إذ بلقاسم يؤكد أن تقارير الحكومة لم تكن تنفي أن الأمازيغ هم السكان الأولون للمغرب

مصطفى عنترة

الحوار المتمدن-العدد: 2042 - 2007 / 9 / 18 - 10:05
المحور: مقابلات و حوارات
    

هل يمكن القول إن الشعب الأمازيغي يدخل ضمن الشعوب الأصلية؟ وما هي طبيعة الأسس التي تقوم عليها أطروحة الشعوب الأصلية؟ وما هي التبريرات التي كانت تتقدم بها الحكومة ضد التقارير الدولية التي كانت تضع الأمازيغية في خانة الشعوب الأصلية؟ هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها الأستاذ حسن إذ بلـقاسم، رئيس سابق لجمعية تامينوت وعضو مجلس إدارة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وأحد الوجوه الأمازيغية المعروفة بنشاطها في المحافل الدولية، في الحوار التالي:


1ـ هل تعتقدون أن الشعب الأمازيغي يدخل ضمن الشعوب الأصلية؟

الأمر لا يتعلق بالاعتقادات، الأمر هنا يتعلق بالتاريخ وبالواقع وبالمعايير التي تم التوافق عليها داخل هيئة الأمم المتحدة لاستعمال كلمة الشعوب الأصلية.
بالنسبة للتاريخ فإنه بدون أي جدال بين المؤرخين والباحثين، نجدهم يؤكدون أن الشعوب الامازيغية هي الشعوب الأصلية في شمال أفريقيا، وهدا شئ كان يدرس لأطفال المغرب لمدة طويلة، وكان هناك درس يتحدث عن الامازيغ ( أي البربر ) بوصفهم السكان الأولون بشمال أفريقيا، هذا الدرس تم إلغاؤه بعد ميلاد تطور الحركة الثقافية الامازيغية واستبدل بــ " بنية القبيلة في الجزيرة العربية " وهي مفارقة غريبة. وقضية الشعوب الأصلية مطروحة في الأمم المتحدة ليس من أجل التمييز بل من أجل المساواة لأنه ثبت أنه في جميع أنحاء العالم عانت الشعوب الأصلية مثل الأقليات من التمييز العنصري المنتهج من قبل السياسات التمييزية للحكومات. والشعوب الأصلية موجودة في الواقع وتعبر عن وجودها برفض السياسات الاستيعابية والنضال من أجل حقوقها المشروعة.
ومن جهة أخرى فان المذكرة حول الحقوق اللغوية والثقافية الامازيغية الموجهة إلى المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في فيانا سنة 1993 والموقعة من طرف عدد من الجمعيات الثقافية الامازيغية النشيطة آنذاك أشارت في ديباجتها إلى أن الامازيغ هم السكان الاصليون لشمال أفريقيا، وكانت هذه المذكرة الإطار للعمل الدولي للحركة الثقافية الامازيغية، وقد شارك الكونغرس الامازيغي العالمي وتامينوت وتامونت ن ايفوس وعدد من الجمعيات باستمرار في أنشطة الأمم المتحدة حول حقوق الشعوب الأصلية.

2- بنت مجموعة من المنظمات منظومتها الثقافية والسياسية على أطروحة الشعوب الأصلية، ما هي طبيعة المقومات والأسس التي يتم الاعتماد عليها من أجل تأكيد هذه الأطروحة؟
كان تعريف مصطلح الشعوب الأصلية من بين النقاط التي نوقشت طويلا بين الخبراء وممثلي الحكومات ومنظمات الشعوب الأصلية أكثر من عشرين سنة منذ عام 1982 خصوصا على هامش المناقشات المتعلقة بصياغة إعلان حقوق الشعوب الأصلية. وهي النقاشات التي توجت بتوافق أغلب المشاركين.
إن أي تحديد أو تعريف سيكون محدودا، الشيء الذي دفع إلى اعتماد عدد من المعايير المذكورة في دراسة "الفونسو مارتينيس" والتي تشير إلى أن الشعوب الأصلية عموما هي شعوب عريقة في التاريخ لها ثقافات ولغات وحضارات مختلفة عن اللغة والثقافة المهيمنة الواردة بصفة عامة من الخارج سواء مع الاستعمار أو الاستيطان أو الهجرات أو غيرها على أنه رغم ذلك فإن الأمم المتحدة اعتمدت معيار التعريف الذاتي الذي تعبر عنه تلك الشعوب من خلال منظمات أو جمعيات أو جماعات. وقد واصلت الجمعيات الامازيغية في كل شمال أفريقيا وبلدان الساحل حضورها وتعبيرها عن كونها منبثقة من الشعوب الأصلية الامازيغية والطواركية وذلك منذ المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في فيانا سنة 1993.
وقد حدثت تطورات هامة جدا منذ ذلك التاريخ توجت بإنشاء المنتدى الدائم للشعوب الأصلية داخل نظام الأمم المتحدة سنة 2000 بقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 22/2000 ، كما تم اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الشعوب الأصلية في يونيو سنة 2006 في أول دورة لمجلس حقوق الإنسان الذي حل محل لجنة حقوق الإنسان.

3- ما هي طبيعة التبريرات التي كانت تتقدم بها الحكومة ضد التقارير الدولية التي كانت تضع الأمازيغية في خانة الشعوب الأصلية؟
كانت تقارير الحكومة المغربية في المحافل الدولية بصفة عامة غامضة بخصوص التركيبة السكانية والهوية، فقد كانت تتحدث عن انصهار الشعب المغرب في التقارير الأولى، ثم عن احترام حقوق الاقليات، ولكنها لم تكن تنفي أن الامازيغ هم السكان الأولون للمغرب أو شمال أفريقيا، وهناك تقرير واحد على الأقل أجاب بشكل إيجابي عن حقوق السكان الأصليين.
وبصفة عامة فإن كلمة كلنا أصليون ترد على السنة الممثلين في المناقشات الفردية، ولم يسبق لممثل المغرب الذي شارك في اجتماعات الفريق العامل طيلة عشر سنوات أن قدم تصريحا مكتوبا أو حتى تصريحا شفويا ضد مداخلات الجمعيات الامازيغية.

4- ألا تعتقدون أن الأطروحة الشاملة التي تتأسس على فكرة الثقافة الأمازيغية مسؤولية وطنـيــة وملكا لجميع المغاربة.. هي التي أضحت تفرض نفسها عوض أطروحة الشعـوب الأصلية ؟

الامازيغية مسؤولية وطنية وملك لجميع المغاربة هي شعارات حملتها الحركة الثقافية الامازيغية بكاملها بدون استثناء وليست أطروحة خاصة، ثم تحولت إلى شعار تبنته الدولة والمجتمع بكامله بعد الخطاب الملكي بأجدير الدي تبنى مجموعة من شعارات الحركة في إطار الاعتراف بالثقافة الامازيغية وتأسيس المعهد الملكي من أجل تطويرها وتعلمها.
والشعوب الأصلية ليست أطروحة أو نظرية بل هي واقع في جميع أنحاء العالم يتميز بوجود شعوب عريقة في التاريخ لها لغات وثقافات وحضارات حرمت من ممارسة هوياتها الثقافية ومن حقوقها في الأراضي والموارد ومن حقها في المشاركة في السلطة دون التخلي عن ثقافاتها وأنظمتها نتيجة الاستعمار أو الاستيطان أو سيطرة أقليات على مقاليد الأمور أدت إلى تجريدها من كل حقوقها الأساسية.
لكي تدرك أهمية الأمر فإن الثقافة الامازيغية لا تنحصر في الثقافة بالمعنى الضيق، بل إنها تشمل كل مظاهر الحياة. فالحقوق المرتبطة بالأراضي والموارد أساسية تدخل في إطار مفهوم الثقافة الامازيغية.
ومن الواضح تماما أن الأرض أساس الهوية الثقافية ويكفي أن تعرف أن الدستور الجزائري، على سبيل المثال لا الحصر، ينص على أن " أرض الجزائر عربية " ويضيف الامازيغية لغة وطنية " واللغة الرسمية عربية ".
إن الشعوب الامازيغية معروفة في شمال أفريقيا مند آلاف السنين كشعوب أصلية ولا تعكس تبنيات الدول وشعاراتها.. وفي شمال أفريقيا
هناك شعوب أمازيغية.

5ـ كيف تتبنون طرح الشعوب الأصلية في حين تنادون بالهوية التعددية؟
اعتقد أن الجواب على هذا السؤال يستلزم الاهتمام بمحتوى إعلان حقوق الشعوب الأصلية. فإعلان حقوق الشعوب الأصلية يعتمد على التعدد. والشعوب الأصلية هي تاريخ وواقع في نفس الوقت ولا تناقض إطلاقا بين الهوية ذات الأبعاد المتعددة وبين وجود الشعوب الأصلية المتعددة بدورها، وحتى داخل الشعوب الأصلية فهناك تعدد كبير، فكل هوية متعددة في نفس الوقت. وهذا التعدد هو الذي يجعلها غير منغلقة، فالدانمارك مثلا بلد موحد بهوية متعددة لأن به شعب انويت الذي يتمتع بالحكم الذاتي في كرين لاند،
ولا تناقض بين الحديث عن هوية الدانمارك المتعددة وبين وجود شعب أصلي يدعى شعب انويت بكامل حقوقه اللغوية والثقافية وحقوقه في الأراضي والموارد وفي المشاركة في السلطة .

#مصطفى_عنترة (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات