أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وعد العسكري - الدبلوماسية .. البعثات الخارجية (أهدافها و مسؤولياتها)















المزيد.....



الدبلوماسية .. البعثات الخارجية (أهدافها و مسؤولياتها)


وعد العسكري

الحوار المتمدن-العدد: 2026 - 2007 / 9 / 2 - 11:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1- مقدمة :
الدبلوماسية :هي فن وممارسة اجراء المفاوضات بين الدول كما أنها باتت فناً في العمل والممارسة والاتصالات بين الاشخاص في المجتمع. انها علاقات منظمة بين الدول، إنها الأساس الذي يرتكز عليه فن الحكم، فن إدارة شؤون الدولة وفن تنفيذ سياسة الدولة الخارجية.
فإن وزير الدولة الفارسي نظام الملك (1018-1092م) كان حكيما في تقديم النصح للملك بأن يعامل السفير الاجنبي وكأنه الملك الذي ارسله. وتبقى هذه النصيحة مناسبة في وقتنا الحاضر كما كانت عند ذاك الزمن إذ أن الدبلوماسية هي واحدة من الوسائل أو الاجهزة الضابطة التي برهنت عن تأثير كبير على الوضع الفوضوي لسياسات العالم الحديث.
وإن الدبلوماسية إذا ما مورست على مستوى رؤساء الحكومات او على مستوى ممثليهم السفراء فهي تبعث الامل عند هؤلاء الجادين من أجل بناء نظام دولي عادل.
وثمة شواهد كثيرة على ممارسة الدبلوماسية في العصور السابقة في الصين والهند ومصر. وقد تضمنت هذه الممارسة في المقام الاول تسليم الرسائل والانذارات، تبرير الاسباب ونقل الهدايا والجزية والتقدير والثناء. وقد تأسست هذه الاعمال الدبلوماسية الاولية في عصر اليونان وروما القديمتين واصبح المبعوثون مفوضين وليس مجرد سعاة بريد.
ولم يعرف نظام السفارات المقيمة الا في القرن الرابع عشر أي عقب انشاء دول المدن في ايطاليا. وقد اخذ العمل الدبلوماسي منذ ذلك الحين، ينمو باستمرار.
وقد شهد القرن السابع عشر وضعا دبلوماسيا مرتبكا سادته نزاعات صاخبة حول الوضع الدبلوماسي والمقام او الهيبة والقوة. واستمر هذا الوضع الصاخب حتى مؤتمري فيينا 1815 وإكس - لا - شلبل - 1818 حيث بذلت الجهود من اجل تبسيط تصنيف الموظفين الدبلوماسيين وتحديد منهجية اعمالهم.
واستمر هذا الوضع لمدة قرن ونصف (قرن) أي حتى مؤتمر فيينا للعلاقات الدبلوماسية والحصانات والامتيازات الذي انعقد في العام 1961 وحضره مندوبون عن احدى وثمانين دولة حيث توصل المؤتمرون الى اتفاقية شاملة تناولت جميع اوجه العمل الدبلوماسي كما جرى توقيعها. وهذا ما يؤكد على ان المعاهدات والاتفاقات الدبلوماسية هي من المصادر الاساسية للعلاقات الدبلوماسية.
ومما يجدر ذكره ان القوى العظمى كانت تسمح لدبلوماسيين محترفين قبل الحرب العالمية الأولى، لتنفيذ سياساتها الخارجية كما كانت تسمح لهم ايضا بصياغتها. وقد تولى السياسيون بعد الحرب العالمية الاولى ليس فقط صياغة السياسة الخارجية للبلد انما باتوا يتولون ايضا اجراء المفاوضات. كما باتت صناعة السياسة والمفاوضات في كثير من الاحيان عمليات متناغمة يتوقف او يعتمد بعضها على بعض.
وكثيرا ما تعتمد الدبلوماسية على القانون الدولي الذي هو مجموعة من الاحكام والمبادىء في صيغة مندمجة متكاملة مقبولة على العموم كرابط ملزم للعلاقات بين الدول. وان كل حكم او قانون حظي بالقبول الدولي العام يعتبر ملزما ساري المفعول، ويمكن ان يكون هذا القبول واضحا صريحا بموجب معاهدة او انه معمول به عن طريق الممارسة او التقيد به. ويصنف القانون الدولي تقليديا بأنه قانون السلم وقانون الحرب وقانون الحياد.
وتتمتع كل دولة من دول اسرة الامم بالحقوق التالية:
1- حق الاستقلال
2- حق السلطان القضائي (في الحكم والتشريع)
3- حق المساواة
4- حق العلاقات الدبلوماسية
وأهم الوظائف الدبلوماسية ثلاث:
أ - الوظائف ذات الصفة السياسية والاقتصادية والاعلامية
ب - وظائف الحماية ورعاية المصالح
ج - وظائف قنصلية
ان اتفاقية فيينا الدبلوماسية التي اشرت اليها سابقا قد قسمت رؤساء البعثات الدبلوماسية الى ثلاث فئات :
1. فئة السفراء.
2. فئة الوزراء المفوضين: (الغيت هذه الفئة في السلك الدبلوماسي اللبناني وفي كثير من البلدان)
3. فئة القائمين بالاعمال.
فالسفراء والوزراء المفوضون يعتمدون لرئيس الدولة المضيفة ويقدمون اوراق اعتمادهم له، اما القائمون بالاعمال - الفئة الثالثة - فيجري اعتمادهم من قبل وزير خارجية الدول المرسلة او الموفدة الى وزير خارجية الدولة المضيفة.
وبينما تطبق القاعدة الاساسية في الدبلوماسية، قاعدة الموافقة agrement أي موافقة الدولة المضيقة على تعيين السفير او المندوبين من الرتب العليا ، فانها لا تسري على الموظفين الدبلوماسيين من الرتب الدنيا. ويقدم السفير اوراق اعتماده لرئيس الدولة في حفلة يشار اليها بحفلة تقديم اوراق الاعتماد.
وقد حددت المادة التاسعة من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية للعام 1963 رؤساء البعثات القنصلية بأربع هي :
1- القناصل العامون
2- القناصل
3- نواب القناصل
4- موظفون قنصليون
يعين رئيس البعثة القنصلية من قبل الدولة الموفدة ويزود بوثيقة من قبلها، بشكل كتاب تفويض او ما يشابهه، تثبت صفته وتبين كقاعدة عامة اسمه وشهرته وفئته ودرجته والمنطقة القنصلية ومقر البعثة القنصلية (المادتان 10 و 11).
ويسمح لرئيس البعثة القنصلية بممارسة وظائفه بموجب ترخيص من الدولة المضيفة يدعى اجازة قنصلية، مهما يكن شكل هذا الترخيص (المادة 12).
2- بعثات خاصة لا تحمل طابع البعثات الدائمة :
بالاضافة الى التمثيل الدبلوماسي والقنصلي تضطر الدول في بعض الاحيان لارسال بعثات مؤقتة لمعالجة بعض المواضيع أو من اجل انجاز عمل محدد وتعتمد هذه البعثات بصرف النظر عما اذا كان ثمة تبادل دبلوماسي او قنصلي دائم مع الدولة المضيفة.
ولكن من الضروري بمكان ان تحظى هذه البعثات بقبول الدولة المضيفة المسبق باستقبالها.
وتخضع هذه البعثات لاحكام اتفاقية الامم المتحدة المتعلقة بالبعثات الخاصة للعام 1969. وتتضمن الاتفاقية المتعلقة بالبعثات الختصة التي اصدرتها الامم المتحدة في العام 1969 فيما تتضمن أحكاما تميزها عن اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية للعام 1961 كما انها تعكس الفروقات ما بين طبيعة البعثات الخاصة من جهة والبعثات الدبلوماسية الدائمة من جهة ثانية.
ومن هذه الاحكام او المواد :
1- دولتان أو أكثر ترسل كل منها بعثة خاصة في نفس الوقت الى دولة أخرى لمعالجة قضية ما ذات مصلحة مشتركة للجميع.
2- على الدولة الموفدة اعلام الدولة المضيفة عن حجم البعثة الخاصة قبل تعيين افرادها وكذلك اعطاء اسماء افراد البعثة وألقابهم.
3- يعقد الاجتماع في المقر الذي تتفق عليه الدول المعنية وفي حال غياب مثل هذا الاتفاق فيعقد في المكان الذي تقع فيه وزارة خارجية الدولة المضيفة ويمكن ان يكون اكثر من مقر.
4- حرية الحركة والسفر مسموح بها بقدر ما يستدعي ذلك انجاز اعمال البعثة الخاصة.
5- إن أي عمل يقوم به أحد افراد البعثة الخاصة ينتج عنه ضرر كحادث سيارة مثلا يحدث خارج نطاق الاعمال الرسمية فلا يعتبر هذا الشخص متمتعا بالحصانة الدبلوماسية التي تحول دون مقاضاته من قبل السلطات القضائية المدنية والادارية في الدولة المضيفة.
6- تمنح الحصانة لاعضاء بعثة ما في طريق المرور في بلد ثالث في حال اعلام هذه الدولة مسبقا عن المرور المطلوب ولم ترفع أي اعتراض.
وثمة بعثات من فئات أخرى:
أولا : كالبعثات الدائمة في المنظمات الدولية .
ثانيا :البعثات الدائمة المراقبة التابعة لحكومات ليست اعضاء في المنظمات الدولية. ثالثا : الوفود الى هيئات تابعة للمنظمات الدولية، أو الى المؤتمرات التي تنعقد تحت رعاية المنظمات الدولية.
رابعا :ويمكن ان نضيف ايضا البعثات الدائمة لدى الاحلاف أو المنظمات العسكرية كحلف الاطلسي وحلف وارسو سابقا ومنظمة الامن والتعاون الاوروبي والاتحاد الاوروبي والجامعة العربية وغيرها.
وثمة فئة الممثلين والموظفين غير الدبلوماسيين حيث يمكن للدول ان تستخدم لعدد من الاهداف أو الاسباب موظفين غير السفراء والقناصل المعتمدين. ويمكن ان يحمل هؤلاء صفة دائمة كمفوضين تجاريين أو موظفين في قطاعي الاعلام والسياحة.
لم يرع القانون الدولي، حتى حينه، أحكاما تتعلق بهؤلاء الموظفين. أن الحقوق والامتيازات الخاصة بهم خاضعة لترتيبات ثنائيةأو انها قضية مجاملة. ومن الطبيعي انهم يتوقعون معاملة طيبة من قبل الدولة المضيفة.
3- وظائف البعثات الدبلوماسية :
إن وظائف البعثات الدبلوماسية والقنصلية تتراوح ما بين العمل الروتيني والقرارات الصعبة والتي تتخذ عادة بموجب قدر قليل من التعليمات في وقت الازمات.
يتناول العمل القنصلي
*تسجيل الولادات والزواج والوفيات.
*تجديد ومنح جوازات السفر للمواطنين القاطنين في الدول المضيفة.
*حماية الاشخاص والاملاك وكتابة العدل او تنظيم الوكالات والوصايا وصكوك البيع والشراء.
*وثمة اعمال روتينية اخرى كالاعمال الاجتماعية والاحتفالية، وحضور الحفلات التي يقيمها قادة الحكومة المحلية وسفارات الاسرة الدبلوماسية.

لكن الاعمال الجوهرية للبعثة الدبلوماسية هي :
أولا : وضع التقارير.
ثانيا : التفاوض.
تتضمن التقارير ما يراقبه ويلاحظه الموظف الدبلوماسي في الاوضاع والاحوال السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية في البلد المضيف ونقله بدقة الى وزارة الخارجية. وقد تدخل هذه التقارير التي تودع الادارة المختصة في البلد المرسل في نطاق الاستخباراتية. فإن الملحق الاقتصادي مثلا قد يرسل تقارير تتضمن معلومات عن ميزان المدفوعات، التجارة، معدل النمو، التضخم والبطالة في البلد المضيف. وكذلك عن فرص الاستثمار وقطاع التعهدات ودراسة السوق الاستهلاكية رغبة بترويج صناعات بلاده.
ويهتم الدبلوماسي المسؤول عن القسم السياسي في السفارة بتركيب ومسيرة وقادة الاحزاب السياسية وتحركاتها في البلد المضيف وتقييم القوة الانتخابية في البلدان الديموقراطية او التأثير السياسي في البلدان authoritarian الاستبدادية لمختلف الاحزاب والشخصيات والمجموعات او لشرائح مختلفة من المجتمع. وان على واضع التقرير ان يقيم صداقة او عداوة هذه التجمعات السياسية تجاه بلاده وكذلك طاقة كل حزب او حركة.
ويهتم الملحق العسكري بجمع المعلومات عن القوة العسكرية للدولة المضيفة، نوعية القيادة العسكرية، طبيعة ووضع ومصدر الاعتدة العسكرية وغيرها من المعلومات ذات الصلة. وقد تتضمن تقارير الملحق العسكري رسوما لانظمة الاسلحة الجديدة التي عرضت في احتفال عسكري وصورا عن منشآت عسكرية استراتيجية ورسوما عن مواقع تكتيكية كالجسور والمصانع والتسهيلات في المطارات والمرافىء البحرية ومساحات الملاجىء وطرق السير المراقبة. وقد اخذت التقارير الاجتماعية والثقافية والتربوية تلقى اهتماما متزايدا في وقتنا الحاضر حتى باتت اهميتها توازي اهمية التقارير السياسية والاقتصادية والعسكرية.
مثلا على ذلك التقارير المتعلقة بالنشاطات الدينية وشؤون الفتوة فهي ذات شأن للتحليل السياسي. وكذلك فان المعلومات عن كطبقات المجتمع واوضاعها، وعن الاحصاءات، والنشاطات الاثنية والدينية والمنظمات الاجتماعية غدت ذات اهمية قصوى للتحاليل السياسية والاقتصادية والعسكرية.
تعتبر الدعاية الاعلامية ذراعا اساسيا للسياسة الخارجية. فان الحرب المستمرة كلاميا وثقافيا تمتص طاقات آلاف الدبلوماسيين كما تتسبب بانفاق ملايين الدولارات.
ومما يدعو الى السخرية انه بينما يوصف دور الملحق العسكري بالهادىء فان دور الدبلوماسي المسؤول عن الدعاية يوصف بالعدواني للغاية. وان على ملحق الاعلام والدعاية واجب اقناع الآخرين ان بلاده مسالمة، صديقة، ذات ثقافة عالية، لغتها حية، كما عليه ايضا ان يولي اهتماما خاصا لسياسات بلاده الحساسة ويفاخر بالنهج الحياتي المثالي في بلاده.
تتمثل مهمة الملحق الاعلامي والدعاية التزويد بالمعلومات وتنظيم المناسبات الاعلامية والثقافية، اقامة العلاقات مع الطلاب واقامة المعارض والحفلات الفولكلورية وتوزيع الكتب.
وكان الفرنسيون اول من تحقق من الاهمية الكبرى لها منذ العام 1920 واحدثوا الاذاعات والاجهزة الثقافية في العام 1930. واهتمت الدول الكبرى بالدعاية في اثناء الحرب العالمية الثانية كما شعرت موسكو بأهمية الاستمرار باستعمالها كسلاح في السياسة الخارجية، وقد جرى حديثا تهذيب هذه الكلمة واخذت الدول تستعمل عبارة "الخدمات الاعلامية" بدلا من الدعاية.
وتنقسم الدعاية الدبلوماسية الى قسمين :
الاول: اعلامي أي تمرير الاخبار والاراء ووجهات النظر بواسطة الصحافيين او مراسلي الاذاعات او من خلال توزيع نشرات.
والثاني: ثقافي ويشمل اقامة المعارض وارسال الفنانين والعلماء للخارج. وهنا يجري التنافس فيما يتعلق بتفوق اللغات والثقافة.

وتختلف الدول في الطريقة التي تنظم فيها اجهزة الدعاية الدبلوماسية وحددت باربع:
1- اعطاء العمل الاعلامي والقنصلي لدبلوماسيين محترفين.
2- استعمال وكالة منفصلة للقيام بالعمل مع السماح للدبلوماسيين بالاحتفاظ بحق الاشراف على سياسة العمل.
3- ابقاء الاعلام تحت سيطرة وزارة الاعلام بينما يتولى الدبلوماسيون العمل الثقافي.
4- الدبلوماسيون يتولون مهمة الاعلام بينما تقوم هيئة اخرى بالعمل الثقافي.
تتبنى كندا الطريقة الاولى حيث تعتبر الدبلوماسية الكندية ان الاعلام والثقافة تقررهما حاجات السياسة الخارجية.
وتأخذ الولايات المتحدة بالطريقة الثانية. فوزارة الخارجية تتولى الاشراف المباشر على البرامج والتقديمات الثقافية في الخارج. ويقوم بالعملين الثقافي والاعلامي في الخارج موظفون من وكالة الولايات المتحدة للاعلام التي تعمل في اكثر من مائة بلد، لكنهم تحت سيطرة السفير في الخارج.
وداخليا فان وزارة الخارجية الاميركية هي التي تنصح الوكالة بالسياسة التي يجب اتباعها. وهكذا فان الشخص الذي يتولى الاعلام يجب ان يكون اخصائيا يتمتع بخلفية غنية في هذا القطاع أو أن يكون صحافيا، وان الشخص الذي يتعاطى القسم الثقافي ينبغي ان يكون اكاديميا.
وتأخذ اسبانيا بالنهج الثالث حيث يعتبر الاعلام من مهام الحكومة ولوزارة الاعلام ممثلون عنها في البعثات الكبرى.
اما بريطانيا فتعتمد الطريقة الرابعة فتميز بين العمل الاعلامي الذي هو نشاط دبلوماسي نظامي والثاقفة التي هي مسؤولية المجلس البريطاني British Counsil وهو هيئة مستقلة عن وزارة الخارجية ولكنه مدعوم من الحكومة.
وان الهدف الرئيسي من دبلوماسية الثقافة الفرنسية هو العمل على ترويج وحماية اللغة الفرنسية. وتعتبر فرنسا لغتها اداة ونفوذ وقوة، وسيلة لتأكيد قيادة اوروبا الغربية وعلامة فارقة تدل على استقلاليتها عن الولايات المتحدة. وتبذل فرنسا المساعي الحقيقية للحفاظ على اللغة الفرنسيةفي البلدان التي كانت تستعمرها وخاصة في القارة الافريقية كما يعمل ثلاثون الف معلم فرنسي في تدريس اللغة الفرنسية في اكثر من مائة مدرسة "ليسيه" Lycées وخمسة وخمسين معهدا ومائة وواحد واربعين مركزا ثقافيا تدار جميعها بصورة كلية او جزئية من قبل الحكومة الفرنسية.
واللغة الفرنسية لغة دبلوماسية متألقة نظرا لدقتها ووضوحها.
ان 30% من موازنة المجلس البريطاني مخصصة لتعليم اللغة الانكليزية كما عمل الاميركيون على تأسيس 130 مركزا ثنائي الجنسية وهي مشاريع مشتركة بين حكومة الدولة المضيفة للمركز والولايات المتحدة. ويعمل الالمان على ترويج لغتهم وتعليمها بواسطة مؤسسة Goethe Institute التي تدير مدارس كثيرة في مختلف انحاء العالم بينما يعتمد الروس على اقامة المعارض التي ترمز الى الصداقة بين الدول.
وتجدر الاشارة الى ان اللغة الانكليزية تحظى بجميع الميزات, انها اللغة الام لاكثر من ثلاثمائة مليون نسمة .
بينما الفرنسية هي اللغة الرئيسية لثلاثة وستين مليونا.
واللغة الانكليزية هي اللغة المستعملة من اجل نقل الحقائق العلمية. وهكذا فانها اللغة الدولية للعلوم والتكنولوجيا والاقتصاد. انها لغة العلماء، لغة الكومبيوتر، انها لغة البائعين (التجار) الالمان واليابانيين واللغة المسيطرة في الامم المتحدة كما انها تستعمل محليا في البلدان غير الناطقة بالانكليزية.
ويحصل الموظفون الدبلوماسيون على كميات من المعلومات من مصادر متنوعة وامكنة تتراوح بين حفلة عشاء او حفلة استقبال وتبادل الزيارات والاجتماعات واحاديث الضيوف والزوار وتبادل وجهات النظر مع شخصيات قيادية في البلد المضيف. وعلى هؤلاء الموظفين ان يصنفوا هذه المعلومات ويقيموها ويحللوها ويغربلوها وينقوها ويصقلوها قبل ان تصاغ في تقارير تودع الادارة المختصة في البلد المرسل. اما التفاوض فهو العمل الجوهري الثاني من اعمال الدبلوماسيين ويتضمن نقل الرسائل بين وزارتي خارجية بلدي المرسل والمضيف، ويتوقف نجاح التفاوض على الاسلوب والطريقة التي يتم بها نقل الرسالة. وقد لا يعي السفراء او الثانويون بدقة الاسلوب المقبول في المحادثات والمساومات لدى موظفي الدولة المضيفة. وقد يؤدي ذلك الى اثارة عداوة غير ضرورية من جراء اسلوب التخاطب اكثر منها من النص المعترض عليه في متن الرسالة. ان الحرب الباردة قد انتهت وانتهت معها اللهجة القاسية والاسلوب الشديد الذي كان يتخاطب به ممثلو الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي (سابقا) حيث كان كل من الفريقين يعتبر ان مثل هذا الاسلوب اكثر واقعية ومردودا وان اللطف او الكياسة يفسران بالضعف. وكان كل فريق منهم يعتقد بأن الفريق الآخر لا يفهم ولا يحترم الا القوة. ان ثورة التكنولوجيا في القرن العشرين وخاصة في المنتصف الثاني منه ادت الى تغيرات كثيرة في قطاعات النقل والمواصلات وبالتالي ادت الى صدمة كبيرة في العمل الدبلوماسي. وان الموظفين الدبلوماسيين الذين كانوا ينتظرون اشهرا حتى تصل التعليمات من حكوماتهم والذين كان لوجودهم وحضورهم اهمية، جاءت الثورة التكنولوجية وما نتج عنها من هاتف وتلغراف، والمبرقة الكاتبة (Teletype) والحاسوب (Computer) والانترنــت والإي مايل (E-Mail) وغيرها لتضعف مهامهم وتقلل من شأنهم وتجعلهم في مرتبة الموظفين المبجلين. وان خطوط الهاتف الساخنة بين رؤساء الدول جعلت موقع السفراء باللا ضروري خاصة في اوقات الازمات الكبيرة. كما ساعد انتشار الصحافة العالمية والراديو والتلفاز على ضعف دور الدبلوماسي في شرح سياسة بلاده لجماهير البلدان الاخرى.
كذلك فإن ظاهرة أخرى اخذت الكثير من عمل السفراء وهي ظاهرة القمم الدبلوماسية، والدبلوماسية المكوكية. وهكذا فإن الاتفاقيات والقرارات الهامة يصار التوصل اليها في مؤتمرات القمة من قبل الرؤساء مصطحبين معهم وزراء الخارجية ويبقى على السفراء ومعاونيهم أن يعملوا فيما بعد على صقل او تلطيف الهوامش الخشنة من هذه الاتفاقيات او القرارات.
أما فيما يتعلق بصناعة السياسة الخارجية فثمة العديد من الآراء والاجتهادات ولكن هارولد نيكلسون مؤلف كتاب : (الدبلوماسية القديمة والجديدة في السياسة والانظمة الدولية) (The Old and the New Diplomacy In Politics And The International Systems).
يقول إن العمل الدبلوماسي ينقسم الى قسمين منفصلين:
1/صناعة السياسة الخارجية (فن الحكم) 2/المفاوضات.
ويوصي بأن تترك صناعة السياسة الخارجية الى السياسيين المنتخبين حيث ينبغي ان تعكس حاجات وضغوطات الناس. وأن يترك فن المفاوضات، أي التنفيذ الفعال للسياسات المرسومة تجاه دول اخرى للمحترفين الدبلوماسيين الذين يفقهون جيدا خصوصيات التفاعل الدولي والذين يتمتعون بشخصية من طراز مميز تساهم في التوصل الى مفاوضات ناجحة. وباختصار فان صناعة السياسة الخارجية يجب ان تكون خاضعة للمراقبة الديموقراطية، ولكن تنفيذ هذه السياسة يجب ان يتولاها خبراء مدربون ومستقلون سياسيا. ويوصي نيكلسون بأن يتولى المفاوضات حصرا دبلوماسيون ويصر على ان لا يتولاها السياسيون الذين كثيرا ما يكونون مدربين كمحامين همهم ربح القضايا وتسجيل النقاط، ونصب الافخاخ للاخصام والمناقشة من اجل التأثير على القضاة. ويلخص قائلا أن صناعة السياسة الخارجية يجب أن تكون عملية مفتوحة خاضعة للمحاسبة من قبل الجمهور يقوم بصنعها سياسيون يأخذون بنصيحة ودعم دبلوماسيين ناضجين. وبالمقابل فان المفاوضات يجب ان يهتم بها سرا وبحذر دبلوماسيون مدربون ناضجون كما ينبغي أن تعزز الاهداف المرسومة من قبل صانعي السياسة. وهذا ما يقودنا الى تبيان مواصفات ومميزات وخصال الدبلوماسي الفاعل الناجح في تنفيذ المهام المولجة به. وتختلف هذه المواصفات بين زمن وزمن. فكان على السفير في القرن السادس عشر مثلا أن يكون لاهوتيا مدربا متمكنا من فلسفة ارسطو وافلاطون ويجب عليه في انذار قصير ان يحل المسائل المبهمة العويصة في صيغة جدلية (ديالكتيكية) صحيحة، ويجب ان يعرف اللغة اللاتينية كتابة ومحادثة، ويجب ان يكون بارعا في اللغات اليونانية والاسبانية والفرنسية والالمانية والتركية، ويجب ان يكون خبيرا ايضا في الرياضيات وفن العمارة والطبيعيات والقانون المدني والكنسي. وفيما اذا كان عالما كلاسيكيا مؤرخا او جغرافيا او خبيرا في العلوم العسكرية، فينبغي عليه ايضا ان يتمتع بذوق ثقافي شعري. وفوق كل هذه المواصفات ينبغي أن يكون من عائلة مميزة غنية وأن يكون موهوبا بحضور جسدي جذاب (مما يعني فشل جميع دبلوماسيي الوقت الحاضر). لقد تغيرت هذه المواصفات مع تغير الازمنة وانحصرت مواصفات الدبلوماسي المعاصر بسبع كما حددها هارولد نيكلسون وهي :
المصداقية - الدقة - الهدوء - المزاج - الصبر - التواضع والاخلاص ومنهم من يذهب بعيدا فيزيد المواصفات التالية : الحذق، الحنكة، الاحتراز، الرقة، المهارة، الحصانة والنباهة. وآخرون يضيفون مواصفات حسن التصرف والسلوك والتعاطي في الحياة الاجتماعية، وإقامة العلاقات والصداقات ومعرفة اللغات واناقة المظهر. واضيف أنا الى تلك الصفات الانفتاح والذكاء والاقدام والجرأة العقلانية والثقافة المتعددة والكرم.
وإن اسوأ انواع الموظفين الدبلوماسيين هم اصحاب المزاج او الحساسية البالغة في التعصب وأحسنهم هم العقلانيون اصحاب الرؤى الانسانية الشفافة. والتواضع خاصة او صفة مركزية، وبناء على ذلك ينبغي على الدبلوماسي ان لا يؤخذ بالاطراء او يتباهى بانتصاراته او نجاحاته الدبلوماسية. وعلى السفير ان يبقى مخلصا لحكومته، لوزارته، لمساعديه، لزملائه السفراء والى درجة معينة للبلد المضيف. أما إخلاصه الاكبر فينبغي الاحتفاظ به لأهداف سياسة خارجية بلاده.
وإذا ما مزجنا هذه المواصفات جميعها في تركيب كيميائي يمكننا ان نستخلص منها مجموعة من الادلة يسترشد بها الدبلوماسي الفاعل وهي التالية:
1- إكتم رغباتك ومكارهك الشخصية، فكر دائما بالمصالح الوطنية كما هي محددة في ارشادات سياسة حكومتك.
2- حقق التعليمات التنفيذية بأمانة غير مبال بتقييمك الشخصي للحكمة من وراء هذه التعليمات. وإذا كانت حقا تختلف مع سياسة حكومتك فما عليك إلا ان تطلب نقلك او ان تستقيل حيث تتمكن بصورة شرعية من اضافة صوتك لمنتقدي سياسة الحكومة.
3- تفهم حاجات ومصالح البلد المضيف دون ان تخسر ادراكك لاهداف سياسة بلادك.
4- عليك ان تتعرف على الرأي العام في البلد المضيف وتقيمه ولكن احذر الوقوع في فخه.
5- لا تضفي على تقاريرك القوالب المسرحية بغية جذب انتباه كبار المسؤولين في بلادك او خارجها او بهدف التعبير عن ملكة الانشاء لديك.
6- لا تنزع الى الشك والريبة اكثر من اللزوم.
7- لا تعمل فقط في اطار الوقت الذي تتولى فيه منصب السفير وكانك دائما ابدا، انما عليك ايضا ان تفكر بخلفائك في هذا المنصب.
8- لا تزدري عادات وتقاليد البلد المضيف ولا تظهر تذمرك الناتج عن التقييد البرتوكولي.
4- الحصانات وإلامتيازات الدبلوماسية :
يتمتع الموظف الدبلوماسي بسلسلة من الامتيازات والحصانات بموجب الاعراف والعادات، وتلك التي ترتكز ايضا على القانون الدولي. وان الهدف الواضح من منح هذه الامتيازات هو الرغبة بتمكين الموظف الدبلوماسي من القيام بأعماله وواجباته بدون أي عائق من سلطات البلد المضيف.
وقد تطورت هذه الامتيازات وتبدل نطاقها الى حد بعيد خلال الخمسة قرون الماضية. أما حاليا فان الامتيازات التالية تعتبر سارية المفعول:
1- الحرمة الشخصية : إن حرمة الموظف الدبلوماسي منيعة لا تنتهك وإن شخصية الموظف الدبلوماسي "المقدسة" كانت منذ القدم مسألة ضرورية، حيث كان الاجنبي في عدد كبير من اجزاء العالم القديم لا يتمتع بحقوق، وفي حالات كثيرة لم يكن ثمة عقاب تفرضه السلطات المحلية على الذين يلحقون به الاذى او قتله. ولكن السفراء ليسوا أجانب عاديين. كانوا دائما يعتبرون ممثلين لبلدانهم. وهكذا فإن أي هجوم على السفير يعتبر هجوما على بلاده وهذا مما يؤدي الى حرب، لذلك وجب إحاطة السفير بامتيازات من اجل منحه حماية خاصة.
وينظر الى هذه الامتيازات في وقتنا الحاضر بمنظار صحيح لائق: فالحرمة الدبلوماسية تعني حاليا القدر الكبير من الحماية التي يتمتع بها الدبلوماسي بموجب التشريع الجنائي اكثر مما يتمتع بها الاجانب العاديون. وهذه الحماية مكفولة بموجب قانون الدولة المضيفة وعليه فإنها مسالة قانون محلي وليس قانونا دوليا. إن القانون الدولي يرغم كل دولة على الاعلان والتأكيد على الحرمة الشخصية للدبلوماسي وبالتالي حمايته. وينبغي التوضيح ايضا بأن هذه الحرمة ليست مطلقة وغير مشروطة: فإذا ما تصرف الدبلوماسي بسلوك غير قانوني فالحاجة تدعو عندئذ الى ردعه من قبل السلطة الامنية حيث أنه لا يستحق مثل هذا الامتياز.
ونرى من جهة أخرى ان هذا الامتياز قد انتهك خلال العشرين سنة الماضية حيث جرت تعديات كثيرة على الدبلوماسيين والقناصل وغيرهم من ممثلي الحكومات على شكل لم يكن معرفا من قبل. لقد تم خطف سفراء، قتل بعضهم أو جرح وأفرج عن البعض الآخر. ولم تقتصر مثل هذه التعديات على بلد واحد بل حدثت في أكثر بلدان العالم. وهذا ما جعل الحكومة الاميركية تصدر تشريعا خاصا ابتدأ العمل به منذ العام 1972 Protection of Diplomats Act. كذلك فإن منظمة الامم المتحدة اخذت قرارا بات نافذا منذ العام 1977 يقضي بمعاقبة الجرائم ضد الاشخاص المحميين دوليا بمن فيهم الموظفون الدبلوماسيون.
The Act For The Prevention And Punishment Of Crimes Against Internationally Protected Persons, Including Diplomatic Agents.
2- حصانة أبنية السفارة والمفوضية : إن الأمكنة التي تشغلها السفارة او المفوضية بما فيها منزل الموظف الدبلوماسي جميعها تشملها الحصانة أو الحرمة الدبلوماسية ولا يجوز انتهاكها كما أنه لا يمكن دخول موظفي الدولة المضيفة اليها بدون موافقة رئيس البعثة الدبلوماسية. وإن خير مثل على هذه القاعدة حادثة السفارة الليبية في لندن في نيسان 1984 هذه الحادثة التي ادت الى مقتل بوليس امني بريطاني (أنثى). وقد قام البوليس البريطاني ومغاوير الخدمة الجوية الخاصة بإقفال السفارة وختمها مما حمل القوات الامنية الليبية على تطويق السفارة البريطانية في طرابلس. ومع أن الحكومة البريطانية شرعت في أخذ الاجراءات لقطع العلاقات مع ليبيا إلا انها استمرت باحترام الحصانة التي تتمتع بها ابنية السفارة بناء على اتفاقية فيينا بعد أن رفضت البعثة الليبية طلب استئذان بريطاني بالدخول. وقد جرى حل التحفظ القائم باتفاق قضى بأن تطرد كل من الحكومتين دبلوماسيي البلد الآخر مما سهل على رجال الامن البريطاني من دخول بناء السفارة فقط بعد خروج اعضاء البعثة والطلاب من أجل التفتيش عن الاسلحة والمعلومات التي تساعد على اكتشاف هوية القاتل.
3- حق الحماية - البنايات : إنه جزء لا يتجزأ من حصانة مباني السفارة او المفوضية كما أنه واجب خاص من الحماية التي تقوم بها الدولة المضيفة. وعندما قام جمهور الماني بمهاجمة السفارة البريطانية في برلين عقب اندلاع الحرب العالمية الأولى، سريعا ما عبرت الحكومة الالمانية رسميا عن اسفها للحكومة البريطانية ودفعت بدل ألاضرار كاملا. لقد تكثرت التعديات على المباني الدبلوماسية حيث شملت مجمعات سبع عشرة سفارة او بعثة ما بين 1971 و 1994 وقد تحطم قسم من هذه المباني في بعض الحالات.
وبالاضافة فقد لحقت هذه التعديات بعدد من المراكز الثقافية والقنصليات حتى ان بعضها قد تهدم. وإن خمس سفارات قد جرى التعدي عليها أو احتلت في شباط 1980 في المكسيك وليبيا وغواتيمالا وكولومبيا. تتوالى الاعتذارات عقب مثل هذه الحوادث ولكن نادرا ما تقوم الدولة المضيفة بمبادرة لدفع تعويضات (فقط ليبيا فعلت ذلك).
ثمة مثلان على هذه الحوادث التي تشمل الاستيلاء او اجتياح المباني الدبلوماسية جرتا في لندن ومونروفيا عاصمة ليبريا. ففي نيسان 1980 قام خمسة من المقاتلين الايرانيين بالاستيلاء على السفارة الايرانية في لندن مطالبين بالافراج عن واحد وتسعين سجينا من الايرانين العرب والحصول على درجة من الحكم الذاتي Autonomy في اقليم خزستان. لم ترفض الحكومة الايرانية هذه المطالب فقط وإنما الحت على الحكومة البريطانية بأن تحرر المبنى والرهائن. وقد تم حصار السفارة لبضعة ايام ثم قام عناصر من فوج الخدمة الجوية الخاص في بريطانيا بمهاجمة المقاتلين الايرانيين في الوقت الذي باشروا فيه اعدام الرهائن. وقد اسفر هذا الهجوم عن مقتل اربعة من المقاتلين المستولين على السفارة وتحرير تسعة عشر رهينة نجوا من الاعدام.
وفي 14 حزيران 1980 قامت قوات ليبيرية باجتياح السفارة الفرنسية في مونروفيا واوقفوا ادولفوس طولبرت، نجل رئيس الجمهورية الليبيرية الراحل وليم طولبرت الابن، الذي اغتيـل فـي اثنـاء الانقلاب العسكري الذي اطاح بحكومته في 12 نيسان 1980. لقد احتجت فرنسا
بشدة على اجتياح سفارتها لكن وزارة الدفاع الليبيرية شجبت حق اللجوء الذي منحته فرنسا الى طولبرت الابن واصفة اياه "بالوضع الخطير". لكن الحكومة الفرنسية اوردت "اسبابا انسانية جلية" لمنح حق اللجوء الى طولبرت.
4- امتداد الاقليم Extraterritoriality : إنه من الامتيازات التي تمنح للاشخاص الدبلوماسيين. ويشمل هذا المفهوم عددا من الحصانات التي يتمتع بها الدبلوماسي بموجب القانون الدولي. إن هذه النظرية تعني حرفيا بأن الشخص أو الشيء الذي نحن بصدده ينبغي النظر اليه وكأنه ليس موجودا في إقليم أو تحت قضاء معين. ومع أن هذا الافتراض بات قصة خرافية لكنه ما زال موضع مراقبة يومية في سلوك الدول.
إن عددا من الاشخاص يخلطون ما بين مصطلحي الحرمة وامتداد الاقليم. وهما غير متطابقين مع ان كلاهما يخدم نفس الهدف، ولكن نظرية امتداد الاقليم هي تطور اكثر حداثة من الحرمة. فنظرية امتداد الاقليم لم تكن معروفة قديما وانما ظهرت فقط في عصر غروتيوس Grotius إن هذه الرواية التي تدعو الى وضع الدبلوماسي خارج قضاء الدولة المضيفة قد تخطاها الزمن منذ عقود مع ان المعلقين الانغلو-سكسونيين دافعوا عنها بشجاعة بناء على قانون الدول Law of nations .
وقد باتت جميع الحكومات في الوقت الحاضر لا تعتبر وجود الشخص الدبلوماسي في بلد ما خارج نطاق او امتداد هذا الاقليم، بل انه خاضع للقانون المحلي للدولة المضيفة لكنه يتمتع بحصانة نابعة من ذلك القانون طالما ان وضعه الوظيفي الذي يحظى بالامتيازات الدبلوماسية ما زال قائما وهو يمارس وظيفته. وهذا الاعفاء من تطبيق القانون المحلي يشمل عددا من المجالات. فالشخص الدبلوماسي معفى واقعيا من خضوعه لقضاء الدولة المضيفة. ولا يمكن اتخاذ أ اجراء قضائي مدني أو جنائي ضده ما عدا في الحالات التي تقع تحت موضوع "القيود على الموظفين الدبلوماسيين Restraints on Diplomatic Agents" .
وعلاوة على ذلك فإن الدبلوماسي لا يطلب منه الظهور كشاهد في المحكمة.
ملاحظة : لا يسمح للدبلوماسيين انفسهم بالتنازل عن الحصانة. إن التنازل منوط فقط بحكومات الدول المرسلة فيما يتعلق برؤساء البعثات، ولكن من الممكن التنازل عن حصانة الاعضاء المعاونين في بعض الحالات على ان يتم ذلك بواسطة رؤسائهم المفوضين او المجازين.
5- الاعفاء من الضرائب والخدمة الشخصية : إن رئيس البعثة معفى من التزامات مالية تدفع للدولة المضيفة. وهو معفى ايضا من الضرائب والرسوم الشخصية والعينية وطنية كانت أو اقليمية أو بلدية، ومن الرسوم والضرائب المتعلقة بالابنية التابعة للبعثة. وان جميع الموظفين الدبلوماسيين معفيون من الضرائب والرسوم الشخصية والعينية في الدولة المضيفة باستثناء ما يلي :
أ- الضرائب غير المباشرة التي تدخل امثالها عادة في ثمن الاموال أو الخدمات.
ب - الرسوم والضرائب المفروضة على الاموال العقارية الخاصة الكائنة في اقليم الدولة المعتمد لديها، ما لم تكن في حيازته بالنيابة عن الدولة المعتمدة لاستخدامها في اغراض البعثة.
ج- الضرائب التي تفرضها الدولة المعتمد لديها على التركات مع عدم الاخلال باحكام الفقرة 4 من المادة 39 (المتعلقة بأموال المتوفى من افراد البعثة القنصلية).
د- الرسوم والضرائب المفروضة على الدخل الخاص الناشىء في الدولة المعتمد لديها والضرائب المفروضة على رؤوس الاموال المستثمرة في المشروعات التجارية القائمة في تلك الدولة.
هـ - المصاريف المفروضة مقابل خدمات معينة.
و- رسوم التسجيل والتوثيق والرهن العقاري والدمغة والرسوم القضائية بالنسبة الى الاموال العقارية وذلك مع عدم الاخلال باحكام المادة 23 (تتعلق بالاعفاءات بالنسبة الى مرافق البعثة المملوكة او المستأجرة).
كذلك يعفى المبعوث الدبلوماسي بالنسبة الى الخدمات المقدمة الى الدولة المعتمدة من احكام الضمان الاجتماعي التي قد تكون نافذة من الدولة المعتمد لديها، وذلك مع عدم الاخلال باحكام الفقرة 3 من المادة 33 المتعلقة بالاشخاص الذين لا يسري عليهم الاعفاء الذي يسري على الخدم الخاصين العاملين في خدمة المبعوث الدبلوماسي وحده.
5- الامتيازات والحصانات القنصلية:
1- حرمة الابنية القنصلية : ان حرمة الابنية القنصلية لا تنتهك ولا يمكن لموظفي الدولة المضيفة من دخولها الا بموافقة رئيس المركز القنصلي. ومن واجب الدولة المضيفة حماية الابنية القنصلية التي هي محصنة ضد أي تفتيش او مصادرة او حجز او تنفيذ أي اجراء . وهذه الابنية معفاة ايضا بموجب القانون الدولي من الضرائب. إن بعض المعاهدات القنصلية وقانون البلديات في بعض الدول يعتبران ايضا ان منزل القنصل لا تنتهك حرمته ولكن هذه الفكرة المبتدعة لم تلق قبولا واسعا ، كذلك فان الحصانة تشتمل محفوظات القنصلية ووثائقها .
2- حرمة وسائل الاتصالات : ان على الدولة المضيفة ان تسمح بحرية الاتصالات القنصلية المتعلقة بالاعمال الرسمية ويمكن للقنصلية ان تستخدم سعاة دبلوماسيين او قنصليين وان تستعمل الحقيبة الدبلوماسية او القنصلية كما لها حق إرسال وتسلم الرسائل بالرموز والشيفرة ويمكن لها ان تركب جهاز ارسال لاسلكي بموافقة الدول المضيفة وان المراسلات القنصلية الرسمية لها حرمتها ولا تخضع للتفتيش والمراقبة .
3- حرية الاتصال : ان المواطنين من الدولة المرسلة لهم حرية الاتصال بقنصلية بلدهم ، وتباعا فان الموظفين القنصليين لهم حرية الاتصال بمواطنين بلدهم المقيمين في الدولة المضيفة. وعلى السلطات المختصة في الدولة المضيفة ان تبلغ قنصلية الدول المضيفة وعلى السلطات المختصة في الدولة المضيفة ان تبلغ قنصلية الدولة المرسلة دون أي ابطاء ، فيما اذا كان احد مواطني الدولة المرسلة محكوما عليه بالسجن او انه موقوف بانتظار محاكمة او جرى توقيفه من جراء عمل ما . وبالتساوي فان أي اتصال من هؤلاء المواطنين يجب ايداعه القنصلية المختصة من دون أي تاخير وان للموظف القنصلي الحق بزيارة السجين او الموقوف من اجل الحصول على معلومات عن قضيته او لترتيب وكيل للدفاع عنه .
4- اعفاءات الرسوم والتكاليف : تعفى المبالغ المستوفاة من كل الرسوم والتكاليف التي تجمعها القنصليات بدل ما تقوم به من اعمال من جمع الرسوم والضرائب في الدولة المضيفة كونها تعتبر ملك الدولة الموفدة .
5- حق الحماية : على الدولة المضيفة ان تمنح حماية خاصة للموظفين القنصليين كما هو الحال مع الموظفين الدبلوماسيين بسبب وضعهم الرسمي وان تتعاطى معهم بكل احترام وعليها ان تاخذ جميع الاجراءات المناسبة لتمنع التعدي على شخصهم او حريتهم او كرامتهم ويطبق هذا الواجب لدى دخول الموظف القنصلي القضاء الاقليمي للدولة المضيفة .
6- الحرية الشخصية والحصانة ضد القضاء المحلي : لا يمكن اخضاع الموظفين القنصليين للاعتقال او الاحتجاز الاحتياطي بانتظار المحاكمة الا في حال الجرم الخطيروبناء على قرار من السلطات القضائية المختصة واذا ما جهزت الدعوى القضائية ضد الموظف القنصلي ينبغي عليه الظهور امام السلطات المختصة وان تجري محاكمته باسرع وقت ممكن .
وان الهدف من هذه المادة 41 من الاتفاقية القنصلية عام 1963 يكمن في وضع تسوية لمسالة الحصانة الشخصية للموظفين القنصليين .
لكن هذه القضية كانت موضع خلاف من الناحيتين النظرية والتطبيقية حيث ان عددا من الدول رفضت الاعتراف بالحرمة الشخصية للموظفين القنصليين وبالتاكيد ليست الاعمال التي لا تشكل جزءا من الواجبات الرسمية لهؤلاء الموظفين .
وتتضمن المعاهدات القنصلية مواد تستثني الموظفين القنصليين مواطني الدولة المضيفة والموظفين القنصليين المهتمين بالنشاطات التجارية من الحرمة الشخصية وانها تحدد رتب وفئات الموظفين القنصليين الذين يتمتعون بالحرمة : بعضها تقتصرها على رؤساء المراكز وبعضها تمنحها لجميع الموظفين القنصليين وفي مجمل الاحوال فأن أعضاء القنصلية يتمتعمون بالحصانة ولا يخضعون للسلطات الادارية والجنائية في الدولة المضيفة بالنسبة لأي عمل يقومون به في أثناء ممارستهم للأعمال القنصلية .
ملاحظة : لا يجوز التنازل عن هذه الحصانات والامتيازات إلا من قبل الدولة الموفدة ، ويجب أن يكون التنازل صريحا وخطيا الى الدولة المضيفة . واذا اقام موظف أو مستخدم دعوى في موضوع يخوله حق التمتع بالحصانة وفقا لنص المادة 43 من الاتفاقية القنصلية لعام 1963 ، حرم حق الدفع بالحصانة القضائية تجاه أي ادعاء معاكس مرتبط مباشرة بالادعاء الرئيسي .
وان التنازل عن الحصانة القضائية في الدعاوى المدنية والادارية لا يتضمن حكما التنازل عن الحصانة بالنسبة الى اجراءات تنفيذ الحكم التي تستوجب تنازلا خاصا .
7- اعفاءات خاصة : ان أعضاء القنصلية وعائلاتهم والمستخدمين الخاصين معفيون من جميع الموجبات التي تنص عليها قوانين وأنظمة الدولة المضيفة فيما يتعلق بتسجيل الاجانب وأذون الاقامة وأذون العمل المادة 46 .
8 - اعفاء من الضرائب والخدمات الشخصية : يعفى اعضاء القنصليات وأعضاء أسرهم من جميع الرسوم والضرائب الشخصية أو العينية وطنية كانت أم اقليمية أم بلدية المادة 49 باستثناء ما يلي :
1- الضرائب غير المباشرة التي تدخل في ثمن السلع والخدمات .
2- الرسوم والضرائب على الممتلكات العقارية الخاصة الكائنة في اراضي الدولة المضيفة مع مراعاة أحكام المادة 32 .
3- الرسوم التي تفرضها الدولة على التركات والارث والانتقال مع مراعاة أحكام الفقرة ب من المادة 51 ( تمت الى أحد موظفي القنصلية )
4- الرسوم والضرائب على المداخيل الخاصة التي تنشأ في الدولة المضيفة ، بما فيها أرباح رأس المال ، وكذلك الضرائب على رأس المال المفروضة على استثمارات الشركات التجارية والمالية في الدولة المضيفة .
5- المصاريف المفروضة مقابل خدمات خاصة أديت .
6-رسوم التسجيل والمحاكم والرهن والطوابع مع مراعاة أحكام المادة 32 ( تتعلق بدور البعثة ) .
يستثنى من هذه الشروط أعضاء القنصلية وأعضاء أسرهم الذين يقومون بأعمال خاصة تدر أرباحا ، وأعضاء القنصلية واعضاء اسرهم الذين هم مواطنون من الدولة المضيفة، موظفو العمل القنصلي الفخري والموظفون الاداريون في القنصلية .
ان أعضاء القنصلية وأعضاء اسرهم باستثناء الموظفين المحليين معفيون من الخدمات الشخصية والالتزامات العسكرية كعمليات الاستيلاء والمساهمات العسكرية والايواء العسكري (المادة 52) كما تشمل هذه الاعفاءات أيضا بموجب القانون الدولي الخدمة العسكرية ، الخدمة في المليشيات، عمل عضو هيئة محلفين أو عمل قاض أو القيام بأي مجهود شخصي تفرضه السلطة المحلية في حال حصول كارثة عامة .




#وعد_العسكري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طريقة المناقشة إحدى طرائق التدريس
- معنى العنف سايكولوجياً وسوسيولوجياً
- المجتمع المدني في الفكر الاسلامي
- المنهج التاريخي في النقد (المفهوم ، النشأة ، الأسس ، الأعلام ...
- الرقص مع الشيطان
- المنهج الانطباعي النشأة التاريخية للانطباعية( مفاهيمها وأسسه ...
- فوائد الأعشاب في علاج الأكزما وحب الشباب
- الغربة والحنين عند السياب
- التدريس الفعال .. الدواعي والتعريف والعلاقة والأدوار
- حقوق المرأة في الإسلام
- الأهداف السلوكية والعملية التربوية
- الشيزوفرينيا العراقية
- الهشيم
- الأميرة والفقير - المشهد الثاني
- الإنسانية في شعر نازك الملائكة
- إلى مولاتي الجميلة
- كلانا نعاني كلانا نبحث عن حب
- الأميرة والفقير المشهد الأول


المزيد.....




- قُتل في طريقه للمنزل.. الشرطة الأمريكية تبحث عن مشتبه به في ...
- جدل بعد حديث أكاديمي إماراتي عن -انهيار بالخدمات- بسبب -منخف ...
- غالانت: نصف قادة حزب الله الميدانيين تمت تصفيتهم والفترة الق ...
- الدفاع الروسية في حصاد اليوم: تدمير قاذفة HIMARS وتحييد أكثر ...
- الكونغرس يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا بقيمة 95 مليار ...
- روغوف: كييف قد تستخدم قوات العمليات الخاصة للاستيلاء على محط ...
- لوكاشينكو ينتقد كل رؤساء أوكرانيا التي باتت ساحة يتم فيها تح ...
- ممثل حماس يلتقى السفير الروسي في لبنان: الاحتلال لم يحقق أيا ...
- هجوم حاد من وزير دفاع إسرائيلي سابق ضد مصر
- لماذا غاب المغرب وموريتانيا عن القمة المغاربية الثلاثية في ت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وعد العسكري - الدبلوماسية .. البعثات الخارجية (أهدافها و مسؤولياتها)