أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البيتاوي - حكايات من المسطبة / 5














المزيد.....

حكايات من المسطبة / 5


محمد البيتاوي

الحوار المتمدن-العدد: 2041 - 2007 / 9 / 17 - 06:28
المحور: الادب والفن
    


توتر
تضاءلت الظلال، حتى انحبست قرب الأقدام.. فالشمس في كبد السماء ما كانت نزقة.. فهذا "كانون" القادر على كبح جماحها.. وإن كانت شبقة.. كان الصبية يلعبون، خلف البيوت القديمة في القرية، المبنية من الحجارة والطين، تميزها سقوف "العَقِدْ"، والأحواش الفسيحة التي تضم زرائب الماشية. وفي الحواكير الملاصقة لتلك البيوت القديمة، بدأ البعض يشيدون بيوتاً من الإسمنت المسلح...

فجأة، صاح أحد الصبية في توجع وألم، فاشرأبت أعناق النسوة المجتمعات أمام أحد "الطوابين" التي ما زالت تقاوم زحف الحضارة على القرية. لم تحتمل أم فريد الانتظار. فقد أحست انقباضاً في قلبها، فأيقنت أن الصرخة لابنها.. فقامت وقد انتشر الجزع والخوف في وجهها وعينيها، وهي تهتف في وجل:

- خير.. خير يا أولاد.. شو صار..؟

فبرطم أحدهم، فأحس الصارخ من الألم بالندم، وهتف ثالث في تذمر:

- بنلعب عسكر وحرامية، واللي مش قد اللعب بلاش يلعب معانا..
- ما لقيتوا غير هالفال الوحش؟.

واقتربت أم فريد من ولدها الذي حاول أن يكتم ألمه، وهي تقول في جزع:

- شو صارلك يا حبيبي.. قل لي أنهو إللي ضربك وأنا أكسرلك إجرية الثنتين، يا قلب إمك..

فقال الولد في ضيق وتبرم، وكأنما ليعلن عن رجولته:

- وقعت من حالي، شو يعني..

فعلق أحد الصبية، وقد بدا عليه بأنه قائد الصبية:

- ما دمتِ خايفه عليه لهالدرجة خليه قاعد في حَرْجك..

ثم أردف موجهاً حديثه إلى الصبية بلهجة أمرة:

- متخلَّوهوش يلعب معانا، خلص.. بلاش بكره يصير له إشي، واتحطها إمو في ظهورنا..
فصاح الصبي في احتجاج:

- أمي ما لهاش دعوة.. بس إنت قول إنك بدّك إتلاقيلك حجة لأني دايما بمسكك إذا لعبنا عسكر وحرامية، أو إذا لعبنا الطميمية..

ثم توجه بالحديث إلى أمه قائلاً بصوت لم يخل من تبرم وضيق:

- وإنت دايماً بتحبي إتصغريني قدام رفقاتي.. أنا عمري شكيت لك؟!

وفي قلق علقت الأم:

- ما هو الحق عليّ.. وإلاّ مش لازم أسأل عنَّك..

كان الصبية قد اقتربوا من مجلس النسوة أمام الطابون، عندما قدم أحد الصبية من طرف الحارة، وقبل أن يلتقط أنفاسه، قال في دهشة لم تخلُ من مبالغة ولّدها الخوف:

- في داورية كبيرة فاتت ع البلد ووقفت قدّام دار المختار..

فعلقت إحدى النسوة:

- الله يحد ما بينا وبينهم..

وعلقت أخرى بشيء من السخرية لتخفي ما أصابها من توتر:

- ما هن الداوريات دايماً بيجين وبصفين قدام باب دار المختار... لعاد.. ليش اسمه مختار؟

وشغلت الأمهات والصبية بخبر الدورية، وقد تسلل التوتر إلى قلوبهم، فقامت بعض النسوة للبحث عن أولادهن، وأما الأخريات فقد شغلن بالحديث عن أسرى الأسبوع الماضي من القرية، والتوتر والقلق يغلف حديثهن.. وفي كدر امتزج بالسخط علق أحد الصبية:

- والله ما أنا عارف كيف بدكن إيانا إنصير إزلام،. وبدكن إيانا إنخاف!؟ كيف بدها تيجي هاي مع هاي؟ مش راكبه ع مخي..

فقالت عجوز أنهكها العمر، وعركتها الحياة بحلوها ومرها:

- لا ... أنا عارفه إن المكتوب ما في منو مهروب يا إبني.. بس شو تقولوا لقلب الأم، ما بصير إلا هيك.. إييييه.. قلبي على ولدي انفطر، وقلب ولدي ع الحجر..

قالت ذلك وهي تتنهد في حرقة ألم قبل أن تردف بصوت لم يخل من توجس وقلق:

- إلعبوا يا إولاد إلعبوا.. بس خلُّوا بالكم من حالكم.. الله يجيب إللي فيه الخير، ويكفينا شرهم وشر إولاد الحرام إللي ما بناموا ولا بنيموا..



#محمد_البيتاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايات من المسطبة / 6
- حكايات من المسطبة / 4
- حكايات من المسطبة / 2
- حكايات من المسطبة / 1
- بعض من ألم وعبرة
- هذيان خارج النص
- حواريات في الحب
- مقطع من رواية : اوراق خريفية
- الصوت والصدى
- بقايا من ثمالة
- قصص قصيرة


المزيد.....




- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...
- تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 على النايل سات وتابع أفلام ال ...
- وفاة الكاتب والمخرج الأميركي بول أوستر صاحب -ثلاثية نيويورك- ...
- “عيد الرّعاة” بجبل سمامة: الثقافة آليّة فعّالة في مواجهة الإ ...
- مراكش.. المدينة الحمراء تجمع شعراء العالم وتعبر بهم إلى عالم ...
- حرمان مغني الراب الإيراني المحكوم عليه بالإعدام من الهاتف
- فيلم -العار- يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان موسكو السينمائي ...
- محكمة استئناف تؤيد أمرا للكشف عن نفقات مشاهدة الأفلام وتناول ...
- مصر.. الفنانة دينا الشربيني تحسم الجدل حول ارتباطها بالإعلام ...
- -مرّوكِية حارة-لهشام العسري في القاعات السينمائية المغربية ب ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البيتاوي - حكايات من المسطبة / 5