أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق الحاج - القيامة قامت















المزيد.....

القيامة قامت


توفيق الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 1986 - 2007 / 7 / 24 - 06:29
المحور: كتابات ساخرة
    


في الأسبوع الماضي قضيت يوما عاديا لرجل عادي ..من مقابلة وجه الله فجرا..إلى متابعة لآخر الأخبار السياسية إلى الاصطباح بصحن فول بالزيت مع راس بصل إلى تصفح سريع للنت لنرى أخر التقليعات الرياضية وهل عبد ربه استقر في الاهلى أو في الإسماعيلية..؟!! وانتبه لتعليقات القراء على آخر ما كتبت وخاصة المخالفة والمناكفة منها إلى مشاهدة خطاب افتتاح المركزي لعباس الحانق والمتعكر..!! والمؤتمر الصحفي للزهار المعروق و المتوتر..!! وبكائيات بحر القانونية على الشرعية وقد نسي أو تناسى أنها أاغتيلت علنا في باحة المنتدى..!! إلى قراءة القيلولة في كتاب خريف الغضب لهيكل إلى الاسترخاء عصرا مع "حسيبك للزمن " في واحة أم كلثوم إلى الاستماع ما بعد صلاة المغرب لقراءات ناصر اللحام في الصحف العبرية إلى الاستغراق ما بعد صلاة العشاء في خطبة للشيخ كشك إلى تأمل صوفي لملكوت الله مع النجوم ومراجعة فاتورة حساب النفس اليومي حتى دقت الساعة الواحدة فآويت إلى فراشي حامدا شاكرا..

هكذا أنا..كل هذا الكوكتيل المتشابك والمتناقض والمنوع فأنا إنسان بلا عقد أحب الحياة بلا إسراف وأحب الدين بلا تزمت وافخر بكوني إنسانا بسيطا مسلما ووطنيا وكفى..!!

صحيح انه كان في نفسي بعض أسى لما قرأت من بعض التعليقات العصبية المؤسفة والتي تنتصر لراية يربأ دستورها وقيمها وأدبياتها أن تتبني ألفاظا متدنية من الردح الخالص خارجة عن الذوق ولا تليق حتى بسكارى ومدمنين فقدوا القدرة على ضبط عضلات الإخراج..!!
لقد تساءلت أكثر من مرة..هل الاختلاف في وجهات النظر يوصل إلى هذه الدرجة من انحطاط المفردات والشتم والرجم والتفتفة وخاصة ممن يدعون ورعا وتقوى ويتباهون بالدكتوراهات ويزايدون وهم في برزخ لندن أو بذخ فلوريدا على من يكتوون بجحيم رام الله وغزة وطنية وحكمة..؟!!

ومع ذلك لم انم ليلتها إلا وقد توصلت إلى قناعة بسيطة جلبت إلى نفسي الهداة والسلام مفادها " أن المثقفين وأنصافهم غالبا ما يكونوا أسرى لما يحبون لا ما يرون ولمعظمهم أدمغة مصبوبة صبا و مختومة بالشمع الأحمر ومن المعروف أن إرضاء الناس غاية لا تدرك خاصة وأننا نحن العرب والمسلمين ورثنا حدة البداوة نحب بقوة ونكره بعنف ،فإذا انتصرت لسين مثلا يكفرك صاد وان انتصرت لصاد يخونك سين فما بالك بحكواتي مثلي لا ينتصر لسين أو صاد وإنما ينتصر فقط لوطن ضائع بين خطايانا ..!!

ما علينا..
فما أن دخلت الغرفة حتى قامت القيامة بعد خمس دقائق.. أي والله..!!
ارتجت الدنيا من حولي .. أظلمت.. سمعت نفخ الصور.. رأيتني أخرج من قبري..وأنا أتساءل : متى مت..؟!! وكيف سمحت لي المدام بالموت دون أن تستجوبني قبل ناكر ونكير..؟!!
المهم..رأيت معي أناسا كثيرين ..يخرجون مثلى حفايا عرايا من قبور على مد البصر فلا جبال مكة ولا أبراج الشوا وحصري وكلنا نتجه إلى حيت المحشر بحركة لا إرادية و دليلنا نور الهي عظيم.. لم يكن هناك مجال لأن يسترق أحد النظر إلى عورة الآخر ،ولم يكن أحد يفكر إلا في نفسه وساعة الحساب.. الكل متجه بذاته وكليته إلى الله الذي زاد تجليه في تلك اللحظة حتى أدركته حواسنا..
نظرت إلى المحشر والشمس من فوق تكاد تشوي الوجوه ..صمت عجيب ..فلا متأفف ولا محتج..فقط بكاء خافت وضراعة ونشيج من بين الضلوع يعلو عليه صوت اضطرام النار المخيف من بعيد وهي تعلن استعدادها لالتهام من يستحق..!!
رأيت فيما رأيت وجها مليحا باسما تكسوه هالة من نور على مقربة منا ..سألت همسا فرد صوت سماوي مهيب أنه النبي محمد صلى الله عليه وسلم جاء ليشفع في أمته..
كانت تمر من أمامه كوكبة بيضاء من وجوه منعمة مستبشرة وتلقي عليه التحية ..أدركت بالفطرة انها قافلة الصحابة والتابعين المخلصين والشهداء الشهداء ..!!

ثم لم تمر لحظات إلا وقام أحد الملائكة قد أخذ ينادي على قائمة أسماء في يده كتبت بسخام تذكرت منها أبو جهل ومسيلمة وأحبار يهود المدينة والحجاج وقتلة الحسين وبعض خلفاء بني أمية وبعض خلفاء بني العباس والمماليك والأتراك والفرنجة وأقطاب الفرق والطوائف والفتن ممن باعوا الدين بالدنيا وكذلك من أسماء المحدثين بوش وبليروشارون وبيغن وديان و رابين وشامير واو لمرت وبيرس وكل الزعماء والملوك والأمراء العرب بلا استثناء.. كلهم توجهوا وراء ملائكة شداد غلاط واختفوا بينما علا صوت النار وصيحات الملائكة تصم الآذان الله اكبر ..الله أكبر..!!

ثم جاء دور الفاسدين في الحكومات والوزارات والمؤسسات والقتلة في الأجهزة الأمنية وقد لطخت وجوههم بقار يحملون على ظهورهم ما سرقوا وما اقترفوا.. ومضوا في نفس الطريق كوجبة ثانية للنار.. وتبعهم كذلك الجواسيس والزناة وعارضات اللحم والمرابين وأصحاب البنوك والمرتشين والمنافقين..الخ الخ . ولا تسألوني من رأيت فيهم لئلا يغضب الأنصار والمريدين..!!

ثم جاء قوم فيهم سواد وقبح وهم في حالة من الذل الشديد يتلفتون حولهم هلعا وقد لفت رؤوسهم بعمائم وقلانس من شوك فسألت:من هؤلاء..؟!! فيرد على نفس الصوت السماوي إنهم الأئمة ورجال الدين المتسيسون الذين تاجروا بآيات الله وأحاديث رسوله وقاتلوا وقتلوا الأبرياء من أجل راية قبلية أو فئوية أو طلبا لإمارة.. ولا تسألوني من رأيت فيهم..لئلا يغضب الأنصار والمريدين..!!

لقد كان كما شاهدت غضب الله ورسوله على أولئك أشد وأقسى لأنهم جعلوا من أنفسهم وكلاء زور وبهتان لهما في الأرض وارتكبوا باسميهما أسوأ الأحداث ومزقوا شعبا مقهورا إلى نصفين وأضافوا بأيديهم للتاريخ الحديث نكبة 2007 بعد نكبة 67 ونكبة 48

ثم جاء دوري ولم يطل حسابي كما توقعت لان كفة أخطائي وتقصيري كانت الأرجح قليلا وكان على أن تطهر النار الإلهية نفسي مما اعتراها من شهوات على مدى ما يقرب من ستة عقود وسمعت صوتا من بعيد يقول أني سأقضى في النار مثل ما قضيت في الدنيا.. وهنا تشفع لي النبي الإنسان الذي لطالما ملأ قلبي حبا للبشر وعلمني السماحة والقناعة ..فخفض رب العزة الجزاء إلى خمس سنوات ..تقبلتها شاكرا حامدا راضيا..
ولما هم الملائكة بأخذي لم تمسسني رعشة خوف ..بل وجدتني أخف بكثير مما كنت في جو من سلام النفس السرمدي وبعد لحظة بدأت أحس بسخونة شديدة تلفح وجهي وبدأ جلدي يذوب رويدا رويدا وبدأت أتمتم .." يا رب ..أنت العالم بمتاهات شكي ومراسي يقيني ..ما عبدتك يوما تزلفا أو طلبا لجنة أو نعيم وإنما عبدتك لذاتك " وكان آخر ما أسعفني قول الخيام لربه ..

إن لم أكن أخلصت في طاعتك..فإنني أطمع في رحمتك
وإنما يشفع لي أنني ..قد عشت لا أشرك في وحدتك


أيقظني صوت المؤذن لصلاة الفجر وحرارة الغرفة المرتفعة بسبب توقف المروحة لانقطاع التيار الكهربي ..
قمت.. من الفراش وأنا أتحسس وجهي وجلدي ..وأنا أكاد أهذي.." القيامة قامت..القيامة قامت.." ونظرت إلى المرأة ترقد بجانبي فأدركت أني لا أزال حيا وأن القيامة للأسف لم تقم.. شعرت بالحزن وفي خاطري همسة بريئة "ما كان أتحاسبنا وخلصنا "..استغفر الله.. وأعوذ بالله من الشيطان الرجيم توضأت.. وهرولت مسرعا إلى الجامع القريب..!!



#توفيق_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزيرة..يمينا در..!!
- نحن وثقافة القتل..!!
- أنا وعباس وهنية..!!
- نقاط دم ..على ذاكرة ساخطة
- !!هنا ..غزستان
- اعلان براءة
- سقعان في حزيران..!!
- فلسكو..!!
- فوضى الفتاوى الخلاقة..!!
- أبو العبد وفتحية..!!
- سياحة قصيرة في قناة الجزيرة
- امبراطورية -عين-..!!
- من دلف الى مزراب..!!
- مائة يوم للحرب
- اللي مايشتري يتفرج..!!
- مقبرة الانجليز..!!
- حتى الفلافل..!!
- اسألوا أهل النشر..!!
- ستنا الشجرة..!!
- فتافيت أخبار بالشطة..


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق الحاج - القيامة قامت