أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البيتاوي - حكايات من المسطبة /9














المزيد.....

حكايات من المسطبة /9


محمد البيتاوي

الحوار المتمدن-العدد: 2051 - 2007 / 9 / 27 - 07:05
المحور: الادب والفن
    


سخط

جرت الشمس لتحمي خطواتهم، فانحسرت عن أماكن كثيرة وبعيدة، مفسحة المجال لكانون كي ينفس عما في جرابه، ليقضي وطر الأرض.. ليغرس في الرحم بذرة.. فمن يدري؟ فالخصب يولد الأمل، فيحيي الحلم.. فتشيع البسمة. والبعض، قد لا يعرف طعم النعمة.. لعّانون.. يلعنون الرعد والبرق.. ولجهلهم لا يدركون أن الحُبّ يُوَلد من بذرة.. فيطأ المطر الأرض.. يقضي وطراً.. يزرع أملاً.. يلد الحلم.. ولكن..

قال الزوج بصوت متكدر، وهو ينزلق في الفراش إلى جوار زوجه:

- ما باليد حيلة.. ما في قدامنا إلا إن نلغي الحفلة..

قفزت زوجه من السرير. أقعت عند رأسه. رشقته بنظرة شزرة وهي تقول بصوت حملَ كثيراً من الاشمئزاز:

- ما سمعت؟! شو.. شو.. شو قلت.!؟

- إنت شايفه.. الانتفاضة، ومنع التجول إلو إسبوع.. ويا عالم.. وأشياء إلها أول ومش باينلها آخر.

فقاطعته في حدة وهي تقول:

- لا شايفه ولا بدي أشوف.. الحفلة بِدْها إتم بموعدها.. منع التجول في البلد القديمة مش عندنا.. واللي بيجي أهلاً وسهلاً، وإللي ما بعرف يدبر حاله، أنا بعرف أدبره..

ثم أدارت له ظهرها، وأخذت تبرطم بكلمات لم يفهم منها شيئاً، وقد طمرت رأسها تحت الوسادة.. التوت النظرة في عيني الزوج المسهدتين، وانفرد السخط بأعماقه حتى تجذر، وآثار صراخه في أعماقه تفضحه صفحة وجهه... أخذ يلوك سخطه في صمت وهو يعلم أن لا حيلة له إلا الصمت.. وعندما استيقظ في الصباح كانت مكبرات الصوت المثبتة على مقدمة سيارات جند الاحتلال العسكري تعلن رفع التجوال لمدة ساعتين فقط عند الظهيرة..

وبدأ الآباء يرسمون طريقهم في تلك الفترة.. لظفروا ببعض ما باتت البيوت بحاجة ماسة إليه الخبز، وحليب الأطفال، والأدوية، والخضراوات، و... إلاَّ هي.. فقد شغلت بنواقص الحفلة، فأعدت بها قائمة طويلة للزوج كي يحضرها عند عودته.. وقبل انتهاء فترة التجوال بساعة تذكرت ما استشعرت أهميته.. فطلبت زوجها في تلك اللحظة، على الهاتف لتطلب منه إضافة الورد إلى القائمة.. ويبدو أن انشغال زوجها بذلك العدد من المتسوقين الذين سدوا مداخل حانوته، قد آخره لحظات عن رفع سماعة الهاتف. وما إن رفعها حتى أخذت تصب فوق رأسه جام غضبها مصحوباً بسيل من التوبيخ.. وعندما صمتت قليلاً قال في انهزام:

- يا دوب الجرس رن.. وإنت عارفه ضغط الشغل في هذه الساعة.. ساعة.. وكل واحد بدو يأخذ حاجته قبل التانيين ويركض لبيته.. إنت عارفه، الناس في البلد إلهم أسبوع في منع التجول.. وكل إللي سمحولهم فيه ساعتين..

- أُف.. اسمع.. لا تنسى إتجيب معاك ثلاث باقات ورد.. واحدة حمرا.. وواحده صفرا، والثالثة بيضا..

- ما الجنينة عندنا مليانه ورود من كل الأنواع..

- الأرض طين، وما بدي أوسخ الصالون.. إنت عارف ما فيِّ حيل للمسح والشطف..
- والخدامة شو بتعمل؟!
- الخدامة غاطسة لرأسها في المطبخ.. إذا كنت مش عارف إتدبر حالك، أنزل أنا للسوق وأجيبهن.. إنت نسيت إن الحفلة الليلة، وأنا ما بدي أسمع تعليقات إلها أول وما لها آخر..

- حاضر.. حاضر.. بس لاتنزلي.. البلد على كف عفريت.. وخلينا مستورين..

وبرطمت بصوت نزق، وهي تلقي سماعة الهاتف من يدها:

- الواحد منهم ما بعرف يدبر حاله في شغله تافهة، بس شاطرين يعملوا إزلام قدام الناس.. يجوا إللي إلهم حظ ويتفرجوا.. آل حاسديني آل.. أُف على هيك عيشه.. زَي هيك،
ثم صاحت بالخادمة لتفش غِلّها فيها..






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايات من المسطبة / 7
- حكايات من المسطبة / 8
- حكايات من المسطبة / 5
- حكايات من المسطبة / 6
- حكايات من المسطبة / 4
- حكايات من المسطبة / 2
- حكايات من المسطبة / 1
- بعض من ألم وعبرة
- هذيان خارج النص
- حواريات في الحب
- مقطع من رواية : اوراق خريفية
- الصوت والصدى
- بقايا من ثمالة
- قصص قصيرة


المزيد.....




- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- وصمة الدم... لا الطُهر قصة قصيرة من الأدب النسوي
- حي المِسكيّة الدمشقي عبق الورق وأوجاع الحاضر
- لا تفوت أحداث مشوقة.. موعد الحلقة 195 من قيامة عثمان الموسم ...
- أزمة فيلم -أحمد وأحمد-.. الأكشن السهل والكوميديا المتكررة
- بي بي سي أمام أزمتي -والاس- و-وثائقي غزة-... هل تنجح في تجاو ...
- من هم دروز سوريا؟ وما الذي ينتظرهم؟
- حسان عزت كما عرفناه وكما ننتظره


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البيتاوي - حكايات من المسطبة /9