة اخرى" شو هذا , انت بتحسبني مخبي مدفع رشاش هون ؟",فعاجله الجندي برفسة قوية بين ساقيه المتباعدتين , فتاوه الرجل من الالم وخر راكعا على ركبتيه وهو يصيح " قتلتني يا ابن الشرموطة , ملعون ابوه اللي جابكم على هالبلاد " , واستمر الجندي يضربه بعنف وهو يطلق الشتائم والتهديد للعرب يالموت .
-6-
تدخل الشاب محاولا مساعدة العجوز وحمايته من ضربات الجندي الحاقدة , وعندما صاح به محذرا اياه من التدخل , وامسك بذراع العجوز ليرفعه عن الارض ,لم يعره اهتماما , ورمقه بنظرة غاضبة , فامسكه الجندي من رقبته ليبعده عن زميله , فصاح به الشاب بالعبرية " نزل ايدك احسن اكسرها " صاح به الجندي بنبرة تهديد واستهجان " ايش تقول ؟" رد عليه " اللي انت سامعه " ساله ثانية " يعني انت قبضاي ؟" رد الشاب " طبعا قبضاي ونص ". وعندما صفعه الجندي على وجهه , لم يتوان عن لكمه بقوة على اسنانه دافعا اياه للوراء ,فسقط مع سلاحه على الارض والدم ينزف بغزارة من فمه , وفي لمح البصر احاط الجنود بالشاب وانهالوا عليه بالضرب المبرح , ثم اقتادوه للجيب العسكري البعيد بعد ان قيدوا ذراعيه للوراء , وحين انتهى التفتيش , وغادرت الحافلة المكان بدونه, خيم الصمت على الجميع لمسافة طويلة قبل ان يقطعه احدهم بقوله " علي الطلاق ما في زلمة بينا الا هو " رد عليه اخر " شو يعني كان بدك نشتبك معهم عشان يطخونا ؟ وكل هذا عشان ابو راشد بسلامته يحتج على التفتيش ؟" صاح العجوز بنبرة مقهورة " ولك يا ابن الحلال فتشني اول وثاني كانه معي مدفع رشاش " علق احدهم ضاحكا " يمكن عجبه السلاح اللي معك " رد العجوز عندما ضجوا بالضحك " يلعن سلاح اللي خلفك ما اطول لسانك " . قال اخر " هسه اتركونا من المسخرة , ايش بده يصير بصاحبنا اللي حجزوه عندهم ؟" رد احدهم " ولا شيء راسمالها علقة سخنة ويتركوه بحال سبيله ويمكن يبات عندهم للصبح " علق اخر " مش بعيد عنهم يعملوا له قضية عليها " علق العجوز " والله انه قبضاي , وراح اظل ممنون له طول حياتي " ساله اخر " انت تعرف من وين هو يا حج ؟" قبل ان يرد العجوز رد احدهم بنبرة عالية من مقدمة الحافلة " انا بعرفه وراح اخبر اهله اول ما نوصل ". عند مدخل مدينة نابلس الغربي كان ينتظرهم حاجز آخر وعملية تفتيش جديدة , والجنود كانوا اكثر استفزازا وشراسة وعدوانية تجاه الداخلين للمدينة التي كانت تخضع لمنع التجول .
-7-
اما الضابط فقد امر احد الجنود بمراقبة الشاب وحراسته جيدا وان يطلق النار عليه ان حاول الفرار من الجيب العسكري على الرغم انه مكتوف اليدين ومعصوب العينين, وقبل ان يبتعد بدا يلومه لانه تدخل فيما لا يعنيه وانه سيقدم للمحكمة. عندها فقط تعرف الشاب على صوت الضابط المسئول عن الحاجز من يكون , انه " ديفيد " اليمني " المنهيل" الذي ابلغهم في الورشة انه سيذهب للجيش فترة من الوقت بسبب اعمال الشغب في المناطق .لم يطاوعه لسانه ان يناديه او يكلمه طالما انه تجاهل معرفته اياه وامر الجندي باطلاق النار عليه. رجع الضابط لمكانه على الحاجز ليكمل مهمة الاشراف على الجنود واعطائهم التعليمات, لكنه بدا يتصرف بعصبية وعدائية متزايدة تجاه الاخرين , ويلقي اوامره تباعا للجنود , لانجاز مهمة التفتيش بسرعة و انتباه وحذر اكثر من قبل, بينما استمر الجندي بالاعتداء على الشاب المقيد الذراعين انتقاما لزميله واطلاق الشتائم القذرة بحقه , وكانت شراسته تزداد اكثركلما رد الشاب عليه بالعبرية ذات الشتائم , واخيرا تم نقله لمركز الاعتقال والتحقيق شرقي المدينة , في جيب عسكري اخر حضر للمكان في ساعة متاخرة , وسمع الضابط وهو يعطي تعليماته لتسليمه لرجال"الشاباك".
-8-
في المحكمة العسكرية وجه اليه القاضي تهمة الاعتداء على الجندي واعاقة تطبيق القانون والنظام , والاخلال بالامن , فاصدر عليه حكما بالسجن اربعة اشهر وغرامة الف شيكل. ولم تاخذ المحكمة باقواله, رغم انه اقسم اليمين , بان الجندي هو الذي بدا بضرب العجوز على اعضائه , وحينما حاول منعه ومساعدة الرجل على الوقوف , ضربه ايضا على وجهه فرد عليه بالمثل , وان الجنود اعتدوا عليه لعدة ساعات وهو مقيد الذراعين للوراء بالضرب المبرح قبل ان ينقلوه لمركز التحقيق وانه يطلب شهادة الضابط الذي كان مسئولا عن الحاجز في ذلك اليوم وراى كل شيء بنفسه. لكن القاضي اكد ان الجنود والضابط المسئول افادوا جميعا با ن زميلهم كان يقوم بعمله وتفتيش روتيني كالمعتاد لاحد الاشخاص , عندما تعرض للاعتداء دون مبرر مما تسبب له بفقدان اسنانه الامامية حيث نتج عن ذلك اضرار نفسية بالغة بسبب التشويه الذي تعرض له مما يؤكد خطورة المتهم وانتمائه لمنظمة معادية .
بقلم : نايف أبو عيشه
1/10/ 2007



#نايف_أبو_عيشه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وانهزم ابو النبوت !
- الحق على الحمار !
- من طين بلادك ...!
- العدس ولحم الفقراء !
- زوجة الاستاذ !
- الاختيار !
- - خربطيطة مروكية-!
- تحليق في سماء الحرية !
- صبرا وشاتيلا,جرح نازف !
- لماذا تاخر هنية في دعوته !
- السيارة والسياسة وما بينهما !
- تهنئة للتفوق ، واخرى للطموح !!


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف أبو عيشه - عند الحاجز !