أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يعقوب زامل الربيعي - لكي لا نفاجىءبالموت أيضا















المزيد.....

لكي لا نفاجىءبالموت أيضا


يعقوب زامل الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 2038 - 2007 / 9 / 14 - 08:09
المحور: الادب والفن
    



بقيت عيناها مسمرة على باب غرفتها التي أوصدتة بعناية مذ قررت ان تنام مع طفليها هذه الليلة باكرا . كانت الطرقات خافتة .. تصورتها أولا محض وهم ، وعندما سمعتها ثانية تأكدت من حقيقتها ، ولكون البيت لا يضم سواها وطفليها النائمين في هذه الساعة ، لم تبارح فراشها .. همست بقلق : " من ؟ " ولأنها أحست بأن صوتها لم يبلغ مسامعها هي أضافت معقبة " من في الباب ؟ " . لم تبدي حراكا عن مكانها ، ومع ان عرق بارد نزّ بين فخذيها المغطاة بملاءة سميكة الا أنها لم تفكر بسحب الغطاء عنها وحتى حين تعرق جسدها بالكامل. كانت مشلولة تماما الا من حركات قصيرة في بلعومها المتيبس لحظة كانت تبلله برضاب جف أخيرا .
في الصباح وقبل ان تفعل شيئا كالعادة ، قصت على جارتها قصة الفزع الذي طيّر النوم من عينيها .
" ألم يجب ؟! "
" كلا ! "

" القطا لا ينام !. " تصورته يبالغ في معلومته ، لكنما ثقتي بمعرفته لحياة البرية وأسرارها دفعني للتفرس في وجهه دون الأنتباه لما أضافه من حكايات عن طائر القلق الصغير . كان بيننا فرسخين من التيه لنشدان الماء في هذا المحل المرّ . عدلت جلستي أمامه لأبدو أقرب للأهتمام بما يقول .

حدقت الجارة بين عيني محدثتها التي ما يزال الخوف عالقا فيهما . أردفت تسألها : " من تتصورين ؟ " هزت الأخرى كتفيها برعشة من النفي والتعجب . وبين سين وجيم كانت المرأتان تقلبان الأمرعلى نار ساخنة حينا ومتمهلة حينا آخر . فكرت الجارة بثمة أحتمالات بعضها معقول وآخر محض تخمين غير مقنع : " ربما يكون لصا كان يجس الأمر .. وربما يكون مجرد ريح أو حركة لقطة او جرذ لطالما أمتلأت المدينة بالجرذان ، او قد يكون مجرد خوف امرأة أبترد فراشها بغياب دفء الشريك . كانت كل الأحتمالات مدار نقاش بين المرأتين بصوت مسموع ، الا فيما يخص واحدا دار في وهم الجارة لم تقو على قوله لكنه وقد أرتسم واضحا على محياها وأدركته التي أزداد فزعها وقلقها جعلها تبدي قدرا من اللوم لضنون جارتها .. قالتا معا بصوت خافت " العياذ بالله " .

كان المساء يجري بالأمس طريا أمامنا .. نطرد وساوسنا ونحن نلحق به ، ندلف خلفه داخل بيوت الأجتماعات السرية . وحين نحس بالتعب في نهايات الليل نودعه لنشرب حتى الثمالة .. نمتلىء معا بأمل الحيطان والأبواب وأوراق المناشير التي نحفظها تحت ضلوع أمهاتنا خوف زوار الليل البهيم .

ولما كانت الجارة قد تعنست على خمسين من عمرها ، وكانت لشعور مسبق من أهلها أيضا قد جعلاها تمارس بعضا من أمورها الشخصية بعيدا عن الرقيب والمسائلة ، فقد وافقت ان تنام مع جارتها في الليلة المقبلة لترد الوحشة عنها ولتشجعها في الوقت نفسه ، مضيفا لأم الطفلين سببا آخر أكثر وجاهة وحاجة من غيره وهو أن تقنع جارتها بسلامة موقفها وحقيقة ما عانته في الليلة الماضية .
منذ الغروب وقبل ان تزورها امرأة الخمسين كانت المضيّفة قد أعدت الكثير من لوازم الأحتفاء بضيفتها قبل ان تقوم بكل الأعمال الختامية للطفلين وللمنزل كعادتها في كل ليلة قبل ان تأوي لمنامتها .
" القطا لا ينام !. " يزحف الشك داخل تجويف العمود الفقري كأنه الماء . " هل بسبب الخوف وحده ؟ " أسأل قلبي . " أليس للحب سلطة قصوى هو الآخر ؟ " على ركبتيه يجلس مكتئبا .. تصيبني عدواه أتفرس فيه فترتجف شفتاه .. يتصفح وجهي .. بغتة يدفع كفه يلملم بها فمي وأنفي فأحس بموت له رائحة الصمغ الثقيل .

أسباب أخرى غير التي جمعت الجارتين معا هي التي فتحت أبوابأ للحديث الذي بدا مطولا بينهن في تلك الليلة . فلكل منهن مبرراتها بالشكوى والحلم ، خصوصا وان الحاجة لمثل ما جرى من أنفتاح بينهن كان سببه دفء سرير أبترد لأكثر من عام بعد ان هجره شريك دفعه العوز والبحث عن السلام خارج الوطن لترتيب أوضاعه المناسبة للّم شمل البقية فيما بعد ، وحافزا لعانس مستها بقية بكتيريا شراكة ليل ما تزال رائحتها على الفراش عبقة. " لم تكن الفرص كثيرة فبين رجل رفضه أبي لكونه من قومية أخرى , وآخركان يعمل في موسمين في السنة قال أخي معلقا على أحتجاج أمي على رفضه للخاطب الجديد : المرأة تريد رجل يغطي ظهرها ! وثالث كان ابن خالتي الذي أنتظرنا عودته من جبهة الحرب لأتمام مراسيم الخطوبة، لكنه بعد عشرون يوما جيء به ملفوفا بعلم ، ورابع خرجت معه مرة وفي الثانية طلب مني ما يفعل في ليلة العرس فلما صددته طلق علاقتنا وهرب . بين هذا وذاك ضاع أملي .. في كل مرة كان النحس يلازمني "
" هس ! " همست ربة البيت ضاغطة على ورك ضيفتها الملاصق لوركها . انقطع وجيب المرأتين .. لصقت انتباهتهن بخشب باب الغرفة ، كان الصوت في الخارج واضحا لوقع
أقدام لم تشكا بحقيقتها .

لليل رائحة لا تنمحي ، حين تسيل على جذوع التوت ينبت الصمت كالصمغ ، نتلوث به يغطينا . أدفع يده .. أتنفس أول الأمر بصعوبة ، ثم استكين كالطفل وأنا أسمع لرشقات من الرصاص توالت من غير أنقطاع لأكثر من ساعة . لحظة انقطع مطر الرصاص نسينا الأمر برمته .

في الليلة الثالثة ، كان الأستعداد على أشده من قبل الجارتين لأستقبال الجارة التي قتل زوجها قبل أشهر بعد تهديده من قبل أشخاص ما رسوا فعلتهم أكثر من مرة . الزوج القتيل لم يقتنع بطلب الأشخاص بأن يطلق زوجته الشابة التي يحبها لمجرد انه من طائفة غير مرغوب بها من قبلهم .
ظل لأكثر من ثلاثة أيام سجينا داخل غرفته يقلب الأمرمن غير ان يقتنع به ، وعندما أستبد به الجزع قرر أن يهرب بزوجته ليلا تاركا كل بيته بكل ما حوى . وبمجرد توقف سيارة الأجرة عند ناصية الطريق ليستقلانها ، أمطره الجناة بوابل من الرصاص . بعد ان أفاقت الزوجة من
غشيتها لهول الصدمة على بعض أصوات تجمعوا حولها ، بحثت عن زوجها القتيل الذي وجدته قريبا منها بدون رأس .
الجارات الثلاث أحتواهن ليل من التوجس والقلق والخوف . لكل منهن حاجة قصوى للاخرى لايمكن الأعتذار أو التملص عنها . طير الظلمة المخيف كان يحلق في غرفة النسوة اللاتي تلاصقن قي جسد بارد واحد . وفي الصباح يبلغ الذعر مداه بطفلين كانا يدقان أبواب المحلة بابا باب ليبلغا الناس عن موت مروع حصل فجأة .. يتجمهر الناس مرعوبون حول أجساد ثلاث نسوة سلخت الحياة منهن ، بسبب ان الميتات كنّ ملوثات بسائل كثيف ظنه الناس صمغا .



#يعقوب_زامل_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة
- بين نازك وأمي سراط لمواصلة الانسان
- الفوضى الخلاقة .. لماذا ؟
- خطوة في الفراغ الجميل
- خطوة في الفراغ الجميل
- خطوة في الفراغ الجميل
- لقاء مع الدكتور ميثم الجنابي
- لقاء مع المناضلة والكاتبة المعروفة سعاد خيري
- السلام العادل.. بين الأصالة والثورية
- لقاء مع الاستاذ سعيد شامايا ـ عضو سكرتارية مجلس كلدوآشور الق ...
- مع عيسى حسن الياسري رفيق الرحلة في منزل الاسرة العالمية


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يعقوب زامل الربيعي - لكي لا نفاجىءبالموت أيضا