أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - طلعت الصفدى - من الرحيل القسرى ... إلى الموت في الوطن !!!!!















المزيد.....

من الرحيل القسرى ... إلى الموت في الوطن !!!!!


طلعت الصفدى

الحوار المتمدن-العدد: 1992 - 2007 / 7 / 30 - 04:51
المحور: القضية الفلسطينية
    


أكتوبر 1991 / غزة تحت الاحتلال الاسرائيلى .... فتحي وحمادة .. توأمان في الصف الرابع الابتدائي .. الأول من مواليد غزة هاشم .. والأخر من مواليد نفط الكويت... كيف حدث هذا؟ أرجو أن لا تسألني .. الأول عاش الاحتلال والإرهاب الصهيوني في غزة منذ مولده .. رأى الديمقراطية الصهيونية المزعومة بأم عينيه .. وشاهد ما يجب أن لا يشاهده.. .. هو طالب في إحدى المدارس الحكومية بغزة .. والثاني عاش النكبة الأخيرة.. وليست الآخرة بالطبع.. وشاهد انتهاك الديمقراطية وحقوق الإنسان الفلسطيني في الكويت .. ورأى أكثر مما يحتمل...سجل هذا العام بعد رحيله من الكويت في إحدى مدارس وكالة الغوث بغزة .. التقى التوأمان.. الأخوان وكل منهما يحمل موقفا .. وتجربة... تتشابه في قسماتها وملامحها العامة .. لكنها ستترك آثارها على كل منهما والى الأبد... كيف ؟ لا أريد أن أخمن !!! هل العام الدراسي وحل .. وبالنشاط ابتدأ . الناس هذه المرة تولدت لديهم قناعة بضرورة التمسك بحق الأبناء بالتعليم والتعلم.. وعدم التفريط فيه.. ولا بد من توفير الكتب والقرطاسية والرسوم واللوازم المدرسية .. ويل لمن لم يسمع الكلام ويحدد النسل على الطريقة الصينية .. الضائقة المالية .. والعجز الاقتصادي.. والبطالة.. وصعوبة الأحوال المعيشية .. وقلة ما باليد تخيم وترفرف على أغلب العائلات . لكنها لم تمنعهم من الاستدانة وتوفير المستلزمات.. فأمام التعليم يهون الغالي والثمين... أكدت ذلك العجوز التي طحنتها السنون حين قالت : " نبيع اللي فوقنا.. واللي تحتنا علشان نعلم أولادنا. توجه التوأمان كزملائهما لشراء الكتب .. حشد هائل حول المكتبات وتزاحم موسمي ، وخليط من البشر .. أولاد.. بنات .. أمهات .. عجائز .. زعيق .. أيادي ترتفع .. تعليقات .. الكتب أسعارها مرتفعة.. غير متوفرة .. خذ.. هات.. أسئلة مقتضبة.. فالموسم قد ابتدأ المشوار..حمادة انخرط في هذا الجو وأخذ يزعق بأعلى صوته .. أعطني كتاب قراءة للصف الرابع .. يسأله البائع كتاب وكالة أم حكومة ؟؟ يجيبه على الفور أريدها كتاب وكالة . قصيرة . ليست مطبوعة بختم الإدارة المدنية الإسرائيلية .. يتشجع أخوه فتحي فيطلب هو الآخر قراءة لنفس الصف : أريدها حكومية .. ورقمها 1967.. ومطبوعة بختم الإدارة المدنية .. لونها اصفر .. ليست قصيرة .. فالمعلم لا يوافق على غيرها.. ويتكرر المشهد اليومي آلاف المرات . طفل يبكى بحرقة كمن فقد نفسه . يسال ببراءة وبصوت مبحوح ، أريد كتاب دين للأول .. يجيبه صاحب المكتبة دين حكومة أم دين وكالة ؟ !!!! طفل آخر أريد كتاب قراءة للمهاجرين .. وآخر يريد كتاب قراءة للغزازوة ، وثالث ورابع .. دين للمهاجرين.
يونيه 2007 / غزة تحت الانقلاب العسكري .... بعد ستة عشر عاما ، تأبى المأساة إلا أن تلاحقهم كقدر محتم ، والموت بتربصهم ..!!! .تحت ضغط الحياة المريرة ، وغياب مسؤوليات السلطة والحكومة ، والحصار الظالم على شعبنا نتاج الديمقراطية التي شهد العالم بنزاهتها ، ولكنه لم يرض عنها !! وإغلاق المعابر، وانسداد الأفق السياسي ، والدخول والخروج إلى العالم الخارجي ، وفقدان العمل في إسرائيل ، وازدياد حجم البطالة ، وبعد أن لفهما الجوع والضنك ، وتحولا لمتسولين أمام مؤسسات وكالة الغوث ، والشؤون الاجتماعية ، ومنظمات الإغاثة غير الحكومية ، أخذ الشابان وهما في عمر الزهور يتلطعان في شوارع غزة ، ومصائبها ... فقدا كل السبل والطرق للعيش الكريم، وفشلا في الحصول على وظيفة ، أو تصريح عمل ، حاول كل منهما أن يبحث عن مصدر رزق بطريقته الخاصة ، نجح فتحي أن يحل مشكلته عبر واسطة وأصدقاء له ، فالتحق بجهاز الأمن الوطني الشرعي ، والتحق أخوه بإحدى الأجهزة غير الشرعية ، ووجدا نفسيهما في أتون معركة غير شريفة ... ومع احتدام الصراع ، كان الاشتباك متقطعا بين فترة وأخرى ، ويسقط عدد من الضحايا التي سرعان ما نطلق عليهم اسم شهداء،...!!! لكنها كانت نذير شؤم وقلق وخوف من المجهول !!! وتزايدت فرص الاقتتال بين أبناء الشعب الواحد ، والأجهزة المختلفة الشرعية وغير الشرعية ، وتتوالى الأحداث والصدامات ، وقلق الأم يشتد مع سماع أزيز الرصاص ، التي كانت قد فقدت زوجها في حادث عمل منذ عشر سنوات .. حاولت في البداية أن تمنعهما من الخروج من البيت ، وأغلقت عليهما الباب بالمفتاح ، وقت اشتداد الأزمات وتصاعد وتيرة الاقتتال الداخلي ، وتوصيهما أن لا يطلقا النار والرصاص على أي فلسطيني مهما كانت الأسباب والدوافع فهو ابن وطننا وشعبنا وديننا ، وتدعو لهما كل صباح ومساء وفى كل صلاة أن يجنبهما الله الخطر ، الله يبعد عنكم أولاد الحرام ، الله يبعد عنكم شر بني آدم .. لكن الشر وعزرائيل كانا لهما بالمرصاد ، يتربص الموت لهما ، أينما يحلان ، . ومع تصاعد الإعلام التحريضي عبر الإذاعات المحلية والمساجد ، ارتفعت وتيرة حدة القتل والدمار، واشتعلت ، وازدادت وتيرة الانتقام السادى ، ولسوء حظهما فقد كانت ليلتهما ظلاما ، ليلة البحث عن المجهول ، وكانا مناوبين في أماكن عملهما وقت الانقلاب العسكري ، صدرت الأوامر باقتحام أحد المواقع الشرعية ، وتبادل الطرفان النيران ، متقطعة مرة ، ومشتدة مرات عديدة ، واخبرا تم احتلال الموقع ، وتصفية الجرحى ممن سلموا أنفسهم ، وعندما سكتت أصوات الرصاص والهاونات ، تفقد حمادة الضحايا ، ضحية ضحية ، و كانت المفاجأة أن وقعت عيني حمادة على أخيه فتحي ممزقا ، والدم لا زال ينزف ويسيل من كل أنحاء جسده ، ارتمى على أخيه فتحي الذي فارق الحياة ، وأخذ بتقبيله بجنون ،لقد حصده بالمئات من الرصاصات ،هذا أخي قد قتلته بيدي . ليثنى لم أرحل من الكويت .. ليتنى مت هناك بعيدا.. بعيدا عن هذا الوطن الذي يقتل فيه الأخ أخاه.. على ماذا ؟ وسرعان ما ترك لسلاحه العنان ، وتطاير منه الرصاص في الهواء ، ثم أدار سلاحه على من يحيطون به ، أصيب بالهستيريا والجنون ، لم يحتمل الصدمة فافرغ باقي رصاصاته في جوفه ، وارتمى بجوار أخيه ، وتناقل الناس ما جرى وما حدث ، ووصل مسامع الخبر المأساة إلى الأم التي أصيبت بالصدمة ففارقت الحياة للتو . وطرح المواطنون البسطاء سؤالهم المعهود ، هل مكتوب على الفقراء أن يكونوا دائما ضحايا الحرب والسلام ، وهل الناس والحجارة هم وقودها ؟؟؟ .



#طلعت_الصفدى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألهاكم التكاثر... فأضعتم بوصلة الوطن .... !!!!


المزيد.....




- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - طلعت الصفدى - من الرحيل القسرى ... إلى الموت في الوطن !!!!!