أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب زامل الربيعي - الفوضى الخلاقة .. لماذا ؟















المزيد.....

الفوضى الخلاقة .. لماذا ؟


يعقوب زامل الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1993 - 2007 / 7 / 31 - 11:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما بين عامي 2003 و2007 أكثر من جسر هلامي ، وتوصيفا لحقائق الأشياء ، أكثر من محطة ضاجة بعيدا عما تحمله من معاني عن وصفها الأمريكي المؤثر بـ " الفوضى الخلاقة " الذي أريد به تذهيب أطار صورة عقل ومذهبية الأمريكي في أسوء مرحلتين من مراحل مدنيته ، الأولى حين أسقط تداعيات ثقافة " راعي البقر " الدراماتيكية في قارورة المذهبية " اليانكية " التي ما زالت تهمز ذكراها وجع الانسان الأمريكي المتحضر ، والثانية حين حاول مفكرو البرغماتية الامريكية تحلية محلول تلك القارورة بمستحلب من عصائر الرفاه الوجداني الأكثر فضفاضا من فساتين نساء قرى العالم والذي أطلقوا عليه أخيرا " العالم الجديد " ليبدو أكثر استساغة ليس لدافع الضريبة العـــادي، انما للاخر خارج الشمال الأمريكي . ولطالما تصور الكثير من " دافعي الضرائب " في الداخل والخارج ، ان ما قدم لهم على تلك المائدة الحمراء من خلطة النار المحلاة تلك ، هو أكسيرالرفاه الموعود بعد مخاض انساني رهيب جاء بناء على أهمية وبشاعة الحروب بشقيها الساخن والبارد وما نتجت عنه من تداعيات غير متوقعة على المدى المتوقع .
من غير الضرورة الآن ان نناقش الان ما ناقش به جمهور كبير محليا وعربيا وعالميا علة مشروعية أو لا مشروعية " التدخل " الأمريكي عسكريا في العراق وربما في أفغانستان أيضا ، وعن مبررات ذلك التدخل السافر الذي بدا بالنسبة لمنهج الرافضين عاريا من صحة إثبات؛ ان النظام الصدامي مالكا لأسلحة الدمار الشامل التي " يحرص" صقور البنتاغون على إزالتها تحقيقا لأمن العالم ، أو على أقل تقدير، أمن دول الجوارالشرق أوسطية والتي تشكل هما أساسيا من هموم المصالح الحيوية الأمريكية، انما لعلة تتصل ضرورتها بما نتج من حصاد لزراعة اربعة اعوام من نتائج مادية وحسية لتدخل، أقل ما قيل عنه، انه جاء لنشر ديمقراطية مختارة في مجتمع عاش عقودا بعيدا عنها نتيجة تواتر انظمة شمولية تناسلت في حاضنتها ديكتاتورية حاكمة مقيتة ليس في العراق وحده وإنما في عموم المنطقة . وان ما سيقام في العراق سيكون مثار اعجاب العالم ، و الشرق أوسطيين خاصة ، في طريقة العيش وادارة الدولة معا .
ولأجل اجراء مسح تقييمي سريع لما حصل بعد انهيار أعتى ديكتاتورية عرفها التاريخ الحديث، نجد أن قبولا واستعدادا مثاليين كانا قد سادا اغلب الشارع العراقي توازيا مع السببية الامريكية المنقحة . حيث كان العراقيون، ولعام كامل تقريبا ، يسيّرون حياتهم بمنهج حضارة متقطعة، رغم شوائب الأسباب المفروضة ، يومها كانت " حكومة " الأمل الجمعي هي دولة " الأشياء " التي أقيمت في العراق، مقارنة مع الأقل في القياس مما حصل في أرقى المجتمعات .
فاذا كان ما حصل ويحصل من متغيرات كان الغالب فيه مأساويا قد ساهمت فيه جملة من العوامل والمؤثرات ، بعضها لم يكن بعيدا عن مواطنها المحلية، وبعضها الآخر لم يسلم من خبث تخطيطات الجـوار والفرقاء في أرض الله الواسعة ، لم يكن ايضا بعيدا قطعا عن مخططات
"الأصدقاء" في تقاطع الأهداف والمنافع داخل التركيبة السياسية الأمريكية ايضا .
اذا ما استثنينا الجهد الأمريكي باسقاط نظام غدا اخيرا "نمرا" من ورق، وما شكله السقوط من ارتياح في نفوس العراقيين ،خصوصا في أسابيعه الأولى ، أصبح لزاما تدقيق النظر ببعض مما شكله هذا " الجهد" من آثار كارثية على حياة وواقع المجتمع العراقي ، ناتج عن إصرار ساسة البيت الأبيض على مسح شبه كامل لمرتكزات الدولة في العراق دون " تسليم " البديل الوطني، على أقل تقدير، مقاليد أمور الطوارئ المطلوبة في مثل هذه الحالات؛ ما نتج عن ذلك معروف وخارج عن تناول تصورنا في هذا المجال . غير ان ما يعنينا هنا هو ما آل اليه الواقع العراقي من فجائع مأساوية وظروف لاتسر العدو العاقل قبل الصديق .
مجرد البحث في خلفيات بدايات النشاطات الارهابية التي توالت فيما بعد نجد ان بعضا من الخلفيات جاءت نتيجة منطقية لواقع حال كان لابد من حصولها نتيجة تغييب الأسس الواقعية للدولة، أضف الى ذلك تغييب المسـؤول الوطني، الذي كاد ان يكون تاما، عن موقع القرارالسياسي والإداري المؤثر ، دون إهمال حقيقة ان قوى الردة اعتمدت السبات المؤقت لتنشط فيما بعد بفعل دعم وإسناد قوى الشر المجاورة ، وليس بعيـدا أيضا عن الأهـداف المؤجلة مرحليا لقوى الائتلاف الدولي في العراق . على ان ما يهمنا في الموضوع أكثر هو اعتماد مجموعة قوى وشخصيات سياسية عراقية موقفا متزامنا مع مبدأ الفوضى الخلاقة كان في الغالب نهجـا متعمدا قصد منه عرقلة المسيرة التأريخية للمجتمع من خلال تعميم لمبادئ الأطروحة القديمة " فرق تسـد " سيئة الصيت والتي لم يكن مرماها بعيدا عن روح " المؤامرة " تلبية لدعوة الأهداف المؤجلة تلك،كما وان مساهمة بعض الأطراف السياسية العراقية وانسياقها في ظلمة دياجير الأطروحة بسذاجة، وربما التوافق معها بقصد المنفعة ، كـوّن أكثر الإشكاليات قساوة على النسيج العراقي .
فتصريحات وجهود اعلامية لتقسيم المجتمع عرقيا واثنيا بعيدا عن روح المواطنة الحقة مثّل دق اسفين الوقيعة بين خطوط الموزائيك الاجتماعي المتداخل تاريخيا، عربا وأكرادا وأقليات قومية فاعلة تتكون في الأساس من نسيج طائفي متناغم بعفوية ديمقراطية مثالية كانت يجري أو يعد لها ليس بعيدا عن خفايا العمد السيء . بدأ أولا على شكل عزل لمكون الأكراد العراقيين عن واقعهم الاجتماعي العام المتنوع الأطياف والملل ، للنأي بهم خارج الهم العراقي من خلال تعويمهم خارج السرب ، وكأنهم في خارطة أخرى غير معنيين بما يحصل في المجتمع الآخر العربي الذي يتكون من " العرب السنة والعرب الشيعة ! " . او وصف ما حدث من اعمال ارهابية يقع أساسا في المثلث " السني " كذا ، كان نتيجة تهميش شيعي له ،أو ان هذا الموقع ، أو تلك المنطقة شيعية ، والأخرى سنية . مثل هذه التوصيفات القافزة على روح وأسباب الحقيقة سياسيا واجتماعيا كانت تترك اثرها في صلب الواقع ، مما يخلق بالتالي ممهدا مريحا لعمل المنظمات المناهضة للعملية السياسية داخل مناطق لم تكن مجيّرة من قبل، للقيام بالقتل العمد لأخوة عراقيين لم يختلفوا معهم في الوطنية ولا في التوزيع المشترك لظلم وانتهاك السلطة الصدامية انذاك ، لتصبح بتحصيل حاصـل أوكارا ومنافذ وقوى مشاركة في العمليات الارهابية مباشرة أو عبر تقديمها بكل ما يدفع بها وينميها معنويا ولوجستيا على أقل تقدير. الأمر الذي هيأ مناخا لصراع لم يكن مبررا داخل المكون الوطني ليتخذ فيما بعد شكل مطحنة دموية أصبح من سماته القتل فيه على الهوية والظن احيانا .
لم تكن ظروفا كالتي حصلت بعيدة، كما تشير الوقائع ، عن مخططات ونوايا أطراف محلية وعربية وعالمية كما لا يستثنى قادة البيت الأبيض أو ادارات المشاركين معهم من الإسهام المتعمد في " لعبة " تفريق القوى الاجتماعية الى شلل وجماعات ومناطق ليرهنوا معها المصير الجمعي العراقي بقيود " الفرمانات " الطائفية والمذهبية .
تلك الظروف المعدة سلفا كانت تحقق العديد من الفوائد للمحتل ليس على مستوى النهب المبرمج لخيرات وموارد العراقيين التي كانت تجري سرا وعلانية فحسب، انما وفق صيغ او مشاريع لقوانين جائرة تفتقر لهامش من الحرية لقوى عراقية مسؤولة يدفع بها حكم "الحاجة" لقوى محتل يتجه عكسيا في مطاليبه مع عرقلة مقصودة لتعمير البنـية التحتية التي خربها عمدا، أو شجع على تخريبها لحظة احتلاله العراق، أو من خلال إغراق المجتمع في أتون الفساد وفقدان الخدمات الأساسية والتهاون ازاء سيطرة العناصر السيئة من شركات بعضها مختارة وأخرى وهمية كانت تبتلع مليارات الدولارات المخصصة للاعمار شراكة مع مؤسسات مافيوية ، دون حساب أو مساءلة. او كنتيجة لسياسة التماطل في تجهيز فاعلية القوات المسلحة الوطنية وتحقيق سيادتها، أو بسبب إثخان جراح الوطن بضرورة سياسة " الموازنات " الطائفية على حساب مستحقات بناء دولة المثال الديمقراطي والرفاه الاجتماعي وسيادة القانون الذي غالبا ما ينتهك بقانون " الحماية " الضرورية، والتي تدفع القوات الأمريكية أحيانا لتخويف أو ردع العناصرالارهابية المعترضة لهـا . حتى لم يعد ضوء الحقيقة يجافي أو يبتعد كثيرا عن فطنة وتصور المواطن العادي ، قبل السياسي، لما يجري على أرض الواقع، أثناء وبعد تلك " المعالجات " الأمريكية لمناطق وعناصر الارهاب. وكمثال على صحة التأويلات " الشيطانية " تلك؛ قيام العديد من قوات العسكر الأمريكي بإطلاق سراح ارهابيين تم القبض عليهم متلبسين بالجرم الشنيع، أو تدخلها السافر او الخفي بشؤون القضاء العراقي لمحاسبة من يقع منهم بيد القوات المسلحة العراقية، او منع تلك القوات من ممارسة فعالياتها العسكرية ضد اوكار ارهابية معلومة لكلا الجانبين في مناطق الرعايا المشتركة بين القوات الأمريكية وجماعات مسلحة تمارس قتل العراقيين على مدار الساعة تعتقد تلك القوات ان تصفيتها سيخلخل ميزان قوى " الضرورة " تلك التي دفعت ساسة البيت الأبيض لترضية أطراف المعارضة في أمريكا والمنطقة والعراق على حد سواء ، تمثلت أخيرا بقبول تسليح مجموعة كبيرة من تلك العناصر بضغط ونصيحة عربية شرط قبولها بمحاربة " القاعدة " التي انحصرت مسؤولية الارهاب والعنف على عاتقها وحدها دون غيرها ، مما شكل نوعا من التقاطعات الإخلاقية والميدانية بين القوات " الحليفة " والعراقية لتحقيق نجاحات كاد ان يكتب لها النجاح في خطط أمنية متكررة، كان من نتيجته رمي كرة الفشل الثقيلة في سلة الحكومة العراقية والقوات المسلحة العراقية ، بما تمارسه من ضغط متكرر على الكادر الرسمي العراقي المقيد الخيارات .
ان ضرورات، كانت فيما سلف حججا تجميلية لتسويق أفكار فضفاضة عن الديمقراطية والأمن وتصفية الارهاب، غدت فيما بعد ، حقائق كارثية شلت بنتائجها صلب الاستعداد الاجتماعي لتحقيقها. ما جعلها مصدر تندر وشكوك شعبيين وسياسيين في الداخل والخارج . هذه الضرورات تدفعنا للسؤال الكبير بلسان كل المسحوقين من العراقيين الذين عانوا الأمرين: اذا كانت هي حال بشارة الفوضى " الخلاقة " الأمريكية ، فلماذا جئتم ؟!
سؤال مطروح على الأخلاقية الأمريكية.



#يعقوب_زامل_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطوة في الفراغ الجميل
- خطوة في الفراغ الجميل
- خطوة في الفراغ الجميل
- لقاء مع الدكتور ميثم الجنابي
- لقاء مع المناضلة والكاتبة المعروفة سعاد خيري
- السلام العادل.. بين الأصالة والثورية
- لقاء مع الاستاذ سعيد شامايا ـ عضو سكرتارية مجلس كلدوآشور الق ...
- مع عيسى حسن الياسري رفيق الرحلة في منزل الاسرة العالمية


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب زامل الربيعي - الفوضى الخلاقة .. لماذا ؟