أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - كريم رضي - رسالة إلى جلاد من ضحاياه














المزيد.....

رسالة إلى جلاد من ضحاياه


كريم رضي

الحوار المتمدن-العدد: 2048 - 2007 / 9 / 24 - 11:46
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


السيد مستر X لم عدت؟ حتى تذكرنا بأنك موجود؟ حتى تنذرنا بعودة أيامك الخوالي؟ لم أصبحتَ مجددا حديث النواب والنوائب وكأننا لم نسترح من كوابيسك المريعة؟ نائب يطالب بتجريمك ونائب يطالب بتكريمك. لا نريد الاثنين معا. فقط ‘’فج بالعامية’’ فك بالفصحى. ببساطة اخرج من آخر صفحة من تاريخنا فيكفيك أنك كنت العنوان العريض لصفحاته الأولى. فقط أخرج وكفى.
نحن في اجتماعنا البحريني الجديد منذ مطلع القرن الواحد والعشرين والذي برغم كل سلبياته هو اجتماع جدير بأن نعيشه ونتمتع بفسحته المباحة والمتاحة في غفلة من عدستي عينيك الرصاصيتين. لا نريد حسابا ولا كتابا. فقط اغرب مرة واحدة كشمس العصر الجليدي واذهب بلا عودة.
اقنع بما يقنع به الطغاة عادة في نهاية أعمارهم، وهو كتابة مذكرات يكذبون فيها على أنفسهم قبل الآخرين بأنهم كانوا ملائكة لم يفهمهم البشر ومصلحين جاءوا في الزمن الخطأ وأنبياء جهلهم قومهم ولو امتد بهم العمر لأسقونا ماء غدقا. استفد مما عرفته من معلومات وثروة بيانية هائلة عن حركاتنا السياسية، طفولتها ورشدها، تطرفها واعتدالها، وما جنيته من رصد هائل للأسماء والهويات والانتماءات والمهن والوظائف وأنماط الحياة ونوع الأكل المفضل وأحجام الملابس الداخلية وما فيها وعدد مرات ممارسة الحب ونسبة الفحولة والعنة لكل ناشط سياسي وغير ذلك من المرصودات الثمينة من حياة البشر وتاريخ الأشياء، استفد من كل ذلك في أن تستلقي على شاطئ ذهبي في الشرق الأقصى مصحوبا بغانية في عمر أحفادك أو تجلس في مقهى فاخر من مقاهي أوروبا متصنعا هيئة المثقفين وكبار الصعاليك والكتاب واكتب عن ذلك كله ودافع ما شئت عن جرائمك. أضف شيئا من بهارات الأكاذيب فمن يكترث. لقد كنتَ تكذب وأنت في قلب التاريخ وضحاياك ملء السمع والبصر. اخترعتَ من قصص الانقلابات ما تعجز عنه سيناريوهات هوليود وبوليود.
فما الذي يمنعك اليوم من الكذب وقد رحل الضحايا وصارت عظامهم فتاتا أو أخذهم الخرف أو ذهبوا في دهاليز النسيان. ثم اعرض المسودة على دور نشر تتلقف ما هو غريب ومفارق ونادر وتاريخي بغض النظر عن آلام الضحايا، لعلك تتحول من قاتل إلى كاتب مرموق. لن نطالبك بحقوق النشر وحقوق الخصوصية إذ لا خصوصية لنا معك فنحن مفضوحون بكل مراحل تاريخنا الغابر معك.
أمامك مباحة كل شفرات أجسادنا الناحلة التي قرأتها أدواتك عضوا عضوا. وثائق الاجتماعات، نصوص الطفولة اليسارية والدينية، الكتب والقصائد والأغاني والصلوات. لك في كل مرحلة من عمر شعبنا بصمة جلاد لا تخفى. لك في كل قرية ومدينة أمهات مثكولات ، كهول لم ينفعهم حتى الزهايمر في نسيان كرابيجك، عجائز أورثتهم الباركنسون والجلطة والسكر والسرطان وتعب القلب، شباب شابوا في القبور والزنازين،حبيبات انتظرن أحبة لن يعودوا أبدا، رسائل كتبتها الدموع، أحلام اغتالها الدرك، كتب مصادرة أكلتها فئران مخازن الداخلية، بدأتَ بأتباع ماركس ولم تنته بأتباع محمد. لك في الصيف ظهور تتلظى في جبروت الهجير.
لك في الشتاء أضلع تتقلص تحت سياط الزمهرير. لك مخبولون لم يفيقوا من أحلام دولة اليوتوبيا الفاضلة برغم كل الضربات على رؤوسهم الحليقة. كل ما تبقى منك يذكرنا بماضيك. ماضينا الذي نريد أن ننساه لنحيا ما تبقى من أعمارنا في راحة البال ونسيان الثأر. لقد دمرتنا بما يكفي فشوهت أبداننا وتركت على كل جسد ندبة وعلى كل خاصرة إرثا لسوط أو أخدودا لآلة حادة وعلى كل خد أثرا للطمة لا زالت ترن في الأذن.
ما الذي تريده الآن بظهورك على سطح دنيانا. تشويه أرواحنا؟ هي الأخرى لم تسلم من الشروخ والقروح. أرواح كل شيء فيها مرجأ حتى يوم الخلاص الذي لن يأتي. أرواح تتوق للانتقام حتى لم يعد لديها وقت لتستمتع بما تبقى لها من عمر الحياة واللهو والصداقة والمحبة والعمل والإبداع والعائلة. كنا قد أوشكنا على أن نقول إنك لم توجد قط يوما ما. لا نسيانا بل تناسيا يليق بشعب يريد ابتكار تاريخه بدون صورة وجهك القبيح. كنا على وشك اتباع نصيحة خبراء الإنسانيات بأن خير وسيلة لمعاقبة معذبك هي أن تنساه كي لا يعيش عذابك معك.
كنا على وشك أن نقول دعونا ننسى ولو حتى حين حتى يسير الزمن. فالزمن لا يمضي دون أن ينتقل الدماغ إلى شاشة أخرى. الزمن ليس الليالي والأيام. ليس دورة الشمس والقمر. الزمن نحن في ترحالنا من ذاكرة مفجوعة إلى ذاكرة حالمة. لكنك عدتَ حتى تنشط آلامنا الكامنة تحت رماد الحقد الكبير.
عدتَ كأنما لتقول لا يحق لكم حتى النسيان. عدتَ وغاب عن تفكيرنا أننا نعاقب أنفسنا بتذكرك. وأمام نشيد ضحاياك المتصاعد بهجائك وطلب القصاص، تبرع بمديحك من لم نتوقع منه كرما أفضل من ذلك. هكذا أصبحتَ حديث العلن ومادة الصباح ولطالما كنتَ حديث الخفية والخوف ومادة الظلمات. عد إذن إلى التاريخ ودع لنا حاضرنا ولو لبرهة من الزمن. برهة كفيلة بأن نحب الحياة وأن تحبنا الحياة ونحن أحرار من ذكريات الأبواب المغلقة والصرخات المدوية والعقب الحديدية. عد إلى جحور ماضيك ودع لنا فسحة حاضرنا القلق، حتى لا يقول قائلنا: ‘’تعيس حقا من كانت له ذاكرة قوية وذكريات مؤلمة’’. اذهب وكفى.





#كريم_رضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقود محددة المدة في ضوء الاتفاقية «111»
- إذا نطقت مصر أصغى العالم
- مدد يا شيخ إمام مدد
- وقائع يوم عادي - الى الماغوط
- تلويحة خاسر لعام مضى
- في مديح الاصلاح من الخارج
- خواطر
- حكاية ثيران العصور والأسد الهصور - نظارات وشوارب وعمائم ولحى ...
- ما الذي يفعلون بحرية فات ميعادها
- يعيش الطريق ..تسقط الغاية
- ضحية ترأف بجلادها
- إن لم نستطع منع الحروب فلا أقل من أن نكرهها- نحو ثقافة مضادة ...
- كم أحتقركِ أيتها الحرب
- رسالة لأصدقاء بغداديين
- توبة الغراب


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - كريم رضي - رسالة إلى جلاد من ضحاياه