أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - ابراهيم ازروال - واقع الثقافة بسوس-قراءة في وقائع نصف قرن















المزيد.....



واقع الثقافة بسوس-قراءة في وقائع نصف قرن


ابراهيم ازروال

الحوار المتمدن-العدد: 2040 - 2007 / 9 / 16 - 10:05
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    



لم تستطع دولة مابعد الاستقلال بالمغرب ، أن تقدم مقاربة دقيقة للقضايا الثقافية ، لاعتبارات راجعة إلى مايلي :
1- غياب التقاليد العلمية الحديثة بالمغرب الحديث والمعاصر ،
2- تغليب النصاب السياسي والفكراني على النصاب الثقافي ،
3- اعتماد صيغ فكرانية توفيقية تروم عقد الموافقة بين الأصالة والحداثة ، بين التراث العربي / الإسلامي والغرب العلمي والتقاني حصرا مع استبعاد الأبعاد الأنطولوجية والإبستمولوجية للعلم الحديث والفلسفة السياسية الحديثة ،
4- غياب الأطر الاجتماعية للمعرفة والنخب الثقافية الحداثية المتخصصة في القضايا الثقافية الخاصة بالمغرب التاريخي أو بالمغرب العميق .
وقد حاول الخطاب العالم للمخزن المركزي ونخب الحركة الوطنية ، حصر الهوية المغربية في الأبعاد العربية والإسلامية فيما اكتفت النخب الثقافية السوسية التقليدية بالانخراط في هذه المصفوفة الفكرية بكثير من التفاني .ولا غرابة في هذا المسلك الفكراني متى علمنا أن تلك النخب لا ترى حاضر ومستقبل سوس إلا من منظور الإبدال العربي الإسلامي ، ولا ترى الهوية المأصولة والمخصوصة للسوسيين إلا كعرض تاريخي وعارض ثقافي من الممكن تذويبهما بفعل السيرورة القاهرة للتعريب والأسلمة والأدلجة العروبية .
لقد اكتفت دولة مابعد الاستقلال بتركيبة ثقافية هجينة في الظاهر ، لكنها تقليدية في العمق . فالحقيقة أن المخزن المركزي ، استمر في اعتماد نفس التوازي والتجاور الثقافي الموجود أيام الاستعمار ، مع إضافة مأصولات تراثية أوغل في التقليدانية و مرفقة بتصليب المنظورية العربية الإسلامية وتبئيرها وإبرازها في واجهة المشهد الثقافي والحضاري للمغرب الجديد . أما نخب الحركة الوطنية فقد انخرطت في مسالك شيه ليبرالية أو شبه ماركسية ، وتبنت مقولات منقولة عن المنظومة الليبرالية أو الماركسية بعد تمريرها في غربال الفكر القومي المشرقي المترع بالأشواق التاريخية لإنسان الشرق الأوسط ، وتعاملت مع الخصائص الأنثروبولوجية والسوسيولوجية للمغرب العميق خصوصا بكثير من التعالي الإثني والثقافي وبغير قليل من النرجسية الثقافية ( نذكر هنا بالمواقف المتنطعة لمحمد عابد الجابري وبنسالم حميش وادريس السغروشني وعبد القادر الفاسي الفهري من شرعية المطالب الهوياتية والثقافية الأمازيغية على سبيل التمثيل ) .ورغم البيارق الثقافية الحداثية المرفوعة على الجبهة شبه الليبرالية أو الجبهة شبه الماركسية ، بقي الخطاب الثقافي تقليديا في العمق ، يمتح من القيعان الثقافية السلفية ومن الينابيع الرمزية للإبدال الثقافي التقليدي المبني على مقولات وأسس فكرية ومنهجية مناقضة بالكلية للإبدال الفكري الحديث .
وتأسيسا على هذه المعطيات، يمكن القول بان سوس تميز على المستوى الثقافي /الفكراني في النصف الثاني من القرن العشرين بما يلي :
1- استمرار الحضور الثقافي للمدارس العتيقة والزوايا واستمرار هيمنة الفكرية الصوفية/ الطرقية على الوعي والوجدان السوسيين بالقرى والبوادي على الخصوص ،
2- حضور الفكرية شبه الليبرالية و شبه الماركسية و شبه القومية بسوس في أوساط النخب الثقافية بالحواضر على التحديد ،
3- بروز تركيبة ثقافية رسمية توفيقية في الظاهر تقليدية في الباطن ، موجهة تخصيصا إلى الشبيبة السوسية .
مما لا شك فيه أن الزوايا والمدارس التقليدية فقدت جزءا من هيمنتها الثقافية والرمزية في بادية سوس ، خصوصا مع التواجد الاستعماري بالمنطقة بعد رسوخ التهدئة ( 1934) ، وبلورة الحركة الوطنية لفكرية تسلفية معارضة للتصوف وللطرقية مبدئيا ، وانتفاء بعض المقتضيات السوسيو- تاريخية والسوسيو- اقتصادية والجيو- استراتيجية الموازية بل المتحكمة في توسع القواعد السوسيولوجية للفكر / الفقهي- الصوفي ، إلا أن المدارس العتيقة والزوايا السوسية احتفظت، رغم تفكك تلك البنى ، بهيمنها على الأذهان السوسية وعلى متخيل و متصورات السوسيين الفكرية .
أما النخب الثقافية شبه الليبرالية وشبه القومية وشبه الماركسية ، فاكتفت في الغالب باستلال مقولات ومفاهيم ومتصورات من المنظومات الليبرالية والماركسية والقومية ، وحاولت استثمارها سياسيا ضد المخزن المركزي تخصيصا وايديولوجيا ضد الخطاب السلفي-البورجوازي وضد الخطاب الكولونيالي والامبريالي . فالحقيقة المؤكدة ، أن المثقفين السوسيين الحداثيين ، لم ينصرفوا إلى الإشكالية الثقافية والقضايا الإبستمولوجية والميثودولوجية المطروحة في المنظومة الليبرالية و في المنظومة الماركسية ، ولا إلى تفكيك التراكيب الثقافية القديمة والنسق الثقافي الفقهي- الصوفي بسوس وبالمغرب عموما . لقد استلت هذه النخب مجموعة من المقولات والمتصورات من الفكر الحداثي الليبرالي والماركسي ،وضعتها في سياق خدمة اختيارات سياسية وإيديولوجية ظرفية .فالحقيقة أن هذه النخب ،افتقدت إلى الأطر الاجتماعية للمعرفة الحديثة وللأدوات الفكرية والإبستمولوجية الضرورية لبناء منظورات فكرية متناسقة وصلبة نظريا ومنهجيا . أضف إلى ذلك ، أنها امتنعت عن تناول المادة التراثية ، وتحليل الواقع السوسي، وهو واقع تحكمه أساسا الاعتبارات الفقهية والصوفية والتكوينات القبلية وتتحكم في تدبير واقعاته حقائق سوسيولوجية لم تكن قط موضوع استشكال وتقويم نقديين .
وتمكن غرابة المواقف الفكرانية لهذه النخب اللاهجة بتقريظ المعيش و الثقافة المحليين ، في استنكافها عن تدبر أمازيغية سوس تدبرا عقلانيا ، وارتهانها إلى هوامات "تمشرقية" مغرقة في التمركز والتعالي الثقافي والحضاري ، والتهوس بالوقائع المشرقية وحسبانها أقرب إلى المهج مما راكمته سوس على التخصيص والمغارب على التعميم من تمازج ثقافي وحضاري ومن تداخلات وتركيبات واقترانات. لقد اكتفى المثقفون السوسيون الحداثيون ، بالتمرن على المتون الليبرالية والماركسية تحت إشراف قومي عربي ، وعلى التدرب على استعمال المفاهيم الإجرائية والآليات التحليلية والتركيبية المأخوذة من تلك المتون ، والتعامل مع عالم افتراضي مأسور خاضع للمثالات و الأخيولات المشرقية . فبالرغم من التركيز على الفكر الجدلي أو العقلي والتحليل الملموس للواقع الملموس ، بالغ الكثيرون في تجريد الواقع السوسي من سماكة مكوناته البنيوية ومن تماسك مادته التراثية والتاريخية ، وفي إغراق طبقاته الثقافية المتراكبة بمقاربات توتولوجية تحيل العمق الثقافي السوسي وتفاعلات المشهد الاجتماعي والسياسي بهذه المنطقة إلى مجاز للعبور إلى الدلالات الليبرالية والماركسية المصفاة في راووق التحليلات القومية العربية .وقد أفرطت هذه التحليلات في نفي الصفات الثقافية السوسية خصوصا ونفي الأنثروبولوجيا السوسية رمة وفي انتحال المركزية الثقافية والحضارية العربية الإسلامية واتخاذها ملاذا ضد الأغيار الثقافيين والحضاريين المطالبين بإعادة فحص المتصورات التاريخية للذات العربية الإسلامية والكشف عن أصول بناء الدلالة في المتون المعتمدة لدى جمهرة المنافحين عن رسالة الأمة المفضلة ، وعن حدود النظر العربي الإسلامي في التاريخيات وفي الفلسفيات وفي السياسيات وسوى ذلك من قطاعات الفكر والممارسة التاريخية .
لقد تفانى الكثير من الإيديولوجيين بسوس في التشغيب على الخطاب الكولونيالي ، وتفننوا في وصله وصلا ضروريا ، بالمثالب الكبرى للاستعمار، وشككوا في الصلاحية المنهجية والصوابية الفكرية والنفاذية التاريخية للمؤلفات الأنثربولوجية والتاريخية والإثنوغرافية للمفكرين والمؤرخين والإناسيين الغربيين . والواقع أن المقارنة المدققة بين تحليلات جاك -مونيي لنظام ايكودار ( المخازن الجماعية بالمغرب -1951) و ومناولات مونتاني للقبائل السوسية وأعرافها ولخصوصياتها التاريخية والإناسية ( البربر والمخزن في جنوب المغرب -1930) و معالجة ليوبولد جوستينار للتركيبة السياسية والثقافية للإمارة السملالية ( مملكة بربرية صغيرة : تازروالت – 1954) مثلا والمداخلات الثقافية للنخب السوسية عن التاريخ والواقع السوسيين لاكتشفنا البون الواسع بينهما . لقد انطلق الباحثون الغربيون من حتمية معرفة الواقع السوسي معرفة دقيقة و من ضرورة تحصيل معلومات ومعارف مدققة في التاريخيات السوسية ( أبحاث وترجمات ليوبولد جوستينار عن تاريخ سوس وعن الأدب الأمازيغي مثلا ) وفي العرفيات والقانونيات العرفية بهذا الصقع ( أبحاث روبير مونتاني عن اكادير اكونكا وأبحاث جاك مونيي عن اكودار وبحث اندري ادم عن الحلف الجماعي بالأطلس الصغير مثلا ) ،للتمكن لا حقا من تدبير وتدبير ذلك الواقع والسعي إلى صياغته صياغة تحديثية وحداثية موصولة بمقاصد المشروع الاستعماري و بالمجال التداولي للحداثة الغربية . أما النخب الثقافية السوسية شبه الليبرالية وشبه الماركسية ، فقد سعت إلى النأي عن جينيالوجيا واركيولوجيا وانثروبولوجيا سوس( بسبب عقدة ما سمي بالظهير البربري / 16 ماي 1930) ، و إلى التعالي عن تناول المواد الثقافية والحضارية والأنساغ الإناسية والتاريخية المتحكمة في السيرورة التاريخية للسوسيين. كما يرجع تأفف البعض من معالجة وتناول المادة التراثية الأمازيغية السوسية ، إلى مفاعيل الانتماء السلالي ( الانتماء إلى الشرفاء الأدارسة أو إلى العرب المعقليين أو الهلاليين ) أو إلى الانبهار بعنفوان المتخيل المشرقي بعد ثورة 1952 .
لعل المفارقة تكمن هنا ، في انهماك هؤلاء الفكرانيين في التشغيب والتشكيك في شرعية الخطاب الكولونيالي عن التاريخ والأنثروبولوجيا الأمازيغيين، بدعوى نهوض الدراسات الكولونيالية على قواعد استعمارية ايديولوجية استحواذية مضادة جوهريا لحقوق الشعوب في هويتها الثقافية المخصوصة من جهة( ما كتب ضد التغريب والاستلاب والتبعية الثقافية ...مثلا ) من جهة ، وفي تغييب الواقع المتراكب لسوس واستبعاد سبر ممكناته وتحقيق ثوابته ، والالتحاق الرمزي والإيديولوجي الاستيهامي بالخرائط المشرقية وبالجغرافيا الثقافية للقومية العربية في غراراتها الأكثر توغلا في الفكر الإعترابي من جهة أخرى .
لقد انتقد الكثيرون المركزية الثقافية للخطاب الكولونيالي وارتباطاته السياسية الاستعمارية ، وتبنوا فكرية قومية عربية مطرزة بمقولات ومفاهيم مقتبسة اقتباسا غير موقف في الغالب من المنظومة الفكرية الليبرالية أو الماركسية ، وتبنوا مركزية عربية وامبريالية خطابية عروبية متصلبة ووسعوا من حقل اللامفكر فيه وطمروا، جملة وتفصيلا ، المسارات التاريخية والثقافية لسوس الثقافي والحضاري المدموغة بالألق الأمازيغي ، أصلا وصيرورة . لقد استعاد بعض الليبراليين المصريين وعيهم بعد الفاصل العروبي القومي ( عودة الوعي لتوفيق الحكيم مثلا ) ، أما الفكرانيون السوسيون "الحداثيون " فقد أوغلوا في روحية الوعي القومي ، والتحقوا بالتدبير السياسي البرغماتي أو بالمقولات الكهنوتية بعد تضاؤل بريق الإيديولوجيات القومية والماركسية ، وارتكاس بعض المنظرين الفكريين القوميين الأقحاح واضطرارهم إلى الاعتصام بالمدد التراثي وتعقل الذات والهوية والعالم والأخر عبر استعمال مفاهيم ومقولات أصولية تراثية تزداد انغلاقا وترديا فترة بعد فترة ( نشير هنا إلى" ترديات " محمد عمارة واعتصام الجابري بالقلاع النظرية لابن رشد وابن خلدون مثلا ) .
لم تتمكن النخب الثقافية السوسية شبه الحداثية ، من تقديم مقاربة علمية للتركيبة الثقافية السوسية ومن ملامسة المكونات القاعدية للبناء الثقافي والحقل التداولي السوسي . والحقيقة أن الخطاب الإيديولوجي لا يروم التعمق التاريخي في استشكاف البناءات التاريخية ، بل يسعى إلى تغليب وقائع افتراضية ضدا على قوانين الاجتماع البشري وضد الملابسات التاريخية – الأنثربولوجية الخاصة بواقع متمايز ومتفرد اثنيا واستراتيجيا وفكريا .
أما الخطاب المخزني ، فقد اكتفى بفرض تصوره للإنسان والمجتمع السوسيين ، عبر الأجهزة الإيديولوجية للدولة ، وعبر التنسيق مع المؤسسات الاجتماعية والثقافية الموغلة في خدمة التدبير المخزني لسوس واقتناص محاصيل ومردود الريع الميتافيزيقي . لقد حصر الخطاب الثقافي المخزني سوس ، في أطر ثقافية وهوياتية عربية إسلامية خالصة ، ومزج بين مفاهيم شبه ليبرالية و مفاهيم ومقولات تقليدية مستلة من السياسة الشرعية والفقه المالكي والكلاميات الأشعرية . فقد الحق الخطاب الثقافي المخزني الأركيولوجيا والجينيالوجيا والإنسية السوسية ، بالخزان الجينيالوجي والأركيولوجي والإنسي العربي اليمني-الكنعاني ، وحول الجغرافيا المغربية إلى مجرد سيمولاكر أو مضاعفة باهتة للجغرافية العربية المنقوعة في مياه القداسة ، والهوية الحضارية للسوسيين إلى مجرد تكثير مجازي غير أصيل للهوية المصفاة الممهورة بخطوط السماء . فالإحداثيات التاريخية السوسية ، ليست وفق التوصيف العربي الإسلامي للمخزن ، إلاتقليدا غير أصيل لعالم المثل الكامن في اليمن السعيد أو في أرض كنعان العتيدة !!
إن الخطاب الثقافي المخزني كما داورته المدرسة المغربية والمؤسسات الرسمية والسلوكات العملية للسلطات منذ الاستقلال إلى نهاية القرن العشرين ( 1956-2000) ، قليل الاحتفال بالاستشكال العلمي والمقاربة التاريخية الصارمة للإشكاليات التاريخية-الأنثربولوجية ، مهووس بالتأكيد الاستحواذي على الكيانية العربية الإسلامية للمغرب ، ضدا على معطيات التاريخ الاجتماعي والتاريخ الثقافي وعلى الشواهد الأركيولوجية . ولذلك فهو خطاب فكراني ، لا يتعاطى الإنارة التاريخية بل التعتيم والطمس الإيديولوجيين للأصول الجينيالوجية والمصائر التاريخية للذخائر الإناسية للمنطقة السوسية ، ولا يسعى إلى استكشاف المفاصل المركزية للاجتماع والتاريخ السوسيين ، بل إلى استلال لحظات منهما للبرهنة –البعدية- على اشتباك الجغرافيا الروحية السوسية بالجغرافيا الروحية للمشرق واستتباع الإنسان الأمازيغي تاليا لأنماط فكرية نمطية ومعيارية اتباعية .
ففي مواجهة الخطاب الإيديولوجي للتنظيمات شبه الحداثية بسوس ، استعانت المخزن بخدمات الفكر التقليدي بسوس ، وقام بتبئير المفاهيم والمتصورات المالكية والأشعرية الأكثر إغراقا في التقليدية وفي الجمود الفكري .ومن البديهي ، أن السلوكيات الثقافية المتبعة هي أكثر إفصاحا عن التقليدية الثقافية المتبعة من الخطاب الصريح ، الموسوم إجمالا بالتوفيق اللفظي بين مفاهيم سلفية وليبرالية .
أما الخطاب التقليدي للمدارس التقليدية والزوايا بسوس فقد اتبع نفس المسار إجمالا .فرغم بعض تغيرات الاجتماع السوسي ، اكتفت تلك المؤسسات التقليدية ، بتأصيل الروحية العربية – الإسلامية وغرسها في الأرضية العقدية لسوس وتعزبز الحضور التاريخي لاختيارات فقهية وكلامية وصوفية هي جديرة بالاستشكال والتقويم لا بالتقريظ والمنافحة والتلميع الفكراني كما يعتقد القائلون بالأفضلية المعيارية – التداولية للثقافة العربية – الإسلامية والمستفيدون من الرأسمال الرمزي للريع الميتافيزيقي . لقد استمرت المدارس العتيقة بسوس طيلة النصف الثاني من القرن العشرين في اعتماد المنهجية الفقهية – الأصولية والرؤية الصوفية وانفتحت جزئيا على العلوم اللسانية والأدبية العربية ، واعتنت بشكل أو بآخر بتواريخها ومونوغرافياتها من باب التأصيل واستمداد الشرعية من تاريخها العلمي . ورغم حضور المؤسسات التنظيمية الحديثة ومساهمتها في فترة الخمسينات والستينات والسبعينات في تأطير كتل كبيرة من السوسيين ( اقصد حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاستقلال والنقابات والجمعيات السائرة في ركاب هذه الأحزاب ) ، فإن المؤسسات التقليدية لم تفقد قط عنفوانها الثقافي والاجتماعي ولا ألقها الرمزي والروحي ولا سلطتها العلمية و السياسية . وتشهد مواسم سيدي حماد او موسى بتازروالت وسيدي عبد الجبار بايمي نتزغت بتافراوت وموسم زاوية تمكدشت بنواحي تافراوت ،على تمكن الرؤية الصوفية / الطرقية من نفوس وأفئدة شرائح واسعة من السوسيين .
نستخلص من هذا الجرد مايلي :
1- ايغال الانتلجنسيا في الفكرانيات والسياسيات و عزوفها الإرادي أحيانا والاضطراري غالبا عن تناول المكونات الروحية والفكرية العميقة وبنى المقدس بسوس . ففي غياب الأطر الاجتماعية للمعرفة الحديثة ، والتمرس بالابستمولوجيات ومستجدات العلوم الإنسانية والاجتماعية ، يعجز المثقف مهما كان حداثيا عن تفكيك ديناميات المجتمع الأهلي والتدليل على تاريخية روحيته ونظامه القيمي ومنظومته المرجعية والكشف عن آليات التمفصل والتجاور و التعارض بين المقدس المأصول( الأمازيغي ) والمقدس المنقول( الإسلامي ) وتوضيح إواليات الاستتباع والهيمنة الثقافيين في وضعيات تثاقفية إشكالية .
2- اكتفاء الخطاب الرسمي للدولة المغربية بتداول مجموعة من المفاهيم والمتصورات التوفيقية المحافظة على أصالة الحضور المغربي والمواكبة لمسارات وتيارات العصر في الظاهر ، والفاقدة للاتساق النظري والانسجام المنهجي والنفاذية الفكرية في العمق .لقد اختارت الدولة تبئير مجموعة من الآراء التوفيقية ، ذات النفحة السلفية / الليبرالية ، لتطويق الإيديولوجيات اليسارية شبه الماركسية ، ولضمان استمرار نسغها الأصلي الكامن في ترميز العلامات الكونية والوقائع الاجتماعية والمؤشرات السياسية ومسارات الأشخاص الاستثنائيين . من البديهي إذن ، أن يمتح الخطاب الرسمي ، من الفكر العقدي ومن النظر السياسي الشرعي ، ويتقاسم أجزاء لا يستهان بها من المقولات والمتصورات والرؤى مع الفكرية المالكية والروحية الصوفية . ولذلك كان من الطبيعي أن يسير الخطاب الثقافي الرسمي في الخط الموازي للمقررات الفكرية العميقة للخطاب الفقهي والصوفي الرائجين في المدارس العتيقة والزوايا الصوفية بسوس . ( فالمجال السياسي المغربي مدين عمقيا للخطاطات التوجيهية الصوفية كما برهن على ذلك عبد الله حمودي في " الشيخ والمريد "مثلا ) .
لقد برهنت الدولة المغربية طيلة النصف الثاني من القرن العشرين بكفاءة عز نظيرها على احتفالها بالتقاليد الثقافية والرمزية المتأصلة في الميراث النظري والعلمي للدولة العلوية الشريفة. ومن المعلوم أن هذه الدولة مثل سابقتها اعتمدت جوهريا على مفاهيم ومتضمنات تقديسية ومناقبية تخرج السلطة بمقتضاها من حيز المحايثة الناسوتية لتلج سراديب التعالي اللاهوتي الأكثر انفتاحا على المناقبية أي على محصول التقاء الفقه السياسي بالكرامة الصوفية .لقد استعادت دولة مابعد الاستقلال بمفاهيم : إمارة المؤمنين والبيعة وشرف النسب والبركة ، للتدليل على استمرار محاكاة النماذج المثالية والمعيارية ، ولقطع الطريق على المفاهيم الإبستمولوجية والإيطيقية والسياسية الصادرة عن انساق فكرية ممهورة ببصمات العلمنة والدنيوة والأنسة، أي بعلامات ومؤشرات حداثة لا تحتفل بالجينيالوجيا الغيبية .
3-استمرار الزوايا والمدارس العتيقة بسوس في التأكيد على المناقبية الصوفية وعلى الصلاحية الأبدية للمنهاج الصوفي السني في تحصيل المعارف السامية والروحية الصافية والاقتراب المتعقل من عوالم المفارقة الأنطولوجية . والى جانب الممارسة النظرية للملمين بالأصول المعرفية والوجودية للفكرية الصوفية ، استمرت الكثرة الكاثرة من السوسيين في توفير الشروط الضامنة لاستمرار الزوايا في أداء أدوارها التربوية والروحية ، بعد انصرام أوان أدوارها السياسية والعسكرية.
أما الفكر المالكي المقرون بالتصورات والرؤى الأشعرية ، فقد حظي بنفس الاستمرارية ، بالرغم من عدم تمكن مدارسه الخاصة بسوس من تطوير الفكر الفقهي والأصولي والاستجابة لتحديات العصر ، ولانحصار الاجتهاد المالكي في اطر و أحياز، ضيقة قياسا إلى عمق ونوعية المستجدات الوقتية .
وقد تعززت مواقع المالكية الأشعرية بسوس والمغرب عموما ، خصوصا بعد اشتداد زخم التيارات الأصولية الصادرة عن مفاهيم حنبلية / تيمية/ وهابية ، وعن أولويات اجندا جيو- استراتيجية وسوسيو- ثقافية مشرقية وخليجية حصرا . كما أن أقساما من النخب التحديثية ، انتقلت من اللهج بالمقولات شبه الماركسية وشبه الليبرالية بعد انتهاء العصر الإيديولوجي إلى المصائر المعلومة في أوروبا الشرقية وباقي العالم استتباعا ، إلى التغني بالعمق المغربي والخصوصية المغربية فقها وكلاما وتصوفا واجتهادا ، وبالوحدة المذهبية للمغرب و للمغارب، استنتاجا ، باعتبارها ضامنة الاستقرار والاستمرارية الثقافية والحضارية . فلئن عجزت النخب شبه الحداثية عن استشكال المقومات الابستيمية للخطاب السلفي / الصوفي التقليدي بسوس والتعمق في استكشاف العقل التشريعي والمخيال الصوفي والذاكرة المناقبية للمؤسسات العلمية و التربوية بهذه المنطقة ، فإن الخطاب الإسلامي السلفي / الوهابي الأتي في ركاب الصعود المدوي للأرثوذكسية العقدية والثقافية السلفية / الوهابية كثيرا ما ينشغل بالتشغيب على الفكرية المالكية المطعمة بالمقولات الأشعرية وبالنفحات الصوفية، ويتغيا البرهنة على الصلاحية النظرية شبه المطلقة للفكرية والنهاجية الحنبلية / التيمية / الوهابية .
وانطلاقا مما سبق يمكن استنتاج ما يلي :
1- عجز الخطاب الحداثي شبه الليبرالي أو الماركسي والخطاب السلفي / الطرقي للمؤسسات العلمية التقليدية والخطاب التوفيقي للدولة المغربية عن تقديم استشكالات معرفية دقيقة للتاريخ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي لسوس ،
2- غلبة التناول الفكراني على المداخلات الخاصة بتحليل تواريخ سوس واستكشاف أنماط التفاعل والتدافع في الحاضر السوسي واستشراف آفاق الهوية والكينونة السوسية ،
3- إصرار الفكرانيين على تسفيل الخصوصية الثقافية السوسية مقابل التصعيد والتغني النرجسي بالذاتية العربية ،
4- السكوت شبه المطلق عن التاريخ العقدي والروحي والأخلاقي لسوس ، وهو تاريخ حافل بنماذج غير أرثوذكسية وبابدالات متمايزة ، منهجا وروحا ، عن العقديات والأخلاقيات السنية الأرثوذكسية .


في ضرورة الاستشكال :
مما لا شك فيه إذن ، أن الخطاب الثقافي والروحي للمؤسسات التعليمية والتربوية والروحية التقليدية بسوس ، قد فقد جزءا من هيمنته التقليدية بهذه المنطقة ؛ وذلك راجع إلى الحضور الثقافي لمسلكيات ونهاجيات فكرية شبه حداثية في الفضاء الثقافي بسوس في النصف الثاني من القرن العشرين ، ولبروز رهانات اقتصادية وسياسية واستراتيجية جديدة مخالفة للرهانات السائدة قبل الحماية الفرنسية . لقد فقدت الزاوية بسوس العنفوان القبلي القديم ، وتشابك الخطوط السياسية والعسكرية والاستراتيجية واتساع مجال ومدى المناورة أمام فرقاء المشهد السياسي والثقافي في مغرب ما قبل الاستعمارأي أمام الزوايا والقبائل والثوار واللاارثوذكسيات . كما أن المدارس العتيقة ، لم تعد تشكل الإطار المعرفي الوحيد بسوس ، بل أضحت موضع منافسة من قبل مؤسسات تعليمية حديثة معتمدة على توجهات تربوية ومعرفية وسياسية مركزية وتوفيقية تستهدف تكوين وعي ووجدان مغربيين متجذرين في الأرضية التراثية المرتبطة بالأنساب العربية / الإسلامية المعلنة ومتطلعين إلى معانقة التقانة الأوروبية في آن .
يمكن القول إجمالا، بان الخطاب الثقافي المالكي فقها ، الأشعري كلاما ، السني / الجنيدي تصوفا ، انتقل من الهيمنة الحادة المباشرة إلى الهيمنة الضمنية الناعمة ، واحتفظ بأجزاء من سلطته العلمية والروحية والتربوية على السيكولوجيا والأنثروبولوجيا السوسيتين المخصوصتين .لقد كان الإيديولوجيون شبه الحداثيين ، أعلى صوتا في المنتديات الفكرية والسياسية ، خصوصا حين ضخمت البلاغة اليسارية أو المتياسرة آمالها الثورية أو توقانها الإصلاحي ، وأشرفت المفاهيم الجدلية على طمس اللاشعور السياسي للكتل البشرية السوسية المتشبعة بانتمائية محصورة جهويا واقليميا( اللاوعي العشائري والقبلي ) ومتسعة عقديا ( الانتماء إلى امة الدعوة ) .
وفي خضم التدافع السياسي والإيديولوجي بين الفرقاء الإيديولوجيين والسياسيين بسوس ، غير كل فريق جزءا من استراتيجيته ومن آلياته التدبيرية للعلائق والارتباطات والتموضعات . وعليه ، انتهى الخطاب شبه الليبرالي للدولة إلى دعم التقليد والنزعة التراثية والتطهرية الحضارية والى استدعاء محصلات التواريخ والأنساب الثقافية والروحية الأكثر بعدا عن موجبات العقلانية النقدية والعقلانية السياسية . كما انتهت التنظيمات اليسارية إلى عقد التوافق مع البناء التقليدي للمتخيل السياسي والثقافي بالمغارب القروسطية ، وأزاحت جزءا من مقولاتها ومفاهيمها التحليلية الحداثية من حيز الاستعمال والمداورة ، لتحل محلها مفاهيم ومقولات واطر تحليلية هي أقرب إلى التقليدانية المغربية ( أشير هنا إلى تحولات الخطاب السياسي والثقافي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ولحزب التقدم والاشتراكية مثلا ) . ومما زاد من دعم سيرورة التقليدانية الثقافية ، واستمرار هيمنة النسق الثقافي التقليدي على العقول والنفوس بسوس ، ضعف الأطر الاجتماعية للمعرفة الحداثية بسوس( أشير هنا إلى ضعف التقاليد الجامعية بالمنطقة وضعف مساهمة جامعة ابن زهر في التاريخيات والانثروبولوجيا والسوسيولوجيا السوسية ) وافتقادها إلى إستراتيجية ثقافية حداثية قمينة باستكشاف أعماق وقيعان العقل والمخيلة والمخيال السوسي ، وسبر مبهمات النظام الثقافي البياني والعرفاني وأغوار المناقبية السوسية على نحو علمي صارم .
وعليه ، فرغم انفتاح النخب السوسية على المعارف والمنهجية الحديثة و انخراط بعضها في التنظيمات الإيديولوجية الأكثر تقدمية وراديكالية ، فان النواة الصلبة للمعرفة والأخلاق والسياسة كما تمثلها السوسيون طيلة النصف الثاني من القرن المنصرم استمدت قوامها المكون والمغذي من التراث الفقهي والصوفي في العمق . وفي هذا السياق ، يتوجب الوقوف على ظاهرة المحافظة الثقافية لليسار المغربي عموما والسوسي خصوصا . فالواقع أن المناضل اليساري ، غالبا ، مقطوع الصلة بالمعرفة العلمية وبالتراث الفلسفي الغربي الأكثر جدارة ومعاصرة من النواحي الإبستمولوجية . فقد انصرف الكثيرون إلى المتون الهامشية للماركسية ، غير مدركين أن الماركسية هي قبل كل شيء تقليد ثقافي موصول بشجرة أنساب فكرية ومفهومية متجذرة في إبداعات أرسطو وهوبز وديكارط وهيغل ....الخ .
من اللافت للنظر أن الإقبال على الابستمولوجيا واركيولوجيا المعرفة والأنثربولوجية التاريخية والأنثروبولوجية الثقافية ، قليل التداول في الأوساط الثقافية السوسية ، بدلالة ندرة الدراسات الاستكشافية العميقة للمكونات التاريخية والتراثية للخطاب الثقافي بسوس .فباستثناء بعض الدراسات المتفرقة لبعض الأنثربولوجيين والمؤرخين المغاربة( نشير هنا إلى" دار اليغ والتاريخ الاجتماعي لتازروالت " للباحث المغربي بول باسكون ) ، فان المؤسسات الثقافية التقليدية والحداثية بالمنطقة اكتفت بترويج أراء ومتصورات فكرانية بعيدة عن مستلزمات الروح العلمي . وحين تنتهي التوفيقية الثقافية إلى تقليدانية صريحة ، ويعود اللاشعور الثقافي والسياسي لاكتساح الشعور الثقافي والسياسي ، بأنماطه الآلية وأطيافه وهواماته ، ويسعى الفاعلون الثقافيون والسياسيون إلى تدبر الحاضر والمستقبل باستعادة وإعادة مآثر المؤسسين العابرين للتاريخ والساكنين في قعر الذاكرة والوجدان المخزنيين ، يصير من الضروري طرق باب الاستشكال وإتباع مسالك العقلانية النقدية ، واجتياف المستندات المنهجية والمفهومية للعلوم الاجتماعية والإنسانية الأكثر انضباطا وصرامة ونفاذية .
لما كان الفكر المالكي عمدة الفكريات بسوس ، توجب البحث في تاريخية هذا الفكر ، وإمكانية تحرير التاريخ الفكري للمغارب من سطوته المنهجية وسلطته الرؤيوية . فالمنهجية الأشعرية والطريقة الصوفية ، تمران حتما عبر مصفاة الفكر المالكي . ولذلك لا غرابة في أن يكون الفقه ، النواة الصلبة للنسق الثقافي والناظم المركزي لتمفصل البنى والآليات الفكرية والمنهجية وتراكب الرؤى والمنظورات الفكرية .

مساهمة في نقد المالكية :
شكلت سوس إحدى الحلقات المركزية لانتشار المذهب المالكي بالمغرب وبشمال إفريقيا عموما . فقد تكفلت ( دار المرابطين ) بإعداد العدة الفكرانية المالكية وتخريج الأطر الإيديولوجية للدولة المرابطية بهدف تغليب المذهب المالكي على سواه من المذاهب الفقهية والتيارات الكلامية – السياسية المنافسة وإزاحة الخوارج الصفرية والشيعة والمعتزلة والأحناف والأوزاعية من الخريطة الثقافية- السياسية المغاربية . والحقيقة أن ثمة وشائج فكرية وسياسية بين ( دار المرابطين ) السوسية والمدارس النظامية المؤسسة في الأوان العباسي / السلجوقي لاعتبارات إيديولوجية وسياسية عبرت عنها أوضح تعبير مؤلفات أبي حامد الغزالي وتلميذه الأندلسي ابن العربي .
لقد تمكن المالكيون بسوس وبالمغارب عموما ، من استئصال الفكريات والمنهجية الفقهية – الكلامية خصوصا بعد تحالفهم المكين مع القواد المرابطين . كما أن تشرب المالكية للمقولات الأشعرية وتزكيتها الفقهية للتصوف السني ، وفر لها نطاقات للتوسع الفكراني والامتداد السوسيولوجي ، والاستمرارية التاريخية . لقد رأى الأمير تاشفين بن علي في رسالته إلى أهل بلنسية(495ه)، أن الركون إلى إجماع السلف والى منهجية " إمام دار الهجرة " هما( مدار الفتيا ومجرى الأحكام والشورى في الحضر والبدو ) وقد استمرت هيمنة الفقه المالكي خصوصا بعد انتهاء محنة المالكية أيام الموحدين .
وقد تعززت السلطة العلمية للفقهاء المالكيين بسوس وبالمغارب إجمالا ، بعد تخصيب أرائهم النقلية/ السمعية/بالفكر والمنهجية الأشعريين الرافضين للمنهاج العقلي للاعتزال والفكر العقلاني المبني على أسبقية العقل على النقل وبعد تزكية أبي حامد الغزالي للروحية الصوفية والمسلكية التحاجية ( كتاب إحياء علوم الدين ومشكاة الأنوار وجواهر القرآن ...الخ ).
لقد طوقت مفاهيم الفقه المالكي والكلام الأشعري والتصوف السني العقل والمخيلة السوسية طيلة قرون ، ولم يتمخض الانتماء إلى هذه المنظومة التيولوجية عن أي ابتكارية أو إبداعية منهجية أو فكرية ، موازية لما قدمته التقاليد الثقافية الموازية في الأندلس وفي المشرق الإسلامي .

وترجع الاتباعية المفرطة للنتاج الفكري التقليدي بسوس إلى ما يلي :
1- تذرر البنية السياسية والهيئة السوسيولوجية لسوس طيلة العصر الإسلامي( منذ تأسيس مدرسة اكلو إلى سنة 1912) ،
2- ارتهان المالكية للاعتبارات السياسية والإيديولوجية السنية للدول السائدة بالمغرب ولتيار أهل السنة والجماعة ،
3- تصفية التيارات الفكرية والإيديولوجية المنفتحة على الاستدلالات والمباحث العقلية البيانية ( المعتزلة والأحناف على التخصيص )ومنع التفلسف والتمنطق ،
4- تصفية التراث الفكري والقانوني اللاتيني بالأندلس والمغارب ،
5- احتواء العقل التشريعي والمخيال الإبداعي للسوسيين وإخضاعه للنطاقات الشرعية السلفية ،
6- غلبة الاجتماع البدوي بسوس الإسلامية وتقلص التقاليد الحضرية .
والحقيقة أن ابن خلدون قدم تسويغا لانهمام المغاربيين بمالك لا يخلو من ملاءمة ، رغم جزئيته . يقول ابن خلدون :
( فرجع إليه أهل المغرب والأندلس وقلدوه دون غيره ، ممن لم تصل إليهم طريقته . و أيضا فالبداوة كانت غالبة على أهل المغرب والأندلس ، ولم يكونوا يعانون الحضارة التي لأهل العراق ؛ فكانوا إلى أهل الحجاز أميل لمناسبة البداوة . ولم يزل المذهب المالكي غضا عندهم ، ولم يأخذه تنقيح الحضارة وتهذيبها كما وقع في غيره من المذاهب . )
( - عبد الرحمان ابن خلدون – مقدمة ابن خلدون – تحقيق : درويش الجويدي – المكتبة العصرية – صيدا- بيروت – طبعة جديدة 2002- ص. 420)

مما لا شك فيه أن المالكية ارتكزت على ثوابت شديدة التسلف والتسنن والاتباعية الفكرية والسياسية ، ومعادية للتعقل والاستدلال والبرهنة . لقد انبنت المالكية فكريا وايديولوجيا على ما أعاد ابن أبي زيد القيرواني الملقب بمالك الصغير تحديده أي على ما يلي :
1-إتباع السلف الصالح واقتفاء آثارهم ؛ أي إنكار تاريخية المعرفة الشرعية وتاريخية العقل الشرعي واستتباع العقل التاريخي للمخيال السلفي وللميثولوجيا الإسلامية ،
2- اطراح الجدال العقدي ، أي التخلي عن الآليات البيانية الموضوعة لتعقيل النصوص التأسيسية الإسلامية والنظر في الإشكاليات اللاهوتية والميتافيزيقية الخاصة بالعقيدة والشريعة الإسلاميتين نظير ما هو مسطر في كتاب" المغني" للقاضي عبد الجبار المعتزلي وتفسير" الكشاف " للزمخشري ،
3-تقديس الصحابة والتماس المخارج لهم ؛ أي إنكار تاريخية أنظار واجتهادات الصحابة ، وإنكار شرعية العقل في تعقل السلوكيات التأسيسية للسلف ،
4- طاعة ولاة وعلماء المسلمين، أي إضفاء القداسة على السلطة العلمية للعلماء المالكيين والسلطة السياسية للسلاطين والخلفاء السنيين حصرا.
وحين نحلل أراء ابن أبي يزيد نخرج بالخلاصات التالية :
1- إنكار الوظيفة المعيارية- الجوهرية للعقل مطلقا ،
2- إنكار صلاحية الاستدلال البياني والاكتفاء بالنصوص وبآراء السلف المقدس ، بمقتضى آليات معتادة في كل التقاليد والتراثات الثقافية التقليدية ،
3- تحكيم معطيات واعتبارات تاريخ مؤمثل بعديا ، واختيارات إيديولوجية فكرانية متولدة عن الاستقطابات السياسية والفكرانية والحجاجية بين المذاهب والفرق في فضاءات ثقافية بعيدة زمانا ومكانا ومختلفة ثقافية ومتخيلا عن الفترة التأسيسية الإسلامية ،
4- إسناد السلطة بشكل حصري إلى تحالف الخلفاء السنيين والعلماء المالكيين وإقصاء الفعاليات الثقافية والسياسية الأمازيغية والتيارات الفكرانية والفكرية المخالفة أصولا واستدلالا واجتهادا للتراث المالكي ( الخوارج والشيعة والمعتزلة والأوزراعية والشوافع ) من الفضاء الثقافي ومن الفاعلية الحضارية بالمغرب الإسلامي .
من المحقق أن منهج ابن أبي زيد القيرواني وابن عبد البر وسواهما من المنظرين المالكيين النقليين يلغي المعرفة من الأساس ، ويحكم على العقل بالتعطيل ، ويحصر التاريخ في مجرد استعادة استنساخية للأنماط التأسيسية بدون بذل أي جهد تعقيلي أو أي استكشاف معرفي حقيقي لجذور الإشكاليات الميتافيزيقية والإبستمولوجية والسياسية في الفضاء المعرفي العربي- الإسلامي . لقد ألغى ابن أبي يزيد المعرفة ليكرس الإيمان ، فيما اختار المعتزلة والأحناف تعقيل المعرفة الإيمانية ، تحقيقا لاستحقاق الإنسان للتكريم والتفضيل واستيفاء لموجبات التعقيل والمعاقلة .
ولابد من التشديد هنا على أن الفقهاء المالكيين بسوس وبالمغرب عموما ، اضطروا إلى الاستعانة بالآليات الاستدلالية الأشعرية تحديدا ، والى العمل بالعقل البياني وبالأدوات الحجاجية ، والى تبني الآراء الأشعرية المعروفة عن أولوية السمع على العقل وقياس الغائب على الشاهد و القول بالتجويز وإنكار الطبائع والكسب وجواز الكرامات وخرق العادات على الأولياء .
لقد نشأت المالكية السوسية والمغربية عموما في سياق معادي للتسلف التسنني ، وفي سياق تبلور الآليات الحجاجية والمنهجيات التدليلية العقلانية للفكر الاعتزالي تحديدا . وقد تقوت بدعم أموي الأندلس للمالكية للاشتراك في الأصول العربية – الحجازية ولمخالفة الخلافة العباسية الأخذة بالفقه الحنفي والخلافة الفاطمية المتمسكة بالفقه الجعفري .وإزاء تعقد مباحث النظام المعرفي البياني ، اثر تطور المباحث الكلامية الاعتزالية والمنهجية الحنفية والشافعية ، اختارت المالكية المغاربية الاعتصام بسلطة السلف ضد سلطة العقل البياني والمنهجية التعقيلية للنصوص ( منهجية القدرية والجهمية والاعتزال ) . ففي خضم صراعهم ضد خصومهم العقديين ( عقيدة البرغواطيين ) أو المذهبيين ( الأحناف و المعتزلة والشوافع والأوزاعية ) ، اختار المالكية في البدء الابتعاد عن المباحث النظرية ، ورفضوا الخوض في المسائل الكلامية ، واخرجوا المتكلمين من زمرة العلماء (موقف ابن عبد البر من أصول الدين مثلا ) والاعتداد بإجماع الفقهاء إلى أقصى حد ( موقف الباجي من الإجماع مثلا ) . إلا أنهم اضطروا لأسباب ابستمولوجية ومنهجية وسياسية ، إلى الانفتاح على الآلية المنهجية الأشعرية ، والى مناظرة الخصوم الفقهيين والأصوليين والعقديين بأدوات فكرية بيانية مستعارة من كبار المفكرين الأشاعرة نذكر منهم الغزالي أستاذ أبي بكر ابن العربي صاحب ( العواصم من القواصم ) والباقلاني أستاذ أبي عمران الفاسي ( موجه رائد المالكية بسوس وجاج بن زلو اللمطي ) والخطيب البغدادي أستاذ أبي الوليد الباجي الأندلسي . ولا جدال في دور ابن العربي وأبي عمران الفاسي وأبي الوليد الباجي ، في صياغة العقل السني بالمغارب ، وتكريس مقتضياته ، وتعزيز إطاره المنهجي وترسيم مرسخاته التداولية ضد الفكرية الشيعية والاعتزالية ( انظر العواصم من القواصم ) وضد الفلسفة والفكرية الظاهرية – الحزمية ( انظر وصية الشيخ الحافظ أبي الوليد الباجي الأندلسي لولديه وكتاب المنهاج في ترتيب الحجاج و إحكام الفصول في أحكام الأصول للباجي ......الخ ) .
وهكذا انتقل المالكيون المغاربيون والأندلسيون من النصوصية المقرونة بالتسلف المحض إلى ، اعتماد المفاهيم الأشعرية القائلة بالتجويز وعدم صلاحية الآليات الاستدلالية العقلية ( موقف بقي بن مخلد من خليل الغفلة المعتزلي مثلا ) ورفض تعاطي المباحث الفلسفية والمنطقية أصلا ( موقف أبي الوليد الباجي من الفلسفة والمنطق ) والتصالح مع المناقبية الصوفية ( تأكيد ابن أبي يزيد القيرواني لجواز الكرامات وخرق العادات والطبائع على الأولياء بعد طول رفض لذلك في كتبه الأولى ) .
اما فيما يخص سوس ، فقد غلبت التوجهات العملية في الغالب على أنظار الفقهاء ، بسبب هشاشة البنية السياسية للمنطقة ، وعدم تمكن السلطة المركزية من تثبيت سلطتها ومباشرة مهامها التنظيمية والإدارية في الغالب وافتقاد النسيج الاجتماعي للتماسك والاختلال المتواصل في التوازنات القبلية ( نشير هنا إلى مفاعيل استقرار القبائل المعقلية بسوس مثلا ).
لهذه الاعتبارات كلها ، انزوى العقل السوسي والمغاربي عموما ، في فقه عملي مشغول بالنوازل والمسائل والفتاوى .وتعد فتوى أحمد بابا الصنهاجي وعبد الواحد الركراكي والقاضي محمد بن عمرالهشتوكي وعيسى بن عبد الرحمان السكتاني وابراهيم ابن يونس بخصوص نظام " إينفلاس " بالأطلس الكبير الغربي في أوائل القرن السابع عشر نماذج فكرية دالة على كيفية اشتغال العقل البياني المالكي ومحدودية ابتكاريته المنهجية وانئساره لأطر وصياغات مفهومية محددة ابستيميا وتاريخيا . لقد انشغل الفقهاء المالكيون بسوس بالفروع وبالمذاكرات (رسالة في تحرير السكك المغربية في القرون الأخيرة و رسالة في تحقيق المد والصاع النبوية وصنعهما من النحاس و فتوى في مسائل عن إخراج زكاة الفطر وفتوى حول ضرورة لبس الإحرام عند الدخول إلى مكة لغير نية الحج والعمرة لعمر الكرسيفي مثلا ) وبقراءة الوقائع السوسية بناء على مقررات مرجعية شديدة التمركز العقدي وميالة إلى الهندسة القسرية للفضاءات الحياتية المخالفة للفضاء الحياتي لشبه الجزيرة العربية إبان القرن السابع الميلادي .
لم يتمكن العلماء التقليديون بسوس من استكناه المكونات الأصلية للمعيش السوسي ، ولم يتمكنوا من استخلاص قواعد ومعيارية للاجتماع السوسي ، موازية لما شيده عبد الرحمان ابن خلدون في نظريته عن طبائع العمران . ولأن البنية السياسية والسوسيو- اقتصادية تميزت بالانقطاعات المتواصلة وبالفجوات التنظيمية الكبرى ، فقد افتقد الفقهاء إلى القاعدة السياسية والسوسيولوجية المتماسكة ، مما لم يمكنهم من تطوير النظر النقدي ، وانحصروا في الفرعيات والجزئيات والمذاكرات والمسائل في تراجع عن الانجازات النظرية والمنهجية لكبار الأصوليين المالكيين أمثال الباجي والشاطبي وابن رشد الجد . لقد حاولوا التخفيف من التعالي الفقهي المعتاد على التقاليد الثقافية والاجتماعية الأمازيغية ، وذلك بتكييف الآليات الفقهية والسعي إلى تفتيت سماكة الأعراف والتقاليد الثقافية السوسية .لقد انفتح عمر الكرسيفي والحسن بن عثمان التملي صاحب " السلمونية " و السوداني علي خليل و عيسى بن عبد الرحمان السكتاني على الأعراف والمقاصد ، وسعوا إلى اعتبار اكراهات الواقع السوسيو-سياسي والسوسيو- ثقافي في مقارباتهم الفقهية للإشكاليات العملية ببادية سوس .
إلا أن النظر الفقهي ، بقي محكوما بسلطة النصوص التأسيسية للفقه المالكي ، وغير قادر على استكشاف كليات وجزئيات الواقع السوسي، أي أنه لم يتمكن من استقراء العناصر المكونة للاجتماع السوسي وعلى استخلاص الثوابت البنيوية للتاريخ بهذه المنطقة . لقد سعى الفقهاء إلى قراءة الواقع السوسي عير شبكة مفاهيم وأدوات إجرائية فقهية أساسها التحليل والتحريم ، وحفظ المصالح في العاجل والآجل وحصر قواعد التدبير الفكري والحياتي في النظر الشرعي ، وانتزاع الشرعية والأهلية من العقل الاستدلالي ومن العقل التشريعي الأمازيعي المعبر عن إبداعيته في التنظيمات والتشريعات العرفية الصارمة .
لقد ارتبطت المالكية بسوس بالمعطيات التالية في فترة ما قبل الاستعمار :
1- سيادة العمران البدوي ،
2- غياب التقاليد الثقافية شبه العقلانية ( الاعتزالية والحنفية والشيعية والفلسفية ) ،
3- ارتباط الوحدة السياسية بالوحدة المذهبية في النظر السياسي الشرعي التقليدي وهشاشة الشرعية السياسية للمتغلبين بقوة السيف أو بقوة الغيب أو بهما معا ،
4- تصفية التراثات العقدية والمذهبية وتكريس هامشية الذمية اليهودية.

أما بعد الاستعمار، وتمكن السلطة المخزنية من إحكام السيطرة على سوس ، فان سلطة الفكرية المالكية ارتبطت بالشروط التالية :
1- سيادة العمران البدوي مع وجود هوامش للعمران المدني ،
2- غياب التناظر الفلسفي القوي ، وغياب التأسيس المعرفي للحداثة الفكرية ،
3- استمرار ارتباط الوحدة المذهبية بالوحدة السياسية وعدم تمثل روحية حقوق الإنسان ،
4- تكريس خطاطات فكرانية عن الهوية وعن التاريخ وحصر النبوغ المغربي في الأنظار المالكية وفي التصوف الجنيدي .

حين نقارن المالكية السوسية والمغربية عموما بالحداثة نلاحظ مايلي :


المالكية / الاشعرية السوسية-المغاربية الحداثة
السياسة الشرعية الفلسفة السياسية
الإجماع الاختلاف
التجويز السببية
السلف العقل / الواقع
علماء الفقه علماء الطبيعة / الاجتماع /التاريخ
قياس الغائب على الشاهد المنهج التجريبي

لا جدال إذن في ضرورة استشكال المنظومة المالكية – الأشعرية ، والوقوف على التغييرات الإبستيمية والفكرانية والمنهجية والسوسيولوجية والحضارية الواقعة منذ تثبيت الإرث الثقافي المالكي والأشعري بالمغارب . لقد ارتكز الفكر المالكي – الأشعري على ثوابت الحضارة العربية الإسلامية ، وعلى مقتضيات النظام المعرفي البياني ، وعلى سريان أربع سلط على الجسد الاجتماعي :
1- سلطة النصوص المؤسسة والنصوص الشارحة والمؤولة لها والمنظمة لأدلتها ( المدونة لسحنون والمستخرجة أو العتبية للعتبي القرطبي والواضحة لعبد الملك بن حبيب ....الخ ) .
2- سلطة السلف ومرجعية أهل المدينة ،
3- سلطة الفقهاء والأصوليين ،
4- سلطة الخلفاء والسلاطين .
وبمقارنة هذه الركائز مع الانقلابات الإابستمولوجية والجيو- استراتيجية والسوسيو- تاريخية الواقعة على امتداد الخريطة الكونية مع ما سبق ، نلاحظ مايلي :
1- حلول الحضارة الغربية محل الحضارة العربية – الإسلامية وانتهاء الزمن الحضاري الإسلامي مع استمرار الزمان العقدي والثقافي الإسلاميين ،
2- حلول سلطة العلم التجريبي محل سلطة العلم الشرعي وإخضاع النصوص المؤسسة للبحث العلمي الفيلولوجي / التاريخي / الأنثربولوجي ،
3- انتهاء سلطة الكهنوت والموظفين الإيديولوجيين العقديين على الكل الاجتماعي واعتماد الديمقراطية آلية للتسيير والتدبير السياسيين ،
4- انتهاء السلطة الكهنوتية أو الغيبية واعتماد العقد الاجتماعي .
إن الواقعة الاستعمارية لا تكشف فقط عن الأزمة المزمنة للنسق الفكري / السياسي للمالكية المطعمة بمقولات وآليات أشعرية ، بل عن انصرام عالم منظومي وانتهاء صلاحيته المعرفية و التاريخية .


ابراهيم أزروال
رئيس جمعية افا امازيغ
اكادير



#ابراهيم_ازروال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من سوس العالمة إلى سوس العلمية
- تأملات في مطلب الحكم الذاتي لسوس الكبير
- الأخلاق والعقل-التسويغ العقلاني للأخلاق
- تأملات في المعضلة العراقية
- نحو فكر مغاربي مختلف بالكلية


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - ابراهيم ازروال - واقع الثقافة بسوس-قراءة في وقائع نصف قرن