أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - وديع شامخ - الصابئة المندائيون















المزيد.....



الصابئة المندائيون


وديع شامخ

الحوار المتمدن-العدد: 1973 - 2007 / 7 / 11 - 10:07
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


عراقيون ... ولكن بعد هذا الفاصل
رفقا بقوارير العراق

"الصابئة المندائيون"

-الحلقة الرابعة-
باسم الحي العظيم- مسبح ربي بقلب نقي "
هو الحي العظيم ، البصير القدير العليم ، العزيز الحكيم،هو الأزلي القديم، هو السمع والبصر ،
الشفاء والظفر ، والقوة والثبات .
هو الحي العظيم ، مسرة القلب ، وغفران الخطايا .
مسبح ربي بقلب نقي .
يا رب الأكوان جميعا ، مسبح أنت ،
مبارك ، ممجد، معظم ، موقر ، قيوم .
العظيم السامي ، ملك النور السامي .
الحنان ،التواب ،الرؤوف ، الرحيم ، الحي العظيم .
لاحد لبهائه ، ولامدى لضيائه ، المنتشرة قوته ، العظيمة قدرته .
هو العظيم الذي لا يرى ولا يحد . لا شريك له في سلطانه ، ولا صاحب له في صولجانه . من يتكل عليه فلن يخيب ، ومن يسبح باسمه فلن يستريب ، ومن يسأله فهو السميع المجيب،
ما كان لانه ما كان ، ولا يكون لانه لا يكون . خالد فوق كل الأكوان . لا موت يدنو منه ولا بطلان . وأمامه الملائكة ماثلون ، بأضويتهم يتألقون . ساجدين خاشعين ، شاكرين مسبحين . هو العدل والامان ، هو الرأفة والحنان ،الاول منذ الأزل ، خالق كل شيء"
الكنزا ربّا
لو أني كلب لاعترتني حمية لجروي أن يلقى كما يلقى الإنس "ابو العلاء المعري"

مهاد
الصابئة المندائيون أرومة عراقية عريقة، وقارورة عسل بلاد مابين النهرين.. أقدم واصغر الشعوب الذين قطنوا العراق، ارتبط وجودهم في العراق وخاصة في منطقة الاهوار جنوب العراق وإقليم الأهواز الإيراني. وديانتهم المندائية كانت منتشرة في بلاد وادي الرافدين قبل اكثر من 2000 عام، كما تشير بعض المصادر التناريخية .. وهذا يعني انهم من أقدم الديانات التوحيدية الحيّة التي نشأت في بلاد الرافدين .
يؤمن الصائبة بوحدانية الله ويسمى "الحي العظيم" في كتابهم المقدس "كنزا ربا" والذي يعني الكنز العظيم وهو مكتوب باللغة الآرامية الشرقية، و ينظرون الى يوحنا المعدان أو" النبي يحيى" باعتباره أهم أنبيائهم.
وتشمل أركان ديانتهم الصلاة ثلاث مرات يوميا باتجاه الشمال والصوم والصدقة وتحرم الكفر والقتل والزني والسرقة والكذب وشهادة الزور وخيانة الأمانة والشعوذة والسحر والربا والختان وشرب الخمر والطلاق.
يمتهن اغلب الصابئة المهن اليدوية وكانوا عماد صناعة الأدوات الزراعية في جنوب العراق كما أن للعديد من أبناء هذه الطائفة أيادي بيضاء في مجال العلم والتربية في العراق.
وتحول اغلبهم خلال العقود الأخيرة إلى صياغة الذهب والفضة وهم بارعون في هذه المهنة وحملوها معهم أينما حلوا. كما عملوا في صناعة الآلات الزراعية وبعدها الطب والهندسة والعلوم .
لعب الصابئة دورا هاما في تاريخ العراق السياسي والثقافي والفكري، وقد اشتهروا منذ القدم، بالنتاجات الادبية والعلمية الرائعة، ولحد الان، تجد فيهم الطبيب والمهندس والمعلم والمهني والشاعر والاديب...
ومنهم قديما: أبو إسحاق الصابي وزير الطائع والمطيع، وثابت بن قرة وولديه سنان وإبراهيم اللذان برعا في الطب والرياضة والفلك والترجمة، وأيضا إبراهيم بن هلال الأديب الذائع الصيت، الذي تولى ديوان الرسائل والمظالم سنة 960م)).والشيخ معروف الكرخي كان صابئياً، أذ قال الخطيب البغدادي: "أخبرنا محمد بن أحمد بن روق قال: سمعتُ أبا بكر محمد بن الحسن المقرئ المعروف بالنقاش، وسئل عن معروف الكرخي، فقال: سمعتُ إدريس بن عبد الكريم يقول: هو معروف بن الفيزران وبيني وبينه قرابة، وكان أبوه صابئاً من أهل نهر بان من قرى واسط" وقال ابن تغري: "كان أبواه من أعمال واسط من الصابئة".
ومن المعاصرين منهم الكثير مثل العلامة العراقي القدير المرحوم الدكتور عبد الجبار عبد الله صاحب الانجازات العلمية العالمية في علم الفيزياء والانواء الجوية، وهو من القلائل الذي ساهم في شرح نظرية انشتاين النسبية، حيث اسند أليه منصب رئيس المجمع العلمي لعلوم الأنواء الجوية في أمريكا. كما انه كان المؤسس لجامعة بغداد و رئيسا لها في فترة ما، وقد ساهم ايضا في تأسيس جامعة البصرة. ويعده البعض المع عالم في مجاله في القرن المنصرم. وأيضا البروفيسور صبيح السهيلي والشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد والشاعرة المعروفة لميعة عباس عمارة والدكتور عبد العظيم السبتي (الذي كرمه اتحاد الفلكيين العالمي مؤخرا، وذلك بإطلاق اسمه على أحد الكواكب المكتشفة سنة 1981 وهو بذلك يعد أول عراقي وعربي ينال مثل هذا التكريم) وغضبان الرومي ونعيم بدوي وعبد الفتاح الزهيري والرسامة والشاعرة سوسن سلمان سيف .. إضافة إلى الكثير من الأدباء والأطباء والمهندسين.ولكن في نفس الوقت هنالك مهنة يعشقونها وكانها سارية في عروقهم وهي مهنة الصياغة التي توارثوها اب عن جد، وبرعوا فيها، ولازالت أسواقهم ومحلاتهم في شارع النهر وخان الشابندر في بغداد وفي جميع المحافظات العراقية وفي الأهواز في إيران .. والان هم في الشتات منتشرين بمحلاتهم في أستراليا وأوروبا وأمريكا وكندا أيضا .. ولا زالت أعمال صياغة الذهب والفضة، والنقش على الفضة بمادة «المينة» هي من إبداعاتهم، واعمالهم الرائعة، والتي كانت محط إعجاب الرؤساء والملوك والقادة العسكريين والمدنيين إضافة إلى السياح والرحالة الأجانب الذين كانوا يبتهجون عند اقتناءهم مثلا علبة سجائر منقوشة عليها صورتهم بكل دقة وروعة ومطعمة بمادة المينة السوداء التي يدعوها((بالمحرك)) أو منقوش عليها أسد بابل أو الدلة العربية أو النخلة الشامخة. لقد برع في مجال فن صياغة الذهب والفضة الكثير منهم: زهرون بن ملا خضر وحسني زهرون وعنيسي الفياض وناصر وحاتم ومنصور حاتم وعبد سكوت وبدن خضر وكريم النشمي وياسر صكر وزامل وضامن حويزاوي وسعد رهيف والمهندس حامد عبد الرزاق رويد واخوته ونصير لفتة شميل.
بعد تكوين الدولة العراقية الحديثة في عشرينات القرن الماضي شارك الصابئة المندائيين بفعالية وعزيمة وهمة في بناء أسسها ومؤسساتها وأحزابها ومنظماتها السياسية والنقابية منذ السنوات الأولى فقد انخرط عدد كبير منهم في المدارس التي فتحت وتخرجوا ليشاركوا مع رعيل العراقيين الأوائل في البناء ، وغادرت أعداد كبيرة منهم الأهوار والقرى الجنوبية منذ ثلاثينيات و أربعينيات القرن الماضي متوجهين إلى العاصمة و المدن الكبيرة وانخرطوا بحركة دؤبة وفاعلة في الحياة الجديدة ونهلوا بشغف ولهفة وقوة واندفاع من العلم والمعرفة وقدموا كل طاقاتهم وإمكانياتهم الحرفية والعلمية والمعرفية التي اكتسبوها من دراستهم ومن الحياة العامة من أجل المساهمة في بناء حاضر العراق وكذلك ساهموا بتقديم التضحيات الكبيرة بالأرواح والجهد قبل المال في سبيل الحرية والديمقراطية والتقدم ورفع اسم بلدهم ورغم قلة عددهم لكن لا يكاد أي عراقي يغفل مساهمتهم ومشاركتهم بصدق ونزاهة وإخلاص وتفاني وحب كبير للشعب والوطن فقد تركت مساهماتهم هذه ذكريات طيبة في نفوس كل من عاشرهم وجاورهم
وقد اشار المؤرخ العراقي طه باقر الى "أن العراق لم يكن خاليا من السكان حين توافد السومريون عليه ، وان هناك اقواما وجدوا فيه قبل السومريين زرعوا وعمروا الارض وبنوا السدود وزرعوا النخيل وشقوا قنوات الري".
كما أن المؤرخ العراقي ( احمد سوسة ) أكد على أن " للصابئة كتيب يسمى ( حران كوثيا) يتحدث عن هجرة المندائية التي قا موا بها من اورشليم في فلسطين سنة 70 ميلادية بعد الاضطهاد الذي حصل لهم على يد السلطات الدينية والحكومة في تلك المدينة التي كان يسيطر عليها الحكم الروماني ، فعادوا الى موطنهم الاصلي وادي الرافدين ، وكانت هذه الهجرة برعاية الملك ارادوان ( ارطبيا نوس الثالث ) . وفي منتصف القرن السابع الميلادي ، عرفت هذه الطائفة لاول مرة في اوساط الباحثين الاوربين الذين ازاحوا الكثير من الغموض عن ديانتهم وتاريخهم وتراثهم...كما تمكن عدد من مثقفي الصابئة في العقدين الاخيرين من القرن العشرين ، من ترجمة العديد من الكتب الدينية الى اللغة العربية ، اضافة الى بعض الكتب التي تخص الميثولوجيا المندائية .. فقد ترجم الكتاب المقدس (كنزا ربا) و ( دراسة بهيا) تعاليم يحيى (ع) و( النياني) و ( القلستا). ويقول معتنقو هذه الديانة ان كلمة الصابئة مشتقة من الفعل الآرامي - المندائي (صبا) اي غطس او ارتمى في الجاري ، اما كلمة المندائيون فهي مشتقة من الفعل الآرامي (دا) التي تعني ( العالم - العارف) فيكون معنى الصابئة المندائيين هو: الصابغون العارفون بدين الحق. واتفق اغلبية الباحثين والمستشرقين على ان كلمة صابئي جاءت من الجذر الآرامي وليس العربي للكلمة . ويؤمن الصابئة المندائيون بالله ووحدانيته ويسمى في كتابهم المقدس والكتب الدينية الاخرى ( الحي العظيم) او ( الحي الازلي) كما يؤمنون بان آدم (ع) الرجل الاول هو اول انبيائهم ومعلميهم والنبي الثاني شيت (ع) ويسمى (شيتل) في المندائية ، وسام بن نوح (ع) وبعده يحيى بن زكريا (ع).
ويقول السيد غضبان الرومي صاحب كتاب "مذكرات مندائية" الصادر عن دار المدى (دمشق-2007)، :"انتمي إلى طائفة صغيرة تسمى الصابئة، وتسكن هذه الطائفة المنطقة الجنوبية من العراق ويسمون أنفسهم مندائي"، اشتقت كلمة الصابئة من (صبا) الآرامية وتعني من صُبّغ أو تعمّد، والكلمتان تعنيان التغيير في الدين والعبادة. أما الكلمة الثانية التي يتسمى بها الصابئة فهي (مندائي)، وقد فسرها بعض العلماء بأنها تعني (العارف)، وكلمة المعرفة تعني، هنا، معرفة الله من خلال تأمل أو تنسك أو تصوف وتفكير عميق يقضي بان الكون يحتاج إلى خالق مدبّر". ويرى الكاتب أن كلمة مندائي مشتقة من (مندا) أي الموحّد ومنها أخذت (مندى) أي محل العبادة أو التوحيد لدى هذه الطائفة. ويضيف "إذا أخذنا بنظر الاعتبار أيا من هذين التفسيرين فالدين الصابئي، سواء كان من المعرفة أو من الموحّد، فهو يعني توحيد خالق لهذا الكون، خالق علوي يعجز الإنسان عن وصفه أو معرفة تكوينه وكنهه، لأن أي وصف تطلق عليه سيكون دونه، لأنه اكثر دقة وشمولا من ذلك الوصف". ويوضح الرومي"إن فلسفة عقيدة الصابئة تنحصر في أن هناك خالقا للكون يدين المخلوق إليه بالطاعة واعمال الخير والتعبد، وان يقبل الفرد بالعدل الإلهي وان يسكت على ما يناله من خير وشر ويصبر عليهما، وان يبتعد عن أي عمل شرير وان لا يعاقب الشرير هو بنفسه بل يترك عقابه لله لأنه سبحانه وتعالى هو المسؤول عن العقوبة. وان الله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل العقوبة فلا تكن أنت المنفذ والمعاقب للخاطئ".ويعدد الرومي عدة عوامل أسهمت في احتفاظ هذه الطائفة الصغيرة بطقوسها وعباداتها عبر القرون، ومنها "انهم موحدون ولان الأديان السماوية اعتبرت كل موحد شريكا للآخر في توحيده، ولان الصابئي يأمر بالعدل والسلام وعدم إيذاء الآخرين، ولان الصابئة أصحاب مهن يدوية مختلفة كان المجاورون بحاجة إليها، وأخيرا لإخلاصهم وعدم إيذاء من يسيء إليهم، واجتماعهم معاً في أماكن معينة.

الاقليات في العراق.. موجز تأريخ الظلم

الباحث حبيب تومي يشير الى أن" مشكلة الأقليات العراقية بدأت يوم دخول الجيش العربي الأسلامي الى هذه الديار في مطاوي القرن السابع الميلادي ، وكان الفتح الأسلامي ينشد نشر الدين الجديد على اساس أنه خلاص للبشرية فالنبي محمد هو خاتم الأنبياء ، ومن جانب آخر كان للفتح الأسلامي أهداف اقتصادية بحتة ، لقد كان نداء نبي الأسلام يجلجل في مكة يدعو شعبه الى الفتوحات فيقول :أتبعوني أجعلكم أنساباً ،والذي نفس محمد بيده ،لتملكن كنوز كسرى وقيصر" .إن الدين الجديد يحمل في طياته علامات التفوق ، لأن الأسلام دين الحق ، والمسلمين هم جند الله على الأرض ، وعلى الأخر القبول بهذا الدين وإلا عليه الأستعداد لخوض للحرب ، وأما النصراني واليهودي فهم أهل الكتاب عليهم الدخول في الدين الجديد او القبول بدفع الجزية وهم صاغرون ، بهذه العقلية التفوقية تعامل العرب المسلمون مع البشر ، وخرجوا من جزيرتهم الرملية القاحلة الى أرض الله الخصبة الواسعة وهم يجيدون صناعة الحرب لا أكثر .في ارض الرافدين دخل الجيش الأسلامي ليجد أمامه بلداً مسيحياً غنياً بتراثه المسيحي ، في ارضه مبثوثة الكنائس والديورة والمدارس ، والناس تزاول اعمالها وتزرع مزارعها وتعطي مالله لله وما لقيصر لقيصر . إن الدولة الأسلامية منذ نشأتها الى اليوم كان حكمها ثيوقراطي ، فالدولة الأسلامية حكمت هذه البلاد وغيرها وكان فيها أقليات دينية ، وعاملت الأقليات غير الأسلامية من اليهود والمسيحيين بمنطق أهل الذمة ، أي ان هؤلاء لا يقاتلون وأن المسلمين يقاتلون عنهم ، وهم في ذمة المسلمين بعد ان أصبحت هذه الديار ديار اسلامية بعد الفتح العربي ألأسلامي .في عصر الدولة العباسية كانت الدولة الأسلامية تتجه نحو الأنفتاح الفكري على العلوم والفلسفة والطب .. وكرست الدولة جهودها لترجمة هذه العلوم الى اللغة العربية ، وكانت في هذا المقام تقرب أبناء الأقليات الدينية من المسيحيين واليهود والصابئة لكي يترجموا هذه العلوم الى اللغة العربية . وفي احيان كثيرة كانت تضغط على هذه الأقليات وتحط من مكانتهم الأنسانية بحجة تطبيق الشريعة الأسلامية وتجسدت هذه المعاملة السيئة في عهد المتوكل . أما في عهد الدولة الأسلامية لسلاطين آل عثمان فقد سنت قوانين تخص الأقليات الدينية في الأمبراطورية العثمانية فصدر نظام الملل والنحل مع بداية حكم الأمبراطورية العثمانية وكان الرئيس الديني للأقلية يجمع بيده السلطتين الدينية والزمنية ، وله الحق في النظر في ألأحوال الشخصية كالزواج والطلاق والأرث .. ويلقب الرئيس الديني عندهم بـ "ملتي باشا " وهو المكلف بتوزيع الجزية ( الضريبة ) على الملة من كل فرد او اسرة حسب رؤيته وجمعها وتسليمها الى الحكومة ، في سنة 1839 أصدر السلطان العثماني قانون أصلاح أحوال الأقليات عرف باسم " خطي كلخانة " وقانون آخر اوضح فصار أكثر شهرة وصدر عام 1856 م وعرف بـ " خطى همايون " او الخط الهمايوني والذي لا زال البعض في مصر يعتبرونه " المرجعية " في حق الدولة في إصدار فرمان أو قرار جمهوري في إنشاء كنيسة .
في العهد الملكي العراقي، رغم ان دين الدولة الرسمي كان الأسلام إلا ان الأقليات الدينية بالذات عوملت بما يمكن ان نعتبره اعتدالاً من قبل الحكومة ، رغم الضغوط التي مورست من التيارات الدينية او القومية ، فهناك مقاعد محدودة مخصصة في البرلمان لليهود والمسيحيين دون النظر الى النتائج العامة للأنتخابات ، هناك مجلس الأعيان المتكون من عشرين عيناً كان فيه مقعد واحد ثابت لليهود بقي حتى يوم رحيلهم عام 1948 وآخر للمسيحيين بقي حتى سقوط الحكم الملكي عام 1958 م. لكن هذه الفترة شهدت غياباً تاماً لأقلية عراقية قديمة وهي اليهود ، حيث أن تأسيس الدولة العبرية كان سبباً في رحيل او ترحيل هذه الأقلية من الأراضي العراقية .وفي الدولة الأسلامية في العصر الجمهوري كان عهد عبد الكريم قاسم لا يفرق بين الأقليات الدينية ، لكن عبد السلام عارف عرف بنهجه الديني والقومي المتشدد . وكان عصر عبد الكريم قاسم يهيمن عليه الخط العلماني رغم ان الأسلام كان دين الدولة الرسمي .وفي عهد البعث كان السلوك العام علمانياً ، لكن كلما ضعفت الدولة تشبثت الحكم بأذيال الدين ، وفي المقابل كانت تضغط على الأقلية المسيحية ، رغم ان افراد هذه الأقلية كانوا يقومون بنشاطات خدمية في مرافق الدولة وفي قصور أعضاء القيادة . وفي العصر الحالي الذي جاء نتيجة فقد سيطر الأسلام السياسي على مقدرات الدولة ، والساحة السياسية العراقية مفتوحة لممارسة الطائفية والعنصرية الدينية . في ظل هذه الحكومة المنتخبة تشرد الأقليات ويستولي المتشددين من المسلمين على ممتلكاتهم وبيوتهم " .
لكن العنف الذي اتسم به العراق الحديث منذ تأسيسه في عشرينيات القرن الماضي بقي هذا العنف، رغم اتسامه بالدموية في بعض الأحيان، مقتصرا على الدولة ضد المعارضة الداخلية ولم ينزلق إلى عنف مجتمعي تمارسه فئة ضد أخرى بدوافع مختلفة. العنف الذي يعيشه العراق اليوم خرج عن إطار عنف الدولة ضد الجماعات المسلحة المناوئة لها أو عنف الجماعات المسلحة المعارضة للحكومة لأسباب سياسية وانحدر إلى مستويات غير مسبوقة من العنف الذي تمارسه فئات وطوائف ضد بعضها البعض لأسباب يعجز المرء عن إدراك دوافعه في كثير من الأحيان.
القتل والتهجير " فقد كان عدد الصابئة في العراق يقدر بحوالي 70 ألفا أما الآن فأفضل التقديرات تشير إلى ان عددهم تراجع إلى اقل من عشرة آلاف بعد اضطرار غالبيتهم العظمى إلى الهجرة إلى خارج العراق بسبب تعرضهم للقتلوالتهجيروالخطف ... وتشير منظمة حماية الأقليات التي مقرها لندن في تقرير نشرته في شهر فبراير/شباط من هذا العام إن هذه الأقلية "مهددة بالزوال لان تعاليمها الدينية تحرم أتباعها حمل السلاح أو ممارسة العنف مما يجعلها هدفا سهلا لمختلف أشكال العنف".
كما تقول منظمة الأمم المتحدة المعنية باللاجئين "إن المندائيين الذين لا يحملون السلاح والذين يحرم عليهم القتل ولا توجد لديهم مؤسسات تدافع عنهم هم أسهل وأول أهداف العنف".
وهو الأمر الذي أشار إليه المسؤول المندائي بشار السبتي قائلا " إن اكبر المخاطر التي تتهدد المندائيين هو الانقراض بسبب تسارع وتيرة قتل المندائيين الذين يعيشون في ظل خوف دائم".
وكتب عبد المنعم الاعسم في جريدة الاتحاد العراقية في شهر/ مارس من عام 2005 إن إحدى مستشفيات بغداد ذكرت "وجود العشرات من الجثث التي تعود لضحايا من الأقليات غير المسلمة قتلوا بعد اختطافهم حيث تخشى عائلاتهم على حياتها خلال البحث عنهم وتشير التقارير إلى بين الضحايا الكثير من النساء اللواتي مثّل فيهن وبعض القتلى وجد على صدره قرار الإعدام من محكمة شرعية مجهولة يقول :نزل فيه حكم الشريعة لأنه رفض اعتناق الإسلام وأصر على الاستمرار في غيّه".
والعنف الذي يتعرض له الصابئة كان عاما بحيث لم يقتصر على منطقة واحدة أو من قبل طائفة معينة ويقول رئيس جمعية الصابئة المندائيين في الدنمارك عبد الرزاق الشمخي في مقابلة مع بي بي سي " إن العنف الذي يتعرض له الصابئة المندائيون ليس من قبل طائفة معينة أو ميليشية معينة، بل يقوم بها متطرفون ومجرمون من الطائفتين الشيعية والسنية بهدف تصفية الصابئة المندائيين بتوجيه وعلم من قبل منظمات سياسية تتخذ من الدين غطاء لجرائمها المروعة ضد هذه الطائفة المسالمة التي عاشت طوال السنوات الماضية جنب إلى جنب مع إخوانهم من الإسلام شيعة وسنة".
والأمثلة على استهداف الصابئة لا تعد ولا تحصى بل حتى معابدهم لم تسلم، فالمعبد الوحيد لهم في مدينة البصرة تم تدميره من قبل مليشيا محلية أواسط 2006.
وأشارت دراسة منظمة الشعوب المهددة بالانقراض الألمانية عام 2006 إن المليشيا لم تعد تطلب من الصابئة اعتناق الإسلام أو مغادرة منازلهم في البصرة بل لجأت إلى القتل لأنه اقل كلفة بعد أن مرت جرائمها السابقة دون عقاب.
كما تحدثت تقارير مروعة عن إجبار العديد من أبناء الصابئة على العمل كعبيد أو الاتجار بهم في أسواق البغاء.
أما في مدينة الفلوجة وعقب سقوط نظام صدام حسين مباشرة تمت مداهمة بيوت 35 عائلة من الصابئة عاشت في المدينة منذ عدة قرون واقتيد الرجال إلى إحدى الساحات العامة وتم إجبارهم على اعتناق الإسلام وتم ختان الرجال، وهو احد المحرمات لدى الصابئة، ومن رفض فقد تم نحره وتم تزويج نساء الصابئة إلى مسلمين عنوة حسبما ذكرت احدى المنظات المندائية المعنية بحقوق الانسان.
وتشير الإحصاءات التي ذكرتها الرابطة الوطنية للمندائيين إلى حجم العنف والجرائم المرعبة التي تعرض لها الصابئة خلال الفترة من أكتوبر 2003 إلى آذار 2006 ومنها مقتل 504 منهم وخطف 118 ومغادرة 4663 عائلة إلى خارج العراق وكان عدد العائلات الباقية في العراق شهر آذار/مارس من عام 2006 فقط 1162, فعلى سبيل المثال كان عدد عائلاتهم في بغداد قبل الغزو 1600 عائلة لم يبق منهم حتى ابريل 2006 سوى 150 عائلة.
وخلال شهر مايو/ أيار من العام الحالي اضطر الصابئة الذين كانوا يعيشون في منطقة الدورة في بغداد إلى الرحيل إلى إقليم كردستان بعد استهدافهم من قبل مسلحين و تعرض العديد منهم إلى الخطف والقتل على يد الجماعات المسلحة. كما قامت جماعة مسلحة تطلق على نفسها "كتائب القصاص العادل" بتوزيع منشورات في مدينة الناصرية تمهل الصائبة 72 ساعة فقط لم لمغادرة المحافظة تحت التهديد بالقتل.
ان جرائم القتل والخطف والأغتصاب والتهجير القصرى التي يتعرض لها الصابئة المندائيين و استعمال العنف والاكراه لتغير دينهم هي أفعال جرمية تدخل فى اطار جريمة الابادة الجماعية ضد هذا الشعب المسالم حسب تعريف القانون الدولى لجريم الابادة الجماعية . فتكفير المندائيين من قبل الأرهابين وميليشيات ومتطرفي الأسلام السياسي المشاركين في السلطة وخارجها هي ذريعة لابادتهم لكونهم جماعة عرقية واقلية دينية ، وهذا مما يطبق عليهم المادة الثانية من الاتفاقية الدولية لمنع و معاقبة جريمة الابادة الجماعية .
مفهوم الأبادة الجماعية في القانون الدولي
ليس من السهل أعطاء تعريف محدد لمصطلح الأبادة الجماعية ( Genocide ) ، حيث تعددت التعاريف حول ذلك المصطلح في القوانين الدولية ، إلا انه تم الأتفاق على تعريف عام وشامل للأبادة الجماعية . حيث حددت المادة الثانية من الاتفاقية التي اقرتها الجمعية العامة للامم المتحدة في أجتماعها المنعقد بباريس في 9 كانون الاول 1948 والتي عرفت مفهوم الابادة على انها :
(( كل عمل يرمي الى أفناء شامل أو جزئي لأحدى المجموعات القومية أو العنصرية او الدينية )) وهذا هو الاطار العام لجريمة الإبادة الجماعية كما نصت عليها اتفاقية منع إبادة الأجناس البشرية . ويقصد بمصطلح genocide في اللغة اللاتينية ( قتل الجماعة ) واقترن هذا المصطلح بالأفعال بالنازية وأبادتها لليهود في الحرب العالمية الثانية ، وإن كانت هناك أمثلة لجرائم أخرى ينطبق عليها هذا التعريف في التاريخ البشري عموما" ، لكن القتل الجماعي لليهود أعاد قضية الأبادة الجماعية إلى واجهة الأحداث .
وأعتبرت المنظمة الدولية إن هذه الجريمة هي من نمط الجرائم التي ترتكب لتدمير جماعة ما ، ويقصد بالأبادة كل فعل يهدف من ورائه الجاني الى القضاء على جماعة بشرية او دينية او عرقية قضاء كليا" او جزئيا".. بشكل مباشر او غير مباشر أو بالتحريض على قتل اعضاء الجماعة االمشار اليها في المادة الثالثة للأعلان العالمي لحقوق الانسان والتي تنص :
” لكل فرد الحق في الحياة والحرية والسلامة الشخصية “
وحسب نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من الأتفاقية الدولية يعتبر الجرم أبادة جماعية ضد أي مجموعة أذا كانت قد أتخذت أحدى الأفعال :
ـ الأبادة الجسدية بهدف أفناء مجموعة بشرية .
ـ الحاق أضرار جسدية و نفسية بالغة بأعضاء هذه الجماعة .
ـ فرض ظروف على الجماعة تؤدى الى منع الولادة والتكاثر ضمن نطاق الجماعة .
ـ نقل أطفال جماعة بشرية لجماعة أخرى قسرا"



الصابئة وخط الدفاع الاول عن عراقيتهم

تقول الاخبار " بعيدا عن معابدهم الخاصة في وسط وجنوب العراق ، وهربا من تردي الاوضاع الامنية ، اقام ابناء طائفة الصابئة المندائيين - لاول مرة عبر تاريخهم - عقد قران على ضفاف نهر ( خبات ) غرب مدينة اربيل في اقليم كردستان شمال العراق . ووقف رئيس الطائفة في العراق والعالم الشيخ ستار جبار الحلو وهو يتأمل في النهر الجاري لعقد اول قران لابناء طائفته بعيدا عن المعابد الخاصة بهم والتي يقع معظمها على نهري دجلة والفرات ،هربا من جحيم عمليات الابتزاز والتهديدات التي يتعرضون لها في مناطق سكناهم الاصلية .
ورغم عدم وجود احصائية دقيقة عن عدد افراد الصابئة المندائيين في العراق ، الا ان الاحصاءات التي اجريت ابان السبعينيات من القرن الماضي تشير الى ان عددهم تجاوز ال 65 الفا غالبيتهم منتشرين في منطقة الاهوار في جنوب العراق.. لكن هذا العدد تراجع بسبب اعمال العنف والخطف ولم يتبق منهم سوى 22 الفا حسب تقديرات منظمات غير حكومية . وقد دفعت الاوضاع الامنية المتردية في العراق وخصوصا عمليات القتل والخطف والسرقة بالعديد من ابناء الطائفة الذين يمتهن معظمهم الصياغة الى مغادرة اماكن سكناهم الاصلية ، واغلبها في جنوب العراق وبغداد ، باتجاه اقليم كردستان شمال العراق باعتباره ملاذا آمنا فيما لجأ البعض الاخر الى دول اوروبا . والصابئة المندائيون جزء من سكان العراق الاوائل سكنوا بطائح جنوب العراق وتركزوا في مناطق محافظة ميسان قريبا من الانهر الجارية التي تشكل اهمية كبيرة لهم ، حيث يعتبر الماء السر الكبير في حياة المندائي ، والتطهير والتعمد به يستمد منه المتعمد طاقته وارتباطه العظيم بأرضه حسبما ذكرت اسماء دجلة والفرات في كتبهم المقدسة . وعملية عقد القران على ضفاف الانهر احدى معتقدات دينهم حسبما ذكر رئيس الطائفة.. وقال ان عقد القران يشترط ان يكون على نهر ماء جار ، ليستطيع العريس والعروس ومن يشاء من ابناء الطائفة التعمد بالماء او اجراء العملية التي تسمى ( الصباغة) ليكونوا طاهرين جسديا ونفسيا لاداء قسم الزواج .
ماذا يريد صابئة العراق !!؟؟
ان ابناء طائفة الصابئة المندائيين يرفعون الآن أصواتهم مطالبين بحقوقهم في وطنهم :إذ
...يقولون" نحن شركاء في الوطن ولا منّة من أحد علينا في حقوقنا .
لم تنصفنا الدساتير العراقية السابقة وهمشتنا ولم تحمنا من جور الجائرين وظلم الظالمين ... بل كنا نستجدي أبسط حقوقنا المشروعة بالتوسل !!!
الدساتير العراقية القديمة لم تنصفنا حتى انها (استكثرت علينا ) تثبيت اسمنا الصريح والكامل في دساتيرها ..... فأي ظلم وحيف أكثر من هذا، لقد اكتوت طائفة الصابئة المندائيين بأنواع واصناف شتى من الظلم والقهر والأضطهاد الاجتماعي والسياسي والثقافي خلال السنين الماضية .( لقد نالنا مانال شعبنا العراقي من دمار وظلم وخراب ) وزيادة عليها كنا نعاني من كوننا أقلية دينية ذات طقوس دينية وعادات واعراف وتعاليم خاصة بها تختلف فيها عن بقية الاديان والاقوام المتعايشة معها فقد كانت تطالنا آلاف الالسن بالشتائم والسباب "
كنا ومنذ آلاف السنين (نصرخ ونستجير) بأننا(( نعبد الله ولنا كتاب ونبي )) ولكن يظهر لنا من حين لحين من يروج علينا عكس ذلك مستغلا ً ضعف أمكانيات الصابئة وخوفها وعدم امتلاكها وسائل أعلامية أو قوة تردع من يسىء لها متهمين الصابئة المندائيين ( عبدة كواكب ونجوم ) وأخرها في عصرنا الحديث ((مثال ذلك )) مقالات و كتاب ( المؤرخ عبد الرزاق الحسني )... وقد أمتدت هذه الافتراءات المشينة في منتصف التسعينات من القرن الماضي الى المناهج الدراسية في المدارس للصف الثاني المتوسط والخامس الثانوي ، فيكتب تفسير الصابئة عند يرد ذكرهم في القرأن بأنهم ( قوم عبدة كواكب ونجوم) .ناهيك عن أستغلال بعض أئمة الجوامع" في الترويج للعداء للصابئة ، والتي زادت هذه الظاهرة في السنوات العشر الأخيرة من حكم الطاغية السابق ،في خطب الجمعة وبمكبرات الصوت وعلى الهواء مباشرة وبدون أي حياء أخلاقي ، متسترين بأسم الدين (والدين منهم ومن أعمالهم القذرة براء ) مستغلين دعم السلطات أن لم يكن بتوجيهها نافثين سموما ً فتاكة في محاربة الديانة المندائية والحط من كرامة معتنقيها ، وقد كانوا بأفعالهم هذه يعطون الضوء الاخضر ويشجعون أصحاب النفوس المريضة والحاقدة من الجهلة وذوي الأتجاهات التكفيرية وحملة الافكار الهدامة من الأجهار بعدائهم وايذائهم لأبناء الصابئة . .
ويعلم الجميع ان ( بيوت الله) هي ليس فقط للعبادة وانما هي البيئة الصالحة للتربية على الأيمان الصحيح المبني على المحبة والعدالة و الانسانية والسلام والتسامح وهي ايضا ً المكان المناسب لبث الوعي والتربية الثقافية التي بشرت فيها الاديان لخير المجتمعات والبشرية !!!
ويقولون" لم تنصفنا وسائل الإعلام العراقية المتنوعة ( الصحافة أو التلفزيون أو الإذاعات(بتعريف الشعب بديانتنا ومعتقداتنا وثقافتنا بل راحت من حين لحين تثور تصريح يسيء لنا هنا وهناك .
في السنوات الأخيرة وبعد اشتداد الحاجة الى اصدار مجلة دورية للصابئة تعني بشؤونهم وافقت السلطة المقبورة على ذلك لكن ألزمت الطائفة على أعتبارها نشرة داخلية تصدر فقط للصابئة وتوزع بين ابنائها في المندي !!! وقد كانت تصدرأعدادها من (مجلة أو نشرة أفاق مندائية ) بعد موافقة الجهات الامنية وعيون أزلام صدام المندائية . وكذلك أصدرت الطائفة نشرة (هيمنوثا ) أي الايمان تهتم بالديانة و الثقافة المندائية وقد اغلقت الاخيرة بسب نشرها رد على أحد الاساتذة لتجاوزه على الصابئة في احدى البرامج التي بثتها محطات التلفزيون العراقية وعبر الاقمار الفضائية ، أغلقت النشرة الداخلية وتم استدعاء ومحاسبة كاتب المقالة من قبل الجهات الامنية بينما تم تكريم الاستاذ الجامعي وبث اللقاء التلفزيوني عدة مرات ؟؟
هذه بعض التجاوزات التي قد تركت الاثر السلبي على نفسية وشخصية الفرد المندائي العراقي .
لقد غادر ولازال يغادر آلاف من أبناء الصابئة وعوائلهم العراق الى شتى بلدان العالم هربا ً من الظلم والبطش والأضطهاد والتميز والتفرقة وأضيف اليها الان .الاحتلال و المحاصصات والمفخخات و الإرهاب وغياب القانون .
ويتمنون " أول مانريده في الدستور الجديد هو أن يكتب أسم الطائفة بشكل صريح وواضح وان يدون معه اننا من أوائل الموحدين في بلاد الرافدين وأن كتابنا المقدس ((الكنزا ربا )) مبارك أسمه و أن نبينا يحيى بن زكريا (عليه السلام) ولنا لغة خاصة بديننا نطالب بإحيائها ولنا تأريخ عريق وثقافة وآثار عديدة ( ولو طمس ودمر الجزء الكبير منها في الحرب العراقية الإيرانية لكون منطقة الكرخة و الطيب وماجاورها من مناطق كثيرة كانت موطن للصابئة منذ الاف السنين ،ثم مسرح للمعارك الطاحنة خلال سنوات الحرب والأن مزارع ضخمة للالغام ) نريد الاهتمام والنهوض بها !!!! وان لنا علمائنا الاجلاء الأفذاذ وخصوصا ً في فترة الدولة العباسية الذين حققوا أنجازات علمية وفلسفية للمجتمع وهم من أول المساهمين في بناء الحضارة العباسية !! وكذلك لنا دور مشهود في تأريخ العراق الحديث كتبنا سطوره بعرق جبيننا ودماء إخواننا في سبيل خير الشعب العراقي والوطن ، نريد أن يكتب في دستورنا إننا عراقيون أصلاء وشركاء مع بقية أطياف الشعب العراقي"
عندما تتسامى النفوس ....

للشريف الرضي قصيدة مشهورة في رثاء إبراهيم الصابئ، التي استغرقت ثمانين بيتاً، ومطلعها المشهور يقول
أعلمت منْ حملوا على الأعوادِ
أرأيت كيف خبا ضياء النادي
..........
............
ما مات مَنْ جعل الزمان لسانه
يتلو مناقبَ عُوداً وبوادي
فأذهب كما ذهب الربيع وإثره
باقٍ بكل خمائلٍ ونجادِ
فأين عاطفة الشريف الرضي، ووجدانه تجاه مَنْ ظل محتفظاً بدينه الصابئي من فقهاء العصر، وثقة الخلفاء والأمراء بالطبيب الصابئ، فأفتوا خارج كتب الفقه بنجاسة الصابئة المندائيين، وهم أهل دين، الماء عندهم بعد الله وقبل النور؟ هذا وليس لدي معطيات تسمح ببحث العلاقة بين الرجلين، الرضي والصابئ، خارج إطارها الصداقي الإنساني إلى إطار فكري، فهناك إشارات وتلميحات في شعر الرضي قد تفيد في وجود منحى عرفاني (أغنوصي) لديه، والصابئة بالأساس هم عرفانيون، لكن ذلك هم آخر لا مجال للدخول فيه الآن.
غير أن ذكرى العلاقة بين الشريف الرضي والشيخ الصابئي ظلت حية حتى عصرنا الحالي. إذ أن " السيد محمد بحر العلوم عبّر عن آصرة الصداقة بين والده السيد علي بحر العلوم والشيخ الصابئي أبي بشير عنيسي بالعمارة فكان علي بحر العلوم يذهب إلى هناك لوجود أراضٍ موقفة له، وكانت تربطه بعنيسي صداقة وطيدة، فبعض الأصدقاء سأله:"كيف تكون لك صداقة وطيدة بشيخ صابئي؟ فرد عليه:
بيني وبين أبي بشير صداقة
تبقى مدى الأيام والأحقابِ
أني لأرجو الودَ يبقى بيننا
كودادِ سيدنا الرضي والصابي


أسباب تردي اوضاع الصابئة الآن ؟

هناك اكثر من سبب محلي واقليمي ودولي وأكثر من حاضنة فكرية دينية لتكفير هذا وأقصاء ذاك مما سبب في محنة العراق الشاملة.. ولكننا هنا نعتبر أن ضعف الدولة في العراق حاليا وفشلها في فرض الحد الأدنى من القانون أو النظام حتى في مراكز المدن هو السبب الابرز والاهم ، والذي أدى أدى إلى خلق البيئة المثالية لنشاط عصابات الخطف والقتل والنهب والسلب والسرقة.
وكانت الطوائف والأقليات الصغيرة في العراق من ابرز الضحايا الصامتين لعنف متعدد الأشكال ابتداء من فتاوي بعض رجال الدين من السنة والشيعة بتكفير هذه الفئات واستباحة دمهم إلى فتاوي التخيير بين دفع الجزية أو التحول عن دينهم إلى فتاوي التهجير.
وتمر الجرائم التي ترتكب بحق هذه الاقليات بصمت مطبق فلا قنوات فضائية تزعق وتهيج ولا مليشيات تحرسها وتدافع عنها ولا دول ولا منظمات ولا أحزاب تحميها من القتل والتهجير.
كل هذا لم يشفع لهم امام حملات التهجير والخطف والقتل من قبل عصابات الجريمة والمليشيات التي ترتدي لبوس الدين. وإذا استمرت الأوضاع الراهنة يخشى إن يأتي يوم يقول فيه أبناء العراق والعالم هنا كان يعيش الايزيديون وهناك كان يعيش الصابئة أقدم شعوب العراق وهذه هي أثارهم وفي هذا الحي كان يعيش الغجر أو الشبك او الارمن ويكون مصيرهم مثل يهود العراق الذين أصبحوا أثرا بعد عين في العراق الان.
من المؤكد أن استمرار استهداف الصابئة بهذه الوتيرة سيؤدي إلى إفراغ العراق قريبا من أقدم واعرق واصغر مكوناته وبالتالي اندثار تراث وثقافة موغلة في القدم وفريدة وهو ما يمثل ليس خسارة للعراق فحسب بل للبشرية برمتها .
اليس من حقنا كعراقيين دفعنا ثمنا باهظا جدا في زمن الدكتاتور السابق ، ان نتساءل بمرارة وألم كبيرين، الى متى يستمر هذا البلاء في عراق اليوم ؟؟؟؟
الى متى هذا الصمت المشين من مسؤولي الدولة والاحزاب الوطنية، وأعضاء البرلمان ، ورجال الدين !!
الى متى يبقى الدم العراقي سمادا لتخصيب العقول الارهابية .. التي تتعمّم بالوصايا على الاخرين ..تكفّرهم تارة ، وأخرى تعطف عليهم !! وتصفهم بأهل الذمة !!؟ وهذه العقول هي التي تعيث بأخضر البلاد ويابسه!!؟؟



#وديع_شامخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطفولة العراقية المستباحة
- الصنم وبهجة العبيد
- حين يتكلم الرمل في حضرته ويصدأ الكلام
- تائهون في صحراء الاسلام
- المسيحييون ينقرضون
- عراقيون ... ولكن بعد هذا الفاصل
- عراقيون ..ولكن بعد هذا الفاصل
- نهضة الفكر في الغرب وتخلف العرب
- الفنان العراقي عامر رشاد الكاريكاتير هو الفن الأصعب والأرقى ...
- طرائد
- الحضور الابداعي خلف علامات إستفهام الواقع - بتول الخضيري في ...
- الثقافة العراقية والوزير السوبرمان
- الحضور الإبداعي خلف علامات استفهام الواقع رواية غايب لبتول ا ...
- حوار مع الفنان التشكيلي العراقي هاشم حنون
- ريشة تغني
- حوار مع المسرحي العراقي حازم كمال الدين
- دريد السبتي ... المغامرة في الطرق على أبواب الإبداع
- أصفق بحرارة ليدي
- نواب العراق بين الملا عبود الكرخي والرصافي
- الشاعر خزعل الماجدي...لا يوجد أدب داخل/ أدب خارج ، هناك أدبا ...


المزيد.....




- لمعالجة قضية -الصور الإباحية المزيفة-.. مجلس رقابة -ميتا- يُ ...
- رابطة مكافحة التشهير: الحوادث المعادية للسامية بأمريكا وصلت ...
- كاد يستقر في رأسه.. شاهد كيف أنقذ رجل غريب طفلًا من قرص طائر ...
- باتروشيف: التحقيق كشف أن منفذي اعتداء -كروكوس- كانوا على ارت ...
- إيران أغلقت منشآتها النووية يوم الهجوم على إسرائيل
- الجيش الروسي يعلن عن خسائر بشرية كبيرة في صفوف القوات الأوكر ...
- دونالد ترامب في مواجهة قضية جنائية غير مسبوقة لرئيس أمريكي س ...
- إيران... إسرائيل تهاجم -دبلوماسياً- وواشنطن تستعد لفرض عقوبا ...
- -لا علاقة لها بتطورات المنطقة-.. تركيا تجري مناورات جوية مع ...
- رئيسة لجنة الانتخابات المركزية الروسية تمنح بوتين بطاقة -الر ...


المزيد.....

- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب
- هـل انتهى حق الشعوب في تقرير مصيرها بمجرد خروج الاستعمار ؟ / محمد الحنفي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - وديع شامخ - الصابئة المندائيون