أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة - المهدي مالك - كتاب - تاملاتي الفكرية كانسان معاق















المزيد.....



كتاب - تاملاتي الفكرية كانسان معاق


المهدي مالك

الحوار المتمدن-العدد: 2037 - 2007 / 9 / 13 - 11:09
المحور: حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة
    


الفهرس

اهم مراحل مساري الشخصي كمعاق
تقديم الكتاب
مشروعي الفكري
الذكرى الخامسة لخطاب اجدير بين الدروس و العبر
المسالة الامازيغية و الاصلاحات الدستورية: اية افاق
الحركة الوطنية و البعد الديني لدى الامازيغيين: نظرية نقدية
بيان المهدي مالك حول رد الاعتبار لبعدنا الديني
العلمانية الاسلامية
الفيدرالية خيار لا بد منه في مغرب الانتقال الديمقراطي
الاعلام الامازيغي
تكريم رموز الهوية الامازيغية
الذكرى الثانية لوفاة فقيد القضية الامازيغية الاستاذ علي صدقي ازايكو
تكريم الاستاذ محمد مستاوي
فيلم تامغارت ؤورغ وثيقة تتعارض مع اكذوبة الظهير البربري
الحاج بلعيد رمز اصالتنا الامازيغية
مدرسة احمد اوطالب المزوضي النضالية
فاطمة تاباعمرانت سيدة الغناء الامازيغي بامتياز
الكلمة الختامية


التعريف باهم مراحل مساري الشخصي كمعاق

مقدمة
يخلد المعاق المغربي اليوم 3 دجنبر يومه العالمي بكل فخر و اعتزاز , هذه المناسبة جعلتني افكر في التطرق الى اهم مراحل مساري الشخصي كمعاق و هدفي من هذا الموضوع هو جعل قارئ هذا الكتاب يكتشف المعانات الحقيقية التي يعيشها المعاق المغربي من خلال تجربتي المتواضعة بحيث انني
عرفت مجموعة من المصطلحات السائدة في مجتمعنا الغير الواعي لكن المعاق انسان له عقل و كرامة , يستطيع بدوره ان يساهم في بناء بلده على اسس الديمقراطية و التعدد الثقافي و اللغوي.
و قبل الدخول في صلب هذا الموضوع التعريفي لا بد من الاشارة بانني لا امشي على الاقدام و لا اتكلم و لا آكل لوحدي بل احتاج دائما الى المساعدة.
و ابدا من البداية فولدت في يوم 28 مارس 1983 في مدينة الدار البيضاء و كانت امي الحبيبة قد تزوجت مبكرا من ابي الحبيب و كانت في فترة الحمل تذهب معه الى طبيبة ذات اصول يهودية و اقول ربما فعلت الكثير من الاخطاء القاتلة عن قصد او بدون قصد و شخصيا لست اعادي اليهود لانهم اخواننا في هذا الوطن المتميز بتعدده الثقافي و الديني.
و باختصار شديد امي و ابي تعدبوا كثيرا بحيث كنت ابكي طوال الوقت و كنت لا اجلس و لا ارضع من ثدي امي و كنت دائما مريضا و دائما عند الطبيب كوسطا) المتوفي . ابي كانسان واعي حاول دائما ان يجد حلولا قصد جعلي امشي و اتكلم كايها الناس و ادرك منذ البداية انني انسان بامكانه ان يتعلم القراءة و الكتابة
عكس التخلف بانواعه المختلفة و خصوصا القروي منه و الذي ساتطرق اليه لاحقا في هذا الموضوع الطويل.
و ادا كانت الام هي رمز الحنان و العطف فامي هي رمز التضحية و الرعاية منذ الولادة الى يومنا هذا حيث حملتني على ظهرها منذ الولادة الى حين اصبحت ثقيلا عليها تعطيني الاكل و الشراب منذ ان فتحت عيناي على هذه الدنيا الى اليوم . علمتني "اوال امازيغ" بكل ابعاده اللغوية و التربوية و النضالية فالمرأة الامازيغية ستبقى رمزا للهوية الامازيغية و ستبقى تسمى بتامغارت ؤورغ التي تعلمنا دائما قيم الشرف و العفاف و الدفاع عن مقدساتنا الحقيقية و مهما قلت حول امي الغالية فلن استطيع ان اشكرها على مجهودها الذي جعلني في هذا المستوى و كذلك ابي الذي رباني على القراءة و الصراحة و على احترام تقاليدنا
الخصوصية كمجتمع مسلم و لم يحبسني
في البيت بل فتح علي افاق العلم و الفكر و مهما قلت حول ابي الغالي فلن استطيع ان اشكره على اصراره الدائم على
جعلي شيئا ذا قيمة في هذه الحياة .
و في مرحلة طفولتي كنت لا اذهب الى المرحاض لوحدي بل بمساعدة امي او احد افراد الاسرة و كنت لا افهم الا لغتي الام فتعلمت العربية و الفرنسية عن طريق التلفزة و خصوصا برامج الاطفال اذ كنت العب مع اختي مريم او مع اخي ياسين الحبيبان و للاشارة فقط فاننا انتقلنا للعيش في مديننة اكادير في صيف سنة 1992 و كان يصادف هذا الانتقال عيد الاضحى المبارك .
في سنة 1994 بدات الترويض الطبي في مستشفى الحسن الثاني و كانت امي تتابع معي حصص الترويض في البيت و للاشارة فقط فانني كنت افعل الترويض قبل هذا التاريخ في مدينة الدار البيضاء.
و كما بدات تقويم النطق مع السيد بعودا الوحيد في مدينة اكادير و كان عمي حماد الموقر ياخذني اليهما و اشكره على ذلك . في سنة 1995 كان ياتي شخص يدعى مصطفى من المستشفى الى البيت قصد الترويض.
و في سنة 1996 اسست اول مؤسسة خاصة بالاطفال المعاقين من طرف سيدة فرنسية تدعى السيدة بصي و لها فضل كبير على المعاقين بالمدينة عموما و علي خصوصا و في هذه المناسبة اشكرها جزيل الشكر على عملها الدائم معي.
و كانت هذه السيدة العظيمة تعمل سابقا في مستشفى الحسن الثاني بطب الاطفال . تلك المؤسسة كانت تسمى بالوردة الرملية و كنت اول طفل في تاريخها . ما زلت اتذكر اول يوم دخلت فيه اليها. كنت سعيدا و كان يوم الجمعة 5 رمضان الموافق ل 24 يناير 1996.
و استطيع القول بان هذه المرحلة شكلت بالنسبة لي بداية لتعلم القراءة و هذا الفضل يرجع الى معلمتي الاولى امينة كدالي التي علمتني المبادئ الاولى للقراءة باللغة العربية و اشكرها على ذلك و كما اشكر الاستاذ اكساب الذي يعد اول استاذ لي في اللغة العربية و للاشارة بانني لا اتكلم و بالتالي فطريقة تعليمي هي طريقة خاصة.
و على صعيد الترويض الطبي حققت تقدما نوعيا في فترة ما بحيث كنت امشي 15 مترا لكني اعترف باني فقدت الامل لاسباب كثيرة و منها ما هو ذاتي
.
و اكتشفت في هذه المرحلة مجموعة من المشاكل مع بعض المربيات و اعترف
بانني كنت طفلا يتعصب كثيرا و هذا يعد شيئا عاديا بالنسبة لاي طفل معاق او عادي لكن بعض المربيات فعلن اشياءا معي لا تتناسب مع هذا الميدان التربوي
الهادف الى ترسيخ الاخلاق الحميدة . الانسان احيانا يخطئ و لكن الانسان الذي لم يعترف باخطاءه جبان و انني كانسان فعلت الكثير من الاخطاء في حياتي القصيرة و الذي لا يفعل الاخطاء هو خالق الكون و انبياءه الكرام فقط .
و نعود الى موضوعنا. في صيف سنة 1999 سافرت مع صديقي و معلمي السيد الصمدي الى العاصمة الفرنسية باريس قصد التكوين باحد المراكز الخاصة بالمعاقين . فالسيد الصمدي هو الذي علمني التاريخ الرسمي و تعلمون ماذا اقصد و كما علمني التربية الاسلامية و اشكره على ذلك.
و كما نعلم فالدولة الفرنسية اعطت اهتماما كبيرا لهذه الفئة من مجتمعها الواعي بضرورة ادماج هذه الفئة في المجتمع و في مسارات التنمية البشرية .المعاق هناك يتمتع بكامل حقوقه المتعددة و من بينها الولوجيات التي تعد اساسية في بناء اية ادارة او مستشفى او مكان عام .
و خلاصة القول انني استفدت من هذا السفر المفيد و الرائع في نفس الوقت اذ رجعنا الى الوطن الحبيب مع مشروع عمل خاص بي فحدث امر لم اكن اتوقعه بحيث قررت السيدة بصي اغلاق مؤسسة الوردة الرملية لاسباب مادية بالاساس بحيث ان هذه الاخيرة كانت تعتمد على مداخيل الاباء او بعض المساعدات لا غير. قررت اذن جمعية اباء و اصدقاء الاطفال المعاقين ذهنيا بسوس التي اسست في سنة 1995 من طرف اباء المعاقين و من بينهم ابي الحبيب
ان تتحمل هذه المسؤولية الكبيرة فاسست مركز وردة الجنوب بحي الخيام2 .
و رجوعا الى مساري الذي عرف مرحلة حساسة في موسم الخيام الذي اعتبره منعطفا خاصا و خطيرا من مراهقتي القاسية الى مرحلة شبابي الواعي في عدة قضايا كقضية المعاق و القضية الامازيغية . استطيع القول بانني كنت اعاني
في ذلك الموسم من عدة مشاكل كبيرة مثل صغر مقر المركز الذي هو عبارة عن دار صغيرة للغاية و هذا المشكل ليس خاصا بي بل هو عام يمس جميع الاطفال و المربيات اضافة الى الصمدي الذي كان مدير المركز٬ يقول لي׃" اصبر يا المهدي" . كذلك معلمتي زهرة التي تستحق كل التكريم و الاحترام على عملها الجبار معي و لا اعني هنا بان الجمعية لم تنجح في ذلك الموسم ولكن نظرا لظروفها المادية لم تجد حلا الا هذه البداية الصعبة بالنسبة للكل.
و كما كنت اعاني في ذلك الموسم من مشكل كبير الا و هو التخلف القروي الذي جعلني اموت في اليوم مائة مرة ، جعلني اسبح في بحور الاهانات و التحطيم بكل معانيه الرمزية و العملية اذ كان يعتبرني انسانا لا يستحق الاهتمام او الذهاب الى المدرسة لانني
مجرد معاق و المعاق في قاموسه الفارغ اصلا لن يستطيع ان يكون شيئا في مستقبله او ان يساهم في بناء بلده و كنت اشعر احيانا كانني في بلد غريب حتى انني في يوم من الايام قررت الانتحار من فوق السطح و كنت يومها في اقصى درجات اليأس و لم افكر في ابواي العزيزان اللذان كانا في الديار المقدسة انذاك قصد اداء فريضة الحج العظيمة و لم افكر في اختي مريم و اخي ياسين بل كنت اعاني لكن بصمت رهيب و صعدت الى السطح و انا ابكي و اقول في نفسي لماذا كل هذا وثم صعد ياسين الذي كان لازال صغيرا فقال لي׃" ما بك يا المهدي ".فقلت له انني اريد الانتحار، فذهب مسرعا .و بينما كنت اقترب من الموت تدخل خالي محمد سريعا و اشكره على هذا العمل الذي لن انساه طوال حياتي .
و في تلك الايام كنت كأنني في كوكب آخر يحكمه التخلف القروي و كان هذا الاخير يستعمل كل الاساليب لتحطيمي امام اسرتي و جعلني افقد الامال في مستقبلي . كان يعمل على استغلال كل الفرص كوقت الغذاء مثلا للكلام الهادف للتحطيم و كسر كرامتي فكنت ادخل الى غرفتي في الليل و اقول في نفسي ׃"ماذا بعد هذا". لم اكن اتخيل انني ساصل يوما من الايام الى هذا المستوى المتواضع من الفكر و هذا التخلف لم يقف عند هذا الحد بل جعلني ابكي دموعا احر من الجمر و خصوصا في وقت الافراح .
و خلاصة القول ان هذا التخلف جعلني اعاني و احلم بالكوابيس في الليل و اما في النهار فاتعصب في مركز الخيام حيث كنت افتعل المشاكل. الا أن معلمتي زهرة و صديقي الصمدي كانا بجانبي و كذلك السيدة بصي التي ساعدتني كثيرا على تجاوز هذه المرحلة الحساسة . في البيت كنت ابكي في قلبي و دائما اتساءل لماذا كل هذا ٬ كان ابي يحاول مساعدتي على تجاوز مشاكلي و السير نحو الامام و كذلك امي و اختي مريم و خالتي بشرى التي كانت تعيش معنا انذاك.
و هكذا كانت مرحلة مراهقتي الحساسة التي علمتني النضال من اجل اتباث الذات بكل ابعادها المختلفة اضافة الى محاربة التخلف القروي بالتي هي احسن.
و الان ندخل الى مرحلة شبابي الواعي و كان ابي الحبيب يشجعني على قراءة الكتب بمختلف المواضيع كالتاريخ و الاسلام و القضية الامازيغية فكنت اذهب الى المركز في حي الداخلة و بهذه المناسبة اشكر كل المربيات اللواتي عملن معي و اخص بالذكر زهرة ماهي و كبيرة ديرفي و نعيمة امكراح و خديجة الشوم التي عملت معي في الترويض الطبي و كما اشكر ادارات المركز السابقة و الادارة الحالية السيد لحسين لوهو و اشكر اعضاء جمعيتنا الموقرة و خصوصا صديقي الاستاذ ازداك الذي يشجعني دائما.
و هناك مرحلة هامة و هي مرحلة الكتابة على الحاسوب و التي تعتبر انتقالا من مرحلة مراهقتي السالفة الذكر الى مرحلة شبابي الواعي بعدة قضايا كقضية المعاق و حقوقه المتعددة و في هذا الاطار بدات مع السيدة بصي كتابة سيرتي الذاتية باللغة الفرنسية و بدات كتابة هذه السيرة على الحاسوب باللغة العربية و كانت تجربة متواضعة و هذا المشروع لم يكتب له النجاح لاسباب داتية تتعلق اساسا باسلوبي في كتابة سيرتي الذاتية.
و بعد ذلك بدات كتابة بعض المقالات في مواضيع متعددة كالتطرف الديني و القضية الامازيغية بطبيعة الحال و في يوم من الايام دخلت الى موقع الحوار المتمدن المعروف على شبكة الانترنيت فرأيت مواضيع مختلفة تهم عالمنا الاسلامي او العربي كما يسمى و قررت نشر مقالي الاول فيه بعنوان" الذكرى الرابعة لانشاء المعهد الملكي للثقافة الامازيغية٬ قراءة في مسار الحركة الثقافية الامازيغية ".و ذلك في يوم 31 اكتوبر 2005 و شكل هذا الحدث بالنسبة لي بداية مساري في النشر على المستوى الدولي لان موقع الحوار المتمدن يبث في كل دول العالم باستثناء بعض الدول الاسلامية كايران و السعودية الشقيقتان .
و كما بدات نشر مقالاتي في بعض جرائدنا الوطنية المهتمة بالمسألة الامازيغية مثل" تاويزا" و" تاسفوت" و في هذه المناسبة اشكر كل من الاستاذ محمد بودهان مدير جريدة تاويزا و الاستاذ حسن ايد بلقاسم مدير المسؤول بجريدة تاسفوت و كما اشكر صديقي الاستاذ محمد حنداين رئيس الكونفدرالية الجمعيات الامازيغية بالجنوب
على تشجيعاته عبر البريد الالكتروني ٬ كذلك الاستاذ احمد عصيد العضو في المجلس الاداري للمعهد الملكي الذي شجعني في بداية مساري في النشر.



الخاتمة
و في ختام هذا الموضوع التعريفي باهم مراحل مساري الشخصي اتمنى ان ينجح هذا العمل الفكري في ايصال رسالة مفادها ان المعاق يستطيع ان يكون شيئا ذا قيمة في مجتمعاتنا الاسلامية التي تسعى دائما الى اسباب التقدم و التنمية البشرية و الى تحطيم اصنام التخلف المتعددة .



تقديم الكتاب
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على امام المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم
و بعد فهذا الكتاب هو عبارة عن اضافة ارجوا ان تكون نوعية في مشهدنا الفكري الوطني عموما و مشهدنا الفكري الامازيغي خصوصا لانه يحمل مشروع جديد للحركة الثقافية الامازيغية التي تعد من الحركات الاحتجاجية الهادفة الى جعل المغرب يتطور و يدرك انه متعدد الروافد الثقافية و اللغوية و حتى الدينية و من ينكر هذه الحقيقة فهو مازال يعيش في العصر الحجري و من ينكر احد المكونات الشخصية المغربية سواء تعلق الامر بالمكون الامازيغي او المكون العربي و ليس العروبي فهو غير واقعي و غير موضوعي. لماذا ?لان المغرب دولة اسلامية و الاسلام يدين به كل المغاربة طبعا مع احترامي للاقلية اليهودية. لكن المغرب منذ الاستقلال حاول نسيان و تجاهل هويته الاصلية منذ الازل و هذه الهوية جميلة من حيث تقاليدها و فنونها المتعددة و هذه الاخيرة تدل على ان الهوية الامازيغية ليست ضد الدين الاسلامي كقيم و مبادئ بل اكثر من ذلك .انها تتوفر على بعد ديني ضخم لكنه غير معروف لاسباب كثيرة تتعلق
اساسا بالحركة الوطنية التي عملت على قمع كل ابعاد الامازيغية الثقافية و الدينية و الفدرالية .
و من هذا المنطلق ظهرت اول جمعية امازيغية في يوم 10 نونبر 1967 بمدينة الرباط و هي طبعا الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي و هي الاساس للنضال الذي بدأ يطالب برد الاعتبار للثقافة الامازيغية في عقد السبعينات و هذا العقد عرف صدور مجموعة من الكتب المهتمة بالادب الامازيغي و كما ظهرت في ذلك العقد مجموعات غنائية امازيغية ذات الطابع الهوياتي كاسمان و ازنزارن و في سنة 1980 انعقدت الدورة الاولى لجمعية الجامعة الصيفية
التي اسست سنة 1978 في مدينة اكادير .ثم في سنة 1991 تم التوقيع على ميثاق اكادير من طرف ست جمعيات امازيغية و يعد هذا الميثاق اول وثيقة تحمل مطالب الحركة الامازيغية .
و هكذا فان السيرورة الكرية للحركة الامازيغية اعتمدت على مفاهيم حديثة كالديمقراطية و الحداثة و اخيرا العلمانية الاصلية في مجتمعنا المغربي الناطق باللغة الامازيغية .و هذه العلمانية هي مرجعية تهدف بالاساس الى الحفاظ على الهوية الامازيغية و محاربة الاستغلال عن طريق الدين.
الحركة الامازيغية لا تعادي الاسلام كدين و كقيم لانها جاءت من رحم المجتمع الامازيغي المتميز بتدينه و بطابعه المحافظ .
ان هذا الكتاب هو عبارة عن مشروع فكري جديد لانه يحمل مجموعة من المطالب كدسترة الامازيغية بكل ابعادها الثقافية و الدينية و
الفدرالية و اعادة الاعتبار للبعد الديني الضخم لدى الامازيغ الذين فتحوا الاندلس مرات عديدة و من اهمها كانت على يد طارق بن زياد من اجل نشر الرسالة المحمدية و تانيها كانت على يد يوسف بن تاشفين من اجل انقاد الاندلس من متاهات الفساد و الليالي الحمراء. و الغريب في الامر ان
بني امية رحلوا منذ قرون من بلادنا لكن ايديولوجيتهم العروبية مازالت تعيش في عقول بعض احزابنا السياسية و التي لازالت ترفض فكرة دسترة الامازيغية كلغة رسمية. اتساءل هل هذه الاحزاب سمعت جيدا خطاب اجدير التاريخي الذي اعطى اشارات قوية بان الامازيغية اصبحت مسؤولية وطنية تهم كل المغاربة بدون استثناء.
ان هذا العمل الفكري المتواضع سيساهم في رفع سقف مطالبنا الدستورية فالقضية الامازيغية ليست لغة فقط او فنونا او تاريخا بل هي ابعاد ثلاث حسب اجتهادي الشخصي و هذه الابعاد هي البعد الثقافي اي كل ما يتعلق باللغة و التاريخ و العادات و الفنون و غيرها و هنا لا بد من الاشارة الى ضرورة رد الاعتبار لمناسباتنا الخصوصية مثل السنة الامازيغية و غيرها .
و البعد الديني الذي يشمل كل ما يتعلق بما هو ديني عند الامازيغيين.
و البعد الفدرالي الذي يشمل تنمية المناطق الناطقة بالامازيغية و اعادة احياء الاعراف الامازيغية و هكذا فان الامازيغية ليست مجرد لغة او فنونا بل لها ابعاد اخرى .
و هكذا فان السيرورة الفكرية لحركتنا الامازيغية ستتطور و ستعكس فعلا بان المفكر الامازيغي بامكانه ان يجتهد مثل ما فعل اجدادنا العلماء و
المفكرين امثال ابن خلدون و غيره .و انني لا ادعي اني وصلت الى الكمال و الكمال لله وحده او اني وصلت الى ان اكون استاذا او كاتبا بل وصلت الى ان اكون مفكرا متواضعا و اقول كلمة اخيرة لاخواني المعاقين׃" لا تقولوا اننا لا نستطيع الوصول الى تحقيق اهدافنا المستقبلية بعون الله..

و السلام عليكم



و حرر بتاريخ 1 /1 2007










مشروعي الفكري


الذكرى الخامسة لخطاب اجدير بين العبر و الدروس
ان التاريخ المعاصر لبلادنا يتذكر مجموعة من الاحداث ذات معاني عميقة و متميزة كحدث المسيرة الخضراء و غيرها .
ها نحن نحتفل اليوم بالذكرى الخامسة لحدث تاريخي بكل المقاييس الحضارية و التاريخية و حتى الجغرافية و هذا الحدث هو خطاب اجدير الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس نصره الله بتاريخ 17 اكتوبر 2001 في قرية اجدير و هذا الخطاب التاريخي لم ياتي بين يوم و ليلة بل جاء بعد عقدين من النضال و النقاش الهادف حول السؤال الامازيغي في شمال افريفيا عموما و المغرب خصوصا و هذا الخطاب قد اعطى الكثير من الدروس و العبر .
و في نظري المتواضع فالدرس الاول هو ان الامازيغية تعتبر احدى الملفات المطروحة على مائدة النقاش الفكري و السياسي في مغرب العهد الجديد الذي بدا يدرك ان العالم يسير على خطى رد الاعتبار لهويات الشعوب الثقافية
و الحضارية و بدا يدرك كذلك بان الحركة الثقافية الامازيغية اصبحت رقما صعبا في سيرورة التطور و التحديث المهمان في هذه المرحلة المسماة بمرحلة الانتقال الديمقراطي ٬ ساسميها بمرحلة مراجعة الذات و نقد الحركة الوطنية .
ان الحركة الامازيغية استطاعت ان تحقق الكثير من المكاسب المهمة كالاعتراف بالامازيغية كلغة قائمة بذاتها بعد ما كانت مجرد لهجات حقيرة و اسف لاستعمالي هذه الصفة لكنها واقع في السابق .
ثانيا هو ان عهد قمع الامازيغية بكل ابعادها قد ولى و انتهى الى غير رجعة لكن هناك البعض مازالوا يعتقدون بخرافات الماضي و مازالوا يعتقدون انهم يعيشون في سنة 1934 .
و الامازيغية كمشروع حضاري و وطني يهم كل المغاربة بدون استثناء و ليس الحركة الامازيغية او المعهد الملكي للثقافة الامازيغية لوحدهما بل اصبحت مسالة وطنية و حيوية بينما في العهد السابق كانت المسالة الامازيغية مجرد قضية نخبة متثقفة من الامازيغيين .
ثالثا هو ان النهوض بالامازيغية لغة و ثقافة و حضارة يعتبر مسؤولية وطنية ٬ بل هوواجب انساني لان الثقافة الامازيغية في واقع الامر هي انتاج انساني ساهم عبر اقدم الازمان في تطوير اليات الحضارة الانسانية التي لم تدخل الى عصر الكتابة الا بعد اختراع حروف تيفيناغ من طرف اجدادنا الامازيغيين ما قبل الاسلام بقرون عديدة٬ فاصحاب العقول المتطرفة يعتقدون على ان المغرب ما قبل مجيء الاسلام كان يسبح في بحور الجاهلية و عبادة الاصنام و الحقيقة غير ذلك تماما بحيث ان الامازيغيون عرفوا فكرة الدين و الاعتقاد من خلال اعتناقهم للديانة اليهودية و الديانة المسيحية ثم الاسلام كخاتم الرسالات السماوية ،و الامازيغيون ساهموا بالكثير من الإسهامات في حضارات دول حوض البحر المتوسط بمفهومها الشامل.
رابعا هو ان الامازيغية هي احدى المكونات الاساسية للثقافة المغربية و هي كذلك احدى المكونات الاساسية للهوية الاسلامية للمغرب بحكم التاريخ الذي يتذكر باسهاب رجالا كطارق بن زياد
و غيرهم .
و يجب علينا ان لا ننسى رمزية اختيار قرية اجدير المتواجدة في منطقة الاطلس المتوسط المجاهدة ضد الاحتلال الفرنسي و بعد الاستقلال المبارك عانت تلك المنطقة من ظروف سنوات الرصاص الشديدة كالقتل و هتك الاعراض و هذا اصبح يعلمه الجميع بفضل سياسة العهد الجديد الهادفة الى قراءة ماضي الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان بنوع من المسؤولية و يعتبر اختيار هذه القرية من طرف جلالة الملك نصره الله دليلا على انه قد ادرك اخطاء العهد السابق .
و تاتي هذه الذكرى في وقت تعيش فيه الثقافة الامازيغية صحوة على مختلف المستويات بغض النظر على
بعض المرجعيات التي مازالت تعتبر الانسان الامازيغي مجرد بقالا في حانوته و هذا ما شاهدناه في بعض المسلسلات الفكاهية التي بثتها القناة الثانية بمناسبة شهر رمضان الماضي ٬
اريد لفت الانتباه هنا الى ان هناك الكثير من المرجعيات مازالت تريد وضع الانسان الامازيغي في مرتبة دونية امام المشاهدين المغاربة الذين يتابعون هذه المسلسلات الناقصة و خصوصا مسلسل خالي عمارة الذي يشجع التخلف و قلة الاحترام للمشاهد المغربي و هذه وجهة نظري .
و بهذه المناسبة الكريمة أتقدم باسمى التهاني الى المعهد الملكي للثقافة الامازيغية الذي بدل مجهودات متميزة بالنهوض بالامازيغية لغة و ثقافة و تاريخا و الذي يستحق مني شخصيا كل التكريم و التقدير لانه ساعد على اقامة مجموعة من المهرجانات ذات بعد ثقافي و فني و خصوصا في العالم القروي و كما اهتم بجمع تراثنا الشفوي و طبع للشعراء الامازيغيين كما صرح الاستاذ الباحث احمد عصيد لاذاعة اكادير الجهوية و للتذكير فقط بان هذا الاستاذ العزيز هو عضو في المجلس الاداري للمعهد .






















و للاشارة بانني كتبت هذا المقال في صيف سنة 2006
المسالة الامازيغية و الاصلاحات الدستورية اية افاق؟
ان مغرب اليوم مقبل على مرحلة جديدة من الاصلاحات على المستوى الدستوري الذي يعتبر الاول من نوعه في عهد جلالة الملك محمد السادس نصره الله الذي بدا منذ جلوسه على العرش مجموعة من الاصلاحات شملت ميادين حقوق الانسان و ترسيخ قيم الديمقراطية و الحداثة كمظهر من مظاهر مسايرة التطور الايجابي الذي يتناسب مع ثوابتنا الدينية و التاريخية و السؤال الذي يطرح نفسه الان هو هل نعرف ثوابتنا حقا .
و بعد هذه المقدمة المتواضعة ساتحدث عن وجهة نظري حول موضوع الساعة على مستوى حركتنا الثقافية الامازيغية التي جاءت من رحم مجتمعنا الامازيغي بقيمه النبيلة و معاناته مع التهميش الممارس من طرف الذين يتحدثون بلغة المقدسات المشرقية الدخيلة الينا بعد الاستقلال كالعروبة و تعريب الشخصية الوطنية و جعل اسلامنا الرسمي يلبس ملابس الحركة الوطنية منذ الاستقلال الى الان و ستعرفون ماذا اقصد عبر هذا المقال.
ان الحركة الثقافية الامازيغية انطلقت من منطلق الدفاع عن ثوابتنا الحقيقية التي هي حسب اعتقادي المتواضع الاسلام باعتباره الدين الذي يدين به كل المغاربة منذ قرون طويلة مع احترامي لاقلية اليهودية طبعا و الهوية الامازيغية التي هي اصل كل المغاربة منذ قرون ما قبل الاسلام و اللغة العربية باعتبارها لغة القران الكريم، و انني احترم الاخوان العرب في هذا الوطن الكريم ولكني ضد العروبة كايديولوجية متطرفة التي ليست ركنا من اركان الاسلام حسب علمي او نص عليها القران الكريم الذي هو دستور الامة الاسلامية بل نص هذا الاخير على ان الاختلاف رحمة و قال رسول الله ص لا فرق بين عربي و عجمي الا بالتقوى و من هذا المنطلق اعتقد ان العروبة ليست من الدين و انما هي من خرافات بني امية الذين رحلوا من بلادنا منذ زمن بعيد ولكن فكرهم العروبي مازال يعيش في احزاب الحركة الوطنية و خصوصا حزب الاستقلال المعروف بمواقفه المعادية تجاه المسالة الامازيغية و هذا لا يخفى على احد٬ و هذا الحزب المحترم يرفض دسترة الامازيغية كلغة رسمية و كمكون اساسي للهوية المغربية .
و لكن هناك سؤال جوهري و مطروح بالنسبة لي الا و هو ماذا نقصد بدسترة الامازيغية، و قبل الجواب على هذا السؤال الجوهري لا بد من التعريف
بالقضية الامازيغية التي ظهرت في مغرب الستينات لدى فئة من المثقفين امثال الاستاذ ابراهيم اخياط و الاستاذ الفقيد علي صدقي ازايكو و الاستاذ محمد مستاوي و الاستاذ احمد بوكوس و غيرهم من الذين ادركوا بان هناك قضية هوية منسية اخدت تموت بدون شهادة وفاة و كما يعلم الجميع فالمجتمع الامازيغي كان يسبح في بحور التهميش و عبادة الفكر الخرافي .
و في عقد الستينات كان المغرب يعتقد بانه احادي اللغة و الثقافة و التاريخ و الذي يعتبر المسالة الامازيغية بمثابة مشروع استعماري يهدف كما يعلم الكل الى القضاء على ديننا الاسلامي و على اللغة العربية، و ساطرح السؤال التالي هل الحركة الثقافية الامازيغية ضد الاسلام الحقيقي ام اسلام الحركة الوطنية و الجواب هو ان الحركة الوطنية التي قمعت البعد الديني للشعب الامازيغي من خلال مجموعة الاشياء مثل جعل الطرب الاندلسي الذي احترمه كموسيقى عريقة مقدسا في مناسباتنا الدينية كشهر رمضان حيث يصوم الامازيغي حتى آذان المغرب و يفطر به اي بالطرب الاندلسي كانه من اركان الدين و الذي اعرفه ان اركان الاسلام الحقيقية هي خمسة و اما اسلام الحركة الوطنية فاركانه سبعة أي بزيادة تقديس العروبة و الطرب الاندلسي.
اذن المسالة الامازيغية ليست ذو بعد واحد بل هي متعددة الابعاد و الغايات و
انني اؤمن بان دسترة الامازيغية يجب ان تشمل كل ابعادها الثقافية و الدينية و الفدرالية و ساشرح نظريتي بالقول ان قضيتنا الامازيغية لها مجموعة من الجوانب المختلفة كالجانب الثقافي و اقصد هنا اللغة و التقاليد و الفنون و الاهتمام
بالثقافة الامازيغية و ادماجها في كل مناحي الحياة العامة كالتعليم و الاعلام و غيرهما.
و هذا يعد مسؤولية وطنية اجبارية تماشيا مع خطاب اجدير التاريخي و انشاء المعهد الملكي للثقافة الامازيغية الذي بذل مجهودات متميزة في هذا الاتجاه و يستحق منا كل التشجيع و الاحترام.
و اما بخصوص الجانب الديني للمسالة الامازيغية و الذي اعتبره شيئا اساسيا حيث ان المجتمع الامازيغي يتميز بطابعه المتدين و المحافظ لكن الحركة الوطنية لا تعترف بذلك منذ تاسيسها في سنة 1934 أي بعد صدور ظهير المحاكم العرفية او الظهير البربري الخيالي و منذ ذلك الوقت و الحركة الوطنية تقمع الامازيغيين دينيا بمجموعة من الاشياء كنشر الخرافات القائلة ان من لا يعرف العربية الفصحى لن يدخل الى الجنة و جعل اسلامنا الرسمي لا يعترف بمن لا يعرف الا لغته الام ،و الان عندنا مجموعة من القنوات التلفزيونية كالمغربية و الرابعة و السادسة الخاصة بالشان الديني غير انها لا تعترف بوجود لغة اسمها اللغة الامازيغية في برامجها كاننا غير مسلمين و هذا سلوك اعتبره غير مقبول لاننا مسلمون ايضا.
و هذا السلوك يدخل في اطار ادبيات مدرسة الظهير البربري المعادية للجانب الديني لدى المجتمع الامازيغي .
و ذلك كله يجعلنا نطرح هذا السؤال الجوهري ماذا نقصد بدسترة الامازيغية و الجواب نقصد بدسترة الامازيغية بكل ابعادها الثقافية و الدينية و الفدرالية بمفهومها الشامل طبعا في اطار سيادة ملكنا الشاب نصره الله و الذي يريد ان يبني مغرب الديمقراطية و الحداثة و حقوق الانسان و الفدرالية ستساهم في ترشيد الشان المحلي بشكل ديمقراطي و تنمية المناطق الناطقة بالامازيغية كالريف و الاطلس الكبير و المتوسط و منطقتنا الجنوبية و هذا يدخل في نطاق التغيير الذي يتميز به مغرب العهد الجديد .
























و للاشارة فقط بانني كتبت هذا الموضوع بمناسبة رمضان مبارك لسنة 2006
الحركة الوطنية و البعد الديني لدى الامازيغيين
نظرية نقدية الجزء الاول

مقدمة
في البداية اريد ان ابارك للامة الاسلامية حلول شهر رمضان الذي هو مناسبة عظيمة ذات معاني تجعل المسلم يشعر بطعم الايمان و التقوى و هو مناسبة لفتح مجموعة من المواضيع الخاصة بالاسلام كالتطرف الديني و المقاومة و الحجاب و غيرها من مواضيع الساعة٬ غير انني قررت ان افتح هذا الموضوع المهم و الحساس و قبل الدخول فيه اود ان اشرح الاسباب التي جعلتني اختار هذا الموضوع٬ اولا اريد كشف مجموعة من الحقائق حول تعامل الحركة الوطنية القمعي مع البعد الديني لدى الامازيغيين٬ و ثانيا ابراز دور الفنون الامازيغية كالموسيقى و السينما في نشر قيمنا الدينية و تعليم بعض الفرائض كالحج مثلا ٬ و ثالث هذه الاسباب هي عندي مجموعة من المقترحات المتواضعة حول هذا الموضوع بهدف اعادة بناء الشان الديني و اعادة الاعتبار للبعد الديني لدى الامازيغيين.
و كما نعلم فالحركة الوطنية حركة سياسية اسست في سنة 1934 بمدينة فاس و هذا لا يخفى عن احد و كما نعلم فالاستعمار الفرنسي دخل الى بلادنا في سنة 1912 بعد التوقيع على عقد الحماية بمدينة فاس ، و العاقل سيتساءل لماذا لم تظهر الحركة الوطنية انذاك أي في سنة 1912 كما ظهرت المقاومة في جل المناطق الامازيغية.
و هنا اتساءل هل فعل المقاومة لا يدخل ضمن ادبيات الدفاع عن الارض و العرض ٬و هل هذه المقاومة لا تدخل ضمن الدفاع عن الاسلام كدين و اخلاق و قيم .
ان الحركة الوطنية جاءت بعد صدور ظهير لتنظيم المحاكم العرفية او الظهير البربري كما هو معروف في مناهجنا الدراسية.
و العرف يعد ظاهرة عريقة في المجتمع الامازيغي منذ القدم و يقول الدكتور محمد حنداين الذي هو فاعل امازيغي في كتابه ايلالن من الصعب بمكان التاكد علميا من تاريخ بداية العرف في المجتمع المغربي نظرا لندرة الوثائق المكتوبة في الفترة القديمة و ذلك لا يمنع من القول دون ان نجانب الصواب ان العرف سابق للفترة الاسلامية بحكم ارتباطه بالنظام القبلي السائد في سوس فهو يرجع الى مؤسسة القبيلة فالمشرع في المجتمع القبلي يهتدي الى ادوار و اليات لمعالجة المشاكل الطارئة على المجتمع و ضبط العلاقات بين الافراد و الجماعات و من هنا فان العرف هو انتاج جماعي و اجتماعي يعبر عن ثقافة قانونية مطابقة لمستوى تطور هذا المجتمع و يقول هذا الاستاذ العزيز في باب العرف و الفقهاء في سوس امام انتشار الالواح العرفية بين القبائل السوسية كان على الفقهاء ان يدلوا بارائهم في هذه العادة القديمة بعد انتشار الاسلام و بعد ان تم التعرف على مضمون الشرع.
و اليكم بعض القوانين العرفية بخصوص الجنح و المخالفات و من مميزات العرف هي الدقة في الاحكام حتى لا يكون هناك تاويل ما من طرف أي كان و هذه الجنح هي اولا القتل و الجرح بالرصاص و الجرح بخنجر و الكلام مع امراة مع فضيحة و غيرها من هذه الجنح و للاشارة فقط بان هذا كلام الدكتور محمد حنداين.
و بعد هذه اللمحة القصيرة مع العرف الامازيغي الذي يعتبر بمثابة قانون انساني الذي يتناسب مع مقاصد الشريعة الاسلامية اذن هو ظهيرا لتنظيم المحاكم العرفية ليس ظهيرا استعماريا كما تدعي الحركة الوطنية و هي جعلت جيل الاستقلال يعتقد بان الامازيغيون أرادوا القضاء على الدين الاسلامي من اجل الدخول في الديانة المسيحية لكن الواقع يقول عكس ذلك بحيث ان الامازيغيين شعب يحب الاسلام و يمارس شعائره العظيمة و هو يتميز بانه يسعى دائما الى الحفاظ على قيم هذا الدين كالحياء و العرض و هناك المدارس العتيقة التي ساهمت و تساهم في الحفاظ على اسلامنا الاصيل و تعليم العلوم الشرعية كالقران و الحديث الشريف و اتساءل السؤال التالي هل هذا لا يدخل ضمن التشبث بالدين و العمل على ترسيخه في الوجدان اذن الحركة الوطنية منذ تاسيسها نهجت سياسة قمع الامازيغيين على عدة مستويات كالمستوى الثقافي و المستوى الديني
و نرجع الى المقاومة الامازيغية فاقول ان ديننا الاسلامي امرنا بمقاومة الاحتلال الاجنبي و المقاومة الامازيغية انطلقت من هذا المنطلق الديني و ليس من منطلق العروبة كما فعلت الحركة الوطنية أي ان المقاومة الامازيغية تقول نحن مسلمين علينا ان ندافع عن بلاد المسلمين ضد الكفار و الكفار هنا هم الاستعمار الاجنبي الذي يدين بغير الاسلام حسب نظريتهم الخاصة و حسب نظريتهم ٬ فالاستعمار يهدف الى القضاء على دينهم و تقاليدهم العريقة و الشعب الامازيغي يكره الاستعمار منذ اقدم العصور و من يعتقد غير ذلك فهو لم يفهم تاريخ المغرب بشكل صحيح .
و جاء الاستقلال بحمولته الايديولوجية التي لم تعترف بوجود مقاومة امازيغية ما بين سنة 1912 الى سنة 1934 كأنها فترة محظورة من تاريخنا الوطني بل اعترفت باكاذيب الحركة الوطنية مثل اكذوبة الظهير البربري التي جعلتنا نكون احفاد ليوطي و جعلتنا مسلمين من الدرجة الثانية و هذه الاكذوبة قمعت الجانب الديني لدى الامازيغيين و ستعرفون ماذا اقصد في الجزء الثاني من هذا الموضوع الحساس .



























الحركة الوطنية و البعد الديني لدى الامازيغيين نظرية نقدية الجزء الثاني

و نحن نعيش في ايام هذا الشهر الكريم حيث نصوم و نسمع القران الكريم الذي هو دواء القلوب المؤمنة و نشاهد البرامج التي تبث على قنواتنا الوطنية او العربية كالمسلسلات التاريخية و هي تذكرنا بالتاريخ الاسلامي.
و غير ان هناك تقليد مقدس منذ الاستقلال ألا و هو بث الموسيقى الاندلسية بعد اذان المغرب كأنها ركنا من اركان الاسلام او هي الموسيقى الدينية الوحيدة في هذه البلاد العزيزة و هذا اعتبره من ادبيات الظهير البربري الذي جعل هذا الطرب المحترم ذو قداسة كانه القران العظيم او الحديث الشريف.
و انني ساكون واقعيا و موضوعيا فاقول ان الحركة الوطنية مع كامل الاسف اخترعت اسلامها الخاص الذي يعتمد على أساسان اثنان و هما في اعتقادي العروبة و الطرب الاندلسي ببعده الايديولوجي و هذا الاسلام يقول من يدافع عن حقوقه الثقافية و اللغوية فهو يريد القضاء على الاسلام و على اللغة العربية و يقول هذا الاخير بان الامازيغية كلغة و ثقافة و بعد ديني تعتبر بمثابة مشروع اجنبي يهدف الى تمزيق الوحدة الوطنية و محو الاسلام لكن اتساءل هنا عن أي اسلام يقصدون أليس الامازيغ مسلمون منذ عهد طارق بن زياد و عبد الله بن ياسين و يوسف بن تاشفين و المهدي تومرت و غيرهم من هؤلاء الرجال الذين اسسوا دولا اسلامية ليس فقط في المغرب الكبير بل في الاندلس و جنوب الصحراء الافريقية، و اليوم مازالت تعيش قبائل التوارك الامازيغية بكيانها الثقافي و الديني في نفس الوقت حيث يتعلم اطفالهم حروف تيفيناغ عند أمهاتهم و يذهبون الى المسجد قصد تعلم القران الكريم و قبائل التوارك كمثال حي على ان الكيان الامازيغي لم يقصي ابدا بعده الديني الغني.
و نعود الى توظيف الطرب الاندلسي دينيا و ايديولوجيا بحيث يبث هذا الاخير في كل مناسباتنا الدينية كصباح عيد الفطر و صباح عيد الاضحى في قنواتنا الوطنية و هذا اعتبره قمعا خطيرا و مباشرا للبعد الديني لدى الامازيغيين المؤمنين بالاسلام منذ 14 قرنا ، و انني لست ضد الطرب الاندلسي كموسيقى عريقة لكني ضد جعلها مقدسة و الوحيدة التي تبث على قنواتنا الوطنية في تلك المناسبات الدينية الغالية كانها تمثل اسلامنا الوطني٬ واعتبر هذا تهميشا خطيرا لتراثنا الموسيقي الديني الضخم كالحاج بلعيد و بوبكر انشاد و الحاج محمد الدمسيري و الحاج احمد امنتاك و الحاج الحسين امنتاك و الحاج عمر واهروش و الحاج المهدي بن مبارك و مبارك ايسار و الحاج اعرب اتيكي و رقية الدمسيرية و فاطمة تاباعمرانت و غيرهم الكثير من الذين أبدعوا الاف من القصائد الدينية الهادفة الى التعريف ببعض اركان الاسلام كالصلاة و الصيام و الحج الى الذين لا يعرفون لغة الخطاب الديني الرسمية في بلادنا الكريمة.
و ندخل الان الى مشروع تاهيل الحقل الديني الذي انطلق بامر من جلالة الملك نصره الله بصفته امير المؤمنين بعد احداث الدار البيضاء المؤلمة بالنسبة لنا كشعب له اسلامه المتميز ، ويعد مشروع تاهيل الحقل الديني ذو اهمية قصوى لحماية اسلامنا من التطرف الدخيل الينا من المشرق ولكن هذا المشروع لم ينطلق من الاصل اي الهوية و اللغة الامازيغيتان بل انطلق من مدرسة الظهير البربري التي مازالت تعتقد بان الامازيغية مجرد لهجات محلية او اقليمية و التي لا تصلح ان تكون لغة الخطاب الديني و سمعت في الصيف الماضي برنامجا اذاعيا بالامازيغية حول هذا المشروع لكن احد الفقهاء اعتبر الامازيغية مجرد لهجات محلية كاننا مازلنا نعيش في عقد الثمانينات و كان النقاش فيه حول الثقافة الشعبية حسب مدرسة الظهير البربري ،و اما الان فهناك معهدا ملكيا للثقافة الامازيغية تجسيدا لرغبة العهد الجديد، لكن مدرسة الظهير البربري لم و لن تدرك اننا دخلنا الى عصر الانوار بالنسبة للمسالة الامازيغية.
ان مشروع تاهيل الحقل الديني مع الاسف الشديد لم يعطي أية اهمية للبعد الديني لدى الامازيغيين من خلال مجموعة من الاشياء و الاسس و من بينهاالتوعية الدينية بلغتهم الام بحيث هناك برامج قليلة في الاذاعة الامازيغية او في اذاعة محمد السادس للقران الكريم لا غير و اما قناة محمد السادس للقران الكريم فاضطلعت شخصيا على خريطة برامجها فلم اجد برنامجا واحدا باللغة الامازيغية و هذا يجعلني اتساءل مجموعة من الاسئلة مثل هل نحن مسلمون فعلا ام احفاد ليوطي و هل المقاومة الامازيغية لا تدخل ضمن الدفاع عن الدين الاسلامي ?لكن الحركة الوطنية لم و لن تعترف بهذه الحقائق الواضحة و التاريخية التي تتحدث بان الكيان الامازيغي كيان متدين و محافظ و يرفض كل ما يتعلق بقيم الاستعمار كدور الدعارة التي كانت في عهده و ليس قبله و السؤال المطروح هنا هو لماذا لم تدخل هذه القيم الاستعمارية الى ادبياتنا الاجتماعية منذ الظهير البربري و يبدو بان الجواب على هذا السؤال لا يحتاج الى تفكير طويل لانه بديهي و معروف و لكن هناك الذين مازالوا يعتقدون بهذه الاكذوبة التي اسست مدارسها على اسس انكار الهوية الامازيغية و على تقديس العروبة و اسلام الحركة الوطنية الذي يعتبر الامازيغيين لا بعد ديني لهم .
و خلاصة القول ان مغرب الاستقلال قد اخترع اسلاما لبس ملابس الحركة الوطنية الذي يشجع التخلف و الظلام الهوياتي خصوصا بالمناطق الناطقة بالامازيغية بهدف منع الشعب الامازيغي من الوعي و التقدم و الدفاع عن حقوقه الضائعة انذاك .


























الحركة الوطنية و البعد الديني لدى الامازيغيين نظرية نقدية الجزء الثالث

ان الحركة الثقافية الامازيغية هي امتداد طبيعي و شرعي للمقاومة المسلحة و هي كذلك امتداد للقيم الاجتماعية لدى المجتمع الامازيغي و هذا لا شك فيه.
و الان ساتطرق الى دور بعض الفنون الامازيغية كالموسيقى و السينما في نشر قيمنا الدينية و تعليم بعض فرائض الدين مثلا الصلاة و الصيام و الحج و كما اشرت في مقالي الماضي ضمن هذا الموضوع باننا لدينا تراث موسيقي ضخم من الاغاني الدينية كالحاج بلعيد الذي اسس فن الروايس على اسس التدين و النصيحة في امور الدين و نشر الوعي باركانه الخمس ٬كما ان فن الروايس في اعتقادي المتواضع قد لعب دورا متميزا في الارشاد الديني في المناطق الناطقة بالامازيغية بمنطقة سوس او في المدن الكبرى كالدار البيضاء و الرباط و مراكش و غيرها ، سأعطي لكم مثالا حيا و هو عندما يريد انسان امازيغي ان يحج الى بيت الله الحرام عليه ان يبحث طويلا عن من يشرح له كيفية اذاء مناسك الحج بلغته الام فلن يجد خيرا من اغنية الحاج المهدي بن مبارك حول تعليم اركان هذه الفريضة و هذا المثال الحي يجعلني ادرك ان سياسة الحركة الوطنية الدينية لم تعطي أي اعتبار للخصوصية الامازيغية في يوم من الايام بل جعلت الدين في المركز الثاني خلف العروبة التي تحل المركز الاول كاننا نعيش في المشرق و كما نعرف فالعروبة هي من تراث بنو امية الذين اسسوا بالمشرق دولتهم بعد سقوط دولة الخلفاء الراشدون الجليلة و بنو امية معروفون في تاريخنا الاسلامي بالاعتزاز بعروبتهم اكثر من الاعتزاز باسلامهم عكس اجدادنا المرابطون الذين نصروا الاسلام ببعده الاخلاقي و التربوي في الاندلس
و عملوا على بناء اسس الحضارة الاسلامية و ترسيخها في وجداننا الامازيغي و لست انا الذي قال
هذا بل التاريخ الذي لم تستطع الحركة الوطنية منذ الاستقلال محوه لانه واقع معاش .
انني اعتبر العروبة ليست من مقدساتنا الدينية او الوطنية بل اعتبرها شيئا دخيلا علينا منذ الاستقلال لكن علينا ان نفرق بين العروبة و الجنس العربي و اللغة العربية حيث انني لست ضد الجنس العربي لانه اخي في الانسانية اولا و اخي في الاسلام و اخي في هذا الوطن الواحد لكنه متعدد من حيث الهويات الثقافية كمظهر من مظاهر التعايش الحضاري .
و لست ضد العربية كلغة القران الكريم كلغة التواصل لكن ليست مقدسة و هذا فقط للتوضيح و خلاصة القول ان الحركة الوطنية جعلت الدين يقدس العروبة و جعلها تحل المركز الاول في مغرب الاستقلال و تهميش الامازيغيين دينيا من خلال قمع بعدهم الديني و تهميش تراثهم الموسيقي الديني الضخم .
ان السينما الامازيغية نافذة نرى من خلالها ادبياتنا الاجتماعية كشعب مسلم و محافظ و سأركز على نموذج فيلم تامغارت ؤورغ الذي نال اعجابي كثيرا
لانه وثيقة ثمينة و كنزا من كنوزنا الثقافية و هذا الفيلم يحمل عدة قراءات و تفسيرات غير انني ساحاول قراءته من جانبه الديني و ابدا من اسم الفيلم نفسه تامغارت ؤورغ أي امراة من الذهب فاقول ادا كان الاسلام قد كرم المراة و اعطاها المكانة الموقرة في بيتها مع زوجها و مع اطفالها او في خارج بيتها كالعمل في الحقول او في التدريس او في الطب او في اي عمل اخر يتماشى مع مقاصد الشريعة الاسلامية فان هذا الفيلم قد كرم المراة الامازيغية التي انجبت رجالا امثال طارق بن زياد و يوسف بن تاشفين و المهدي بن تومرت و عبد المؤمن الكومي و غيرهم .

ان هذا العمل ليس مجرد شريطا لضياع الوقت بل هو وثيقة تتعارض مع ادبيات مدرسة الظهير البربري التي تقول بان الامازيغ ارادوا القضاء على الاسلام ببعده الاخلاقي و التربوي٬ لكن هذا الفيلم يعكس غير ذلك تماما بحيث سيجعل المشاهد يكتشف بان الامازيغيين شعب متدين و محافظ و يخاف على عرضه من التحطيم او الكسر و العرض يعتبر شيئا غاليا بالنسبة لهذا المجتمع٬ و سيكتشف المشاهد كذلك عبر هذا الفيلم بان الزواج هو أقدس ميثاق في مجتمعنا و كما نعلم فالزواج له مكانة عظيمة في ديننا الحبيب حيث هو غطاء شرعي للعلاقة بين الجنسين على اسس الوفاء و الحب و تلكم هي بعض قواعد هذا الميثاق٬ و السؤال المطروح ألا يدخل هذا الفيلم في اطار ترسيخ قيمنا الدينية كمجتمعات اسلامية تحاول الصمود امام التيار العولمي و ألا يدخل هذا الفيلم في اطار التربية على العهد و حب الوطن و غيرهما من مبادئنا الاسلامية ٬لكن هناك تساءلا كبيرا و هو لماذا لم يبث هذا الاخير على قنواتنا الوطنية الى حد اليوم بعد خروجه الى الاسواق منذ اكثر من 15 سنة و يبدو ان الجواب على هذه الاسئلة لا يحتاج الى ابحاث أكاديمية او الى تفكير طويل لانه معروف و بديهي بالنسبة لنا كمناضلين جدد على هذا الهم الامازيغي.
و هذا كله يجعلني اقترح مجموعة من المقترحات الهادفة الى رد للهوية الامازيغية ببعدها الديني الضاربة في اعماق حضارتنا المغربية منذ 14 قرنا و هدفي من هذه المقترحات هي تصحيح بعض المغالطات التاريخية التي جعلت جيل الاستقلال يقمع البعد الديني لدى الامازيغيين و ثاني اهدافي هو اعادة الاعتبار لتراثنا الديني الضخم حقيقة كالاغاني و الاعراف العريقة التي تتماشى مع مقاصد الشريعة .
































الحركة الوطنية و البعد الديني لدى الامازيغيين نظرية نقدية الجزء الرابع و الاخير
مقدمة
ان المغرب قد دخل الى العهد الجديد المتميز بانه عهد مصالحة مع تاريخنا الاسود منذ الاستقلال المبارك و رد الاعتبار لهويتنا الامازيغية بكل ابعادها كالبعد الثقافي و البعد التاريخي و البعد الديني الذي تعرض للقمع و التغييب من طرف الحركة الوطنية و التي جعلت ديننا الحبيب يلبس ملابس المشرق و مفاهيمه العديدة المساهمة بشكل كبير في ظهور
بعض المظاهر الغريبة كالتكفير و التطرف , و لا اقصد الحركة الاسلامية في بلادنا التي احترمها شخصيا بل اقصد الذين استهدفوا الناس الابرياء من المسلمون و اليهود في احداث 16 ماي المؤلمة بل استهدفوا اسلامنا المتسامح و المساير مع زمنه الحالي .
بيان المهدي مالك حول رد الاعتبار لبعدنا الديني
و كما اشرت في مقالي الماضي بانني لدي مجموعة من المتقرحات الهادفة الى رد الاعتبار لبعدنا الديني و اول هذه المقترحات هي دسترة الامازيغية بكل ابعادها الثقافية و الدينية و الفدرالية و يهدف المقترح المستقبلي الى ادخال الامازيغية الى الدستور بكل ابعادها.
ثانيا اعادة كتابة تاريخ المغرب بشكل صحيح و علمي و خصوصا الفترة التي تمتد بين سنة 1912 الى سنة 1934 .
ثالثا رد الاعتبار للمقاومة الامازيغية في الريف و الاطلس الكبير و الاطلس المتوسط و سوس و الصحراء المغربية من خلال القيام بمجموعة من الابحاث الاكاديمية او افلاما باللغة الامازيغية او الدارجة المغربية قصد نشر الفائدة.
رابعا اعطاء الاهمية الكبرى لتراثنا الديني الذي عانى من التهميش خصوصا في اعلامنا البصري و يتكون هذا التراث من الاغاني و الامداح النبوية بالامازيغية و يهدف هذا المقترح الى المساواة و جعل المشهد الديني الرسمي متعدد و ينتهي من ادبيات الظهير البربري الخيالي .
خامسا خلق برامج للتوعية الدينية بلغتنا الامازيغية على كافة قنواتنا الوطنية و خصوصا قناة محمد السادس للقران الكريم التي تمثل اسلامنا الوطني على مستوى العالم الاسلامي فلا يعقل اقصاء الامازيغية كلغة من بين اللغات الاسلامية كالتركية و الكردية و الافغانية و غيرهما .
سادسا القيام بدراسة عميقة حول الاعراف الامازيغية بهدف التعريف بمقاصدها
المناسبة مع الشريعة.
سابعا حذف كل ما يتعلق بايديولوجية الظهير البربري من مناهجنا الدراسية او من اعلامنا الوطني بمختلف مكوناته وكذا من المشهد الديني الرسمي.
ثامنا ترجمة خطب الجمعة و العيدين الى الامازيغية خصوصا في المناطق الناطقة بها.
تاسعا رفع الحيف على الاسماء الامازيغية التي تعتبر جزء من تاريخنا المغربي قبل الاسلام و بعده.
عاشرا ضرورة الفصل بين الاسلام و العروبة.





















العلمانية الاسلامية
ان المغرب دخل كما يعلم الجميع الى عصر قراءة ماضيه المؤلم بنوع من المسؤولية التاريخية و الموضوعية و كما دخل الى عصر النقاش الفكري في بعض القضايا التي كانت بالامس القريب تعد من الطابوهات الخطيرة كالمسالة الامازيغية و حقوق الانسان و مسالة العلمانية التي ساتطرق اليها في هذا المقال من منظوري الشخصي.
و قبل البدء لا بد من القول بان أي مجتمع لا يمكنه ان يعيش دون مجموعة من الاسس و القواعد و من بينها الدين باعتباره شيء ذو قداسة بالنسبة لكافة شعوب العالم و معتقدات الشعوب الدينية قد تختلف لكنها تدعوا الى الهدف الواحد الا و هو الخير و الوقار و الاحسان٬ لكن هناك فئة من الذين يستغلون هذه المعتقدات للسيطرة على الشعوب سياسيا و اقتصاديا و ثقافيا من خلال قمع هوياتها الثقافية
وجعلها تدخل الى خانة المحرمات دينيا .
فالاسلام هو دين يدعوا الى التعدد و الاختلاف و لم يدعوا الى تقديس العروبة و الجنس العربي مع كامل احترامي لاخواننا العرب في هذا الوطن ٬ فالعلمانية اذن تعد خيارا لتنظيم العلاقة بين ما هو ديني و بين ما هو خاص بالدنيا٬ وتوجد وجهات النظر المختلفة بخصوص مسالة العلمانية فهناك من يعتقد انها ضد الدين بكل ابعاده الاخلاقية و التربوية و بداية الالحاد و ساطرح السؤال التالي هل اجدادنا الامازيغيين خلعوا ملابسهم حين مارسوا العلمانية او حطموا المساجد او اسسوا دور الدعارة الخ? و سارد على هذا السؤال المهم بالقول ان العلمانية تعد ركنا من اركان المجتمع المغربي الناطق بالامازيغية ما قبل ظهور الحركة الوطنية بحيث ان اجدادنا الامازيغيين كانوا يتميزون بالاعراف التي لا تتنافى مع مقاصد الشريعة الاسلامية ابدا و الاعراف الامازيغية هي مجموعة من القوانين الانسانية تهدف الى الحفاظ على الخصوصيات الثقافية و الحضارية دون المساس بكل ما هو ديني مقدس عند الامازيغيين٬ اذن هذه العلمانية الاسلامية كما اسميها
هي شيء قديم في قاموسنا الثقافي و السياسي غير ان المغرب دخل بعد تاسيس الحركة الوطنية الى عصر التخلف الايديولوجي كما اسميه الذي
قد امن بضرورة قتل العرف الامازيغي من اجل ان يصبح المغرب عربيا و تابعا للمشرق العربي ايديولوجيا .
و في سياق جوابي على سؤالي المهم فاقول ان الامازيغيون هم من السنة لكن في وجدانهم و عقولهم يعتبرون من الشيعة الذين يقدسون اهل البيت عليهم الصلاة و السلام٬ و خير الدليل على ما اقوله هو احتفالنا بعيد المولد النبوي الشريف و كذلك نسمي اسماء اهل البيت مثل علي و الحسن و الحسين و اقامة المواسم الدينية و شخصيا لست ضد هذه المواسم لكني ضد تقديس القبور و البركة و على اي فهذا المجال طويل يحتاج الى دراسات جامعية لانه مهم بالنسبة لنا كشعب له اسلامه المختلف عن اسلام المشرق المتميز يرفض التقدم و مصطلحاته المعاصرة بل يرجع دائما الماضي و احيانا يعد الرجوع اليه فضيلة و احيانا اخرى تخلفا .
و استطيع القول بان العلمانية المنشودة من طرف الحركات الفكرية في عالمنا الاسلامي لا تتعارض مع مرجعيتنا الدينية التي تدعونا الى الايمان بالله و رسوله الاكرم و القران و يوم القيامة و غيرها من ثوابتنا الاسلامية التابثة غير ان هذه المرجعية لا تدعونا الى تقديس مجموعة من الاشياء كالجهل و التخلف و عبادة اولياء الله الصالحين و العروبة و الاسلامات المتخلفة و الهادفة الى طمس الهويات الاسلامية العديدة و الغيرالعربية كالهوية الكردية و الهوية الايرانية و الهوية الامازيغية و غيرها ٬ لكن بعض الاسلامات تشرب من ماء العروبة و تقديس المشرق كمرجع لمشاريعها السياسية القامعة لفكرة التعدد الثقافي و اللغوي و حتى الديني.
و من هنا انطلق فاقول ان الحركة الثقافية الامازيغية هي قبل كل شيء حركة جاءت من رحم المجتمع المغربي الناطق بالامازيغية و الذي يقدس الاسلام و يسعى دائما الى الحفاظ عليه كقيم و مبادئ و هذا قلته اكثر من مرة في هذا الكتاب.
ثانيا هي حركة امنت منذ بداياتها بالمفاهيم الكونية كالديمقراطية و الحداثة و العلمانية الاصلية كاتجاه اصبح ضروري و مستقبلي بالنسبة للمغرب و سيقول قائل لماذا نحتاج الى العلمانية نحن دولة تسير على خطى الاصلاح بكل ابعاده و لدينا ديننا الاسلامي الذي يعد مصدرا للتشريع المغربي و يعد بمثابة منهج للحياة بمختلف مناحيها ٬و هذا الكلام جيد الى حد ما لكنه يفتقر الى الواقعية و الموضوعية و لست ضد الدين لانني مسلم معتقد و الذي يقوم باذاء الصلاة و يصوم رمضان و يرتكب الذنوب كاي انسان عادي و لست ضد الشريعة الاسلامية باعتبارها تشريع ينظم العلاقات بين الافراد و يضع الحدود كحد الزنى و غيرها حفاظا على نظافة المجتمع لكني ضد الاستغلال عن طريق الدين الذي بدا منذ قرون عديدة و خصوصا منذ انشاء الحركة الوطنية و هذه الاخيرة جعلت اسلامنا الرسمي لا يعترف بالمقاومة الامازيغية كمظهر من مظاهر بعدنا الديني الضخم٬ فالحركة الوطنية اخترعت مجموعة من الاسس و المدارس كمدرسة الظهير البربري التي رسخت في اجيال الاستقلال بان الامازيغيون سعوا دائما الى القضاء على الدين الاسلامي من اجل الدخول الى الديانة المسيحية المحترمة ٬و هذا يجعلني اضحك لماذا ٬لان الحركة الوطنية اخترعت هذه الاكاذيب السخيفة و البعيدة عن الحقائق التاريخية و الاجتماعية لكن بالمقابل ماذا فعلت الحركة الوطنية بعد الاستقلال في سبيل الحفاظ على الاسلام او باحرى الحفاظ على اسلامها الخاص
و هذا يعد سؤالا جوهريا.
ان الحركة الثقافية الامازيغية بكل مكوناتها تؤمن بان العلمانية اصبحت ضرورية خصوصا بعد هجمات الدار البيضاء الاخيرة و بعد ظهور جماعات التطرف الاصولي التي تحاول جعل المغرب يسير على خطى الرجعية و تجاهل كل ما يتعلق بالامازيغية باعتبارها كفرا و رجوعا الى عصور ما قبل الاسلام او الجاهلية كما يسمى عندهم و التطرف الاصولي له مشاريع في بلدان العالم الاسلامي و من بينها المغرب٬ و هذه المشاريع تهدف حسب اعتقادي المتواضع الى جعلنا نعود الى عصور التخلف و قمع المفكرين و الكتاب و هذه المشاريع لا تعترف ببعض المصطلحات الحديثة كالديمقراطية و حقوق الانسان الثقافية و اللغوية بل تعتبرها خروجا عن الاسلام و عن الوحدة بكل ابعادها٬ فالمغرب بفضل الحركات الفكرية و الحقوقية استطاع ان يخرج من زمن الشعارات المتخلفة و الكاذبة من اجل الدخول الى زمن فتح الملفات الكبرى و النقاش الجاد و في هذا الاطار يدخل موضوعي حول العلمانية التي ادافع عنها
لكن السؤال التالي اية علمانية نريد لبلادنا و ساحاول الاجابة على هذا السؤال الجوهري .
فاقول ان العلمانية ليست شيء جديد او دخيل على قاموسنا المفاهيمي او الثقافي او السياسي و كما اشرت في بداية مقالي هذا بان المجتمع الامازيغي قد عرف معنى العلمانية من خلال اعرافه الانسانية التي تتناسب مع الشريعة و من خلال فصل الدين عن امور الدنيا او تنظيم العلاقة بين الدين و امور الدنيا بحيث كان امغار اي كبير القوم يدير شؤون القبيلة السياسية و الادارية و غيرها بينما لفقيه او الامام يدير الشؤون الدينية كاقامة الصلوات الخمس و قراءة الحزب الراتب و تعليم القران للاطفال الصغار و غيرها من هذه الشؤون٬ اذن العلمانية الامازيغية او العلمانية الاسلامية ان صح التعبير كانت على هذا الشكل المناسب مع الدين الذي نقدسه قديما و حديثا اي بمعنى اخر اكثر وضوحا ان الحركة الثقافية الامازيغية لم تطالب بشيء غريب عن المجتمع المغربي بشكل عام بل تطالب بشيء معروف عنده ما قبل سنة 1934 و لو فرضنا بان الحركة الوطنية عندها الحق فيما قالته بشان ظهير 16 ماي 1930 فما هو التفسير الحقيقي لتدين المجتمع الامازيغي الذي اخترع هذه الاعراف منذ قرون عديدة بحيث انه مجتمع محافظ بمعنى انه يتميز بمجموعة من القواعد و القيم٬ مثلا رجل لا يمكنه الدخول الى بيت ما دون وجود صاحب هذا البيت او ابنه الكبير و غيرها من هذه القواعد التي تحافظ على الاعراض و الاذاب العامة.
و هذه العلمانية التي كانت توجد عندنا هي عبارة عن اعراف مكتوبة على الالواح و هذه الاخيرة تفصل بين الدين و امور الدنيا و ليس معنى هذا بان اجدادنا خلعوا ملابسهم و يسيرون في الطرقات كما سيفهم البعض بل حافظوا على قيمنا الاسلامية اشذ حفاظ حيث كانت المراة لا تتكلم مع الرجال الغرباء عنها و لا اقصد هنا الا اظهار بعض الحقائق التاريخية القائلة بان مجتمعنا الامازيغي كان لا يعرف بعض الظواهر الدخيلة الينا برغم من فصل الدين عن امور الدنيا٬ اذن العلمانية لا تهدف الى الغاء الدين و مبادئه الاخلاقية بل تهدف الى محاربة الاستغلال الديني و ليس الدين نفسه و الحفاظ على الخصوصيات الثقافية و الحضارية و الحفاظ على اسلام اجدادنا فنحن لدينا اجتهاداتنا الخاصة منذ قرون طويلة كالحزب الراتب .





















الفدرالية خيار لا بد منه في مغرب الانتقال الديمقراطي الجزء الاول
مقدمة
احتفل المغرب كما هو معلوم بالذكرى الواحدة و الخمسين لعيد الاستقلال المبارك و هو مناسبة غالية على كافة المغاربة الذين جاهدوا ضد الاستعمار و خصوصا في الريف و الاطلس الكبير و المتوسط و الصغير و الصحراء المغربية٬ و هذا الجهاد قد انطلق كما اشرت سالفا من منطق الدفاع عن الاسلام و الارض و العرض عكس الحركة الوطنية التي انطلقت من منطق مرجعياتها المعروفة و هي العروبة و اسلامها الخاص .
و نحن كجيل جديد فتح بصره على عهد الحرية و الاستقلال لكن مازال السؤال الكبير و هو هل دولة العروبة و الاسلام استطاعت جعل المغرب يتذوق معاني الاستقلال العديدة كالتقدم و الديمقراطية و التنمية البشرية و خصوصا في المناطق الامازيغية.
علينا ان نكون واقعيين و موضوعيين و نعترف بان دولة العروبة و اسلام الحركة الوطنية جعلت مغرب الاستقلال يعيش في زمن الخوف و القمع الشديد في منطقة الريف في خريف سنة 1958 اي في فجر الاستقلال و منطقة الريف العزيزة لم تتذوق طعم الاستقلال بل عانت اكثر من غيرها من القمع و قتل المجاهدين الحقيقيين و هتك اعراض نساءهم٬ و هذا ليس قولي بل قول جلسات الاستماع العمومية المنظمة من طرف هيئة الانصاف و المصالحة بامر من جلالة الملك محمد السادس نصره الله ٬ اذن هذا الكلام اصبح مشروعا بينما بالامس القريب كان يعد من الطابوهات و الممنوعات لان في ذلك الوقت لا توجد ارادة سياسية واعية باهمية النقد الذاتي و خصوصا في ثلاثين سنة بعد الاستقلال أي نحن نعيش الان في هامش كبير من الحرية المسؤولة٬
من هنا انطلق فاقول ان الحركة الوطنية قد تجاهلت الامازيغية بكل ابعادها المختلفة و من بين هذه الابعاد البعد التنموي الذي يتجلى في المناطق الامازيغية و عاشت و مازالت تعيش في التهميش و الاقصاء التنموي من حيث اسس التقدم كالطرق و الماء الصالح للشرب و الكهرباء و المدارس و المستشفيات و غيرها و بالاضافة الى جعل الامازيغيون يعيشون في كوكب الجهل و الامية بمختلف انواعها٬ و لو اردنا ان نشرح مصطلح التنمية البشرية سنجد العديد من التعاريف و المفاهيم تجعلنا نتمنى ان نكون مثل الدول المتقدمة فكريا و سياسيا كامريكا التي تقود العالم بيد من الحديد و تقرر اين تسير السياسة الدولية و لا احد منا لم يطرح على نفسه السؤال التالي لماذا اصبحت امريكا سيدة العالم و الجواب لانها دولة ديمقراطية داخليا و دولة فدرالية و سيطرح البعض السؤال التالي ماهية الفدرالية و ماهي اهدافها و غيرها من هذه الاسئلة.
و قبل البدء اريد توضيح بعض الامور اولها انا اعارض سياسة امريكا الخارجية و خصوصا في العراق و فلسطين ولكني بالمقابل انادي الى التفكير في ديمقراطيتها الداخلية التي جعلتها تقود العالم و ثاني هذه الامور علينا كمفكرين ان لا نتجاهل بان الحضارة الغربية عموما و الامريكية خصوصا التي ساهمت في تطور الانسانية عبر التاريخ من خلال اختراع مجموعة من الاشياء الايجابية كالسيارة و الطائرة و الهاتف و غيرها من وسائل الراحة و الاتصال الحديثة و كما ساهمت هذه الاخيرة في تطوير اساليب الحكم و من بينها الفدرالية التي تعني الجهوية بمعناها الشامل دون المساس بالوحدة الوطنية و رموزها المقدسة.
و الفدرالية حسب معلوماتي المتواضعة تهدف الى جعل الجهة تتمتع بكل خصوصياتها السياسية و الاقتصادية و الثقافية و غيرها اذن هي ليست ضد الوحدة الوطنية بل هي ستساهم في مسار التنمية البشرية بشكل كبير .
و نعود الى دولة العروبة و اسلام الحركة الوطنية كما اسميها فاقول ان المناطق الامازيغية قاومت الاحتلال الاجنبي بمختلف وسائل المقاومة كالسلاح و التوعية عن طريق الدين او عن الشعر لكن بعد الاستقلال و صعود الحركة الوطنية الى الواجهة تعرضت هذه المناطق للقمع و التهميش على عدة مستويات مثل المستوى التنموي بحيث ان الامازيغيون كانوا يهاجرون الى المدن الكبرى كالدار البيضاء او الرباط او اكادير بهدف البحث عن العمل في ميادين معينة كالتجارة و الصناعة التقليدية و غيرها من هذه الاعمال, و بعض الامازيغيين فضلوا الهجرة الى بعض بلدان اوروبا كفرنسا و اسبانيا و بلجيكا و غيرها و بدات هذه الهجرة منذ بدايات القرن الماضي ٬ و الدليل على قولي هو دخول بعض الاشياء الحديثة انذاك مثل الالة لتشغيل الاستطوانات الموسيقية و من المعروف بان الحاج بلعيد او غيره كانوا يسجلون اغانيهم الخالدة على تلك الاستطوانات.
و الامازيغيين في العقود الاولى من الاستقلال كانوا غير مدركين بان عليهم ان يساهموا في تنمية مناطقهم المقصية من طرف اصحاب مدرسة الظهير البربري من خلال تاسيس الجمعيات التنموية التي ظهرت في عقد التسعينات بشكل كبير و خصوصا بمنطقة سوس المعروفة بنجاحها في مجال العمل الجمعوي.
و هذا يجعلنا نطرح السؤال التالي ماهية الاسباب الحقيقية التي جعلت منطقة سوس تنجح في هذا المجال و الجواب سنجده في تاريخ المغرب يتحدث بان سوس كمنطقة لعبت ادوارا مهمة من خلال تاسيس دولا عظيمة كالدولة الموحدية من طرف المهدي بن تومرت و نعلم على ان الدولة الموحدية كانت اكبر دولة اسلامية من حيث المساحة٬ و لن ننسى الدولة المرابطية و الدولة السعدية و الدولة العلوية الشريفة.
و هناك سبب ثاني الذي يجعل جهة سوس قابلة لممارسة العمل الجمعوي و هو مفهوم لجمعت القديم في قاموسنا الثقافي و السياسي و لجمعت هي تنظيم اجتماعي كان في السابق و لازال و من مهام هذا الاخير هو اختيار امام المسجد الذي سيصلي بهم و الذي سيعلم القران لاطفالهم بمقابل الشرض اي مبلغ من المال .
و خلاصة القول بان العمل الجمعوي في سوس يعد اساسا من اسس التنمية ببعدها القروي و الحضري لكن هناك بعض المناطق مازالت تعاني من التهميش بكل معانيه مثل منطقة افلا ن اغير و غيرها الكثير في سوس او الاطلس الكبير او المتوسط او في الريف ٬و في الشتاء الماضي وقعت كارثة انسانية بكل معانيها في منطقة انفكو نواحي اقليم خنيفرة حيث مات العديد من الاطفال الابرياء بسبب بارد الشتاء و كذلك بسبب الاقصاء الممارس عليها حيث هذه المنطقة مازالت تعيش في العزلة التامة من حيث الطرق الوعرة و الفقر الفاحش و التهميش الواضح ٬و في هذا السياق شاهدنا برنامج تحقيق الذي بثته القناة الثانية و هذا البرنامج جعلنا نشعر بالحزن و البكاء على حالة انفكو و غيرها
من المناطق الامازيغية التي مازالت تعيش كانها لم تقاوم الاستعمار قط.
و لهذا تطالب الحركة الثقافية الامازيغية بهذا المطلب المشروع
.

















الفدرالية خيار لا بد منه في مغرب الانتقال الديمقراطي الجزء الثاني و الاخير
ان الخيار الفدرالي اصبح مطروحا داخل الحركة الثقافية الامازيغية و خصوصا في منطقة الريف التي عانت منذ الاستقلال من كل انواع العداب و القمع و التهميش من طرف الذين يتحدثون بلغة الظهير البربري و يتحدثون بلغة التاريخ الرسمي الذي تعلمناه في مناهجنا الدراسية و هذا التاريخ يتجاهل المجاهدون الحقيقون امثال الامير عبد الكريم الخطابي و غيره من هؤلاء المجاهدين .
وكما هناك منطقة سوس الكبير التي بدات الان في مطالبة بهذا المطلب المشروع و البعيد عن المساس بوحدة المغرب المقدسة.
ان المغرب مقبل اليوم على الاصلاحات الدستورية المنتظرة من طرف الحركات الحقوقية كحركتنا الامازيغية التي تطالب منذ ميثاق اكادير بالاعتراف الدستوري بكون الامازيغية لغة وطنية فقط الى جانب اللغة العربية و ثم جاء بيان الاستاذ محمد شفيق في مارس 2000 القاضي بترسيم الامازيغية كلغة رمسية و ثم جاء بياني الخاص برد الاعتبار لبعدنا الديني و اقترحت فيه بضرورة دسترة الامازيغية بكل ابعادها الثقافية و الدينية و الفدرالية كخيار مستقبلي.
و ساشرح نظريتي الشخصية بخصوص البعد الفدرالي للمسالة الامازيغية فاقول ان الفدرالية ليست ضد الوحدة الوطنية لانها تعتبر بمثابة الجهوية بمفهومها الشامل لخصوصيات الجهة العديدة.
ان مغرب الاستقلال قد اعتمد على مشروع الحركة الوطنية المنطلق من مرجعية الظهير البربري المعادية لكل ما هو امازيغي٬ و هذا المشروع السياسي قد همش البعد التنموي و الاقتصادي للمناطق الامازيغية التي عاشت بعيدة عن الاهتمام الرسمي و خصوصا بمنطقة الريف التي لم يزرها الراحل الحسن الثاني قط لاسباب معروفة لدى الكل .
و التنمية البشرية كمصطلح يعني توفير جميع اسباب التقدم و النماء كالطرق الجيدة و الماء الصالح للشرب و الكهرباء و المستشفيات القريبة من المواطن و المدارس و المراكز لاستقبال الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة٬ و السؤال المطروح الان هل وصلنا فعلا الى مصطلح التنمية البشرية ام مازال امامنا طريق طويل من اجل تحقيق مقاصد التنمية البشرية ٬و لست ضد المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي انطلقت بامر من قيادتنا الرشيدة التي اعطت عدة اشارات قوية من خلال زياراتها الميدانية لعديد من جهات المغرب الحبيب .
ولكني اريد تفعيل هذه المبادرة بشكل اكبر من خلال الفدرالية و هي ستساهم بشكل اكبر في ترشيدها و تحقيق مشاريعها النبيلة و خصوصا في المناطق الامازيغية.
و ان الخيار الفدرالي سوف لن يقتصر على الجانب التنموي او الجانب الاقتصادي بل سيشمل جوانب اخرى و كما قلت سالفا بان الفدرالية تعني الجهوية بمفهومها الشامل لخصوصيات الجهة و في اعتقادي المتواضع بان الفدرالية هي فرصة حقيقية لاحياء اعرافنا الامازيغية التي ماتت منذ سنة 1934 بسبب الاتهامات السخيفة و الكاذبة و الصادرة من طرف الذين امنوا برسالتهم المشرقية و السلفية و في مقدمتهم الامازيغيين انفسهم كالحاج المختار السوسي الذي احترمه كثيرا لانه عالم و كاتب له كتب كثيرة في تاريخ سوس كالمعسول لكنه امن كثيرا بمشروع الحركة الوطنية التعريبي و الطامس للحقيقة الامازيغية و اعرافها التي تتناسب بشكل دقيق مع مقاصد الشريعة الاسلامية ٬و اريد هنا طرح السؤال التالي هل نحن نحتاج فعلا الى هذه الاعراف العريقة في عصرنا الحالي و لماذا و ساحاول الاجابة بقدر الامكان.
ان المغرب دخل الى عصر الانفتاح بمفهومه الايجابي كالعلم بشتى انواعه و الفكر الهادف الى محاربة الجهل و التخلف لكن هذا الانفتاح له جوانبه السلبية و لست اعني العولمة الامريكية فقط بل اعني العولمة المشرقية التي بدات تنشر قيمها الرخيصة المعروفة .
و السؤال المطروح هل نحن نسير على خطى اجدادنا الذين يتميزون بالوقار و التدين الصحيح ام العكس و جوابا على سؤالي القائل هل نحن نحتاج فعلا الى هذه الاعراف و لماذا فاقول نعم نحتاج الى اعرافنا الامازيغية لان علينا الرجوع الى قيمنا الجميلة و الرجوع الى الاصل الذي كان دائما فضيلة و ليس العكس الا في
بعض الحالات و نعود الى عاداتنا القانونية في فصل الدين عن امور الدنيا و سيقول البعض انني رجعي او تقليدي و اقول لهم انني اخاف بعد مائة سنة ان نصبح في خبر كان و ان يصبح احفادنا لا يعرفون تقاليد اجدادهم الكرام و سيقولون بان التقدم يفرض علينا نسيان الماضي و تجاهل كل ما يتعلق به .
و خلاصة القول ان البعد الفدرالي للمسالة الامازيغية جد مهم و لا يقتصر فقط على الجانب التنموي الذي يعد الاساس و سيساهم في القضاء على مصطلح المغرب الغير النافع و كما سيساهم هذا الخيار الواقعي في احياء اعرافنا الامازيغية و تفعيلها في المناطق المغربية الناطقة بالامازيغية .

الاعلام الامازيغي واقع و افاق الجزء الاول

مقدمة
انني فكرت منذ مدة ليست بطويلة ان افتح هذا الموضوع المهم بالنسبة لنا كمناضلين جدد في هذا الحقل الامازيغي٬ و كما نعلم فيعد الاعلام شيئا اساسيا بالنسبة لنا كمجتمعات بشرية و يلعب هذا الاعلام أدوارا مهمة في عصرنا الحالي كالاخبار باخر التطورات التي يعرفها عالمنا اليوم على عدة مستويات سياسية و اقتصادية و ثقافية.
و المغرب كما يعلم الجميع قد بدا مجموعة من الاصلاحات الجوهرية شملت قطاعات عديدة و من بينها الاعلام من خلال انشاء الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري و من خلال انشاء مجموعة من القنوات الاذاعية و التلفزيونية و اخرها القناة الرياضية ٬ و لكن مازلنا ننتظر القناة الامازيغية التي ستنطلق في اكتوبر 2007 و هذا سيكون انجازا تاريخا طال اتنظاره .
و اتمنى بان تكون هذه القناة مراة تعكس الهموم الحقيقية للامازيغيين على عدة مستويات ثقافية و تنموية ٬لكني لا اتفق حول ساعات بث هذه القناة حيث ستيث من الخامسة مساءا الى الحادي عاشرة ليلا و هذا قليل بالنظر الى حاجات الامازيغيين الكثيرة عبر الوطن الحبيب من حيث الاخبار و البرامج على عدة مستويات ثقافية و اجتماعية و دينية بالاضافة الى تشجيع فنوننا الامازيغية عبر الثراب الوطني٬ و اتساءل هل تكفي ست ساعات للقناة الامازيغية التي جاءت بعد نصف قرن من الاستقلال .
و اتمنى من المعهد ان يفكر في زيادة عدد ساعات بث هذه القناة في اقرب وقت ممكن و للاشارة بانني كتبت مقالا حول هذا الموضوع و نشرته على موقع الحوار المتمدن .
و ساحاول في موضوعي هذا قراءة واقع الاعلام الامازيغي بمختلف وسائله كالاذاعة الامازيغية و اذاعة اكادير الجهوية و اذاعة راديو بلوس الجديدة و كما ساحاول قراءة وضعية الامازيغية في اعلامنا البصري..
ان الامازيغيين عرفوا معنى الاعلام منذ القدم من خلال مجموعة من الظواهر
التقليدية كالمسرح و الشعر الغنائي الذي كان في مقام الاذاعة و الصحافة المكتوبة في وقت من الاوقات و هذا امدياز او الشاعر في اللغة العربية يقوم باخبار الناس باخر التطورات على المستوى المحلي و الوطني و يحشد الناس لمقاومة الاستعمار و الدفاع عن بلادهم و دينهم و اعراضهم٬ و هكذا فان هذه الصيغة التقليدية للاعلام كانت عند الامازيغيين و مازالت حية في عاداتنا الاحتفالية .
و في سنة 1938 تم انشاء الاذاعة الامازيغية التي تعد اقدم وسيلة اعلامية ناطقة باللغة الامازيغية في تاريخ الاعلام الوطني و هي تعتبر مهمة انذاك بالنسبة للامازيغيين الذين كانوا يعيشون في البوادي ,و لا اعرف كيف بدات هذه الاذاعة انذاك نظرا لندرة مصادري بهذا الشان لكني اعرف على ان منذ الاستقلال المبارك كانت هذه الاذاعة تبث برامجها من منتصف النهار الى منتصف الليل منقسمة الى اربع ساعات لكل فرع من فروع اللغة الامازيغية الثلاث و هي الريفية و الاطلسية و السوسية .
و قمت ببحث متواضع عن تاريخ الاذاعة الامازيغية و اعتمدت على بعض الشهادات العائلية حيث سالت ابي الحبيب عن كيف يذكر الاذاعة الامازيغية فاجاب في عقد الستينات كنا نستمع الى برامجها الليلية اي الفترة المخصصة لفرع السوسية و من بين البرامج التي تبث انذاك برنامج اباراز ن ايت اومارك الذي
يقدمه العسري حماد امزال و يهتم هذا الاخير بفن الروايس و التعريف برموزه العديدة .
و قال ابي الذي اشكره على معلوماته القيمة بان الاذاعة الامازيغية كانت سجينة خطاب التخلف القروي كما اسميه لانه أي التخلف القروي يقمع كل ما يتعلق بالوعي بمفهومه المتعدد الابعاد الهوياتية و الفكرية و الاجتماعية و غيرها و كان هذا الخطاب مفروضا على هذه الاذاعة نظرا لاسباب معروفة و موضوعية تتعلق اساسا بسياسة الحركة الوطنية الاعلامية و الهادفة انذاك الى جعل العامة من الامازيغيون يعيشون بعديين عن ادراك مجموعة من الاسس كالهوية الامازيغية و النضال من اجلها.
و سالت كذلك عمي الكريم عن نفس السؤال فأعطاني معلومات قيمة و اشكره جزيل الشكر على تعاونه في هذا الباحث المتواضع و المهم بالنسبة للاجيال القادمة.
و تقول هذه المعلومات بان الاستعمار الفرنسي كان يفرض حصارا على الاستماع الى المذياع بشكل عام أي يقمع الاعلام الهادف الى نشر ثقافة المقاومة لكن الامازيغيين وجدوا طرق اخرى لايصال هذه الثقافة كالشعر و التوعية الدينية الخ .
و استمر عمي حماد في كلامه عن ذكرياته مع الاذاعة الامازيغية فقال بعد الاستقلال كانت تبث مسلسلات اذاعية تهتم ربما ببعض المسائل التي لا تتعارض مع المقدسات الخيالية انذاك .
و هكذا فان الاذاعة الامازيغية كانت لا تستطيع تحطيم الطابوهات الكثيرة في تلك المرحلة القاسية بالنسبة للحركة الامازيغية التي بدات تطالب برد الاعتبار لهذا المكون الاساسي للهوية المغربية و بدات تظهر كمظهر من مظاهر الصحوة الثقافية في مغرب الثمانينات و التسعينات لكن هذه الاذاعة ظلت بعيدة كل البعد عن هذه الصحوة.
و شخصيا بدات الاستماع لهذه الاخيرة في منتصف التسعينات و كنت صبيا كنت احب متابعة برامجها الترفيهية كبرنامج يان د كراض الذي يقدمه المذيع المتميز مصطفى ايت عبد الرحمان و هذا البرنامج عبارة عن مسابقات في الرياضة و الثقافة العامة و الالغاز من وحي تراثنا الامازيغي الغني و قد عاد هذا البرنامج في رمضان الاخير بعد طول الغياب .
و منذ نونبر 2005 شرعت الاذاعة الامازيغية في بث على مدار 16 ساعة أي من الثامنة صباحا الى منتصف الليل و هذا الانجاز التاريخي لم ياتي لوحده بل جاء بفضل المعهد الملكي للثقافة الامازيغية كمؤسسة وطنية اكاديمية تعنى بالملف الامازيغي و ساهمت في تطوير الاعلام السمعي الامازيغي كالاذاعة التي استطاعت ان تخرج من نطاق التخلف القروي الى نطاق الوعي بكل ابعاده و اصبحنا نسمع برامج جيدة و في مستوى عالي كبرنامج اوال ن ايت تامازيرت للمذيع المتميز عبد الله طالب علي و اوال ن تودرت للمذيع المتميز الحبيب العسري و غيرها من هذه البرامج التي تتطرق الى هموم الامازيغيين الحقيقية كهويتهم و التنمية البشرية .
و نحن نعرف ان معظم المناطق الناطقة بالامازيغية مازالت تفتقر الى اسس التقدم و النماء كالطرق و الكهرباء و الماء الصالح للشرب و البنيات التحتية كالمدارس و المستشفيات و دور الشباب و غيرها ٬ خلاصة القول ان الاذاعة الامازيغية خرجت من سجن التخلف القروي الذي لا يعرف الا تحطيم الامال و جعل بعض الفئات كالمعاقين.
و هكذا اصبحت هذه الاذاعة الامازيغية بفضل مجهودات المعهد الملكي للثقافة الامازيغية ذات فائدة عامة و ذات مقاصد ثقافية و هذا لم يكن في السابق٬ و نقول لكل المذيعين و المذيعات في اذاعتنا بفروعها الثلاث ايوز امقران على عملكم الدائم في سبيل إيصال رسالة هادفة الى الامازيغيين داخل المغرب و خارجه .
و في المقال التالي ساتطرق الى اذاعة اكادير الجهوية كقطب فاعل في مسار التنمية بجهة سوس .






الاعلام الامازيغي واقع و افاق الجزء الثاني

يعد الاعلام الجهوي اساسا من اسس التنمية المحلية التي لا تقتصر فقط على الجانب الاقتتصادي او جانب توفير اسباب العيش الكريم بل تشمل جوانب اخرى تتعلق اساسا بما هو فكري و ثقافي٬ فالانسان بشكل عام يحب ان يعرف تاريخ بلده و من اين جاء و غيرها من هذه الاسئلة.
و يشرفني ان اتطرق في هذا المقال الى جوهرة سوس التي ساهمت و مازالت تساهم في تعميق الوعي بمختلف معانيه و هذه الجوهرة هي اذاعة اكادير الجهوية التي تستحق منا كل التكريم و التشجيع و كما ساتحدث قليلا عن اذاعة راديو بلوس كتجربة جديدة اخذت تجد مكانتها في سماء الاعلام الجهوي .
و قبل الدخول الى صلب موضوع هذا المقال اود ان اقول بان في الدول المتقدمة كامريكا و اسبانيا و غيرهم عندهم اعلام جهوي بمختلف مكوناته السمعية و البصرية بينما نحن كدولة حصلت على استقلالها منذ 51 سنة لم تستطيع توفير اعلاما جهويا بكل معانيه و السبب يرجع بحسب اعتقادي الى فكر الحركة الوطنية الذي امن بالوحدة الوطنية بمفهومها السلبي الذي يقصي التعدد الثقافي و اللغوي و هو يعتبر اساس من اسس الحضارة المغربية.
و يتوفر المغرب على عدة اذاعات جهوية كاذاعة طنجة و اذاعة فاس و اذاعة تطوان و غيرها و كما يتوفر المغرب على تلفزة جهوية وحيدة و هي قناة العيون الجهوية ٬ و السؤال المطروح بالنسبة لي و هو هل هذا يكفي ام مازال الطريق طويلا امامنا لتحقيق اعلاما جهويا حقيقيا و سيساهم في ترسيخ ثقافة التعدد و الاختلاف دون الخروج عن الوحدة الوطنية بمفهومها الايجابي .
و الان ندخل الى صلب موضوعنا و هو اذاعة اكادير التي اسست سنة 1973 كما قال لي الاستاذ حنداين عن طريق البريد الالكتروني و اشكره على هذه المعلومة القيمة ولكني لا اعرف كيف بدات او ماهية نوعية برامجها انذاك نظرا لندرة مصادري في هذا الشان٬ و بدات الاستماع اليها سنة 1993 او 1994 و اتذكر بعض المذيعين و المذيعات مثل محمد ولكاش المعروف بانه شارك في دور صغير في فيلم تامغارت ؤورغ المفضل و كما شارك في فيلم امازيغي اخر و كان هذا الاخير يقدم برنامج رياضي و لا اتذكر اسمه و حاليا يعمل في اذاعة راديو بلوس.
و اتذكر المذيعة خديجة امرير التي كانت تقدم برامج تهتم بقضايا المراة و الطفل. و كنت احب برنامج توزونين الذي يقدمه المذيع المفضل لدي و هو ابو بوكر افاكار و هذا البرنامج يعنى بالشعر الامازيغي عن طريق رسائل المستمعين المهتمين بهذا الميدان و هذا البرنامج في اعتقادي هو محاولة اولية لجعل المستمع الامازيغي داخل جهة سوس يكتشف هويته و همومه المتعددة٬ فالشعر بصفة عامة هو ابن بيئته الثقافية و الحضارية و يحمل هذا الاخير مجموعة من القضايا ذات ابعاد انسانية كالفقر و الحروب التي وقعت.
و من بين البرامج التي بدات منذ منتصف التسعينات على اذاعة اكادير برنامج تاوسنا تمازيغت الذي يقدمه الاستاذ محمد اكوناض المعروف لدى اوساط الحركة الامازيغية و المعروف كذلك في مجال الترجمة من و الى الامازيغية و فاز هذا الاستاذ الجليل في اكتوبر الماضي بجائزة الثقافة الامازيغية الذي ينظمها المعهد الملكي للثقافة الامازيغية تكريما للذين يخدمون في ميادين هذه الثقافة الغنية .
و نرجع الى برنامج تاوسنا تمازيغت الذي يعد الاول من نوعه في الاذاعة الامازيغية بشكل عام و ربما اخطئ لانني لا اتابع اذاعة تطوان التي تخصص ساعاتان من وقتها للامازيغية الريفية٬ و على اي حال فهذا البرنامج يحاول منذ بداياته ان ينشر الوعي بالهوية الامازيغية لدى المستمع ذو مستوى عالي من الفكر يمكنه الادراك بان المغرب له تاريخ طويل ما قبل الاسلام و له كذلك حضارة عريقة المسماة بالحضارة الامازيغية اعطت الشيء الكثير للحضارة الانسانية بمفهومها الشامل .
تعتبر حادة العويش من المذيعات المتميزات في اذاعة اكادير لانها تقدم برامج ذات الطابع الاجتماعي و هذه الاخيرة تعنى بالمراة و قضاياها المتعددة و الطفل و الاشخاص دوي الاحتياجات الخاصة٬ و في هذا السياق اتذكر جيدا في سنة 2000
جاءت الوزيرة المكلفة بالاشخاص المعاقين الى اكادير قصد القيام بعدة زيارات الى المؤسسات المهتمة بالمعاق كمركز وردة الجنوب المتواجد انذاك بحي الخيام 2 و كانت حادة العويش حاضرة حيث قامت بتسجيل برنامجا مع بعض اعضاء جمعيتنا كابي العزيز كعضو و مع بعض المربيات كخديجة الشوم و هكذا كانت بداية العلاقة الوطيدة بين المركز و اذاعة اكادير بقسمه العربي و الامازيغي و لا انسى في هذا السياق ان اشكر المذيعة فاتن خداري التي قدمت برنامج بالعربية حولي بمناسبة اليوم الوطني للمعاق و كانت حادة في بيتنا حيث اجرت حوارا مع امي الحبيبة في نفس السياق .
و نعود الى برامج حادة العويش المتميزة و المختلفة من حيث المواضيع كالبرنامج
الذي يهتم بالفن الامازيغي و يستضيف هذا الاخير مجموعة من الفنانين الامازيغيين للحديث معهم عن مسارهم الفني و الحياتي و عن حقوقهم الاجتماعية كالتغطية الصحية و الضمان الاجتماعي.
و من البرامج الجديدة على اذاعة اكادير في هذا الموسم برنامج تيفاوين الذي يقدمه المذيع هشام ناصف و هذا البرنامج يهتم اساسا بقضايا المجتمع الغير معروفة لدى العامة من الناس مثل مرض السيدا و حسب هذا البرنامج فان منطقة سوس تحتل المركز الاول وطنيا من حيث الاصابة بهذا المرض الخطير و الذي يعد في مجتمعنا المحافظ من الطابوهات الخطيرة لان مرض السيدا ينتقل من الانسان الى الاخر بطرق المعروفة لدى الجميع ٬و انني اشجع مثل هذه البرامج المفيدة و الهادفة حسب اعتقادي الى قراءة كل الظواهر الغير معروفة لدى عامة الناس بشكل واقعي .
و نقول لكل المذيعين و المذيعات باذاعة اكادير الجهوية التي اعتبرها جوهرة سوس ايوز امقران على عملكم الدائم من اجل خدمة المستمع فكريا و ثقافيا و
تنمويا.
و بالنسبة لاذاعة راديو بلوس فانها شيء جديد و اضافة نوعية في الاعلام الامازيغي عموما و الاعلام الجهوي خصوصا لان جهة سوس محتاجة اكثر من أي وقت مضى الى اعلام جهوي بكل ابعاده السمعية و البصرية و اتمنى التوفيق لاذاعتننا الجديدة التي استطاعت ان تصبح متالقة داخل المغرب و خارجه بفضل شبكة الانترنت ٬ كذلك علينا لا ننسى اذاعة كازا ف م التي تهتم بكل خصوصيات المجتمع المغربي المتعددة و اتمنى لها كذلك التوفيق .















الاعلام الامازيغي واقع و افاق الجزء الثالث و الاخير
مقدمة لا بد منها
يعتبر التلفزيون اختراع رائع و خطير في نفس الوقت لانه يسمح للانسان ان يشاهد الاخبار و البرامج المفضلة له .
و التلفزيون هو وسيلة نرى من خلالها خصوصيات الشعوب المتعددة و المختلفة عبر العالم بفضل تطور وسائل الاتصال الحديثة منذ بدايات التسعينات من خلال دخول الصحون الهوائية الينا كبلد عرف تاسيس اول قناة تلفزيونية في تاريخه السياسي و الاعلامي في سنة 1963 و هي التلفزة المغربية ٬و انذاك كان الامازيغيون مازالوا يسبحون في بحور الجهل و التخلف و القمع الشديد بمنطقة الريف و الاطلس٬ و كان معظمهم لا يهتمون الا بتوفير العيش الكريم لهم و لابناءهم.
و كانت التلفزة شيئا لا يوجد عند كل شرائح المجتمع و خصوصا في العالم القروي٬ و سالت مرة اخرى ابي الحبيب كيف يتذكر التلفزة فاجاب كانت التلفزة في عقد الثمانينات تبث من السادسة مساءا الى الحادية العاشرة ليلا و كانت تبث الرسوم المتحركة و المسلسلات المصرية او المغربية و الاخبار الرسمية البعيدة كل البعد عن الواقع و تعرفون ماذا اقصد٬ و كما تبث المسلسلات البرازيلة المترجمة الى الفرنسية و اتذكر هذا جيدا في ذلك العقد و كنت انذاك مازلت طفلا صغيرا يحب مشاهدة الرسوم المحتركة كاي طفل مغربي .
و نرجع الى موضوعنا في عقد الثمانينات لاحظت من خلال مشاهدتي لاشرطة الفيديو التي كانت تسجلها امي الحبيبة في ذلك الوقت بان الحضور الموسيقي الامازيغي كان متواضعا كما يعلم الجميع فعقد الثمانينات عرف محاكمة المرحوم علي صدقي ازايكو بمجرد قوله بان الامازيغية لغة وطنية و انذاك كانت الامازيغية مجرد قضية نخب قليلة و تعد من الطابوهات الكبيرة الى جانب ملف حقوق الانسان.
وانني لا اجد تفسيرا للحضور الامازيغي ببعده الموسيقي في التلفزة انذاك بحيث تبث سهرات من اكادير و غيرها و من بين الروايس الذين اعطوا في التلفزة المغربية المرحوم الحاج الدمسيري المعروف بمواقفه الشجاعة تجاه حقوقنا الثقافية و اللغوية و كان يدافع بدون الخوف من الاعتقال لانه يعرف بان الموت لا بد منه و المهم ان يترك وراءه ما يشرف الامازيغيين و فعلا ترك هذا الاستاذ الكبير مدرسته التي انجبت لنا فنانين كالمناضل احمد اوطالب المزوضي و الاستاذة فاطمة تاباعمرانت.
و كما تخبرني هذه الاشرطة بمعلومات مهمة كفوز الاستاذ الكبير عموري مبارك بالجائزة الاولى للاغنية المغربية في سنة 1985 بالمحمدية و اغنيته الفائزة كانت تتحدث عن معانات الجالية المغربية بضواحي باريس الفرنسية و هذه الاخيرة من شعر المرحوم الاستاذ المرحوم علي صدقي ازايكو المعروف لدى الكل.
و في عقد التسعينات اصبحنا لا نرى الامازيغية الا في نشرة اللهجات التي بدات بعد خطاب 20 غشت 1994 التاريخي او في برنامج الكنوز الذي كان يقدمه الاستاذ عمر امرير المعروف بانه يعد من الباحثين الاوائل في الثقافة الامازيغية و صدرت له اعمال كثيرة و منها الشعر المغربي الامازيغي سنة 1975 و كما صدر له كتاب امالو الخاص بشخصية المقاوم و الفنان الحسين جانتي و غيرها ٬و للاشارة فقط فانني وجدت هذه المعلومات القيمة في العدد الاول من مجلة تاوسنا التي كان مديرها هو الاستاذ العزيز احمد عصيد بتعاون مع الاستاذ العزيز محمد مستاوي.
و برنامج الكنوز باختصار شديد هو محاولة للتعريف بكل ما يتعلق بالثقافة الامازيغية كالعادات و التقاليد الاجتماعية لكنه ناطق باللغة العربية .
و اما بشان القناة الثانية فكما يعلم الجميع فتم تاسيسها سنة 1989 في مدينة الدار البيضاء و بخصوص مكانة الامازيغية فيها فكانت جد ضعيفة و نادرا ما كان يبث بعض الاغاني و بعض البرامج القليلة فقط لا غير.
بعد انشاء المعهد الملكي للثقافة الامازيغية اية قراءة لوضعية الامازيغية في اعلامنا البصري
يعد القرار السامي القاضي باخراج هذا المعهد الى حيز الوجود قرارا حكيما و طال انتظاره من طرف اوساط الحركة الامازيغية التي طالبت و مازالت تطالب باعطاء الامازيغية كلغة و كثقافة متعددة الجوانب حقها الشرعي و الطبيعي في قنواتنا التلفزيونية.
و لا ننكر بان هذه المؤسسة عملت مجهودات كبيرة في تعزيز مكانة الهوية الامازيغية في الاعلام البصري بحيث اصبحنا نشاهد مجموعة البرامج الجديدة كبرنامج تفاوين التي تبثه التلفزة المغربية و تقدمه الاستاذة خديجة رشوق و هذا الاخير يهتم بالتعريف بالثقافة الامازيغية و رموزها مثل الاستاذ الاكادمي محمد شفيق الذي يعد اب القضية الامازيغية و الاستاذ الصافي مؤمن و كما اهتم هذا البرنامج بالتعريف بالفنون الامازيغية سواء في الريف او في الاطلس المتوسط او في سوس و يستحق برنامج تفاوين كل التشجيع و التقدير
و هناك برامج جديدة و الناطقة بالامازيغية ظهرت منذ دجنبر الماضي كبرنامج ارحال المهتم بالثقافة الامازيغية و برنامج اسراك الذي يبث بشكل يومي.
و اصبحنا نرى برنامجا خاصا لتعليم اللغة الامازيغية التي تبثه الرابعة الخاصة
بالتربية و التكوين و اسمه ياز.
و كما اصبحنا كذلك نرى في القناة الاولى القليل من الافلام و المسرحيات بالامازيغية و هذا لا يكفي.
و بالاضافة الى بعض السهرات الموسيقية لكن هناك ملاحظات كثيرة في هذا الشان مثل لم نشاهد قط سهرات بعض الروايس كالدمسيري و عمر واهروش و غيرهم بينما نشاهد سهرات عبد الحليم حافظ الذي احب الاستماع الى اغانيه لانها تذكرني بذكرياتي عندما كنت صغيرا ٬ لكني ضد تجاهل طربنا الامازيغي الاصيل الذي لم يعد يبث على القناة الاولى منذ عقد الثمانينات اي منذ موت الدمسيري.
و غيرها من هذه الملاحظات.
و الان ندخل الى مكانة الامازيغية في القناة الثانية بعد انشاء المعهد فاقول ان هذه القناة عملت مجهودات ايجابية الى حد ما
حيث اصبحنا نرى الاخبار بالامازيغية و هذه النشرة تشمل الاخبار الوطنية و الدولية و تشمل كذلك الاخبار الخاصة بالثقافة الامازيغية ٬و هذه الخطوة اعتبرها جيدة لكنها تبث على الساعة الثانية زوالا و في اعتقادي المتواضع بان هذا التوقيث غير مناسب لانه وقت خروج الناس الى عملهم و هذا مجرد راي يعبر عن لسان حال الانسان الامازيغي .
و كما ظهرت برامج جديدة الناطقة بالامازيغية و هذه الاخيرة تهتم بالثقافة و التنمية و هذه البرامج تبث مباشرة بعد الاخبار الامازيغية و بالاضافة الى البرامج المترجمة الى الامازيغية و كذلك الافلام المغربية التي ترجمت اليها و هذه المجهودات تستحق منا كل التقدير و بالاضافة الى بث بعض سهرات موسيقية.
غير ان نلاحظ على ان السينما الامازيغية غائبة تماما في القناة الثانية التي بثت فيلم واحد الى حد الان و هو فيلم حمو انامير بينما تشجع السينما الامريكية و
المصرية و المسلسلات المكسيكية٬ و هذا في اعتقادي المتواضع يعد تهميشا مباشرا للسينما الامازيغية الحاملة لقيمنا الاسلامية.
و بخصوص مكانة الامازيغية في بقية قنواتنا التلفزيونية فهي جد ضعيفة بل لا توجد تماما.
و اما بخصوص قناة السادسة الخاصة بالشان الديني فانها اخذت تعترف بوجود شعبا اسمه الشعب الامازيغي المتدين و اخذت تعترف بوجود بعدا دينيا منسيا منذ انشاء الحركة الوطنية٬ و انني شاهدت في دجنبر الماضي على السادسة الامداح النبوية بالامازيغية و هذا اعتبره تقدما تاريخيا لكنه البداية لمسار طويل من اجل رد الاعتبار للبعد الديني لدى الامازيغيين٬ و في نفس السياق اعجبت ببرنامجا كان يبث في
الاذاعة الامازيغية في رمضان الاخير و اسمه هو تغارست ن اورقاس ن ربي الذي يقدمه الاستاذ الجليل الحسين الجهادي اباعمران المعروف بانجازاته العظيمة
الا و هو ترجمة السيرة النبوية و معاني القران الكريم و الحديث القدسي و صحيح البخاري مؤخرا الى اللغة الامازيغية٬ و هذا الاستاذ يستحق فائق التقدير و الاحترام مني شخصيا.
و برنامجه الاذاعي هو عبارة عن السيرة النبوية الشريفة و قد استخدم هذا الاستاذ العزيز الامازيغية الفصحى و السؤال الكبير الا يستحق الامازيغيين مثل هذا البرنامج الديني على قنواتنا التلفزيونية و خصوصا السادسة .
و قبل ختام هذا المقال الثالث اريد قول خلاصة شمولية و هي ان التلفزيون هو مراة تعكس كل خصوصيات الشعوب الدينية و الثقافية و اللغوية فالمغرب هو ارض الاختلاف و التنوع بمعناه الواسع منذ فجر التاريخ لكنه منذ استقلاله اصبح احادي اللغة و الفكر٬ و اليوم اصبح المغرب يتمتع بقدر كبير من الحرية المسؤولة و الديمقراطية و اقول مرة اخرى باننا سنرى في اكتوبر القادم حلمنا يتحقق بانطلاق اول قناة تلفزيونية باللغة الامازيغية و اتمنى من هذه القناة ان تكون ذات رسالة هادفة الى التعريف بهويتنا الاصلية و خصوصياتها المتميزة.
في الختام اتمنى من هذا الموضوع المتواضع ان ينال اعجابكم
















تكريم رموز الهوية الامازيغية
للاشارة بانني كتبت هذا المقال في شتبر 2006


الذكرى الثانية لوفاة فقيد القضية الامازيغية الاستاذ علي صدقي ازايكو
ان التاريخ المعاصر لن ينسى بسهولة نضالات الشعوب ضد الاستعمار بمختلف ابعاده العسكرية و السياسية و الثقافية و غيرها من انواع الاستعمار غير ان من اعظم انواع هذا الاخير هو الاسعمار الايديولوجي الذي يعمل تحت غطاء الدين كشيء مقدس او الحفاظ على الوحدة الوطنية و هذا ليس صحيحا بالمرة و انما هو من ادبيات مدرسة الظهير البربري المعادية للامازيغين و لحقوقهم الثقافية و اللغوية و كذلك لبعدهم الديني .
و ها نحن نخلد اليوم الذكرى الثانية لوفاة احد المناضلين الاوائل من اجل اظهار الحقائق التاريخية و فضح الاكاذيب المؤلمة بالنسبة لاجدادنا الامازيغين الذين ضحوا بالغالي و النفيس من اجل هذا البلد العظيم بتاريخه و حضارته المتعددة و هذا الرجل لن يكون الا الاستاذ المناضل و المؤرخ و الشاعر علي صدقي ازايكو الذي يستحق اكثر من مقالي المتواضع لانه بدا نضاله الطويل في زمن كان فيه الناس يخافون من سيدي فلان اكثر من الخالق و رسوله الاكرم.
اذ كانوا تعتقدون بفكر الديني الخرافي في ذلك الوقت و الرامي الى ترسيخ الظلام الهوياتي و اللغوي .
و انذاك أي في عقد الستينات كان النظام يقمع كل ما يتعلق بالبعد الامازيغي قصد إبادته و القضاء عليه بهدف تعريب المغرب بالكامل لكن هذه الخطة لم تنجح بفضل الحركة الثقافية الامازيغية التي انطلقت في اواخر ذلك العقد مع تاسيس الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي في مدينة الرباط من طرف فئة من المثقفين امثال الاستاذ ابراهيم اخياط و الاستاذ صافي مؤمن و الاستاذ محمد مستاوي و الاستاذ المرحوم علي صدقي ازايكو الذي ناضل بقلمه الأسود في كتابة مقالاته المدافعة عن حقنا في الوجود اولا و حق هويتنا الامازيغية في الحياة و الاهتمام من طرف الدولة و اعادة كتابة تاريخ المغرب بشكل صحيح و موضوعي بعيدا عن تاريخنا الرسمي الذي يبدا منذ قدوم ادريس الاول الى المغرب و يتجاهل تاريخنا ما قبل الاسلام او تاريخنا ما قبل سنة 1934 و تعرفون ما اقصد هنا.
و ادا كان عقد الثمانينات قد شهد تحولات على صعيد الحركة الثقافية الامازيغية التي اصبحت حاضرة في مشهدنا الثقافي بفضل تاسيس جمعية الجامعة الصيفية باكادير و التي نظمت دورتها الاولى صيف سنة 1980 تحت شعار الثقافة الشعبية و الثقافة المغربية.
و شكل هذا الحدث بداية لانشاء الفعل الثقافي ببعده الامازيغي و بداية ايضا لبناء الحركة الثقافية الامازيغية على اسس فكرية قوية و منفتحة على مرجعيات جديدة .
و غير ان ذلك العقد شهد محاكمة المرحوم في صيف 1982 بسبب مقاله الشهير في سبيل مفهوم حقيقي لثقافتنا الوطنية المنشور انذاك في مجلة تسمى امازيغ و تطرق هذا المقال في البداية الى مشكل التعدد الثقافي على مستوى العالم و ذكر نماذج كالباسك في فرنسا و في اسبانيا و الهنود الحمر في الامريكية اللاتينية و بعد ذلك دخل الى صلب مشكلنا الثقافي مستحضرا مجموعة من الحقائق المجتمعية تقول بان اللغة الامازيغية مازالت وسيلة التواصل و التكلم في مناطق واسعة من هذا الوطن الغالي اذن هي لغة وطنية بكل معنى الكلمة ولكن انذاك يعتبر هذا القول بمثابة جريمة عظمى و انقلاب على النظام و هكذا دخل ازايكو الى السجن بتهمة المساس بالامن الوطني و المساس بمقدساته الخيالية التي جعلتنا طوال سنوات الرصاص و التخلف ببعده الديني و الايديولوجي نعيش تحت شعار العروبة ليس الاسلام الحق الذي يساوي بين المسلمين بغض النظر عن اختلافاتهم الهوياتية فالتركي له هويته الثقافية و الايراني له كذلك هويته الثقافية و هنا اريد القول بان الهوية الثقافية لا تتعارض مع أي دين سماوي بل العكس ولكن الحركة الوطنية مع كامل الاسف رسخت في جيل الاستقلال و خصوصا الفقهاء امثال المختار السوسي بان العروبة ضرورية للحفاظ على ديننا الحبيب و يجب محاربة كل اشكال المشاريع الهادفة الى احياء الظهير البربري و من بين هذه الاخيرة رد الاعتبار للهوية الامازيغية .
و نعود الى محاكمة ازايكو فنقول ان تلك الفترة مازال المغرب لم يعترف بوجود لغة اسمها اللغة الامازيغية و بالتالي جاءت محاكمة الاستاذ ازايكو في ذلك السياق التاريخي و قضى هذا الاخير سنة سجنا بسبب اراءه النضالية.
ان هذا الرجل المناضل ضحى من اجل كشف حقيقة الهوية الامازيغية التي مازالت تعيش في اغلب الدول المغاربية كالجزائر الشقيقة و ليبيا الشقيقة.
و هذا المناضل اعطى حياته في خدمة حلمه الكبير الا و هو رد الاعتبار للهوية الامازيغية .
و رحم الله فقيد القضية الامازيغية الاستاذ علي صدقي ازايكو و رحم الله كذلك كل شهداء النضال الامازيغي في المغرب الكبير .



تكريم الاستاذ محمد مستاوي
ان الانسان مهما كان يحب عدة اشياء كالوطن و الدين و الهوية الثقافية, فيشرفني عظيم الشرف ان اتطرق في هذا المقال الى مناضل اعطى الشيء الكثير للهوية الامازيغية منذ عقد الستينات اي منذ بداية النضال من اجل انقاد الامازيغية كلغة و كثقافة من سياسة الاقبار المقصودة انذاك و هذا المناضل ساهم في التعريف بالثقافة الامازيغية في كتبه العديدة مثل قال الاوائل الخاص بالامثال الامازيغية او الامثال الشعبية كما تسمى في مرحلة الثقافة الشعبية و سلسلة تفاوين المهتمة بالادب الامازيغي كالحكاية و الامثال الحاملة للعديد من الدروس الدينية و الحياتية, و كما انها تحكي لنا كجيل متطور فكريا عن تجارب اجدادنا الامازيغيين الذين حاربوا بسلاح الدين بمفهومه الايجابي المحافظ على الخصوصيات الثقافية و الحضارية.
و هذا الشاعر الذي يكتب الشعر و له اصدارات في هذا الباب مثل اسكراف اي القيود الصادر في سنة 1975 و تاضصا د امطاوين اي الضحك و البكاء الصادر في سنة 1979و اخيرا اسايس الصادر في 1988 و هو كذلك شاعر اسايس او انظام غ ؤسايس .
و خلاصة القول بان هذا المناضل قد جمع بين البحث الهادف الى انقاد الهوية الامازيغية من سياسة الاقبار و الشعر الجميل و الاعلام بشقه المكتوب و المسموع و هذا المناضل لن يكون الا الاستاذ الكبير محمد مستاوي الذي يستحق مني شخصيا هذا التكريم المتواضع في هذا الكتاب لانه ساهم في تربية اجيال السبعينات الى اليوم على حمل تابرات ن تمازيغت اي الرسالة الامازيغية.
و ولد محمد مستاوي في سنة 1943 بقيادة اضار عمالة تارودانت و تابع دراسته بالمعهد الاسلامي بمدينة تارودانت العتيقة و المتميزة بعلمها الشرعي و بعلماءها الكرام .
ثم واصل مساره الدراسي و ثم عمل في المجال التربوي بمدينة الدار البيضاء .
و قد انخرط هذا المناضل مبكرا في الدفاع عن القضية الامازيغية او الثقافية الشعبية انذاك في عقد الستينات الذي شهد تاسيس الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي و هو يعتبر من بين المؤسسين لهذه الجمعية الى جانب الاستاذ ابراهيم اخياط و الاستاذ الفقيد علي صدقي ازايكو و الاستاذ الصافي علي مؤمن و العميد الحالي للمعهد الاستاذ احمد بوكوس و اقول ربما الاستاذ الحسين جهادي و هكذا انطلق هذا الاستاذ المجاهد في مساره النضالي و الشاق, و كما نعلم فانذاك لا يوجد وعي كافي باهمية الثقافة الامازيغية لدى الدولة بمؤسساتها لانها امنت كثيرا بمشروع الحركة الوطنية الرامي الى قمع الامازيغية بكل ابعادها الثلاث حسب اجتهادي الشخصي, و في ذلك الوقت كان من يدافع عن الثقافة الامازيغية كانه يريد احياء الظهير البربري و بالتالي يريد القضاء على الاسلام فهذا الاستاذ المجاهد حاول عبر كتبه الكثيرة ان يحطم هذه الاكذوبة بحقائق واضحة و خصوصا في مجاله الفني و التراثي بحيث ان التراث الامازيغي ليس شيئا دخيلا او من ادبيات الاستعمار الاجنبي بل هو يستمد مرجعيته من هويتنا الاسلامية الخصوصية كشعب مغربي , و كما ان هذا التراث يعد كنزا من كنوزنا الوجدانية و ليس مجرد سلعة رخيصة للترفيه السياحي .
ان الحديث عن محمد مستاوي هو حديث طويل و مفيد خصوصا انه عانى كغيره من المناضلين الامازيغيين من سنوات الرصاص و قمع الامازيغية و هذا الاستاذ قد عانى كثيرا من هذه السنوات التي قتلت ابنه الشهيد في مطار محمد الخامس بالدار البيضاء في صيف 1992 و برغم من هذا الحادث المؤلم بالنسبة له واصل نضاله و كتب كتابا حول الحاج محمد الدمسيري الصادر في سنة 1993 و الدمسيري الذي يعرفه الكل باغانيه الدينية و الوطنية و المعروف كذلك بدفاعه عن حقوقنا الثقافية و اللغوية .
و مات هذا الرايس في 11 نونبر 1989 كانه لم يقدم شيئا للشعب المغربي و كانه لم يدافع عن الدين و الوطن .
و جمع محمد مستاوي في ذلك الكتاب شهادات و مقالات حول هذا الرمز و ايضا بعض المختارات من شعره الخالد.
و هناك الجانب الاعلامي في حياة محمد مستاوي و الاعلام كما نعلم هو وسيلة لايصال الاخبار السياسية و الاقتصادية و غيرها و كما هو كذلك وسيلة لنشر خصوصيات الشعوب الدينية و الثقافية و المغرب منذ الاستقلال فشل في توفير اعلام حقيقي يجسد التعدد الثقافي و اللغوي الموجود في مجتمعنا المغربي و الاعلام الامازيغي بدا بانشاء الاذاعة الامازيغية في سنة 1938 و التي ظلت منذ الاستقلال ذات خطاب التخلف القروي كما اسميه اي البعيد عن ادراك مجموعة من المسائل كالهوية الامازيغية و تنمية المناطق الامازيغية .
و كان بعض المناضلين يكتبون في الجرائد الوطنية كالاستاذ عمر امرير و الاستاذ احمد عصيد و استاذنا محمد مستاوي الذي كان يكتب في الاتحاد الاشتراكي و في بيان اليوم و كما اسس مع صديقه الاستاذ احمد عصيد مجلة تاوسنا في سنة 1994 و هذه المجلة مهتمة بالثقافة الامازيغية .
و منذ سنة 2004 يقدم محمد مستاوي برنامجا على امواج الاذاعة الامازيغية و هذا البرنامج الرائع و المفضل هو فريد من نوعه حيث يهتم بكل ما يتعلق بالثقافة الامازيغية كالادب و الفنون و كذلك البعد الديني الموجود في هذه الثقافة و شخصيا اسمع هذا البرنامج الذي يجعلني اكتشف شخصية هذا الاستاذ المتدينة و المسايرة لتحديات التطور فهو الذي وضع الحجر الاساسي للتجديد في الاغنية الامازيغية من خلال مجموعة اوسمان و من خلال اغنية تابرات المتواجدة في ديوان اسكراف و يعد الاستاذ
عموري امبارك صديقه و الذي قام بغناء مجموعة من قصائده الرائعة الهادفة الى توعية الشباب باصولهم العريقة ليس جعلهم يفقدون قيمهم الحضارية و الدينية كما هو الحال بالنسبة لشبابنا اليوم الذي يجري الى المشرق او الغرب و ينسى بان اجدادهم تركوا لهم تراثا غنيا بالفن الجميل يجسده جيل الحاج بلعيد و جيل الحاج محمد الدمسيري و جيل عموري امبارك المتشبث بشعار الاصالة و المعاصرة اذن الاستاذ محمد مستاوي ساهم في تطوير الاغنية الامازيغية بهدف مسايرتها لعصرنا الحالي .














فيلم تامغارت ؤورغ اول وثيقة تتعارض مع الظهير
البربري
مقدمة
ان الفنون الجميلة لها حمولة ثقافية و حضارية بابعادها المتكاملة العناصر و الانسان المبدع هو ابن بيئته بمختلف مكوناتها الطبيعية و الوجدانية التي
تجعله يفكر في العديد من الاشياء كالهوية و هي تعد اساس من اسس هذا الانسان الذي يحاول ان يبدع في ميادين الابداع الكثيرة كالشعر و الغناء و السينما.
و هي تعتبر من الفنون الجميلة المعبرة بالصوت و الصورة عن العديد من القضايا ذات ابعاد مختلفة كالحروب و الفقر و خصوصيات الشعوب الثقافية و الحضارية و من هذا المنطلق فالسينما الامازيغية تعد نافذة نرى من خلالها قيمنا و ادبياتنا العريقة كمجتمع مسلم منذ قرون عدة.
وكما نعلم فالدين الاسلامي له مكانة مرموقة عند الامازيغ و الذي ينكر هذا لم يفهم
جيدا تاريخ المغرب بشكل صحيح او يعتقد بالخرافات التي حاولت تشويه الكيان الامازيغي بشتى الطرق و الوسائل منذ اكذوبة الظهير البربري القامعة للامازيغية .
و في سنة 1991 خرج اول فليم ناطق باللغة الامازيغية في تاريخ المغرب المعاصر الذي عرف انطلاقة الحركة الثقافية الامازيغية كاتجاه فكري هادف الى رد الاعتبار للهوية الامازيغية.
و انذاك مازلت صغيرا لم ادرك اهداف هذا الفيلم الحامل للعديد من المعاني العميقة و الرموز الدالة و اعتبره شخصيا اول وثيقة تتعارض مع اكذوبة الظهير البربري .
و اسم هذا الاخير هو تامغارت ؤورغ أي امراة من ذهب. تعتبر هذه اشارة قوية بان المراة عندنا لها مقام محترم تساهم في نشر قيم العفاف و الشرف المهمان في مجتمعنا الامازيغي. هذا الفيلم اعتبره كنزا من كنوزنا الثقافية و الحضارية لانه يتطرق الى مشاكلنا كالتخلف الديني الذي جعل اجدادنا يقدسون الخرافات و الظلام الهوياتي و تقديس اولياء الله الصالحين اكثر من خالق الكون الذي له مفاتيح الغيب و هذا التخلف قد منع اجدادنا من ادراك مجموعة من المسائل كالهوية و الانتماء الى هذه الارض الطاهرة و هذا التخلف هو احد
الاسباب المباشرة لعدم تقدمنا في ركاب التطور .
انني شاهدته العديد من المرات و لم امل منه و الذي سيشاهد هذا العمل الرائع سيكتشف العديد من الرموز التي لا يفهمها الا الانسان الامازيغي و من بين هذه الرموز التشبث بالارض و العرض و هذان الرمزان يجعلانا نفكر كثيرا في حضارتنا الامازيغية المساهمة بشكل كبير في نشر قيم الاسلام الحقيقي و المؤمن بمفهوم التعايش السلمي بين كل الثقافات و الديانات السماوية و الرافض للمذاهب المتطرفة كالسلفية و القاعدة و غيرهما من هذه الاخيرة التي دخلت الينا من المشرق .الانسان العاقل لن يترك اسلام اجدادنا المرابطون و الموحدون.
و انني اؤمن باسلامنا الطاهر و المتسامح و المدافع عن مقدساتنا الحقيقية و ليس الخيالية او المستوردة من منابع التطرف و التكفير و هذه وجهة نظري الشخصية.
و هذا الفيلم يعطينا تصور عام عن التخلف الديني في مجتمعنا الذي يحارب التقدم الفكري من خلال نشر مجموعة من الاشياء كالشعوذة و الايمان بوجود كائنات خارقة و عبادة الخرافات اكثر من القرآن الكريم و الفكر المتنور.
و هذا الفكر لا يستطيع ان يعيش في بحور الخرافات الشعبية.و يخبرنا هذا الفيلم ان مجتمعنا مازال يؤمن بهذه الاشياء التي تمنعه من التقدم و تطور العقول و الافكار.
و كما اشرت فان فيلم تامغارت ؤورغ يحمل معاني عميقة تحكي لنا بشكل غير مباشر عن النضالات الامازيغية ضد التخلف و استغلال العقول الضعيفة عن طريق ديننا الاسلامي , و الامازيغية في هذا الفيلم هي تامغارت ؤورغ المدافعة
عن ممتلكات زوجها المهاجر الى فرنسا قصد العمل و هذه الممتلكات هي ارضه و عرضه, و يخبرنا هذا الفيلم بشكل غير مباشر ان من يدافع عن حقوقه الثقافية و اللغوية سيتعرض الى التشويه و الى الاتهام بانه خرج عن الطريق المستقيم مثل ما تعرضت له تامغارت ؤورغ من الاتهام في عرضها كامرأة متزوجة تدافع بكل قوهاعن ممتلكات زوجها الغائب ضد الذين يريدون الاستغلال و السيطرة على هذه الاخيرة.
و هذه هي قراءتي الشخصية لهذا الفيلم الرائع الذي يستحق منا التشجيع و التكريم لانه خرج الى الوجود بإمكانيات ذاتية جد ضعيفة.
و انذاك لم يكن
يوجد أي اهتمام رسمي من طرف الدولة تجاه تنمية الثقافة الامازيغية
و قد شكل ظهور هذا العمل السينمائي حدثا تاريخيا بامتياز
بالنسبة للامازيغيين الذين لا يفهمون ما يبث على قنواتنا التلفزيونية من المسلسلات المصرية او المكسيكية التي تعطينا تقاليد غريبة عن مجتمعنا المغربي المسلم و على أي فهذا العمل السينمائي يجسد خصوصياتنا التي اخذت تموت شيئا فشيئا في ظل زمن العولمة و هذه الاخيرة لا تعترف الا بقيمها المتوحشة الهادفة الى جعلنا ننسى اصلنا و تقاليدنا الجميلة كمجتمع امازيغي يعلمنا ان التشبث بالهوية يعد شيئا اساسيا بالنسبة لاطفالنا و احفادنا, سيحملون هذا الهم الذي انطلق منذ عقود من النضال من اجل رد الاعتبار لهويتنا الامازيغية الشريفة من كل اتهام .
و خلاصة القول ان فليم تامغارت ؤورغ يستحق اكثر من هذا المقال المتواضع لانه ذو رسالة هادفة تربوية يستحق ان يبث على قنواتنا الوطنية التي تشجع المسلسلات المكسيكية اكثر من إبداعاتنا الامازيغية و هذه تعتبر ملاحظة للتأمل و التفكير
و نقول ايوز امقران لمخرج هذا الفيلم الاستاذ الحسين بيزكارن الذي يستحق اكثر من هذا و كذلك نقول ايوز امقران لاعضاء فرقة تيفاوين و اخص بالذكر الاستاذ احمد بادوش و الاستاذ عبد اللطيف عاطيف و الاستاذ احمد ناصيح و للاشارة بان هذا الفيلم خرج الى الوجود بدون امكانيات كبيرة بل خرج الى الوجود بفضل روح التضحية و النضال من اجل ايصال رسالة مفادها ان الكيان الامازيغي بكل مكوناته لن يتخلى عن الدين الاسلامي لانه يعتبر جزء من حياته اليومية و من يشك في ذلك فهو مازال يؤمن باكذوبة الظهير البربري .

















الحاج بلعيد رمزا من رموز اصالتنا الامازيغية
يشرفني ان اساهم بهذا المقال المتواضع في التامل و التذكير برمز من رموز اصالتنا الامازيغية التي تعلمنا معاني عميقة و تعلمنا كذلك ان الهوية ليست بشيء صغير او شيء بامكانه ان يموت بسهولة بل هي شيء كبير و شيء بامكانه ان يقاوم عوامل الزمن العديدة وبامكانه ان يتطور و يساير مع عصره. فالحاج بلعيد يعد مدرسة تاريخية و مدرسة للتربية الدينية .
ولد هذا الفنان المبدع في منطقة سوس المعروفة بتاريخها و رجالاتها بشتى الميادين السياسية و الدينية و غيرهما ٬و يتميز كذلك بكونه شخصية متميزة و مبدع في مجاله المفضل الا و هو الغناء العفيف ذو معاني تجعلك تسافر عبر الزمن الى الوراء لتكشف مجموعة من قيمنا الجميلة كالشجاعة و الشرف و الدفاع عن مقدساتنا الحقيقية
ان الحاج بلعيد يعد مدرسة تاريخية قائمة الذات الحاملة للرسائل الرمزية التي تخبرنا ان التشبث بكنوزنا الغالية يعتبر واجب حضاري بالنسبة لنا كجيل متطور فكريا له توجهاته المختلفة الهادفة الى جعل المغرب يتطور بشكل ايجابي دون نسيان تقاليدنا الجميلة و هذه الرسائل توحي لنا كذلك بان الحاج بلعيد عاش في عصر مختلف عن عصرنا الحالي بحيث ان ذلك العصر كان يتحدث بلغة الاعراف الامازيغية التي تتناسب مع مقاصد الشريعة الاسلامية لكن البعض اعتبرها مجرد مؤامرة استعمارية و لا ادخل في هذا النقاش المهم الان و اريد فقط ان اشير بان عصر الحاج بلعيد هو عصر تقليدي بامتياز جعله يفكر و يختار مجموعة من المواضيع في اغانيه الخالدة كالدين و الغزل الرمزي و الانتماء الى هذا الوطن العزيز .
ان الحديث عن هذا الرمز يأخذنا الى التطرق للدين الاسلامي باعتباره مكونا اساسيا من مكونات الهوية المغربية منذ الفتح الاسلامي، و هو بالنسبة لاجدادنا الكرام شيء مقدس و شيء ذو اهمية قصوى و كما يعلم الجميع ان مجتمعنا الامازيغي و المغربي عامة يحب الدين و يسعى دائما الى الحفاظ على قيمه الاخلاقية و التربوية و من الطبيعي ان الحاج بلعيد الذي نشا في هذا المجتمع يغني قصائد دينية تجعلك تتذوق طعم الانتماء الى هذا الدين الحق و تجعلك تدرك ان الدين الاسلامي شيء اساسي و عظيم بالنسبة لنا كاحفاد طارق بن زياد الذي فتح الاندلس و غيره من اجدادنا الامازيغيين الذين خدموا الاسلام و اللغة العربية و ليس العروبة و هناك فرق كبير بين هذه المصطلحات .
و الحاج بلعيد قد ابدع العديد من القصائد الدينية مثل اقصت ن يان اؤمحضار أي قصة احد الطلبة و هو يقصد طلبة المدارس العتيقة الذين يتعلمون القران الكريم و السنة النبوية و غيرها من هذه العلوم و هذه القصيدة تخبرنا بان هذا الفنان له شخصية متدينة و التدين هو شيء جيد لكن التطرف هو شيئا دخيل على قاموسنا الحضاري كشعب مؤمن باسلامه الخاص الرافض السير على خطى هذا التطرف الذي دخل الينا من المشرق و مرجعياته الاصولية التي تعتبر الفن بشكل عام حرام في الدين و الحاج بلعيد هو مثالا للمتدين الذي يقبل ان يمشي على خطى الجمال بكل ابعاده الرمزية دون ان يخدش خصوصياتنا المحافظة .
و قد احتفلنا في الصيف الماضي بالذكرى الستينية لوفاة هذا الرمز من رموز الاغنية الامازيغية التي انطلقت منذ ذلك الوقت التي انجبت العديد من الروايس في المستوى مثل بوبكر انشاد و الحاج الدمسيري و الحاج احمد امنتاك و الحاج اعرب اتيكي و احمد اوطالب المزوضي و غيرهم , كما انجبت التجديد و مساير العصر و النضال من اجل الهوية و البقاء بخصوصياتنا المتميزة و الفنان عموري مبارك يجسد هذا الاتجاه الاساسي و للاشارة فقط ان الاستاذ عموري مبارك قد اعاد غناء مجموعة من اغاني الحاج بلعيد الخالدة.
فانا شخصيا اعتبر الحاج بلعيد بمثابة مدرسة تعلمنا كجيل متطور فكريا بان الانسان مهما كان لا بد له من الرجوع الى هويته الام و الى ادبيات تلك الهوية باعتبارها الاصل و المرجع و انني استغرب حقيقة من بعض الناس الذين يعتقدون انهم ينتمون الى الشرق او الى الغرب و ينسون تاريخهم و اصلهم الحقيقي٬ و مشكلتنا الحالية هي اننا لا نعرف قيمة هويتنا العريقة بل نتجاهلها من اجل هوية الاخرين التي نعتبرها اكثر تطورا و تقدما من هويتنا القديمة التي تزعم انها تحمل تاريخنا العظيم و تحافظ على لغتنا التي تعد كنزا من كنوزنا الانسانية .
ان مدرسة الحاج بلعيد التاريخية تعلمنا ان الاعتزاز بهويتنا الامازيغية يعد واجبا مقدسا بالنسبة لنا كمناضلين جدد في هذا النضال الذي انطلق منذ اواخر الستينات من القرن الماضي من اجل انقاد الامازيغية بكل مكوناتها من سياسة الاقبار المقصودة من الذين امنوا بان المغرب أحادي اللغة او الثقافة و انني اتحدث عن الحركة الوطنية التي جعلت من الدين غطاءا لمحاربة كل من ينادي الى رد الاعتبار للهوية الامازيغية و ادماجها في كل مناحي الحياة كالتعليم و الاعلام و حمايتها دستوريا كلغة رسمية الى جانب اللغة العربية..
خلاصة القول ان الحاج بلعيد سيبقى رمزا من رموز اصالتنا العريقة، فالانسان لا بد منه ان يحافظ على تقاليد اجداده الجميلة و يترك بعض التقاليد التي تجعله يمشي على خطى الظلام بكل ابعاده.




مدرسة احمد اوطالب المزوضي النضالية
ان النضال من اجل قضية ما يدخل في اطار الوعي الانساني بضرورة تحطيم اصنام التخلف بكل ابعاده الدينية و الثقافية و الانسان منذ اقدم الازمان و العصور
يفكر و يناضل من اجل قضاياه الشخصية و الوطنية و حتى الوجدانية ويسعى منذ قرون و قرون من اجل التقدم بكل معانيه و الذي لن يكون الا بتحطيم هذه الاصنام التي تتكلم بلغة المقدسات و الاكاذيب الخيالية الهادفة الى جعلنا نمشي في متاهات الخرافات و عبادة اولياء الله الصالحين و من هذا المنطلق ظهرت حركتنا الثقافية الامازيغية كواقع جديد الهادف الى الوعي بهويتنا الامازيغية و النضال بشتى الطرق و الوسائل من اجل تطويرها و الدفاع عنها .
و بدا فن الروايس يهتم بنضالنا الامازيغي كما هو معلوم منذ عهد الدمسيري الذي ساهم بشكل كبير في بناء الوعي بالذات الامازيغية لدى عامة الناس الذين لا يدركون مثل هذه المسائل الفكرية لانهم يهتمون اكثر بشظف العيش و توفير الخبز لعائلاتهم ،كما ان الانسان العادي لا يهتم بمثل هذه المسائل .
و في سنة 1989 رحل الدمسيري الى دار البقاء تاركا ارثه الضخم و مدرسة تخرج منها فنانين في المستوى امثال فاطمة تاباعمرنت و الفنان المناضل احمد اوطالب المزوضي الذي اسس مدرسته على قواعد الدفاع عن هويتنا الامازيغية و الاحتجاج ضد الذين يتحدثون بلغة المقدسات المشرقية كالعروبة التي دخلت الى قاموسنا السياسي بعد الاستقلال .
ولد هذا الفنان في قبيلة مزوضة نواحي اقليم شيشاوة المعروفة بانها ارض الشعراء او امديازن في لغتنا الامازيغية و معروفة كذلك باحواش و ايقاعاته المتميزة التي تأخذك في رحلة الى اعماق ذاتنا الثقافية و تقول لنا انها صمدت
منذ مئات القرون امام كل الذين يريدون القضاء عليها٬ و انها مازالت تعيش على ارض كيانها الخاص بالرغم من كل المحاولات الهادفة الى اقبارها بدون شهادة وفاة .
و بدا اوطالب يحب الموسيقى منذ صباه حيث صنع الة لوتار الموسيقية من الخشب و كان انذاك يعمل نجارا في قريته العزيزة و بدا يتخيل نفسه فنانا في مستوى كبار الروايس انذاك مثل الدمسيري و انطلق في مساره الفني في 1978 مع بعض الروايس و الرايسيات و يعد الدمسيري مدرسة بالنسبة له حيث علمته الكثير من الاسس مثل الوعي بقضيتنا الامازيغية التي كانت تعد من الخطوط الحمراء.
و كان في ذلك الوقت من يدافع عن الامازيغية او حقوقها يعترض الى مجموعة من المشاكل قد تصل الى السجن كما جرى للاستاذ المرحوم علي صدقي ازايكو في عقد الثمانينات و قد تصل الى الاختطاف كما جرى للمناضل بوجمعة هباز في اوائل الثمانينات و قد تصل الى الاغتيال كما وقع لابن الاستاذ العزيز محمد مستاوي في بدايات التسعينات و هذا كان في سنوات الرصاص التي انطلق فيها اوطالب المزوضي في تاسيس مدرسته النضالية المناهضة للذين يتجاهلون تاريخنا الحقيقي و يسعون دائما الى تعريب الشخصية المغربية منذ الاستقلال من خلال مجموعة من الوسائل كالتعليم و الاعلام و الاستغلال عن طريق الدين الذي يعد شيئا مقدسا بالنسبة لنا كمجتمع مسلم و ان مغرب الاستقلال قد اعتبر كل من ينادي الى رد الاعتبار للثقافة الامازيغية بانه ضد الاسلام و يريد تمزيق وحدة المغرب و غيرها من هذه الاكاذيب التي ساهمت في الماضي في خلق العديد من العراقيل امام الحركة الثقافية الامازيغية .
و ان مدرسة اوطالب النضالية قد ساهمت باسهاب في تعريف بمعانات
الكفاح الامازيغي في اغانيه الكثيرة مثلا ايكوت ميا جران و هذه الاغنية المفضلة عندي و استمع اليها منذ كنت صبيا و انذاك كنت لا افهم معانيها العميقة و التي تتحدث عن معاناته الشخصية مع الذين كانوا يمارسون سياسة التهميش و اقصاء الامازيغية بمختلف ابعادها الانسانية و الثقافية و هذه الاغنية تجعلك تدرك مجموعة من المعاني العميقة في قاموسنا الوجداني و يخبرنا هذا القاموس بان شعبنا الامازيغي قد عانى الكثير و خصوصا في منطقة الريف المجاهدة و تعلمون ماذا اقصد٬ اذن كان اوطالب يتحدث بلسان حال النضال الامازيغي و يرسل بعدة رسائل رمزية الى الذين ارادوا ان تموت القضية الامازيغية .
و كما اهتم هذا الفنان المتميز بعدة قضايا اجتماعية كالفقر الذي يعد ظاهرة خطيرة في مجتمعنا المغربي و يعد هذا الاخير احد الاسباب المباشرة في بروز مجموعة من الظواهر كالهجرة السرية و الارهاب كمصطلح دخيل على مجتمعنا المسلم المؤمن بقيم التسامح و التعايش مع اصحاب الثقافات المختلفة و الديانات المحترمة و نحن كشعب مغربي قد تعلمنا
منذ الاف السنين ان قيمة التعايش السلمي تعتبر من كنوزنا الوجدانية التي تخبرنا ان التطرف الديني ليس الا فكرا دخيلا علينا من باب المذاهب المتعصبة التي تؤمن بمنطق الرجعية و قمع العقول المتنورة .
و ان فن الروايس بشكل عام قد اهتم بالغزل باعتباره موضوع ذو طبيعة خاصة و ذو معاني كثيرة تمس فئة معينة من المجتمع الا و هي الشباب الذين يحبون النظر الى الجمال بكل معانيه الكثيرة و اوطالب المزوضي قد أبدع العديد من اغانيه في هذا الموضوع الحساس بالنسبة لمجتمعنا المحافظ و الغزل في فن الروايس كما اشرت سابقا يتحدث بلغة الرموز التي تحترم خصوصياتنا و تضيف نوعا من الجمالية في شعرنا الامازيغي .
و من الملاحظ ان اوطالب المزوضي لم يهتم في اغانيه بالدين بشكل كبير كما فعل عامة الروايس امثال الحاج بلعيد و الدمسيري و احمد أمنتاك و بالرغم من ذلك فهذا الفنان له اغنية جميلة حول قضية المسجد الاقصى التي جاءت بعد محاولة رئيس الوزراء الاسرائلي السابق اريل شارون الدخول الى ذلك المكان الطاهر الذييعد من مقدساتنا الاسلامية و هذه الاغنية تدل على ان المناضل الامازيغي لا يتجاهل قضاياه الاسلامية بل يتحدث عنها بعيدا عن الذين يؤمنون بالمصطلحات البالية كالعروبة مثلا.
و يبقى هذا الفنان المتميز نجما من نجوم الغناء الامازيغي الهادف الى النضال من اجل مشروعنا الحضاري الذي انطلق منذ اواخر عقد الستينات من القرن الماضي بهدف انقاد هويتنا الامازيغية من سياسة الاقبار و النسيان .




















فاطمة تاباعمرانت سيدة الغناء الامازيغي بامتياز
يقال ان المراة اعطت الشيء الكثير للحضارة الانسانية بشكل عام و الحضارة الاسلامية بشكل خاص و التي تم تاسيسها كما نعلم في المدينة المنورة و امنا عائشة رضي الله عنها كمثال تاريخي كانت سيدة فقيهة و عالمة و شاعرة و الاسلام قد كرم المراة و وضعها في اسمى مراتب
العزة و الوقار و الاسلام لم يمنعنا من الخروج و العمل في ميادين الطب و التدريس و حتى في الفن الهادف و ليس الساقط.
و من هذا المنطلق يشرفني ان اسافر معكم الى مبادئنا الامازيغية عبر فنانة اسست مدرستها على اسس الهوية و الانتماء الى هذه الارض و اسلامنا الحقيقي الذي وجدناه عند اجدادنا الكرام٬ و هذه الفنانة التي سنتحدث عنها في هذا المقال جوهرة نادرة في الغناء الامازيغي الذي انطلق منذ بدايات القرن العشرين مع الحاج بلعيد و بوبكر انشاد و الحاج محمد الدمسيري و يعتبر هذا الاخير مدرسة للدفاع عن حقوقنا اللغوية و الثقافية و تعلمنا هذه الاخيرة بان النضال الامازيغي لا يخاف من القمع الهوياتي الذي اراد في الماضي ان يجعلنا نفقد ذاكرتنا الامازيغية من اجل حمل هموم الاخرين السياسية و الايديولوجية و ترك همومنا الاساسية كمحاربة الفقر و التهميش و بناء دولة الحق و القانون.
و الفنانة فاطمة تاباعمرانت
استاذة كبيرة من موالد سنة 1963 بمنطقة ايت باعمران العزيزة علينا لانها مثالا للشجاعة و مقاومة الاحتلال الفرنسي في معركة
تيزي التي وقعت سنة 1917 حسب ما قرأته في كتاب اعمال الدورة الثالثة للجامعة الصيفية باكادير و كذلك الاحتلال الاسباني و هذا يجعلنا نشعر بالفخر و الاعتزاز تجاه كياننا الامازيغي الذي بدا منذ اللحظة الاولى يدافع عن مقدساتنا و يقاوم الاحتلال الاجنبي و تعتبر المقاومة شيئا نبيلا و ليست ارهابا كما يعتقد البعض .
ان فاطمة تاباعمرانت نشئت يتيمة الام و نشئت في وسط محافظ بقيمه الجدية و انني احترم هذا الوسط الذي ساهم في تربية امهاتنا على قيم الشرف و الوقار ولكنه له مجموعة من التصورات تعتقد بان عمل المراة في بعض الميادين كالغناء و الرقص يعد حراما و خروجا عن الطريق المستقيم و اقول بان الرقص الامازيغي او احواش يختلف عن الرقص المشرقي بحيث ان احواش لا يعترف بالاشياء التي لا تتناسب مع ادبياتنا الخصوصية و احواش يعلمنا الاحترام و الادب و يجعلنا نسافر عبر تقاليدنا الجميلة مثل لبس الجلباب الابيض و قول الشعر او النظم في اسايس أي الميدان في مناسباتنا الدينية و الوطنية ٬و عندنا في سوس شعراء احواش في المستوى مثل لحسين اجماع المعروف على الصعيد الوطني بشعره الجميل المتعدد المواضيع الدينية و الاجتماعية الخ.
و يدخل هذا الفن ضمن مبادئنا الامازيغية الاصيلة التي تدافع عنها مدرسة فاطمة تاباعمرانت الوجدانية و انطلقت هذه الرايسة كما تسمى عندنا منذ بدايات التسعينات تمشي على خطى الغناء الهادف و على خطى قراءة واقعنا الثقافي و الاجتماعي لمجتمعنا الامازيغي الذي يعشق هذه الاستاذة الكبيرة و التي تحدثت في اغانيها عن مجموعة من القضايا ذات ابعاد مختلفة كالهوية الامازيغية و هي تحمل كنوزنا الغالية مثل اللغة التي مازالت حية
و لم تمت بالرغم من التهميش الممارس عليها منذ الاستقلال من طرف الذين امنوا بان المغرب يجب عليه ان يتجاهل كل ما يتعلق بهويته الامازيغية و يسير نحو المشرق بما يحمل هذا المصطلح من المعاني و الادبيات و هذه الاستاذة ادركت بانها صاحبة رسالة نضالية من اجل الدفاع عن عدالة قضيتنا الامازيغية بكل ابعادها و ساهمت فاطمة تاباعمرانت في تعميق الوعي الذي يعد الاساس بالنسبة لحركتنا الثقافية الامازيغية.
و ان المتأمل في اغاني فاطمة تاباعمرنت الدينية يجد نفسه امام مدرسة اخلاقية تجعله يتذوق اسلامنا الغالي الذي يدعونا الى الوسطية و التسامح الديني و الدفاع عن الارض و العرض.و هذه الاستاذة ابدعت العديد من القصائد الدينية كقصيدة امارك المفضلة عندي التي تتحدث عن الاسلام و نبيه الاكرم ص و هذه القصيدة ستجعلك تسافر الى الانتماء للامة الاسلامية و الى احضان القاموس الاخلاقي بامتياز.
ان اغاني هذه الاستاذة الدينية تدفعنا الى استحضار العديد من ادبياتنا العريقة كمجتمع مسلم و يطرح هذا الاخير مجموعة من الاسئلة حول مسايرة التحديات المطروحة علينا كالتنمية و محاربة التخلف الاجتماعي الذي مازال يعيش في زمن الامية بكل ابعادها الأبجدية و الثقافية و مازال لم يدرك بعد اننا دخلنا الى عصر التطور بكل ادبياته الايجابية و السلبية .
ان هذه الاستاذة هي رمز للتدين و النصيحة و اغانيها الدينية تحمل رسالة تقول لنا بان اسلامنا الخاص لا يحتاج الى محاضرات من احد و خصوصا من الجماعات المتطرفة كالقاعدة و السلفية و غيرهما .
اذن هذه الجماعات تشجع على قتل الابرياء و التكفير و جعل الناس يرجعون الى الجاهلية بكل معانيها و نقول لهم لن نرجع الى ذلك العهد الذي يتميز بقتل المفكرين و الكتاب بل سنتقدم في ركاب التطور و الفكر الهادف الى تحطيم اصنام التخلف الديني الدي جعلنا نعيش طوال هذه القرون في الهامش مقابل الغرب الذي استطاع ان يصبح القوة العظمى و هذا الاخير استطاع ان يفعل هذه الثورة بفضل العلم و الديمقراطية و تحطيم اصنام تخلفه الديني بينما نحن مازلنا نذهب الى ضريح فلان قصد طلب البركة و هو قد مات منذ قرون غابرة .
و ان الحديث عن فاطمة تاباعمرانت كظاهرة صحية في الغناء الامازيغي او امارك ن تمازيغيت لا شك انه حديث طويل و مفيد لان هذه الاستاذة تجسد في قصائدها العديد من مبادئنا الامازيغية و قضايانا الفكرية و الاجتماعية كقضية المراة التي لها مقام كبير في المجتمع الامازيغي منذ اقدم العصور التاريخية ما قبل الاسلام و المراة عندنا تعتبر رمزا للشرف و العفاف و فاطمة تاباعمرانت كسيدة محترمة حاولت في قصائدها توعية النساء على عدة مستويات دينية و اخلاقية و معرفية.
و كما اهتمت هذه الاستاذة بترسيخ قيمنا الوجدانية التي تعتبر مدرسة تعلمنا السير على الطريق المستقيم و الاعتزاز و الدفاع عن هويتنا الامازيغية من الذين حاولوا و يحاولون التشويه و طمس تاريخها المشرق في مقاومة التدخل الاجنبي منذ فجر التاريخ لكن المقررات الدراسية لا تعترف بهذا التاريخ بل تعترف بادبيات الظهير البربري التي تتجاهل عبد الكريم الخطابي و محا اوحمو الزياني و غيرهما من الذين ضحوا بالغالي و النفيس من اجل تحرير هذا الوطن العزيز الذي نحبه و سنستعد للدفاع عن مقدساته الحقيقية كما فعل اسلافنا المرابطون و الموحدون.
و خلاصة القول ان هذه الاستاذة تستحق اكثر من مقالي المتواضع لانها اسست مدرستها الخاصة و التي تخاطب وجداننا الامازيغي و تخاطب هذا الجيل الجديد الذي يتميز بانه جيل حامل لافكار جديدة كالديمقراطية و العلمانية و نحن كجيل جديد علينا ان نحافظ على خصوصياتنا و على مبادئنا الامازيغية التي وجدناه عند
اجدادنا الكرام و علينا كذلك ان نساعد المعهد الملكي للثقافة الامازيغية باجتهاداتنا الهادفة الى تطوير ثقافتنا الاصيلة من الغناء و السينما و غيرهما .
و نقول لاستاذتنا الكبيرة فاطمة تاباعمرنت ايوز امقران على غناءك الهادف الذي نعشقه لانه يحمل مبادئنا و همومنا النضالية من اجل تحقيق مطالب حركتنا الامازيغية و في مقدمتها دسترة الامازيغية بكل ابعادها .
هكذا سيكون المغرب بحق نموذجا على مستوى عالمنا الاسلامي








الكلمة الختامية

بسم الله الرحمان الرحيم
يشرفني في هذه الكلمة الختامية ان اشكر كل ما ساعدني على انجاز هذا العمل المتواضع و اخص بالذكر ابي و اخي ياسين و ابن عامتي براهيم الهجام اللذان ساعداني على تصحيح الكتاب من الناحية اللغوية و للاشارة فانني لست كتابا بل اكون مفكر متواضع .
و كما اشير بان مضون هذا الكتاب هو من بنات افكاري و من اجتهادي الشخصي و ارجوا ان يكون كتابي قد ساهم في وضع الحجر الاساس لبناء مستقبل الهوية الامازيغية و مستقبل المغرب المتعدد ثقافيا و لغويا و دينيا .
و السلام عليكم
و حرر يوم 28 /07 /2007







#المهدي_مالك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مساهمات الفنون الامازيغية بمنطقة سوس في نشر قيمنا الاسلامية ...
- مساهمات الفنون الامازيغية في ترسيخ قيمنا الاسلامية4
- مساهمات الفنون الامازيغية بمنطقة سوس في ترسيخ قيمنا الاسلامي ...
- مساهمات الفنون الامازيغية بمنطقة سوس في ترسيخ قيمنا الاسلامي ...
- مساهمات الفنون الامازيغية بمنطقة سوس في قيمنا الاسلامية الجز ...
- مساهمات الفنون الامازيغية بمنطقة سوس في ترسيخ قيمنا الاسلامي ...
- هل الهوية الامازيغية ضد الدين الاسلامي ام لا؟
- مشروع احداث القناة الامازيغية بين الحلم و انتظارات الامازيغي ...
- وضعية الاشخاص المعاقين في العالم القروي واقع و افاق
- هل نحن مسلمين فعلا ام احفاد الاستعمار الاجنبي
- اهداف مشروعي الفكري
- من وحي التقاليد الامازيغية بمنطقة سوس بين المعاني و الرموز ا ...
- فاطمة تاباعمرانت جوهرة الغناء الامازيغي ببعده الهادف
- السينما الامازيغية بين سؤال الهوية و قضايا المجتمع الامازيغي ...
- مقال حول الذكرى الستينية لوفاة الحاج بلعيد
- السينما الامازيغية بين سؤال الهوية و قضايا المجتمع الامازيغي ...
- وجهة نظري الشحصية حول مسالة العلمانية و الحركة الثقافية الام ...
- السينما الامازيغية بين سؤال الهوية و قضايا المجتمع الامازيغي ...
- في بحور تاملاتي الشخصية
- المعاق و التخلف


المزيد.....




- سوناك: تدفق طالبي اللجوء إلى إيرلندا دليل على نجاعة خطة التر ...
- اعتقال 100 طالب خلال مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين بجامعة بوسطن
- خبراء: حماس لن تقايض عملية رفح بالأسرى وبايدن أضعف من أن يوق ...
- البرلمان العراقي يمرر قانونا يجرم -المثلية الجنسية-
- مئات الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بالإفراج عن الأسرى بغزة ...
- فلسطين المحتلة تنتفض ضد نتنياهو..لا تعد إلى المنزل قبل الأسر ...
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب ويطالبون نتنياهو بإعاد ...
- خلال فيديو للقسام.. ماذا طلب الأسرى الإسرائيليين من نتنياهو؟ ...
- مصر تحذر إسرائيل من اجتياح رفح..الأولوية للهدنة وصفقة الأسرى ...
- تأكيدات لفاعلية دواء -بيفورتوس- ضد التهاب القصيبات في حماية ...


المزيد.....

- الإعاقة والاتحاد السوفياتي: التقدم والتراجع / كيث روزينثال
- اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة / الأمم المتحدة
- المعوقون في العراق -1- / لطيف الحبيب
- التوافق النفسي الاجتماعي لدى التلاميذ الماعقين جسمياً / مصطفى ساهي
- ثمتلات الجسد عند الفتاة المعاقة جسديا:دراسة استطلاعية للمنتم ... / شكري عبدالديم
- كتاب - تاملاتي الفكرية كانسان معاق / المهدي مالك
- فرص العمل وطاقات التوحدي اليافع / لطيف الحبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة - المهدي مالك - كتاب - تاملاتي الفكرية كانسان معاق