طلعت الصفدى
الحوار المتمدن-العدد: 1990 - 2007 / 7 / 28 - 02:21
المحور:
القضية الفلسطينية
بعض القادة .. يتعلمون... من الحياة ... الواقع... التجربة... الجماهير... يتلهفون للمعرفة وكسب التعلم ... يتعلم حتى كيف يتعلم... لا يرى في ذلك انتقاصا أو عيبا ... فالجميع يتعلم من المهد إلى اللحد... هؤلاء يبحثون .. ينقبون .. يفتشون عن الحقيقة بين أحضان الفلاسفة والشعراء ، بين كتب التاريخ والتراث .. من وديان وسهول وجبال وغور الوطن ، ومن تقاليد شعبنا المجيدة ، وحركة الكواكب وأمواج البحر . ... يسعون لمعرفة ما هو غير معروف بجرأة ... وبثقة بالنفس .. هؤلاء يتعلمون بسرعة ... يكتسبون المهارات ويتعلمون من الجماهير أكثر .. يصرحون أنهم من الشعب بالأفعال والأقوال .... يدركون أن الجماهير هي صانعة المعجزات هي الزلزال.. والبركان... والجماهير هي الحل ... وان قالت كلمتها فلا يعلو صوت على صوتها ... هؤلاء بأقوالهم وأفعالهم ، بتواضعهم وإنسانيتهم .. بديمقراطيتهم يجتذبون الجماهير .. تقترب منهم .. تحتضنهم... يتحولون لشخصيات بارزة .. وقادة سياسيين .. تأتمنهم الجماهير على مصيرها .. حاضرها ومستقبلها .. ويصبح هؤلاء معبرين حقيقيين عن حاجات جماهيرهم وناسهم ..يمتلكون القدرة ليس على تعليم الجماهير فحسب .. بل والتعلم منها أيضا ...
الواقع مر .. والنفق مظلم ..لقد ألهاكم التكاثر .. وأضعتم بوصلة الحقيقة .. يتفلسف بعضكم من الحاضر.. والغائب .. والهارب .. والمستسلم ... بعد أن أضعتم غزة ... وسلمتم غزة ... تحملون هزيمتكم على فصائل العمل الوطني !!! ، وعليها أن تحدد موقفها بصراحة ... تتشدقون بأقسى العبارات وكأنكم لم تساهموا في تدميرها وفى تجاهلها ... قزمتموها ، وأفرغتموها ، لن نكون شهادا للزور ... ولن نحلف يمينا كاذبا أو مزورا ... من هذا الذي يتهمنا بالتقاعس ؟؟ نحن لسنا محايدين ، نحن مع شعبنا وحركتنا الوطنية ، مع منظمة التحرير الفلسطينية .. سنبقى ندافع عن مشروعنا الوطني ووجودنا على أرضنا ، سنبقى الرافضين للانقلاب العسكري والدموي ... نرفع دائما شعارا واحدا ووحيدا ... الحوار ثم الحوار ولا بديل عن الحوار المسئول ، رفضنا دويلة غزة ، وإمارة غزة ، ودولة ذات حدود مؤقتة ، أعلنا عن رفضنا المطلق للفصل القسرى بين غزة والضفة الغربية ، وشعارنا نعم لوحدة شعبنا السياسية والجغرافية ، سنبقى ندافع عن الأرض ، ستبقى عيوننا مفتوحة على عدونا المشترك الاحتلال الاسرائيلى مهما اشتد التناحر والصراع بين الأخوة .. لن نهاب ظالم أو فاجر ومتلاعب .. ما بيشيل الرأس إلا من ركبه ... وما بيبقى في الوادي غير حجارته ..
انتم في حركة فتح تتحملون المسؤولية الكبرى . لن يعفيكم شعبكم من هذه المسؤولية . صحيح أنكم أول الرصاص وأول الحجارة ، صحيح أنكم العمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية ، صحيح أنكم الشهداء والمعتقلين صحيح أنكم أسستم المرجعيات الثلاث ، ولا احد ينكر ذلك : منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا ، وأول سلطة وطنية فلسطينية على الأرض الفلسطينية ، ومجلسا تشريعيا منتخبا ديمقراطيا ، ألا تحتاج هذه الصروح الشامخة لحراسة ويقظة من أنياب الداخلين والخارجيين ؟؟ لقد أهملتم واجبكم تجاه قضيتكم وشعبكم ومؤسساتكم ، وأفسحتم المجال للمرتزقة ، وسمحتم لقطاع الطرق والانتهازيين أن يتسلقوا على أكتاف المناضلين . ما زرعتموه لا تحصدوه لوحدكم . بل يحصده كل شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج ، هل يمكن أن تراجعوا مواقفكم السابقة ؟؟ : كنتم المتفردين في صناعة القرار، والمهيمنين في التوظيف بلا مؤهلات ، والعابثين في مفاوضات عقيمة بلا تخطيط ، ووضع بعضكم البيض كله في السلة الأمريكية ولكن دون جدوى ، كنتم المحتكرين للتعيين في السفارات، والفئويين في المحافظين، والقابضين على المال والسلاح ، والفتحاويين في قيادة الأجهزة الأمنية ، هل تعاملتم مع حلفائكم كشركاء حقيقيين في الهم الوطني والاجتماعي والديمقراطي ، والأمني ، كانت شعاراتكم أحيانا كشعارات الخصوم : تفرد ، وهيمنة ، وتسلط .. كرستم الأحادية والفئوية والحزبية .. أين هي مؤسساتكم الشعبية والجماهيرية والإعلامية والتعبوية ؟؟ أين هي أجهزتكم الأمنية التي كانت تحت سيطرتكم وتغدقون عليها المال ؟؟؟ أليس غريبا بعد هذا أن يتهم البعض فصائل منظمة التحرير بالتقاعس والتقصير ؟؟ أين فتح المناضلة التي تملك الرؤية الإستراتيجية ، أين فتح التاريخ والشهداء ؟ أين فتح من حلفائها الحقيقيين ؟
لماذا عجنتم رغيف الوطن بالفساد والمحسوبية ؟؟ موبايلكم كان دائما مشغولا أو مغلقا كأنه يشتم رائحتنا. وعندما كنتم سمن على عسل مع خصومكم كنتم تهملون فصائل المنظمة ، تعقدون الاتفاقيات الانفرادية التي لم تنجح لغياب الكل الوطني ومشاركته الفعلية . لن نكون مستخدمين لأحد ، لم تأخذوا تحذيرات حلفائكم محمل الجد ، شاركوكم الدم في كل معارك الثورة الفلسطينية ! لم تتعلموا الدرس بعد انتخابات البلديات والمحليات ،ركبتم رأسكم ! لم تحللوا نتائج انتخابات المجلس التشريعي .أين النقد الذاتي بعد الهزيمة ، حتى بعد انهيار غزة وسقوطها في أيدي الظلاميين ؟ تحملون الآخرين مسؤولية فشلكم وإدارتكم للصراع ، لا تحاولوا أن تحرفوا منظار الحقيقة عن أمعائكم الدقيقة والغليظة .كنا دائما حريصين عليكم من أنفسكم ، فانتقدناكم بجرأة من أجل تعديل المسار ، لكن بعضكم لم يكن حريصا على الوطن ، ولاحتى على فتح فكفى تلعثما ، وكفى تزويرا وعويلا في صحراء النقب ، عودوا للمناضلين الحقيقيين في فتح الثورة ، ولفتحكم الحركة الجماهيرية والشعبية ، ولبرنامجكم النضالي ، ولنظامكم الداخلي ، أعيدوا رأس فتح لفتح ، الخالية من الفساد والمفسدين ، طهروها من مجموعات المصالح التي عششت طول الفترة السابقة ، طهروا صفوفكم من الدخلاء والمرتزقة أصحاب المصالح الخاصة البرجوازيين الذين كرشوا في غياب المساءلة والرقابة ، وجمعوا الأموال من قوت الشعب . يملكون الثرثرة والزعيق فقط ، وستجدون كل الشعب معكم ، لا فائدة ترجى من ضفادع الليل وسحالي النهار التي تزحف لتدمر حركة الشعب . لا تناطحوا بقرن مكسور .. لا تتجاهلوا الواقع المرير .. لا تتعالوا على الجماهير فهي حصنكم ، وهى حامية المشروع الوطني .. الزمان ليس الزمان .. والمكان لم يعد نفس المكان... لا تبرروا الفشل والهزيمة ، لا تستسلموا للانهيار ، أنتم بحاجة لثورة داخلية ، وانتفاضة حقيقية ، ومن لا يتعلم من دروس التاريخ يعش ابد الدهر بين الحفر ، أم ما زلتم تضعون أصابعكم في آذانكم !
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟