أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - محيي هادي - هل أجبر المتدينون البعثيين على شرب الخمر؟















المزيد.....

هل أجبر المتدينون البعثيين على شرب الخمر؟


محيي هادي

الحوار المتمدن-العدد: 629 - 2003 / 10 / 22 - 04:45
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

في زمن حكم الطغاة البعثيين ،مر العراق بأيام ظلام حالك لم يمر بمثله بلد آخر ، فلم تسلم عائلة عراقية من شرورهم ، حتى و لا الذين كانوا يظنون أنهم سيستفيدون عند الإنتساب الى حزب الطغاة أو عند تقديم خدمات جاسوسية الى الحزب الفاشي. و قد تغيرت نفسيات الكثير من العراقيين، فأصبحوا جواسيس بعلم أو بدون علم ، وأصبح الأخ مصدر معلومات تقدم الى البعث تدفع الأخ الى مهلكة  يذهب بسببها الى السجن و التعذيب و القتل ،و صار التلميذ الصغير ناقلا لما يحدث في بيته فيوصله الى تلك المعلمة البعثية الخبيثة التي بدورها توصل ما يصلها الى منظمات حزب البعث الجزار ، ويُجر الأب الى السجن و التنكيل و الإغتيال.
كنت قد كتبت سابقا مقالا عن أحد دكاترة صدام الذي كتب تقريرا ضد زوجته ، علما بأن له أخ في حزب الدعوة اضطر الى الهرب الى خارج العراق خوفا على حياته. و بعد حوالي عشرين عاما يأتي ابنٌ لذلك البعثي  ليستفسر مستغربا عن صحة ما فعله أبوه ضد أمه.
أصبح العراق لا يثق بأبنائه و لا بأرضه و لا بأنهاره و لا بنخيله ، و لا حتى بنفسه . لقد تسمم الفرد العراقي بالرعب والخوف فكان في محاولة إنقاذ  رقبته  يُقحم رقبة عراقي آخر لتقطع بمقصلة البعث، و لكن لم يسلم أي واحد لا الأول و لا الثاني. و تشبَّع الكثير بالمصلحية  لا تهمهم القيم و لا أرواح الآخرين ما دامت معدتهم تملئ بالنذالة التي تُشبعهم.
إن زمن الخليفة العثماني المستبد عبد الحميد الثاني، الذي شاعت الجاسوسية فيه و الإضطهاد، أصبح رحمة بالنسبة الى زمن   البعثيين في العراق. إن عدد جواسيس عبد الحميد كان يقدر بعشرين ألف ، و هذا الرقم هو لا شئ إذا قارناه بعدد جواسيس البعث.
ويذكر حسن العلوي ، البعثي الذي كان ينتمي سابقا الى حزب صدام الدموي ،في كتابه -العراق دولة المنظمة السرية -، أن أعضاء مجلس قيادة الثورة و الوزراء و رؤساء المؤسسات كانوا يتوجهون" في أوقات محددة الى أقبية التحقيق ليمارسوا مهامهم  في إنتزاع الإعترافات من الموقوفين والتمتع بممارسة التعذيب ضدهم و كان قصر النهاية منتجعا ليليا لرجال السلطة يقضون فيه السهرة فتختلط متعة التعذيب بمتعة الأكل و الشرب" .
و يذكر العلوي أيضا : "في عام 1980 زرت مدرسا كان يقدم دروسا خصوصية لولدي في الفيزياء بمناسبة إطلاق سراحه من الإعتقال و كان قد إختفى عام 1970 فجأة و لم يعثر على أثر له .
و علمت من شقيقه آنذاك أن الشرطة السرية ألقت عليه القبض و هو يصلي في جامع (براثا) في منتصف الطريق بين الكرخ و الكاظمية فحدثني عن يومياته في معتقل قصر النهاية الذي أمضى فيه ثلاث سنوات و أمضى السبع الباقية في معتقل آخر ، قائلا ( في ليلة 13 رمضان عام 1970 استدعاني عبد الكريم الشيخلي وزير الداخلية للمثول أمامه في هيئة التحقيق و قد وجدته لأول مرة وديا للغاية خلافا لتصرفاته معي في أوقات سابقة و قد نهض من مكانه فتصورته سيجلس الى جانبي لكنه أخرج من ثلاجته قنينة ويسكي و صب كأسا و قدمه لي فشكرته على ذلك معتذرا.
قال : إشرب .
قلت : أنا مسلم كما تعلم فاعذرني .
قال : وهل نحن كفار ؟
قلت: إن الله يمنعني على ذلك.
قال : و أنا آمرك على ذلك.
قلت : معاذ الله أن أخالف أمرا لله.
قال: إذا لم تشرب هذا فستشرب شيئا آخر.
لكنني أصررت على موقفي ، فنادى شخصا يدعى صبحي - و كان هذا من قساة هيئة التحقيق و من مساعدي ناظم كزار و قد أعدم معه في عام 1973- فقال له : خذه و تبولوا في فمه . فأخرجني الى باحة السجن و اجتمع أربعة أشخاص ففتحوا فمي و أنا ملقى على الأرض و بالوا فيه. فتقدم الوزير قائلا لي : يبدو أن هذا هو شرابكم المفضل."

أتساءل الآن :أين أصبح عبد الكريم الشيخلي؟

و ذكر صديق لي هذه الواقعة:
- كان قد توفى والد أحد البعثيين المصلاويين . و حفاظا على عادتنا العراقية و باعتبار ذلك البعثي عراقيا ذهبت برفقة عراقيين آخرين لتقديم التعازي بمناسبة الوفاة . بعد تقديم التعازي و قراءة الفاتحة قام البعثي المصلاوي بعمل لا أنساه أبدا .
سألت صديقي و ماذا الذي عمله البعثي؟
- لقد قدم لنا بيرة. إن مناسبة الوفاة تقتضي علينا احترام ذكرى الميت و احترام عاداتنا . لكن صاحبنا البعثي ضربها عرض الحائط. و البعثيون هم الذين يدعون أنهم من أهم حماة الإسلام و هم من المدافعين عن العادات العربية.
- قلت لصديقي : مِـن (…) دبش. إن دفاع البعثببن عن الإسلام هو مكر و خداع ، على الرغم من أن مؤسس حزبهم، غير المسلم، يزعم ذلك، و أن البعثيين يقولون أن ميشيل  عفلق قد أصبح مسلما في أواخر حياته ، الا أنه لم يعلن عن إسلامه بل بقى إسلامه سريا لا يعرفون به الا أصدقاءه المقربون. و لا أدري ممن يخاف عفلق فلم يعلن إسلامه؟ بالنسبة لي لا يهم إذا كان الشخص مسيحي أو مسلم أو لا يعتنق أي دين،  و لكن القضية هي قضية ضحك على اللِّحى.
قاطعني الصديق :- على اللحى و على الشوارب و على الأعراب.
ثم ذكرت لصديقي ما كتبه حسن العلوي في كتابه -العراق دولة المنظمة السرية - فقلت له:
- أن بابا الفاتيكان قد منح لميشيل عفلق وسام الفاتيكان لجهوده في خدمة المسيحية. علما بأن الفاتيكان كاثوليكي المذهب و عفلق من أتباع الكنيسة الأرثودوكسية ، و هناك عداء تاريخي بين الكاثوليك و الأرثودوكس على المستوى الكنائسي.
قال لي الصديق :
-نعم. أنا معك. و لكن السياسة شئ و وفاة الأب شئ ثاني.
ثم استمر الصديق بالحديث :
- اعتذرت من المصلاوي و قلت له شكرا إنني لا أشرب.
- الا تشرب البيرة ؟ إنها شراب عراقي أصيل إذ أن السومريون هم أول من صنعوها و هي ليست أوربية كما يتصورها البعض.
- صحيح . و لكن نحن في أي حال و في أي ظرف ! و تقديم البيرة ليس له محل من الإعراب.
- إذن هناك سبب ما! ألا تعتقد بذلك؟
- بالطبع . بعد الخروج من دار البعثي قلت لأحد الذين رافقوني : إن هذا الشخص لا يخجل و لا يستحي. لماذا قدم لنا البيرة ، و المناسبة تستدعي الجدية و الحزن ؟ فأجابني هذا المرافق : إن من عادة البعثيين تقديم الكحول لزائرهم لكي  يقولون للناس أن البيت ليس من حزب الدعوة.
-و من كان مرافقك؟ سألته.
-إنه فلان. و هو بعثي أيضا.
-آه ! يقال إنه إبن عم واحد من مجموعة الخمس وخمسين، لا أعرف أي ورقة تمثله.
-إذن ربما كان ذلك البعثي المصلاوي يخاف من هذا البعثي .
-أو ربما أراد ذلك البعثي المصلاوي معرفة إتجاهك السياسي هل أنت من حزب الدعوة ، أم لا .
-أو ربما كلا الحالتين معا ، خوفا من البعثي الآخر ، و محاولة معرفة إتجاهي السياسي.
ثم ضحك صديقي باشمئزار و هزَّ يده و قال :
-بـ (…..)  ضاع الغل?.
اجبته ضاحکا : إبعفلقينهه ضاع صدّام.

محيي هادي- أسبانيا
21/10/2003



#محيي_هادي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سكرتير شيخ الأهواز و مفتي فلسطين
- آلمني إزالة قبر عفلق
- تنبيه و اعتذار و اضافة
- العنصريون لا يخدمون الوطن بل يقتلونه
- نص كلمة بعد الكلمة و النصف
- ياقوت الحموي ذكر اسم الأهواز أكثر من ثمانين مرة
- الأهواز أم الأحواز أم الأخواز
- الأهواز أم الأحواز
- تهنئة لأمينة عواد النيجيرية
- سميرة الشابندر و البدوية الأندلسية
- باختصار: عرفات وسيف ديمقلوص
- لا العنصرية و لا الطائفية تمنعان الحب
- الأردن المنشار الذي لا ينقطع عن النشارة ذهابا ولا إيابا


المزيد.....




- لأول مرة.. لبنان يحذر -حماس- من استخدام أراضيه لشن هجمات على ...
- انتشار قوات الأمن السورية في جرمانا بعد اتفاق مع وجهاء الدرو ...
- الجيش الأمريكي يتجه لتحديث أسلحته لأول مرة منذ الحرب الباردة ...
- العراق.. هروب نزلاء من سجن الحلة الإصلاحي في محافظة بابل وال ...
- مشروبات طبيعية تقلل التوتر والقلق
- هل تقبل إيران بإدمان استيراد اليورانيوم؟
- وقوع زلزال بقوة 7,5 درجة قبالة سواحل تشيلي وتحذير من تسونامي ...
- المجلس الأعلى للدفاع في لبنان يحذر حماس من تنفيذ -أعمال تمس ...
- غارة إسرائيلية على منطقة مجاورة للقصر الرئاسي بدمشق.. ما الذ ...
- من السجن إلى المنفى : قصة صحفية مصرية ناضلت من أجل الحرية


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - محيي هادي - هل أجبر المتدينون البعثيين على شرب الخمر؟