أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد جمول - البحث عما هو أقل سوءا














المزيد.....

البحث عما هو أقل سوءا


محمد جمول

الحوار المتمدن-العدد: 1983 - 2007 / 7 / 21 - 08:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس هناك شعب على وجه الأرض أكثر رضا وقناعة من شعوبنا. الفرد منا يرضى بالقليل الذي يحصل عليه. وإذا لم يحصل على شيء حمد الله لأنه لم يخسر شيئا مما عنده. وإذا خسر ما عنده وجد نفسه في حالة تستحق الفرح لأنه لم يخسر حياته وصحته حتى الآن. وحتى إذا ما تعرض لسوء المعاملة يعتبر الأمر عادياَ وليس له الحق في أكثر من ذلك. فحسن المعاملة يجب أن يظل من نصيب الذين خلق من أجلهم وخلقوا من أجله، وأنه سينعم به حين يصبح مؤهلا له. كل منهم يشعر بالسعادة لمجرد أنه خارج السجن، وإذا دخل السجن اعتبر نفسه محظوظاَ إذا اقتصر الأمر على الإهانات والسب والشتم لأنه لم يتعرض للضرب والعذاب الجسدي. وإن ضرب وعذب حتى الموت اعتبر نفسه محظوظاَ لأنه لا يزال على قيد الحياة. ومهما طال سجنه يظل سعيدا لأن هناك فرصة للخروج ذات يوم.

إنه كائن جميل لمجرد أنه لم ينقرض، ولهذا السبب وحده هو سعيد ومتفائل دوماَ، ولا يحب أي جديد فكل جديد يحمل شيئاَ ضده، وربما حمل أسباب فنائه. يشعر بالأمان مع الماضي فقط . الماضي هو الرحم الدافئ الذي يحن إليه دائماَ، وكل مالا وجود له في الماضي لا قيمة له في الحاضر والمستقبل. لذلك أدمن النوم، وحين فكر بالاستيقاظ ظل عشرات السنين يتثاءب ويتمطى ، معلناَ أنه ينوي النهوض. إذا استثير انفجر بطريقة تفاجئ الجميع لأنه يرى في القوة التي لا يمتلك منها شيئا، الحل الوحيد لكل مشكلاته. هذا ما يدفعه لقتل نفسه وخصمه في آن واحد بدل أن يحاور هذا الخصم أو يفكر بطريقة مناسبة لحل مشكلته معه، أو بأسباب هذا الضعف والبحث عن طريقة للخروج منه.
متدين بالفطرة، جميل بتدينه إلا إذا استيقظ وحش الطائفية أو العشائرية النائم في أعماقه ليحطم كل شيء، مبتدئاَ بذاته، إذ يعيده إلى جاهليته الأولى التي يحبها ولا يريد مغادرتها إلا بقدر ما تقتضي الطقوس والظروف الطارئة الضاغطة. كل مستحدث بغيض. يتطير حتى من الضحك أحياناَ . وحين يضحك من أعماقه يشعر أنه ارتكب إثما يخاف أن يدفع ثمنه أو يحاسب عليه. لذلك كثيراَ ما يتبع الضحكة بالقول " اللهم جنبنا شر هذه الضحكة “.

مقهور ومتفائل في آن واحد. مقهور لأن كل من حكموه كانوا دائما يقدمون له الوعود التي إن طالب بتحقيقها كان مصيره الجلد والسجن وربما الموت. ومتفائل بأن يكون حاكمه التالي أقل وعودا ليكون أقل عذابا و أقل شططا في تفاؤله وأكثر قناعة بما اقتنع أنه مقسوم له ، ولا مجال لزيادته أو نقصانه.
ألف انتظار من يقول له من يجب أن يحب ومن يجب أن يكره. وهناك من يتطوع دائما لتقديم هذه الخدمة الجليلة مجانا. ودائما هناك رجال دين ومفكرون كبار أو صغار يوفقون في إيجاد السند الديني والتاريخي والفكري المناسب اعتمادا على النصوص التي جرى تحضيرها وتحويرها وقسرها وقهرها لتناسب الغرض المطلوب حتى وإن كان طارئا. حين طلبوا منه أن يكره عبد الناصر وكل من شابهه في الفكر والمواقف اكتشف فجأة انه اهتدى إلى من إذا شتمه نال من الثواب ما يكفي لدخول الجنة. وعرف بطريقة لا تخلو من الإلهام أن عبد الناصر كان المسؤول عن خراب سد مأرب ولم تكن له أية صلة من بعيد أو قريب، بسد أسوان. وأنه السبب دائما في أمراض قناة أوستاش وقنوات الجسم الأخرى ، ولم تكن له أية علاقة بإعادة قناة السويس للسيادة المصرية ووضع عائداتها في خدمة الشعب المصري. ذات يوم قالوا له إن عليه أن يكره كل ماهو شرقي وأن يعشق كل ماهو أميركي وغربي ، فكان كما أريد له، وذهب وقاتل وضحى بالنفس والنفيس حيث طلب منه. والآن يستعد لصب جام غضبه على كل من تريد أميركا شن الحرب عليه، ابتداء من حزب الله والفلسطينيين وإيران وفنزويلا وكل من لا يرضى عنه سادة شركات النفط وصناعة الأسلحة وإسرائيل، لأنهم يعطلون توزيع العسل واللبن على شعوب المنطقة. وخصوصا أن إسرائيل وأميركا تعبتا وهما تحملان الكميات الكبيرة، التي كادت تفسد، من هاتين المادتين. إذا ما نجحت هذه المهمة ومنح أذنه وعقله وقلبه لأولئك الذين اعتادوا نصحه وتوجيهه، لن يبقى أمامهم إلا أن يطلبوا منه كراهية ذاته والحقد عليها، ثم يزودونه بالمتفجرات والصواعق والسيارات مجانا ويحددون له الأهداف والتوقيت.



#محمد_جمول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بنت جبيل وذاكرة الأطفال
- بولتون داعية سلام فاستعدوا للموت
- بين وحشية النازية ورحمة الغربان
- التعذيب الديمقراطي والتعذيب الدكتاتوري
- بيان ضد الديمقراطية
- رسالة مستعجلة ومتأخرة إلى بان كيمون
- الحلم الجميل وتجربة الهنود الحمر
- الصندوق
- نظرية المؤامرة
- أسئلة في زمن الرعب والهذيان


المزيد.....




- مصر.. بدء تطبيق التوقيت الشتوي.. وبرلمانية: طالبنا الحكومة ب ...
- نتنياهو يهدد.. لن تملك إيران سلاحا نوويا
- سقوط مسيرة -مجهولة- في الأردن.. ومصدر عسكري يعلق
- الهند تضيء ملايين المصابيح الطينية في احتفالات -ديوالي- المق ...
- المغرب يعتقل الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني
- استطلاع: أغلبية الألمان يرغبون في إجراء انتخابات مبكرة
- المنفي: الاستفتاء الشعبي على قوانين الانتخابات يكسر الجمود و ...
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- الحرس الثوري الإيراني: رد طهران على العدوان الإسرائيلي حتمي ...
- الخارجية الإيرانية تستدعي القائم بالأعمال الألماني بسبب إغلا ...


المزيد.....

- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد جمول - البحث عما هو أقل سوءا