فنزويلا وتصاعد الصراع الدولي حول الموارد
تاج السر عثمان
الحوار المتمدن
-
العدد: 8528 - 2025 / 11 / 16 - 09:15
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
١
أشرنا سابقا الي حرب السودان باعتبارها نتاج للصراع الإقليمي والدولي لنهب موارده من ذهب ومعادن وثروة حيوانية وأراضي زراعية ومياه وموقع على ساحل البحر الأحمر.
ومثال آخر للصراع ما يجري في فنزويلا حيث يتصاعد الصراع الدولي بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا حول مواردها.
برغم أن الولايات المتحدة الأمريكية تبرر استهدافها لفنزويلا بمحاربة المخدرات إلا أن الرئيس الفنزويلي مادورو في تصريحه كما جاء في "رويترز"يتهم الولايات المتحدة بالسعي إلى السيطرة على ثروات بلاده الطبيعية، مؤكدا أن التحركات العسكرية الأميركية في منطقة الكاريبي "تهدف إلى النهب وليس إلى مكافحة المخدرات".
يواصل مادورو ويقول "فنزويلا تُستهدف لأنها تمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم، ورابع أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي، وأكثر من 30 مليون هكتار من الأراضي الزراعية الخصبة".
وأضاف "لو لم تكن لدينا هذه الثروات ولم نكن في موقع إستراتيجي لما ذكر أحد اسم فنزويلا".
كما ورد في الاخبار تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتصعيد عسكري شمل نشر حوالي 15 ألف فرد عسكري في البحر الكاريبي إلى جانب أكثر من 10سفينة حربية بما فيها حاملة طائرات وُصفت بأنها "أكثر منصة قتالية فتكا" في البحرية الأمريكية.كما نفذت الولايات المتحدة 20 ضربة على الأقل ضد سفن زعمت أنها تهرب المخدرات في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ، مما أسفر عن مقتل 80 شخصا.ويُعتبر هذا الوجود العسكري الأمريكي الأكبر في المنطقة منذ غزو بنما عام 1989، مما أثار تكهنات بأن الولايات المتحدة قد تستعد لصراع ضخم.
جاء ذلك بعدما قال "ترامب" في منتصف أكتوبر، إنه أذن لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) بإجراء عمليات سرية داخل فنزويلا، وبعدما ضاعفت واشنطن، في أغسطس، مكافأة الإدلاء بمعلومات تؤدي إلى اعتقال "مادورو" إلى 50 مليون دولار.
في حين أن مبادئ "مونرو" و"روزفلت" يبدو أنها تحمي المنطقة من التدخلات الخارجية، إلا أنها قد تفسر أحيانًا باعتبارها تجسيداً لـ "النزعة الأمريكية للهيمنة على المنطقة"، وهذا مدعوم بأدلة تاريخية عدة.كما انقلاب غواتيمالا ١٩٥٤ وغزو الولايات المتحدة الأمريكية لكوبا ١٩٦٢ وبنما عام ١٩٨٩
واضح ان هدف ترامب نهب ثروات فنزويلا التي وفقا
لبيانات رسمية نقلتها وكالة الأناضول، تمتلك فنزويلا أكثر من 300 مليار برميل من احتياطي النفط المؤكد، مما يجعلها الأولى عالميا، إضافة إلى 195 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.
لكن استغلال هذه الثروات ما زال محدودا بسبب العقوبات الاقتصادية الأميركية وضعف البنية التحتية إضافة لتدهورها الاقتصادي منذ العام ٢٠١٤ كما في التضخم و انخفاض العملة وديونها التي تجاوزت ٦٠ مليار دولار. الخ.
إضافة إلى ان فنزويلا تمتلك احتياطيات كبيرة من الذهب (١٦١) طنًا، وفقًا لمجلس الذهب العالمي، ٢٠٢٤) وإمكانات معدنية هائلة في حزام أورينوكو، حيث تُقدّر التقارير الفنزويلية الرسمية قيمة المعادن الاستراتيجية، بما في ذلك الكولتان والعناصر الأرضية النادرة، بنحو ٢ تريليون دولار (أوبك، ٢٠٢٤؛ مجلس الذهب العالمي، ٢٠٢٤).
يتصاعد التضامن مع فنزويلا بسبب استهداف الولايات المتحدة الأمريكية لها باعتبارها أن ما تقوم به من هجوم وقتل باسم محاربة المخدرات قرصنة و" قتل خارج القانون". مما يعمق الخلاف بين واشنطن وكراكاس بشأن شرعية التحركات العسكرية الأميركية في المنطقة."المصدر: الأناضول".
كما ذكرنا سابقا أن فنزويلا تمتلك 25% من احتياطيات النفط العالمية المؤكدة (حوالي 303 مليارات برميل)، وهي المصدر الرئيسي للنفط الخام الثقيل إلى مصافي التكرير الأمريكية. يبلغ إنتاجها الحالي حوالي مليون برميل يوميًا، ولكنه قد يصل إلى ثلاثة ملايين برميل يوميًا مجددًا.
لكن الصراع الدولي برز حول الموارد بين الولايات المتحدة والصين وروسيا فقد جاء استياء الولايات المتحدة وغضبها من العقود الحصرية التي وقعها الرئيس مادورو مع الصين وإيران وروسيا، والتي تُوجّه تدفقات النفط الفنزويلية نحو منافسي الولايات المتحدة. على سبيل المثال، في أغسطس2025، قامت الصين بتركيب أول منصة نفطية بحرية لها في بحيرة ماراكايبو.
إضافة إلى هدف الولايات المتحدة في فنزويلا الإطاحة بمادورو لضمان وصول الشركات الأمريكية، مثل شيفرون، إلى هذه الموارد، وخفض الصادرات إلى الصين، وتقليل اعتماد الولايات المتحدة على نفط الشرق الأوسط.
"جيمس ستوري"، آخر سفير أمريكي لدى فنزويلا، يرى أن تحركات واشنطن في المنطقة تهدف إلى الإطاحة بـ "مادورو"، قائلًا: "هذا طرف فاسد للغاية، يتحكم في أكبر احتياطيات نفطية في العالم، بالإضافة إلى المعادن الأساسية التي تغذي اقتصاد القرن الـ 21، وهو على علاقةٍ وطيدةٍ بمنافسينا الاستراتيجيين".
كما تستند أمريكا إلى قوي طبقية داخلية للاستيلاء على موارد فنزويلا كما في دعم المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو، التي فازت بجائزة نوبل للسلام التوجه الأمريكي في الخصخصة فضلا عن دعمها للاحتلال الصهيوني لأراضي فلسطين.
٣
معروف قبل فرض العقوبات الأمريكية عام ٢٠١٧، كانت فنزويلا ثالث أكبر مُصدّر للنفط الخام إلى الولايات المتحدة، حيث كانت تُزوّدها بأكثر من ١٥٪ من وارداتها النفطية. وقد صرّح مستشار الأمن القومي السابق لترامب، جون بولتون، صراحةً:
"سيكون للاستثمار في النفط الفنزويلي تأثير اقتصادي كبير على الولايات المتحدة".
كما من أهداف ترامب قطع الطريق أمام الصين التي تعتبر اكبر دائن لفنزويلا، حيث تتجاوز قروضها المدعومة بالنفط 60 مليار دولار. منذ عام 2018، وتتلقى الصين 200 ألف برميل من النفط الخام يوميًا من حقول نفط أورينوكو، وتقوم حاليًا ببناء 12 منصة نفطية بحرية في بحيرة ماراكايبو. بالتالي غزو أمريكا فنزويلا والإطاحة بمادورو سيتيح لأمريكا أبعاد الصين وتوجيه تدفقات النفط من الصين إلى الأسواق الأمريكية والأوروبية.
٤
أزمة الهيمنة الأمريكية
في الوقت نفسه، تواجه امريكا أزمات تعتقد أنها قادرة على حلها بالإطاحة بحكومة مادورو. في السنوات الأخيرة، شهدت امريكا تهديدًا لهيمنتها، وهي تسعى جاهدة لاستعادتها. وقد شكلت منظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة البريكس، إلى جانب ضعف الدولار الأمريكي على الساحة الدولية.
معلوم تفاقم أزمة الولايات المتحدة الأمريكية
كما في الاتي:
- عجز تجاري مع الصين، تجاوز 295 مليار دولار أمريكي في عام 2024،
-عجز مع الاتحاد الأوروبي قدره 235 مليار دولار أمريكي (مكتب الإحصاء الأمريكي، 2024؛ يوروستات، 2024).
إضافة لصراع الولايات المتحدة مع المنافسين لها كما في منظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة البريكس، إلى جانب بروز عملات جديدة مع ضعف الدولار الأمريكي على الساحة الدولية.
لمعالجة هذا العجز، كثّف ترامب سياساته بهدف الحماية ، وفرض رسومًا جمركية، واتهم "الجميع" بالاحتيال على الولايات المتحدة.
بالتالي تهدف أمريكا للسيطرة على الموارد الاستراتيجية، مثل موارد فنزويلا وغزة وغيرهما، أمرًا حيويًا للحفاظ على الهيمنة العالمية.
مما يتطلب اوسع تضامن عالمي مع فنزويلا وحماية السيادة الوطنية للشعوب وعدم افقارها بنهب مواردها وقطع الطريق أمام غزو الولايات المتحدة الأمريكية لفنزويلا بهدف نهب مواردها النفطية والمعدنية والزراعية وتنصيب حكومة موالية لها كما حدث في التدخل في كوبا وحروب فيتنام والعراق وأفغانستان وانقلابات ايران ١٩٥٣ وشيلي ١٩٧٣ وغيرهم. وحتما سوف تنتصر إرادة الشعوب.