معبر رفح وشوق الأهل ... الفتوى وتجارة السجائر

طلعت الصفدى

الحوار المتمدن-العدد: 1994 - 2007 / 8 / 1 - 06:21
المحور: القضية الفلسطينية
    

لا ضمير .لا إنسانية .. لا وطنية.. لا إحساس بالمسؤولية .. جفت الدماء في عروقهم ، أصيبوا بجلطة دماغية وأمعائية .. ما عادوا سوى تجار شنطة وسجائر ومعسل .. على معبرك يا رفح الجنوب .. يتشطط العباد ، فأكثر من ستة الآف محتجزون وينتظرون العودة إلى الوطن ، والمثل الفلسطيني يردد " العصفور بيتفلى ، والصياد بيتقلى "، يغوص الأطفال في وحل التراب .. تبتلعهم صحراء الغضب .. كأنهم في نار الله الموقدة .. يمصون أوراق الشجر المحترقة علها تبل ريقهم ... فلهيب الشمس القائظ يحرق الأبدان ، ويجفف خلايا الدماغ . ففي تموز " الميه بتغلى في الكوز " .. لا مأوى سوى بيوت العباد والشوارع المهشمة ، وأولاد الحلال ، والايادى قابضة على الأسلاك الشائكة لمعبرك يا رفح الجنوب .
يشاهدون مسرح الغضب في عيون الأطفال .. الأمهات.. العجائز. المسنون.. المرضى .. الجثث . غاب المسعف.. والمنقذ.. هذا الإنسان الفلسطيني الذي حمل الأمانة ، والتي عجزت الجبال عن حملها.. يسحق تحت سياسات الانقلابيين ، ومليشياتهم الجديدة. يجرى قتله ودفنه في التراب دون كفن .. من يدفع ثمن الكفن ؟ لا احد يملك . فالجيوب فارغة إلا من ثاني وثالث أكسيد الكربون والكبريت ، وقطرات الدم المملحة ..!! بالعين المجردة يرون ترابك يا رفح الجنوب ، ولكن الحدود والسدود التي صنعها المحتلون في سايكس بيكو ، تعيق النظر إليك يا رفح الجنوب .. ما أصعبك أيتها الغربة على هذا الفلسطيني الغريب حتى في أرضه وبين ربعه ، لماذا ساقتك الأقدار أيها الفلسطيني لتبقى على حدود الوطن .. القادمون من الأرض الغريبة إلى الأرض المدفونة والمقسمة ، والتي عجزت الأرض عن دفن أبنائها جراء قتل الأخ لأخيه .. ورغم الصراع والاقتتال فهل تريد العودة إلى كوخك ؟؟ هل تتشوق للعودة ، فإذا عجزوا عن إعادتك إلى كوخك في رفح ، وخان يونس، والنصيرات ، وغزة وجبا ليا ، وبليت لاهيا ، وبيت حانون .. وأنت على بعد أمتار وأنت ترى العلم الفلسطيني ، وأشجار اللوز والزيتون والصبار . فهل تصدقهم بأن باستطاعتهم إعادة شعبنا إلى حيفا ، ويافا ، واللد والرملة ، واسدود، وعسقلان وبئر السبع ، وباقي ربوع الوطن
أيها المتخاذلون ، افتحوا لهم الحدود ، وسهلوا لهم العبور ، فالسياسة في خدمة المواطنين.. كفى تلذذا بمعاناتهم حتى لا يستنتجوا أن لا فرق بينكم وبين الاحتلال !! .. الموت في الوطن أرحم من الغربة .. أنتم المسؤلون . لا أحد منكم يتهرب من المسؤولية .. انتم في الرئاسة ، وأنتم في الحكومة الشرعية ، وانتم في الحكومة المقالة ، وانتم في الأجهزة الأمنية غير الشرعية ، تتحملون مسؤولية كل قطرة دم سالت ، وكل وجع وألم ومعاناة وتشرد وموت .. وبقائهم في العراء بين الزواحف والسحالي ، والثعابين ، والعقارب ، وبين نباح الكلاب ، على هذا الوضع .... جريمتكم بسكوتكم عن معاناة شعبكم .. هذا الفلسطيني الذي تتلاعبون به ، وتبيعون له فتاوى وشعارات فارغة تمتلئ كذبا ، وتزويرا وتضليلا عن مقاومة حققت الانتصارات ، وتطالبونه بالصمود ، ومواجهة الحصار رغم الإفلاس والبطالة والفوضى والاقتتال والصراع .. هل تريدون للفلسطيني أن يخر صريعا بذنوبكم حتى تتقاسموا كنز اللعنة ، فلماذا هذا السكوت . هذا الصمت ؟ هل الحسابات الخاصة أعمتكم عن مصالح شعبكم ،؟ فلا زالت مجموعات المصالح تتحكم في مصير شعبكم ، ترتزق وتعتاش بمعاناته ، تجارة السلاح والمخدرات والدماء والدموع ، حتى أنكم تتاجرون بشهدائكم ، وبمعتقليكم ، وبالانتفاضة التي تراجعت ولم تعد كذلك ..
الفتوى لديكم جاهزة .. في سابق العهد .. أوسلو محرمة.. وخائن من يتعاطى مع إفرازات أوسلو.. ومع حكومة أوسلو... وسلطة أوسلو.. والانتخابات على قاعدة أوسلو غير شرعية ، وحرام من يشارك فيها ... ثم كانت فتواكم جاهزة وتحت الطلب بالمشاركة في الانتخابات التشريعية 2006 ، رغم أنها على قاعدة أوسلو.. ولم تتغير بنودها بعد إلا في عقولكم وخيالكم . ؟؟ والسجائر التي كانت محرمة تحولت أخيرا لسلعة وبضاعة مشروعة .. ومن أراد أن يشترى فالبائع مكشوف الرأس هذه المرة لا يتخفى بلثام حتى لا يخيف الشاري .. الساحر الحديث من يلف منديلا اسودا على معصمه فيخرج أرنبا أبيضا !!! سبحان مقسم الأرزاق والعباد .. الفتوى جاهزة وعند الطلب مثل بائع العطارة .. لا يوجد سؤال دون جواب .. بالأمس كانت السجائر محرمة ، واليوم من كان يحذر المواطنين من خطورتها ويدعى أنها مكروهة .هو من يبيعها بالمفرق والجملة ، ويتم بيعها برغم الضرر التي تلحقه ، وتحذيرات وزارة الصحة الفلسطينية الشرعية بأن التدخين ضار بالصحة ويسبب أمراض السرطان والرئة . إن استيلائكم على السجائر والمعسل والجوالات التي تم مصادرتها سابقا على معبر رفح من قبل مصلحة الجمارك الفلسطينية الشرعية لتجاوزها القانون الضريبي ، والتي من الواجب الاخلاقى والقانوني إتلافها ، تبيعونها بالجملة وبالمفرق ، !!! وتستولون على عائداتها ؟؟ بالتأكيد ليس لجيب الشعب الفلسطيني ، ولكن للحكومة غير الشرعية والمقالة ... ، فكيف يستقيم ذلك ؟ فهل لهذه الدرجة ، هانت عليكم صحة شعبكم بعد أن هددتم حيله ، وقمتم بانقلابكم على تقاليده المجيدة ، وحولتم الحرام الى حلال !!!

#طلعت_الصفدى (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات