أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الستار نورعلي - نازك الملائكة بين الشكل والمضمون















المزيد.....

نازك الملائكة بين الشكل والمضمون


عبد الستار نورعلي
شاعر وكاتب وناقد ومترجم

(Abdulsattar Noorali)


الحوار المتمدن-العدد: 1974 - 2007 / 7 / 12 - 06:24
المحور: الادب والفن
    



لاتزالُ جدلية البحث في أسبقية الشاعرالذي كتب القصيدة الأولى في الشعر الحر (شعر التفعيلة) بدر شاكر السياب أم نازك الملائكة مستمرة . كلٌ يأتي بدليل مستند الى تاريخ كتابة القصيدة وظروفها. وكل ذلك لمنح الريادة لأحدهما على الآخر. وهناك من يرى بأن بلند الحيدري هو أسبق منهما بالاعتماد على انه نشر ديوانه الأول (خفقة الطين) في منتصف عام 1946 قبل ديوان نازك الملائكة الأول (عاشقة الليل) أوائل 1947 ، وديوان بدر شاكر السياب الأول (أزهار ذابلة) أواسط 1947 .

في عمليات التجديد في الابداع الفني ومجايلة المبدعين المجددين لبعضهم تثار مثل هذه الأسئلة ويحدث الخلاف في الرأي . وأحياناً يبدو الأمر وكأنه الأهم في مسيرة العملية التجديدية أكثر من أهمية موضوعة التجديد والتحديث والعصرنة نفسها في فنون الابداع المختلفة.

الشاعرة الراحلة نازك الملائكة ( 1922- 20 حزيران 2007 ) هي أحد أهم وأكبر الاسماء في حركة تجديد الشكل في القصيدة العربية الكلاسيكية العمودية في القرن العشرين الى جانب بدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي وبلند الحيدري في العراق والعالم العربي . لكن السؤال الذي يجب أن يتجرأ النقاد والباحثون في البحث فيه هو: هل هي أهمهم ؟

لقد بدأت الشاعرة الراحلة مجددة ورائدة في قصيدة التفعيلة (الشعر الحر) ، لكنها تراجعت بعد زمن الى الشكل الكلاسيكي ، حين كانت تؤكد في اطروحاتها النقدية على اهمية التفعيلة (الايقاع) في حركة التجديد وقد كتبت في ذلك وفي كتابها النقدي المهم (قضايا الشعر المعاصر) ، وبذا دخلت عالم النقد والتنظير أيضاً لتكون مبدعة كبيرة ومهمة فيه. بينما تجاوزها بدر شاكر السياب في التجديدية الشعرية مع عمره القصير 1926- 1964 ، وكذا عبد الوهاب البياتي وبلند الحيدري ، وهم جميعاً بدأوا معاً حركة التجديد هذه وفي نفس الزمن ، علماً بأن الشعراء الرجال الثلاثة ولدوا في عام 1926 الذي أسماه السياب عام العبقرية في العراق لأنهم كشعراء كبار ومجددين مهمين ولدوا فيه ، في حين ولدت نازك عام 1922 .

نازك الملائكة ولا شك من أكبر الشعراء العرب المبدعين والمجددين في القرن العشرين . تركت أثرها وبصماتها ونحتت اسمها في ذاكرة تاريخ الأدب العربي الغني والمشرق ، وأثرت القصيدة العربية بالقمم من القصائد ، وأثرت (بتشديد الثاء) في أجيال من الشعراء العرب بعدها.

انحدار الشاعرة العائلي ، الأب شاعر وأديب والأم شاعرة والشقيق شاعر والبيت ملتقى للأدباء والكتاب ، كان له أثره البالغ في شاعريتها وثقافتها ورسم مستقبلها الى جانب الموهبة الشخصية الفذة ، مدعومة بارادة المواصلة وتثقيف الذات واتقان اللغات الانجليزية والفرنسية والألمانية واللاتينية ، كي تتمكن من قراءة نتاجات مبدعيها بلغاتها لأهمية ذلك للمبدع .

امتاز شعر نازك الملائكة بالحزن والشجن الرومانسي متأثرة في ذلك بالمدرسة الرومانسية التي كانت تأثيراتها في ثلاثينيات واربعينيات القرن الماضي واضحة في شعر الشعراء العرب ، وهذا ما دفع النقاد الى القول بأنها جددت في الشكل دون المضمون اشارة الى شعرها الحر. لكننا نلمح في ثنايا هذه الرومانسية حساً انسانياً عالياً في التعبير عن معاناة الانسان في هذه الحياة المثقلة بالاضطرابات والخطوب والحروب ، وهو مااضطرت معه الشاعرة الى اعتماد الشكل الكلاسيكي العمودي في التعبير عنه ممزوجاً بالفكر :

ما الذي بيننا من البغض ماذا كان سر القتال والأحقادِ
أيها الناقمون جميعاً شرعٌ في أيدي الخطوبِ الشدادِ

كـم تغنى بالسـلم والحـب مـن شـاعـر وفيلسـوفِ
أسفاً ضاعتِ الأغاني ولم تبقَ إلا ضجة القتال العنيفِ

هذا الحس الرومانسي المشوب بالانساني هو حس الشاعر المرهف الحزين الشجي المنشغل بالهم العام الذائب في الذاتي ، وهو ماامتازت به شاعرتنا الكبيرة ، والذي يحتاج الى البحث فيه والكتابة عنه أكثر من الغوص في الشكلياتية الابداعية والأسبقية من غير النظر في المضمون وما يضطرب فيه من أحاسيس وافكار وتجارب ومعاناة هي أساس العملية الابداعية ومفجراللحظة الشعرية في روحية النص النابعة من ذات المبدع ونزيفه الداخلي. وهذا لا يعني بالضرورة أن التركيز على الشكلياتية غير مهم في تأريخية الابداع ، فالشكل هو الولادة الطبيعية للمضمون المخلوق من جملة عوامل ذاتية خاصة بالمكونات السيكولوجية للشاعر من موهبة وثقافة وفكر وتربية وبيئة ، وموضوعية متعلقة بالزمان والمكان والمؤثر التاريخي الجغرافي في ما يحيط بالشاعر والنص. كما أن المضمون هو ولادة الشكل في ارتباط عضوي جدلي بين الصورتين ، وعليه فالتركيز على جانب واهمال الثاني هو تشطير للنصية الشعرية. فالشاعر هو بناء الذاتي والموضوعي والشكلي والمضموني. وفي شاعرة مثل نازك الملائكة والزمن الشعري الذي كتبت فيه تكون العلاقة بين الشكل والمضمون مهمة في عملية الخلق الشعري ، وربما لهذا أثر في أنها تراجعت لتعود الى الشكل القديم الكلاسيكي. والأمر في حاجة الى بحث اكاديمي رصين ، كما أن مضمون شعر نازك الملائكة بحاجة الى الدراسة والتحليل والكتابة فيه.

هاهنا لا قبابَ لا قوس نصر
ليس إلا سر الردى الأبدي
وهو المرقد الأبيد لقوم
لم يرنم مديحهم آدمي

حديثنا يا فورة الشر في
أعماق هذي السلالة العمياءِ
عن جنون الطموح يقتات من
ضوء المآقي ويرتوي بالدماءِ

هذا الحزن الشفاف العميق هو ما يصبغ نتاج شاعرتنا الكبيرة ، وقصيدتها التجديدية الأولى (الكوليرا) صورة واضحة من الألم والحزن لما حدث من اجتياح وباء الكوليرا قرى مصر في 1947 ، وهي التعبير الأول عن هذا الحس الذي صبغ مضامين شعرها بهذا اللون من المشاعرالذاتية التي تعلقت بالهموم الانسانية عامة ، وهو ما يميز ابداعها.

لكن المؤلم والمحزن في رحيلها أنها عانت العوز والمرض والألم الجسدي بعد معاناة الألم الروحي ، وبعد هذا التراث الأدبي الكبير من شعر ونقد ودراسة وتدريس ، فلم تجد العلاج والرعاية في الوطن الأم والأرض التي ولدت فيها ورفعت اسمها بعطائها الفذ وابداعها الخلاق السامي. والأكثر ايلاماً موتها في بلاد غير بلادها وإن لم يكن غريباً ، مثلما الجواهري الكبير والبياتي وبلند الحيدري.
.ويبدو أن قدر المبدعين العراقيين مرسوم في هذا الطريق ، غربة واغتراب واهمال وتهميش وأولو أمر في كل زمان منشغلون بأمورهم في بناء القصور والقباب وأقواس النصر وفي المديح وانتفاخ الأرصدة والبغضاء والمنكر والظلم والطموح غير المشروع والاحقاد والقتال ونشر الشرور وضياع السلم والأغاني كما تشير الشاعرة في أبياتها المذكورة.

الأربعاء 27 حزيران 2007



#عبد_الستار_نورعلي (هاشتاغ)       Abdulsattar_Noorali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرثية بغداد
- الشاعرة الأمازيغية مليكة مزان بين العشق والبركان
- خارج أسوار القفص
- مؤتمر شرم الشيخ ووثيقة العهد. من ينفذ؟
- ثلجٌ يتساقطُ
- مشاهدات رائد مزمن لشارع المتنبي في بغداد المتنبي
- هنا كانتْ بغداد..!
- مجلس النواب أم مجلس السواح العراقي ؟
- معنى الشعر عند بريهان قمق
- أسلمَة الحرب على الارهاب
- سِفر الخروج
- بريهان قمق بين اللغز وتراجيديا البحث
- وثيقة العهد، اعتراف صريح باقتراف جرائم الارهاب والقتل
- الرأس
- هذي السويدُ درة البلدان
- سيدة الكلمة الحية
- هل اصبحت قضية الكرد الفيليين في خبر كان؟
- هنا بيروت
- هولير وظلها البعيد
- الى التحالف الكوردستاني: الفيليون ليسوا كرداً من الدرجة الخا ...


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الستار نورعلي - نازك الملائكة بين الشكل والمضمون