مسلسل انتفاضة تشرين - الأمم المتحدة، لقاء في وثيقة - الحلقة الخامسة


قاسم حسين صالح
الحوار المتمدن - العدد: 8483 - 2025 / 10 / 2 - 21:44
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية     

مسلسل انتفاضة تشرين
(الخامسة)
الأمم المتحدة - لقاء في وثيقة
د. قاسم حسين صالح
تنويه
في (17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019) تم تحقيق لقاء بين وفد يضم متظاهرين من ساحة التحرير والنجف والناصرية وأكاديميين ومثقفين(بينهم الدكتور عارف الساعدي والفنان احسان الفرج) وبين ممثلية الأمم المتحدة في العراق برئاسة مستشارها السياسي السيد محمد النجار .جرى اللقاء في مبناها الواقع بالمنطقة الخضراء امتد لساعتين في حوار صريح . وبوصفنا رئيس الوفد فقد قدمنا ورقة طلبنا تقديمها الى السيد الأمين العام لتعتمد وثيقة تاريخية مقدمة من نخب عراقية تناشد الأمم المتحدة لممارسة دورها الآنساني النبيل أزاء ما يجري من احداث خطيرة في العراق.
*
السيدة ممثلة الأمم المتحدة في العراق جنين بلاسخارت المحترمة.
جزيل الشكر لمنحنا فرصة اللقاء بأكبر منظمة عالمية مسؤولة عن امن وسلامة الشعوب وحقوق الانسان وحرية التظاهر والتعبير عن الرأي.
ان وفدنا هذا يحمل مناشدة انسانية تتلخص بإيقاف نزيف الدم في العراق. فما يحدث في بلدنا هو في حقيقته حرب، لأنه لم يحصل في أي بلد نظامه ديمقراطي ان يبلغ عدد ضحايا التظاهرات،لغاية الآن، اكثر من ثلاثمئة شهيدا واثني عشر الف مصابا استخدمت فيها القوات الامنية الحكومية الرصاص الحي والمطاطي وقنابل مسيلة للدموع قاتلة ،فضلاً عن اختطاف واغتيال وتعذيب العشرات من الناشطات والناشطين .
اننا قلقون جدا ً من وقوع مجزرة كارثية لأسباب سياسية تتلخص بدستور كتب في اجواء غير صحية نفسياً واجتماعيا وسياسياً (2005) وولادة نظام محاصصي مشًوًه وفاشل في 2003، ولأسباب سايكولوجية اجتماعية نوجزها بالآتي :
1- ان العراقيين هم الشعب الوحيد بالمنطقة الذي خبر اقصى انواع العنف في السبعين سنة الاخيرة في ثلاثة حروب كارثية حمقاء (ايران، الكويت،اميركا )، ورابعة طائفية اوصلت الفرد العراقي الى ان يقتل الآخر لأسباب مخجلة وسخيفة، اقبحها انه يقتله لمجرد ان اسمه علي او عمر او رزكار .
2- ان الذين استلموا السلطة ( بالأحرى سلًمت لهم ) تحكمت بهم سايكولوجيا الضحية، بوصفهم ضحايا النظام الدكتاتوري لهم الأحقية في الاستفراد بالسلطة،فاعتبروا العراق غنيمة لهم وتقاسموا مؤسسات الدولة بين عوائلهم واقربائهم ، واشاعوا التعصب للهويات الفرعية التي حرّضت على الكراهية والحقد والانتقام والحروب القاتلة.
3- ان ما حصل في 1 اكتوبر / تشرين 2019 تفسّره نظرية سايكولوجيا الانسان المقهور.
فعلى مدى ستة عشر عاما عانى الفرد العراقي الحرمان والاغتراب والأستهانة وهدر الكرامةوالشعور بانعدام وجود معنى للحياة والفقر.. فصار معبئا بالكبت لينفجر في حالة تشبه انفجار البركان في جبل.
4- وما يحصل تفسره ايضا نظرية صراع الآجيال,فجيل السلطة مرتبط بالماضي بعقائد وفكر دوغماتي ومنتج للأزمات ليشغل الناس عن التفكير ببؤس الحاضر، فيما جيل الشباب متطلع للمستقبل بعقل منفتح،وانهما جبلان لا يلتقيان.
السيدة الفاضلة :
ان العراقيين تظاهروا من عام 2007 وما بعده وقدموا الشهداء واوصلتهم السلطة الى حالة العجز ليتفاجئوا الان بجيل من الشباب والاحداث يطالبها بالإصلاح. والمشكلة ان احزاب السلطة لا يمكن ان تقوم هي بإصلاح نفسها والتضحية بامتيازاتها وما كسبته من ثروة فاحشة، ولن يصدّق احد من العراقيين ان تقوم الحكومة الحالية بإصلاحات جدية،وان غطرستها ستدفعها الى استخدام اقسى انواع العنف ضد من يحاول النيل من الذين يعتبرهم المتظاهرون هم المسؤولون عن اذلال وهدر كرامة الناس وما اصاب الوطن من خراب وايصال اكثر من سبعة ملايين عراقي الى ما دون مستوى خط الفقر، وهدر ونهب مليارات الدولارات تكفي لبناء دولة خرجت من حرب كارثية.
وعليه فأن الطريق الأفضل للإصلاح والذي يجنب سفك الدماء يبدأ بتعديل قانون الانتخابات وتعيين مفوضية مستقلة واصدار قانون جديد للأحزاب واجراء انتخابات تعتمد مبدأ الانتخاب المباشر من الشعب لرئيس السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية او رئيس مجلس الوزراء) وتحديد مدة زمنية مناسبة لتعديل الدستور تكون تحت اشراف الامم المتحدة .
ان التظاهرات اتسعت لتشكل حركة احتجاج عامة تمثل مختلف الشرائح الاجتماعية ،اثبت الشباب فيها انهم يمتلكون وعيا احتجاجيا وانهم اصبحوا اكثر قدرة على تحقيق اهدافهم بحصولهم على دعم المرجعية في النجف بتصريحها الأخير بان (الحكومة انما تستمد شرعيتها من الشعب وليس هناك من يمنحها الشرعية غيره) وان العراق لن يكون بعد الاحتجاجات