أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - المنصور جعفر - دراسة لأحد ملخصات المناقشة العامة















المزيد.....



دراسة لأحد ملخصات المناقشة العامة


المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)


الحوار المتمدن-العدد: 1958 - 2007 / 6 / 26 - 10:49
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


1- مقدمة للتعريف بموضوع الدراسة والكيفية العامة لتناولاتها له.

هذه محاولة لإيضاح ولفهم بعض أبعاد موضوع: تلخيص "المناقشة العامة" (الكتاب الثاني (أ) وهي المناقشة التي (بدأت) بصورة مكثفة في أول العقد الأخير من القرن العشرين، فتتجه إلى توضيح الطبيعة العامة للتلخيص وعناصره وإلى توضيح الترابط أو التنافر بين كل من شكل التلخيص ومضمونه أو التناسق أو التناقض بين الإتجاهات الموضوعية للتلخيص وحيثياته.

وتعتمد هذه المحاولة على معيار وميسم عام لتكوين نفسها وإنجاز عملها هو معيار "التناسق" المنطقي والموضوعي حيث تعتمده الدراسة دون غيره من المعايير النظرية والفكرية لقضايا الوجود والنشاط الطبقي والسياسي التي أضحت هي نفسها موضوعاً مختلفاً عليه، فبهذا المعيار تزول الصعوبة في تناول موضوع مركب مرتين مثل موضوع دراسة تلخيص لموضوع آخر هو المناقشة العامة للأسس والمعايير الموضوعية والفكرية لوجود وطبيعة نشاط حزب معين هو الحزب الشيوعي السوداني في السودان والعالم.

وتتكون الدراسة بتوخٍ حذر لعناصر الإنسجام أو عناصرالتعارض في كل قضية يطرحها التلخيص، وكذلك في جملة تكوينه ووضعه العام لها، لتبيين مدى نجاحه في إستخلاص بعض عناصر النقاش العام التي تغلب هذا الرأي أو ذاك دون أن نحكم على موضوعية هذا الرأي أو ذاك، بل تكتفي هذه الدراسة بشكل نسبي بعرض مدى التناسق والإنسجام المنطقي بين عناصر التلخيص في ذاتها، وبين عناصره وشكله، وبينه ككل والظروف العامة لتبلوره، وإلى حد قليل بينهم ككل والظروف التاريخية لبداية المناقشة ونهايتها.

ولبعض الطول والإسهاب في فقرات التلخيص، وبعض الخلل في تواصل سلسلته بأرقام أو حروف متتابعة نسبة لتكرر عرض بعض المناقشات وتلخيصها فإن الدراسة تكتفي في تناولاتها لمثل هذه الفقرات وموضوعاتها بإيراد أجزاء من هذه الفقرات مع تمييز بسيط واضح لها، وذلك لسببين:
1- التغلب على حالة ضيق الزمن في التكليف بالدراسة وإنجازها وعرضها، وتجاوز تكرر الإشارات والترقيمات
2- تحرير الدراسة وبالتالي الذهن من مشاكل التركيب اللغوي والعددي وبعض مضاعفاته الواردة في التلخيص التي قد تحول هذه الدراسة حال تناولها له إلى حشو تتكرر فيه الإشارات وتتوالى بنحو: إن النقاش الفلاني سرد إن النقاش العلاني ذكر إن رأي فلان في الفقرة رقم كذا تناول رأي عبد الخالق في الكتاب كذا في سنة كذا صفحة ..! فهذه الدراسة تتجنب حدوث هذا الحشو بتقديم موجز للفقرات موضحة مالها وماعليها.

في ناحية جغرافية إقتصادية إجتماعية وسياسية تتوخى الدراسة تمحيص التلخيص ومثاقفته بصورة عامة بإعتباره أي التلخيص نفسه جزءاً نظرياً عملياً من الأزمة الإقتصادية الإجتماعية الثقافية السياسية العامة للسودان وأقاليمه وهي الأزمة المتصلة نوعاً ما بسيادة شرائح ومفاهيم البرجوازية الصغيرة وحكمها الطويل للسودان وحمايتها النشاط الرأسمالي بأشكال عددا وهي سيطرة ذات نفوذ في المجتمع السوداني وثقافاته ولها بهذا النفوذ وجودها في بعض الإتجاهات في الحزب الشيوعي السوداني وتظهر بعض ملامحها في كثير من عناصر التلخيص.

وإذ تتناول الدراسة التلخيص كجزء من أحوال وأزمات السودان وصرعات قواه وطبقاته حول السلطة والثروة، فإنها لا تكتفي بتناوله كقضية محلية معزولة وشأن خاص بأهلها محدود الأصل والأثر نبت وحده بل تتناول الدراسة هذا التلخيص كنبات وجزء من أزمات العالم والتنازع المتصل إلى الآن على مصير مجتمعاته ودوله بين قوى الرأسمالية العالمية وإحتكارها موارد الإنتاج والمحركات التجارية والمالية والسياسية العامة لتبادل منافعه وقوى التحرر الطبقي والوطني في دول العالم. ففي هذا الزمن المسمى"العولمة" تفحص الدراسة التلخيص ومواقفه من قضايا الديمقراطية والسيادة الوطنية وعلاقتها الوطيدة بترابط أحوال ومفاهيم الديمقراطية والإشتراكية والتحرر الوطني والتنمية والتقدم الإجتماعي وبقضية الصراع في العالم بين قوى ونظم الإمبريالية والإستعمار الحديث والإستعمار الداخلي وقوى التنمية المتوازنة في كل بلد وإقليم.

ففي هذه الدراسة فإن تناول قضايا الديمقراطية والتنمية المتوازنة والسيادة الشعبية والوطنية الموجهة لها ورفضها أسس ومظاهر النظام الإقتصادي الرأسمالي العالمي تتصل في العالم والسودان بصراع محلي ودولي وعالمي متنوع المجالات والقوى ومتنوع اللوازم النظرية والعملية الضرورة لربط أو لتفكيك العناصر الفكرية والنقابية والحزبية والدولية التي تشكل جملةً إتجاه العالم إما إلى الخضوع لمصالح قوى السوق الأقوى وزيادة أرباحها على حساب النمو المتناسق لدول العالم وشعوبه أو إلى مصلحة عمال العالم وشعوبه المضطهدة في تأسيس نظم علمية للإشتراكية في موارد الإنتاج وجهوده وثمراته وصولاً إلى شيوعية الخيرات الضرورة لنمو الإنسان وحياته المادية والثقافية.

وفي إتجاهها العالم لتقييم الموضوع تسير الدراسة مع طرح السلبيات والموجبات العامة فيه إلى طرح أسئلة أولية ثم معيارية وأخرى عملية قد تفيد في تقييم هذا التلخيص وتقدير مدى توازنه أو في تكوين ملخص جديد يكون أكثر إتساقاً في نواحيه المنطقية والإقتصادية السياسية من سابقه.



2- شرح لطبيعة وأهداف الدراسة:

1- طبيعة هذه الدراسة مثل معظم الدراسات طبيعة مزدوجة تعريفية ونقدية، ولكنها تختلف بطبيعة تناول موضوعها الذي يتميز بدوره بطبيعة تركيب خاصة جداً فهو في حد ذاته تلخيص لنقاش حول معايير ومفاهيم وأسس نظرية، لتلخيص مبادئي ونظريات وممارسات وخبرات مما يجعل حال الحياد الموضوعي المفترض في الدراسات للنظر المتوازن إلى جهات الموضوع وعوامله، مسألة صعبة، فالمطلوب هو عرض محايد ومتوازن لتلخيص نقاش عدد من وجهات النظر (أ) و(ب) حول أو إلى وجهات النظر نفسها (ب) و (أ)، وفوق ذلك توضيح نقاط موضوعية يسهل بها تقدير مدى نجاح التلخيص في القيام بهذه المهمة أي مهمة عرض وجهات النظر المختلفة بشكل ملخص.

2- ولهذا التعقيد الذي هو مثال واضح للسفسطة وهي فن أو علم ترجيح الأقوال ووجهات النظر من زمن جورياس وسقراط إلى زمن فوكو ودريدا كان إجتهاد الدراسة لإتخاذ نهج يناسب جهد التلخيص في عرض هذا النقاش العارم المترواح بين نقد العقلانية ونقد الفلسفة ونقد النظرية ونقد الدولة ونقد النظام العالمي ونقد الوضع الإقتصادي ونقد الممارسة ونقد الشخصيات ونقد السلوك، وتكون وتراكم هذا النقاش بشكل ملتبس لا تبدو فيه أي حلقة رئيسة يمكن الإمساك بها سوى الرغبة في التخلص من العيوب، وهذه وحدها لا تكفي للإمساك بأي حلقة موضوعية في نقاش حول الموضوعية نفسها في التاريخ وفي النظرية والممارسة والحزب ..إلخ

3- فلمجابهة هذا التعقيد والإغلال النظري الذي يحيط به ويمنع لأغراض الموضوعية إستعمال هذه النظرية أو تلك لقياس موضوعية هذا الرأي أو ذاك جهة هذه النظرية كان ترجيح الدراسة لإتخاذ نهج ملاحظة الإتساق كموجه لأعمالها وتحريها مدى وجود هذا الإتساق والتناسق في عناصر التلخيص. وذلك بإعتبار ملاحظة الإتساق والإنسجام في العناصر وبينها هو الأدآة (الموضوعية) الأنجع في علاج الطبيعة الهوجاء لمثل هذه الإشتباكات النظرية والخروج منها بما يفيد.

4- طُلب التناسق قديماً بين سنة 470 ق م 320 ق م حين زاد إختلاف اليونان حول قيم الأعمال والسلع والمنافع وصلاحيتها وصلاحية الحكم المتعلق بها وظهر ذلك في صراع بين الفيثاغورثيين التكنوقراط القائلين بالقياس العلمي والعملي لصلاحية الرأي وفائدته قبل تحكيمه وعلى رأسهم منظريهم سقراط، والديمقراط المتدينين القائلين بالحق في الرأي والتعبير عنه في الحكم أياً كان وتحكيمه بإقرار أكثر الناس له، و(إنتهى) النزاع بثورة وإنقلاب عسكري قاده الديمقراط وقتلوا فيه قادة التكنوقراط وجمهور منهم، ورغم تراجع سقراط قبل الإنقلاب بزمن قليل إلى دور الحكيم المحايد وطرحه على الفريقين وما إختلفوا فيه أسئلة كلية جامعة لهم وكلمة منافقة سواء أُعدم هذا الأستاذ لرفضه التخلي عن تدريس العقليات ضداً لدين الأغلبية. ومنذ ذاك الحين بدأ تبلور الفلسفة بنسق تأمل في وجهات النظر وعد لأوجهها في أخاديمية أفلاطون التي بناها على رسل المدن العلمية القديمة مروي، أدفو، طيبة، بابل أو الإسكندرية ثم إنتقل أفلاطون من التأمل (المحايد) في وجهات النظر ومحاوراتها إلى كتابتها والتدقيق فيها وفي منطقها وبالكتابة والتمحيص إنتقل إلى تنظير "الجمهورية" و"القوانين" التي تبلورت كخلاصة للحكمة في ذلك الزمان ومرجع أعلى سامي للأفكار السياسية إلى أن جاء أرسطو إلى العالم بنهج الفلسفة العلمية والعلم التقريبي القائم بنزعة عملية حركية إلى درس تفصيلات الوجود المباشر بقوانين الأسئلة وعمليات التحديد والفرز والتمحيص والرصد والتلخيص والسؤال، وبداية منطقه وكتابته بهذه القوانين من "الطبيعة" وتصنيفه لها ولكائناتها إلى "الطبيعة العليا"جامعاً فيها بتمييز موضوعات الفكر والتاريخ والأخلاق والقيم والسياسة ونظم الحكم وجاعلاً المناقشة المفتوحة للأمور العامة أرقى مراتب الوجود. وإستمر مجد المناقشة العامة إلى أن جدده جون لوك في القرن السابع عشر برسائله في الحرية وأدب النقاش الحر وكفاءة أساليبه وأطرافه، حتى لا يحتاج وجود النهار إلى دليل وحتى لا ينشأ حوار بين العاقل وغيره.

5- هذه الدراسة تحاول تحديد وفرز ماهو متناسق في تلخيص النقاش العام وما هو بعيد عن بنيته أو هدفه بهدف تكوين أسئلة أولية ثم أسئلة معيارية عن طبيعة التلخيص وطبيعة المناقشة لمعرفة كيفية الإفادة بما أُنجز وتطويره وتنميته.

3- محاولة الدراسة :

1- فحص ظروف تكون الملخص
أ- الظروف العامة:
كان الوجود الضعيف للطبقة العاملة وقوى السودان المهمشة في الأحزاب السياسية السودانية ولم يزل نتاجاً لتاريخ رأسمالي وإستعماري طويل ومتصل، ومن ذلك حال وجودها الضعيف داخل الحزب الشيوعي السوداني ومؤسساته، ونتيجة هذا الضعف المفترض معالجته حزبيةً ضعفت أيضاً السياسة السودانية إذ أضحت تنويعاً صوتياً لحكم التحالف الطبقي الدقيق بين قوى البرجوازية الصغيرة والكبيرة وشبه الإقطاع وهو تحالف ذي طبيعة عنصرية دقيقة، تتبادل إذاعة مواقفه بينما رزحت الجماهير في الريف وهوامش المدن تحت أنماط الظلم الطبقي والإقليمي وحكوماته المدنية وحكوماته العسكرية، وبعضها ينتظر الخلاص بالحزب الشيوعي الذي سادته البرجوازية الصغيرة ويأسها السريع سواء من الديمقراطيات المختلة أو من الحكومات العسكرية بدلاً عن التصدي لمهام توحيد وقيادة نضالات الجماهير المضطهدة في الريف والمدن معاً وضفرها في نضالات جديدة أقوى ضد النظام الرأسمالي الحاكم لإقتصادات ومجتمعات السودان.
بهذا الضعف، فإن تكوين المناقشة العامة وتعويم النظرية الماركسية-اللينينية فيها وملخصها، ماثل عملية تعويم الجنيه والعملات الوطنية التي تفرضها المؤسسات المالية الدولية على الدول التي تقوم النظم التجارية والمالية الدولية لهذه المؤسسات في نفس الوقت بتفليسها، فتكون زيادة الإفلاس من نتائج هذه العملية والإجراءات الأخرى المرتبطة بها العاملة لعزل الإقتصاد من السيادة الشعبية والوطنية وتحويله إلى خدمة الرأسمالية المحلية والعالمية. وفي ظل هذا التعويم والتفليس وإفتقاد الطبقة العاملة وعموم الكادحين إمكانات مقاومته داخل الحزب أو خارجه جاءت بلورة النقاش العام وتلخيصه كتحصيل حاصل للضعف النظري والعملي الذي كنف بأشكال متنوعة تكوين الحزب وممارسته لنشاطه رغم كل لمحات القوة والإنتصار التي كانت- ولم تزل- تظهرها قواه الحية في المنعطفات التاريخية.

وقد خلت بداية المناقشة العامة من أية معايير فكرية أو نظرية أو عملية سوى تقديرات المرحوم الخاتم ثم موجهات الزميل عبدالرحمن التي أنزلها من فوق ولم يقدمها لأي هيئة تضبط بنيتها، ضاراً تماسك الحزب النظري والعملي ضرر الحل الفوقي لإتحاد السوفييت، وحتى ما ألحقته بها اللجنة المركزية من موجهات ومعايير كان بعد زمن طويل تغلغل فيه الإنقسام سارياً في جسد الحزب خاصةً مع أزمة الصلة فلم تظهر إعتبارات هذا الملحق في النقاشات التي تمت ولا في ملخصها بشكل واضح حيث جرى التلخيص على رسل ما طرحه الزميل عبدالرحمن حاوياً المناقشة العامة جملة عشواء جهة الماركسية-اللينينية وجملة منظومة جهة غيرها مما لا يحتاج لحزب جديد في السودان. فرغم موجهات اللجنة المركزية التالية لها، تمثلت العشوائية في تغييب المعيار المنطقي أو أوليات ترتيبب الموضوعات الشتى التي شملتها المناقشة العامة مثل نقد العقلانية، ونقد الفلسفة، ونقد النظرية، ونقد الدولة، ونقد النظام العالمي، ونقد الإقتصاد، ونقد الممارسة الحزبية إستراتيجياتها وتاكتيكاتها، ونقد الشخصيات عنفها وبساطتها، ونقد السلوك الموجب منه والسالب، فدون أولويات منطقية أو معايير نظرية دفعت هذه الطريقة العشواء العقل والحزب الشيوعي السوداني والمهتمين به في العالم إلى حلبة تخبط وتجريب، وعلى هذا النول غزل الملخص خيوطه.

كان من الأفضل بعد توزيع إستقصاء أولي تجميع نتائجه وتوضيح المعايير أو المواضيع محل الخلاف، وتياراته العامة وتوضيح الهيئات والمراحل والمواقيت اللازمة للقيام بنقد ذاتي عام وحسم الخلافات بشكل عقلاني مفيد لتطور الحزب الشيوعي ، إلا إن الإتجاه القائد لتيار المناقشة العامة سار بقوة في إتجاه تلخيصها في جهة الإستغناء والتخلي عن الماركسية-اللينينية وعن الحزب الشيوعي نفسه مواكبة لسياسات البرجوازية الكبيرة والصغيرة العالمية والسودانية في جهة إضعاف الوجود السياسي للطبقة العاملة وعموم الكادحين والمهمشين حتى بدأ وجود السودان نفسه في الزوال.

ب- الظروف الخاصة للتلخيص:
1- في الزمن:
في الملخص إشارات مختلفة إلى سنوات ماضية(2001) و(2002)، مما يشير إلى طول الزمان الذي إستغرق فيه التلخيص وبالأدق طول الزمان الذي إستغرقته المناقشة لأكثر من عشر سنوات قبل أن تأتي للتلخيص في صورة شبيهة بـ(دفن الليل أب كراعاً بره) إذ إنعكس ترهل النقاش على تماسك عرض الإسهامات وتماسك التلخيص والملخص نفسه بل وتماسك فهم القارئي له ضمن التغير الزمان والظروف المحلية والدولية.

2- في الموضوعات:
عرض الملخص موضوع البرنامج ثم موضوع اللائحة ثم موضوع إسم وتسمية الحزب القديم | الجديد بشكل مرتب ولكن التلخيص قدم هذه النقاط الثلاثة في 12 إثنتي عشر نقطة منها مقدمتان لموضوع المناقشة العامة ومقدمة أخرى ثالثة للبرنامج، وتلخيصان ختاميان للمناقشة العامة وخلاصتان لموضوع واحد هو اللائحة والتنظيم كان الأول فيهما من 10عشرة نقاط بما فيه مقدمتان وثبت مساهمات والثاني من 8 ثمان نقاط وفيه نقطة فلسفية عن الستالينية والمركزية وهل نتخلى عن كل ما أُسيئ تخديمه في الممارسة الحزبية وغيرها؟، وفي كل هذه التلخيصات والملخصات ومقدماتها وتقديماتها نجد إن ملخص المناقشة العامة هو عبارة عن مجموعة ملخصات جمعت إلى بعضها كل منها بقوامه المستقل.

3- في عرض الإسهامات:
عرض التلخيص عدداً كثيراً من الإسهامات القيمة والمفيدة من الناحية العملية إما في تجديد برنامج الحزب الشيوعي السوداني أو في تكوين برنامج حزب جديد ولكن كثير منها مجهول التاريخ ومجهول العيار إذ لا تظهر في الكتاب إمكانية لحساب وثوقية التلخيص ووثائقيته فالكتاب والتلخيص لايقدمان تصنيفاً إجمالياً لهذه الإسهامات ووضعها التنظيمي إذ يستوي رأي الهيئة ورأي العضو، والرأي من الهامش والرأي من المركز، ورأي الجديد ورأي الخبير!؟
ولا يفسر حشد الأراء ظروف عرضها بالذات أو كيفية تقدير تفاصيلها عند التلخيص أو عند العرض: فتفصيل رأي قدم ضمن إجتماع قصير يختلف عن تقديم وإعتبار الرأي في كتاب كامل مطبوع على نفقة الحزب وموزع بصورة إجبارية تنظيمية مركزية ديمقراطية على كل الفروع، ويختلف عن مقال في صحيفة أو في مقالات مشتتة، وعن الرأي المُركز بإقتضاب تفرضه طبيعة المراسلة الحزبية. وهي مشكلات تحدد طبيعة ومدى حرية التعبير. وعتب ذلك على عشواء المناقشة أو الإدارة العشوائية لها ثم على التلخيص الذي لم يقدم للقارئي معياره الموضوعي لإنتقاء الأراء في كل فقرة أو للتوسع والبسط في عرض رأي معين والإقتضاب والقبض في عرض رأي آخر أو حيثية عنايته برأي دون آخر.

4- في ظروف تشكيل وعمل هيئة التلخيص:
لا يوجد عرض لطبيعة تنظيم هيئة التلخيص لعضويتها وخبرتها ورأيها في المناقشة أو لطبيعة وشكل الأداء والتكاليف وكيفية مراجعة عملها، من ذلك تثور أسئلة هي:
1- هل تستلم الهيئة الإسهامات نفسها أم تستلم محاضر وملخصات لها؟
2- ما هو معيار إختيارها من الأراء المتشابهة أو المختلفة وتصعيد بعضها دون بعض وتبويبه وتلخيصه؟
3- ما هي معدلات إختصار سطور الرأي وشروحه المطبوع في ورقة أو مجلة، جريدة أو كتاب؟
4- هل تقارن لجنة التلخيص عدد ما وصل إليها بجدول ما وصل إلى لجنة المناقشة؟
5- هل خضعت أعمال التلخيص للمراجعة ؟
6- هل هناك نقد أو مراجعة لما تم إنجازه أم إن بعض الأراء وهذا التلخيص يمثل حقيقة نهائية ؟


ج -عرض عام لبعض النقاط الرئيسة في الملخص:
أ‌- في البرنامج (بمقدماته):
هناك 63 ثلاثة وستون مساهمة: 51 واحد وخمسون داخلية و10 فقط من قضايا سودانية، و 2 مجهولات، إضافة إلى مساهمة مذكورة بالإسم فقط وهي مساهمة "كرري" ذات العدد 59 (نحو موجهات أخرى لتجديد البرنامج) .
في فقرات تلخيص البرنامج:
1- السلطة – الديمقراطية- وجهاز الدولة :
(( مع التعددية السياسية بتعويل على القوى الحديثة والقوميات، وتثبيت حق الإضراب كوسيلة وحيدة لإستعادة الديمقراطية ، ورأي يقترح الإدارة الشعبية والإدارة الأهلية مع إشاعة الديمقراطية في أجهزة الإدارة الأهلية لحل التوترات القبلية، ورأي ينادي بالبحث عن وسيلة فعالة لحماية الديمقراطية إضافة إلى فك التركيبة الإجتماعية المسيطرة على جهاز الدولة وتعديل التشريعات وإعتماد الكفاءة معياراً للعمل في أجهزة الدولة، دراسة للموقف السياسي السليم حول موضوع طبيعة رئاسة الجمهورية أن تكون برلمانية أو رئاسية، مع ميل ضد الرئاسية))

هنا دون تناسق أو فرز موضوعي نجد في فقرة واحدة تشمل ثلث صفحة ثلاث قضايا لكل منها شأنها الخاص:
 طبيعة السلطة وهي قضية سياسية تتصل بتحديد الطبيعة السياسية للحزب المنادي بتغييرها،
 الديمقراطية وهي قضية نظرية في تحديد أبعادها تتعلق بالطبيعة الطبقية لتعادل أو تفاوت الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية مدى سيطرة الناس على موارد عيشهم وحياتهم وأدوات إنتاجهم وتنظيمهم للمنافع وكسبها،
 طبيعة جهاز الدولة وهي قضية عملية تتحد بعد تحديد الحزب لطبيعته وطبيعة المصالح والقوى التي يدافع عنها أو يهاجم لأجلها فبعد ذلك يمكن منطقياً لأي حزب تحديد شكل وطبيعة جهاز الدولة الذي يريده.
وقد يكون إجمال الفقرات معاً لأسباب موضوعية منها غياب أو تغييب أي مقدمة نظرية متناسقة يستند إليها النقاش أو التلخيص في فرز وتوضيح طبيعة هذه القضايا وطبيعة البرنامج والدولة التي يرغب فيها الحزب الذي هو نفسه ووجوده في محل تسآؤل هذا النقاش فمن الغريب تحديد طبيعة هدف سياسي قبل تحديد طبيعة القوة السياسية الهادفة له!؟


2- الإقتصاد والتنمية:
1- هذه الفقرة الضخمة (5 صفحات ونصف) الموجزة إلى 22 سطراً والمنفصلة عن فقرة الإصلاح الزراعي، أشارت إلى قضايا ((الخراب والحرب والجفاف والطفيلية و وتوزيع الثروة والفقر والفساد)) وهي قضايا موضوعية لكنها جاءت متنافرة و سابقة للأسباب المنتجة لها فالخراب والحرب والفقر والطفيلية والفساد نتائج، والسبب المنتج لهم وهو طبيعة التنظيم السياسي لتوزيع موارد وقوى الإنتاج وعائداته أو طبيعة تنظيم الإقتصاد لم يذكر بوضوح لعلاجه!

2- ((يُتجه لبرنامج إقتصادي يقوم على دراسات علمية والإفادة من تجاربنا وتجارب الدول ا(لمماثلة لنا في التطور) يعتمد على الجماهير وقناعاتها، مراجعة الخصخصة والسياسات البنكية، وإسترداد ما نهب، ثم في البداية نحتاج لبرنامج لوقف التدهور تشارك فيه جميع الأحزاب، أهمية دراسة المجتمع السوداني والقطاع التقليدي تحولاته وتركزاته، مشاركة إتحاد المزارعين، أهمية كل القطاعات الإنتاجية عام خاص تعاوني مختلط، الأنشطة الإستراتيجية في يد الدولة، الإستفادة من رأس المال الأجنبي -الحاجة ماسة إليه- تتم وفق المنفعة المتبادلة أولوياتنا، قسمة شعبية للثروة وجهوية، مبادئي موجهة ونظرية للتنمية!! كل هذا في كفة 19 سطراً سميناها (أ) معها كفة أخرى نسميها (ب) أقل من3 سطور عن إمكانية التحول الإشتراكي شملت القطاع العام وتحديث وسائل الإنتاج والإدارة وتحفيز العاملين وتوجيه القطاعين العام والخاص لإصلاح البنى التحتية ومراجعة سياسات التمويل مع وضع إعتبار للحساسية الدينية لمسألة الفائدة))
بعض الخطوط في الكفة (أ) تشير إلى حالة داوني بالتي كانت هي الداء وفي(ب) سؤال: من يقود هذه السياسات ولماذا؟


الملاحظات عن حالة التناسق في الفقرة رقم (2)عن الإقتصاد والتنمية:
في أ- هناك فروق نظرية وحياتية بين الدراسة، و الإفادة، و الفوز بقناعات الجماهير، و مراجعة الخصخصة:
 فالدراسة علم له نظرياته الإجتماعية- والإقتصادية السياسية الموجهة التي يجري نقاشها أو رفضها دون ضوابط
 الإفادة بتجارب الدول المماثلة لنا في التطور مسألة ممارسة سياسية ، وهي غريبة بكونها إفادة ممن هو بنفس أزماتنا
 قناعات الجماهير بسياسة ما أمر يخضع لظروف الإغتراب والإستلاب الذي يزيد التدهور الذي يزيد هذا الإغتراب
 مراجعة الخصخصة تحتاج مقدمات نظرية وسياسية ضد التسليم بحرية السوق والتجارة وأهمية (الإستقرار) لهم
 في الحاجة إلى برنامج إسعافي لوقف التدهور:
تصور مسألة وقف التدهور ولحقان الأمور قبل إستفحالها يعارض القول بخراب الأوضاع، ويعارض القول بالحاجة إلى دراسة المجتمع أو القطاع التقليدي بـ(مشاركة) إتحاد المزارعين، دون بقية النقابات، ومع ذلك فالفقرة تفتقد التناسق لسبب أخر هو التصور المسبق بوجود تدهور وهو بالتأكيد موجود، ولكنه موجود في جهة لايعترف بوجودها أو بموضوعيتها الثورية التصور السائد للمناقشة العامة وهي جهة الطبقة العاملة وعموم الكادحين وهم بدورهم مقيدين لم يكونوا ولن يكونوا فاعلين في أي إنتخابات عامة قريبة سوى لجهة أعدائهم الطبقيين من زعماء الطوائف والقبائل ووكلائهم التجاريين والإداريين. هذا الموقف الطبقي السالب هو نتيجة منطقية للنظم والسياسات السائدة التي تميل بعض الأراء التي قدمها التلخيص إلى التعامل مع نتائجها دون أسبابها، وإذ تعاملت المناقشة وتلخيصها مع أسباب الأزمات فبشكل طفيف بإعتبارها بداهات تاركة أصل الأزمة العامة الذي أنتج الخراب والحروب وقعد بالبلاد وتركها نهباً للفقر والطفيلية والفساد والخصخصة وهو نظام التملك الخاص لموارد معيشة المجتمع وأدوآت ومعاملات الإنتاج الضرورة لحياة القائمين به حياة حرة كريمة. فدون تكسير هذا النظام المطفف والمبخس لأعمال الناس والدعوة لذلك سراً وجهراً والنضال له سلماً وثورة لا يمكن وقف الإنهيار الذي وقع بأي دراسات أو صيغ بنكية أو برامج سياسية محدودة .

 في تلخيص الأراء عن نظرية تنمية وعن تقسيم للثروة القومية غير جهوي أو إضافة إليه، وردت الأراء بشكل محدود مما يبدو إما عرضاً مجحفاً في حق هذه الأراء أو إن هذه الأراء لم تقدم من الحيثيات ما يكفي لعرضها!! ولكن:
1. هل يحتاج العالم أو السودان إلى نظرية جديدة للتنمية وماذا فعلنا بالنظريات السابقة وبالنقد الذي وجه إليها ؟
2. ماهو وجه إستعياب نظريات التنمية أو إستيعاب النقد الموجه إليها في المناقشة العامة؟
3. ما هو تصور لجنة الإقتصاديين في الحزب؟ أو تصور النقابيين؟ أو تصور دُراس الإقتصاد السياسي لهذا الأمر؟

من غياب إجابة متماسكة يتضح إن سير المناقشة العامة أو التلخيص خطو عشواء بعيداً عن الإستيعاب المنظوم لأراء أهل الإختصاص في الإقتصاد والتنمية والكفاية فيه ووضعه في صدارة ملخص الشأن الإقتصادي، و بالمثل سارت بعيداً عن أراء المزارعين والعمال أصحاب الإسهام الأساسي في الإنتاج ونقابييهم، وكذلك بعيداً عن المثقفين المهتمين بالشأن تاركة حبل التنمية للجميع كل منه يتجاذبه حسب مستوى تنظيمه أو مستوى إمكانياته الفردية أو إمكانات وحدته أو فرعه ولم يجد التلخيص والحالة اللانظرية أو الضدنظرية الموجهة له بداً من عرض بعض الأراء القريبة للسخط اليومي: فلا هي فعل موضوعي يتم تأطيره وتطويره بالتنظيم والتمحيص والتنظير، ولا هي قنوع بالموجود مع جِد فردي أو جمعي وإجتهاد في زيادة هذا الموجود وتحسينه، حتى أضحت كما في تعبير المرحوم صلاح حافظ كـ (شيئ ما) يبدو هنا في مثل هذه الأراء التي تحمل في آن واحد ملامح الحسرة والندامة والخوف وملامح الشوق إلى العدل والحرية والكرامة! تيه لا يستغرب حدوثه في ظل تغييب مقومات نظرية شمولية لم تزل بشمولها صالحة لتنسيق الوجود والعقل والوجدان جهة الحاجات والحلول المصيرية لحياة أكثر الناس.




3- الإصلاح الزراعي:
(( الزراعة كمركز للحياة الإقتصادية.. بناء برامج إصلاح زراعي تتوخى الدقة، العدالة في توزيع الأراضي المروية والمطرية، تحسين أحوال المزارعين والرعاة، والتنسيق مع الدول المجاورة، وتصنيع خامات الزراعة ومنتجاتها)) وردت الفقرة أولاً في حوالى صفحة كاملة وأوجزت في 4 أربعة سطور وربع بما فيها من شرح وقدمناها في سطرين.

الأسئلة المنطقية لتناسق الموضوع في الفقرة(3) حول قضية الأرض والإصلاح الزراعي هي :
1. ما هو المنهج الفلسفي والعلمي لقرآءة قضية الأراضي وتوزيعها في السودان هل هي سلعة أم حق خاص؟ أو عام؟
2. ما هي أبعاد قضية الأرض: أين التركزات أو الإحتكارات أو إختناق ملكية الأرض؟ وأين فضاها وضياعها؟
3. ماهي الطبيعة العامة للإقتصاد الشامل لها، أو المطلوب و طبيعة الإنتاج الحاضر والمستهدف في كل منطقة؟
4. ماهو المستقبل والتخطيط المقترح لتلك المنطقة ووفق أي رؤية أو علاقات إستراتيجية؟
5. ما هو الوضع الإجتماعي المتصل بكل منطقة وكيفية معالجته ؟ ضمن خطة عامة أو بشكل جزئي شعبي محلي؟
6. هل من مواقيت للتعامل مع هذه الأرض أو تلك (خمسة سنوات؟ عشر سنوات؟) وما طبيعة إستثمارها أثناء ذلك؟
7. ماهي الطبيعة السياسية للإقتصاد الذي يمكن أن تنهض فيه الزراعة بدور عادل في توفير أسباب الحياة وفي توزيع الثروة القومية ( الأراضي والمياه والمدخلات) بواسطتها؟

في المشروع العالمي (المقترح) للتنمية المستدامة في كل دولة، جانب إستعماري حديث يتجه إلى تحرير الأرض من (الملكية التقليدية) كأراضي الحكومة والقبائل [الرعوية] وحتى أراضي الأوقاف والطوائف، وإدخالها السوق. أهملت هذه النقطة سواء في سياق الحديث عن الإقتصاد والتنمية ونظرياتها أو في سياق الحديث عن الإصلاح الزراعي لوحده.

ولكن ما عرضه التلخيص (الثاني) فيه نقطة مهمة للربط بين قضية الأرض و(تحسين) أحوال المزارعين والرعاة، وفي ذلك توجد دراسات مهمة بل وخبرة البنك الزراعي القديم كلها متاحة، ودراسات الزراعة والأراضي والإصلاح الزراعي وافرة في السودان ومزدهرة، ونظرة بسيطة إلى بعض الأراشيف الجامعية تغني عن السؤال، تأسست في السودان بتضحيات جمة من طلاب وأساتذة أجلاء بذلوا جهودهم في مراكز البحوث الزراعية في الجزيرة وفي شمبات وأبو نعامة، وفي مراكز البحوث البيطرية وحتى في مصر وعبر عشرات السنين، ولا أدري كيف تعاملت أرآء المناقشة العامة مع هذه الأطنان من الأبحاث؟

هنا يمكن إفتراض ان نظم الإقتصاد السياسي والخبرات الفنية في الأراضي والزراعة والإصلاح الزراعي تم تجاهلها وإن ذلك التجاهل يجافي مصلحة الرعاة أو الزراع الذين وصلت بهم سياسات السوق والرسملة والإختلاف في تخديم الأراضي في الجنوب وجنوب النيل الأزرق والأنقسنا وفي القضارف والبجا وفي جنوب كردفان وفي الشمالية في الحماداب وكجبار إلى حالة نزاعات دموية وفوق هذه وتلك قضية الأراضي والزراعة والرعي ومجتمعاتها في دارفور.

إن حصر هذه القضايا في خانة الإصلاح الزراعي أو حصر الإصلاح الزراعي في خانة قضية الأرض وتجريدها من أبعادها الأخرى أمر لم تقبله بعض الأراء التي عرضت في نقاط مختلفة. كما إن تناولها بمعزل عن قضية علاقات الإنتاج والسلطة المركزية، أو بمجرد تلميح لها، لا تنجح في حله محاولات الحكم الشعبي المحلي واللامركزية خاصة في ظل مركزة المؤسسات المالية الدولية والشرائح الحاكمة للقرار السياسي والإقتصادي وتركيزها وتحويرها كل تكوينات "اللامركزية" بكل مجالسها الشعبية مدناً وقرى وتنظيماتها الفئوية والمهنية رعاة وزراع وعمال إلخ وتنظيماتها الجماهيرية إلى (مشغلة) للجماهير في الأرياف. إن قضايا الزراعة والصناعة تتصل بالطبيعة الطبقية للدولة وسياساتها الإقتصادية وعلاقات الإنتاج اللازمة لإشتراك الناس في موارد وجهود وثمرات الإنتاج إشتراكية علمية.

4 - البيئة:
في هذه الفقرة ورد عرض لموضوع البيئة جمع بين:1- التنظيم و2- السياسة و3- إثبات الحاجة إلي الهم بها ((تضمينها في البرنامج، وأهميتها كقضية عالمية لها تطلعات في السودان أن يكون ومياهه خالياً من التلوث ومصادره، مع تبيين تدهور اوضاع الغابات والرعي والزراعة التقليدية، وأهمية علاجها والحاجة لإستقطاب جهد المنظمات))

ملاحظات على التناسق في الفقرة رقم (4) حول البيئة:
عالمياً وصلت التعارضات بين إتجاهات صيانة البيئة وإتجاهات النشاط الرأسمالي إلى كثير من نقاط التناقض، رغم محاولة بعض إتجاهات المراكز الرأسمالية لتحويل قضايا البيئة إلى محور تفريغ لطاقة الأحزاب والشباب اليسارية ، و إستغلالها لمصلحة الرأسمالية مثل إستغلالها قضية حقوق الإنسان ففي بعض الأحيان كانت قضايا صيانة البيئة تُخدم في الحروب التجارية الدولية والمحلية أو لعرقلة تطور بعض الدول أو التحكم فيها. ومن هنا الحاجة لبناء تحكم وطني في هذه القضية داخل السودان مما قد يبين أهميتها، ولكن من ناحية موضوعية لا يمكن إنكار أو تجاهل إن السودان اليوم في حاجة إلى العناية بمفاهيم ونشاطات العناية بالبيئة وصيانتها وحمايتها وتطويرها ضمن خطة تنمية متوازنة توافق كثير من الجوانب المفيدة في مشروع "التنمية المستدامة" المقر ضمناً عبر قمة رؤساء الدول في الثمانينيات والتي تقلصت لـ"أهداف الألفية" التي أعلنتها الأمم المتحدة بمؤتمر مماثل وإنتهت بدورها إلى "الوصايا الخمس" لكوفي عنان، فبالأهمية المحلية والأهمية الدولية تأتي موضوعية تمثيل قوى البيئة في اللجنة المركزية لأي حزب سياسي مع تمثيل نسبي مماثل لغيرها من القضايا والمصالح العامة الأساسية أولاً ، وهنا يظهر سؤال بسيط هو :
 هل يمكن صيانة البيئة وتنميتها بمعزل عن تغييرات إقتصادية وسياسية كبرى؟
كتاب "حروب الموارد والهوية" للدكتور صلاح آل بندر والدكتور محمد سليمان معاً أمسك مسألة البيئة بقوة: شارحاً مفاعلاتها تاريخاً وجغرافيةً وسياسةً وإقتصاداً وإجتماعاً وثقافةً وأمناً وطنياً وقارياً وسلاماً عالمياً، وهو كتاب يثير أسئلة مهمة طرحتها حروب الموارد والهوية في السودان مثل العلاقة بين غياب التنمية والنمو غير المتوازن وإرتباطهما بحالات زيادة النزاعات والتدهورفي الأمن الوطني كتاب مفيد لا يوجد شيء منه أو ضده في الأراء أو النقاشات المقدمة.

5- التعليم والثقافة:
الأراء الواردة في هذا الموضوع الحيوي نبهت إلى ((المنهجية، والمجانية، ومحو الأمية، والتعليم الفني، وتطوير مناهج الجامعات، وضمان حرية البحث العلمي، والبعث الحضاري للوطن، ومحاربة الرجعية، والتعصب، ومعالجة أزمات التباين بين كل من: الريف والحضر، الرجل والمرأة، التعليم والتنمية. كذلك نبهت إلى تلبية حاجات الإنسان الروحية والمادية، ونمو ااشخصية وقدراتها، وإضافة لهذه النقاط التقدمية الفلسفية والعملية المختلطة تحت عنوان التعليم، هناك: الإنفتاح الفكري، التربية الوطنية، دعم وحماية حرية النشر والصحف من الرسوم، وتمويل العملية التعليمية بالجهد الذاتي للمواطنين)) ووضح ذلك في الأهداف بثلاثة قضايا هي: البعث الحضاري الوطني ضد الثقافة الإستعمارية والرجعية،2- الربط بين منهجية التعليم وخطة التنمية، 3- إشباع حاجات الإنسان الروحية والمادية أما في الفلسفة فوضحت بنقاط : نمو الشخصية، إحترام العمل اليدوي، تمازج الحضارات والثقافات، تيسير المثافقة ، ترقية اساليب التفكير والبحث لإنماء القدرة على التمييز، الحفاظ على التراث السوداني والعالمي، رفع الوعي بمهمة الإنتاج في الحياة ، مجلس قومي للتعليم، تمويل الدولة التعليم بالنسبة العالمية 15% - 20%، + إسهام الخيرين.

في هذه الفقرة تبيوب مزدوج لفلسفة ولأهداف التعليم،ولكن الأهم هو تأخير قضية الثقافة لفقرة لاحقة بينما الثقافة تسبق من ناحية موضوعية قضية التعليم سواء لقدمها التاريخي أو لتأثيرها على التربية أو لبلورتها قيم التعليم ومدى النفع به.



ملاحظات على حالة التناسق في الجزء (أ) من الفقرة رقم (5) حول التعليم:
رغم إنه كان من الأفضل تقديم الموقف السياسي للحزب من قضايا الإقتصاد والحياة العامة التي تتبلور فيها قضايا التربية والتعليم والثقافة، أو تقديم الموقف العلمي من القضايا السياسية البارزة المؤثرة على قضايا التربية والتعليم أو مؤشرات للموقف العملي للحزب من الإثنين، إلا إن الإلتزام في هذه الملاحظة بإعمال نهج تحري التناسق أو تحديد التعارض دون إعلاء أو تحكيم أي رؤية موضوعية تدخل في سياق الماركسية اللينينية أو أي نظرية سياسية أخرى يجعل هذه المحاولة الدراسية تكتفي فقط في هذه الفقرة الثرية بالإشارة إلى بعض النقاط مثل:

 في أصولية التعليم وإنسانيته:
جمعت المقدمة العامة للفقرة بين العودة إلى عصر الفونج لنفع التعليم و إستيعاب عصارة الفكر الإنساني والغوص بهذه العصارة في مكونات (الشخصية السودانية) مع مراعاة ظروف البيئة التعليمية، وذلك لتحرير الطفل من التقليد وتشجيع ثقافة الديمقراطية والسلام والوحدة وإحترام التنوع وحرية التفكير. ففي أول الفقرة إتجاه من التكوين المحلي أو من جزء منه إلى الحياة العامة أما الإتجاه الآخر فمن الحياة الفكرية للإنسانية إلى داخل الشخصية السودانية. وهو جمع متصل بمنظور مادي جدلي تاريخي إلى تركيبة السودان القديمة والحديثة بأبعادها التاريخية السودانية والعروبية وإلى تركيبة التعليم القديمة والحديثة في العالم والسودان بأبعادها العالمية والمحلية. وفي هذه المسألة يبدو موضوع الدولة الوطنية والفقر الثقافي إليه في أنحاء السودان وصرف ذلك الفقر للناس في معظم أنحاء السودان عن تكوين أو إعتبار وجود شخصية سودانية أو وطنية عامة، حيث يتجذر الوعي القبيلي والعشائري في كل منطقة وصقع [وفق تاريخها وحالها البعيد عن الدولة السودانية] وينحصر معنى الدولة (ككيان وطني) في بعض المدن ومثقفيها لأسباب تاريخية تتعلق بإتجاهات وتركزات المصالح الإقتصادية والسياسية (القومية) فيها. وهذه بلا شك قضية الأبعاد المختلفة للبداوة والمدينية والحضارة في السودان تحت النظام الرأسمالي لدولة الهامش وفيها مؤلفات إدارية وتعليمية عددا لم يتم تناولها في بحث موضوع الشخصية السودانية والتعليم

 إن قضية التعليم والبيئة الطبقية لمصروفاته وتمويلاته وطبيعة مناهجه وفاقده التعليمي والإفادة من خريجي التعليم العام والعالي في مجالات الإنتاج تتطلب، لأجل عرض أشد تناسقاً لهذا الموضوع، تتطلب معالجة ناجعة لقضايا:
1- التكوين العام وفلسفة التعليم ونواحيه العامة الإقتصادية والسياسية والإجتماعية الثقافية
2- المباني والأدوات المادية
3- المناهج الأساسية والعليا
4- المناشط التربوية الثقافية العقلية والبدنية وإحترام فاعليتها وتنوعها
5- علاقات العمل بالنسبة للأساتذة والمعلمين وبالنسبة للخريجين والفاقد التعليمي
6- علاقات التقييم العلمي والتربوي وطبيعة قياس المستويات والنتائج
7- التدريب ومواصلة التعليم كهدف أسمى للدولة والمجتمع والعملية التربوية-التعليمية
8- القضايا الخاصة:
 الفاقد التعليمي والمجهود المناسب لحل إشكالاته أو طبيعة التأهيل المناسب لظروفه
 التمييز العنصري بأشكاله الدينية واللغوية والعرقية والنوعية ...إلخ
 العنف البدني والمعنوي ضد الطلاب: الضرب(وأكثره بأشكال سادية) التهكم والسخرية والهرش والطرد
 الكذب، السرقة، التدخين، العادة السرية، الميول الجنسية المثلية، الموضات، الكورة، التعصب..إلخ.
في مواجهه كل هذه المهام يلاحظ شح الدولة في الصرف على التعليم وبذخها وإسرافها على كبار موظفيها المدنيين والعسكريين، وكذلك ملايين الدولارات التي تنفق على بعض المؤسسات الدينية والمدارس إلى جوارها جائعة وخربة.


ب- في الثقافة :
((إضافة إلى ما ورد في "مبادئي موجهة": إحترام الثقافات، الديمقراطية والبحث العلمي والإنفتاح على الثقافات العالمية والفكر الإنساني المستنير، تشجيع الثقافات المحلية، ترجيع دور الدين وإتاحة الفرصة لثقافة القبيلة، الآثار، الإعلام، إعفاء دور النشر من الرسوم، المكتبات، تحرير الإنسان من الخوف والجوع والفاقة ليطور ثقافته وإنتاجه وإقتصاده الريفي، خلق ثقافة سودانية مناهضة للإستعمار والتعصب وضيق الأفق،تستند للفكر الإنساني العلمي،قومية حقيقية للثقافة، إستقلال الجامعات وحرية البحث العلمي، الإهتمام بالعمل الدعائي في حياة الحزب الشيوعي، وأن يخطط ليكون حزباً عريضأ يستقطب الناخبين.)) 10 نقاط.

الملاحظات على تناسق الجزء (ب) من الفقرة رقم (5) حول الثقافة :
هناك تغييب لأساس الثقافة أي "نمط الإنتاج" وما ذكر عن تحرير الإنسان قد يقوي الإتجاه إليه ، ويفيد جداً في بلورة شكل عملي لهذه التصورات الثقافية، لكن المسألة البعيدة عن التناسق هي مسألة أخذ (كل الثقافات) في الإعتبار الذي لم يتم تحديده هويته هل هو الإعتبار الوطني أو السياسي أو القومي؟ فأياً كان لا منطق في عملية أخذ كل عفش البيت في كل رحلة مواصلات أو سفرية خارجية!؟ ثم من هو الذي يأخذ كل الثقافات؟ فرد أو حزب أم دولة أوإلى أين؟ ولِم؟

إن التفاوت النوعي بين الثقافات السودانية يتنوع ويتنوع، بحيث يصعب جمعه أو حصره ولو على طريقة جمعية أو فرقة الفنون الشعبية العظيمة التي تقدم تنوعاً محدداً حاولت به تغطية جهات السودان الشمال الشرق الغرب الجنوب، والرقص الشعبي وإحترام تنوع الثقافات ممارسة ماركسية-لينينية-ستالينية أصيلة شوهتها الإستلابات الثقافية في العالم والسودان ولكنها في السودان بالذات أسهمت لا في تنبيه أهل الوسط إلى تنوع بلادهم وحق الناس فيها في دخول الموجات العامة لإذاعة وتلفزيون الدولة التي يدفعون ضرائبها بل أسهمت أيضاً في تزييف وتغبيش وعي الناس في أنحاء السودان بأنهم جزء أصيل من ثقافة المركز أو حتى من ثقافة السودان بينما أهلها في الواقع مكدسون في هوامش البؤس في المدن والريف، وأهل الرقص في الواقع ضيوف في تلفزيون وإذاعة المركز العام للدولة، مجرد كموفلاج، وتغطية وزينة وبهارات لتغطية الطبيعة الإصطفائية والإقصائية للمركز كله وتغطية الوجه العنصري لسياساته برقصات شعبية شوهت لتناسب الذوق (العام) ولتتطابق مع ما سموه "الشريعة الإسلامية" بينما تلفزيون الشريعة نفسها حافل بمشاهد ومسلسلات الطفيلية والخداع والجريمة السرقة والقتل وما إلى ذلك. إن إحترام التعدد الثقافي فيما غاب عرضه، يتطلب إدانة الظلامات والإغتصابات التاريخية التي إرتكبتها الدولة في السودان منذ ما قبل أيام الإنكليز وإلى أيام البنك الدولي والزمن الحاضر بما فيها مركزة للموارد وتهميش بشع لحاجات الإنسان وحقوقه والنقد المرير لتلك الظلامات من الحزب ضرورة لتجديد مواقفه بصورة موضوعية وليس بتحويل برنامجه من حالة الأهداف الإستراتيجية في المجالات العامة إلى حالة التفاصيل الفنية والعملية التي تختلف خبراتها وفنونها. ولكن هذه الإدانة جاءت ضمنية ومغلفة في سياق الفقرة مما يوجب إظهارها وتوسيعها لتأتي الفقرة متناسقة

ليس ذلك فحسب، فالحزب من ناحية ثقافية إجتماعية - على الأقل في أصوله النظرية والجزء الأعظم من نضاله- ليس حزب الأقلية المستعربة أو حزب لثقافة الجلابة في العمل السياسي وممارسة (البيع) وتخليهم عن القضايا الإستراتيجية لأجل ربح عاجل زائل، من هنا يبدو بعض التنافر في تناول الأبعاد الثقافية للمسألة التاريخية الثقافية السكانية في السودان بأفق الجمع والوحدة والإنصهار في بوتقة (قومية) بينما يتم تناول مسألة وجود الحزب وقبائله الماركسية اللينينية بمنهج الإقصاء أو الصهر والتذويب!! فكيف للحزب إحترام وجود كل الثقافات وجمعها والعناية بها وهو مقصر في ذلك جهة ثقافته الماركسية-اللينينية؟



كيف يستوي الحديث عن الوفاء للأصول والبعث الحضاري الوطني وإحترام كل الثقافات في كيان سياسي حمل بعض قادته نظريته في السراء الآيديولوجي مشاعلاً للنضال ولم يتحملوا نظريته في الضراء؟
هل بإمكانهم إحترام كل الثقافات؟

بحكم تطورات الواقع التاريخي والسكاني من الضرورة فأي حزب سوداني يبتغي جماهيرية حقيقية عليه أن ينبذ عملياً كونه حزب وسط للأقلية التي غرفت خيرات السودان، وإلا صار كالحزب الشيوعي الفرنسي في الجزائر المستعمرة، أو الحزب (الوطني) في جنوب أفريقيا القديمة أيام الفصل العنصري، من الضرورة إستلهام موقف الحزب الشيوعي في جنوب أفريقيا وكونه حزباً للغالبية السوداء في بلد كان مجتمعها الحاكم مجتمعاً أوربياً، لا من منطلق كينونة المجتمعات السودانية الأصيلة وأقدميتها التاريخية وحقوقها وغالبيتها السكانية فحسب بل من منطلق إن هذه الغالبية المهمشة هي صاحبة القوة والمصلحة في الإنتاج والتنمية والعدالة الإجتماعية تحتاج فقط بعد كل هذه القرون من القهر والإستلاب والتهميش إلى ممارسة ثورية تحشد نضالها في الريف مع نضالها في المدن لدك النظام الرأسمالي ووجوهه دولته المتهالكة القومية والليبرالية والإشتراكية والإسلامية في السودان وإقتلاع جذور طبقته وثقافته السائدة المخاتلة المراوغة.

الأهم لتناسق الثقافات هو النشاط الثوري لإتاحة إمكانيات متساوية للتطور الإقتصادي والإجتماعي والثقافي لكيانات السودان المضطهدة وللحفاظ على هذه الإتاحة حتى لا تأكلها هذه الظروف أو تلك الأنشطة بحيث يتنافس الناس في مدن السودان وأريافه رجالاً ونساء علماً وعملاً، بصورة تفتح لهم آفاقاً سلمية ديمقراطية لمزيد من الحرية والبناء. ولكن لذلك ثمنه، فبدون نظرية ثورية لا يمكن بناء حركة ثورية، وبدون حركة ثورية لايمكن إحداث تغيير جذري في الإقتصاد والسياسة والثقافة الإجتماعية المتصلة بهم ودون إحداث تغيير ثقافي جذري يجدد الحياة السودانية ويشكل قوميتها بصورة حقيقية فإن مصير السودان بظلاماته ومراوغة سياسييه ونقضهم المواثيق والعهود كما هو واضح الآن هو التفكك والإنهيار والموت الزؤام . أما الحلم بإمارة عرقية آمنة كمثلث حمدي مثل طليطلة أو غرناطة بعد تفكك الأندلس فهو مجرد طغث حلم إنكسرت قواعده الإقتصادية الإجتماعية ومصيره التاريخي هو الزوال السياسي والثقافي.

إن مواجهة قضايا الإغراق الثقافي الخارجي أو التفكك الثقافي داخلياً وما يتصل بها من قضايا الإستعمار والرجعية تتصل في السودان بتجديد الثقافة الوطنية الديمقراطية التقدمية بأشكالها النظرية والعملية في الريف والمدينة تجديداً شاملاً بنهج ثوري فلسفي علمي وعملي متصل في تنظيره وأهدافه وأعماله بقضايا وقوانين وأشكال وجود الطبيعة والطبيعة الإجتماعية وكرامة وحرية الإنسان والتنمية الشاملة المتوازنة لهم، وتناولها في أحوالها المفردة أو الجمعية كمسألة ضرورة وتلبية حاجة أساسية لحياة السودان وبقاء مجتمعاته حرة سيدة في وجه الثقافات المدينية الإستعمارية والثقافات البدوية القبيلية منها والطائفية بميسمها الإقطاعي القديم والحديث، وبدون تصور هذه الحاجة والضرورة والشروع في تلبيتها لا تبدو فائدة نظرية أو عملية كبرى من التناول الشكلي لمسألة الثقافة الوطنية وإحترام تعدد الثقافات في ظل نظام إقتصادي إجتماعي سياسي تحكمه طبقة واحدة.








6- الدين:
تحدث التلخيص في هذه الفقرة عن ((إحترام الدين والمتدينين وتمييز الدين عن الدولة، ونبذ إستغلاله فيها لإجل تحقيق مصالح خاصة ودعم الإستنارة الدينية وقواها ومعالجة التعصب ودور الدين في المجتمع ومدى تعلق كينونته بالنصوص أو بـ[تغيرات] الواقع ..إلخ))

ملاحظات حول تناسق أجزاء الفقرة رقم (6) حول الدين:
في الفقرة في عرضها الأول والثاني ناحيتان ناحية إسلامية وناحية تتحدث عن الدين بصفة عامة، مما يجافي مافي الفقرة الخامسة الجزء (ب) عن الثقافة وإحترام كل الثقافات وقومية الثقافة والحد من التعصب إلخ، ولم تذكر أية من الفقرتين الدينيتين طبيعة الدور المفيد الذي لعبه الدين في الحياة الإجتماعية للسودان؟ وقد يصعب هذا الذكر الآن خاصة وأن أغلب حروب السودان والدنيا إتصلت بالتدين بشكل ما والذي يسميه كل خصم له تطرفاً. ولفحص التناسق في هذه الفقرة ومدى إتساق مضامينها يمكن إستعمال الأسئلة التالية:
 ما هو موقف الدولة من الصلاة في أوقات العمل أو في وقت الدراسة والمواقف الدينية أو غير الدينية للمعلمين؟
 ماهو موقف الدولة من جمع التبرعات وجمع النذور والزكاة وإستثمارها؟ أو الفوز بها؟
 ما هو موقف الدولة من الوصاية الدينية على الحريات الشخصية والعلاقات الجنسية؟
 ما هو الموقف الديني من قضية حرية الطبقة العاملة أو من العلم التطبيقي لتحريرها وهو الشيوعية؟
 ما موقف الإسلاميين أو الكاثوليك من نظام الربا والفائدة يرفضونه في البنوك ويطبقونه في سوق العمل؟
 ما هي أهمية نقد الفكر والتاريخ الديني؟
 هل يمكن تفكيك العداء التقليدي بين الشيوعيين والإخوان على أساس قناعات بأهمية الدين؟ دون أهمية الثورة؟

ربط التطرف الديني أو غير الديني بمركب الشعور بالنقص يقود بصورة موجبة إلى مجال علم النفس الجماعي أو السياسي وهو مجال وارف بنظرياته وتطبيقاته رغم فشله في الحد من هذه الظواهر وإنهيار تجاربه الأولى منذ عشرات السنين! وهو الآن سيد بمجالات علوم توجيه السلوكيات والإدارة والتسويق والحروب والسيطرة النفسية. ولكن هناك مشكلة في تناول التطرف كحالة مرضية تكمن في تحديد طبيعة التطرف نفسه، فجميع الرسل(ع) والثوار أتهموا بالتطرف والنقص والجنون، والحسين بن علي والثوار من آل البيت (ع) متطرفين، وقادة الثورات الرأسمالية ضد الإقطاع متطرفين، وجميع قادة الإشتراكية العلمية والتحرر الوطني كانوا متطرفين ماركس وإنجلز متطرفين، والرفيق لينين متطرف، وتروتسكي متطرف، وماو متطرف، وجيفارا متطرف، وعلي عبداللطيف وعبدالفضيل الماظ متطرفان وعبدالخالق متطرف، وهاشم العطا متطرف، وأبو شيبة متطرف، وجورج حبش متطرف، ومانديلا متطرف وكل الأنظمة الليبرالية الأوربية والأمريكية أسسها ثوار كانوا متطرفين جداً ضد الأنظمة الإقطاعية وضحايا التطرف الليبرالي منذ ثورات شمال ألمانيا وهولاند وإنجلترا ثم الثورة الأمريكية والثورة الفرنسية والمضاعفات الرأسمالية والإستعمارية لهذه الثورات قد تصل حصيلة ضحاياها منذ حوالى سنة 1500 وإلى الآن إلى حوالى ثلاثة بلايين نسمة، والموضوع لم ينته بعد، فهناك بالطبيعة نقص إجتماعي في النظام الرأسمالي يحاول سده بالعنف المعنوي والمادي وتقابله الشعوب أو بعض المجتمعات والفرق والأفراد بعنف مضاد سواء لوعي متناسق أو لوعي مشوه زيف بحقيقة مصدر مشكلاتها وطبيعة حل هذه المشكلات ولوازم هذا الحل وأسلوب تنفيذه.
الأفضل لتناسق الفقرة معالجة النقص الأساسي في النظام الإجتماعي، بطريقة ثورية، فالمسكنات والمخدرات والأفيون لا تفيد كثيراً في علاج الأمراض المستعصية ومنع تفاقمها، ومادامت خلافات البشر لا تأتي من نصوص الدين بل من ظروف الحياة البشرية وطبيعة إمتلاك موارد حياة الناس في القرى والمدن وإحتكار هذه الموارد لقلة تستغلها وحاجة الناس بصورة تجارية،لذ تبقي الثورة الشاملة هي العلاج الأنجع لجذور المشكلات التي تأخذ شكلاً ثقافياً أودينياً.

أسلوب المقاومة السلمية في الهند لم يؤت ثماره في المدن إلا مع تصاعد النضال المسلح في أرياف الهند ضد الإستعمار الإنجليزي، وتغليب هذا الأسلوب الصوفي أمر صعب بحكم طبيعة الحياة وتفاقم الأزمات، فهل نحصر معالجة الأمور الدينية وأزماتها السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية التي تفرزها في المنطقة والسودان منذ أقدم العصور وحتى الآن في مجال الدراسات والبحوث، والحوار الواسع مع بعض المثقفين الدينيين الذين يقبلون بالحوار دون نتائجه أم نتجه إلى تغيير الظروف المنتجة للشكل التجاري أو السياسي من التدين؟

التفاسير القريشية التجارية للدين التي حولت العقيدة الإسلامية وحرفتها من مجال للإسلام من الجوع والإيمان من الخوف ونشاط جهادي للحرية ومحاربة "الطاغوت" (= مشاركة الربوبية صفات التحكم في أرزاق أو أفكار الناس) وحولتها إلى مجال للغنائم والفيئ والرزق الحسن والإستبداد و"الملك العضوض" والجواري والعبيد تحتاج إلى جهود الإصلاح الديني والعلماني لشأنها، ولكن تبلور وتكون الإعتقادات الدينية عامة مع تطور العمل وتعدد قدراته ومنافعه وتقسيماته وتحولها إلى دين وإلى تفاسير دينية تتدخل في فهم الناس للطبيعة والطبيعة الإجتماعية والحرية والكرامة الإنسانية بصورة كثيفة لا يمكن تقويمها بمجاراة ومحاباة بعض الإصلاحات والتيارات "المستنيرة" في نفس الظروف الإقتصادية السياسية والتناقضات الثقافية التي تولد عشرات التيارات "الظلامية" و"المتطرفة" و"الإرهابية" التي تستأثر بمشاعر الجماهير الكادحة وأرائها، لا لأموالها التي دخلت دوائر التجارة الدولية وثبتت، بل لقوة تلك التيارات في الهجوم على أعدائها، والهجوم على الأعداء هو عنوان وميسم صدق تفتقده الناس، أثرياءهم وفقراءهم، وتظهر في الوله بهذا الصدق مركب نقص كبير مثلما الذي يظهر في حبها وتطرفها لكرة القدم في تعويض لعجزها ونقصها في مواجهة الأعداء، ولو كان ذاك الصدق وتلك العداوة شكلاً ومظهراً (فارغاً) أو خاطئي موضوعيةً، كانت جماهير المدن في الستينيات تشجع الأحزاب الشيوعية لعداوتها أمريكا، ولذا تشجيع الإعلام الإمبريالي للهوس بالرياضات السجالية وغمره الأعمال الثقافية الجادة، وكما نبهت الأراء يظهر ذلك التطرف أو الهوس الديني في حالة عالمية ممتدة في كل البلاد وفي كل الإعتقادات من الإتحاد المسيحي في أمريكا، والأحزاب الصهيونية الدينية والعلمانية في إسرائيل، وليس نهاية بالأحزاب المسيحية والوطنية وتياراتها النافذة في الأحزاب (الإشتراكية) الديمقراطية في أوربا ولا آخراً بالعديد من التنظيمات الإسلامية في الشرق الأوسط والسودان، ولا نهاية بمتطرفي الفالكونغ في الصين أوالحقيقة الكاملة في اليابان أو بجيش الرب.

ورغم إن كثير من هذه التيارات كغيرها من التيارات السياسية فيها (إن) إستخباراتية فلهذه التيارات أيضاً وجود في هذه أو تلك من الإستخبارات، ولكن الناس في معمعة نظم كاملة من الأكاذيب العامة والعالمية منصرفون عن هذا الشان وقد شغفوا بالصدق في محاربة الأعداء وولهوا به مثلما أحبوا في القديم وقت الهزائم العسكرية والسياسية الساحقة الأحزاب الشيوعية وبذلوا لأجلها النفس والنفيس قبل أن تتحول عن الصدق الثوري في مواجهة أعدائها بتكاليفه الباهظة وتضحياته الجسام وتنحرف إلى خانة السياسة البرجماتية والإصلاحية التي يرى الناس في حلبتها من هو أخبر بأكاذيبها وأنفع لمصالحهم من مستجدي المداورة.

وجهة فوز التطرف بثقة الناس الإنتخابية من إيران إلى الجزائر إلى تركيا مصر والأردن وفلسطين ولبنان وأندونيسيا نجد إن مفاهيم الوسطية تضم بطبيعتها تطرفات مختلفة يسارية ويمينة، إيمانية وعقلانية في آن واحد ولكنها بذلك تفتقد الصدقية، وثقة الجماهير، مما يظهر تنافر الفقرة 6 في تحليل غربة التطرف بكشفها غربة العقلانية. وكذا يفتقد الإتجاه الموجب للتحليل النفسي لظاهرة التطرف في الدين أو غيره عنصراً مهماً هو تحليل عنصر "التساهل" أو"المهادنة" وما تحمله من عناصر الهزيمة والإنسحاق، أو التربص والغيلة والغدر. وكذلك تحليل "قرع الخصوم وتوبيخهم" وما فيه من دالات نفسية خطيرة مثل "الإحتقار" و"الإهانة" التي لها أصولها في نفسية كل مجتمع. وفي هذا الشأن إهتم جانب من الأراء بشكل عقلاني بما تثيره أو أثارته تصرفات عدم الإحترام من ضغائن وعداوات عرقلت عمل الحزب.


إن الحديث عن وسطية الدين أو التدين أو عن ثنائية الإستنارة والتطرف لا يتيح مجالاً علمياً أو لحرية النقاش لمواجهة الفروق الموضوعية بين الفهوم الدينية للحياة والفهوم العلمية للحياة والطبيعة الموضوعية العلمية-الإجتماعية لفهم أزماتها وحلها والخير العميم في ذلك، مما يشير إلى المهمة الجسيمة التي تواجه الناس أجمعين ملحدين كانوا أم مؤمنين في تحويل الإيمان الديني بأشكاله أو اللا إيمان بأشكاله في السودان والعالم إلى مهام ونضالات للعدالة الإجتماعية السياسية منها والطبقية وإزاحة النظم التي تنتج الطواغيت وكسر عملية الإستعمار العالمي الحديث في أضعف حلقاتها.

إن تحريم الإلحاد في الحزب والحياة السياسية للشيوعيين السودانيين على بساطتها وثراء قناعاتها وعمق تضحياتها فيه تعارض مع حرية العقيدة وحقوق الإنسان وكرامة عقله وفهمه لطبيعة الحياة إما بوجود إله أو مصدرمحرك لحروبها وأمراضها وكوارثها ورؤوس أموالها أو وجود فرقة أو جماعة أو مجتمع يمكنهم بالعقلانية والرشد الإقتصادي الإجتماعي السياسي والجوانب العقلانية والتقدمية في ثقافة المنفعة الوصول إلى تحديد المشكلات الأساسية التي تواجههم وإلى فهم لطبيعة الحلول المناسبة لعلاجها، وإلى تلبية الحاجات المادية والثقافية لحرية الإنسان وكرامته، دون أن يكون مؤمناً بالألهية أو بالديانات أو حتى بنظرية معينة للوجود مثل كثير من العلماء المحترمين.

إن الربط العفوي بين الإلحاد وسوء السلوك والتحلل الإجتماعي خطأ شائع مثل الربط بين الشيوعية والإلحاد يفسد تناسق أراء الفقرة عن إحترام التدين ومغزاها العام العميق عن إحترام حرية العقيدة، فالإلحاد لا يعني رفض حرية التدين، أو حرية الإعتقاد، أو محاربة القيم الأحدية أو الجمعية في السلوكيات الإجتماعية، وكثير منها زيف وقشور، وهو كذلك لايعني محاربة النظام الإجتماعي أو أصوله أو أشكاله، بل هو جزء أصيل من الفهوم المختلفة للحياة والطبيعة ليس على أي إنسان ولو كان رئيس طائفة دينية أو رئيس دولة أو رئيس حزب أو مواطن أو لاجئي سوى إحترام صاحبه وتقدير خيارات الشخص الملحد بصورة موضوعية دون تمييز عنصري بين المهندس المؤمن والمهندس الملحد، فإن لم نحترم حرية الإيمان وحرية عدم الإيمان فكيف نطالب الأغلبية بإحترام حقوق الأقلية في أي مجال آخر؟

في كثير من التنظيمات تتحد الأفكار الدينية السياسية، بحيث تبقى مهمة فرزهم والصياح بنقاء الدين تمثل عبثية سياسية، كذلك في الجانب الآخر للمسألة تبقى عملية دغم الإلحاد وربطه بإنهيار القيم السلوكية في المجتمع أو الإنحلال الإجتماعي، فقد كانت الدولة علمانية بمعنى ملحدة في إصطلاحات الإتحاد السوفييتي(سابقاً) ولم تزل، كما في أمريكا وفرنسا، وكانت الناس في درجة عالية من الإحترام سوى ظاهرة الكحول وهي ظاهرة شعبية قديمة، لكن التحلل الإجتماعي نبت بقوة بعد حل الإتحاد السوفييتي والتخلص من عناصر التماسك والتعاضد الإجتماعي، ووقت كان الإتحاد السوفييتي في إلحاده كانت الجوامع والكنائس والسيناغوغات مليئة يلتمس فيها أهل الإيمان التقوى من الزيف الذي كسى الإشتراكية العلمية وتغلغل فيها بعد المؤتمر العشرين سنة 1956 وإنقلاب طرد البلاشفة سنة 1957، والآن في عهد حرية السوق والثراء السريع إنفرط التماسك الإجتماعي وخلت بعض الكنائس والجوامع من الرواد والمؤمنين بينما إزدحم بعضها الآخر بـ"المتطرفين"، وأضحت المدن السوفييتية المهيبة ككل المدن الرأسمالية ملئية بالإعلانات الفجة وديانة المتعة والملاهي الليلية والدعارة، والمخدرات، كذلك في السودان زادت هذه الظواهر مع زيادة النشاط التجاري وتطوير الدورة الرأسمالية للتناقضات الثقافية والإجتماعية مع وبإمتلاك أقلية لموارد ووسائل معيشة الناس وفرضها (الديني) للجبروت والعنف اللفظي والمعنوي والمادي على حياة الناس رجالاً ونساءاً حتى أضحى ديدن كثير من الناس المؤمنين والملحدين البحث عن السلوان وعن الحنان وعن المتعة وإستخلاصها بمزآج أغرم بإنجاز لذة المغامرات الصغرى وإخراجها من تلافيف أو من عيون مشروع الإيمان الحضاري وتفتيحها سمندليات وجلنارات في "المطارات" وفي جلسات السمر أوالتحليق، في سلوى أو غذاء فقير للإيمان بالروح السليبة.

إن الإلحاد أو الإيمان ليس صنواً بتماسك أو بتحلل الأخلاق: فأكثر خلفاء الدولة الإسلامية هم كما تعلمون، وكذلك كثير من الباباوات ورجال الدين وأباطرة المسيحية، وقادة بعض الأحزاب الدينية في إسرائيل وهي دولة دينية يهودية وإن رفضها بعض "المتطرفين" اليهود (طائفة الناطوري كارتا التي كان لها ممثل في منظمة التحرير الفلسطينية آيام المرحوم المتطرف سابقاً ياسر عرفات) كذلك كثير من ملوك وأمراء وقادة العالم الإسلامي كلهم لهم أخطائهم العامة والخاصة التي لا علاقة لها بالإيمان أو عدمه إلا إلتباساً، أما ما تسميه الأراء "التحلل الأخلاقي" –فلمصلحة تنسيق هذه الأراء- لابد من التذكير بكونه حالة عامة لفقدان القيم والنظريات الموجهة ناتجة من الإغتصاب الإقتصادي الإجتماعي السياسي والثقافي الذي تمارسه القوى الحاكمة ضد القوى والطبقات المحكومة: إذ تحصرها في زاوية، وتجردها بقوة من قيم عملها ومن قيم وجدانها، وتغتصبها، ثم تأخذ في تكرار هذه العمل الوحشي بشكل مستمر يومياً يحسه الناس ولكن أكثرهم عنه معرضون، لما طالهم أو قد يطولهم منه، وحل هذا التحلل الإخلاقي يكمن في القضاء على مصدره الرئيس وهو نظام التملك الخاص للموارد والمنافع العامة، وهو حل يتسنى فقط بالثورة الشاملة على نظم الإغتصاب هذه لا توقيرها ومهادنتها، وبما في تلك الثورة من نقد المفاهيم الدينية التي تغبش الوعي الموضوعي أو الوعي ثوري بحقيقة المآسآة الإجتماعية.

إن القلق على إحترام التدين أو القلق على النفس من عدم إحترام التدين، والضجر من تفلت السلوك الجنسي والتجاري وإنحدار الإحترام في التعاملات الأسرية في المدن وإنفكاكها من قيود هيئات المجتمع والدولة ونظمها، يجافي السكوت المريب عن الظلم والإستغلال اليومي للناس في مجالات المعيشة وعن الفظائع التي ترتكبها القوى الحكومية وأوليائها بما يطرح مسألة أخلاقية الحديث الكثير عن الأخلاق بهذا الشكل المتنافر وغياب أو تغييب المعيار الموضوعي لرصد وتحليل وفهم الظواهر والتعاملات الإجتماعية في تماسكها أو في تحللها وتوضيح مواطن الخلل وأشكال معالجته الجذرية، وهو معيار كانت تتيحه كثير من الدراسات الإجتماعية الماركسية والماركسية اللينينية ومتوالياتها، ولكن....

جهة التعامل مع الكليات النظرية والمعان الدائرة كانت العرب تفضل لأبناءها قبل تحفيظ القرآن أن يمتلكوا بالشعر وحكمة البادية سعة فهم يدركوا بها معان القرءآن، كذلك فإن إستيعاب الدين كعامل للثورة ومضاد للقيم الرأسمالية والإقطاعية أو بصورة سلب كعامل مكرس لهذه القيم، يقود إلى ضرورة المعرفة المتناسقة للحياة ومنها معرفة كل وجه من وجوه الدين الأساسية والخبرة بالوجوه التقدمية لتخديمه والوجوه الرجعية، وهو سلاح ذو حدين لابد لحسن إستخدامه في مجتمع متناقض الطبقات والمصالح من التأهل له بعلم تحرير الطبقة العاملة وعموم الكادحين وهو الشيوعية وإدراك طبيعة قضايا المجتمعات وتعلقها بعصب الحياة وإدارة مواردها وتوزيع جهودها ومنافعها بميزان معاملات قاسط لا تبخيس فيه لقيم العمل أو لحقوق العاملين وإدراك طبيعة النضال الثوري لتحرير البشرية من صنوف الإستبداد والقهر والإستغلال والتهميش كأشرف مدرسة أخلاقية على وجه الأرض عرفت في التاريخ وكرستها الديانات القديمة والفلسفة العلمية الحديثة بصورة لا تحدها عنصريات بعض المفاهيم الدينية أو الإجتماعية والسياسية ضد الأديان الأخرى أو ضد النساء أو ضد الثورة لأجل الحقوق العامة، نأهيك عن حقوق العبيد في الثورة على أسيادهم ونيل الحرية منهم بالثورة ، كما لاتحدها بالطبع أو المفاهيم العقلانية أو المستنيرة حيث كانت مدرسة النضال الثوري أفضل مولدة ومربية لها.

إن الإستيعاب المفيد لأوليات ومقتضيات التدين ومعاملاته وتحريرها من ربقة الفهوم التجارية الرأسمالية أو الإستهلاكية والفهوم السياسية المرتبطة بها تتطلب ماركسيين لينيين قادرين على ربط الدين بقضية حرية الطبقة العاملة وعموم الكادحين-وهم عصب حياة المجتمع- من الربا الطبقي، وتحرير الناس من مؤسسات ومكونات الإستكبارالمحلي والإستكبار العالمي.

7- المسألة القومية :
أشار المساهمون إلى ((عمق جذورها الإقتصادية الإجتماعية الثقافية-الدينية وإن حلها الشامل متصل بتحديد الهوية القومية والثقافية لسكان السودان)) وفُصل ذلك بـبرنامج لحلها إحتوى نقاط كبرى هي: 1- الإقرار بالتعددية الإثنية والثقافية والدينية، 2- فصل الدين عن السياسة والإلتزام بحقوق المواطنة، 3- دستور ديمقراطي يتضمن حق تقرير المصير والحكم اللامركزي أو الحكم الذاتي الإقليمي 4- التنمية المتوازنة واضعين في الإعتبار المناطق المهمشة واضعين في الإعتبار ما سمي في الملخص بين قوسين (مناطق الأقليات)، نهضة ثقافية تبدأ بمحو الأمية ونشر التعليم في المناطق المظلومة وإدخال موروثاتها وثقافاتها في دائرة الضوء.)) وفي الملخص الأول ((..مع طلائع القوميات المهمشة في بناء السودان الواحد على أسس الديمقراطية والعدالة الإجتماعية وحقوق الإنسان))

ملاحظات حول تناسق عناصر أجزاء المسألة القومية في الفقرة رقم(7):
 الإقرار بالتعددية الإثنية والثقافية والدينية يفتقد الإقرار بعنصر التعدد الطبقي الذي يلزم ذكره هنا لعلاج جذور الأزمة
فالأحدية والسيادة الإثنية والثقافية والدينية لم تتكون في السودان أولاً بشكل عنصري بل بشكل طبقي.
أما إن الحل الشامل للمسألة القومية متصل بـ((تحديد الهوية القومية والثقافية لسكان السودان)) فهو دورة كلام حول نفسه من شاكلة حل الأزمة الطبقية بمعالجة القضايا الطبقية! أو حل الأزمة في التعليم بمعالجة قضايا التعليم! وحتى البرنامج الموضح أعلاه لا يحل أي الأزمة القومية، لأنه لا يعالج الأزمة من جذورها التاريخية الطبقية بل من ظواهرها الحديثة في الدستور والتنمية وطبيعة الحكم، وهو إتجاه مفيد وعملي في الحد من تفاقم الأزمة، مثل الحل القديم لقضية الجنوب بحكم ذاتي إقليمي سوى ان البرجوازية الصغيرة والكبيرة أكلته قطعة قطعة تلبية لمصالحها الطبيعية.

في ذلك من المهم إستعراض بعض الأوضاع العالمية البارزة في موضوع تكون الدولة القومية أو المتعددة القوميات والعطب الكامن فيها والظروف الإصطناعية لحياتها ومهم تقديم أمثلة مهمة لهذا الموضوع الذي وردت وستظل الآراء ترد بشأنه والأمثلة من بريطانيا وأمريكا وفرنسا والإتحاد السوفييتي وجنوب افريقيا ونيجيريا والسودان:

تكونت نظم الحكم المحلي الحديثة ببروز نشاط الحرف والمطالبة بالحقوق ضد الإقطاعيين، وأخذ أشكالاً متنوعة منها:
تبلور الحالة القومية في بريطانيا الذي بدأ مع إستعمار (الإنجليز) القادمين من شمال ألمانيا وجنوب الدنمارك وفرنسا لـ(إنجلترا) ثم شمل إستعمارهم ويلز وأسكوتلاند وآيرلندا وجزء كبير من العالم مكونين ثروة لا علاقة لها بالنظام (الديمقراطي) الذي ظهر منتصف القرن 19 بل بل ثروة بريطانيا من تجارة العبيد وما وفرته من إمكانات للإستعمار والصناعة والإستعمار الحديث مما وسع قدرة المركز فيها خلال القرنين الأخيرين على نقد المجالس المحلية أموالاً لإدارتها وظل بناء المستشفيات والمدارس والمساكن العامة مرهوناً بما يحدده المركز، عدا بعض الدوائر الخاصة، ومع ذلك تقدمت الحركات القومية بمطالب الإستقلال من إيرلاند إلى أسكوتلاند مروراً بويلز كاشفة إطفاء ثقافاتها والنهب الذي تعرضت له مواردها.

الثورة الأمريكية إنتهت إلى مجموعة الدول المتحدة الـ13 الواقعة في الساحل الشمالي الشرقي وهي ذات حكم مركزي ، وإلى إتحاد أو كونفدرالية لدول الغرب والجنوب المستقلة كل منها بشؤونها، وتم توحيدهما بضم الدول الكنفدرالية إلى الدول المتحدة بالقوة الحربية في خمسينيات القرن التاسع عشر بأوضاع قلقة لأول القرن العشرين لا تحريراً للعبيد من سخرة دول الجنوب الكاثوليكي الآيرلاندي اللاتيني للعمل في مصانع الشمال الإنجليزي-الهولاندي الألماني البروتستانتي بل لأن إنتاج الجنوب الرخيص بهذه العبودية كان مصدر ضعف لبرجوازية الشمال وحتى لبريطانيا إضافة لميل تحالف نيويورك وقوى السيتي والمال في لندن إلى كسب مناجم الثروات وحقول النفط في داخل المكسيك وبكل إنتهى أمر اللامركزية والحكم الذاتي في أمريكا إلى سيطرة رأسمالية زوج مركزها سيتي نيويورك وسيتي لندن، ومداها العالم كله.

في فرنسا في بواكير وبدايات الثورة من 1785-1792 تبلورت اللامركزية الإدارية في كل منطقة وبمحتوى طبقي عمالي-برجوازي متقدم ولكنها إنتهت لإنقلاب البرجوازية الكبيرة عليها عبر نظام مجلس القناصل وتصعيدها نابليون من خلاله لنشر الليبرالية والحريات العامة بالقوة في عدد كبير من الدول الأوربية -بدعم إنجليزي- وبهذه السياسة العسكرية للرأسمالية التي كرستها المصالح المالية للرشالدة في فرنسا وإنجلترا إنطفأت شعارات الحرية والتعاضد والإخاء والمساواة وإنتهى الحكم اللامركزي لفرنسا إلى مركزية شديدة وأضحت ككل أوربا الإستعمارية تعيش أقاليمها وتدعم المزاعين والعمال والإداريين فيها بخيرات الإستعمار القديم والحديث دعماً شكله سلفيات والديون السهلة.

أما إتحاد السوفييت فبعد قيام الثورة الشيوعية بإشاعة الأرض لزارعيها والمصانع لعمالها ومنح كل السلطة للمجالس الشعبية (السوفييت) والتوسع في الإعتراف للمناطق بالحكم الذاتي والجمهوريات ذات الإستقلال الإتحادي إلخ ، أكلت الصراعات القومية الثقافية رأس الإتحاد بتطورات الصراعات الغليظة والدقيقة بين طلائع قواه الثلاث الكبرى التي أسست الثورة وهي قوة الروس الفلاحين والعمال والطبقة وسطى، وقوة الكادحين في مناطق قوميات وقبائل المسلمين، وقوة اليهود الذين كان لهم قبل الثورة وجود كبير بين العمال الحرفيين والعلماء والطبقة الوسطى والكولاك أغنياء الزراعة ومرابينها. فبعد إنحصار القرار السياسي بفعل التناقضات الداخلية والخارجية والحروب في قمة الحزب وإجتماعاته وغرفه المغلقة، تفاقم ذلك الصراع القومي الثقافي بشكل سياسي منذ أيام نزاع الإشتراكيين والشعبيين ثم نزاع الإشتراكيين الديمقراط (تروتسكي) والثوريين البلاشفة (لينين) وبعد فوز البلاشفة وركوب الإشتراكين معهم سفينة السلطة نشأ نزاع الإشتراكيين الديمقراط المناشفة المدينيين مع القائد البلشفي (الفظ) ستالين وقواه الريفية، وإنتهى الصراع بينهما بوفاة ستالين وإستيلاء المناشفة على أمور الحزب والإتحاد وإعادتهم علاقات النقود-السلع التي زادت فوارق السلطة والمعيشة وفككت الأيديولوجيا والحزب والإتحاد.

أما في جنوب أفريقيا فقد مر تكون "إتحاد" جنوب أفريقيا بمراحل بدأت بالإستعمار البرتغالي فالهولاندي فالإنجليزي بتحول دفة يهود الإندلس من البرتغال إلى هولاندة إلى إنجلترا عبر فترة مرت فيها هولاندة نفسها بتطورات سياسية ، وإنتهى الأمر بعد حربين إلى تقاسم الهولانديين القدماء والمحدثين سلطات البلاد مع الإستعمار الإنجليزي الحديث، وبوضع خاص لبعض المناطق الثرية بالمناجم. ورغم الإستقلال عن بريطانيا في الخمسينيات فشلت ترتيب ماسمي بإسم "المناطق الخاصة" أو الباتستونات و"التنمية المستقلة" في ضمان حكم المجموعة العنصرية الفاشية والتغلب على نضال الأغلبية التي منعت عن الحقوق الديمقراطية لأسباب واهية "الجنسية" "الوضع الإداري" لشكل أو منطقة الحكم أو "الإقامة"، وفي سنة 1994 جاء إلى الحكم المؤتمر الوطني الأفريقي مكوناً من النقابات والحزب الشيوعي والمنظمات والقوى الإجتماعية والمدنية، لفوزه بالإنتخابات الحرة بعد تسوية دولية ضمنت حرية البيزنس وأملاكه مقابل ضمان مكاتب الحكم والوظائف العامة لغالبية السكان، فلم يتغير الوضع بعمق، والإضرابات والمظاهرات متصلة .

في الولايات المتحدة النيجيرية كرس الإستعمار الإنجليزي الوضع القديم للممالك وإعتنى قليلاً بأصدقائه، وكانت نتيجة التطور المتفاوت هي حرب بيافرا بعد الإستقلال، ورغم الولايات والحكم الذاتي والشعبي إلخ فمازال الحكم المركزي هو الذي يحدد إتفاقات النفط والتوزيع الأساسي لعائداته. وكذا حال السودان أكلت مركزية السوق والسلطة لامركزيته.

المسألة إذن ليست في إقرار هيكلة أو حقوق، مع أهمية ذلك، بل المحاور الرئيسة للحركة القومية تتحرك وفق ثقل "علاقات السلع – النقود" وتتوازن بحسن توزيعها ولذلك يلعب التقسيم العادل للموارد دوراً مهماً في تكريس إمكانات حل قومي، ولكن أيمكن لحكومة مركزية غير قومية كحكومات السودان المألوفة أن تكرس هذا الحل أو أن تستمر فيه؟؟



8- القضايا الإجتماعية:
تناولت الفقرة عدد من القضايا الإجتماعية المختلفة الأبعاد وهي قضايا ((المرأة ، التعاون، الرياضة، الشباب، منظمات المجتمع المدني، النزوح والهجرة ))

الملاحظات حول تناسق الفقرة رقم (8) المتعلقـة بالقضايـا الإجتماعيـة:
1- حول قضية المرأة وأبعادها:
((إقرار بما ورد في المبادئي الموجهة والتنبيه إلى أهمية دراسة الواقع وإلى إن القضية لا تحل إقتصادياً فقط ولا تحل تلقاء ذاتها [بل عبر] التمسك بالحقوق التي كسبتها ومحاربة إرجاعها للبيت، نهضة المرأة لا تتم بمعزل عن المجتمع وتتحقق بسلطة ديمقراطية، تحتاج لخبرات تنقل عبر مكاتب تضم الخبرة والجيل الحالي، برنامج لإستقطاب النساء))
 الملاحظة:
يلاحظ إفتقاد النظرية الموجهة والدراسة المطلوبة لصحة المناقشة رغم وجود كثير من الدراسات والإسهامات، إضافة إلى وضع قضية المرأة بمعزل عن القضايا الأخرى في التعليم والإقتصاد والسياسة أو بتناول طفيف لها كما لايوجد حديث عن تكريم رائدات العمل النسائي والإتحاد النسائي في الأرياف والمدن والقطاعات المختلفة.

2- حول قضية التعاون:
((نقد لإهماله في المبادئي الموجهة، وأهمية دراسته وفحصه، وتوضيح كينونته الإقتصادية الإجتماعية ودوره الفاعل كأحد المكونات الصيلة للمجتمع المدني.))
 الملاحظة:
الوضع العائم للتعاون في هذا البند العمومي جداً، عدم التعامل بجدية مع الدراسات الكثيرة عنه والرسائل الجامعية والخبرات الحية التي رسخته، إضافة لأهمية الإفادة من من الدراسات والخبرات الكبرى في العالم بشأنه مثل خبرات الإنتاج الهولاندي والألماني والبريطاني والسويسري والسويدي والنمساوي والصيني والكوري إضافة للخبرة السوفيتية بعهديها في عهد ما قبل العلاقات السلعية النقدية1930- 1955وفي عهد علاقات السلع والنقود من 1956-1991.

3- الشباب:
60 % من السكان والحاجة للهم بهم، وإستنفار القاعدة الشبابية وتبصيرها بنضال الحزب
 الملاحظة:
ضآءلة الفقرة عن الهم بمشكلات 60% من السكان بتجاهل قضايا النظرية الثورية والتمرد الإجتماعي المنظوم، وقضايا الثقافة المهيمنة وقضايا التركيبة والتحولات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية، وأزمات التطور الجماهيري وقضايا التاريخ والوجود القومي والفردي وطبيعة الحقوق والحريات والنظم العامة التي يحتاجها الشباب ووالأنشطة المفيدة لهم ولمصالحهم والعلاقات التعليمية والإنتاجية التي يحتاجونها لدفع كل هذه المسائل إضافة لمشكلات الإغتراب والإستلاب ومشكلات العلاقات بين الجنسين ومشكلات الأسر الجديدة إلخ كلها مفقودة وكان يمكن أن تعطي لهذا الفقرة قيمة أكثر .










4- منظمات المجتمع المدني:
منظمات المجتمع المدني والشباب والنساء والهم بقيام أشكالها الحرفية والمهنية برؤية واضحة لكيفية إدارة هذا القطاع، والحفظ على اهليته وديمقراطيته
 الملاحظة:
فقر الفقرة رغم كثرة الإسهامات في هذا المجال، وعدم ربطها بين النظام الإقتصادي وعلاقاته وحيوية هذا القطاع أو تقوقعه وتكلسه ومواته، ومدى تشكيله لعلامة عافية في المجتمع أو علامة مرض، كما لم تهتم الفقرة بأي رؤية لمعالجة الأزمة الفكرية والسياسية لنشاط المجتمع المدني بشكل ديني أو للنشاط الديني في شكل مجتمع مدني، وفي كلٍ لا توجد إشارة للدور السياسي للدولة جهته أو منه جهتها، أو لطبيعة علاقته بالقطاعات الإنتاجية العامة أو الخاصة أوالتعاونية، أو لطبيعة علاقاته المحلية أو الدولية وتقويم الإفادة بها أو حتى الضرر منها، ومدى تشكيله في المجتمع لفرع عمل خاص بأجوره وإمتيازاته وعلاقة ذلك بقوانين العمل، وقوانين تنظيم الجمعيات ومدى توفيرها الدعم والحريات المناسبة له أو مدى وقايتها له من الأضرار المتحققة على أهليته وديمقراطيته وماهي الخبرات الدولية الأنسب في كل مجال للتعامل معها؟ الأمم المتحدة والمنظمات ملحقة بهيئاتها؟ منظمات الإتحاد الأفريقي أوالإتحاد الأوربي، أو الصين ؟ ؟؟

5- مشاكل النزوح والهجرة:
((تنظيم الهجرة والدخول للبلاد بصورة محكمة، والنظر في عودة النازحين من البلاد المجاورة إلى دولهم))
 الملاحظة:
لا حديث عن السياسة الخارجية للدولة وتأثيرها في عمليات الحروب والسلام في الدول المجاورة وما ينتج منها من لجوء إلى السودان أو عودة من اللجوء ولا حديث عن حقوق اللاجئين في السودان أوعن أجهزة تختص بالعناية بهم ولا حديث عن اللجوء من السودان إلى دول أخرى وقوانين وأعراف التعامل الدولي في هذا الصدد، ولا حديث عن قيمة العمل المنتج الذي يقدمونه ولا عن الفقر في إستثمار طاقاتهم وطاقات السكان بصورة عادلة، ولا عن قوانين العمل المعطلة فعلياً ولا عن المستوى العالي للهجرة من السودان لرداءة علاقاته الإنتاجية والسياسية، ولا حديث عن التضامن مع قضايا اللاجئين الأساسية والمعيشية في فقرة تذكر بالكشات العنصرية في الدول الأفريقية والعربية، وهي لاتصلح بهذه الصورة إلا أن تكون ضمن برنامج حزب فاشي عنصري، في قديم السودان أتى أبناء هاجر النوبية ضيوفاً إلى السودان وإستوطنوه الآن أضحوا يطردون الناس منه!














9- العلاقات الخارجية:
(( على أساس مصلحة الوطن، والحزب يتخذ فيها قراره بحرية، توضيح الرأي بحياد تام جهة الأحزاب والشعوب التي يجمعنا بها تضامن وتوجه فكري واحد، تقييم ونقد التجارب السابقة، مواصلة تقاليد التضامن إنهيار المعسكر الإشتراكي لا يعني إنهيار العلاقة مع الشعوب ))
الملاحظة على الفقرة رقم (9) حول العلاقات الخارجية:
لا بد أولاً من تحديد طبيعة الوطن، وطبيعة الحزب، وطبيعة العلاقة الخارجية المعنية، فدون ذلك قد يستوي نظام الجبهة والدولة في السودان وقد يتمايزان بسهولة أو بصعوبة جهة هذه القضية أو تلك، ولكن هل من مطالبة بنظام عالمي جديد؟ أو بنظام إقتصادي دولي؟ أو بنظام إعلامي جديد؟
ما الموقف من (تعديلات) نظام هيئة الأمم المتحدة؟ أو مناقشة للطبيعة المحبوسة للجنة حقوق الإنسان في جنيف؟
وأسئلة أخرى هامة في مجال العلاقات الدولية مثل:
 ما هي طبيعة التعامل مع عقود شركات النفط أو المشتروات العسكرية هل هي الشفافية أو السرية؟
 ماهي طبيعة قبول وتوجيه بعض الإستثمارت الكبرى ؟
 كيف نواجه منافسة تجارية ضارة بالسلع السودانية هل نخوض حروباً تجارية مع دول شقيقة وصديقة ؟؟

ملاحظات حول النظرة الحزبية الأفضل لعلاقات الدولة الخارجية:
 موقفنا من النشاط الأمريكي المسمى"الحرب ضد الإرهاب" ؟
 الموقف من عضوية السودان وكل الدول العربية الميتة في الجامعة العربية، وكيف يمكن جعلها عضوية فاعلة ؟
 حيثيات نقد الحزب لمواقفه القديمة من الصين؟
 الموقف من القضية العامة التي تواجه الطبقة العاملة في العالم الإستغلال والتغريب والإستلاب؟
 موقف الحزب من القضية الدولية لتعويض أفريقيا عن تجارة الرقيق؟ أثر ذلك فيه داخل السودان؟
 أهمية طرح و(تسويق) مشروع إستراتيجي للعلاقات الخارجية كمشروع "السودان الكبير" مع إرتريا وإثيوبيا وتشاد والنيجر ونيجيريا وغانا وحتى مصر وليبيا؟

رغم ورود بعض إجابات لهذه الأسئلة في فقرة العلاقات الخارجية إلا إنه لا يعفي هذه الفقرة من التنافر بين طبيعة عنوانها الضخم وفقر محتواها فالعلاقات الخارجية ليست عبارة مبتورة من نوع (وفق مصلحة الوطن) فلابد ان يسبقها تحديد للفروق الموضوعية بين ماهية الدولة؟ وماهية الوطن؟ مما تكمن إجابته في توضيح طبيعة النظام الإجتماعي الضروري لشعور المواطن بأن الدولة المحيطة به هي وطنه فرأس المال لا وطن له والفقير كذلك يفتقد المواطنة، والعلاقة الخارجية الصحية والفعالة لمصلحة عموم المواطنين لا تأتي من سياسة داخلية هوجاء أو غلواء غير متوازنة.










10- العولمة:
(( النظام العالمي الجديد واقع مفروض ونحن لسنا ضده ولكن مع مراعاة حقوق الإنسان والسلام وسيادة القانون والديمقراطية وعدم الإستغلال وحماية المستضعفين، لبنة علمية، التعاون الإقليمي، دعم التعاون مع جنوب أفريقيا، التعاون الإقليمي، مجابهة الديون، قضايا الإنتاج والطبقة العاملة المحلية والعالمية، حماية الإنتاج الوطني وسبل نفعه، مواجهة التسلح والتلوث والأمراض، رفض التدخلات السياسية وفرض الإستثمارات نواجهه حسب الحاجة والأولوية))

الملاحظات على تناسق أجزاء الفقرة عدد (10) عن العولمة:
1- أهمية التفريق بين العولمة والنظام الرأسمالي العالمي الجديد
2- التفريق بين المراحل المختلفة للعولمة على الأقل بمعيار الإستعمار القديم والإستعمار الحديث وفيه بين مرحلة بداية وفرض الديون الدولية وبين مرحلة دفع هذه الديون وردها مضاعفة ومرحلة الخصخصة وفق برنامج برادلي ومتوالياته، ومرحلة "الحرب على الإرهاب" الإرهابية الدولية.
3- التفريق بين موضوعات العلاقات الخارجية وموضوع العولمة كأحد الحيثيات السياسية للعلاقات الخارجية،
4- الإهتمام بالصين والتطورات الوطنية الديمقراطية في دول أمريكا الجنوبية، وتوسيع الصلات مع الهند وروسيا،

11- الإشتراكية:
((الإشتراكية كعلم غير محدود بكلمة نهائية، وهي باقية برغم إنهيار معسكرها، ببقاء إسهامات ماركس، ووجود الرأسمالية كتشكيلة إقتصادية إجتماعية لها مآسيها ،الحاجة لقيادة طبقية جديدة تعبر عن مصالح العمال والكادحين، بعد فشل القيادات الرأسمالية المدنية والعسكرية في قيادة النهضة الوطنية والديمقراطية، وهي أفق نضال للنهضة الوطنية الديمقراطية، وضرورة التخلص من المفاهيم الساذجة لها، وهي حصيلة نشاط ونضال يومي للإرتقاء بالإنسان، وهي تنمو تحت ظلال الديمقراطية الوارفة، مكافأة الإنسان حسب عمله، وتملك الشعب لوسائل الإنتاج الأساسية، وعدم حبس الثروة [العامة] في يد طبقات معينة نعيد النظر في سلبيات نقدنا تجارب الثورات العربية والأفريقية ونتمسك بما هو صحيح، بفشل التجارب السابقة ينداح أفق بلا ضفاف لإسهام وإبداع كافة المدارس الإشتراكية، الدور القيادي بالنضال اليومي، تراعي خصائص البلاد: السلطة للجماهير وملكية وسائل الإنتاج، التضامن مع الشعوب، الدور القيادي للحزب الماركسي، خصائص الثورة في السودان تنبعث من ثلاثة: الخصائص التاريخية لشعب السودان، خصائص مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية، ومدى نجاحها في تطبيق المنهج العلمي))

ملاحظات حول تناسق أجزاء الفقرة ذات العدد (11) عن الإشتراكية:
1- الوجود الغريب لفقرة عامة عن "الإشتراكية" دون توضيح لطبيعة هذا الوجود هل هو قطع بنتيجة معينة في النقاش العام؟ أو أمنية لبعض تياراته؟ لماذا لم يتم تعريف "الليبرالية" مثلاً أو "الإسلام" وإن كان في البرنامج مقدمات نظرية فالأفضل أن تكون متسلسلة منطقياً ضمن إطار فلسفي وتاريخي متماسك، يبين طبيعة نشؤها وتميزها عن غيرها من التيارات العدوة والشبيهة.

2- الركون إلى مسألة وجود الرأسمالية ومآسيها لإثبات صلاحية التفكير الإشتراكي العلمي، يجافي تمسك كثير من الأراء الواردة بمعيار التجربة الحياتية لإثبات صحة وقابلية فكرة ما للوجود في البرنامج رغم فشل الديمقراطية أو الرأسمالية ثلاثة مرات في السودان! دعك عن مرات فشلهما في بقية دول العالم الثالث. إن العلوم والنظريات الإجتماعية لا تسقط بتجربة أو بعشرة لا إذا تكررت نفس ظروفها إلى درجة التطابق وهو المستحيل نفسه في الحياة الإجتماعية.



3- الفرق بين إصطلاح ومفهوم "النهضة" وإصطلاح ومفهوم "الثورة" فرق كبير فالنهضة ترتبط بالإصلاح بالإعتماد على ما هو موجود ومتاح في هذا الجانب أو ذاك غض النظر عن إستمرارية هذا الإنجاز مثال له بناء مدرسة في الريف دون كتب أو معلمين أو موارد أو أدوات، أما الثورة فترتبط بالتغيير الجذري لمركز السلطة العامة في المجتمع بالقوة الجماهيرية بتمرد منظوم مسلح نظرياً وعملياً لإحداث تغييرات شاملة متقدمة في طبيعة الحياة الإنتاجية وعلاقات توزيع مواردها وجهودها ومنافعها، والنظام الثقافي والسياسي الحاكم لهم، بعد ذلك كما في الثورة الإشتراكية تبني المدارس والجامعات ضمن خطة شاملة تحددها تشكيلات إجتماعية وحسابية شتى تراعي كثير من الحاجات والقدرات والظروف المحلية والدولية إلخ وحشو الفقرة بهذين الإصطلاحين قد يكون المقصود به سهولة التخلص من الفقرة كلها، وقد يكون ذلك نتيجة تسجيل رأيين حتماً هما في صراع فكري، إن لم يكن الحزب الشيوعي السوداني في حالة زعزعة أو إنقسام.

4- الإشتراكية كعلم أو بالضبط الإشتراكية العلمية لا تعرف الكلمة النهائية ولكن لها معالم بارزة مثل علامات الحساب في الرياضيات، والحروف والقواعد في اللغة، والرموز والمعادلات في الكيمياء، والأدوات المعينة في العمل المعين، فكذا الإشتراكية العلمية لها علامات وأدوات ومظاهر محددة لا تقبل حالة السيبان الحاضرة وهذه العلامات هي:
1- المفاهيم المادية الجدلية والتاريخية للطبيعة والطبيعة الإجتماعية على مستوى الفلسفة السياسية وغيرها،
2- التنظيم الثوري للحزب وفق هذه الفلسفة وتمثلها في أيديولوجيته وبرنامجه وممارساته متصلة بقيم وأحوال تحرير وتقدم الطبقة العاملة وعموم الكادحين
3- الممارسة الثورية في المستوى العام وتشمل:
أ- تحديد المنظمة الحزبية لأهدافها العامة ووسائلها وأهدافها الجزئية
ب- طبيعة تحديد مهامها وأشكال تنفيذها
ج- عملية متابعتها وتقويمها ونقدهالأوجه القصور فيها
أما على المستوى الخاص فالمسألة تخرج عن تعاملات السياسة العادية كجمع أو تفريق لمصالح أو جماعة من الناس بفهلوة أوحذق بل تنتمي إلى جانب آخر فيه الملامح السابقة(1-3) فبجانب النظرية العلمية والبرنامج السياسي والعملي والتخطيط العام وخطوات التنفيذ بحيث يرتبط النضال الفردي والنضال الجماعي وينصهر في فعل جماعي (حزبي) مستمر ومتصل إلى الأبد تؤخذ المسألة فيه كبذل وتضحيات وكنضال فيه صور عملية عميقة للتجرد والتضحية والرهبانية أو الفدائية أرسخها ماثل في (جهاز المتفرغين) الذي يواجه وبقدر متفاوت من النجاح المهام الجسيمة المختلفة بتنظيم دقيق للأولويات والطاقات والقدرات، يقدم فيها كل فرد منه أقصى إمكانيات إبداعه في هذا الشأن وفي ظروف غالباً ماتكون خطرة على الصحة أو الحياة. كما إن المسألة برمتها ليست لكل الجماهير العريضة، مع الأمنية بذلك، بل هي للأصلح لأداء هذه المهام الحزبية أو تلك ومدى همه بها دون سواها من مشاغل الحياة ومباهجها.
4- بعد هذه الأسس والعلامات النظرية والعملية التي تفرق "الإشتراكية العلمية" عن الإشتراكيات الأخرى الموهومة أو الخيالية والإصلاحية والديمقراطية وحتىعن الإشتراكية كعلم وماإليها تأتي العلامات الشكلية التي تعطي الأصوات لغتها وللقماش طبيعة الملبس وللغناء رونقه وطربه وللإنسان روحه.

هنا كينونة الإلتزام بالإشتراكية العلمية والبعد عن الهلامية الفكرية والتذاكي بعبارة (إن الإشتراكية كعلم) فلايمكن بمنطق تاريخي متقدم إرجاع تسمية حزب "شيوعي" إلى مرحلة "إشتراكي ديمقراطي" كأن تسمي الأسد قطاً أو الفرس النبيلة حماراً أو المرسيدس دابة أو تسمي الديمقراطية شورى، لماذا الرفض هنا والقبول بنفس الفعل في جهة الشيوعية؟ لمجاراة من؟ ومصلحة من؟ وعلي أي أساس علمي تغير الأسماء والصفات؟ لماذا لا تجرب إصطلاحات أخرى في مجالات أخرى كالتحول من فكرة السياسة الإقتصادية والإقتصاد السياسي والإنصراف عنها تماماً إلى فكرة حزب البهجة؟ أو حزب الله بما لهم من قبول ثم نفرض المفاهيم الأنسب لإصلاح السودان؟

12- النهج :
((في إعداد البرنامج لا نبدأ من الصفر، وإنما ننطلق من إرث الحزب في برامجه السابقة والنفي الديالكتيكي الذي يبقي على ما هو أفضل في القديم القابل للإستمرار والحياة، والبرامج السابقة هي:
1- برنامج الحركة السودانية للتحرر الوطني 1946
2- برنامج الجبهة المعادية للإستعمار
3- برنامج سبيل السودان لتعزيز الديمقراطية والسلم المجاز من المؤتمر الثالث في فبراير 1956
4- البرنامج المجاز في المؤتمر الرابع للحزب في أكتوبر 1967 وصدر مع اللائحة بعنوان دستور الحزب
5- كتاب عبد الخالق محجوب "حول البرنامج "
6- وثيقة اللجنة المركزية في 1977 و1985 وبرنامج 1986 إضافة إلى برنامج التجمع الوطني الديمقراطي والتقويم الناقد للمبادئي والمفاهيم والمقولات والأراء والإفادة من حصيلة دراسات ومناقشات وأراء ومقترحات الأعضاء))

الملاحظات على التناسق في الفقرة ذات العدد(12) عن النهج:
الفقرة تشير إلى أسلوب عقلاني ومفيد في بداية تنقيح الإرث النظري والعملي للحزب الشيوعي السوداني ولكنها تتنهي في جزءها الأخير إلى صياغات مفتوحة لا ضابط فيها إلا إرادة أصحاب الشأن وهي نفسها فيها قولان: واحد يتحدث عن العلمية ولكنه أقرب لسياسة التجريب ومحاولة الإلتحاق بمنظومة الأحزاب الإشتراكية الديمقراطية بمركزها الأوربي والثاني يتحدث عن مبادئي الإشتراكية ويدافع عنها ولكنه مضيع وسط التنظيم العجيب للنقاشات والجهد المتنوع في النقاشات والمحاضر والتلاخيص.





















ب‌- اللائحة
شملت النقاشات موضوعات عددا تتعلق باللائحة تشمل الصفحات من 34 إلى 104 سنتناولها بتوسع في حلقة قادمة إن سمحت الظروف ولكن نورد هنا مادار فيها حول موضوعاتها العشرة:
1. طبيعة الحزب: حزب ثوري للإشتراكية أو لقدِم هذه الفكرة حزب غير شيوعي لكل الطبقات لكنه وطني ديمقراطي إشتراكي يسترشد بالدين، مع تسآئل عن تعريف الطبقة العاملة [دون تسآئل عن تعريف الطبقة الرأسمالية!؟]
2. طبيعة المركزية الديمقراطية : خاصية النظام وخاصية الحقوق والواجبات فيها وأهميتها.
3. العمل القيادي والإرتقاء به: العمل وسط القوميات، دور المتفرغ وطبيعة أداءه وتوظيفه،
4. تسميات وإصطلاحات الحزب الستالينية واللينينية، وهل نتخلى عن كل ما أساء ستالين تخديمه
5. التعليم والتثقيف والترشيح: التوسع والنظامية فيه
6. المالية: معالجة طبيعة الإشتراكات والتوسع في الإستثمار،
7. التداول الديمقراطي للسلطة أو التداول السلمي
8. الديمقراطية كمفتاح للحل؟؟ والمشاكل في الأحزاب الشيوعية بسبب غياب الديمقراطية،
9. الحاجة لهيئة إستئنافات في الحزب تفصل في القرارات حين التقصير والخلاف،
10. المنظمات الجماهيرية والديمقراطية: الجبهة الوطنية الديمقراطية متعددة الأشكال والمراكز بإستلهام تاريخ تجارب الحزب الإشتراكي وإتحاد القوى الإشتراكية))

الملاحظات حول التناسق في هذه الفقرة (ب) حول اللائحة:
1- طبيعة الحزب لا يحسمها مؤتمر بل المؤتمر نفسه يخرق دستور الحزب بنقاش تعديل هذه الطبيعة وعملياً فالأحزاب الشيوعية قد تكون بقرارات ولكنها في الحياة الإجتماعية كالشمس في الطبيعة: أبدية لاتحل بقرارات أو بغيرها.
2- المركزية موجودة في الطبيعة في كل الهيئات الإدارية أما ديمقراطيتها فتختلف وتتباين ممارستها بين كل قائد وأخر ويكمن الفيصل في تحديد نجاحها أو فشلها في مدى تنفيذ الخطة المحددة عقب كل مؤتمر أو دورة لجنة مركزية وفي النجاح العام للحزب في دفع أفكار وقوى الثورة في المدن أو الأرياف أو الإثنين معاً.
3- العمل القيادي وسط القوميات يتطلب تغيير تكتيكات الحزب بترك الإتكال الكتير على قدوم الديمقراطية ثم نشاطها وتطورها فالديمقراطية كما في ولادتها القديمة والحديثة في أوربا تنجز بالثورة التي لهاتاكيتيكاتها المختلفة عن المناقشة.
4- في الستالينية: ذكر الرأي السلب ضد ستالين دون الأراء الموجبة عن تاريخه النضالي ومنجزاته، ودون إيضاح موقفه الريفي والبلشفي الجميل من قضية الثورة ونصرها ضد أعداءها الداخليين والخارجيين: فإذ تحورت الثورة الإشتراكية في عهدها الأول لعسكرية عنيفة بقيادة المنتقم تروتسكي زهقت الزراعة حتى ظهر الجوع ثم إرتدت الثورة بصدمة ذلك الجوع على أعقابها خطوتين بقيادة لينين في الخطة الإقتصادية الجديدة (النيب) متجهة إلى الرأسمالية في الزراعة لتسريع الإنتاج، فقد كانت مرحلة ستالين نتاجاً جدلياً من المرحلتين إذ إتجهت إلى القضيتين معاً وهما قضيتي البناء والدفاع ونجحت فيهما أبلغ درجات النجاح ولكن مع تصفية تروتسكي والتيارات (الألمانية) مال كل المناشفة وأكثرية الكتاب اليهود ضد ستالين حتى الآن رغم إنه منح اليهود جمهورية مستقلة لتكون وطناً قومياً لهم إن تقديم صور متوازنة لشخصيات قادة الإشتراكية وفهمهم تتطلب في السودان بدلاً عن نقد الحزب القيام بنقد السكرتير العام للحزب.
5- كورس المرشحين يحتاج لتطوير المهارات النظرية والمهارات العملية وطبيعة تنظيم المتفرغين بداية من الكورس
6- الإستثمارات متاحة مع الكنغو وتشاد وأنجولا وجنوب أفريقيا وفنزويلا والصين والهند أما تمويلات أوربا فكلتانة.
7- تداول السلطة يخضع لظرفين موضوعي وذاتي والثورة للتغيير الشامل تختلف بقوتهاعن التداول وهي مطلوبة أكثر
8- مشاكل الأحزاب الشيوعية سببها غياب الخط الثوري فبدونه تنقسم، وطذا بالمناقشة العامة المبهولة أيضاً تنقسم.
9- هيئة الإستئنافات موضوعية جداً لحل كثير من النواقص والسلبيات في التقديرات الذاتية وغيرها.
10- إقتراح الجبهة الوطنية الديمقراطية دون حزب له خطوط إستراتيجية، يحول الحزب ويحولها إلى حالة للإزدواجية والتكرار والتواكل والضياع التنظيمي، والأنفع تمتين الخط الثوري في الحزب قبل أن تأسيسه لأي جبهة أو تجمع.

ج - حول إسم الحزب:
عرض الملخص إحصائية قديمة مجهولة الظروف كان عدد المنصرفين عن موضع تغيير الإسم أكثر حيث كان عددهم 168 نسبتهم61.1 % بينما تطرق فيها للتغيير 107 مآئة وسبعة مثلوا نسبة قدرها 38.9% ولكن ضمن من الذين تناولوا تغيير الإسم كان هناك 91 بنسبة 85.1% رافض لمسألة إسم الحزب الشيوعي بينما ثبت المسألة 16 في ذلك الجمع للأراء بنسبة 14.9 % كانوا ضد تغيير إسم الحزب الشيوعي ونسب أخرى أقل بتنويعات مختلفة منها النسبة الأكبر لحزب إشتراكي ديمقراطي 29 بنسبة 31% و7 لحزب إشتراكي مثلوا 7.7% ونفس العدد والنسبة لمن يرون الإرتباط بالثورة الوطنية الديمقراطية و7.7% من عدد الأصوات في ذلك الجمع المجهولة طبيعته التنظيمية أو اللائحية.

ملاحظات حول الفقرة (ج) من الكتاب الثاني لملخص المناقشة العامة وهي حول إسم الحزب:
 هذا الجمع للأراء لا يمثل إستفتاء بل هو مجرد عينة لايعلم أحد طبيعتها التنظيمية، أو اللائحية، أو ظروف إجراء هذا الجمع للأراء حول هذه المسألة بالذات أو طبيعة إستمرار هذا الجمع أو توقفه. وقراءتها تعطي نتيجيتين متغايرتين واحد منصرفة عن مناقشة موضوع الإسم وأقلية متجهة إليه؟ وحتى الأقلية لم تتفق على بديل (مناسب) لما تريد تغييره مما يضعف موضوعيتها.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------
ملاحظات حول نهج وأسلوب التلخيص
المنهجية الإشتراكية العلمية مفتقدة تظهر ومضات ولمحات كالبداية بالفلسفة والبرنامج والنزول إلى الممارسة واللائحة الضابطة لمجريات حركة أفكار وعناصر وقوى الحزب وصولاً إلى قضية الإسم وهو العلامة السياسية العامة للحزب وعنوانه، ولكن الغياب العام لهذه المنهجية في سياق ترتيب وبسط الأراء فذلك قد يكون لسبب من تغييب نظرية الحزب بدعوى الحياد أو لأسباب أخرى، ولكن من ناحية الأسلوب هناك إسهاب وبسط واضح في عرض الأراء التي تتناول المناقشة العامة لجهة تصفية المعالم الأساسية في الحزب الشيوعي السوداني أيديولوجيته وطبيعته التنظيمه وممارسته، وقلة وقبض في جهة الأراء الملتزمة به تراها نادرة كالذهب في الرمال.


بعض ملامح البنية العامة للملخص وما تتطلبه من مهام لإكمالها:
الملخص هو مجموع عدد من المحاضر والملخصات، بعضها ذي أسلوب واحد وبعضها مختلف، ولكنه بعيد عن طبيعة التلخيص فالملخص لا يكون من 109 صفحات وهو ما عدا بعض الملخصات الداخلية أقرب أن يكون مجموعة محاضر تم تجميعها في ظروف غير معروفة، ولكنها تكشف بعمق طبيعة الحذر والخلاف القائم في الحزب الشيوعي السوداني والحاجة الماسة لحسمه أو لإعادة نقاش هذه النقاط بصورة متوازنة في زمنها وفي هيئات متوازنة في تنظيمها من الدنيا إلى العليا في تيار مركزي ديمقراطي لفلترة الكم الكبير من الأراء بصورة منيرة وحسنه و جميله في هذه الليالي النظرية والعملية المدلهمة على الحزب لنصل من خلال هذه العملية إلى مشروع مقترح لثلاثة كل واحد منها 10 صفحات:
1- دستور للحزب يركز إسمه وطبيعته ومياسم تنظيمه وحركته
2- برنامج للحزب يوضح القضايا والقوى والوسائل التي يستند إليها كما يتناول بتفصيل مثلث 1-2-3 الجوانب الأساسية لعمله في فترة زمنية عامة وفي الأجل القصير .
3- لائحة تحدد عناصر أفكار الحزب وطبيعة تنظيمه وهيكلته والإجراءات الأساسية لإتخاذ خطواته

وجوه الإيجاب:
 التناول الكثيف لعدد كبير من القضايا بشكل بسيط وواضح في إشاراته (مع أو ضد) سوى قلة
 الروح الرفاقية المحترمة للإختلاف.

بعض النواقص والتناقضات الأساسية والفرعية في سياق تاريخي موجز:
1- الوجود الفقير الى الإصطلاحات -عدا مركزية ديمقراطية- في سياق المناقشة والتلخيص وقد يكون هذا الفقر إلىالإصطلاحات لإعتبار خطأ هو إن تخديم الإصطلاحات في الكلام يعد من قبيل التنظير والتقعر وهو خطأ لأن الإصطلاح عيار مفاهيمي يضبط حجم الفكرة في نظاق ظروف وفلسفة وتطبيقات الموضوع وهو ضبط ضرورة للإرتقاء بالجدل والتفكير والممارسة من كم أكبر من الشروح إلى معان أدق .كانت حاجة المرحلة التاريخية أشد إليها في السودان في آثناء النقاش العام الذي إستوت خلاله قضية الجنوب وإنقسمت الجبهة وتفجرت خلاله قضية دارفور وبدأت التمايزات والإنقسامات والخسائر والتظاهرات تتكاثر في أوربا وأمريكا على القوى الإمبريالية، والنقاش بفقره الإصطلاحي ولعله لسبب من ذلك لم يزل مناجشة ومراوحة في مكانه معطلاً إمكانات ومبادرات الحزب إلا ما ندر، فأضحى الحزب بعيداً عن قيادة السياسة السودانية وإن سار فيها فسيره رد فعل.

2- بعض الفقر في المجادلة فالبعض يرى الإستغناء عن المركزية الديمقراطية لأن ستالين أو الحزب خدموها بطريقة خاطئة ولم يسال هؤلاء أنفسهم ما هو الشيء الذي لم يساء تخديمه في دنيا السياسة؟ والأدهى والأمر هو التصور المتناقض لمسالة الأسماء ومدى تأثيرها مرة يراها شكلية غير مؤثرة ومرة يصر على تسميات بعينها، دون توضيح للتناقض بين فلسفة الأسماء وجدلها المسمى السفسطة دون قيم محددة، ومسألة القيم المعيارية ووجهات النظر الراكزة عليها وجدلها المسمى "الفلسفة" ومنها الفلسفة العلمية ومنها الفهم المادي للتاريخ والفهم المادي للطبيعة وإصطلاحاتهم، وحال الخلط بينهم التي تحدث المصائب كأن تسمي السم دواء أو أن تسمي العقرب حشرة ، أو الوقود ماء.

3- عدم فرز الإستراتيجي عن الظرفي والفلسفي عن العملي رغم عن أن كل منها له حق معلوم في الوجود والإحترام.

4- النواقص والتناقضات في سياق تاريخي موجز
نكرر ماسبق إن الحاجة إلى طاقات النقاش كانت أشد في السودان آثناء إحتدامه حيث إستوت خلال زمن إحتدامه أزمة السودان في الجنوب وإنقسمت الجبهة الإسلامية وتفجرت خلاله قضية دارفور وبدأت التمايزات والإنقسامات والخسائر والتظاهرات تتكاثر على القوى الإمبريالية، والنقاش بفقره الإصطلاحي ولعله لسبب من ذلك، ما برح مراوحة في مكانه مُعطلاً إمكانات ومبادرات الحزب، إلا ما ندر، فأضحى الحزب عامةً في واد والسياسية السودانية والعالمية في واد آخر رغم المحاولات الشكلية المعزولة في البرلمان والميدان وفي بعض اللقاءات الدولية .

5- أسئلة:
1- هل من سبيل لإصلاح أخطاء المناقشة العامة وإتمام نواقصها التي تناولتها هذه الدراسة أم هي حقيقة نهائية؟
2- هل من التناسق تحديد طبيعة وأهداف للحزب ضد دستوره وفي نفس الوقت الحديث عن التداول الديمقراطي للسلطة؟
3- هل يمكن محاربة ثقافة الإقصاء والتغييب وفي نفس الوقت يتم إقصاء الشيوعية وعلاماتها العامة من حزبها في السودان بينما الشيوعيـة الآن تزدهر في آسيا وأمريكا الجنوبية وفي جنوب أفريقيا؟ إنتهت الدراسة
http://www.rezgar.com/m.asp?i=1248



#المنصور_جعفر (هاشتاغ)       Al-mansour_Jaafar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمة العالمية و الأزمة السودانية في دارفور
- أهمية العملية الثورية في تكريب القيادة وأهمية القيادة في تكر ...
- مشارق الأنوار... نقاط عن الحركة الإسماعيلية وجماعات إخوان ال ...
- ثلاثة أسئلة
- الماركسية الجديدة وصناعة تجميد الإشتراكية في القالب الفطير ل ...
- مشروع دراسة: -نقاط في تاريخ أمريكا الجنوبية وبعض المعالم الس ...
- بعد إعدام صدام، أهناك سبيل لقيام جبهة وطنية بين أحزاب الكورد ...
- الحزب الشيوعي العراقي والنضال المسلح ضد الإحتلال الأمريكي ال ...
- الحوار المسلح
- نقد عقلية -جرِب حظك- في تقويم وجود الحزب وافكاره
- في رحاب الأنفال الصليبية .....له الجلال ... قائدنا القتيل مي ...
- مقدمات تلخيص ستالين للفلسفة المادية التاريخية ونتائج الهجوم ...
- نقاط في التاريخ الثوري للسوفيتات والعوامل الإصلاحية والرأسما ...
- العولمة والخصخصة في تأثيل الفكر التنموي
- ما بعد الإيمان
- نقاط في علاقة المعرفة والمنطق والفلسفة والعلم والسياسة
- المنصور جعفر
- عزل الوضع السياسي عن المصالح الإجتماعية قاد إلى النفوذ الأجن ...
- محجوب شريف
- خزريات بابل ينشدن الزنج والقرامطة


المزيد.....




- أحذية كانت ترتديها جثث قبل اختفائها.. شاهد ما عُثر عليه في م ...
- -بينهم ناصف ساويرس وحمد بن جاسم-.. المليارديرات الأغنى في 7 ...
- صحة غزة: جميع سكان القطاع يشربون مياها غير آمنة (صور)
- تقرير استخباراتي أمريكي: بوتين لم يأمر بقتل المعارض الروسي ن ...
- مسؤول أمريكي يحذر من اجتياح رفح: إسرائيل دمرت خان يونس بحثا ...
- شاهد: احتفالات صاخبة في هولندا بعيد ميلاد الملك فيليم ألكسند ...
- مليارات الزيزان تستعد لغزو الولايات المتحدة الأمريكية
- -تحالف أسطول الحرية- يكشف عن تدخل إسرائيلي يعطل وصول سفن الم ...
- انطلاق مسيرة ضخمة تضامنا مع غزة من أمام مبنى البرلمان البريط ...
- بوغدانوف يبحث مع مبعوثي -بريكس- الوضع في غزة وقضايا المنطقة ...


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - المنصور جعفر - دراسة لأحد ملخصات المناقشة العامة