أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمينة أمسلوات - عصفور في الجنة














المزيد.....

عصفور في الجنة


أمينة أمسلوات

الحوار المتمدن-العدد: 2003 - 2007 / 8 / 10 - 07:25
المحور: الادب والفن
    


الطفل " أنس"، مهما كان ،مشاغبا، مشاكسا ، وذكيا لم يهضم هذا الذي تقولونه. كل الذي يدريه أنه أكل من الكسكس الأصفرالمطبوخ
بالحمص حتى انتفخ بطنه ،ومع شياطين في مثل سنه،لعب وقفز في
الفناء ما شاء الله أن يفعل . وفجأة كمن تذكر شيئا ،جرى إلى المطبخ
أشار إلى الكرسي المتحرك القابع هناك في صمت وحزن ... يسأل
عن صاحبه الذي لم يسمع له حس ولا حركة في ذلك اليوم الصيفي
الحارق ،قيلت له كلمات ، لم يع منها سوى أن الطفل المريض رحلوه.
سأل أنس في براءة الطفولة ، أين أين ؟ متى ؟ وفي أي وقت سيعود؟
لما قلتم له عبارة قصيرة انتحب ، شهق، أحس، أ ن العبارة بها رائحة معنى غير مرغوب فيه. رآكم من خلال دموعه المنهمرة
على خديه الطريين ، تتبادلون النظرات. تنبهتم إلى أن الأمور
تتعقد ،وكأس الحليب الدافئ يرتعش بين كفيه . أسئلة كأشعة نجمتين
تطل من عينيه الصغيرتين . قلتم له بأنه سيعود.فهم ما رحلوه إلا
ليعالج في بلاد بعيدة. وسيرجع بصحة جيدة.
بلع أنس ريقه .تجرع الحليب الدافئ دفعة واحدة . خرج رفقة أمه ،
وهو لا يفهم لماذا كانت تأمره أن يكف عن الأسئلة . ومنذ تلك
العشية صار ينتظر عودة ابن ا لجيران الصغيرالمريض ،الغائب،
يتخيله ماشيا على قدميه ،داخلا التجزئة ببذلة رياضية وحذاء خفيف. ومنذ تلك العشية كلما صادف فردا من الأسرة الجارة في الطريق يسأل : " هل عاد؟ " .
أحيانا يطرق ، يسأل . يصاب بخيبة أمل. وهو يتلقى نفس الإجابة :
" أيوب ؟اا لم يعد بعد " .
أو يهمهمون بشيء. ويتركونه في حيرة من أمره ...
الشهور تمر وأيوب لم يعد ، ودموع الأم تنحدر شلالا كلماذكرت
بأنه رحل دون أن تناغيه كعادتها ، ودون أن تسمع صوته قبل
أن يرحلوه ... فقد كانت مسافرة وهي في طريق العودة ،كان هو
يغادر . وكانت أخته الوسطى التي أشرفت طويلا على رعايته والعناية به في حضور الأم وفي غيابها ، هي أول من أصيبت
بهستيريا البكاء لما كانوا يودعونه .
والسنة تلي أختهاوأيوب لم يعد.
وأنس طفل الأمس،نلمحه اليوم شابا يافعا لم يعد للسؤال.
يبتسم من سذاجته وقتها،ومن خداعهم له لفترة من الزمن ااا
لقد فهم بأنه لم يرحل لنزهة ... ولم يرحل لزاوية سيدي الزوين
كي يعود حاملا لستين حزب حفظا وفهما ...
ولم يرحل ليعالج في مستشفى راقية بعيدة ،كما أوهموه في الأيام
الخوالي ، أيوب الصغير رحل عن هذه الدنيا بكل بساطة،بحثا عن راحة، وفرارا من سخافات الدكاترة ... والممرضين ... والفقهاء،
وعلب الأدوية المرة ، وقطع " بومبغس" . وحماقات الراديوهات
... والسكانير ... وكل تفاهات هذه الحياة اللعوب... هجرها مبكرا.
ولأنه هجرها صغيرا ... مريضا... طيبا... مسالما... لم يضرب
بيد ولارجل ، هو الآن عصفور جنة .
عصفور جنة بلا ريب، وأنس منذ زمن ، بكل تأكيد فهم ذلك جيدا.



#أمينة_أمسلوات (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مذكرات الرايس ..معتقل تازمامارت...واحتمالات أخرى...
- صديقتان ورجل
- يوسف وتلك النساء...
- حقيقة التواضع
- ....يوسف وتلك النساء
- الرجولة والأنوثة
- المرأة والماضي
- أسوار جمر تمنعني
- حريتك وحرية الأخرين


المزيد.....




- كيف لرجل حلم بالمساواة أن يُعدم بتهمة الخيانة؟ -يوتوبيا- قصة ...
- -زعلانة من نفسي-.. مها الصغير تعتذر من فنانة دنماركية وفنانو ...
- onlin نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول برقم الجلوس عل ...
- الفنان المصري إدوارد يكشف رحلة مرضه من حقن التخسيس إلى الجلط ...
- ثبتها الآن واستعد لمتابعة البرامج الثقافية المفيدة “تردد قنا ...
- Sigg Art in Monte Carlo: A hybrid vision of what it means to ...
- -سيغ آرت- في مونتي كارلو: رؤية هجينة لما يعنيه أن نكون بشراً ...
- -النجم لا ينطفئ-، ظهور نادر للفنان عادل إمام يطلق تفاعلاً وا ...
- ماريانا ماسا: كيف حررت الترجمة اللغة العربية من كهوف الماضي ...
- حاتم البطيوي: سنواصل فعاليات أصيلة على نهج محمد بن عيسى


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمينة أمسلوات - عصفور في الجنة