أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - غازي الصوراني - إمكانية استئناف الحوار الوطني الفلسطيني في ضوء التطورات الأخيرة















المزيد.....


إمكانية استئناف الحوار الوطني الفلسطيني في ضوء التطورات الأخيرة


غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 1997 - 2007 / 8 / 4 - 10:18
المحور: القضية الفلسطينية
    


- هدف هذا اللقاء هو الحوار الموضوعي... وهو نقاش عقلاني بالضرورة، فلا مكان فيه للمشاعر والانفعالات الصادقة الكامنة في دواخلنا، ما سيدفعنا –وبثقة- إلى أن نتحاور بطريقة موضوعية وشديدة الوضوح إلى ابعد الحدود في جوهر القضايا الراهنة ونتائجها ومستقبلها، في ظروف باتت فيها وحدة شعبنا السياسية والجغرافية والاقتصادية والثقافية مهددةً بالفعل بعوامل التفكك والانقسام بصورةٍ غير مسبوقة في تاريخنا الحديث والمعاصر، حيث نشهد في هذا اللحظة المهينة من تاريخنا، تراجعاًً حاداً للأفكار الوطنية التحررية والديمقراطية التوحيدية لحساب الأفكار السوداء التي تروج لعوامل القلق والإحباط واليأس، فمن كان حريصاً على وحدة هذا الشعب في الوطن والشتات، عليه أن يعمل بمصداقية عالية على إعادة اللحمة والتوحد ورفض وإدانة الانقسام، ولا أرى سبيلاً إلى ذلك سوى العودة إلى الحوار الوطني الشامل، كخطوة أولى تبرهن على تلك المصداقية الرافضة للانقسام ولكل عوامل الإحباط واليأس التي يروج لها البعض الفاسد من الذين طغت مصالحهم الشخصية الأنانية على كل مصلحة او أهداف وطنية، متذرعين بأفكارهم السوداء أو أوهامهم التي تصور لهم ديمومة هذا التناقض السياسي بين الإخوة في فتح وحماس، أو متذرعين بالمشهد الذي يشتد فيه حصار العدو الصهيوني على قطاع غزة غير مدركين أن الآمال العظيمة تولد وتتحقق من المعاناة العظيمة التي يؤمن أصحابها بحتمية انتصارهم.
- لكننا، نحن أبناء المشروع الوطني بمختلف ألوان طيفنا السياسي لن نغمض عيوننا عن المشهد الراهن في قطاع غزة الذي يثير العديد من الإشكاليات والملابسات والغموض بالنسبة لوضعه القانوني ومستقبله، حيث ندرك بوضوح أنه إذا ما بقي هذا الوضع على ما هو عليه فلا تفسير لذلك الا تأكيد الانفصال السياسي والقانوني والجغرافي عن الضفة الفلسطينية، وهذا يعني أن لا مستقبل للدولة الفلسطينية او المشروع الوطني أو حتى الوحدة الوطنية ووحدة المجتمع الفلسطيني في ظل هذا المشهد البائس المرفوض من كل أبناء شعبنا الفلسطيني وقواه الوطنية والإسلامية، وبالتالي فان كل الأسباب التي دفعت الإخوة في حماس إلى ما قامت به من حسم عسكري لا يمكن أن تقبل كمبرر لفصل غزة عن الضفة، لان هذه الأسباب ونتائجها مهما تضمنت من حيثيات، يجب أن لا تشكل خروجاً على الأسس القانونية والديمقراطية للسلطة الفلسطينية ورئاستها ومجلسها التشريعي التي جاءت نتاجاً لتجربة ديمقراطية لا خيار لنا سوى حمايتها وتكريسها وتطويرها، ما يعني أن أية خلافات أو صراعات سياسية يجب أن تدور تحت المظلة الدستورية والقانونية والديمقراطية لمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية كما أقرتها الانتخابات للمجلس التشريعي والرئاسة، وكما حددتها النصوص الدستورية سواء في وثيقة الاستقلال أو في القانون الأساسي وكافة القوانين التي أقرها المجلس التشريعي، هذا المبدأ الناظم او السقف هو منطلقنا الأساسي الذي لا يجوز لأحد ان يتجاوزه تحت أي مبرر كان، لأنه الإطار الوحيد والحقيقي للوحدة الوطنية والتعددية السياسية لجميع الحركات والفصائل والأحزاب نمارس فيه حواراتنا وصراعاتنا وخلافاتنا السياسية بالأسلوب الديمقراطي وحده الذي يكفل حرية الاختلاف في الرؤى والبرامج على قاعدة استكمال وإنضاج عناصر التقدم ووحدة الوطن والشعب والقضية، وليس على قاعدة الانقسام والتفكك التي تطل برأسها الكريه في هذه اللحظة السوداء التي لا نشك في قدرتنا على تجاوزها ودفنها لكي تبقى الديمقراطية الفلسطينية مهداً للنضال وتحقيق الأهداف الوطنية والتطور الاقتصادي والاجتماعي، ولن تكون بأي حال من الأحوال لحداً أو قبراً لتلك الأهداف.
- وفي هذا السياق، فإننا جميعاً نتفق على أن لا مستقبل لمنظمة التحرير أو لحماس أو فتح أو الجبهة الشعبية وكافة القوى السياسية بدون وحدة الضفة والقطاع، وعلى هذا الأساس فإن حالة القطيعة المؤقتة بين الإخوة في فتح وحماس آن لها أن تتفكك وتنتهي لكي نسدل الستار نهائياً على هذه القطيعة معلنين التزامنا جميعاً، وفي كل الظروف والمراحل عموماً، وفي هذه المرحلة خصوصاً، ان التناقض التناحري هو مع العدو المحتل ولا مكان له بيننا على الإطلاق، وعلى هذا الأساس فإننا جميعاً فتحاويون وحمساويون وجهاديون وجبهاويون أبناء رسالة وقضية وأهداف وطنية واحدة، مهما اشتدت وتفاقمت خلافاتنا السياسية أو غيرها، فلا بد من حلها في إطار التناقض أو التعارض السياسي الديمقراطي، مدركين أن هذه اللحظة ليست لحظة الحديث عن تطبيق الأيدلوجيات، رغم أنها تمثل الرؤية الإستراتيجية أو الأهداف الكبرى لكل فصيل أو حركة سياسية.
- ووفقاً لهذا القواعد يمكن تحديد الموقف من أسلوب الحسم العسكري ورفضه من حيث المبدأ، وكذلك رفض كل الإجراءات والمراسيم التي تلته في غزة أو رام الله، انطلاقاً من أن الحل السياسي أو الصراع السياسي وليس الحسم أو العنف، وليس المخالفات القانونية أو الدستورية ، هو المخرج الوحيد أمام خطر تمزيق الوجود الجغرافي السياسي للمشروع الوطني ، وذلك عبر الاتفاق الشامل بين القطبين وكافة القوى السياسية على مبدأ التعددية واحترام الآلية الديمقراطية ونتائجها والالتزام بالقانون الأساسي ووثيقة الوفاق الوطني.
- ذلك أن استمرار الضغط والحصار على قطاع غزة، وما يرافقه من تنابذ داخلي، قد يضع الجميع أمام نتائج واحتمالات ستؤدي بنا في ظل تزايد عوامل اليأس إلى متغيرات فوضوية دموية وعدمية خطيرة ومدمرة، يهون معها ما نحن فيه من أوضاع مملوءة بالتشاؤم، إلا أنها رغم ذلك ما زالت تحمل حتى اللحظة امكانات ومقومات الأمل والضرورة، وصولاً إلى الحوار وتكريس ما تم الاتفاق عليه في وثيقة الوفاق الوطني، وإعادة إحياء النظام السياسي الديمقراطي الداخلي الفلسطيني الملتزم بمواصلة النضال من أجل تحقيق أهداف شعبنا وثوابته الوطنية والديمقراطية التي لا يمكن لأحد أن يتجاوزها، تقرير المصير والعودة والدولة المستقلة وعاصمتها القدس المحكومة بالديمقراطية وسيادة القانون، هذا هو الأساس الحقيقي لمشروعنا الوطني ونظامنا السياسي.
- ولذلك علينا جميعاً (خاصة الإخوة في فتح) أن نرى بوضوح المتغيرات الفكرية والسياسية – المرنة والتكتيكية- التي دفعت بالإخوة في حركة حماس وغيرها من حركات الإخوان المسلمين إلى أوضاع جديدة تحتل فيها المرونة والانفتاح والقبول بقواعد اللعبة الديمقراطية وممارستها مساحة هامة، بحيث باتت اليوم جزءاً ملتحماً وفعالاً في حركة التحرر الوطني الفلسطيني بمنطلقات دينية، ولذلك فان أي حديث عن إعادة بناء م.ت.ف او تعميق سيادة القانون والديمقراطية في بلادنا بدون الإخوة في حركتي حماس والجهاد، إنما يستهدف المزيد من تفكيك النظام السياسي الفلسطيني وفي مقدمته م.ت.ف ، وتفكيك المجتمع الفلسطيني وانقسامه، ومن ثم المزيد من تدهور وانهيار المشروع الوطني التحرري، وهذا لا يعني أبداً إعفاء الإخوة في حماس من مسئوليتهم عن خطيئة الحسم العسكري وما تلاه من إجراءات في غزة ورام الله ، وهي إجراءات لا زالت تحكم وتتحكم في المشهد الفلسطيني الراهن كله، وهو مشهد تتفاعل فيه عوامل الصراع والانقسام السياسي والجغرافي عبر برنامجين متناقضين، لكن رغم هذا التناقض إلا أنهما لم يصلا إلى نقطة الطلاق فما زال هناك العديد من القواسم المشتركة التي يجسدها بيان مكة ووثيقة الوفاق الوطني، إلى جانب موقف حركة حماس الرسمي الذي يقر بشرعية الرئيس المنتخب ابو مازن والتاريخ النضالي لحركة فتح من جهة ويؤكد إلتزام الحركة في هذه المرحلة بالبعد التحرري بعيداً عن الحديث عن مشروع الإسلام السياسي أو الإمارة الإسلامية.
- في ضوء ما تقدم فإن على الإخوة في فتح و حماس العودة إلى الحوار القائم على أساس وثيقة الوفاق الوطني لضمان وحدة الشعب والقضية، وضمان وحدة الجغرافيا والمجتمع الفلسطيني الواحد في الضفة والقطاع، ذلك إن أي موقف مغاير من أي منهما سيصب بالضرورة – مهما كانت دوافعه- باتجاه تعميق أو تكريس الطلاق بينهما، بحيث تصبح غزة أولاً، والضفة عاشراً، بلا مستقبل واضح لها سوى التقاسم الوظيفي وبقاء الاحتلال أو إعلان دولة شبه عاجزة فيما يتبقى منها بعد مصادرة الأراضي شرق الجدار وأراضي وادي الأردن والقدس ، ما يعني أننا سندخل مأزقاً جديد لن يخرج منه احد منتصراً، بل ستتحول "انتصارات الجميع إلى هزائم!!!، وهي نهاية مفجعة لا يريدها أو يسعى إليها أحد، وهذا يتطلب أن يكف الإخوة في حركة فتح عن الاستجابة للسياسات والشروط الأمريكية والإسرائيلية، باسم الاعتدال أو أي مسمى آخر، فحركة فتح –على قاعدة مبادئها ومشروعها الوطني- كانت ولم تزل حجر الزاوية في جدار الوحدة الوطنية والتاريخ الوطني الفلسطيني، لذلك آن الأوان أن تخلص نفسها من كافة العناصر المضادة لهذه المبادئ ، خاصة وان العدو الإسرائيلي لن يتراجع عن لاءاته الرافضة للدولة المستقلة كاملة السيادة على أراضي 67 وحق العودة وإزالة المستوطنات والقدس، ويريد أن يفرض علينا شرعية المحتل الغاصب فقط، مما يؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية كهدف مرسوم الأمر الذي لن يستطيع القبول به أي فريق من القوى السياسية الفلسطينية.
- أما بالنسبة للإخوة في حركة حماس فإنني أتوجه إليهم بكل صراحة وموضوعية، لأخاطبهم قائلاً لهم:
- مهما كانت مبررات الحسم العسكري موضوعية وملحة أو ضاغطة، ومهما كانت هذه الوسيلة محمولة بحسن النوايا أو مهما كانت طبيعة الاستفزازات والأسباب التي أوردتموها، إلا أن هذه العملية أدت في محصلتها أو نتيجتها الواقعية إلى ضرب التجربة الديمقراطية، لان ممارسة هذا الأسلوب من الحسم العسكري لا يمكن إلا أن يؤدي إلى شل البنيان الديمقراطي كله، الرئاسة والمجلس التشريعي، وما تلاه من قطيعة بينكم وإخوانكم في حركة فتح، وتفردكم او حصاركم في غزة، في مقابل تفسخ السلطة وتفردها في الضفة، بحيث بات هذا الواقع يهدد بالتصفية مشروع الاستقلال والدولة ، وجعل من الحوار بينكما أمراً معقداً رغم ضرورته لكل منكما كمخرج من المأزق المسدود الذي وصلناه جميعاً من ناحية ، وللرد الحاسم على السياسات الأمريكية الإسرائيلية ومشاريعها التي ترى في تعطيل الحوار مصلحة أمريكية إسرائيلية مباشرة من ناحية ثانية.
- وسؤالنا اليوم هل سنتجه نحو مزيد من الانقسام السياسي الداخلي؟ بحيث يمكن تمرير المزيد من الحلول السياسية المجتزأة وفق ما تريده الولايات المتحدة وإسرائيل – هل هذا ما سنصل إليه؟؟ الجواب علينا جميعاً – فتح وحماس خصوصاً- أن نفكر جدياً بمستقبل أهدافنا وثوابتنا الوطنية في تقرير المصير والعودة والاستقلال وبناء الدولة الديمقراطية.
- علينا أن نفكر ونعمل جدياً من اجل التحرر والاستقلال وضمان صيرورة التجربة الديمقراطية، كهدف أولي وتوحيدي لنضالنا في هذه المرحلة والمستقبل المنظور الذي يبدو أن قدرنا جميعاً أن نساهم في صناعته واستنهاضه من جديد بعد فشل كل مشاريع التسوية.
- ان الصورة القاتمة التي تجسد المشهد الفلسطيني الراهن، لا بد ان تدفع حماس –من وجهة نظري- لكي تشق طريق الحوار مع قوى م.ت.ف ، مع تخطئة أسلوب الحسم العسكري وما نتج عنه في غزة ورام الله وممارسة النقد الذاتي للعديد من الإجراءات والممارسات غير القانونية من الفريقين في غزة ورام الله، على قاعدة التمسك بوثيقة الوفاق الوطني ووحدة الضفة وغزة، فليس هناك طريق آخر سوى بداية التصفية الشاملة للقضية كهدف استراتيجي يسعى إلى تحقيقه التحالف الامبريالي الامريكي الاسرائيلي في ظل المشهد السوداوي الراهن الذي تتوفر فيه العديد من مقومات التصفية بحسن نية أو بسوءها لا فرق .
- لذلك لا بد من الحوار الشامل بين جميع الأطراف، وخصوصاً بين قطبي الصراع فتح وحماس ، للاتفاق على أسس الحد الأدنى للمشروع الوطني أو ما تبقى منه (وهي أسس باتت متقاربة إلى حد كبير بين فتح وحماس) وبالتالي فان المسائل القانونية والصراعات الذاتية أو الفئوية كلها تصبح ليست ذات أهمية، ما يُسهّل ويوفر الإمكانات لاستعادة التوافق او الاختلاف السياسي الديمقراطي، على قاعدة الالتزام بوثيقتي القاهرة والوفاق الوطني ، والحرص على وقف مسار الهبوط السياسي في الوضع الفلسطيني الذي بات العامل الخارجي مقررا فيه بدرجة أولى وأساسية على حساب القرار الفلسطيني الداخلي الذي بات أصحابه في حالة غير مسبوقة من التفكك والضعف.
- إذن يجب أن نكف عن الاتهامات المتبادلة، وان يأخذ كل من الفريقين (حماس وفتح) دوره في وقف كافة مظاهر وأساليب المهاترات والحملات الإعلامية ووقف كافة الإجراءات غير القانونية، وفي هذا الجانب فانني ادعو كافة القوى والفعاليات الوطنية والاجتماعية إلى ان تبادر فورا للتدخل لوقف وادانة الاشتباك الدموي بين الاخوة في حركتي حماس والجهاد الذي تفجر بينهما في مدينة غزة مساء الامس وصباح هذا اليوم ، إذ أن الصمت على استمرار هذه الصراعات وعدم مجابهتها ووقفها الفوري هو عار علينا جميعا ، وعلى الأخوة في حماس أن يبدأوا بالفعل بخطوات جدية على هذا الطريق ، ويتخلوا عن منطق الهيمنة والتفرد واساليب الاستفزاز، بما قد يدفع صوب العودة من جديد إلى أرضية الحوار المشترك – الشامل لجميع القوى والفعاليات- حيث تكون نقطة الانطلاق قائمة على أساس التراجع عن نتائج الحسم العسكري وتداعياته السياسية والقانونية وصراعاته المأساوية في الضفة والقطاع، عبر إعلان صريح من الإخوة في حركة حماس يمكن أن تشير فيه إلى الأسباب التي دفعتها إلى ذلك الحسم، والالتزام بعدم العودة إليه، انطلاقاً من حرصها على مواصلة التجربة الديمقراطية وحرصها على وحدة الضفة والقطاع إلى جانب حرصها على تخفيف ورفع كافة أشكال الحصار والمعاناة عن كاهل شعبنا، بما يوفر المناخ والظروف التي من شأنها أن تفتح الطريق للعودة للحوار الوطني الديمقراطي الشامل بديلاً لمنطق التفرد أو المحاصصة ، باعتباره الطريق الأوحد والوسيلة المثلى لاستعادة الوحدة الوطنية على قاعدة وثيقة الأسرى والإجماع الوطني لحماية المشروع الوطني و م.ت.ف وحقوق شعبنا الثابتة في العودة وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس.
لذلك فان المدخل أو الجولة الأولى من الحوار الذي يمكن أن يجمع فتح وحماس معا من جديد بعد قيام حماس بتخطئة ونقد اسلوب الحسم العسكري ، يتوجب ان يتضمن ما يلي :
1- أن تبدأ قيادة المنظمة والسلطة فوراً بتطبيق عملية إعادة بناء م.ت.ف بمشاركة الجميع بصورة ديمقراطية على قاعدة برنامج الإجماع ووثيقتي القاهرة والأسرى ، والغاء كافة الاجراءات والمراسيم الصادرة بعد 14/حزيران .
2- أن تؤكد قيادة السلطة وحركة فتح للشعب الفلسطيني حرصها على إعادة تشكيل وبناء الأجهزة الأمنية من اشخاص مشهود لهم بالكفاءة المهنية والنزاهة والمصداقية بعيدا عن أي علاقة حزبية أو فصائلية.
3- وأن تؤكد حرصها في محاسبة كافة رموز الفساد السياسي والاقتصادي وتطبيق مبدأ من أين لك هذا.
- بهذه الخطوات ومضامينها، ستصل الرسالة إلى الإخوة في حماس الذين يعتقدون أن ما قاموا به من حسم عسكري مرفوض، هو في مصلحة الفريقين (فتح وحماس) للتخلص – حسب الأخ خالد مشعل- من مجموعات كانت تشكل خطرا عليهما، على أي حال أرى أن المسألة المركزية التي يمكن أن تفتح بوابة الحوار على مصراعيها – رغم كل ما جرى- تكمن في قيام حركة فتح بإصدار موقف سياسي موجه إلى الشعب، يؤكد استعدادها لإعادة ترتيب وهيكلة الأجهزة الأمنية، واعتقد أن قيادة حماس ستبادر فوراً إلى التفاعل الايجابي مع هذه الخطوة والموافقة على إلغاء النتائج السياسية والميدانية الناجمة عن الحسم العسكري، مما سيفتح الباب أمام كافة القوى الوطنية والإسلامية والمجتمعية للإعداد لحوار شامل وجامع وفق أسس وثيقة الوفاق.
- ذلك إن تمترس الإخوة في حماس وإصرارهم على أن أسلوب الحسم العسكري للصراعات الداخلية لا يستوجب النقد والتخطئة، لن يعود عليهم هذا الموقف بأية مكاسب حقيقية ارتباطا بنتائجه الضارة عليهم وعلى مستقبل الدولة أو المشروع الوطني الفلسطيني كله، علاوة على الآثار الضارة التي أصابت شرائح المجتمع الفلسطيني عموماً وفي قطاع غزة خصوصاً، من أصحاب المصانع والمزارع والمنشآت ورجال الأعمال والشرائح الفقيرة الواسعة من العمال والمزارعين والموظفين، وكذلك الأمر بالنسبة للإخوة في حركة فتح، فان إصرارهم على رفض الحوار الا بالعودة إلى ما كانت عليه الأوضاع قبل 10/ حزيران، فسيكون لذلك الموقف نفس النتائج التي أشرنا إليها، إلى جانب آثاره الضارة عليهم وعلى دورهم وتوسعهم وإعادة بناء حركتهم ومن ثم على مستقبل فتح السياسي كله، ذلك ان الحديث عن العودة الى ما قبل 10/ حزيران هو موقف يحتاج إلى المراجعة العقلانية الهادئة، فلا شيء يعود الى الوراء، خاصة وأنكم قد بدأتم تقييم أوضاعكم واتخذتم عدد من الإجراءات ضد مظاهر ورموز الخلل والفساد عندكم، أما العودة إلى الوراء بمعنى العودة إلى الالتزام بالشرعية الدستورية ونتائج الانتخابات وإصلاح م.ت.ف والالتزام بوثيقتي القاهرة والوفاق الوطني، فهو مطلب لا خلاف عليه.
- وفي ضوء كل ما تقدم، فإنني أرى ان العودة إلى الحوار إمكانية قابلة للتحقق رغم كل ما جرى، ولكن السؤال كيف؟ وهل بالإمكان إجراء الحوار في ظل هذا الواقع العربي المأزوم والمهزوم، بعيداً عن دور المقرر الخارجي (الدولي والإقليمي والعربي) في الشأن الفلسطيني؟ أقول بصراحة ووضوح، نعم نملك القدرة على إجراء الحوار المطلوب بقرار فلسطيني ينطلق من المصالح والأهداف الوطنية لشعبنا، ما يعني بصراحة شديدة أن يتجاوز هذا التوجه كافة الشروط المطلقة او التعجيزية من الإخوة في الرئاسة او حركة فتح، وان يتجاوز أيضاً شروط الهيمنة أو الأمر الواقع الذي يحاول ان يفرضه الإخوة في حركة حماس.
والآن يبرز السؤال الثاني: ما هي الأسس والمنطلقات التي تكفل نجاح الحوار والعودة الى المشهد الفلسطيني الوطني الديمقراطي التعددي؟ وجوابنا يتلخص في الاسس والمنطلقات التالية :
1- وقف كافة أشكال المهاترات والحملات الإعلامية والاعتقالات والمداهمات والاتهامات المتبادلة، وضمان إتاحة حرية العمل السياسي والحريات العامة كما نص عليها القانون الأساسي.
2- الانطلاق من شرعيات التجربة الديمقراطية ونتائجها بالنسبة للرئاسة، والمجلس التشريعي، وكذلك الأمر بالنسبة لشرعية الإجماع على منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد لشعبنا، (بمشاركة الإخوة في حركتي حماس والجهاد) .
3- اعتماد الإطار السياسي العام الذي حددته وثيقة القاهرة 2005 ووثيقة الوفاق الوطني.
4- الاتفاق من حيث المبدأ على إيجاد مرجعية (حكومة انتقالية متفق عليها وطنياً) بعيداً عن الصراع على الشرعيات أو السلطة بين حماس وفتح الذي يكرس الانقسام الراهن ويهدد بتكريس الفصل بين غزة والضفة وآثاره الخطيرة على ابناء شعبنا في الداخل والخارج .
5- الاتفاق من حيث المبدأ أن تقوم هذه الحكومة بإدارة مؤسسات السلطة وإعادة توحيدها كمهمة أولى، والمهمة الثانية ، المشروطة بالتوافق والقبول من كافة القوى السياسية ، الإعداد لانتخابات تشريعية ورئاسية وفق التمثيل النسبي الكامل الذي يجنب شعبنا العودة إلى الاستقطاب الحاد من جديد عبر دور الفصائل والأحزاب والقوى السياسية والمجتمعية الأخرى التي ستشكل صمام الأمان الذي يحول دون اشتعال الصراع مجدداً من ناحية ويضمن إلى حد بعيد تحقيق وتكريس الوحدة الوطنية وتطوير التجربة الديمقراطية وتحقيقها بصورة فعالة من جهة ثانية.
أخيرا ... إما الحوار والاتفاق أو أن نتحول جميعا إلى عبيد أذلاء في بلادنا بعد أن نخسرها ونخسر أنفسنا وقضيتنا ، ويحق علينا قول محمود درويش "أيها المستقبل : لا تسألنا من أنتم ؟ وماذا تريدون مني ؟ فنحن ايضا لانعرف !!" .

*****************
ورقة بعنوان :
إمكانية استئناف الحوار الوطني الفلسطيني في ضوء التطورات الأخيرة
(مقدمة إلى ندوة مركز فلسطين للدراسات والبحوث المعقودة في غزة بتاريخ 2/8/2007)






#غازي_الصوراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاضرة في :الندوة المعقودة بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين ...
- حول المأزق الراهن
- الأوضاع الدولية والعربية الراهنة وآثارها على القضية الفلسطين ...
- كلمة أ. غازي الصوراني* في المؤتمر الشعبي لمواجهة الفلتان الأ ...
- بمناسبة الذكرى التاسعة والخمسين للنكبة: الحقوق الثابتة والصر ...
- ورقة حول -التنمية في برنامج وتطبيقات الحكومة الحادية عشرة
- تقديم وتلخيص التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2005
- مستقبل الديمقراطية في فلسطين راهناً ودور قوى اليسار
- حول تبعية وتخلف المجتمع والاقتصاد العربي وسبل التجاوز والنهو ...
- الأوضاع الاقتصادية والتنموية في فلسطين
- المجتمع السياسي الفلسطيني ومشروعه الوطني إلى أين ..؟
- واقع الصناعة والتجارة في الضفة الغربية وقطاع غزة
- دراسة حول : البلديات والنقابات المهنية والعمالية في فلسطين
- دراسة أولية حول : التعليم والتعليم العالي في فلسطين
- دراسة أولية حول : الواقع الثقافي الفلسطيني
- الاوضاع الصحية في فلسطين
- المسالة الزراعية والمياه في الضفة الغربية وقطاع غزة
- الوضع العربي الراهن وآفاق المستقبل
- العولمة والعلاقات الدولية الراهنة
- ورقة حول -الحصار وانعكاساته على الأوضاع الاقتصادية- مقدمة إل ...


المزيد.....




- مبنى قديم تجمّد بالزمن خلال ترميمه يكشف عن تقنية البناء الرو ...
- خبير يشرح كيف حدثت كارثة جسر بالتيمور بجهاز محاكاة من داخل س ...
- بيان من الخارجية السعودية ردا على تدابير محكمة العدل الدولية ...
- شاهد: الاحتفال بخميس العهد بموكب -الفيلق الإسباني- في ملقة ...
- فيديو: مقتل شخص على الأقل في أول قصف روسي لخاركيف منذ 2022
- شريحة بلاكويل الإلكترونية -ثورة- في الذكاء الاصطناعي
- بايدن يرد على سخرية ترامب بفيديو
- بعد أكثر من 10 سنوات من الغياب.. -سباق المقاهي- يعود إلى بار ...
- بافل دوروف يعلن حظر -تلغرام- آلاف الحسابات الداعية للإرهاب و ...
- مصر.. أنباء عن تعيين نائب أو أكثر للسيسي بعد أداء اليمين الد ...


المزيد.....

- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ... / غازي الصوراني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - غازي الصوراني - إمكانية استئناف الحوار الوطني الفلسطيني في ضوء التطورات الأخيرة